أحمد بزوي الضاوي
New member
مدخل إلى علم الإناسة " الأنتروبولوجيا " القرآني. " هدية إلى والدتي العزيزة رحمها الله " .
إن البحث في القضايا الإنسانية المصيرية، المتعلقة بخلق الإنسان، ونشأته وتطوره، وتفاعله سلبا وإيجابا مع محيطه و أخيه الإنسان، والقدرة على التواصل باللغة وغيرها، والتنوع الديني والثقافي واللغوي، والشكلي، واللوني، وإنتاج العلم والمعرفة، وابتكاره وسائل تكنولوجية، كلها مباحث مهمة من شأنها أن تقرب المسافات بين الأمم والشعوب،أو تعمل على تعميق الفرقة و الهوة بينها، بناء على توجيه البحث .
لقد دأبت المقاربة الأنتروبولوجية ـ في أغلب الأحوال ـ على النزوع إلى التفرقة، والنظر إلى الاختلافات الشكلية على أنها اختلافات نوعية، وتأويلها تأويلا مذهبيا يكرس منطق الهيمنة والاستعلاء، والنفعية الضيقة التي جعلت الإنسان يعيش الفاقة والظلم، والإقصاء والتهميش، ويفقد الكرامة، رغم ما تزخر به الأرض من خيرات تفوق بكثير حاجياته، فالندرة ليست حقيقية ، و إنما هي مصطنعة، ليتحقق فينا قول الله تعالى :
إن هذه النظرة المادية، والأحادية البعد، والتوظيف غير الإنساني للأنتروبولوجيا تفرض علينا اليوم اقتحامها، لاتخاذها منطلقا للبحث، ولكن من زاوية علمية إنسانية، متعددة الأبعاد، ورؤية نسقية، تتسم بالحياد، والموضوعية، و النزاهة، والشمولية والكمال، والبرهان العلمي، لنتجاوز نظريات الحالة الراهنة، التي أدخلتنا كهف الجهل، حيث الرؤية المحدودة، والأفق المسدود، مما يجعلنا نبني مصيرنا على أوهام و تخرصات، وفي أحسن الأحوال على نظريات و حقائق جزئية :
إن بنية التفكير الإسلامي قائمة على التعايش، وقبول الآخر، و التفاعل معه، بناء على المخطط التالي :
1. العقيدة : الجمع بين النفي و الإثبات " لا إله إلا الله " .
2. الشريعة الجمع بين الأوامر و النواهي .
3. الأخلاق : اعتماد أسلوب تربوي يعتمد مبدأ التخلية ثم التحلية.
4. خلق الإنسان : المادة و الروح :
إن هذه الرؤيا القرآنية ستقلب الموازين، لتصبح الوحدة و التوحد هي الأصل:
1- وحدة الخلق و المخلوقات : هناك تشابه بين المخلوقات وتنوع ، مما يقوم دليلا على وحدة الخالق وقدرته : يقول تعالى:
3- وحدة الدين :
مما يبين أن بنية التفكير الإسلامي ليست بنية إقصاء ، و إنما بنية توليف ، فهي لا تعمل على إقصاء المخالف، أو دحره ، وإنما تعمل على استيعابه، و ذلك هو السر في أن الإسلام استطاع أن يستوعب ثقافات وحضارات وشعوبا و قبائل مختلفة ، ليخرج منها :
أ. العقيدة :
ب .الشريعة : تنظيم العلاقات عن طريق سن النظم و التشريعات التي تبين الحقوق، وتميزها عن الواجبات:
1. العلاقة بين الإنسان و ربه علاقة عبودية .
2. العلاقة بين الإنسان و أخيه الإنسان علاقة تعاون .
3. العلاقة بين الإنسان و الطبيعة علاقة تسخير.
ج . الأخلاق والسلوك : تحقيق القيم الإنسانية الكبرى و رعايتها، وتزكية النفس بجعلها تقدم الواجب على الحق، وتحقيق الرقابة الداخلية " الوازع الديني " وحديث جبريل يؤصل لذلك :
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .
والدتي العزيزة ليرحمك الله رحمة واسعة .
والدتي العزيزة إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك والدتي الحبيبة لمحزونون
ولا نقول إلا ما يرضي الرب
إنا لله وإنا إليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم اجعل تواب هذا العمل هدية إلى والدتي العزيزة ، واكتبه في صحائفها جزاء التضحية ونكران الذات
وعربون محبة ووفاء
من ابن مكلوم بفراق عزيزته
اللهم ارض عنها ورضها عني
يا أرحم الراحمين
وألحقنا بها غير مبدلين و لا مغيرين
واجعل كل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم .
والصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .
والدتي العزيزة ليرحمك الله رحمة واسعة .
والدتي العزيزة إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك والدتي الحبيبة لمحزونون
ولا نقول إلا ما يرضي الرب
إنا لله وإنا إليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم اجعل تواب هذا العمل هدية إلى والدتي العزيزة ، واكتبه في صحائفها جزاء التضحية ونكران الذات
وعربون محبة ووفاء
من ابن مكلوم بفراق عزيزته
اللهم ارض عنها ورضها عني
يا أرحم الراحمين
وألحقنا بها غير مبدلين و لا مغيرين
واجعل كل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم .
مدخل إلى علم الإناسة " الأنتروبولوجيا " القرآني.
قدم للمشاركة به في المؤتمر الدولي عن الدعوة الإسلامية بأندونسيا 8/10 يوليوز 2011م.
وقد تعذر علي وعلى الوفد الممثل لجامعة شعيب الدكالي المشاركة فيه إثر وفاة السيدة الوالدة رحمها .
قدم للمشاركة به في المؤتمر الدولي عن الدعوة الإسلامية بأندونسيا 8/10 يوليوز 2011م.
وقد تعذر علي وعلى الوفد الممثل لجامعة شعيب الدكالي المشاركة فيه إثر وفاة السيدة الوالدة رحمها .
إن البحث في القضايا الإنسانية المصيرية، المتعلقة بخلق الإنسان، ونشأته وتطوره، وتفاعله سلبا وإيجابا مع محيطه و أخيه الإنسان، والقدرة على التواصل باللغة وغيرها، والتنوع الديني والثقافي واللغوي، والشكلي، واللوني، وإنتاج العلم والمعرفة، وابتكاره وسائل تكنولوجية، كلها مباحث مهمة من شأنها أن تقرب المسافات بين الأمم والشعوب،أو تعمل على تعميق الفرقة و الهوة بينها، بناء على توجيه البحث .
لقد دأبت المقاربة الأنتروبولوجية ـ في أغلب الأحوال ـ على النزوع إلى التفرقة، والنظر إلى الاختلافات الشكلية على أنها اختلافات نوعية، وتأويلها تأويلا مذهبيا يكرس منطق الهيمنة والاستعلاء، والنفعية الضيقة التي جعلت الإنسان يعيش الفاقة والظلم، والإقصاء والتهميش، ويفقد الكرامة، رغم ما تزخر به الأرض من خيرات تفوق بكثير حاجياته، فالندرة ليست حقيقية ، و إنما هي مصطنعة، ليتحقق فينا قول الله تعالى :
﴿ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى﴾
طه/124
ولم تقتصر إذاية البشر على البشر وحدهم ، بل تعدته إلى محيطهم البيئي :
﴿ ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ﴾
الروم /41
و قوله تعالى :
﴿ يخربون بيوتهم بأيديهم . ﴾
الحشر/2
فنحن شركاء في محيطنا البيئي، وأي خطر يتهدده من أي جهة كانت ، وبأي طريقة كانت ، وتحت أي شعار كان ، فإنه يهمنا جميعا، و نحن معنيون به ، باعتباره يتعلق بمصير وجودنا ، وطبيعة ذلك الوجود، فإما إنه سيحكم بزواله و بالتالي زوالنا ، نتيجة الغرور، والاستعلاء بغير وجه حق ، والجشع ، والنزوع إلى السيطرة، والشغف بالهيمنة . وإما سيجعلنا نعيش تعساء أشقياء، تتهددنا الأمراض، و الأوبئة، والمجاعات:﴿كم تركوا من جنات و عيون ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك ثم أورثناها قوما آخرين فما بكت عليهم السماء و الأرض و ما كانوا منظرين ﴾
الدخان/27 .
وفي ذلكم الإطار نفهم خيرية الأمة الآمرة بالمعروف و الناهية عن المنكر : ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ﴾
آل عمران/110
آل عمران/110
وحديث السفينة الذي يبين وحدة المحيط ووحدة المصير ، فإما أن نتعاون و نتآزر ، لتحقيق صلاحنا في الحال، وفلاحنا في المآل، و إما فإننا سنغرق جميعا :
( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها ، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ) .
صحيح البخاري ،باب القرعة في المشكلات .
