مذاهب علماء التجويد في صفة التكرير

إنضم
28/07/2012
المشاركات
116
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
37
الإقامة
العراق
[FONT=&quot]مذاهب علماء التجويد في صفة التكرير[/FONT]
[FONT=&quot]الاخوة الافاضل الكرام في ملتقى اهل التفسير المبارك اقدم لكم دراسة صوتية مبسطة في مذاهب العلماء لصفة التكرير اسال الله ان ينال رضاكم ونفيد من ملاحظاتكم المباركة . [/FONT]
[FONT=&quot]التكرار لغة : الكر الرجوع ، وكرر الشيء ، وكركره [/FONT][FONT=&quot]أعادة[/FONT][FONT=&quot] مرة بعد [/FONT][FONT=&quot]أخرى[/FONT][FONT=&quot] ([FONT=&quot][1][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]التكرار اصطلاحا :- ارتعاد رأس اللسان عند النطق بالصوت ([FONT=&quot][2][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]وصف القدماء صوت الراء بالتكرار ، قال سيبويه رحمه الله: ( ومنها المكرر ، وهو حرف شديد يجري فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى اللام ، فتجافى للصوت كالرخوة ، ولو لم يكرر لم يجر الصوت فيه وهو الراء) ([FONT=&quot][3][/FONT]) ، وقال [/FONT][FONT=&quot]أيضا[/FONT][FONT=&quot] : ( والراء إذا تكلمت بها خرجت [/FONT][FONT=&quot]كأنها[/FONT][FONT=&quot] مضاعفة ) ([FONT=&quot][4][/FONT]) ، وقال في موضع [/FONT][FONT=&quot]آخر[/FONT][FONT=&quot] : (والراء لا تدغم في اللام ولا في النون لانها مكررة ) ([FONT=&quot][5][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]ولم يخرج علماء العربية مما اصطلحه سيبويه لهذا الصوت سوى [/FONT][FONT=&quot]إيضا[/FONT][FONT=&quot]حهم[/FONT][FONT=&quot] معنى التكرير ، فقد وصف بـ ( الترجيع ) ([FONT=&quot][6][/FONT]) ، و ( تعثر اللسان ) ([FONT=&quot][7][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]قال المبرد رحمه الله: ( وهذه الحروف التي تعترض بين الرخوة والشديدة هي شديدة في [/FONT][FONT=&quot]الأصل[/FONT][FONT=&quot] ... ومنها الراء ، وهي شديدة ولكنها حرف ترجيع ، [/FONT][FONT=&quot]فإنما[/FONT][FONT=&quot] يجري فيها الصوت لما فيها من التكرار ) ([FONT=&quot][8][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]أما[/FONT][FONT=&quot] ابن جني رحمه اللهفقال : ( وذلك انك إذا وقفت عليه [/FONT][FONT=&quot]رأيت[/FONT][FONT=&quot] طرف اللسان يتعثر بما فيه من التكرار ، ولذلك احتسب في [/FONT][FONT=&quot]الإمالة[/FONT][FONT=&quot] بحرفين ) ([FONT=&quot][9][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]تابع علماء التجويد ما قاله سيبويه رحمه اللهومن بعده في صفة التكرير ، قال مكي رحمه الله: ( الحرف المكرر : وهو الراء سمي بذلك لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به ، كان طرف اللسان يرتعد به ، واظهر ما يكون ذلك إذا كانت الراء مشددة ) ([FONT=&quot][10][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]وقال عبد الوهاب القرطبي رحمه الله: ( ومنها المكرر ، وهو الراء ، وذلك انك إذا وقفت عليه [/FONT][FONT=&quot]رأيت[/FONT][FONT=&quot] طرف اللسان يتعثر بما فيه من التكرار ، ويرتعد لما هناك منه ) ([FONT=&quot][11][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]اختلف علماء التجويد في صفة التكرير هل هي لازمة للراء أم لا ؟ فذهب مكي رحمه اللهإلى وجوب [/FONT][FONT=&quot]إخفاء[/FONT][FONT=&quot] صفة التكرير إذ قال : ( ولابد في القراءة من [/FONT][FONT=&quot]إخفاء[/FONT][FONT=&quot] التكرير ، والتكرير الذي في الراء من الصفات التي تقوي الحرف ) ([FONT=&quot][12][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]ونفي بعضهم [/FONT][FONT=&quot]الآخر[/FONT][FONT=&quot] صفة التكرار عن صوت الراء ، قال محمد مكي نصر رحمه الله: ( فهذه الصفة يجب [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] تعرف لتجتنب لا ليؤتى بها ) ([FONT=&quot][13][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]إذ [/FONT][FONT=&quot]أوجبوا[/FONT][FONT=&quot] على القارئ [/FONT][FONT=&quot]إخفاء[/FONT][FONT=&quot] التكرير [/FONT][FONT=&quot]وإلا[/FONT][FONT=&quot] كان لاحنا فيجب التحفظ عنه ) ([FONT=&quot][14][/FONT]) . [/FONT]
[FONT=&quot]وذهب بعض علماء التجويد إلى ان التكرير صفة ذاتية للراء ([FONT=&quot][15][/FONT]) ، وهو يوافق ظاهر كلام سيبويه([FONT=&quot][16][/FONT]). [/FONT]
[FONT=&quot]قال الاندرابي رحمه الله: ( والمكرر هو الراء وحدها سميت بذلك [/FONT][FONT=&quot]لأنها[/FONT][FONT=&quot] تصير بمنزلة راءين ) ([FONT=&quot][17][/FONT]). [/FONT]
[FONT=&quot]وذهب محمد بن الجزري رحمه اللهإلى ان التكرير ليس المقصود به ترعيد اللسان بها ، ولا [/FONT][FONT=&quot]بإخفائها[/FONT][FONT=&quot]إعدام[/FONT][FONT=&quot] تكريرها ، بل المقصود بذلك الاعتدال بين الأمرين ، فقال : ( وقد توهم بعض الناس [/FONT][FONT=&quot]إن[/FONT][FONT=&quot] حقيقة التكرير ترعيد اللسان بها المرة بعد المرة ، فاظهر ذلك حال تشديدها ، كما ذهب إليه بعض [/FONT][FONT=&quot]الأندلسيين[/FONT][FONT=&quot] ، والصواب التحفظ من ذلك [/FONT][FONT=&quot]بإخفاء[/FONT][FONT=&quot] تكريرها ، كما هو مذهب المحققين ، وقد بالغ قوم في [/FONT][FONT=&quot]إخفاء[/FONT][FONT=&quot] تكريرها مشددة [/FONT][FONT=&quot]فيأتي[/FONT][FONT=&quot] بها محصرمة ([FONT=&quot][18][/FONT]) شبيهة بالطاء ، وذلك خطأ لا يجوز ، فيجب ان يلفظ بها مشددة تشديدا ينبو به اللسان نبوة واحدة وارتفاعا واحدا من غير مبالغة في الحصر والعسر نحو : ( [/FONT][FONT=&quot]الررررحمن[/FONT][FONT=&quot] الرحيم ) ( الفاتحة : 2 ) ، و (خر[/FONT][FONT=&quot]ررر[/FONT][FONT=&quot] موسى ) ( [/FONT][FONT=&quot]الأعراف[/FONT][FONT=&quot] : 143 ... ) ([FONT=&quot][19][/FONT]) . [/FONT]


