جزاك الله خيراً قولك : أين المرجع في أن هذا مذهب مالك ؟ وإذا كان هذا رأي لعلماء الشافعية فهل يكون مذهباً للشافعي؟ وهل فهمت من كلام صاحب "الفروع" وصاحب "الإنصاف" أن هذا رواية عن أحمد ؟! لا أراه كذلك, والله أعلم ؟؟؟ أنت هنا أجبت نفسك بقولك لا أراه , ولكن غيرك يراه ويرجحه ، ولعلك تراجع الموضوع أكثر حتى تراه أو يتضح عندك المراد من كلام العلماء !
وإليك نصوص المالكية في المسألة قالوا : " ويجوز الجمع بين كل صلاتين مشتركتا الوقت في السفر في وقت أيتهما شاء إذا جد به السير والاستحباب في آخر وقت الأولى وأول وقت الثانية " . انظر: المدونة الكبرى لمالك 1 / 117 – 118 ، والتلقين للقاضي عبد الوهاب 1/ 123- 124،والشرح الكبير للدرديري 1 / 368 ، والفواكه الدواني للنفراوي 1 / 235 . والجمعة والعصر مشتركتا الوقت مثل الظهر والعصر لأن وقت صلاة الجمعة يبدأ من زوال الشمس إلى غروبها ، فقد روى ابن القاسم وغيره عن مالك : " أن وقت الجمعة وقت الظهر لا تجب إلا بعد الزوال وتصلي إلى غروب الشمس قال ابن القاسم : إن صلى من الجمعة ركعة ثم غربت الشمس صلى الركعة الأخرى بعد المغيب جمعة " . التمهيد لابن عبد البر 8 / 71 ، وانظر : مواهب الجليل شرح خليل للحطاب 1 / 381 – 386 ، والشرح الكبير للدرديري 1 / 177 - 184 ، وحاشية الدسوقي 1 / 175 – 179 ، والفواكه الدواني شرح رسالة أبي زيد القيرواني للنفراوي 1 / 166 . وأما قولك : وإذا كان هذا رأي لعلماء الشافعية فهل يكون مذهباً للشافعي؟ وهل فهمت من كلام صاحب "الفروع" وصاحب "الإنصاف" أن هذا رواية عن أحمد ؟ فالذي أراه أن كلام فقهاء المذاهب رحمهم الله محسوب على أئمتهم ، ولا يمكن أن تجد في كل مسألة فيها نصاً عن الإمام نفسه بل فقهاء كل مذهب جمعوا نصوص أئمتهم وقعدوا القواعد على أصول أئمتهم وخدموها وبحثوا واجتهدوا ولحقوا بالمذهب مسائل كثيرة على أصوله ، مثلاًَ كلام الشيرازي أو النووي أو العمراني أو الغزالي أو الجويني أو غيرهم من فقهاء الشافعية محسوب على مذهب الشافعي ، وكلام ابن قدامة أو المرداوي أو ابن مفلح أو البهوتي أو غيرهم من فقهاء الحنابلة محسوب على مذهب أحمد ، وكلام السرخسي أو الكاساني أو ابن عابدين من فقهاء الحنفية محسوب على مذهب أبي حنيفة ، وكلام سحنون أو ابن القاسم أو ابن وهب أو ابن عبد البر أو القاضي عبد الوهاب أو الحطاب أو الدسوقي أو غيرهم من فقهاء المالكية رحمهم الله جميعاً محسوب على مذهب مالك لأن هؤلاء العلماء لم يتكلموا عن فراغ ولا عن هواء بل تكلموا عن علم ودراسة وإخلاص فالواجب حسن الظن بهم ، ورد أقوالهم وأقوال أئمتهم قبلهم إلى الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة فهو الحق ، وما خالف الكتاب والسنة فهو الباطل. وقد صرح الزركشي نقلاً عن الروياني بأن المشهور جواز الجمع في حالة المطر فقال قال الروياني : " لا يجوز الجمع بين الجمعة والعصر بعذر المطر تأخيراً وكذا تقديماً في أصح الوجهين لأن الجمعة رخصة في وقت مخصوص فلا يقاس عليه والمشهور الجواز " .
البحر المحيط في أصول الفقه لبدر الدين الزركشي 4 / 55 . ما الذي تفهمه من هذا الكلام الواضح ؟ أليس يفهم منه بأن هناك وجهين في المذهب وجه بالمنع وهو الصحيح ووجه بالجواز وهو المشهور ، وما هو الفرق بين المشهور والصحيح ؟؟ أترك لك الإجابة على هذا السؤال .
وقال ابن مفلح رحمه الله كما سبق : فإن الإمام أحمد والأصحاب قالوا يخرج وقت الجمعة بدخول وقت العصر وإنما اختلفوا إذا دخل وقت العصر وهم فيها فكيف يصحح الجمعة بعد غروب الشمس فيحتمل أن يكون مرادهم إذا جوزنا الجمع بين الجمعة والعصر وجمع جمع تأخير وتأخروا إلى آخر الوقت لكن لم نطلع على كلام أحد من الأصحاب أنه قال ذلك أو حصل لهم .
وقال النووي رحمه الله كما سبق أيضاً : فرع يجوز الجمع بين الجمعة والعصر في المطر ذكره ابن كج وصاحب البيان وآخرون فإن قدم العصر إلى الجمعة اشترط وجود المطر في افتتاح الصلاتين وفي السلام في الجمعة كما في غيرها وقال صاحب البيان ولا يشترط وجوده في الخطبتين لأنهما ليسا بصلاة بل شرط من شروط الجمعة فلم يشترط المطر فيهما كما لا يشترط في الطهارة قال الرافعي وقد ينازع في هذا ذهابا إلى أن الخطبتين بدل الركعتين ، قال صاحب البيان ، وآخرون : فإن أراد تأخير الجمعة إلى وقت العصر جاز أن جوزنا تأخير الظهر إلى العصر فيخطب في وقت العصر ثم يصلي الجمعة ثم العصر ولا يشترط وجود المطر وقت العصر كما سبق واستدلوا بأن كل وقت جاز فيه فعل الظهر أداء جاز فعل الجمعة وخطبتيها قال تقي الدين : محمد الحسيني الشافعي الدمشقي : وكما يجوز الجمع بين الظهر والعصر يجوز الجمع بين الجمعة والعصر ثم إذا جمع بالتقديم فيشترط في ذلك ما شرط في جمع السفر ويشترط تحقق وجود المطر في أول الأولى وأول الثانية وكذا يشترط أيضا وجوده عند السلام من الأولى على الصحيح الذي قطع به العراقيون.