ولقد ظلت الرؤية العلمانية المادية بشقيها الليبرالي والاشتراكي تستأثر بعلم الأنتربولوجيا، وتوظفه لخدمة أغراض سياسية واقتصادية واستراتيجية، بعيدة ـ في كثير من الأحيان ـ عن البحث العلمي النزيه. كما أنها ورثت الإنسان في علاقته بالكون والإنسان رؤية غير سليمة في كثير من أبعادها. ورغم دحضها علميا فإنها لا زالت مهيمنة على الساحة العلمية و التعليمية.إن هذه النظرة المادية، والأحادية البعد، والتوظيف غير الإنساني للأنتروبولوجيا تفرض علينا اليوم اقتحامها، لاتخاذها منطلقا للبحث، ولكن من زاوية علمية إنسانية، متعددة الأبعاد، ورؤية نسقية، تتسم بالحياد، والموضوعية، و النزاهة، والشمولية والكمال، والبرهان العلمي، لنتجاوز نظريات الحالة الراهنة، التي أدخلتنا كهف الجهل، حيث الرؤية المحدودة، والأفق المسدود، مما يجعلنا نبني مصيرنا على أوهام و تخرصات، وفي أحسن الأحوال على نظريات و حقائق جزئية :
﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾
الإسراء/85
ونعمل على تعميمها، وفرضها على أنها حقائق مطلقة، مما يورث واقعا مختلا و غير متوازن، يضيع فيه الهدف الإنساني السامي التعايش، وتفتقد فيه إرادة التعاون للمحافظة على محيطنا البيئي من جهة، ونسعد به، ونورثه بعد أن نكون قد نميناه للأجيال القادمة، باعتبار ذلكم جزءا لا يتجزء من تصورنا الإسلامي للصدقة الجارية، المؤصلة للتنمية المستدامة، حيث نكران الذات، و التفاني في العمل، بالأخذ بالأسباب، و تعليق النتائج على رب الأسباب الله تعالى، فالمطلوب هو العمل ولا نسأل ـ حتى في أصعب الظروف ، و أحلك الأحوال عن جدوى ذلك العمل :الإسراء/85
( إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها )
أخرجه الإمام أحمد .
علم الإناسة القرآني : يتخذ هذا العلم من القرآن الكريم منطلقا مؤسسا للبحث فيها، فموضوعه الإنسان، ومجاله القرآن الكريم، بقصد بلورة تصور جديد لهذا العلم، يحفظ للإنسان خصوصيته وكرامته، ويجعله يعيش الوحدة الإنسانية في إطار التعدد الشكلي، واللوني، والثقافي، باعتباره مصدر غنى للحضارة البشرية، وعامل قوة ، وخير ، ونماء : ﴿ ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ﴾
سورة الروم، الآية 22
ولعلنا نتساءل عن السبب الداعي لاتخاذ القرآن أساسا للتأصيل لأنتروبولوجيا؟. لأنه كتاب الإنسانية الخالد ، ومرجعيته الربانية عقيدة وشريعة ، وأخلاقا وسلوكا، ذلك أن الإسلام دين الفطرة :﴿ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾
الروم /30
ولأنه يتعين رد الأمور إلى الخالق ، لأنه أعلم بالخلق:﴿ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير﴾
الملك /14
﴿ يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ﴾
الأعراف / 31
﴿ ونفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها ﴾
الشمس / 7ـ10.
وجاء في الحديث القدسي : (خلقت عبادي حنفاء ، فاجتالتهم الشياطين ، وأمرتهم أن يشركوا بما لم أنزل به سلطانا )
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
إن دراسة الإنسان من منطلق قرآني ، وبنظرة موضوعية وعلمية، وبرؤية الوحي، التي تمتاز بالشمولية، والوضوح، واتساع أفق النظر، تكشف عن جهاز مفاهيمي يؤصل لبنية التفكير الإسلامي القائمة على تحقيق التوازن بين طرفي الثنائية التي يقوم عليها الوجود :﴿سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبث الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون﴾
يس/ 26
فالحقيقة ليست في أحد طرفي الثنائية، وإنما في الجمع بينهما، ولذلك كانت أمة الإسلام أمة الوسط، التي تجمع و لا تفرق : ﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا ﴾
البقرة/ 143
فالإسلام استوعب قبائل، وشعوبا، وأمما ، وثقات، وحضارات، ولم يعتمد سياسية الإلغاء أو الإقصاء، أو الهيمنة، وحب السيطرة،وإنما ترك للناس حرية الاختيار، و الحق في الاختلاف.إن بنية التفكير الإسلامي قائمة على التعايش، وقبول الآخر، و التفاعل معه، بناء على المخطط التالي :
1. العقيدة : الجمع بين النفي و الإثبات " لا إله إلا الله " .
