أرى أنَّ نقاشَ مثل هذه المسائل , له جانبان منفصلانِ وينبغي ألا يتداخَلا عند النقاش حول الحكم الشَّرعيِّ , وهما:
* جانب (الأوْلَى)
* جانبُ (الحُكم الشرعي= حلال وحرام)
ومن فصَل بين هاتين المُتلازمتينِ في أذهان بعض المُتباحثين استيقنَ ألاَّ وجه للإلزَامَات التي يُتقاذَفُ بها في النِّقَاش العلمي , فعلى سبيل المثال: يقول قائلُ: الذي أدينُ الله بها أنَّ وجهَ المرأة ليسَ بعورةٍ , وأنَّ لها السفر بالطائرة من غير محرمٍ , فيقفزُ إليه أحدُ سامعي مقالته قائلاً: إذاً فلتُرِنا وجهَ زوجتك وتتركْها تُسافر بمفردِها إلى أيرلندا حتى نرى رضاكَ لنسائك ما ترضاهُ لنساء المسلمين.!!!
* أحببتُ أن أضعَ هذا المثال لأقول: إن واقع الباحث لا يُشرَع الاستدلالُ به عليهِ , فقد يرى فردٌ ما عدمَ وجوب الصَّلاة وهو لا يؤذِّنُ عليه فرضٌ من الخَمس إلا وقد دخل المسجدَ.
* الحاصل - عندي- إن كان لي عندٌ: أنَّ صوت المرأة لهُ طَرفان عند الفقهاء:
@ طرَفٌ إجماعيٌّ اتَّفقوا فيه على تحريم سماعه وإصداره وهو: حال الخضوع بالقول , وحال التلذُّذِ بصَوتِها.
@ طَرَفٌ خلافيٌّ مُعتَبَرُ المَنَازِعِ , وهو ما عدا هذين الحالينِ.
ومما اشتملَ عليه الطَّرفُ الثاني موضوع محاضرة المرأة ومشاركتها في المنتديات العلمية والمؤتمرات وغير ذلك , ومن اللطيف في هذه المسالة أنَّ المذاهبَ الأربعةَ المَتبوعةَ اشتملت في حُكمها على قولين (أنَّه عورةٌ - وأنه ليس بعورةٍ) , وهذا دليلٌ على أنَّ القولينِ تتجاذبُهما الأدلَّـة وأن الجَزم برجحان أحدِهما على الآخَر بالعاطفة أو الخصوصية المجتمعية أو غير ذلك تحكُّمٌ غير مقبول , والله أعلم.