ماجد بن محمد العريفي
New member
٤ - جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأنصَارِيَّ قَالَ- وَهُوَ يحدث عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ فَقَالَ- فِي حَدِيثِهِ: "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا المَلَكُ الذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ على كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِي. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} إِلَى قَوْلهِ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)} فَحَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ. تَابَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ وَأبو صَالِحِ. وَتَابَعَهُ هِلَالُ بْنُ رَدَّادٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ يُونُسُ وَمَعْمَر: بَوَادِرُة.
**********
١- فترة الوحي احتباسه بعد متابعته وتواليه في النزول كما سلف في آخر الحديث قبله.
٢- قوله: ("فَرُعِبْتُ مِنْهُ") والرعب: الخوف، تقول: رعبته فهو مرعوب إِذَا أفزعته،
٣- قوله ("فَأَنْزَلَ اللهُ -عز وجل- {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } ") وهذا مما اغتر به جماعة فزعموا أن أول ما نزل من القرآن {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } وقد سلف بيان ذَلِكَ في الحديث قبله، وأنه أيضًا مما أنزل من القرآن أول.
قَالَ أبو حاتم ابن حبان في "صحيحه": ليس بين الخبرين تضاد إذ الله أنزل: {اقْرَأْ} وهو في الغار بحراء، فلما رجع إلى بيته دثرته خديجة وصبت عليه الماء البارد، فأنزل عليه في بيتها: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ }.
وكذا قَالَ أبو العباس القرطبي: إن حديث جابر أولى من حديث عائشة؛ إذ حديثها بحراء وحديثه بعد أن رجع إلى خديجة فدثروه .
والمدثر والمزمل والمتلفف والمشتمل بمعنى، وسماه تعالى بذلك إيناسًا وتلطفا، ثمَّ الجمهور عَلَى أن معناه: المدثر بثيابه.
٤- ومعنى: {قُمْ فَأَنْذِرْ}: حذر العذاب من لم يؤمن، وفيه دلالة على أنه أمر بالإنذار عقب نزول الوحي؛ للإتيان بفاء التعقيب، وإنما أمر بالإنذار دون البشارة وهو - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل بشيرًا ونذيرًا؛ لأن البشارة إنما تكون لمن دخل في الإسلام ولم يكن إذ ذاك من دخل فيه، {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ }، أي: عَظّمه ونَزّهه عما لا يليق به.
٥- {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ، إما من النجاسة -عَلَى مذهب الفقهاء- وإما تقصيرها، وقيل المراد بالثياب: النفس أي: طهرها من كل نقص أي: اجتنب النقائص.
٦- {وَالرُّجْزَ} وهي: الأوثان في قول الأكثر، وفي مسلم التصريح به ، وفي التفسير عن أبي سلمة التصريح به، وقيل: الشرك وقيل: الذنب وقيل: الظلم، وأصل الرجز في اللغة: العذاب، وسمي عبادة الأوثان وغيرها من أنواع الكفر رجزًا؛ لأنه سبب العذاب.
٧- قوله: (فَحَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ) هما بمعنى فأكد أحدهما بالآخر، وحَمِي ، معناه: كثر نزوله وازداد، من قولهم: حميت النار والشمس أي: كثرت حرارتها،
ومنه قولهم: حمي الوطيس. والوطيس: التنور، استعير للحرب، وإنما عبرت بقولها: فحمي تتميمًا منها للتمثيل الذي مثلت به أولًا،
وهو كونها جعلت الرؤيا كمثل فلق الصبح؛ فإن الضوء لا يشتد إلا مع قوة الحر وألحقت ذَلِكَ بقولها: وتتابع، لئلا يقع التمثيل بالشمس من كل الجهات؛ لأن الشمس يلحقها الأفول والكسوف ونحوهما وشمس الشريعة باقية عَلَى حالها لا يلحقها نقص.
٨- قَالَ القاضي: في هذا الحديث تحقيق العلم بتصور الملائكة على صور مختلفة وإقدار الله لهم عَلَى التركيب في أي شكل شاءوا من صور بني آدم وغيرهم، وأن لهم صورًا في أصل خلقهم مخصوصة بهم، كل منهم عَلَى ما خلق عليه. وقد جاء في مسلم عن ابن مسعود في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قَالَ: رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح. وذكره البخاري في بدء الخلق أيضًا،
قَالَ العلماء: رآه على هذِه الصورة مرتين، قَالَ تعالى: {رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} قَاَل اهل التفسير: أى فى خلق الملائكه فى الأجنحة كجبريل ونحوه من الملائكة، وكذا جاء في إلبخاري في بدء الخلق، عن ابن مسعود أيضًا في قوله تعالى: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} قال: رأى جبريل له ستمائة جناح . وفي حديث عائشة: رأى جبريل سادًّا ما بين الأفق .
٩- قوله: (وَقَالَ يُونسُ وَمَعْمَرٌ: بَوَادِرُةُ.) مراده: أن أصحاب الزهري اختلفوا في هذِه اللفظة، فروى عقيل، عن الزهري في الحديث: يرجف فؤاده. كما سلف، وتابعه عَلَى هذِه اللفظة هلال بن رداد، وخالفه يونس ومعمر فرويا عن الزهري: ترجف بوادره.
١٠- البوادر بفتح الباء الموحدة جمع بادرة وهي: اللحمة التي بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان، قَالَ أبو عبيدة: تكون من الإنسان وغيره، وقال الأصمعي: الفريصة: اللحمة التي بين الجنب والكتف، التي لا تزال ترعد من الدابة وجمعها فرائص.