2. الشريعة الجمع بين الأوامر و النواهي .
3. الأخلاق : اعتماد أسلوب تربوي يعتمد مبدأ التخلية ثم التحلية.
4. خلق الإنسان : المادة و الروح :
﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴾
المؤمنون / 12 .
﴿ ونفخت فيه من روحي ﴾
الحجر/ 29 .
5. النفس : التوازن بين الأنا و الآخر : ﴿ وابتغ في ما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ﴾
القصص/ 77 .
6. التوازن بين العبادة و العمل :﴿ وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ﴾
الذاريات / 56 .
﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ﴾
الجمعة/ 10 .
7. الجمع بين الاستخلاف و العمران :﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾
سورة البقرة /30
﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾
هود / 61
8. وفي الاجتماع تحقيق التوازن بين الفرد و الجماعة، والدعوة إلى التعاون، والتعارف، والتكافل، و بيان أهمية التدافع في الاجتماع البشري :﴿ ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ﴾
الزخرف / 32 .
﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾
الحشر/ 9
(إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى تَدَاعَى بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )
صحيح مسلم . كتاب البر و الصدقة والآداب .باب تراحم المؤمنين و تعاطفهم و تعاضدهم .
﴿ وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾
الحجرات/ 13
﴿ ولولا دفاع الله الناس بعضهم لبعض لفسدت الأرض ﴾
البقرة/251
9. الاقتصاد حيث تحقيق التوازن بين الإسراف والتقتير: ﴿ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ﴾
الفرقان/67 .
10. العلم و المعرفة حيث الجمع بين الوحي " المطلق " والعقل " النسبي " :﴿عالم الغيب و الشهادة﴾
الزمر/46
﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾
الإسراء /85
﴿ وفوق كل ذي علم عليم ﴾
يوسف /76
فالإنسان العدل من منطلق التصور القرآني يتفاعل مع محيطه تفاعلا إيجابيا، يغيب فيه منطق الهيمنة والسيطرة والاستعلاء، ويحضر فيه المشترك الإنساني، المؤسس على علاقة التعاون و التآزر لتحقيق الرفاهية و العمران :﴿ كان الناس أمة واحدة ﴾
البقرة /213
﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء ﴾
النساء/1
﴿ تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ﴾
آل عمران /64
﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾
الحجرات / 13
﴿ ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ﴾ الزخرف/32
﴿ فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين ﴾
﴿ فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين ﴾
المائدة/ 31
﴿يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون﴾
الأعراف/ 26
حيث يقوم التدافع الإيجابي لتحقيق الحياة الكريمة : ﴿ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ﴾
البقرة/ 251
فتلاقح الثقافات والحضارات عن طريق التواصل، هو التجديد الذي يقوم بنفي السلبيات، ودعم الإيجابيات، وتنمية الخير بالبذل والعطاء، ونشر المحبة والسلم والأمن، لأن ما يجمع بين البشر هو أكثر و أكبر مما يفرقهم، إذا اتضحت الرؤيا، وصدق التوجه، وصح العزم. إن هذه الرؤيا القرآنية ستقلب الموازين، لتصبح الوحدة و التوحد هي الأصل:
﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء ﴾
النساء/ 1
وأن التنوع في الجنس واللون و اللغة و الثقافة آية من آيات الله العظمى ، بمعنى أنها نعمة تستوجب الشكر من جانب ، والبحث العلمي الرصين من جهة أخرى :﴿ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين﴾
الروم/22
وأن الأصل فيها العلم والخير والإيمان، وليس الجهل و الشر والكفر :﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ، ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات ﴾
التين/4ـ5
