مراكز الأبحاث.. إنتاج المعرفة ومسئوليات المثقف

إنضم
23/01/2007
المشاركات
1,211
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
الإقامة
كندا
الموقع الالكتروني
www.muslimdiversity.net
مراكز الأبحاث.. إنتاج المعرفة ومسئوليات المثقف
عباس بوغالم
المصدر: إسلام أونلاين 12 يوليو 2005

أصبح وجود مراكز للأبحاث والدراسات من الضرورات المجتمعية الملحة في الوقت الراهن؛ فالتحديات الكبرى التي نواجهها على جميع المستويات والمجالات، داخليا وخارجيا تفرض علينا ضرورة المواجهة والارتفاع إلى مستوى العصر الذي نعيش فيه، مواكبة تطوره، امتلاك القدرة على المساهمة في صياغة المستقبل، والمساهمة في البناء الحضاري للإنسانية، وألا تقنع الأمة المسلمة باحتلال المقعد الخلفي في ركب الحضارة الإنساني.

ومواجهة التحديات الحضارية لا يتأتى من خلال مجهودات ومبادرات فردية، ولكن من خلال عمل مؤسَّس وممنهج وفق رؤية وتصور واضحين من جهة، وتضافر جهود كافة الطاقات والكفاءات العلمية والفكرية في مختلف المجالات العلمية والحقول المعرفية من جهة ثانية، وهو ما يتطلب إيجاد بني مؤسسية بحثية حاضنة ومستوعبة لهذه الكفاءات والطاقات العلمية، تكون كفيلة بتوفير الظروف والشروط المناسبة لممارسة التفكير الجماعي المؤسس.

تلكم هي الاعتبارات والدوافع الأساسية التي كانت وراء تأسيس مركز للدراسات والبحوث الإنسانية بوجدة (المغرب) الذي جسد الإعلان عنه مؤخرا حدثا فكريا وعلميا بامتياز، وهي أيضا الدوافع التي جعلت مراكز الأبحاث موضوعا لأولى فاعلياته العلمية، والتي جاءت تحت شعار "مراكز الأبحاث.. إنتاج المعرفة ومسئوليات المثقف"، وذلك يوم الجمعة 10 يونيو 2005 بقاعة "نداء السلام" بكلية الآداب بجامعة محمد الأول بوجدة، بمشاركة نخبة وازنة من الباحثين والمهتمين من ذوي الخبرة والمراس والسبق في تسيير مراكز الأبحاث والمؤسسات العلمية البحثية في العالم العربي والإسلامي.

كان في مقدمة المشاركين الدكتور نصر محمد عارف أستاذ العلوم السياسية، الذي جمع بين دقة الدراسات التأسيسية والتأصيلية وبين الخبرات العلمية في إعداد البرامج والمشاريع العلمية، والباحث الفلسطيني الدكتور سعيد خالد الحسن، مدير مركز الدراسات والأبحاث بمؤسسة خالد الحسن والأمين العام للاتحاد الإسلامي الدولي للعمل، والباحث المغربي المتميز الدكتور مصطفى المرابط، النائب الأول لرئيس منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين، صاحب الاهتمامات الواسعة بمختلف القضايا الفكرية بشكل عام، وبمجال فلسفة العلوم بشكل خاص.

وتميزت الندوة بحضور مكثف لنخبة واسعة من الأساتذة والباحثين والدارسين والمهتمين، وعلى رأسهم فضيلة الأستاذ الدكتور مصطفى بن حمزة العالم المعروف.

كما أشرف على إدارة أشغال الندوة الشاعر والأديب المغربي المعروف الدكتور حسن الأمراني، رئيس المكتب الإقليمي لشمال وغرب أفريقيا لرابطة الأدب الإسلامي العالمية.

افتتحت الندوة أشغالها بتلاوة كلمة المركز من طرف الدكتور سمير بودينار رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية بوجدة، مذكرا في البداية بملابسات تأسيس المركز من طرف ثلة من الدارسين والمهتمين، ومشيرا إلى أهمية اللحظة التي يتم فيها الإعلان عن تأسيس هذا المركز، باعتبارها:

جانب من أشغال الندوة، ويبدو في الصورة السادة الأساتذة: د سمير بودينار، د نصر محمد عارف، د حسن الأمراني، د سعيد خالد الحسن، د مصطفى المرابط.

أولا: لحظة استجماع طاقات علمية متعددة، من أجل النظر الجماعي والتفكير المشترك في تشييد بني جديدة ومتميزة للمعرفة.

وثانيا: لحظة تتجلى فيها آثار تعاون سمته النبل في الدوافع، والسمو في الغاية بين فعاليات هذا المجتمع، والتي لا تمثل الجهة الشرقية من المغرب إلا نموذجا واحدا من نماذجه التي ترى على امتداد الوطن المغربي والعربي والإسلامي الكبير، تعاون بين أبناء مجتمع آمن بالعلم فانصرف له بعضه تحصيلا وتكوينا، وأحبه البعض الآخر من أهل الفضل فدعمه وسانده وبذل لأجله ما يستطيع.