[FONT=&quot]([FONT=&quot][1][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ظ : لسان العرب ، مادة ( كرر ) ، 6 / 450 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][2][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ظ : قواعد التلاوة ، ص 41 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][3][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] الكتاب ، 4 / 435 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][4][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] المصدر نفسه ، 4 / 436 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][5][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] المصدر نفسه ، 4 / 448 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][6][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ظ : المقتضب ، 1 / 196 ؛ شرح المفصل ، 10 / 128 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][7][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ظ : سر صناعة [/FONT]الإعراب[FONT=&quot] ، 1 / 71 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][8][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] المقتضب ، 2 / 196 ؛ شرح المفصل ، 10 / 128 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][9][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] سر صناعة [/FONT]الإعراب[FONT=&quot] ، 1 / 71 .[/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][10][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] الرعاية ، ص 69 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][11][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] الموضح في التجويد ، ص 92 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][12][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] الرعاية ، ص 69 ـ 70 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][13][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] نهاية القول المفيد ، ص 57 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][14][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ظ : الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ، ص 316 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][15][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ظ : التحديد ، ص 108 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][16][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ظ : الكتاب ، 4 / 435 . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][17][/FONT])[/FONT]الإيضاح[FONT=&quot] ، ص 320 .[/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][18][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] من الحصرمة بمعنى التضييق أي بحبسها في مخرجها كالحرف الشديد . [/FONT]