وبذلك تتحرر رؤيتنا لتاريخ البشرية من نظريات الحالة الراهنة، التي أدخلتنا كهف الجهل، فأصابنا الغرور و صرنا نرى الثقافات والحضارات الأخرى نظرة دونية، فيها كثير من الاشمئزاز والاحتقار، واتخذنا من الأنا المتضخم مقياسا نحكم به و نحكمه ، فصرنا مقياس التقدم، ليصنف المخالف ضمن التخلف والبدائية، متجاهلين أنه يمكن أن تكون هناك حضارات قد سبقتنا في الوجود وحققت تقدما علميا وتكنولوجيا لم نبلغه بعد، ولعل الأبحاث الأركيولوجية في مناطق الحضارات البائدة تطرح علينا اليوم أكثر من سؤال لا نجد له جوابا :﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾
الإسراء/85
﴿ وفوق كل ذي علم عليم ﴾
يوسف/76
ولعل القرآن الكريم برؤيته المطلقة يفتح آفاق الممكن، حيث حديثه عن الحضارات البائدة يجعلنا نراجع أنفسنا وأحكامنا، ويدفعنا إلى التحلي بخلق التواضع، باعتبار حضارتنا الحالية دورة من الدورات التي عرفها تاريخ الحضارات البشرية قال الله تعالى :﴿ إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ﴾
الفجر/7 ـ8
﴿ وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ﴾
الأنبياء/ 80
﴿ آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا ﴾
الكهف/ 96
﴿ حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ﴾
الكهف/ 96
﴿ كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات ﴾
الفرقان/67
إن البحث في علم الإناسة القرآني قد ينتهي بنا إلى النتائج التالية :1- وحدة الخلق و المخلوقات : هناك تشابه بين المخلوقات وتنوع ، مما يقوم دليلا على وحدة الخالق وقدرته : يقول تعالى:
﴿وَمَا مِن دابة فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون﴾
الأنعام:38
يقولعز وجل :
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾
طه/5
2- وحدة الجنس البشري :﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء﴾
النساء /1
النساء /1
3- وحدة الدين :
﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم وموسى و عيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه﴾
الشورى/ 13.
4- وحدة اللغة :﴿ وعلم آدم الأسما ء كلها ﴾
البقرة/31
5- الإنسان الأول إنسان سوي كامل الخلقة، كامل العلم والإيمان :البقرة/31
(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)
السجدة/7
(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ)
الأعراف11.
﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴾
الطارق5/7.
﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ﴾
السجدة 7/9.
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾
الحجر28/ 29.
﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كيف يشاء ﴾
آل عمران/ 6.
6- الاختلاف البشري من حيث الشكل واللون واللغة، والثقافة هو اختلاف تنوع و ليس اختلاف تضاد، وهو مصدر ثراء و قوة :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾
سورة الحجرات، الآية 13
7- قد توجد حضارات سبقتنا، قد تكون أكثر تقدما وتحضرا منا :﴿ إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد و فرعون ذي الأوتاد ﴾
الفجر/7 ـ10
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾
سورة الكهف /83 ـ98
8- الدين إنما وضع لتحقيق مصلحة الإنسان : ﴿ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغني الحميد ﴾
فاطر/15
فالدين إنما وضع لمصلحة الإنسان أولا و أخيرا، ويكفي أن نراجع تعريفه لدى المسلمين لنخلص إلى هذه النتيجة : "وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة لما يحقق صلاحهم في الحال، وفلاحهم في المآل .
فمكونات الدين وخصائصه تتمثل في ما يلي :
ـ ربانية المصدر.
ـ الحرية .
ـ تحقيق الصلاح في الحال و الفلاح في المآل : باعتبار أن ذلك هو مقصد الدين، عقيدة وشريعة وأخلاقا وسلوكا :
فمكونات الدين وخصائصه تتمثل في ما يلي :
ـ ربانية المصدر.
ـ الحرية .
ـ تحقيق الصلاح في الحال و الفلاح في المآل : باعتبار أن ذلك هو مقصد الدين، عقيدة وشريعة وأخلاقا وسلوكا :
﴿ لن ينال الله لحومها و لا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ﴾
الحج/37