اختصره ماجد العريفي
يوم الثلاثاء ١٩-٧-١٤٣٧هـ
**********
١- فترة الوحي احتباسه بعد متابعته وتواليه في النزول كما سلف في آخر الحديث قبله.
٢- قوله: ("فَرُعِبْتُ مِنْهُ") والرعب: الخوف، تقول: رعبته فهو مرعوب إِذَا أفزعته،
٣- قوله ("فَأَنْزَلَ اللهُ -عز وجل- {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } ") وهذا مما اغتر به جماعة فزعموا أن أول ما نزل من القرآن {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } وقد سلف بيان ذَلِكَ في الحديث قبله، وأنه أيضًا مما أنزل من القرآن أول.
قَالَ أبو حاتم ابن حبان في "صحيحه": ليس بين الخبرين تضاد إذ الله أنزل: {اقْرَأْ} وهو في الغار بحراء، فلما رجع إلى بيته دثرته خديجة وصبت عليه الماء البارد، فأنزل عليه في بيتها: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ }.
وكذا قَالَ أبو العباس القرطبي: إن حديث جابر أولى من حديث عائشة؛ إذ حديثها بحراء وحديثه بعد أن رجع إلى خديجة فدثروه .
والمدثر والمزمل والمتلفف والمشتمل بمعنى، وسماه تعالى بذلك إيناسًا وتلطفا، ثمَّ الجمهور عَلَى أن معناه: المدثر بثيابه.
٤- ومعنى: {قُمْ فَأَنْذِرْ}: حذر العذاب من لم يؤمن، وفيه دلالة على أنه أمر بالإنذار عقب نزول الوحي؛ للإتيان بفاء التعقيب، وإنما أمر بالإنذار دون البشارة وهو - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل بشيرًا ونذيرًا؛ لأن البشارة إنما تكون لمن دخل في الإسلام ولم يكن إذ ذاك من دخل فيه، {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ }، أي: عَظّمه ونَزّهه عما لا يليق به.
٥- {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ، إما من النجاسة -عَلَى مذهب الفقهاء- وإما تقصيرها، وقيل المراد بالثياب: النفس أي: طهرها من كل نقص أي: اجتنب النقائص.
٦- {وَالرُّجْزَ} وهي: الأوثان في قول الأكثر، وفي مسلم التصريح به ، وفي التفسير عن أبي سلمة التصريح به، وقيل: الشرك وقيل: الذنب وقيل: الظلم، وأصل الرجز في اللغة: العذاب، وسمي عبادة الأوثان وغيرها من أنواع الكفر رجزًا؛ لأنه سبب العذاب.
٧- قوله: (فَحَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ) هما بمعنى فأكد أحدهما بالآخر، وحَمِي ، معناه: كثر نزوله وازداد، من قولهم: حميت النار والشمس أي: كثرت حرارتها،
ومنه قولهم: حمي الوطيس. والوطيس: التنور، استعير للحرب، وإنما عبرت بقولها: فحمي تتميمًا منها للتمثيل الذي مثلت به أولًا،
وهو كونها جعلت الرؤيا كمثل فلق الصبح؛ فإن الضوء لا يشتد إلا مع قوة الحر وألحقت ذَلِكَ بقولها: وتتابع، لئلا يقع التمثيل بالشمس من كل الجهات؛ لأن الشمس يلحقها الأفول والكسوف ونحوهما وشمس الشريعة باقية عَلَى حالها لا يلحقها نقص.
٨- قَالَ القاضي: في هذا الحديث تحقيق العلم بتصور الملائكة على صور مختلفة وإقدار الله لهم عَلَى التركيب في أي شكل شاءوا من صور بني آدم وغيرهم، وأن لهم صورًا في أصل خلقهم مخصوصة بهم، كل منهم عَلَى ما خلق عليه. وقد جاء في مسلم عن ابن مسعود في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قَالَ: رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح. وذكره البخاري في بدء الخلق أيضًا،
قَالَ العلماء: رآه على هذِه الصورة مرتين، قَالَ تعالى: {رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} قَاَل اهل التفسير: أى فى خلق الملائكه فى الأجنحة كجبريل ونحوه من الملائكة، وكذا جاء في إلبخاري في بدء الخلق، عن ابن مسعود أيضًا في قوله تعالى: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} قال: رأى جبريل له ستمائة جناح . وفي حديث عائشة: رأى جبريل سادًّا ما بين الأفق .
٩- قوله: (وَقَالَ يُونسُ وَمَعْمَرٌ: بَوَادِرُةُ.) مراده: أن أصحاب الزهري اختلفوا في هذِه اللفظة، فروى عقيل، عن الزهري في الحديث: يرجف فؤاده. كما سلف، وتابعه عَلَى هذِه اللفظة هلال بن رداد، وخالفه يونس ومعمر فرويا عن الزهري: ترجف بوادره.
١٠- البوادر بفتح الباء الموحدة جمع بادرة وهي: اللحمة التي بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان، قَالَ أبو عبيدة: تكون من الإنسان وغيره، وقال الأصمعي: الفريصة: اللحمة التي بين الجنب والكتف، التي لا تزال ترعد من الدابة وجمعها فرائص.
اختصره ماجد العريفي
يوم الثلاثاء ١٩-٧-١٤٣٧هـ