ثم هي أخيرا: لحظة إيذان بانطلاق نموذج تجربة علمية على صعيد الجهة الشرقية بالمغرب، تستلهم تجربة مراكز البحوث والدراسات التي تجمع بين الكفاءة الأكاديمية، والاستقلالية المادية والقانونية، والامتداد في صلات التشارك والتعاون، والإشعاع في مجال التكوين والتأطير المتخصص.

وأكد "بودينار" أن هناك تساؤلا مشروعا يقوم حول أهمية مراكز البحث في بلدان تعاني من مشاكل، ليس على مستوى مجال تداول المعرفة، وقاعدة القراءة، ونسبة استفادة القرار العملي من الرأي العلمي فحسب، بل كذلك على مستوى مؤسسات إنتاج المعرفة نفسها، في ضوء ما تواجهه من تحديات الكفاءة الأكاديمية وجودة التكوين، والاندماج في المنظومة المجتمعية. والحقيقة التي لا مهرب منها أن مراكز البحوث والدراسات مطلب مُلِح وحاجة أساسية للمجتمع لا يمكن تجاهلها أو النظر إليها على أنها ترف يمكن الاستغناء عنه أو استيراده من الخارج عند الحاجة.

==================


نصر عارف: مراكز الأبحاث بين صناعة الأفكار وترشيد السياسات

أكد الباحث نصر عارف في بداية كلمته على ضرورة التفرقة في ميدان البحث والفكر بين مركزيتين: مركزية الفرد ومركزية المؤسسة؛ فالتاريخ الفكري الإنساني مر بهاتين المركزيتين، إذ كان البحث والفكر يتمحور في مرحلة من المراحل حول فرد، ثم انتقل العالم إلى مركزية المؤسسة أو بمعنى آخر التفكير الجماعي أو العمل الجماعي في الفكر، والمطالع للتاريخ الإسلامي وتراثه الفكري سيجد أن البحث أو ما يمكن أن ينظر إليه على أنه مراكز من الأبحاث على مستوى الشكل كان موجودًا، فأي عالم كان في ذاته مركزًا للأبحاث بمعنى من المعاني؛ لأنه كان ينتج أفكارًا ويؤهل الباحثين ويرشد السياسات ويجمع حوله فريقا كبيرا من المعاونين والمساعدين والباحثين، ولكن كان الأمر يدور حول شخص، والعالم المعاصر بتعقيداته يقود إلى تغيير هذه المركزية، أي أن يحدث تحول من الفرد إلى المؤسسة، وهذا التحول يقود نحو الانتقال من الاجتهاد الفقهي الفردي إلى الاجتهاد الجماعي، إذا ما كانت هذه المراكز البحثية ذات طبيعة فقهية.

كذلك كان الأمر على مستوى المستشار السياسي، فعلى مر التاريخ كان لكل حاكم مستشار ولكن في العصر الحديث كان مستشارًا فردًا، وكان علماء الفكر السياسي الإسلامي يوجهون نصائح، ويهتمون كثيرا بتكون هذا الشخص وبخلفيته وبأمانته وبدقته وبالضوابط التي تحكم عمله، ولكن في الوقت الحالي انتقل المستشار من كونه فردًا إلى أن يصبح مؤسسة؛ فالسياسات لا تُرشد إلا من خلال مؤسسات نظرًا لتعقد الأمور وتشابكها.

وأكد عارف أن أزمة الفكر الإسلامي في تاريخه حدثت عندما لم تنشأ مؤسسات فكرية قادرة وكافية في زمانها ومكانها على إنتاج هذه الأفكار أو على صقلها أو على حملها وتوصيلها؛ فالتراخي الذي حدث في الدقة العلمية الواجبة في التكوين العلمي للباحثين، ودخول فئة بين طائفة أهل العلم ممن ليست منهم، وانشغال العلماء بالدنيا، وضغط قوة السلطان على العالم، كل هذه الأشياء حالت دون أن يتحول العالم أو العلم من إنتاج فردي إلى إنتاج مؤسسي، ومن ثم فأزمتنا على مر التاريخ كما يرى نصر عارف هي عدم القدرة على التأسيس أو المأسسة، أي بناء المؤسسات.

والمؤسسة ليست هي مجرد هيكل إداري لها رئيس ومرءوس، ولكنها شبكة من العلاقات فيها درجة من التفاعل والاعتماد المتبادل بين أطرافها، وبهذا تصبح مؤسسة، كما أن المؤسسة لها عقل خاص يتفوق على عقل الفرد، وإن كان يقودها فرد، كما يقول حافظ إبراهيم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

"رأي الجماعة لا تشقى البلاد به *** رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها"

وينطبق هذا البيت على العلم أيضا فعلم الجماعة ينير الطريق للأمة أكثر من علم الفرد.