كما أن العبادات ربطها الله تعالى بمقصد أساس و هو تدريب الإنسان على القيام بأعباء الاستخلاف، والنهوض بالعمران ، إنها تسهم في بناء الإنسان الراشد ، وتعمل على تحققه واقعيا ، فالصلاة شأنها شأن كل العبادات مرتبطة بوظيفة اجتماعية، وهي أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبمفهوم المخالفة وهي أن تكون آمرة بالمعروف :
﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر ﴾
العنكبوت /45
ويستخلص منها مبدأ دعوي أساسي، يدخل في نطاق التربية على القيم الإنسانية السامية ، بتجريد الإنسان من المفاسد ، لتأهيله للصلاح ، بناء على القاعدة الأصولية : درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، و الذي استحال إلى قاعدة تربوية : التخلية ثم التحلية . وهي تصريف لمبدأ عقدي يتمثل في نفي الشرك وإثبات الوحدانية : لا إله إلا الله. حيث النزوع إلى الجمع و التركيب ، بدل النفي وحده ، أو الإثبات وحده .مما يبين أن بنية التفكير الإسلامي ليست بنية إقصاء ، و إنما بنية توليف ، فهي لا تعمل على إقصاء المخالف، أو دحره ، وإنما تعمل على استيعابه، و ذلك هو السر في أن الإسلام استطاع أن يستوعب ثقافات وحضارات وشعوبا و قبائل مختلفة ، ليخرج منها :
﴿ خير أمة أخرجت للناس ﴾
آل عمران/110
وعبادة الصيام مشروطة بتحقيق وظيفة التقوى، أي الائتمار بما أمر الله تعالى و الانتهاء عما نهى الله عنه ، ويتبين أن من يلتزم الأوامر الشرعية و انتهى عما نهى الشرع عنه ، هو الإنسان السوي العدل ، الذي لا يظلم ولا يقبل أن يظلم ، المتعايش، و المتعاون ، والمتراحم، و المتكافل، والمتواضع، علما منه أن مسألة الإيمان والصلاح هي مسألة اصطفاء و اختيار ، وأنها محض تفضل و تكرم من الله ، فيزداد تواضعه، وحرصه على نشر الخير والصلاح ، باعتبار ذلكم هي الأمانة الكبرى التي تطوق بها الإنسان ، و أنها حق أساسي من حقوق الإنسان عليه يتعين الوفاء بها ، و إلا فإنه يكون آثما : ﴿ أولئك هم الراشدون فضلا من الله و نعمة ﴾
الحجرات/8
﴿ كذلكم كنتم من قبل فمن الله عليكم ﴾
النساء/94
ومن ثم فلا يتطاول على الناس بإيمانه و صلاحه ، وقوته و تمكنه، و إنما يدفعه ذلك إلى المزيد من الصبر والتحمل، و الحرص على تحقيق الصلاح، وإيصال المنفعة إلى الآخر، لذلك نهى الشرع عن لعن الكافر بعينه، لأننا لا نعلم المآلات، فقد تكون عاقبته خير منا ، فالأمور بخواتيمها " فقه المآلات "، والمؤمن لا يغتر بالحالة الراهنة، ولا يعول عليها : ﴿ وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين ﴾
الأعراف/128
﴿ وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ﴾
محمد/38
مما يدفع المؤمن إلى التعامل مع المخالف بمنطق الشفقة و الرحمة :
﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾
الأعراف/199
﴿ و إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ﴾
القصص/55
﴿ وجادلهم بالتي هي أحسن ﴾
النحل/125
﴿ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ﴾
العنكبوت/46
فهو مؤمن بعدالة قضيته، ومتأكد من نصر الله له ولو بعد حين ، ومن ثم فهو ليس باليئوس و لا القنوط، و لا المستعجل، ولا الفرح بما حصل ، و لا الآسف على ما فاته .
الزكاة عبادة مالية، مخالفة تماما لما يعتقد في التصور المادي الليبرالي، حيث يعتبر الإنفاق في سبيل الله من قبيل إهدار المال. أما في التصور الإسلامي فهو نماء وزيادة، مصداقا لقوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ :
الزكاة عبادة مالية، مخالفة تماما لما يعتقد في التصور المادي الليبرالي، حيث يعتبر الإنفاق في سبيل الله من قبيل إهدار المال. أما في التصور الإسلامي فهو نماء وزيادة، مصداقا لقوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ :
(ما نقص مال من صدقة)
رواه الترمذي في السنن
(ما من يوم إلا ويصبح ملكان أحدهما يقول : اللهم أعط منفقا خلفا . والآخر يقول : اللهم أعط ممسكا تلفا).
أخرجه الإمام مسلم .
والحج عبادة التعارف، و التبادل، و التمازج الحضاري و الثقافي، بين الحضارات لتذويب الفوارق الضارة، وتنمية المشترك الإنساني، بالعمل على المتفق عليه وهو كثير، ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه و هو قليل .
