ماجد بن محمد العريفي
New member
باب دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ
لقوله -عز وجل-: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: ٧٧]
٨ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".
*********
١- لما فرغ البخاري رحمه الله من ابتداء الوحي عَقَّبَه بذكر الإيمان، ثم بالصلاة بمقدماتها الطهارات ثم بالزكاة ومتعلقاتها، ثم بالحج ومتعلقاته، ثم بالصوم. وقصد الاعتناء بالترتيب المذكور في حديث ابن عمر هذا الذي ساقه، وإن وقع في بعض روايات "الصحيح" تقديم الصوم على الحج.
٢- وقال مجاهد في معنى الآية السالفة: ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه. وقيل: معناه: ما يعبأ بخلقكم لولا توحيدكم إياه.
٣- ومعنى: "بني الاسلام": أسس.
٤- وقوله: "على خمس" أي: خمس دعائم أو قواعد،
٥- وقوله: "وإقام الصلاة": أصله: إقامة الصلاة، حذفت التاء، وقوله: "وإيتاء الزكاة" أي: أهلها، فحذف المفعول، والإيتاء: الإعطاء.
٦- مقصود الباب بيان زيادة الإيمان ونقصانه، وإطلاقه على الأعمال كالصلاة والصيام والذكر وغيرها، ومذهب السلف والمحدثين وجماعات من المتكلمين أن الإيمان قول وعمل ونية، ويزيد وينقص، ومعنى هذا أنه يطلق على التصديق بالقلب، وعلى النطق باللسان، وعلى الأعمال بالجوارح كالصلاة وغيرها، ويزيد بزيادة هذِه وينقص بنقصها،
ويدل له ظواهر نصوص الكتاب والسنة، فمن الآيات: التي ذكرهن البخاري وغيرهن، ومن السنة: أحاديث كثيرة في "الصحيح" ستأتي في مواضعها كحديث: "يخرج من النار من كان في قلبه وزن شعيرة من إيمان" وكذا: "من كان في قلبه وزن برة من إيمان" وكذا: "من كان في قلبه وزن ذرة" فهذا هو الصحيح الموافق لظواهر النصوص القطعية ولما قاله سلف الأمة، ولما يقضي به الحسُّ،
وهذا المعنى أراد البخاري في "صحيحه" بالأبواب الآتية بعد هذا كقوله: باب أمور الإيمان، الصلاة من الإيمان، الزكاة من الإيمان، الجهاد من الإيمان، وسائر أبوابه.
وأراد الرد على المرجئة في قولهم الفاسد: إن الإيمان قول بلا عمل، وبيّن غلطهم، وسوء اعتقادهم، ومخالفتهم الكتاب والسنة والإجماع.
- قَالَ ابن بطَّال: مذهب جميع أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص .
- وقد ساق الحافظ أبو القاسم هبة الله اللالكائي في كتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" عن عمر بن الخطاب وخمسةَ عشرَ من الصحابة: أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
- وعن خلق من التابعين وأتباعهم فوق الخمسين.
- وقال سهل بن المتوكل: أدركت ألف أستاذ كلهم يقول: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص.
- وقال يعقوب بن سفيان: أدركت أهل السنة والجماعة على ذَلِكَ بمكة، والمدينة والبصرة والشام والكوفة منهم: عبد الله بن يزيد المقرئ وعددهم فوق الثلاثين .
٧- أدخل البخاري في هذا الباب حديث ابن عمر؛ ليبين أن الإسلام يطلق عَلَى الأفعال، وأن الإسلام والإيمان قَدْ يكونان بمعنًى. وهذِه المسألة فيها خلاف شهير للسلف، فقيل: معناهما واحد، وهو مذهب البخاري وغيره، وقيل: بينهما عموم وخصوص.
قَالَ الخطابي: والصحيح في هذا أن يقيد الكلام، وذلك أن المسلم قَدْ يكون مؤمنًا في بعض الأحوال، ولا يكون مؤمنًا في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم ولا عكس . ا،هـ
وإذا تقرر هذا استقام تأويل الآيات واعتدل القول فيها، وأصل الإيمان التصديق، وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد، فقد يكون المرء مستسلمًا في الظاهر غير منقاد في الباطن، وقد يكون صادقًا في الباطن غير منقاد في الظاهر.
٨- حديث ابن عمر هذا حديث عظيم، أحد قواعد الإسلام وجوامع الأحكام ولم يُذكر فيه الجهاد؛ لأنه لم يكن فرض إذ ذاك، أو لأنه من فروض الكفايات، وتلك فرائض الأعيان.
وقيل: إنه مذهب ابن عمر، والثوري، وابن شبرمة إلا أن ينزل العدو فيأمر الإمام بالجهاد.
وجاء في البخاري لما أورده في التفسير أن رجلًا قَالَ لابن عمر: ما حملك عَلَى أن تحج عامًا وتعتمر عامًا وتترك الجهاد؟ وفي بعضها في أوله: أن رجلًا قَالَ لابن عمر: ألا تغزو؟! فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الاسلام بني على خمسة" الحديث.
فهذا دال عَلَى أن ابن عمر كان لا يرى فرضه إما مطلقًا -كما نقل عنه- أو في ذَلِكَ الوقت،
اختصره ماجد بن محمد العريفي
يوم الجمعة ٢٢-٧-١٤٣٧هـ
لقوله -عز وجل-: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: ٧٧]
٨ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".