[FONT=&quot]([FONT=&quot][19][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] النشر ، 1 / 219 ؛ ينظر : الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ، ص 317 . [/FONT]
 
جزاكم الله خيرا ، هذا كلام كنت كتبته في مداخلة في أحد المواضيع :
التكرار هو ارتعاد طرف اللسان بالراء مكررا لها،الرعاية 136 وسمي بذلك لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به ، كأن طرف اللسان يرتعد به . الرعاية 70
وهو من الصفات الذاتية التي انفرد بها ، ولا تنفك عنه بحال،. قال مكي رحمه الله :" فوجب على القارئ أن يخفي تكريره ، ولا يظهره ، ومتى ما أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفا ، ومن المخفف حرفين " الرعاية 135 .
ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم سوى ما ذكره الصفاقسي رحمه الله حيث قال :" ومنها الحرف المكرر ،وهو الراء . . . ومعنى تكريره نموه في اللفظ ، لا إعادته وترعيد اللسان به ، فإن ذلك لحن يجب الاحتراز منه " .تنبيه الغافلين 18 .
وقال أيضا : " ويقع الخطأ فيها من أوجه ، منها : ترعيد اللسان بها إذا شددت في نحو " الرحمن الرحيم " و:" من ربي" ، حتى يصير الحرف حرفين ، أو أحرفا ، بل المطلوب حبس اللسان بها وإخفاء تكريرها ، وهذا مذهب المحققين كمكي ، والجعبري ، وابن الجزري ، قال الجعبري : (ومعنى قولهم مكرر : أن لها قبول التكرير ، لا أنها مكررة بالفعل ، فإنه لحن يجب التحفظ منه ، وهذا كقولهم لغير الضاحك : إنسان ضاحك ، إذ وصف الشيء بالشيء أعم من أن يكون بالفعل وبالقوة ، وطريق السلامة من هذا التكرير أن يلصق اللافظ بها ظهر لسانه على حنكه لفظا محكما ) انتهى بالمعنى ، وذهب ابن شريح وآخرين : إن التكرير صفة لازمة لها وهو مذهب سيبويه لقوله : إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة ، والصواب الأول " تنبيه الغافلين 43،44 .
قلت : وليس هذا مذهب ابن الجزري كما ذكر ، ولا مكي كما نقلنا عنه ، وقولهم إخفاء التكرير لا ينفي وجوده ولا يعني أنه معدوم ، قال ابن الجزري :
" والحرف المكرر هو الراء ، قال سيبويه وغيره : هو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام ، فصار كالرخوة ، ولول م يكرر لم يجر فيه الصوت ، وقال المحققون : هو بين الشدة والرخاوة ، وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء ، وإلى ذلك ذهب المحققون ، فتكريرها ربوها في اللفظ ، وإعادتها بعد قطعها ، ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصا إذا شددت ، ويعدون ذلك عيبا في القراءة ، وبذلك قرأنا على جميع مشايخنا ، وبه نأخذ " النشر 1/167 .
فأنت ترى أن التكرير لا بد منه لجريان صوت الراء ، ولو لم تكرر لكانت حرفا شديدا ، وما نقله عن الجعبري قد يشير إلى امتنع التكرار ؛ لأن لصق ظهر اللسان على الحنك لصقا محكما _كما ذكر_ يمنع بلا شك جريان الصوت ، وبالتالي صارت حرفا شديدا .
قال الجعبري مشيرا إلى هذا الوصف : "
والراء رو ولا تهرهر واخفين تكريره بلزوم ظهر لسان (116 العقود )

