مراتب الهدابة، وترتيب المصحف

إنضم
05/07/2014
المشاركات
305
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
57
الإقامة
مصر
في بداية طريق الهداية يكون الإنسان منا مدفوعا بعزيمة قوية ويكون حماسه في أعلى درجاته، فتجدنا نسأل عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحرص على كل سنة بدون مراعاة للتدرج في التكليف، وبدون مراعاة لمراتب الهداية.
فنقوم نصف الليل تقريبا، ونكلف أنفسنا أكثر من طاقتها، ومازالت قلوبنا في مهد الهداية.

القرآن الكريم له ترتيبان الترتيب الأول وهو الترتيب حسب تاريخ النزول.
والترتيب الثاني حسب العرضة الأخير لجبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الترتيب الذي يعرفه الناس الآن في كل المصاحف.

لماذا لم يكن ترتيب النزول هو الترتيب الحالي، أو العكس؟
هناك كثير من الحكم التي ذكرها العلماء، إلا أننا سنكتفي بأهم واحدة منها وهي أن ترتيب النزول كان يراعي مقام النبوة وكان يراعي صناعة رجال الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الجيل لن يتكرر أبدا، وكان أول تكليف للنبي صلى الله عليه وسلم: {قم الليل إلا قليلا}.

أما الترتيب الحالي، فإنه يراعي حال كل طالب للهداية إلى يوم الدين ويتدرج معه إلى أن يصل إلى مراتب عليا.
فهو أول ما يفتح المصحف فإنه يسجد: {اهدنا الصراط المستقيم}، وسيعلم أن هذا الدعاء ركن لصحة صلاته حتى مماته، وأنه مفتقر في كل وقت إلى هداية ربه.
ثم يجد: {ذلك الكتاب ... هدى للمتقين}، فيدرك أن الهداية في التمسك بهذا الكتاب العظيم، وأن أول مراتب الهداية هي التقوى.
وهكذا ينتقل من مرتبة إلى مرتبة حتى يصل قرب نهاية الكتاب إلى أعلى المراتب وهي قوله تعالى: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون}، عدنا إلى: {قم الليل إلا قليلا}.
وعلى هذا فالترتيب الحالي ترتيب موضعي، فلكل سورة موضوع رئيس له علاقة من قريب أو بعيد بموضوع الكتاب كله، هو الهداية، يراعي حال الأمة جمعاء، ويرتقي بهم مرتبة تلو الأخرى في تدرج تألفه الأنفس ولا تمل منه.
 
فالقران الكريم منزل بحسب الوقائع تنزيلا، وعلى حسب الحكمة ترتيبا وتاصيلا.
 
بسم1
كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير
فبهذه الصفة كان القرآن في الازل، ثم فصل بتقطيعه وتبيين احكامه واوامره على محمد صلى الله عليه وسلم في ازمنة مختلفة، وهذه طريقة الاحكام والتفصيل؛ اذ الاحكام صفة ذاتية والتفصيل انما هو بحسب من يفصل له.
ابن عطية
 
عودة
أعلى