*********
١- لما فرغ البخاري رحمه الله من ابتداء الوحي عَقَّبَه بذكر الإيمان، ثم بالصلاة بمقدماتها الطهارات ثم بالزكاة ومتعلقاتها، ثم بالحج ومتعلقاته، ثم بالصوم. وقصد الاعتناء بالترتيب المذكور في حديث ابن عمر هذا الذي ساقه، وإن وقع في بعض روايات "الصحيح" تقديم الصوم على الحج.
٢- وقال مجاهد في معنى الآية السالفة: ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه. وقيل: معناه: ما يعبأ بخلقكم لولا توحيدكم إياه.
٣- ومعنى: "بني الاسلام": أسس.
٤- وقوله: "على خمس" أي: خمس دعائم أو قواعد،
٥- وقوله: "وإقام الصلاة": أصله: إقامة الصلاة، حذفت التاء، وقوله: "وإيتاء الزكاة" أي: أهلها، فحذف المفعول، والإيتاء: الإعطاء.
٦- مقصود الباب بيان زيادة الإيمان ونقصانه، وإطلاقه على الأعمال كالصلاة والصيام والذكر وغيرها، ومذهب السلف والمحدثين وجماعات من المتكلمين أن الإيمان قول وعمل ونية، ويزيد وينقص، ومعنى هذا أنه يطلق على التصديق بالقلب، وعلى النطق باللسان، وعلى الأعمال بالجوارح كالصلاة وغيرها، ويزيد بزيادة هذِه وينقص بنقصها،
ويدل له ظواهر نصوص الكتاب والسنة، فمن الآيات: التي ذكرهن البخاري وغيرهن، ومن السنة: أحاديث كثيرة في "الصحيح" ستأتي في مواضعها كحديث: "يخرج من النار من كان في قلبه وزن شعيرة من إيمان" وكذا: "من كان في قلبه وزن برة من إيمان" وكذا: "من كان في قلبه وزن ذرة" فهذا هو الصحيح الموافق لظواهر النصوص القطعية ولما قاله سلف الأمة، ولما يقضي به الحسُّ،
وهذا المعنى أراد البخاري في "صحيحه" بالأبواب الآتية بعد هذا كقوله: باب أمور الإيمان، الصلاة من الإيمان، الزكاة من الإيمان، الجهاد من الإيمان، وسائر أبوابه.
وأراد الرد على المرجئة في قولهم الفاسد: إن الإيمان قول بلا عمل، وبيّن غلطهم، وسوء اعتقادهم، ومخالفتهم الكتاب والسنة والإجماع.
- قَالَ ابن بطَّال: مذهب جميع أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص .
- وقد ساق الحافظ أبو القاسم هبة الله اللالكائي في كتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" عن عمر بن الخطاب وخمسةَ عشرَ من الصحابة: أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
- وعن خلق من التابعين وأتباعهم فوق الخمسين.
- وقال سهل بن المتوكل: أدركت ألف أستاذ كلهم يقول: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص.
- وقال يعقوب بن سفيان: أدركت أهل السنة والجماعة على ذَلِكَ بمكة، والمدينة والبصرة والشام والكوفة منهم: عبد الله بن يزيد المقرئ وعددهم فوق الثلاثين .
٧- أدخل البخاري في هذا الباب حديث ابن عمر؛ ليبين أن الإسلام يطلق عَلَى الأفعال، وأن الإسلام والإيمان قَدْ يكونان بمعنًى. وهذِه المسألة فيها خلاف شهير للسلف، فقيل: معناهما واحد، وهو مذهب البخاري وغيره، وقيل: بينهما عموم وخصوص.
قَالَ الخطابي: والصحيح في هذا أن يقيد الكلام، وذلك أن المسلم قَدْ يكون مؤمنًا في بعض الأحوال، ولا يكون مؤمنًا في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم ولا عكس . ا،هـ
وإذا تقرر هذا استقام تأويل الآيات واعتدل القول فيها، وأصل الإيمان التصديق، وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد، فقد يكون المرء مستسلمًا في الظاهر غير منقاد في الباطن، وقد يكون صادقًا في الباطن غير منقاد في الظاهر.
٨- حديث ابن عمر هذا حديث عظيم، أحد قواعد الإسلام وجوامع الأحكام ولم يُذكر فيه الجهاد؛ لأنه لم يكن فرض إذ ذاك، أو لأنه من فروض الكفايات، وتلك فرائض الأعيان.
وقيل: إنه مذهب ابن عمر، والثوري، وابن شبرمة إلا أن ينزل العدو فيأمر الإمام بالجهاد.
وجاء في البخاري لما أورده في التفسير أن رجلًا قَالَ لابن عمر: ما حملك عَلَى أن تحج عامًا وتعتمر عامًا وتترك الجهاد؟ وفي بعضها في أوله: أن رجلًا قَالَ لابن عمر: ألا تغزو؟! فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الاسلام بني على خمسة" الحديث.
فهذا دال عَلَى أن ابن عمر كان لا يرى فرضه إما مطلقًا -كما نقل عنه- أو في ذَلِكَ الوقت،
اختصره ماجد بن محمد العريفي
يوم الجمعة ٢٢-٧-١٤٣٧هـ