وقد حذر ابن الجزري من ذلك في نشره فقال :
" وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء، وذلك خطأ لا يجوز"
1/177 .
وقال أبو الحسن شريح بن محمد الرعيني : " وقد ذهب قوم من أهل الأداء إلى أنه لا تكرير فيها مع تشديدها ، وذلك لم يؤخذ علينا به ، ولا نعلم وجهه ، غير أنَّأ لا نقول بالإسراف في ذلك ، فلا تسرف فيه ، وأما إذهاب التكرير جملة فلم نعلم أحدا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط عنها جملة في حال ، فاعلم ذلك " شرح الجزرية 315 .
ولعل الصفاقسي في قوله هذا كان معتمده كلام ابن الناظم في حواشيه حيث قال : " بل هو لحن _أي التكرير_ فيجب التحفظ منه ، وهذا كمعرفة مثل السحر ليجتنب "الحواشي 49.
وقد رد ذلك العلامة المرعشي رحمه الله فقال : " ليس معنى إخفاء تكريره إعدام تكريره بالكلية بإعدام ارتعاد طرف اللسان بالكلية ، لأن ذلك لا يمكن إلا بالمبالغة في لصق رأس اللسان باللثة ، بحيث ينحصر الصوت بينهما بالكلية ، كما في الطاء المهملة وذلك خطأ لا يجوز . . . لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الراء من الحروف الشديدة ، مع أنه من الحروف البينية ، بل معناه : تقوية ذلك اللصق بحيث لا يتبين التكرير والارتعاد في السمع ، ولا يميز اللافظ ولا السامع بين المكررين . . .فظهر معنى إظهار التكرير أيضا . . . فلا وجه لنفي التكرير عنه بالكلية كما صدر عن البعض " جهد المقل 91،92 .
يقصد بالبعض هنا ابن الناظم كما أشار في الحاشية
وإجمال ما مر ذكره أن التكرار من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الحرف ؛ لأن بانفكاكه ذهاب رخاوة الحرف ، فيصير حرفا شديدا ، وأختم ذلك بقول شارح الواضحة للجعبري : " وأما إذهاب التكرير جملة فلم نعلم أحدا من المحققين ذكره " نقلا عن جهد المقل 92 .
ويحمل قول أهل الأداء المعاصرين على المسامحة ، والله أعلم
 
في سما الملتقى أرى فرقدانِ = قد أضاءا علماً بذا القرآنِ
ولذا لستُ بالمغالي بقولي = شهدَ الله أبدعَ الأحمدانِ
 
بارك الله فيك يادكتور اسأل الله التوفيق والسداد لك واشكرك على مدحك وثنائك عليّ بما لا استحقه ولكن هذا حسن ظنك بي واتمنى من الله ان اكون عند حسن ظنكم بارك الله فيكم .
 