* بدايات مؤسسات إنتاج الأفكار

وتناول "نصر عارف" في مداخلته المراحل التاريخية التي مر بها ظهور مراكز الأبحاث والدراسات، مبينا أن مراكز الأبحاث نشأت داخل الجامعات في صورتها الأولى في العالم الغربي، حيث ظهرت أولى الجامعات الأوربية في القرن الثاني عشر الميلادي، ونبه إلى أن معظم هذه الجامعات أنشئت تقليدا للجامعات الإسلامية في مرحلة الحروب الصليبية، وفي تلك الأثناء أسس ما يعرف بالكراسي العلمية، وكان أول هذه الكراسي هو تأسيس كراسي الدراسات الشرقية في بولونيا وفي روما وفي باريس. كما أنشئت وقفيات نقلا أيضا عن الوقفيات الإسلامية، وكانت أول وقفية أنشئت في بريطانيا اسمها وقفية ديمورتن في جامعة أوكسفورد لتشجيع الدراسات الدينية بالتحديد.

ويوضح الباحث أن تأسيس الكراسي العلمية كان هو الإرهاصات الأولى لتأسيس مراكز أبحاث، ولكنها كانت مراكز أبحاث لإنتاج الأفكار، ليتم بعد ذلك توظيفها في السياسة، ولم تكن علاقتها بالسياسة مباشرة، وظلت هذه المراكز والكراسي تنشأ وتنمو إلى أواخر القرن 18م وأوائل القرن 19م تقريبا، عندما بدأت تظهر مراكز الأبحاث خارج الجامعات، في هذه المرحلة بدأت مراكز الأبحاث تنحو منحى آخر هو تسخير العلم لخدمة السياسة، في هذه المرحلة بدأ يظهر أول المراكز، حيث تم تأسيس المعهد الملكي للدراسات الدفاعية ببريطانيا سنة 1831، ثم تلته بعد ذلك الجمعية الفابية سنة 1884، وظهرت بعد ذلك مراكز أبحاث في أمريكا، كمعهد راسل للحكمة ومركز بروكنز سنة 1914.

ومنذ أوائل القرن 19 بدأت تظهر مراكز أبحاث خارج إطار الجامعات، واستقل كل منها بوظيفة خاصة، وبالنسبة للمراكز خارج الجامعات ظلت تدار على أنها شركات يتم التعاقد معها لعمل بحث حول موضوع معين، إلى حدود 1970، حيث بدأت موجة جديدة من مراكز الأبحاث خارج الجامعات أطلق عليها فيما بعد، المراصد الفكرية وهي التي تقود العالم اليوم.

في هذه الأثناء بدأت تنشط مجموعة مراكز أبحاث، خصوصا في شرق آسيا في اليابان وكوريا والفلبين وأستراليا والصين، وانتقلت هذه المراكز من إطار الشركات التعاقدية إلى القيام بدور مستقل، لها أجندة خاصة تابعة لحزب أو مؤسسة معينة، لكنها أصبحت مستقلة.

* مؤسسة الفكر والواقع

ثم تناول عارف دور مراكز الأبحاث في صنع الأفكار، موضحًا أن مراكز الأبحاث ليست مجرد مراكز لتجميع المعلومات، ولكنها مراكز لإنتاج الأفكار، وعملية صنع الأفكار لا تتم لذات الأفكار؛ فالفكر أصبح له علاقة حتمية بالواقع وما ليس له تأثير في الواقع لا قيمة له.

فالأفكار عندما تصنع لا يتم الوقوف عند صنعها، وإنما يتم نقلها للمجتمع من ناحية ولصانع القرار السياسي من ناحية أخرى، من خلال وسائل متعددة، ويحدد الباحث أطوار هذه العملية في ثلاث مراحل: بعد صناعة الفكرة يتم تأهيل المجتمع لها ثم تلقى في يد السياسي ليبني عليها قرارات وسياسات، فتكون هذه القرارات والسياسات مقبولة اجتماعيا.

وأشار عارف إلى ظهور تطور جديد فيما يتعلق بمراكز الأبحاث يسمى المركز البحثي المؤسسي، أي أن يكون لكل المؤسسات، خصوصًا الجامعات، مركز أبحاث داخلها يقوم على التخطيط، هذا النوع من المراكز يرشد صانع القرار داخل المؤسسة، ويساهم في إعادة توظيف واستخدام ما هو متاح من المعلومات لخدمة المؤسسة ورسم طريقها المستقبلي، ويسجل الباحث، بكل أسف، غياب هذا النوع من المراكز بصورة كاملة في العالم العربي.

