المتأمل في الحياة اليوم يرى الحياة معقدة جدا متشعبة جدا .. لكن لو رجعنا للقرآن لوجدنا أن الله تعالى قد جعل للحياة محاور أساسية هي القاعدة التي تقوم عليها الأمم والمجتمعات .. أول هذه المحاور هي علة الخلق والإيجاد يقول تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } وهذا المحور أي العبادة يحفظ للإنسانية ديمومة قيامها على الأرض بمنهج الله تعالى في افعل ولا تفعل وبذلك تتفق حركة الإنسان بما يوافق سنة الله في الكون إذ الحق سبحانه يقول { وله أسلم من في السماوات والأرض }وهذا أمان للإنسان ما بعده أمان من ضلمات الحياة وفجاجها ومزالقها وهي بعد قد حفت بالملذات والزخاري وأهواء النفس .. لكن هل هنالك محاور أخر تتصل بمحور العبادة ليأخذ اتساقه ونسسقه وسليقته في ضمير الإنسانية .. والجواب نعم هنالك محورين أساسيين يعملان على حفظ التركيبة الإيمانية للإنسان إذ يقول تعالى { فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } إطعام من جوع وأمان من خوف وكأنما العبادة لا تكون خالصة سليمة إلا إذا اقتاتت النفس وأمنت.. وهذان المحوران إذا ما فقدا في مجتمع ما أو أمة ما عملا على إضعاف البنية الإيمانية لتلك الأمة إذ الجوع مما قد يفضي للجريمة ..والخوف مما يفضي لها أيضا.. لذلك كان الجوع والخوف نوع من عذاب الله فقال تعالى { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} وحرب الجوع أو ما تسمى بالحروب الاقتصادية كانت من أسلحة الدول المتجبرة على البلدان الفقيرة لإضعاف الآصرة الاجتماعية التي تربط الأمة وتقويض الهيكلية الإيمانية في ضمير ذلك المجتمع .. ومن اللطائف أن المتتبع لأوصاف الجنة يجدها لا تعد هذه المحاور البسيطة - بغض النضر عن العبادة طبعا - إذ يقول تعالى { ادخلوها بسلام آمنين } ثم يقول تعالى { ولهم فيها ما تشتهي أنفسسهم ولهم فيها ما يدعون }فالأمان حفظ لطمئنينة القلب والقوت حفظ لسلامة البدن ..فحياتنا المعقدة على تشعبها وتنوعها وكثرة ما فيها من أغيار ومشارب لا تعد في الأصل هذه المحاور ..