السلام عليكم
قد كنت كتبت فقرة عند جوابي على بعض علماء الأصوات في قضية التكرار فأقول :
اختلافهم في التكرار
قال الشيخ عبد الرزاق علي موسى : ( .. ويقع فيها الخطأ من أوجه : منها : ترعيد اللسان بها إذا شددت في نحو { الرحمن } و { الرحيم } و { من ربي } حتى يصير الحرف حرفين أو أحرفًا ، بل المطلوب حبس اللسان بها وإخفاء تكريرها ، وهذا مذهب المحققين كـ : مكيّ ، والجعبريّ ، وابن الجزريّ . قال الجعبري : ( إن الراء مكرر ، وهو أن الراء له قبول التكرار لا أنها مكررة بالفعل ، فإنه لحن يجب التحفظ منه ، كقولهم لغير الضاحك إنسان ضاحك يعني أنه قابل للضحك ؛ إذ وصف الشيء بالشيء أعم من أن يكون بالفعل أو بالقوة ، وطريق السلامة من هذا التكرير أن يلصق اللافظ بها ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقًا محكمًا مرة واحدة ) أ .هـ [1] .
إلا أن د. جبل [2] اعترض على هذا النص ونحوه ظنًّا منه أن هؤلاء يقصدون تكرار المخرج ، ووصف ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة بالخطأ المحض حيث قال عند حديثه عن تكرارالراء : ( .. وقد نبَّه على عدم المبالغة في التكرار مع إبقاء أصله شريح الرعينيّ (539هـ) ، وابن الجزري ، والمرعشي ، وغيرهم .
ولعل أول من جرّ عدم المبالغة في التكرار إلى منع التكرار كلية هو الإمام مكيّ ـ ثم ذكر قول مكيّ ـ :" فوجب علي القارئ أن يخفى تكريره ولا يظهره . " وجاء الفخر الموصليّ (621هـ) فعدَّ التكرير لحنًا ، ثم جاء الجعبري (732 هـ ) فقال : ( فتكراره لحن فيجب التحفظ عنه ... وطريق السلامة منه أن يلصق اللافظ ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقًا محكمًا مرة واحدة بحيث لا يرتعد ؛ لأنه متى ارتعد حدث من كل مرة راء). وهذا الذي قاله الجعبري غلط محض ؛ لأن إلصاق اللسان بأعلى الحنك مرة واحدة تخرج به لامًا لا راء ، وقد تقعروا في هذا الغلط وأصلوه حيث قال صاحب كتاب (( نهاية القول المفيد في علم التجويد)) : ( الغرض من هذه الصفة تركها ) . وقال الشيخ المرصفي : ( وخلاصة القول : إن الغرض من معرفة صفة التكرير للراء ترك العمل به عكس ما تقدم في الصفات وما هو آت بعد ، إذ الغرض منها العمل بمقتضاها ) . وقد وافق على هذا التأويل الملتوي المغالط عدد آخر من المؤلفين في التجويد ( ثم أحال إلي بعض كتب التجويد مثل الطرازات المعلمة والمنح الفكرية وغيرهما) أ.هـ