فالحج تجمع بشري رائع ، ألوان مختلفة، ولغات متعددة، وثقافات مختلفة، وحضارات متنوعة، إنه التعدد في إطار الوحدة :
فالحج تجمع بشري رائع ، ألوان مختلفة، ولغات متعددة، وثقافات مختلفة، وحضارات متنوعة، إنه التعدد في إطار الوحدة :
﴿ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم و يذكروا اسم الله في أيام معلومات﴾
الحج/27 ـ28
9- يتضمن القرآن الكريم ـ عقيدة وشريعة، وأخلاقا وسلوكا ـ القيم الإنسانية الكبرى التي تشكل المشترك البشري :أ. العقيدة :
﴿ تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ﴾
آل عمران /64
فعقيدة التوحيد الإسلامية تجمع بين النفي و الإثبات، ومن ثم فإنها تؤصل للجمع و التركيب الثقافي والحضاري، ومن ثم كانت الحضارة الإسلامية حضارة مستوعبة ، انفتحت على قبائل و شعوب، وثقافات وحضارات، أخذت منها إيجابياتها و عملت على تنميتها، و تجاوزت سلبياتها ، فهي لم تعمل بمنطق التسلط والهيمنة، وفرض سياسة الأمر الواقع، واعتماد سياسة التهميش والإقصاء، والاستغلال، و الاحتكار، والسيطرة على مقدرات الشعوب، واستعبادها، وإنما كفلت للناس حق الاختلاف، وحق الاختيار، وحق التمتع بخيراتها، ب .الشريعة : تنظيم العلاقات عن طريق سن النظم و التشريعات التي تبين الحقوق، وتميزها عن الواجبات:
1. العلاقة بين الإنسان و ربه علاقة عبودية .
2. العلاقة بين الإنسان و أخيه الإنسان علاقة تعاون .
3. العلاقة بين الإنسان و الطبيعة علاقة تسخير.
ج . الأخلاق والسلوك : تحقيق القيم الإنسانية الكبرى و رعايتها، وتزكية النفس بجعلها تقدم الواجب على الحق، وتحقيق الرقابة الداخلية " الوازع الديني " وحديث جبريل يؤصل لذلك :
( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
رواه مسلم
مما يكرس حق الاختلاف، ويحث على قبول المخالف، والتعايش والتعاون معه :﴿ وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾
الحجرات /13
والتي يتعين علينا إبرازها للعالمين، قياما بواجب الدعوة إلى الله تعالى، وحب الخير للإنسانية جمعاء، تأسيا برسول الله الذي كان حريصا على أن يؤمن الناس أجمعون حيث يصفه أحد الصحابة بقوله :( كان رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ يأخذ بحجزنا، ليصرف وجوهنا عن النار إلى الجنة )
ولعل ما أشرنا إليه يحثنا جميعا على تعميق البحث في " علم الإناسة القرآني"، واتخاذه سبيلا لتطوير الدعوة الإسلامية، بالبحث في المشترك الإنساني، المتمثل في القيم الإنسانية الكبرى .﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
فصلت، الآية 53 .
لائحة المصادر و المراجع :
1ـ أبي آدم :قصة الخليقة بين الأسطورة و الحقيقة .أ د/ عبد الصبور شاهين
2 ـ ارتقاء الإنسان :ج.برونوفسكي ، ترجمة موفق شخاشيرو ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد39 ،جمادى الأولى1401 هـ/مارس 1981م
3ـ أصول الدعوة إلى الله :محمد عبد الرحمن عوض دار البشير ، القاهرة ، دت
4 ـ الإعلام في المجتمع الإسلامي :حامد عبد الواحد ، سلسلة دعوة الحق ، مكة المكرمة ، السنة3،العدد33 ، ذو الحجة1404هـ/1984م
5 ـ أنماط العلاقات الاجتماعية في النص القرآني :دراسة سوسيولوجية لعمليات الاتصال في القصة القرآنية ،د/ عبد العزيز خواجة،دار صفحات للدراسات و النشر ،ط1 ،2007 م
6 ـ البدائية :أشلي مونتاغيو ،ترجمة د/محمد عصفور ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، العدد53 ، شعبان 1402هـ/ مايو1982م
7 ـ التدريب و أهميته في العمل الإسلامي :د/محمد موسى الشريف ،دار التوزيع و النشر الإسلامية ، القاهرة ، ط1 ،1428 هـ/2007م
8 ـ التربية النفسية في المنهج الإسلامي :د/حسن الشرقاوي ، سلسلة دعوة الحق، مكة المكرمة ، السنة4 ، العدد35 ،صفر1405هـ /1984 م
