مرض القلب وعلاجه

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
المرض نوعان : مرض بدني .. وهذا علاجه بالتوجه إلى الله تعالى أولا ، وطلب الشفاء منه ، ثم بالتماس أسباب التداوي من حسن اختيار الطبيب ، وتناول الدواء الذي هو سبب للشفاء .
أما المرض الآخر فهو المرض المهلك على الحقيقة ، إنه ليس مرضًا عضويًا ، إنه مرض القلب واعتلاله وفساده ؛ وله أسباب أهمها الغفلة عن الله وعن طاعته ؛ فهو مرض بسبب ثقل آثار الذنوب على القلب ، فتعمى بصيرته ، ويقع في الخذلان .
وهذا المرض أنواع كثيرة ، تندرج تحت قسمين : الأول مرض الشهوات ، والثاني ، وهو الأخطر : مرض الشبهات ؛ ولا ينجو الإنسان إلا بالسلامة منهما : قال الله تعالى : { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء : 88 ، 89 ] .
ولما كان القلب يوصف بالحياة وضدها انقسم بحسب ذلك إلى أحوال ثلاثة : سليم ، وميت ، ومريض . فالأول مخبت لين واع ، وهو قلب المؤمن ؛ والثاني يابس قاس ميت ، وهو قلب الكافر والمنافق الخالص ؛ والثالث مريض : فإما إلى السلامة أقرب ، وإما إلى الموت أقرب .
والمرض عموما فساد يعتري البدن فيؤثر فيه سلبًا في إدراكه وحركته الطبيعية ، وهو فساد يعتري القلب فيؤثر فيه سلبًا في تصوره وإرادته ، والمريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح ، فيضره يسير الحر والبرد والعمل ونحو ذلك من الأمور التي لا يقوى عليها لضعفه بالمرض ؛ والمرض في الجملة يضعف المريض بجعل قوته ضعيفة لا تطيق ما يطيقه القوى .
ومرض القلب ألم يحصل في القلب ، كالشك والجهل يؤلم القلب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " هلا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال " ، والشاك في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين ، ويقال للعالم الذي أجاب بما يبين الحق قد شفاني بالجواب .
والمرض دون الموت ، فالقلب يموت بالجهل المطلق ، ويمرض بنوع من الجهل ، فله موت ومرض وحياة وشفاء ؛ وحياته وموته ومرضه وشفاؤه أعظم من حياة البدن وموته ومرضه وشفائه ؛ أفاده ابن تيمية رحمه الله .
وبعد : فطريق العافية التامة هو اللجوء إلى الله تعالى ، والتضرع له ، والسير في طريق طاعته ، ثم فقه الابتلاء الذي هو إما تطهير للعبد فيكون طريق العافية ، وإما رفع لدرجاته في طريق العافية أيضًا .
وفي الختام إليك – أيها القارئ – ما كان يداوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين يمسي وحين يصبح ، ليكون عونًا لك على سلوك طريق العافية :
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِيَ ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي ، وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي " .
وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه .
 
عودة
أعلى