فالأخذ بظاهر النصوص من أخطاء الباحثين في كل فن ، وعدم فهمهم لكلام الأئمة يؤدي إلى القول بالتوهيم والتخطئة لأكابر القراء بلا ضابط ، وكان يجب علي فضيلته أن يقوم بالاستقراء التام لأقوالهم ، وسؤال أهل الفن قبل هذه العثرة التي وقع فيها .. وأقول مستعينًا بالله :
قوله : ( وقد نبَّه على عدم المبالغة في التكرار مع إبقاء أصله شريح الرعينيّ ( 539 هـ ) ، وابن الجزري ، والمرعشي وغيرهم ) . فقد شهد فضيلته لهؤلاء الأئمة الثلاثة بأنهم ممن نبهوا علي عدم المبالغة ، والسؤال هنا : هل خالف هؤلاء الأئمة الثلاثة ما قاله مكيّ والجعبريّ رحمهما الله ؟ .
أما ابن شريح ( 539 هـ ) فقد جاء بعد مكيّ القيسيّ ، وقبل الجعبريّ (732 هـ ) ، وبالرجوع لنصّه وجدته يتأول مقالة عدم التكرار حيث قال : ( ذهب قوم من أهل الأداء إلي أنه لا تكرير فيها مع تشديدها ، وذلك لم يؤخذ علينا ، غير أنا لا نقول بالإسراف فيه ، وأما ذهاب التكرار جملة فلم نعلم أحدًا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط بحال ) . أ.هـ[3] .
وقوله : ( وأما ذهاب التكرار ..) فهذا مما لا يعلمه عن أحد من المحققين [4] ، ولكنه نهى عن الإسراف والمبالغة في التكرير . وهذا ما يقوله القراء جميعًا مع تغاير في الألفاظ والعبارات .
ثم نأتي إلى الإمام الثاني الذي استدل به فضيلته وهو الإمام ابن الجزري حيث قال في (( النشر )) : ( وقال المحققون : هو بين الشدة والرخاوة وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء ، وإلى ذلك ذهب المحققون فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ، ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصًا إذا شددت ، ويعدون ذلك عيبًا في القراءة . وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ )أ.هـ [5] .
وقال في متن (( الجزرية )) : وأخف تكريرا إذا ما تشدد" .
وقوله : ( ويتحفظون من إظهار تكريرها ) ألا يُفهم من ظاهر هذه العبارة أنه ينهي عن التكرار كلية ؟ بل وقوله : ( وأخف تكريرًا إذا ما تشدد ) أشد دلالة على منع التكرار وإخفائه هذا لو كان الأمر بظاهر النص كما أخذ فضيلته بظاهر النص ، فقد استخدم الإمام ابن الجزري في (( التمهيد )) عبارات قريبة مما قاله الإمام مكي القيسي[6] .
قال في (( التمهيد )) : ... وإذا تكررت الراء والأولى مشددة وجب التحفظ على إظهارها وإخفاء تكريرها ، كقوله : ( محرّرًا ) . أ.هـ [FONT=&quot] ص77 وقول مكيّ : ( فوجب علي القارئ أن يخفي تكريره ولا يظهره ) .أ.هـ فالعبارتان لا فرق بينهما معنىً والفرق فقط في تركيب العبارتين ، ولكن د. جبل أصرّ علي تصويب ما قاله ابن الجزري ، وتخطئة الإمام مكيّ .. بأي منطق يكون هذا ؟!![/FONT]
وذكر ابن الجزري عبارة شبيهة لعبارة الجعبريّ أيضًا في كيفية التحرز من تلك الحصرمة فقال : ( فيجب أن يلفظ بها مشددة تشديدًا ينبو بها اللسان نبوة واحدة وارتفاعًا واحدًا من غير مبالغة في الحصر والعسر ) . والنبوة الواحدة المقصد منه قول الجعبريّ ( أن يلصق اللافظ ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقًا محكمًا مرة واحدة ) .
وما تعقبه د. جبل بقوله : ( لأن إلصاق اللسان بأعلى الحنك مرة واحدة تخرج به لامًا لا راء ) حريّ أن يتعقب به الإمام ابن الجزري أيضًا ؛ لأن كلامه مطابق لكلام الجعبريّ ؛ لأن اللصق مرة واحدة عين قوله : ( نبوة واحدة ) ولا فرق . وعليه فقد وافق ابن الجزريّ الإمام الجعبريّ أيضًا في كلامه .
أما الإمام الثالث وهو المرعشي ، قال الشيخ مكيّ نصر (( نهاية القول المفيد )) نقلاً عن المرعشي : ( وقال أيضًا ـ أي المرعشي ـ " ... ويخفي تكريرها فإخفاء التكرير كأنه زيادة في التشديد ؛ لأن إخفاء التكرير يحتاج إلى شدة لصق اللسان على أعلى الحنك كما نقل عن الجعبريّ ) أ.هـ ص 124 [7]
فالمرعشي يستدل بقول الجعبريّ في بيان إخفاء التكرار ؛ ونقل في (( جهد المقل )) قول الإمام مكيّ ثم شرحه قائلاً : ليس معني إخفاء تكريره إعدام ذاته بالكلية ... ) .
فلم يختلف الأمر بين مكيّ والجعبريّ وبين ابن شريح وابن الجزريّ والمرعشيّ وغيرهم من القراء بخلاف ما ذكر د. جبل ، بل الجميع كلامهم متفق المعنى ؛ إذ الخلاف في تركيب العبارات فقط ، فهم يدعون إلى المبالغة في التحفظ وبإخفاء التكرار مع عدم طمس حقيقة الراء ، ويفسر هذا الكلام أيضًا ما قاله الجعبري في منظومته (( عقود الجمان في تجويد القرآن )) ص116 :

والراء روِّ ولا تهرهر واخفين

تكريره بـلزوم ظهرلسـان


كــيلا تزيد الذِّكـر إن كرَّرته

رحماء فارغب مارج ريحان


واحذر من التكرير إن شدَّدته

كالراكعـين يـفرِّق الرحمن)