9 ـ حقيقة الإنسان بين القرآن و تصور العلوم :د/أبو اليزيد العجمي ، سلسلة دعوة الحق ، مكة المكرمة ، السنة3 ، العدد22 ، محرم1404هـ /أكتوبر1983م
10 ـ الدعوة المؤثرة : الدعوة الفردية ـ الدعوة العامة :جمال ماضي ،دار التوزيع و النشر الإسلامية ، القاهرة ، ط1 ،1427هـ/2006 م
11 ـ صورة الآخر في الخطاب القرآني :دراسة نقدية جمالية :د/حسين عبيد الشمري ،دار الكتب العلمية ،بيروت ، لبنان، ط1 ،2008م
12 ـ القرآن و مشكلات الإنسان :أ.د/مهدي امبيرش ،منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ، طرابلس ،ليبيا ،ط2 ، 2008م
13 ـ لماذا ينفرد الإنسان بالثقافة ؟ الثقافات البشرية : نشأتها و تنوعها : مايكل كاريذس ، ترجمة شوقي جلال ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، العدد229 ، رمضان 1418هـ/ يناير1998م
14 ـ المجتمع الإسلامي و العلاقات الدولية :د/محمد الصادق عفيفي ،مكتبة الخانجي ، القاهرة ، دت
15 ـ مدخل إلى علم الإنسان : د/عيسى الشماس ،منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 2004 م
16 ـ المنظار الهندسي للقرآن الكريم :د/ خالد فائق العبيدي ، دار المسيرة للنشر و التوزيع ، عمان ، الأردن ،ط3 ، 1429هـ/2009م
1ـ أبي آدم :قصة الخليقة بين الأسطورة و الحقيقة .أ د/ عبد الصبور شاهين
2 ـ ارتقاء الإنسان :ج.برونوفسكي ، ترجمة موفق شخاشيرو ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد39 ،جمادى الأولى1401 هـ/مارس 1981م
3ـ أصول الدعوة إلى الله :محمد عبد الرحمن عوض دار البشير ، القاهرة ، دت
4 ـ الإعلام في المجتمع الإسلامي :حامد عبد الواحد ، سلسلة دعوة الحق ، مكة المكرمة ، السنة3،العدد33 ، ذو الحجة1404هـ/1984م
5 ـ أنماط العلاقات الاجتماعية في النص القرآني :دراسة سوسيولوجية لعمليات الاتصال في القصة القرآنية ،د/ عبد العزيز خواجة،دار صفحات للدراسات و النشر ،ط1 ،2007 م
6 ـ البدائية :أشلي مونتاغيو ،ترجمة د/محمد عصفور ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، العدد53 ، شعبان 1402هـ/ مايو1982م
7 ـ التدريب و أهميته في العمل الإسلامي :د/محمد موسى الشريف ،دار التوزيع و النشر الإسلامية ، القاهرة ، ط1 ،1428 هـ/2007م
8 ـ التربية النفسية في المنهج الإسلامي :د/حسن الشرقاوي ، سلسلة دعوة الحق، مكة المكرمة ، السنة4 ، العدد35 ،صفر1405هـ /1984 م
9 ـ حقيقة الإنسان بين القرآن و تصور العلوم :د/أبو اليزيد العجمي ، سلسلة دعوة الحق ، مكة المكرمة ، السنة3 ، العدد22 ، محرم1404هـ /أكتوبر1983م
10 ـ الدعوة المؤثرة : الدعوة الفردية ـ الدعوة العامة :جمال ماضي ،دار التوزيع و النشر الإسلامية ، القاهرة ، ط1 ،1427هـ/2006 م
11 ـ صورة الآخر في الخطاب القرآني :دراسة نقدية جمالية :د/حسين عبيد الشمري ،دار الكتب العلمية ،بيروت ، لبنان، ط1 ،2008م
12 ـ القرآن و مشكلات الإنسان :أ.د/مهدي امبيرش ،منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ، طرابلس ،ليبيا ،ط2 ، 2008م
13 ـ لماذا ينفرد الإنسان بالثقافة ؟ الثقافات البشرية : نشأتها و تنوعها : مايكل كاريذس ، ترجمة شوقي جلال ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، العدد229 ، رمضان 1418هـ/ يناير1998م
14 ـ المجتمع الإسلامي و العلاقات الدولية :د/محمد الصادق عفيفي ،مكتبة الخانجي ، القاهرة ، دت
15 ـ مدخل إلى علم الإنسان : د/عيسى الشماس ،منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 2004 م
16 ـ المنظار الهندسي للقرآن الكريم :د/ خالد فائق العبيدي ، دار المسيرة للنشر و التوزيع ، عمان ، الأردن ،ط3 ، 1429هـ/2009م
والحمد لله رب العالمين .
اللهم اجعل هذا العمل خالصا لوجهك الكريم .
نسألكم الدعاء للسيدة الوالدة رحمها الله .
اللهم اجعل هذا العمل خالصا لوجهك الكريم .
نسألكم الدعاء للسيدة الوالدة رحمها الله .
التعديل الأخير: