مدارسة حول قول شيخ الإسلام في مقدمة التفسير عن السنة: "لا أنها تتلى كما يتلى."

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم

في سياق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن أحسن طرق التفسير؛ ذكر السنة، وبيّن أهميتها في التفسير، ومما قاله في ذلك:

( وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ ؛ لَا أَنَّهَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى ). هكذا في جميع الطبعات التي رجعت إليها.

والذي يظهر لي أن في العبارة تصحيفاً، وأن الصحيح: ( وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ ؛ كما أَنَّهَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى .)

والذي يدل على أن السنة تتلى قول الله تعالى: ( { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ } ، على أن المراد بالحكمة هنا: السنة. وهذا ما يختاره شيخ الإسلام في تفسير الحكمة.

قال رحمه الله في كتاب الوصية الكبرى - (1 / 2):
( فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَامْتَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ وَأَمَرَ أَزْوَاجَ نَبِيِّهِ بِذِكْرِ ذَلِكَ فَقَالَ : { وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } وَقَالَ : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } وَقَالَ : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ } . قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ : الْحِكْمَةُ هِيَ السُّنَّةُ . لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يُتْلَى فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ سِوَى الْقُرْآنِ هُوَ سُنَنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَلَا وَإِنِّي أُوتِيت الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ } وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ : كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّنَّةِ كَمَا يَنْزِلُ بِالْقُرْآنِ فَيُعَلِّمُهُ إيَّاهَا كَمَا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ .)


فما تعليق الإخوة الكرام؟؟[/align]
 
لم لا يكون القصد من العبارة ان طريقة تلاوة السنة ليست كتلاوة القران؟ وذلك منعا لمن حاول ان يقرأ الاحاديث على نحو قراءته للقران مجودا
 
هل يمكن ان يقال أن التلاوة تلاوتان؟؟

تلاوة تعبدية : و هي خاصة بالقرآن دون غيره كما يذكر في تعريف القرآن بأنه ... المتعبد بتلاوته .. ؟؟ و لها صفات خاصة وأحكام خاصة وهذا القيد ليس مذكورا في تعريف الحكمة التي هي السنة ؟؟

وتلاوة غير تعبدية : تتضمن معرفة المتلو و أحكامه و فهم المراد منه - وقد تشمل القرآن والسنة و غيرهما - و القصد منها ليس التعبد بمجرد القراءة و إنما الدلالات والمعاني وليست لها أحكام تلاوة القرآن التعبدية ؟؟

مجرد رأي
 
أخانا الحبيب أبا مجاهد والإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد،
فالرأي عندي فيما طرحته فضيلتكم من كلام شيخ الإسلام عن السنة أنها "لا تتلى كما يتلى القرآن" أنها عبارة صحيحة ولا تصحيف فيها لأن التلاوة من خصائص القرآن لا السنة
وأما عن قوله تعالى: "واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة" فأنت خبير بأن العلماء لم يتفقوا على أن الحكمة هي السنة فأحد الرأيين فيها أن الآيات والحكمة كلتيهما صادقتان على القرآن الكريم من جهة كونه:
1- "آيات" بينات دالة على صدق النبوّة وهو إعجاز النظم.
2- و"حكمة" أي باعتبارما تضمنه من علوم وشرائع وهو هداية المعنى.
وعلى هذا القول فلا إشكال في كلمة "يتلى" لأنها منصرفة إلى القرآن الكريم.
وأما على القول بأن "الحكمة" هي السنة فالتعبير بـ "يتلى" سبيله التغليب.
 
[align=center]ما ذهبت إليه أبا مجاهد أحتمال ظاهر إلا أن القول بعدم التصحيف أظهر لأن الأصل عدمه 000 والله أعلم 0[/align]
 
للفائدة:

قال الإمام الشافعي في الأم:
"قلت وأيهم أولى به إذا ذكر الكتاب والحكمة أن يكونا شيئين أو شيئا واحدا قال يحتمل أن يكونا كما وصفت كتابا وسنة فيكونا شيئين ويحتمل أن يكونا شيئا واحدا قلت فأظهرهما أولاهما وفي القرآن دلالة على ما قلنا وخلاف ما ذهبت إليه قال وأين هي ؟ قلت قول الله عزوجل (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا) فأخبر أنه يتلى في بيوتهن شيئان قبل فهذا القرآن يتلى فكيف تتلى الحكمة ؟ قلت إنما معنى التلاوة أن ينطق بالقرآن والسنة كما ينطق بها قال فهذه أبين في أن الحكمة غير القرآن من الاولى"

وفي هذا الرابط فوائد مهمة لمناقشة الموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=116562

وأعتقد أن عبارة شيخ الإسلام هي فعلا هكذا :
( وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ ؛ لَا أَنَّهَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى ).

والله أعلم وأحكم.
 
مرحباً بالشيخ المفيد أبي مجاهد ..

الذي يزيل الإشكال ـ في نظري ـ هو تحرير معنى التلاوة في اللغة.
يقول ابن فارس رحمه الله في مقاييس اللغة (1 / 351):
(تلو) التاء واللام والواو أصلٌ واحد، وهو الاتِّباع. يقال: تَلَوْتُه إذا تَبِعْتَه، ومنه تلاوةُ القُرآن، لأنّه يُتْبِع آيةً بعد آية.
فأمّا قوله تلَوْتُ الرّجلَ أتلوه تُلُوّاً إذا خَذَلْتَه وتركتَه، فإنْ كان صحيحاً فهو القياس؛ لأنه مُصاحِبُه ومَعَه، فإذا انقَطَع عنه وتركه فقد صار خَلْفَه بمنزلة التّالي.
ومن الباب التّلِيَّة والتُّلاَوَة وهي البقيّة، لأنها تتلو ما تقدَّم منها ا.هـ

وقد ألمح الشافعي رحمه الله إلى هذا فقال ـ كما في أحكام القرآن (1 / 28) ـ:
"وفرض الله تعالى على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله، فقال في كتابه: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}، وقال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}
وقال تعالى: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} وذكر غيرها من الآيات التي وردت في معناها .

فذكر الله تعالى الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة ، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله، وهذا يشبه ما قال ـ والله أعلم ـ بأن القرآن ذكر، وأتبعته الحكمة وذكر الله عز و جل منته على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة فلم يجز والله أعلم أن تعد الحكمة هاهنا إلا سنة رسول الله وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله وأن الله افترض طاعة رسول الله وحتم على الناس اتباع أمره ، فلا يجوز أن يقال لقول فرض إلا لكتاب الله ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى(15/389):
( ...، وقوله : { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } [ الأحزاب : 34 ] ، وذلك أن التلاوة عليهم وتزكيتهم أمر عام لجميع المؤمنين؛ فإن التلاوة هى تبليغ كلامه ـ تعالى ـ إليهم وهذا لابد منه لكل مؤمن، وتزكيتهم هو جعل أنفسهم زكية بالعمل الصالح الناشئ عن الآيات التى سمعوها وتليت عليهم، فالأول سمعهم، والثانى طاعتهم، ... الخ ".

والمقصود من هذا أن التلاوة لا يلزم أن يكون معناها الترتيل، بل قد يراد بها الاتباع والبلاغ كما سبق في كلام هؤلاء الأعلام، وعليه، فيمكن حمل كلام ابن تيمية في رسالته على هذا، والله أعلم.
 
أشكر جميع الإخوة الذين بيّنوا رأيهم في هذه المسألة...

والذي أردته هنا هو إيضاح كلام ابن تيمية في مقدمة التفسير بما يتفق مع أقواله حول نفس الموضوع في مواطن أخرى.

والذي أعلمه من كلام شيخ الإسلام أن السنة منزلة كالقرآن، وأنها تتلى كما يتلى القرآن.

ويدل على هذا النقل الذي ذكرته أعلاه، والمسألة قريبة إن شاء الله.
 
أبا مجاهد الحبيب
ما رأيك وقد ذكر ابن كثير في مقدمة تفسيره عين ما ذكره شيخه شيخ الإسلام وبطريق الاستثناء حيث قال:
والسنة أيضًا تنزل عليه بالوحي، كما ينزل القرآن، إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن.
عفوا أيها الشيخ الجليل في رأيي أن المسألة واضحة، كما أنه ليس ثمت إشكال في لفظ "يتلى" على الرأي بأن المراد بالحكمة السنة وهو الراجح فيها
لأن التعبير بـ "يتلى" وهو خاص بالكتاب، من باب التغليب وهو تصرف في اللغة مشهور
 
أبا مجاهد الحبيب
ما رأيك وقد ذكر ابن كثير في مقدمة تفسيره عين ما ذكره شيخه شيخ الإسلام وبطريق الاستثناء حيث قال:
والسنة أيضًا تنزل عليه بالوحي، كما ينزل القرآن، إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن.
عفوا أيها الشيخ الجليل في رأيي أن المسألة واضحة، كما أنه ليس ثمت إشكال في لفظ "يتلى" على الرأي بأن المراد بالحكمة السنة وهو الراجح فيها
لأن التعبير بـ "يتلى" وهو خاص بالكتاب، من باب التغليب وهو تصرف في اللغة مشهور

أشكرك جزيلاً ، وقد اطلعت على نقل ابن كثير، وعلى أكثر من خمس نسخ من طبعات مقدمة ابن تيمية، والأمر واضح كما ذكرتَ وفقك الله، ولكني أحببت أن أطرح المسألة للمدارسة لظن كان عندي في صحة هذه العبارة. وقد زال والحمد لله.
 
أنبه إلى أمر قد لا يفطن إليه الكثير ، وهو أن ابن كثير - رحمه الله - نقل في مقدمة تفسيره - فيىما يتعلق بأحسن طرق التفسير - كلام شيخه ابن تيمية - رحمهما الله - مع شيء من التصرف ؛ فيبقى أن هذه العبارة هي من كلام ابن تيمية - رحمه الله ؛ وهي عبارة صحيحة . والعلم عند الله تعالى .
 
عودة
أعلى