* مراكز الأبحاث العربية.. سلبيات وضرورات

بعد الانتهاء من محاولة الإحاطة بأهم المراحل التي مرت بها مراكز الأبحاث، من إنتاج الأفكار إلى ترشيد السياسات، ثم مرحلة صنع القرارات الجزئية في مؤسسات صغيرة، ينتقل الباحث للحديث عن وظائف مراكز الأبحاث، مشيرا إلى أن هذه المراكز أصبحت تمارس ثلاثة وظائف، وهي:

1- البحث وصنع الأفكار.

2- المساعدة في صنع القرار أو ترشيد صنع القرار.

3- وسيلة لتصنيع العلماء والباحثين باعتبارها ورشة للتدريب والتقاط الخبرة وهذه هي واحدة من المهام المستجدة التي أضيفت لمراكز الأبحاث في الربع القرن الأخير.

أما ما يتعلق بالعالم العربي فأكد عارف أن عدد المراكز البحثية أقل بكثير من حاجات المجتمع؛ فالعدد ضئيل جدًّا من حيث الكم، ومن حيث التمويل، فالإنفاق على البحث العلمي في العالم العربي يقل عن 1%.

وحدد عارف عددًا من السلبيات التي تتصف بها المراكز البحثية العربية منها:

- عدم وضوح الوظيفة: فمعظم هذه المراكز العربية لا يوجد لديها وضوح في الوظيفة، أي أنها تتصف بغياب وجود مجال معين للتخصص.

- عدم وضوح الهدف: حيث تفتقد هذه المراكز بدرجات متفاوتة وضوح الأهداف؛ فهي لم تحدد أهدافها سواء كانت أكاديمية فكرية أم سياسية أم هما معا وبأية نسبة.

- الفساد الإداري: حيث تعاني هذه المراكز من الفساد الإداري، وتفتقد قيم المحاسبة والمراجعة، فمن النادر أن تجد مركزًا واحدًا في العالم العربي ينشر ميزانيته.

- فقدان الاستقلال المالي: فهذه المراكز مفتقدة للاستقلال المالي؛ لأنها لا تبنى، برأي الباحث، لا على أوقاف ولا على مؤسسات تمويل مستقلة، ومن ثم تكون خاضعة لعلاقات تبعية جهوية أو حزبية أو سياسية.

- البعد عن الواقع: فهذه المراكز مقطوعة الصلة بالواقع وهو ما يشكل الداء القاتل لهذه المؤسسات؛ لأنها لا تستطيع، أن تقنع المجتمع بخلاصاتها، ولا صانع القرار بتوصياتها، ولا تستطيع أن تجذب رجل الأعمال أو الإداري أو صاحب الرأسمال؛ لأنها لا تستطيع أن تقدم له مصلحة، فيساهم في تمويلها.

ولم يكتف عارف بالتشخيص الجيد للمشكلة، وإنما وضع عددًا من العلاجات والحلول للنهوض بالمراكز البحثية العربية لها منها:

- النهوض بالثقافة: على اعتبار أن الحل يبدأ من إحداث صحوة وتغيير في الثقافة والمزاج الثقافي العام من خلال إيقاظ مفهوم فروض الكفايات، والكفاية هنا تعني أن يقوم به عدد كاف وكفء لتحقيق الوظيفة.

- التحديد والتخصص: إذ لا بد أن تتبنى مراكز الأبحاث خطابًا متعدد المستويات، خطابا يفهمه الإنسان العادي فيحركه، ويفهمه الإداري والسياسي الذي لا يريد إلا أشياء عملية واقتراحات محددة، ويصلح أن يتعامل معه الباحث أو الأكاديمي كمجموعة أفكار، وليس خطابًا نخبويًّا.

- الارتباط بالواقع: فلا بد لهذه المراكز أن ترتبط بالواقع وأن تبدأ بالواقع، في البداية من الأدنى إلى الأعلى وليس العكس، فلا بد أن تقوم هذه المراكز بتقديم الحلول، أي التركيز على تقديم حلول لمشاكل واقعية، وعدم التركيز كثيرًا على السلبيات.

- الاستقلال: فيجب على هذه المراكز أن تظهر للمجتمع أنها مستقلة عن أي خلفيات حزبية أو سياسية.

- الواقعية: فلا بد أن تكون هذه المراكز واقعية في طموحاتها، وألا تتعامل بطموحات أعلى من إمكانياتها المادية.

- البرامج الإستراتيجية: بمعنى أن تقوم المراكز على وضع برامج طويلة المدى، وألا تتحرك بمنهج الإدارة اليومية، وأن تبتعد في ممارستها لعملها ودورها عن سياسة ردود الأفعال.

وختم عارف مداخلته بالتأكيد على أننا في العالم العربي في عصرنا الحالي نعيش في وضعية أن الآخر هو الذي يضع لنا أجندتنا؛ فأجندتنا ليست من أنفسنا، أي أن الأجندة الفكرية والثقافية والمواضيع التي نكتب فيها والقضايا التي ننشغل بها، معظمها وضعها طرف آخــر.

===============


مصطفى المرابط: مهمات المثقف: أي دور في ظل مؤسسات المعرفة؟


استهل الباحث الدكتور مصطفى المرابط مداخلته بالتذكير بأمرين:

أولهما: يرتبط بالوضع العالمي الإنساني العام، مبينا أن التحولات النوعية التي أدت إلى هدم مرتكزات العمران البشري، وانهيار نظام القيم، وتهاوي معالم الاهتداء، وموت المعنى جعلت المثقف والباحث والعالم يحس أن القاطرة قد سبقته بمسافات زمنية، وقد ييأس في طلب اللحاق بها.

وثانيهما: يتمثل في الوضع العربي الإسلامي، المتسم بتردي الأوضاع وتراكم الأزمات والانكسارات والإحباطات والتفكك على كل المستويات، وتنامي الصراعات والانفجارات والتوترات في كل مكان.

* مثقف المؤسسة ومثقف المجتمع

على ضوء هذين الاعتبارين تساءل المرابط: هل ما زال للمثقف دور في عالم اليوم؟ وهل ما زال المثقف ضروريا لمواجهة هذه التحديات التي يطرحها العالم؟ وما حدود إمكانية فهم المثقف لهذه التحديات أمام سرعة وتيرة الأحداث والتحولات التي يعرفها العالم؟ وما الذي يمكن أن يقوم به هذا المثقف أمام هذه التحديات؟ وما الأدوار والوظائف المطلوبة منه لمجابهة هذه الأزمات والتحديات؟

وقد أبدى المرابط ملاحظتين قبل مناقشة هذه الإشكاليات، وهما:

- أننا ننظر إلى المثقف كهيكل له بنية وله منطق وله امتيازات، ولا يدخل هذه البنية أي إنسان، فهي قلعة تمنح لمن دخلها ذهنية ونفسية وتحدد له أدوارا ووظائف، كالقيادة والتبليغ والتثقيف والتنوير، هذا التصور أصبح حاجزا للمثقف عن محيطه يحول دون تواصله مع الجماعة، مع العلم أن المثقف برز ونشأ أصلا استجابة لتحديات وتساؤلات الجماعة.

- حداثة مفهوم المثقف الذي انتقل إلى فضائنا العربي الإسلامي كغيره من المفاهيم والمفردات، ليبحث له عن وظيفة في فضاء مغاير ومختلف عن الفضاء الذي نشأ فيه. ويرى المرابط أن ظهور الأحزاب وغيرها من المؤسسات مع نشوء الدولة الحديثة، رافقه ظهور فئة كلسان حال هذه المؤسسات الجديدة، لتقوم بدور التعبئة والمواجهة والتغيير؛ لذلك كانت مهمة المثقف تتحدد في علاقة جدلية بين المثقف والسلطة، وأن علاقة المثقف بالمشاريع التي بشر بها كالتقدم والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والحداثة والتنمية... إلخ ليست علاقة إنتاج وإبداع، بقدر ما هي علاقة ترويج ودفاع وتبشير؛ أي أن المثقف لم يعمل على إبداعها وإنتاجها في فضائها، ومن ثم نشأ ما يمكن تسميته بمثقف المؤسسة وليس مثقف المجتمع.

وتأسيسا على ذلك يرى المرابط أن الوضع يؤشر أو يتجه نحو نهاية نوع من المثقف وليس نهاية المثقف، الذي كان قائما على أساس الهدم ورد الشبهات، مضيفا أن مشكلة المثقف اليوم لم تعد -كما كانت في الماضي- مع الدولة أو المجتمع، بل تكمن أساسا في أفكاره وفي شخصيته وفي علاقاته مع الفضاء الذي ينتمي إليه، هذا المثقف الذي حاول أن يراجع ويسائل كل شيء من حوله، لم يقم بمساءلة شيء واحد، وهو مساءلة نفسه ونظام قيمه ومعرفته وعلاقته بالمجتمع الذي ينتمي إليه.

* المثقف المؤطر

وأوضح المرابط أن الثقافة هي جملة الإجابات والمهارات والخبرات التي يكتسبها الإنسان من خلال تعاطيه مع أسئلة محيطه، وهي تتركب من ثلاثة أركان:

1- إدراك صورة للعالم والكون.

2- التكييف مع المحيط.

3- تكييف محيطه مع ما يسعى إليه.

ومن ثم فالمثقف ليس فردا نخبويا متعاليا على المجتمع، ولكن المثقف في رأيه هو كل إنسان ينخرط في فضائه ويرتبط به، لذلك أبدى المرابط تحفظه على كلمة مثقف، مستعيضا عنها بكلمة العالم، والصورة التي يعطيها الباحث للعالم هي صورة الشهادة على الإنسان وعلى الذات والعالم؛ لأن الشهادة بقدر ما تعني الحضور والمراقبة والأداء فإنها تعني الانخراط والاحتفاظ بالشعلة دائما مضيئة وسط المجتمع؛ فالعالم ليس بمقدار ما يعلم بل بمقدار ما يعمل بما يعلم.

وارتباطا بالتحولات التي يعرفها العالم، يسجل الباحث تراجع دور النخب المثقفة والأحزاب وباقي المؤسسات بكل أصنافها التي لم تعد تصنع العالم، بل الذي أصبح يصنع العالم هو صنف آخر من المؤسسات التي تتمثل في وسائل الإعلام وأسواق السلع والبورصة ودور الموضة والفن؛ فهذه المؤسسات تقوم على إعادة تشكيل وبناء المخاييل الجماعية التي تبنى فيها الصور الذهنية، التي بها نرى ونشاهد العالم، ولا تقوم على إعادة تشكيل العقل الذي هو وظيفة المفكر.

فالعالم قبل أن يكون ظاهرة واقعية، هو صورة ذهنية، وهذه الصورة الذهنية ترسخت وترسمت من خلال عمل هذه المؤسسات، وبالتالي فإن العمل اليوم بالنسبة للعالم -في اعتقاد الباحث- هو التحرر من قيود المؤسسة، من أجل الانتقال من مثقف المؤسسة إلى مؤسسة المثقف، من عالم المؤسسة إلى مؤسسة العالم. والعالم بطبيعته كما يقول إدوارد سعيد، هو دائما خارج الذات، خارج المجتمع، خارج المؤسسة، وهذا الهامش هو الذي يسمح له بمساحة من الحرية بينه وبين الموضوع الذي يفكر فيه والذي يريد أن يغيره.

ويرى المرابط أن مهمة العالم اليوم هي التصدي لهذه التحديات التي تسعى لتفسيخ وتفكيك بنية الإنسان كإنسان، من خلال إعادة تشكيل هذه المخاييل؛ فالكلمة اليوم -برأيه- لم تعد لها ذلك الدور الريادي في التغيير والتعبئة بقدر ما أصبحت الثقافة الرمزية هي الأساس في إعادة بناء المخاييل، وعليه فمهمة العالم اليوم تقوم على وظيفتين: وظيفة تفكيك المخاييل التي تأسست، ووظيفة إعادة بناء هذه المخاييل من جديد.

وحول مدى قدرة وإمكانية مساهمة العالم المنتمي لفضاء متخلف ومنحط في تفكيك وإعادة بناء يؤكد المرابط أن العولمة بقدر ما تفتح من شرور، فإنها تحمل فتوحات تسمح للعلماء أن يساهموا في ترشيد مسيرة الإنسانية في عالم سمته الافتقاد لمعالم الاهتداء ولنظام قيم يضبط وجهته ومسيرته ويفتقد إلى منظومة أخلاقية ترشده وتوجهه وتعيد إنسانيته.

وعمل العالم في المستقبل ضمن هذا السياق ينحى برأي الباحث منحيين أساسيين:

- اتجاه يسعى إلى عمارة محيطه من خلال بسط ذكائه، وهذا عمل مشترك بيننا وبين كل البشرية جمعاء.

- اتجاه عمارة النفس من خلال بسط الأخلاق لينتج ما نسميه بالثقافة، وهذا الاتجاه يحكمه سؤال كيف أحيا؟

وأمام تفاقم التحديات والأزمات يرى الباحث أن العالم أمامه مهام مستعجلة لتبيان أسباب وجذور هذه الأزمات، التي لا تزيد مع الزمن إلا اتساعا واستفحالا، وهو ما يخلق ضرورة التحرر من المؤسسة التي من طبيعتها المحافظة، والتحرر من المؤسسة ليرى الفضاء كما هو، لا من خلال المؤسسة المنتمي إليها، سواء أكانت حزبا أم غيرها من المؤسسات التي تؤطر المثقف.

* الغرب ليس واحدا

وإزاء الوضع الذي يتسم به الفضاء العربي الإسلامي، والذي يزخر بكل المقومات التي يمكن أن تشعل في كل لحظة من اللحظات حروبا أهلية ثقافية، يرى المرابط أن هناك مهمتين أمام العالم هما:

- كيفية نزع فتيل هذه الحروب الأهلية الثقافية التي يضرب على وترها أكثر من جهة خارجية؟ ولذلك فهناك ضرورة للمسارعة إلى إبراز بعض المقومات الأساسية التي لا يجوز فيها الاختلاف، من أجل تحقيق الإجماع حولها، لا سيما أن الفضاء العربي الإسلامي لم يعد بكرا بل أصبح مخترقا ومنقسما عموديا، وأخطر أنواع الانشطار الذي أصاب هذا الفضاء هو الانشطار على مستوى المرجعية.

- المساهمة في البناء الحضاري للعالم، الذي أصبح سفينة واحدة بدون بوصلة، مع تراجع معالم الاهتداء وتشظي المعنى وغياب القيم، من هنا تكمن أهمية مساهمة العالم من عندنا في ترشيد مسيرة الإنسانية.

وحول هذه النقطة يؤكد الباحث أنه لا شك أن الغرب استيقظ على حقيقة روعته في الوقت الذي كان يعتقد أنه سكَّننا وتحكم في كل أجزاء حياتنا على كل مستوياتها، لكنه وجد أنه بقدر ما كان يسكِّننا سكَّناه، واكتشف أننا جزء ومكون من خارطته، وأن الإسلام ليس طارئا كما كان يعتقد في الأبحاث السوسيولوجية خاصة، التي كانت تربط دخول الإسلام إلى أوربا بدخول المهاجرين، بل الإسلام كان حاضرا في خاصرة أوربا في مالطا والأندلس ومكونا من مكوناتها، لذلك يرى الباحث أنه من المغالطة الكبيرة أن نكرس الفكرة التي يرددها الغرب، أن الغرب له مكونان أساسيان فقط: المكون الإغريقي الروماني والمكون اليهودي المسيحي.

النقطة الأخرى التي آثر الباحث التوقف عندها، هي التأكيد على أن الغرب ليس واحدا وليس جنسا موحدا ذا صفات موحدة، بل الغرب اتجاهات وتوجهات.

ويضيف الباحث أنه لا شك أنه في غمرة ما يصيب الأمة من مرارة الغضب وردود الفعل التي تعقب ما نعرفه من غزوات ومن استعمار ومن نهب، لا شك أن هذا الإحساس يستبد بالعواطف والنفوس، وعندها تخفت ملكات التفكير أو يتوقف التفكير ولا يكون إلا رد الفعل، فيبدو العالم كأنه ظلمة كله ويبدو الغرب وكأنه شر كله، وهنا تتجلى مهمة العالم والمتمثلة في تصويب الرؤى والموازنة بين العاطفة والعقل، وهو ما يشكل الشرطين الأساسيين لحسن إدارة المعركة، وهو ما لا يقدر على استيفائهما إلا أهل الفكر والعلم من رجال هذه الأمة.

وفي إطار هذا التصويب، يرى المرابط أنه لا بد من الإقرار بأن الغرب ليس كتلة واحدة، بل تخترقه وتختمر داخله تيارات وأصوات رافضة لقيم الغرب الاستعمارية والنزوع الإمبريالي، وهو ما يفرض ضرورة المساهمة في مساعدة هؤلاء المثقفين من الخروج إلى هامش هذه الحضارة، مع الدعوة إلى رفع شعار الحق في التنوع الثقافي؛ لأن التنوع الثقافي قبل أن يكون فرصة لنا هو فرصة ذهبية للغرب نفسه؛ لأن التنوع الثقافي تنوع في البدائل وفي المخارج من الأزمة.

==============


مراكز الأبحاث ومحددات العمل الوطني


استعرض الباحث سعيد الحسن في بداية مداخلته واقع هذه المراكز البحثية، مشيرا إلى بداية ظهور أهم هذه المراكز وظروف اشتغالها، وتناول تقييما لمسار تجاربها، واستنتج أن مراكز الأبحاث -بشكل عام- تحتاج إلى تمويل، إلا أنه في الوطن العربي المؤسسات التي عندها قدرة على الاستمرارية هي الأقل تقييدا وارتباطا بالتمويل المالي، واستشهد في ذلك بنماذج من مراكز الأبحاث في العالم العربي.

وخلص إلى أن الاستقلالية وتقاليد العمل المرن مسألة مهمة فيما يخص العملية البحثية، التي تمثل نوعا من الضمان لتقديم وتكريس مرجعية فكرية وتحليلية؛ لأن عملية رصد المعلومات ليست هي الأساس في مهمة ووظيفة المراكز البحثية؛ فمراكز الأبحاث الكبرى مثل بروكنز وراند... إلخ، تعتبر الآن أن القضية الأساسية ومهامها الرئيسية هي تقييم الأفكار المطروحة ووضعها موضع التطبيق أكثر من تصنيعها، ومثال ذلك: كيسنجر وبريجنسكي، وأمثال المحافظين الجدد الذين كانوا في مواقع فكرية وانتدبوا لمسئوليات عامة، وكان هذا بمثابة تطبيق للأفكار التي يؤمنون بها.

يرى الحسن أن طابع المؤسسة البحثية واستمراريتها ليس مسألة هيكلية إدارية، بقدر ما هي استمرارية على مستوى القيم وعلى مستوى المنهجية؛ فالاستمرار على صعيد العمل البحثي أساسا هو استمرارية قيم واستمرارية منطلقات فكرية، ولذلك إذا كانت عملية التفعيل أساسية وجوهرية -وهي المقصود في النهاية- فإنها ليست في جوهرها عملية الاهتمام وعملية البناء في العمل البحثي؛ فالعالم مثلا يعتبر مؤسسة علمية عندما يكون مرجعية، وهذا معناه أننا أمام عمل بحثي يستحق الاهتمام، مع العلم أن هناك كثيرا من المدارس وجدت طريقها للتأثير بالفعل من هذه الطريقة.

الإشكالية التي تواجهها مراكز الأبحاث حاليا في أمريكا هي تحولها إلى مراكز مقاولات حكومية، بمعنى انتهت المرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية التي كان أساس العمل البحثي فيها هو القيادية، وتم الآن -بعد موجة مراكز الأبحاث التي كأنها مكاتب مقاولات، والفكر أصبح صناعة بالمعنى الاحترافي- الدخول لمرحلة جديدة من مظاهرها "المحافظون الجدد"؛ حيث أصبحت مراكز الأبحاث نوعا من الجهد سمته الأساسية مجموعة من "المتسايسين" و"المتناصبين" الذين يتخذون العملية البحثية كمدخل للعمل السياسي أو المنصب السياسي، وهذه مشكلة يواجهها العمل البحثي في الغرب، وفي أمريكا على وجه التحديد وأيضا عند "الإسرائيليين"؛ حيث يتم أدلجة مراكز الأبحاث -بمعنى توظيف هذه المراكز- في خدمة سياسة معينة، نفس المشكلة الآن يستغيث منها الكثير من رجال صنع القرار ورجال الإعلام والفكر في الكيان الصهيوني؛ أي سيطرة عملية الأدلجة على العمل البحثي.

أما على مستوى العالم العربي فيرى الباحث سعيد خالد الحسن أن عملية البحث غير مرتبطة بصانع القرار، ولا باحتياجات المجتمع، ولا بإرادتنا الذاتية، والسبب الأساسي وراء ذلك أننا ما زلنا نعيش في مرحلة التحرر ولم نرق بعد إلى مرحلة التطور، ويعني بذلك أن العالم العربي ما زال يعيش حالة من التبعية على كافة الأصعدة والمستويات، هذه التبعية كانت موجودة وكامنة إلا أنها اليوم أصبحت أكثر وضوحا، وهذه الوضعية تستوجب أن نعتبر المشكل الأساسي الذي نعيشه هو مشكل التبعية، وبالتالي فالمهمة الأساسية المنوطة بنا هي المهمة التحررية.

وضمن هذا الإطار يتساءل الباحث حول الإشكال في مراكز الأبحاث؛ ليبين أن هذه المراكز أصبحت خاضعة لمنطق المقاولات، وتكاد تكون ستارا للاسترزاق. وفي ظل هذه الظروف تغيب المصداقية البحثية، ولذلك فالعملية البحثية يجب ألا تُقَول (بضم الواو)؛ أي ألا تصبح مقاولة، وألا تقول ما يراد لها أن تقوله، وما يؤمل منها أن تصل إليه علميا وبحثيا، وهذا الموضوع يتطلب ألا تكون العملية البحثية عملية احترافية، بمعنى يجب ألا تصبح الفكرة عملية مصنوعة، بل يجب أن تكون العملية الفكرية عملية مثالية. وحتى يحدث هذا -برأي الباحث- لا بد من إعطاء العمل البحثي استقلاليته، وهذه الأخيرة لا يتم إدراكها بدورها، إلا إذا احتضنها المجتمع الأهلي؛ لكي تصبح العملية البحثية عبارة عن موقع يحتضنه المجتمع وتحتضنه الجماعة للتعبير عن الفكرة بحرية، خاصة في هذه المرحلة، وبالتالي يجب تكريس الحرية وتحقيق التحرر باعتبارهما شرطا لممارسة الحريـة، ومن ثم تصبح هذه القيمة هي القيمة الحاكمة للعملية البحثية في هذه الحقبة التي يقدرها الباحث بأكثر من 10 أو 20 سنة في المرحلة القادمة.
 
تعليق: نشرت هذا المقال للفت النظر إلى أمرين:
1- الأول: حالة الركود البحثي التي لاحظتها على أعضاء الملتقى من أساتذة جامعيين وطلبة ماجستير ودكتوراه.. وأنا أدرك أن غياب البحوث العلمية عن الموقع قد لا يعني بالضرورة عدم وجود بحوث علمية منجزة.. غير أنني أتساءل: إن كان الأمر كذلك، أفلا يوفر الملتقى فرصة جيدة للنشر والحوار حول ما يكتبه هؤلاء الباحثون؟ إن كان هناك إنتاج علمي، فالأحرى أن يبادر الباحثون لنشره هنا حتى يستفيدوا من القرّاء.

2- الثاني: هو خيبة الأمل التي أشعر بها منذ سنوات، نتيجة غياب العمل الجماعي المؤسسي (في شكل مراكز بحثية "جادّة") في علوم الدين عموما، وفي تخصص الدراسات القرآنية على وجه التحديد. وحتى في حالة وجود بعض هذه المؤسسات، فهي تعاني من غياب الرؤية والعجز عن التخطيط الجاد..

ألا بلغت؟... اللهم فاشهد.
 
عودة
أعلى