فقوله : ( والراء روِّ ) . دليل علي حثّه على الإتيان بالراء بتروٍّ ؛ أي الإتيان بربوها في اللفظ لا بإخفائها كلية ، ثم قال : ( ولا تهرهر ) وهو يدل على النهى عن تكرار الراء ـ أي تكرار المخرج ـ وهرهر : سوق الغنم لكثرة التنبيه علي الغنم بقولهم ( أررر ) ، ولذا نهيه كان المقصد منه المبالغة في تكرار المخرج ، وكلام الجعبري هذا يدفع عنه شبهة طمس حقيقة الراء .
و قال الجعبريّ أيضًا : ( والمكرر : الراء ، والتكرار إعادة الشيء وأقله مرة .. ) .أ.هـ [8] وقوله : ( وأقله مرة ) ألا يكفي أن يَثْبُت بتكرار الراء مرة صوت الراء ؟ وإليك مقالة أخرى ذكرها الجعبريّ في الكنز أيضًا : ( .. . وبيانه أن الراء تخرج من ظهر اللسان وما يليه من الحنك الأعلى ، فينبغي للافظ أن يُحكم إلصاقهما ، وإلا ارتعد رأس اللسان فحصل بكل لصقة راء فيتعدد ، وهو لحن لا يجيزه أحد من القراء صونا للقرآن من الزيادة .. ) .أ.هـ[9] .
وقال الإمام المرادي ( ت749 ) بعد نقله كلام مكي السابق ... ثم نقل كلام ابن شريح والجعبريّ السابقين ـ ثم قال المرادي : ( قلت : وظاهر كلام الناظم ( السخاوي ) : ( صن تشديده عن أن يُرى متكررا ) أن التكرير ليس بصفة ذاتية إلا أن يجهل كلامه على أن المراد صون الراء عن الإفراط في التكرار ..وقال مكي : ( وأكثر ما يظهر تكريره إذا كان مشددًا نحو{ كرّة } فواجب علي القارئ أن يخفي تكريره ولا يظهره فمتى أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفًا ومن المخفف حرفين .. ) أ.هـ ص77
فقد فهم المراديّ قول مكيّ والجعبريّ والسخاويّ أنهم يقصدون عدم المبالغة ، مع ما تقدم من نقله لقول شريح أن المقصود به عدم المبالغة .
وهناك فرق في مسألة تكرار الراء بين تكرار الحرف ـ أي تكرار في المخرج بارتعاد اللسان عدّة مرات في مخرجه ـ وبين ربوها في اللفظ ونموها دون تكرار المخرج ، وهذا ما قاله ابن الجزري : ( فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصًا إذا شددت ويعدون ذلك عيبًا في القراءة . وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ ) . أ.هـ .
بل وحذَّر ابن الجزري في النشر من إخفاء التكرار بالكلية وجعلها محصرمة مثل الطاء قائلاً في نشره : وقد يُبالغ قوم في إخفاء تكريرها مشددة فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء ، وذلك خطأ لا يجوز فيجب أن يلفظ بها مشددة تشديدًا ينبو بها اللسان نبوة واحدة وارتفاعًا واحدًا من غير مبالغة في الحصر والعسر نحو: { الرحمن الرحيم } ، { خر موسى } ، وليحترز حال ترقيقها من نحولها نحولا يذهب أثرها وينقل لفظها عن مخرجها كما يعانيه بعض الغافلين ) أ .هـ ([FONT=&quot]1/219) . [/FONT]
وقد فصَّل حقيقة التكرار فضيلة الشيخ عطية قابل نصر (( غاية المريد )) فقال : والتكرار صفة ملازمة لحرف الراء بمعنى أنها قابلة لها فيجب التحرز عنها ؛ لأن الغرض من معرفة هذه الصفة تركها ، بمعنى: عدم المبالغة فيها ، وأكثر ما يظهر التكرير إذا كانت الراء مشددة نحو: كرة ، مرة ، فالواجب على القارئ أن يخفي هذا التكرير ولا يظهره لقول الإمام ابن الجزري: ( وأخفِ تكريرًا إذا ما تشدد .. ) وليس معنى إخفاء التكرير إعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية ؛ لأن ذلك يُؤدي إلى حصر الصوت بين رأس اللسان واللَّثة كما في حرف الطاء وهذا خطأ لا يجوز ، وإنما يرتعد رأس اللسان ارتعادة واحدة خفيفة حتى لا تنعدم الصفة . وطريق الخلاص من هذا أن يلصق القارئ ظهر لسانه بأعلى حنكه بحيث لا يرتعد رأس اللسان كثيرًا ) . أ.هـ [FONT=&quot]ص137 .[/FONT]
ومما سبق يظهر لك أن مقصد القراء من التنبيه علي إخفاء التكرار عدم المبالغة بحيث يتولد راءات عدّة ، لأن أصحاب كل فن أدرى بفنهم ، ولذا وضع العلماء في سائر الفنون تعريفات لغوية ثم أردفوها بتعريفات اصطلح عليها أهل فنٍّ ما وهو ما يُعبر عنها (( اصطلاحًا )) ، ود. جبل لم يفرق بين المعني من جهة اللغة وبين المعنى من جهة الاصطلاح . رحم الله أئمتنا وغفر الله لنا ولهم . والله أعلم وهو الموفق .

[1][FONT=&quot] .[/FONT] الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية ص110

[2][FONT=&quot] .[/FONT] كتاب ( تحقيقات في التلقي والأداء ) صـ36

[3][FONT=&quot] .[/FONT] نقلاً من كتاب (( المفيد )) ، و(( المفيد )) شرح لمنظومة نونية السخاوي في التجويد ص24 .

[4][FONT=&quot] .[/FONT] والإمام مكيّ القيسيّ لا شك أنه من كبار المحققين .

[5][FONT=&quot] .[/FONT] (1/204) .

[6][FONT=&quot] .[/FONT] الذي قال عنه د. جبل : ( ولعل أول من جر عدم المبالغة في التكرار إلي منع التكرار كلية هو الإمام مكيّ ) .

[7][FONT=&quot] .[/FONT]

[8][FONT=&quot] .[/FONT] كنز المعاني 2599 .

[9][FONT=&quot] .[/FONT] كنز المعاني ( 1/480) .
 
أحببت تصحيح بيتي الشعر في المشاركة رقم 3:
في سما الملتقى بدا فرقدانِ = قد أضاءا علماً بذا القرآنِ
ولذا لستُ بالمغالي بقولي = شهدَ الله أبدعَ الأحمدانِ

اعزائي المتداخلين حول التكرير، حفظكم العزيز القدير
السلام عليكم جميعا
انما هي كرّة واحدة أو ارتعادة واحدة أو اعادة واحدة ، فبدونها لا راءَ نسمعها ، وهي عملية لفظية من السرعة بمكان لا نكاد نلحظها ، اذ يُقَبّل طرف اللسان اللثة فيخجل منسحباً ولا يلبث ان يعود لمثلها وهنا يتوقف ، فان أعادها استحق التعزير بالجلد لفعله ما هو منهي عنه ، فالاولى قبلناها لجهله أما الثانية فيعاقب عليها فكيف بثالثة ورابعة ووو...
ولهذا يطلب العلماء اخفاءها(ولا أعني القُبلة- بسمة-) واخفاء الشيء ستره وعدم اظهاره للأعين حتى لانُتهم بالرياء احيانا.
ولا مشكلة عندنا تقريبا في لفظ الراء المتطرفة الموقوف عليها لان طرف اللسان لن يتورط بعدها بأداء صوتي آخر، ولا بالمتحركة لان الحركة وما يتبعها من مخرج لحرف جديد يمنع اللسان من تكرير فعلته، ولكن المشكلة في الساكنة وسط الكلام فهذا السكون والخمول والبطالة سيعطي طرف اللسان عذرا في اعادة ما فعل(كما يقال لا شغل ولا مشغلة)ويزداد الامر سوءا في الراء المشددة لان سكون الاولى والحاجة الى تكرارة او ارتعادة جديدة للراء المحركة سيعطيه فرصة لارتكاب ما نحذر منه ،
ولهذا يزداد التحذير والتنبيه والتوعد والنهي في عدم ارتكاب التكرير المنهي عنه في حال تشديد الراء.
اذن فتشديد الراء يصحبه تشديد الارشاد والوعظ والتنبيه والمبالغة بعدم ارتكاب المحذور.
ودمتم سالمين
 
عودة
أعلى