مجموعة من الأسئلة الحديثية وردتني تم الإجابة عليها

ماهر الفحل

New member
إنضم
25/10/2005
المشاركات
450
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
س : ما هي الطرق في ترتيب مصادر التخريج ؟
ج : اختلفت مناهج المخرجين في ترتيب مصادر التخريج فمنهم من يقدم العزو إلى المصنفات التي اشترط أصحابها الصحة ، وعلى هذا الاختيار يكون ترتيب الكتب على النحو الآتي :
صحيح البخاري ( ت 256 ه‍ ) ، ثم صحيح مسلم ( ت 261 ه‍ ) ، ثم صحيح ابن خزيمة ( ت 311 ه‍ ) ، ثم صحيح ابن حبان ( ت 354 ه‍ ) ، ثم مستدرك الحاكم ( ت 405 ه‍ ) ، ( الحاكم أشترط في كتابه الصحة ولا يوفق على كثير من الأحكام ) وهؤلاء قد جاءت وفياتهم مرتبة أيضاً بما ينسجم مع ترتيب مصنفاتهم في الصحة عند جمهور علماء الحديث .
ومنهم من يقدم الكتب الستة ، ولهؤلاء ترتيب لا يتعلق بالتاريخ ، ولا بالصحة ، وإنما صلته بقيمة كل مصنف ، هكذا قالوا ، وفي بعض ما قالوه نظر وترتيب الكتب الستة عندهم على النحو الآتي : صحيح البخاري ( ت 256 ه‍ ) ، ثم صحيح مسلم ( ت 261 ه‍ ) ، ثم سنن أبي داود ( ت 275 ه‍ ) ، ثم جامع الترمذي ( ت 279 ه‍ ) ، ثم سنن النسائي ( ت 303 ه‍ ) ، ثم سنن ابن ماجه (( 275 هـ)) .
ومنهم من يعتمد التاريخ ، فيقدم متقدم الوفاة على من توفي بعده . وبهذا يتقدم موطأ مالك ( ت 179 ه‍ ( ، ثم مصنف عبد الرزاق ( ت 211 ه‍ ( ، ثم مسند الحميدي ( ت 219 ه‍ ( ، ثم مصنف ابن أبي شيبة ( ت 235 ه‍ ( ، ثم مسند أحمد ( ت 241 ه‍ ) ، ثم سنن الدارمي ( ت 255 ه‍ ) على الكتب الستة كلها . وهذه الطريقة هي الطريقة الصحيحة الأسلم التي نسير عليها في تخريجاتنا في كتب السنة ؛ لأن هذه الطريقة تجنبنا أمرين :
أولاً : الاضطراب في ترتيب المصادر الأخرى .
ثانياً : قد يكون أحد أصحاب الكتب الستة قد روى من طريق المتقدم فتأخير المتقدم عليه شذوذ .
: ما معنى المسند عند المحدثين ؟
ج : قال الزركشي في نكته 1/405 : (( وهو مأخوذ من السند ، وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل ؛ لأن المسنِّد يرفعه إلى قائله ، ويجوز أن يكون مأخوذاً من قولهم : فلان سند ، أي : معتمد . فسمِّي الإخبار عن طريق المتن مسنداً ؛ لاعتماد النقّاد في الصحة والضعف عليه ، وفي أدب الرواية للحفيد : أسندت الحديث أسنده وعزوته أعزوه وأعزيه ، والأصل في الحرف راجع إلى المسند وهو الدهر، فيكون معنى إسناد الحديث اتِّصاله في الرواية اتِّصال أزمنة الدهر بعضها ببعض . وحاصل ما حكاه المصنِّف في تعريفه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه المتصل إسناده وإن لم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
والثاني : أنه المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يتصل .
والثالث : أنه المتصل المرفوع .
ويتفرع على هذه الأقوال أن المرسل هل يسمّى مسنداً ؟ فعلى الأول : لا يسمّى ؛ لأنه ما اتصل إسناده ، وعلى الثاني : يسمّى مسنداً ؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعاً . وعلى الثالث : لا يسمّى مسنداً أيضاً ؛ لأنه فاته شرط الاتصال ووجد فيه الرفع . وينبني عليه أيضاً الموقوف –وهو المروي عن الصحابة – أنه هل يسمى مسنداً ؟ فعلى الأول : نعم ؛ لاتصال إسناده إلى منتهاه ، وعلى الثاني والثالث : لا . وكذلك المعضل – وهو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر – فعلى الأول والثالث : لا يسمى مسنداً ، وعلى الثاني يسمى )) وانظر عن معنى المسند لغة : لسان العرب 3/221 ، والتاج 8/215 ، والبحر الذي زخر 1/315 .

س : هل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين ؟
ج : هو ما رواه ابن سعد 2 / 310 ، وابن أبي شيبة 14 / 291 ، وأحمد 1 / 223 و 266 و 279 و294 و312 و 359 ، ومسلم 7/89 (2353) ، والترمذي (3650) ، وفي الشمائل (381) ، وأبو يعلى ( 2452 ) و ( 2614 ) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 1944 ) ، والطبراني في الكبير (12843) و ( 12844 ) من حديث عمَّار ابن أبي عمار مولى بني هاشم ، قال : سمعت ابن عباس يقول : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين .
وهذه رواية شاذة تفرد بها عمار ابن أبي عمار ، وأخطأ فيها فإن المتقنين من أصحاب ابن عباس رووا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين منهم عكرمة بن عمار وعمرو بن دينار وعروة بن الزبير وغيرهم، وقد ساق البخاري في تاريخه الصغير 1 / 27 – 29 ، رواياتهم ، ثم ساق رواية عمار ، وقال : (( ولا يتابع عليه ، وكان شعبة يتكلم في عمار . وقال الحافظ ابن كثير في السيرة 4/515 : (( ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصح ، فهم أوثق وأكثر ، وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن عروة عن عائشة وإحدى الروايتين عن أنس ، والرواية الصحيحة عن معاوية .
وكذلك قد سبقه إلى مثل هذا البيهقي في دلائل النبوة 7/241 ، فقد قال : (( ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصح فهم أوثق وأكثر )) .
وانظر : بلا بد كتابي كشف الإيهام الترجمة ( 405 ) .

س : ذكرتم في إحدى تعاليقكم أن كتاب العين ليس للخليلي ، ما هو الدليل على ذلك ؟

ج : الكتاب في نسبته إلى الخليل كلامٌ ، قال ابن جني : (( أما كتاب العين ، ففيه من التخليط والخلل والفساد ما لا يجوز أن يحمل على أصغر أتباع الخليل فضلاً عن نفسه )) الخصائص 3/288 .
وقدِ اتُّهِمَ الليث بن المظَفَّرِ – راوية الخليل وتلميذه – بأنه هو الذي ( نحل الخليل بن أحمد تأليف كتاب العين جملة لينفقه باسمه ، ويرغب فيه مَنْ حوله ) التهذيب 1 / 28 غير أن الأزهري يضيف قائلاً : (( ولم أرَ خلافاً بين اللغويين أن التأسيس المجمل في أول كتاب العين لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد … وعلمت أنه لا يتقدم أحدٌ الخليلَ فيما أسسه ورسمه … )) التهذيب 1 / 401 .
والذي جعل العين مداراً للشك كثرة الخلل الواقع فيه ؛ لذلك جوبه بنقد كثير وجهه إليه أبو حاتم السجستاني وابن دريد وأبو علي القالي وأبو بكر الزبيدي وأبو منصور الأزهري وأحمد بن فارس ، وغيرهم . ينظر : نقاش ذلك في المعجم العربي : حسين نصار 1 / 280 ، وقارن بمقدمة محقق كتاب العين 1 / 18 – 27 .
وعدم ظهور الكتاب إلاَّ بعد خمسين سنة من وفاة الخليل ، وما قيل منه إنَّ الخليل بدأه في أواخر حياته (بعد 170 ه‍) ، وهي في الأغلب السنة التي مرض فيها وتوفي بعدها ( 175 أو 177 ه‍ ) ، وقد كان عرض منهج الكتاب على تلميذه الليث بن المظَفَّرِ الذي عاد من الحج فأكمله بعد ، أو وصل فيه الخليل إلى آخر حرف العين ، وقيل : إنه أتمَّه ثمَّ أحرقه وألَّفهُ بعده الليث ؛ لأنه كان قد قرأه ، وقيل : غير ذلك .
ينظر : مشكلات في التأليف اللغوي ، د. رشيد العبيدي ، فصل ( كتاب الجيم ) .
س : ما هو تخريج رواية الخطيب منْ طريقِ ابنِ عُيَيْنَةَ عنْ وائلِ بنِ داودَ عنِ ابنِهِ بكرٍ ، عنِ الزُّهريِّ ، عنْ سعيدِ بنِ المسيبِ ، عنْ أبي هريرةَ ، قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( أَخِّرُوا الأَحمالَ فإنَّ اليدَ معلَّقةٌ ، والرِّجلَ مُوثقةٌ )) .
ج : هذا الحديث أخرجه الترمذي في العلل الكبير ( 706 ) ، والبزار ( 1081 ) كشف الأستار وأبو يعلى في مسنده ( 5852 ) ، والطبراني في الأوسط ( 4508 ) ، والبيهقي في الكبرى 6 / 122 ، والخطيب في تاريخ بغداد 13 / 45 ، كلهم من طريق قيس ابن الربيع ، عن بكر بن وائل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعاً .
وأخرجه أبو طاهر المخلّص في فوائده ل ( 9 / ب ) و ( 188 / أ ) ، وأبو القاسم ابن الجراح في المجلس السابع من أماليه 2/1 ، وأبو محمد المخلدي في فوائده ( 285 / 1 / 2 ) عن وائل بن داود ، عن ابنه بكر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعاً . كما في السلسلة الصحيحة ( 1130 ) والتعليقات على المقنع 2 / 535 .
وروي عن سفيان بن عيينة ، فاختلف عليه فيه : فأخرجه أبو داود في المراسيل ( 294 ) من طريق أحمد بن عبدة ، عن سفيان ، عن وائل أو بكر – هكذا على الشك – عن الزهري مرسلاً .
ورواه من سبق في الفقرة الثانية على ذلك النحو عن سفيان ، من طريق عبد الله بن عمران العابدي عن سفيان به .
أقول : العابدي هذا ذكره ابن حبان في ثقاته 8 / 363 ، وقال : (( يخطئ ويخالف )) وعلى هذا فليس هو ممن لا يحتمل تفرده بوصل هذا الحديث ، فإن في حفظه شيئاً ، زيادة على أنه قد خالف أحمد بن عبدة الثقة ( تقريب التهذيب 74 ) الذي رواه عن سفيان مرسلاً . ثم إن ابن عيينة من المكثرين المشهورين بكثرة تلامذته ، فَلِمَ ينفرد بوصل هذه السنة العزيزة العابديُّ هذا دون عامة أصحاب سفيان ؟
لذا قال البزار–وإليه المفزع في معرفة المفاريد– بعد أن رواه (1081) من طريق قيس بإسنادين اثنين: (( لا نعلم روى بكر إلا هذا بهذا الإسناد )) . وقال الطبراني : (( لَمْ يروه عن الزهري إلا بكر )) .
وطريق قيس ابن ربيع ضعيف بسبب ضعفه ، قال الحافظ في التقريب ( 5573 ) : (( صدوق ، تغير لمَّا كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدَّث به )) . وانظر: تهذيب الكمال 6/133 (5492)، لذا قال الهيثمي في المجمع 3 / 216 بعد أن نسبه إلى البزار والطبراني في الأوسط : (( وفيه قيس بن ربيع ، وثَّقه شعبة والثوري ، وفيه كلام )) ، وقال في 8 / 109 بعد نسبته إلى أبي يعلى : (( وفيه الحسين بن علي ابن الأسود وقيس بن الربيع ، وقد وثِّقا وفيهما ضعف )) .
فمن هذا يتبين أن المحفوظ رواية أحمد بن عبدة ، عن الزهري مرسلاً ، ولذا قال الإمام الترمذي في علله الكبير (706): (( سألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال: أنا لا أكتب حديث قيس بن الربيع ، ولا أروي عنه )) . وضعَّف إسناده البيهقي في الكبرى 6 / 122 . وبهذا يظهر خطأ العلامة محدث الشام الشيخ ناصر الدين الألباني – رحمه الله – بتصحيحه الحديث في صحيح الجامع (228)، وفي الصحيحة ( 1130 ) .

وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفاً عليه، أخرجه البيهقي في الكبرى 6/121–122. وبه يتقوَّى القول بضعف رواية من وصله مرفوعاً ، والله أعلم .


س : لماذا يسوق ابن حبان بعض الرواة في التابعين ثم يسوقهم في الصحابة ، وما هو القول الفصل في محمود بن لبيد وهل هو صحابي أم تابعي ؟
ج : ابن حبان يكرر الراوي في التابعين وفي الصحابة إذا كان هذا الراوي مختلفاً في صحبته ، أما محمود بن لبيد ترجمه البخاري في تاريخه الكبير 7 / 402 الترجمة ( 1762 ) وساق له خبراً مفاده أن له صحبة فقال: (( قال لنا أبو نعيم عن عبد الرحمن بن الغسيل ، عن عاصم بن عمر ، عن محمود بن لبيد، قال : أسرع النبيُّ حتى تقطَّعت نعالنا يوم مات سعد بن معاذ )) .
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/289 الترجمة ( 1329 ) : (( قال البخاري : له صحبة ، فخط أبي عليه ، وقال : لا تعرف له صحبة )) .
وقد أثبت صحبته الترمذي في الجامع 3 / 560 عقيب ( 2036 م ) فقال : (( ومحمود بن لبيد قد أدركَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، ورآهُ وهو غلامٌ صغيرٌ )) .
وكذا فعل ابن عبد البرِّ حيث رجَّحَ قول البخاري في الاستيعاب 3/423، وقالَ ابن حجر في التقريب (6517 ) : (( صحابيٌّ صغير )) . وعدَّهُ تابعياً أبو حاتم وأبو زرعة الجرح 8/289 الترجمة (1329) .
والعجلي في ثقاته 2/266 ، قال: (( مدني تابعي ثقة )) ، ويعقوب بن سفيان. المعرفة والتاريخ 1/356 لذا قالَ الذهبي في تجريد أسماء الصحابة ( 2 / 63 الترجمة 687 ) : (( في صحبته خُلْفٌ )) .
أقول : ذكر ابن عبد البر في استيعابه 3 / 224 : أن ابن لبيد أسنُّ من ابن الربيع ، فإذا عُدَّ ابن الربيع صحابياً ، فابن لبيد أولى بالعدِّ ، والله أعلم .

ما هي واجبات المحقق ؟
واجبات وضوابط المحقق
1- تخريج الآيات ، يكتب اسم السورة ، ثم نقطتان ، ثم رقم الآية . هكذا البقرة : 43 .
2- تخريج الأحاديث من الكتب المسندة .
3- التخريج يرتب على حسب الوفيات .
4- صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، تكتب لهما الجزء والصفحة ورقم الحديث . للطبعات المشهورة .
5- الجزء والصفحة للكتب التي لم ترقم أحاديثها ورقم الحديث فقط للكتب التي رقمت أحاديثها ، أما إذا كان الكتاب مجلداً واحداً ولم ترقم أحاديثه فكتب نقطتان قبل رقم الصفحة . هكذا : 571 .
6- عند التخريج يستفاد من الكتب التي تجمع أسانيد كتب متعددة . مثل تحفة الأشراف ، وجامع المسانيد ، وإتحاف المهرة ، والمطالب العالية والمسند الجامع . وكذلك يستأنس بجامع الأصول ، وموسوعة أطراف الحديث ، والكتب المحققة المخرجة .
7- الاعتناء بعلامات التفريز .
8- كتب التخريج القديمة يستفاد منها كثيراً عند تخريجنا للأحاديث . مثل نصب الراية للزيلعي ، والتلخيص الحبير ، وتخريج أحاديث الإحياء ، وتحفة المحتاج ، وتخريج أحاديث الكشاف .
9- للتخريج خمس طرق :
الطريقة الأولى : عن معرفة راوي الحديث من الصحابة ، وهذه الطريقة نرجع إليها حينما نعرف اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث . وعند تخريجنا لهذه الطريقة نستفيد من مجموعة من الكتب وهي : المسانيد ، والمسانيد هي الكتب التي تجمع أحاديث مسند كل صحابي على حدة . مثل مسند أحمد والحميدي ، والطيالسي ، وأبي يعلى . وكذلك المعاجم مثل معاجم الطبراني الثلاثة . فهي أيضاً على المسانيد إلا إن مسانيد الصحابة رتبت على حروف المعاجم . وكذلك كتب الأطراف مثل تحفة الأشراف ، وإتحاف المهرة .
الطريقة الثانية : فهي على طريقة معرفة أول لفظ من متن الحديث . وهذه طريقة نلجأ إليه حينما نعرف أول متن الحديث . وأفضل كتاب لهذه الطريقة هو كتاب موسوعة أطراف الحديث . وكذلك فيها فهارس الكتب المطبوعة حديثاً . وهناك كثير من الكتب ألفت مرتبة على الفهارس المعجمية مثل صحيح الجامع الصغير ، وضعيف الجامع الصغير ، والمقاصد الحسنة . وكشف الخفاء .
أما الطريقة الثالثة : فهي عن طريق معرفة كلمة مشتقة من فعل ثلاثي . مثل
(( إنما الأعمال بالنيات )) فالأعمال أصلها (( عمل )) والنيات أصلها (( نوى )) ونستعين على هذه الطريقة بفهارس صحيح مسلم للمرصفي . والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث لونسك . ولمسند أبي يعلى لحسين سليم أسد فهرس في مجلدين .
أما الطريقة الرابعة : فهي عن طريق معرفة موضوع الحديث . وهو أن نبحث عن الحديث في بابه الفقهي . ونلجأ إليها بالكتب المؤلفة على هذه الطريقة . مثل الجوامع والمستخرجات والمستدركات والسنن . وأحسن شيئ لهذه الطريقة . الرجوع لكتب شملت عدة كتب . مثل جامع الأصول ، ومجمع الزوائد والمطالب العالية .
أما الطريقة الخامسة : فهي النظر إلى نوع الحديث فإذا كان الحديث مرسلاً . بحثنا عنه في كتب المراسيل . وإذا كان متواتراً بحثنا عنه في الكتب التي ألفت في المتواتر . وإذا كان الحديث ضعيفاً نبحث عنه في الكتب المتخصصة في ذلك . مثل السلسلة الضعيفة . وإذا كان مشتهراً على السنة الناس نبحث عنه في المقاصد الحسنة وكشف الخفاء . وإذا كان الحديث من أحاديث الأحكام نبحث عنه في الكتب التي تعتني في هذا . مثل إرواء الغليل والتلخيص الحبير . و نصب الراية . وإذا كان الحديث من أحاديث التفسير يبحث عنه في كتب التفاسير المسندة مثل تفسير الطبري ، وابن أبي حاتم ، والبغوي ، وكتب الواحدي .
فعلى المخرج أن يخرج على إحدى هذه الطرق حسب الحال .
10 – عند تخريج الحديث يحكم على الأحاديث ؛ لأنا لا نستطيع أن نعمل بالحديث حتى نعرف صلاحيته من عدمها ونحن نبحث عن حكم المتقدمين فإذا كان الحديث في الصحيحين ، أو في واحد منهما ، فهو صحيح . وما دون ذلك يبحث عن أقوال أهل العلم في تصحيح الأحاديث وتعليلها . من ذلك كتب العلل . وكتب التخريج القديمة . وبعض الكتب التي شملت أحكاماً مثل جامع الترمذي ، وسنن الدارقطني . أما إذا لم نجد لأهل العلم تصحيحاً ولا تضعيفاً في ذلك الحديث المبحوث عنه . فنعمل قواعد الجرح والتعديل وقواعد المصطلح . وهو أمر صعب . نحن نعلم أن شروط صحة الحديث الاتصال ، والعدالة والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة . فإذا تخلف شرط من هذه الشروط عن الحديث فالحديث ضعيف . والشروط الثلاثة الأولى تكون في الإسناد ونستطيع أن نبحث عنها بمراجعة كتب الرجال . أما الشرطان الأخيران فهما يحتاجان إلى الحفظ . ولمعرفة عدالة الراوي وضبطهم نستفيد أكثر شيئ من تهذيب الكمال ، وميزان الاعتدال ، والتقريب ، وغيرها من كتب الرجال .
والحكم على الأسانيد على النحو الآتي :
أولاً : إسناده صحيح ، إذا كان السند متصلاً بالرواة الثقات ، أو فيه من هو صدوق حسن الحديث وقد توبع ، فهو يشمل السند الصحيح لذاته والسند الصحيح لغيره .
ثانياً : إسناده حسن إذا كان في السند من هو أدني من رتبة الثقة وهو الصدوق الحسن الحديث ولم يتابع ، أو كان فيه (( الضعيف المعتبربه )) أو (( المقبول )) أو (( اللين الحديث ))أو (( السيئ الحفظ )) ومن وصف بأنه (( ليس بالقوي )) أو (( يكتب حديثه وإن كان فيه ضعف )) ، إذا تابعه من هو بدرجته أو أعلى منـزلة منه ، فهو يشمل السند الحسن لذاته والحسن لغيره .
ثالثاً : إسناده ضعيف إذا كان في السند من وصف بالضعف ، أو نحوه ويدخل فيه : المنقطع ، والمعضل ، والمرسل ، والمدلس رابعاً .
رابعا إسناده ضعيف جداً ، إذا كان في السند أحد المتروكين أو من اتهم بالكذب.
11- من أول واجبات المحقق ، رجوعه إلى النسخ الخطية العتيقة ، وإلى الكتب المساعدة مثل موارد صاحب المخطوط ، ومن استقى منه .
12 – الاعتناء بشرح ما لا بد من شرحه من غريب أو غيره .
13- ضبط الأسماء المشكلة بالحروف بالهامش مع شكلها بالشكل في المتن .
14- التخريج يكون بجمع الموارد على الصحابي أو تفصيله عند الحاجة .
15- تخريج النقولات عن العلماء من الكتب القديمة .
16- تتبع المذاهب سواء كانت لغوية أم فقهية أم غيرها وتوثيقها من المصادر التي تعنى بها .
17- ترجمه بعض المهملين الذين يرد ذكرهم بترجمة بسيطة .
18 – التعليق على المواطن التي يحتاج فيها إلى التعليق .
19- ينبغي وضع خطة خاصة عند تحقيق أي كتاب .
20- عند التحقيق يجب السير على منهج واحد . والإشارة إليه قبل بدأ العمل .
21- ينبغي شكل ما يشكل .
22- لا بد في التخريج من ذكر الصحابي .
23- عند تخريج أحاديث من في حفظه شيء ، يرجع إلى الكامل والضعفاء للعقيلي والميزان واللسان خشية أن تكون هذه الأحاديث مما أنكرت عليهم.
24- لا بد من معرفة مناهج المخطوطات عند تحقيق أي مخطوطة .
25- يستعان في ضبط المدن في معجم البلدان ، ومراصد الاصطلاح .
26- ويستفاد في ضبط الأنساب في كتاب الأنساب للسمعاني أو اللباب لابن الأثير .
27- ينبغي صنع الفهارس لأي كتاب يحقق . والمنهج السديد لصنع الفهارس فيما يأتي :
أ : اعتبار المدة ( آ ) أول حرف
ب : عدم التفريق بين ( أن ) و ( أنّ ) و ( إن ) وكذلك بين ( أما ) ( أمّا ) ( إمّا ) ، أي : لا يعتد بحركة الهمزة ، ولا تخفيف النون ، والميم ، وتشديدها .
ج : عدم التفريق بين همزة الوصل والقطع ، وعد الهمزة التي كتبت على الواو، والألف همزة .
ء : عدم الاعتداد ب‍ـ (( أل )) التعريف في الترتيب ، ويستثنى من ذلك لفظ الجلالة ولفظ اسم الموصول ، فتعدُ همزتها همزة أصلية .
ذ : عدم الاعتداد بجملة (( صلى الله عليه وسلم )) .
ه‍ : عد الألف المقصورة ياءً في الترتب فتجئ (( صلّى )) مثلاً بعد (( صلوا )) .
ف : عد (( لا ))حرفاً مستقلاً . وضع بين الواو والياء .

ما هو تخريج حديث : (( مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتعمِّداً -ليُضِلَّ بهِ الناسَ- فلْيَتبوَّأْ مَقْعدَهُ من النارِ )) ؟

الجواب : هذا الحديث بهذه الزيادة منكر لا يصحّ ؛ وهو معلول بـ ( يونس بن بُكير ) ؛ فقد ضعّفه أبو داود والنسائي ، وهو ليس ممن يحتمل تفرّده في مثل هذا المقام ، وفيه من هذا الوجه ثلاث علل :
الأولى : تفرّده بهذه اللفظة المنكرة ، وهي تخالف أصل الحديث المتواتر الذي رواه أكثر من ستين صحابياً بدونها .
الثانية : أنّه معلول بالإرسال، فقد أخرجه البزار(كشف الأستار 209)، والطحاوي في شرح المشكل (418)، وابن عدي في الكامل (1/20) ، وابن الجوزي في الموضوعات (1/97) من طريق يونس بن بكير، عن الأعمش، عن طلحة بن مُصرّف ، عن عمرو بن شرحبيل ، عن ابن مسعود، به ، موصولاً .
وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل(419) من طريق أبي معاوية الضرير محمد بن خازم ، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي عمار ، عن عمرو بن شرحبيل ، به ، مرسلاً ليس فيه ابن مسعود .
الثالثة : أنه معلول بالانقطاع ؛ فإن طلحة بن مصرف لم يدرك عمرو بن شرحبيل كما نص عليه الطحاوي ( 1 / 371 ) .
وقال الطحاوي ( 1 / 371 ) : (( هذا حديث منكر )) ، وقال ابن عدي في الكامل ( 1 / 20 ) :
(( هذا الحديث اختلفوا فيه على طلحة بن مصرف )) ، وقال ابن حجر في نكته ( 2 / 855 ) : (( اتفق أئمة الحديث على أنّها زيادة ضعيفة )) . ومن عجبٍ أن الهيثمي لما أورده في " كشف الأستار "
( 1 / 114 حديث 209 ) قال : (( قلت : أخرجته لقوله : (( ليضلّ به الناس )) . لكنه لم يتنبّه إلى شيء من علل الحديث في المجمع ( 1 / 144 ) فقال : (( رجاله رجال الصحيح )) ، ومعلوم أنّ إطلاق الهيثمي هذا لا يستفاد منه صحة المتن ، فكلامه هذا لا يجامع الصحة ، فإنّ شروط الصحة عدالة الرواة وضبطهم والسلامة من الانقطاع والعلة وكثيراً ما يغترُّ بعضُ مَنْ ينتحلُ العلمَ بمثل قول الهيثمي هذا فيقع في الخطأ .

هل العلة تطلق فقط على الامر الخفي ؟
إنّ إطلاق العلة على الأمر الخفي القادح : قيد أغلبي ، لأنا وجدنا كثيراً من الأقوال عن العلماء الجهابذة الفهماء إطلاق لفظ العلة على غير الخفي ، وقد وجدنا في " علل الحديث " لابن أبي حاتم مائتين وسبعة وأربعين حديثاً أعلّت بالجرح الظاهر . ( انظر أرقامها في أثر علل الحديث : 15 - 16 ) ، وانظر إلى قول الحافظ ابن حجر حين قال : (( العلّة أعمّ من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة )) ( النكت 2 / 771 ) وقال : (( إنّ الضعف في الراوي علّة في الخبر والانقطاع في الإسناد علة الخبر ، وعنعنة المدلس علة في الخبر وجهالة حال الراوي علة في الخبر )) ( النكت 1 / 407 ) وفي حوار لنا مع شيخنا العلاّمة الدكتور هاشم جميل تنبهنا إلى أمر آخر ، وهو أنّ المحدّثين إذا تكلّموا على العلة باعتبار أن خلو الحديث منها يعدّ قيّداً لابدّ منه لتعريف الحديث الصحيح . فإنّهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاصّ ، وهو : السبب الخفي القادح . وإذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام فإنّهم في الحالة يطلقون العلة ويريدون بها : السبب الذي يعلّ الحديث به : سواء أكان خفياً أم ظاهراً قادحاً أم غير قادح . وهذا توجد له نظائر عند المحدّثين ، منها : المنقطع : فهو بالمعنى الخاص : ما حصل في إسناده انقطاع في موضع أو في أكثر من موضع لا على التوالي .
وهذا المصطلح نفسه يستعمله المحدّثون أيضاً استعمالاً عاماً فيريدون : كلّ ما حصل فيه انقطاع في أيّ موضع في السند كان ، فيشمل المعلق ، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أول السند ، والمرسل ، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في آخر السند والمعضل ، وهو : الذي حصل فيه انقطاع في أثناء السند باثنين فأكثر على التوالي . ويشمل أيضاً المنقطع بالمعنى الخاص الذي ذكرناه .
وهكذا نرى أنّ مصطلح المنقطع يستعمله المحدّثون استعمالاً خاصاً في المنقطع الاصطلاحي ، ويستعملونه استعمالاً عاماً في كلّ ما حصل فيه انقطاع فيشمل المنقطع الاصطلاحي، والمعلق ، والمرسل ، والمعضل ، وعلى هذا المنوال جرى استعمالهم لمصطلح العلّة ، فهم يستعملونه بالمعنى الاصطلاحي الخاص ، وهو : السبب الخفي القادح ، ويستعملونه استعمالاً عاماً ، ويريدون به : كل ما يعلّ الحديث به فيشمل العلة بالمعنى الاصطلاحي ، والعلة الظاهرة ، والعلة غير القادحة )) . وانظر : أثر علل الحديث : 17 - 18 .

هل العلة تكون فقط بالمتن ؟
العلّة تكون أحياناً في الإسناد ، وتكون أحياناً في المتن ، فإذا وقعت العلة في الإسناد : فأما أنْ تقدح في السند فقط أو فيه وفي المتن أو لا تقدح مطلقاً . وهكذا إذا وقعت العلة في المتن ، فعلى هذا يكون للعلة خمسة أقسام نشير إليها فيما يأتي :
1 – تقع العلة في الإسناد ولا تقدح مطلقاً .
مثاله : ما رواه المدلّس بالعنعنة ، فهذا يوجب التوقف عن قبوله ، فإذا وجد من طريق آخر قد صرّح فيها بالسماع تبين أنّ العلة غير قادحة . النكت 2 / 747 ، ومقدمة علل الدارقطني 1 / 40 ، ومقدمة البحر الزخار 1 / 19 .
2 – تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه دون المتن
مثاله : ما رواه يَعْلَى بن عُبيد الطَّنَافسي ، عن الثوري ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي  : (( البيِّعان بالخيار )) . ( انظر تفصيل الروايات في جامع الأصول 1 / 574 حديث 407 ، والتلخيص الحبير 3 / 23 ، ومسند أبي يعلى 10 / 192 – 193 ، وإتحاف المهرة 8 / 528 حديث 9890 ، والمسند الجامع 10 / 439 حديث 7730 ) . فغلط يعلى في قوله : عمرو بن دينار ، إنّما هو عبد الله بن دينار كما رواه الأئمة المتقنون من أصحاب سفيان الثوري مثل : الفضل بن دكين ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، ومخلد بن يزيد ، وغيرهم . علوم الحديث لابن الصلاح : 82 – 83 ، وتدريب الراوي 1 / 254 ، ومقدمة علل الدارقطني 1 / 40 ، ومقدمة البحر الزخار 1 / 19 .
3 – تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه وفي المتن معاً
وذلك كأنّ يوجد في الحديث إرسال أو وقف ، أو إبدال راوٍ ضعيف براوٍ ثقة .
مثال ذلك : ما وقع لأبي أسامة – حماد بن أسامة الكوفي ، وهو ثقة ( تقريب التهذيب 1487 ) – في روايته عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر – وهو من ثقات الشاميين ( تقريب التهذيب 4041 ) – قدم عبد الرحمن الكوفة فكتب عنه أهلها، ولم يسمع منه أبو أسامة، ثم قدم بعد ذلك الكوفة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم – وهو من ضعفاء الشاميين ( تقريب التهذيب 4040 ) – فسمع منه أبو أسامة ، وسأله عن اسمه فقال : عبد الرحمن بن يزيد ، فظن أبو أسامة أنّه ابن جابر فصار يحدث عنه وينسبه من قبل نفسه فيقول : حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، فوقعت المناكير في رواية أبي أسامة عن ابن جابر ، ولم يفطن إلا أهل النقد فيميزوا ذلك ونصّوا عليه كالبخاري ، وأبي حاتم ، وغير واحد . النكت 2/748 ، وتوضيح الأفكار 2/32 ، ومقدمة علل الدارقطني 1/41 ، ومقدمة البحر الزخار 1/19 .
4 - تقع العلة في المتن ولا تقدح فيه ولا في الإسناد
مثاله : كلّ ما وقع من اختلاف ألفاظ كثيرة من أحاديث الصحيحين إذا أمكن الجمع رد الجميع إلى معنى واحد فإن القدح ينتفي عنهما . النكت 2 / 748 ، وتوضيح الأفكار 2 / 32 ، ومقدمة علل الدارقطني 1 / 41 ، ومقدمة البحر الزخار 1 / 19 .
5 – تقع العلة في المتن وتقدح فيه دون الإسناد
مثاله: ما انفرد مسلم (صحيحه 2/12 رقم 399) بإخراجه في حديث أنس  من اللفظ المصرّح بنفي قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم)، فعلّل قومٌ روايةَ اللفظ المذكور لمّا رأو الأكثرين إنّما قالوا فيه: (( فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين )) من غير تعرّض لذكر البسملة وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه (صحيح البخاري 1/189 رقم 743 ، وصحيح مسلم 2/12 رقم 399) .
ورأوا أنّ من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له ففهم من قوله : (( كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين )) أنّهم كانوا لا يبسملون فرواه على فهم وأخطأ فيه ؛ لأنّ معناه أنّ السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة ، وليس فيها تعرض لذكر البسملة . علوم الحديث : 83 ، والنكت 2/748 ، والباعث الحثيث: 67 ، ومقدمة علل الدارقطني 1/42 ، ومقدمة البحر الزخار 1/20 .

ما هو القول الفصل في زيادة الثقة ؟
زيادة الثقة من القضايا التي كَثُرَ الخلافُ فيها واتّسع النقاش لها ، وهي من القضايا الخفية المهمة في علل الحديث ، بل إنّ العمود الفقري لعلم العلل هو الزيادة من الرواة الثقات ، وقد عُرِّفت زيادة الثقة : بأنّها ما انفرد به الراوي من زيادة – في المتن أو في السند – عن بقيّة الرواة عن شيخ لهم ( اختصار علوم الحديث : 61 ) وصوّرها ابن رجب ( شرح العلل 2 / 635 ) : (( أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد ومتن واحد ، فيزيد بعض الرواة فيه زيادة ، لم يذكرها بقية الرواة )) .
فالزيادة فنٌّ عظيم من فنون الحديث ، ومرجعه إلى الاختلاف بالروايات ، ومن الطبيعي أنْ يختلف الرواة في بعض الأحيان سنداً أو متناً ولا غرابة في ذلك . إذ يبعد عادة أن يكون الجميع في مستوى واحد من الاهتمام والتيقظ والتثبت والدقة والضبط منذ تلقي الأحاديث من أصحابها إلى حين أدائها ؛ لأن المواهب متفاوتة فمنهم من بلغ أوج مراتب الثقات ، ومنهم من هو أدنى هذه المراتب ، ومنهم من هو بين الحدين ، وهذا الفريق على درجات متفاوتة ، وهؤلاء الثقات كثيراً ما يشتركون في سماع الحديث من شيخ لهم ، فإذا حدّثوا به بعد مدّة من الزمن في جملة من الأحاديث المسموعة من مصادر شتى فإن مدى الاتفاق بينهم والاختلاف يتوقف على مقدار تيقظهم واهتمامهم ومذاكرتهم ودقتهم وحفظهم ، وبما أنّهم مختلفون في ذلك فإنهم قد يختلفون في أداء الرواية ، والزيادة لون من ألوان الاختلاف . والذي ينظر في صنيع الأئمة السابقين والمختصين في هذا الشأن يراهم لا يقبلونها مطلقاً ولا يردونها مطلقاً بل مرجع ذلك إلى القرائن والترجيح فتقبل تارة وتردّ أخرى ، ويتوقف فيها أحياناً . وهذا هو الرأي المختار المتوسط الذي هو بين القبول والردِّ فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بها حسب ما يبدو للناقد العارف بعلل الحديث وأسانيدها وأحوال الرواة بعد النظر في ذلك ، أما الجزم بوجه من الوجوه من غير نظر إلى عمل النقاد فذلك فيه مجازفة . وانظر بلابد ( أثر علل الحديث ص 254 – 280 ) .

هل إن مراسيل سعيد بن المسيب مقبولة ؟
قال الإمام النوويّ : (( اشتهر عند فقهاء أصحابنا أنّ مرسل سعيد بن المسيّب حجّة عند الشافعيّ ، حتى أنّ كثيراً منهم لا يعرفون غير ذلك ، وليس الأمر على ذلك ، وإنّما قال الشافعي – رحمه الله – في مختصر المُزني : وإرسال سعيد بن المسيب عندنا حَسَنٌ ، فذكر صاحب المهذب وغيره من أصحابنا في أصول الفقه في معنى كلامه وجهين لأصحابه .
منهم من قال : مراسيله حجة لأنّها فتشت فوجدت مسانيد .
ومنهم من قال : ليست بحجة عنده بل هي كغيرها على ما نذكره ، وإنّما رجّح الشافعي به ، والترجيح بالمرسل صحيح . وحكى الخطيب أبو بكر هذين الوجهين لأصحاب الشافعي ، ثم قال : الصحيح من القولين عندنا الثاني ؛ لأنّ في مراسيل سعيد ما لم يوجد مسنداً بحال من وجهٍ يصحّ ، وقد جعل الشافعي لمراسيل كبار التابعين مزية على غيرهم كما استحسن مرسل سعيد .
وروى البيهقي في مناقبه بإسناده عن الشافعي كلاماً طويلاً ، حاصله : أنّه يقبل مرسل التابعي إذا أسنده حافظ غيره أو أرسله من أخذ عن غير رجال الأول أو كان يوافق قول بعض الصحابة ، أو أفتى عوام أهل العلم بمعناه .
ثم قال البيهقي : فالشافعي يقبل مراسيل كبار التابعين إذا انضم إليها ما يؤكدها ، فإن لم ينضم إليها ما يؤكدها لم يقبلها ، سواء كان مرسل ابن المسيب أو غيره . قال : وقد ذكرنا مراسيل لابن المسيب لم يقل بها الشافعي حين لم ينضم إليها ما يؤكدها ، ومراسيل لغيره قال بها حين انضم إليها ما يؤكدها .
قال : وزيادة ابن المسيب على غيره في هذا أنّه أصحّ التابعين إرسالاً فيما زعم الحفّاظ فهذا كلام الخطيب والبيهقي وإليهما المنتهى في التحقيق ومحلهما من العلم . بنصوص الشافعي ومذهبه وطريقته معروف . وأما قول الإمام أبي بكر القفال المروزي في أول شرح التلخيص : قال الشافعي في الرهن الصغير : مرسل ابن المسيب عندنا حجة . فهو محمول على ما ذكره البيهقي والخطيب )) . انتهى كلام الإمام النووي .
ولكن ! اعترض عليه العلائي في " جامع التحصيل " على قوله بالتسوية بين مراسيل سعيد بن المسيب ومراسيل غيره، وتكلّم بكلام نفيس ، لا يسع المقال لنقله هنا ، فراجعه تجد فائدة –إن شاء الله تعالى- . ينظر : الكفاية : ( 571 – 572 ت 404 – 405 ه‍ ) ، ومناقب الشافعي 2 / 31 ، ومختصر المزني 8/78 في آخر كتاب الأم للشافعي ، وإرشاد طلاب الحقائق 1 / 175 – 178 ، وتهذيب الأسماء واللغات 1 / 221 ، وجامع التحصيل : 46 .
ما هو القول الفصل في تعريف الحديث الحسن ؟
الحديث الحسن: وسطٌ بين الصحيح والضعيف، قال ابن القطّان في " بيان الوهم والإيهام " (1118): (( الحسن معناه الذي له حال بين حالي الصحيح والضعيف وبنحوه قال عقيب ( 1173 ) . وقال عقيب ( 1432 ) : (( ونعني بالحسن : ما له من الحديث منْزلة بين منْزلتي الصحيح والضعيف ، ويكون الحديث حسناً هكذا ؛ إما بأن يكون أحد رواته مختلفاً فيه ، وثقّه قوم وضعّفه آخرون ، ولا يكون ما ضعّف به جرحاً مفسراً ، فإنّه إن كان مفسراً قدّم على توثيق من وثّقه ، فصار به الحديث ضعيفاً )) ؛ ولما كان كذلك عَسُر على أهل العلم تعريفه .
قال الحافظ ابن كثير : (( وذلك لأنّه أمر نسبيٌ ، شيءٌ ينقدح عند الحافظ ، ربّما تقصر عبارته عنه )) (اختصار علوم الحديث : 37) .
وقال ابن دقيق العيد : (( وفي تحرير معناه اضطرابٌ )) . ( الاقتراح : 162 ) .
وذلك لأنّه من أدق علوم الحديث وأصعبها ؛ لأنّ مداره على من اخُتلف فيه ، وَمَن وهم في بعض ما يروي . فلا يتمكن كل ناقدٍ من التوفيق بين أقوال المتقدّمين أو ترجيح قولٍ على قولٍ إلا من رزقه الله علماً واسعاً بأحوال وقواعد هذا الفن ومعرفةٍ قوية بعلم الجرح والتعديل ، وأمعن في النظر في كتب العلل ، ومارس النقد والتخريج والتعليل عمراً طويلاً ، ومارس كتب الجهابذة النقاد حتى اختلط بلحمه ودمه ، وعرف المتشددين والمتساهلين من المتكلمين في الرجال ، ومن هم وسطٌ في ذلك ؛ كي لا يقع فيما لا تحمد عقباه ؛ ولذلك قال الحافظ الذهبي : (( ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدةً تندرج كل الأحاديث الحسان فيها ؛ فأنا على إياسٍ من ذلك ، فكم من حديثٍ تردد فيه الحفاظ هل هو حسنٌ أو ضعيفٌ أو صحيحٌ ؟ )) . ( الموقظة : 28 ) .
وللحافظ ابن حجر محاولةٌ جيّدةٌ في وضعه تحت قاعدة كليةٍ فقد قال في النخبة : (( وخبر الآحاد بنقل عدلٍ تامّ الضبط ، متصل السند غير معللٍ ولا شاذٍ : هو الصحيح لذاته … فإن خفّ الضبط ، فالحسن لذاته )) . ( النخبة 29 ، 34 ) .
وهي محاولةٌ جيدةٌ . وقد مشى أهل المصطلح على هذا من بعده . وحدّوا الحسن لذاته : بأنه ما اتصل سنده بنقل عدلٍ خف ضبطه من غير شذوذٍ ولا علةٍ )) . وشرط الحسن لذاته نفس شرط الصحيح ، إلا أنّ راوي الصحيح تامّ الضبط ، وراوي الحسن لذاته خفيف الضبط . وسمّي حسناً لذاته ؛ لأنّ حسنه ناشئ عن توافر شروط خاصّة فيه ، لا نتيجة شيء خارج عنه .
وقد تبين لنا : أنَّ راوي الحسن لذاته هو الراوي الوسط الذي روى جملة من الأحاديث ، فأخطأ في بعض ما روى ، وتوبع على أكثر ما رواه ؛ فراوي الحسن : الأصل في روايته المتابعة والمخالفة وهو الذي يطلق عليه الصدوق ، لأنّ الصدوق هو الذي يهم بعض الشيء فنـزل من رتبة الثقة إلى رتبة الصدوق . فما أخطأ فيه وخولف فيه فهو من ضعيف حديثه ، وما توبع عليه ووافقه من هو بمرتبته أو أعلى فهو من صحيح حديثه . أما التي لم نجد لها متابعة ولا شاهداً فهي التي تسمّى بـ ( الحسان ) ؛ لأنّا لا ندري أأخطأ فيها أم حفظها لعدم وجود المتابع والمخالف ؟
وقد احتفظنا بهذه الأحاديث التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً وسمّيناها حساناً ؛ لحسن ظننا بالرواة ؛ ولأنّ الأصل في رواية الراوي عدم الخطأ ، والخطأ طارئٌ ؛ ولأنّ الصدوق هو الذي أكثر ما يرويه مما يتابع عليه . فجعلنا ما تفرد به من ضمن ما لم يخطأ فيه تجوزاً ؛ لأنَّ ذلك هو غالب حديثه ، ولاحتياجنا إليه في الفقه . وبمعنى هذا قول الخطّابي : (( … وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء )) . ولا بأس أن نحد ذلك بنسبة مئوية فكأنّ راوي الحسن من روى – مثلاً لا حصراً – مائتي حديث ، فأخطأ في عشرين حديثاً وتوبع في ثمانين . فالعشرون التي أخطأ فيها من ضعيف حديثه . والثمانون التي توبع عليها من صحيح حديثه . أما المائة الأخرى وهي التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً فهي من قبيل
( الحسن ) . ومن حاله كهذا : عاصم بن أبي النجود ، فقد روى جملة كثيرة من الأحاديث فأخطأ في بعض وتوبع على الأكثر فما وجدنا له به متابعاً فهو صحيح ، وما وجدنا له به مخالفاً أوثق منه عدداً أو حفظاً فهو من ضعيف حديثه. وما لم نجد له متابعاً ولا مخالفاً فهو (حسن) خلا روايته عن أبي وائل، وزر بن حبيش . وانظر : كتابنا كشف الإيهام الترجمة ( 328 ) . وممن حاله كحال عاصم : (( عبيدة بن حميد الكوفي ، وسليمان بن عتبة وأيوب ابن هانئ ، وداود بن بكر بن أبي الفرات ، ومحمد بن عمرو بن علقمة، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، ويونس بن أبي إسحاق ، وسماك بن حرب )).
وهذا الرأي وإن كان بنحو ما انتهى إليه الحافظ ابن حجر العسقلاني إلا أننا لم نجد من فصّله هكذا . وهو جدير بالقبول والتداول بين أهل العلم . وقد يتساءل إنسانٌ بأن من قيل فيهم : صدوق أو حسن الحديث قد اختلف المتقدمون في الحكم عليهم تجريحاً وتعديلاً . وجواب ذلك : أنّ الأئمة النقاد قد اطّلعوا على ما أخطأ فيه الراوي وما توبع عليه فكأنَّ المُجَرِّح رأى أن ما خولف فيه الراوي هو الغالب من حديثه ، والمُعَدِّل كذلك رأى أن ما توبع عليه هو غالب حديثه فحكم كلٌّ بما رآه غالباً ، غير أنا نعلم أنَّ فيهم متشددين يغمز الراوي بالجرح وإن كان خطؤه قليلاً ، ومنهم متساهلين لا يبالي بكثرة الخطأ ، وعند ذلك يؤخذ بقول المتوسطين المعتدلين .
ولذا نجد الحافظ ابن عدي في الكامل ، والإمام الذهبي في الميزان يسوقان أحياناً ما أنكر على الراوي الوسط ثم يحكمان بحسن رواياته الأخرى . والله أعلم .


هل حديث : (( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )) متواتر ؟
نعم وقد ورد عن عدّة من الصحابة – رضي الله عنهم - ، منهم :
جابر بن عبد الله ، عند أحمد ( 3 / 280 ) ، والدارمي ( 237 ) ، وابن ماجه ( 33 ) .
وخالد بن عرفطة ، عند أحمد ( 5 / 292 ) .
وزيد بن أرقم ، عند أحمد ( 4 / 366 ) .
وأبو سعيد الخدري ، عند أحمد ( 3 / 12 و 21 و 39 و 44 و 46 و 56 ) ومسلم ( 8 / 229 عقيب 3004 ) .
وسلمة بن الأكوع ، عند أحمد ( 4 / 47 و 50 ) ، والبخاري ( 1 / 38 عقيب 109 ) .
وابن عبّاس ، عند أحمد ( 1/233 و 269 ) ، والدارمي (238) ، والترمذي (2950) و (2951) .
وعبد الله بن عمرو ، عند أحمد ( 2 / 171 ) .
وابن مسعود ، عند أحمد ( 1 / 402 و 405 و 454 ) ، والترمذي ( 2659 ) .
وعقبة بن عامر ، عند أحمد ( 4 / 156 ) .
وعلي بن أبي طالب ، عند أحمد ( 1 / 130 ) .
ومعاوية بن أبي سفيان ، عند أحمد ( 4 / 100 ) .
ويعلى بن مرّة ، عند الدارمي ( 240 ) .
والمغيرة بن شعبة عند البخاري ( 2 / 102 ) ، ومسلم ( 1 / 10 عقيب 4 ) .
وأبو هريرة ، عند أحمد ( 2 / 413 ) ، والدارمي ( 599 ) ، والبخاري ( 1 / 38 و 7 / 54 ) ، ومسلم ( 1 / 8 حديث 3 ) .
وقد رواها جميعها ، ابن الجوزي في تقدمة الموضوعات ( 1 / 55 – 93 ) وبسط الكلام في تخريجها اللكنوي في الآثار المرفوعة : 21 – 36 .

ماهو القول الفصل في حماد بن سلمة ؟

حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة له أوهام . قال أحمد : هو أعلم الناس بحديث خاله حميد الطويل . وقال ابن معين : هو أعلم الناس بثابت – يعني : ثابت البُناني – ( الميزان 1 / 590 وما بعدها ، تهذيب التهذيب 3 / 11 وما بعدها ) . وقال الحافظ في التقريب : (( ثقة عابد ، أثبت الناس في ثابت ، تغير حفظه بأخرة )) ( التقريب 1499 ) .
إذن : فحمّاد بن سلمة في أول أمره ثقة له أوهام ، وهذا التعبير يشير إلى خفة في الضبط ، لكن خفة الضبط تنجبر بطول الملازمة للشيخ وشدة العناية بحديثه . وحماد – كما ذكرنا – كثير الملازمة لثابت البناني ، شديد العناية بحديثه ، إذن : فما حدّث به حماد قبل اختلاطه ، عن ثابت يعدّ من الحديث الصحيح . وحديثه عن غيره من قبيل الحسن ، ثم تغير حماد لما كبر فساء حفظه ، فكان حديثه في هذه المرحلة ضعيفاً . إذا عرفنا هذا : لننظر ماذا فعل الشيخان بحديث حماد بن سلمة : أما البخاري : فقد أخرج له في التاريخ ، لكن ترك الحديث عنه في الصحيح . وأما مسلم : فقد غربل حديثه ، وميّز منه أحاديث حدّث بها قبل الاختلاط .
ثم قسم هذه الأحاديث إلى قسمين :
القسم الأول : الأحاديث التي حدّث بها حماد عن ثابت ، وهذه أخرجها مسلم في الصحيح أصولاً محتجاً بها .
القسم الثاني : الأحاديث التي حدّث بها عن غير ثابت ، وهذه لم يخرّجها مسلم في الأصول ، وإنّما أخرجها في الشواهد .

يقول الذهبي : (( احتجَّ مسلمٌ بحمّاد بن سلمة في أحاديث عدّة في الأصول . وتحايده البخاري )) .
ويوضّح ما أجمله الذهبي هنا : كلام نقله الحافظ ابن حجر عن البيهقي يتحدث فيه عن حماد بن سلمة ، قال البيهقي : (( أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري ، وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع قبل تغيره ، وما سوى حديثه عن ثابت – لا يبلغ اثني عشر
حديثاً – أخرجها في الشواهد )) . ( ميزان الاعتدال 1/590 وما بعدها ، وتهذيب التهذيب 3/11 والتقريب 1499 ، والكواكب النيرات : 460 ، وانظر لزاماً : أثر علل الحديث : 20 – 21 ) .
الرسالة:أرجو تخريج الحديث التالي:
عن ميسرة قال :قلت يا رسول الله ، متى كنت نبيا ؟ قال : (لما خلق الله الأرض واستوى فسواهن سبع سماوات ، وخلق العرش : كتب على ساق العرش : محمد رسول الله خاتم الأنبياء ، وخلق الله الجنة التي اسكنها آدم وحواء ،فكتب اسمي على الأبواب والأوراق ،والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد ،فلما أحياه الله تعالى :نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله انه سيد ولدك ، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه ) .
الجواب : هذاأخرجه ابن الجوزي في الوفاء بأحوال المصطفى : 331 بهذا المتن من طريق إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة ، عن عبد الله بن سفيان ،عن ميسرة ، به .
وذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 2/95 ونسبه لابن الجوزي في الوفاء بفضائل المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) .
وقد ورد مختصراً على : (( متى كنت نبياً ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( وآدم بين الروح والجسد )) .
أخرجه أحمد 4/66 و5/379 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني : ( 2918 ) من طريق حماد بن سلمة ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رجل .
وأخرجه ابن سعد 1/148 عن طريق ابن علية ، عن وهب بن خالد ، عن خالد الحذاء ، به .
وأخرجه أحمد 5/59 ، وابن أبي عاصم في السنة ( 410 ) ، والطبري في المنتخب من التذيل المذيل11/569 والطبري 20/ ( 834 ) عن طريق عبد الرحمن بن المهدي عن منصور بن سعد ، عن بديل ، عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة .
وأخرجه ابن سعد 7/60 والطحاوي في شرح المشكل ( 5977 ) والطبري 20/ ( 833 ) ، والحاكم 2/608 ، والبيهقي في دلائل النبوة 1/84 – 85 و2/129 من طريق إبراهيم بن طهمان ، عن بديل به .
وأخرجه ابن سعد 1/148 و الطحاوي شرح المشكل ( 5976 ) من طريق خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق ، عن عبد الله بن أبي الجدعاء ، به .
كلهم اقتصروا على قوله : (( قلت : يا رسول الله ، متى كنت نبياً ؟ قال : وآدم بن الروح والجسد )) .


بارك الله في الأخ العزيز خالد أهل السنة على إحضار الشيخ للمنتدى والذي سيعطيني فرصة في طرح أسئلة له ومن مدة وأنا أتمنى أن تقوم الشبكة أعني شبكة الدفاع عن السنة باستضافة المشائخ والدعاة للاستفادة منهم والتعريف بهم
كلامي الآن للشيخ الفحل وفقه الله
أقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أحب أن أشكر لك جهودك في مجال السنة وأسأل الله أن يبارك في علمك ووقتك وجهدك وأن يطيل عمرك على طاعته .
سؤالي في مجال المصطلح
فقد وقع بيني وبين أحد المخالفين - وأظنه حبشي أو كوثري - نزاع حول الألباني رحمه الله .
فهو ينكر كون الألباني محدثا وعليه لا ينبغى له أن يتناول الأحاديث بالنقد فسارعت ببيان ماهو المحدث عبر كتابي المتواضع تيسير علوم الحديث للطحان وأنه من اهتم بالحديث رواية ودراية .
وانجر النقاش بيني وبينه في مواضيع لا داعي لذكرها
لكن في النهاية .
قرر الذي أناقشه قاعدة
ألا وهي
أنه لا يتناول التصحيح والتضعيف أحد إلا الحافظ
ثم نقل نقولات عن علماء أهاب أن أنتقدهم أو أعترض عليهم
وأنا طويلب علم ومكتبتي هزيلة ونفسي في البحث ليس بذاك .
كما أنني لا أعرف المواطن التي تكلم العلماء فيها في هذه المسألة
فرمت بمكر أن أنقل من كتابي السابق أن الحافظ له اصطلاحان عند أهل الفن
1- بمعنى المحدث .
2- أنه الذي حفظ الأحاديث حتى ما يفوته منها إلا النزر القليل .
لكن لم أشأ وضع هذه المعلومة لشعوري أنها لا تساعد في الحوار
فأردت أن أنشيء كلاما عاطفيا يستدر الدموع
ولكن كما تعرف أن أي شيء يفتقد العلمية لا يساوي الهباء المنثور .
ولذلك أحب أن تعطيني نصوص لأهل العلم تثبت أن الحفظ ليس شرطا لمن يصحح الأسانيد والمتون .
وأحب أن أبين أنني على يقين هذا المحاور يجوزها لمن هم على نحلته وإذا واجهناه بتصحيحات أهل السنة للأحاديث الواهية التي يستدل بها يقول :
تصحيح الأحاديث لا يقبل إلا من الحفاظ .
وهذا نص استدلاله على هذه المسألة :

اقتباس:
قال الحافظ السيوطي في ألفيته (10) في علم الأثر:

وخذه حيث حـافط عليه نص ومن مصنف بجـمعه يخص

وقال الحافظ سراج الدين البلقيني كما في "التدريب" (11): "الحسن لما توسط بين الصحيح والضعيف عند الناظر كان شيئا ينقدح في نفس الحافظ، وقد تقصر عبارته عنه كما قيل في الاستحسان فلذلك صعب تعريفه وسبقه إلى ذلك ابن كثير" اهـ
ففيه كما ترى اشتراط الحفظ في التحسين وأنه من خصائص الحافظ وبالأولى التصحيح (12).

وقال النووي في مختصر علوم الحديث (13) : "وقولهم: حديث حسن الإسناد أو صحيحه دون قولهم حديث صحيح أو حسن، لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو علة، فإن اقتصر على ذلك حافظ معتمد فالظاهر صحة المتن وحسنه " اهـ.

وقال السيوطي من التدريب تفريعا على قول النووي في المتن المذكور ءانفا ما نصه: "من رأى في هذه الأزمان حديثا صحيح الإسناد في كتاب أو جزء ولم ينص على صحته حافظ معتمد، قال الشيخ:- يعني ابن الصلاح-: لا يحكم بصحته لضعف أهلية أهل هذه الأزمان، والأظهر عندي جوازه لمن تمكن وقويت معرفته" انتهى كلام النووي (14) ما نصه (15): "ولم يتعرض المصنف ومن بعده كابن جماعة وغيره ممن اختصر ابن الصلاح، والعراقي في الألفية، والبلقيني، وأصحاب النكت إلا للتصحيح فقط وسكتوا عن التحسين" اهـ.

ثم قال (16): "ثم تأملت كلام ابن الصلاح فرأيته سوى بينه وبين التصحيح حيث قال: "فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في كتبهم " وقد منع فيما سيأتي، ووافقه عليه المصنف وغيره، أن يجزم بتضعيف الحديث اعتمادا على ضعف إسناده لاحتمال أن يكون له إسناد صحيح غيره. ولا شك أن الحكم بالوضع أولى بالمنع قطعا إلا حيث لا يخفى كالأحاديث الطوال الركيكة التي وضعها القصاص أو ما فيه مخالفة للعقل أو الإجماع " اهـ.

فهذا صريح في دفع ما صنع الألباني وأشياعه من الإقدام على التضعيف للأحاديث التي نص الحفاظ على تصحيحها من غير أن يكون لهه في ذلك سلف صرح بذلك، وهو يعلمون من أنفسهم أنه ليسوا بحافظ بل ولا
عشر الحافظ في المعنى، ألا فاعجبوا لهم، ثم اعجبوا.
الجواب : أخي الكريم بارك الله فيك على حرصك على السنة ، ونفع بك الإسلام .
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله محدث علامة معاصر خدم الإسلام والسنة النبوية ونصرت به عقيدة التوحيد ، ومؤلفاته النافعة الماتعة ينتفع بها كل أحد . وما ذكر من اشتراط الحفظ فهذا يختلف حسب كل زمان ، والشيخ ناصر قد توفر به آلات الحكم على الأحاديث ، ولا تغتر بأقوال المخالفين الحاقدين الذين يريدون أن ينالوا من الإسلام عن طريق النيل من علماء الأمة . والحافظ ابن الصلاح لم يرد غلق باب التصحيح والتضعيف أنما أراد التعسير وأنه لا يستطيعه كل أحد .

أما عن السؤال حول الفرق بين الاضطراب والاختلاف
الفرق بَيْنَ الاضطراب والاختلاف
الْحَدِيْث المضطرب : هُوَ ما اختلف راويه فِيْهِ ، فرواه مرة عَلَى وجه ، ومرة عَلَى وجه آخر مخالف لَهُ . وهكذا إن اضطرب فِيْهِ راويان فأكثر فرواه كُلّ واحد عَلَى وجه مخالف للآخر .
ومن شرط الاضطراب : تساوي الروايات المضطربة بحيث لا تترجح إحداها عَلَى الأخرى .
أما إذا ترجحت إحدى الروايات فلا يسمى مضطرباً ، بَلْ هُوَ مطلق اختلافٍ ، قَالَ العراقي : (( أما إذا ترجحت إحداهما بكون راويها أحفظ ، أو أكثر صُحْبَة للمروي عَنْهُ ، أو غَيْر ذَلِكَ من وجوه الترجيح ؛ فإنه لا يطلق عَلَى الوجه الراجح وصف الاضطراب ولا لَهُ حكمه ، والحكم حينئذ للوجه الراجح )) . وهذا أمر معروف بَيْنَ الْمُحَدِّثِيْنَ لا خلاف فِيْهِ ؛ لذا نجد المباركفوري يَقُوْلُ : (( قَدْ تقرر في أصول الْحَدِيْث أنّ مجرد الاختلاف لا يوجب الاضطراب ، بَلْ من شرطه استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّمَ )) .
فعلى هَذَا شرط الاضطراب تساوي الروايات ، أما إذا ترجحت إحداهما
عَلَى الأخرى فالحكم للراجحة،والمرجوحة شاذة أَوْ منكرة . وعليه فإن كَانَ أحد الوجوه مروياً مِنْ طريق ضعيف والآخر من طريق قوي فلا اضطراب والعمل بالطريق القوي ، وإن لَمْ يَكُنْ كذلك ، فإن أمكن الجمع بَيْنَ تِلْكَ الوجوه بحيث يمكن أن يَكُوْنَ المتكلم باللفظين الواردين عَنْ معنى واحد فلا إشكال أَيْضاً؛مِثْل أن يَكُوْنَ في أحد الوَجْهَيْنِ قَدْ قَالَ الرَّاوِي : عَنْ رجل ، وفي الوجه الآخر يسمي هَذَا الرجل ، فَقَدْ يَكُوْن هَذَا المسمى هُوَ ذَلِكَ المبهم ؛ فَلاَ اضطراب إذن ولا تعارض ، وإن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بأن يسمي مثلاً الرَّاوِي باسم معينٍ في رِوَايَة ويسميه باسم آخر في رِوَايَة أخرى فهذا محل نظر وَهُوَ اضطراب إِذْ يتعارض فِيْهِ أمران :
أحدهما : أنه يجوز أن يَكُوْن الْحَدِيْث عَنْ الرجلين معاً .
والثاني : أن يغلب عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد واختلف فِيْهِ . فههنا لا يخلو أن يَكُوْن الرجلان كلاهما ثقة أو لا ، فإن كانا ثقتين فهنا لا يضر الاختلاف عِنْدَ الكثير ؛ لأنّ الاختلاف كيف دار فهو عَلَى ثقة ، وبعضهم يقول : هَذَا اضطراب يضر ؛ لأنه يدل عَلَى قلة الضبط .
إذن شرط الاضطراب الاتحاد في المصدر، وعدم إمكانية التوفيق بَيْنَ الوجوه المختلفة والترجيح عَلَى منهج النقاد وعلى ما تقدم يتبين لنا أنّ بَيْنَ الاضطراب والاختلاف عموماً وخصوصاً،وَهُوَ أن كُلّ مضطرب مختلف فِيْهِ، ولا عكس. فالاختلاف أعم من الاضطراب إِذْ شرط الاضطراب أن يَكُوْن قادحاً ، أما الاختلاف فربما كَانَ قادحاً وربما لَمْ يَكُنْ قادحاً.
ثُمَّ إنه ليس كُلّ اختلاف يؤدي إلى وجود الاضطراب ، إِذْ إن ما يشبه أن يَكُوْن اضطراباً ينتفي عَنْ الْحَدِيْث إذا جمع بَيْنَ الوجوه المختلفة أو رجح وجه مِنْهَا عَلَى طريقة النقاد لا عَلَى طريقة التجويز العقلي .

أما عن السؤال بأن الحديث إذا روي مرسلاً وروي مرة أخرى موصولاً .... فالجواب عنه على هذا التفصيل :
الوَصْل هنا بمعنى الاتصال، والاتصال هُوَ أحد الشروط الأساسية في صِحَّة الحَدِيْث، بَلْ هُوَ أولها ،
وكل من عرّف الصَّحِيح أبتدأ أولاً بذكر الاتصال، والاتصال : هُوَ سَمَاع الحَدِيْث لكل راوٍ من الرَّاوِي الَّذِي يليه .
ويعرف الاتصال بتصريح الرَّاوِي بإحدى صيغ السَّمَاع الصريحة ، وَهِيَ حَدَّثَنَا ، وأخبرنا ، وأنبأنا ، وسمعت ، وَقَالَ لَنَا ، وغيرها من الصيغ .
وهذا هُوَ الأصل . وربما حصل التصريح في السَّمَاع في بَعْض الأسانيد ، لَكِنْ صيارفة الحَدِيْث ونقاده يحكمون بخطأ هَذَا التصريح ، ثُمَّ الحكم عَلَى الرِّوَايَة بالانقطاع ، قَالَ ابن رجب : (( وَكَانَ أحمد يستنكر دخول التحديث في كَثِيْر من الأسانيد ، ويقول: هُوَ خطأ ، يعني ذكر السَّمَاع )). وَقَدْ بحث ابن رجب ذَلِكَ بحثاً واسعاً ، ثُمَّ قَالَ : (( وحينئذٍ ينبغي التفطن لهذه الأمور ، وَلاَ يغتر بمجرد ذكر السَّمَاع و التحديث في الأسانيد ، فَقَدْ ذكر ابن المديني : أن شُعْبَة وجدوا له غَيْر شيء يذكر فِيهِ الإخبار عن شيوخه ، ويكون منقطعاً )) .
وأعود إلى التفصيل السابق ثُمَّ أقول: أما إذا كَانَتِ الرِّوَايَة بصيغة من الصيغ المحتملة، مِثْل: عن ، أو أن أو حدث ، أو أخبر ، أو قَالَ ، فحينئذٍ يَجِبُ توفر شرطين في الرَّاوِي لحمل هذِهِ الصيغة عَلَى الاتصال :
الشرط الأول : السلامة من التَّدْلِيْس ، أي : أن لا يَكُون من رَوَى هكذا مدلساً .
الشرط الثاني : المعاصرة وإمكان اللقاء ، وَقَدِ اكتفى بهذين الشرطين كثيرٌ من المُحَدِّثِيْنَ ، وأضاف عَلَي بن المديني و البُخَارِيّ وآخرون شرطاً ثالثاً ، وَهُوَ : ثبوت اللقاء وَلَوْ مرة وَاحِدَة .
والاتصال في السَّنَد لا يشترط أن يَكُون في طبقة وَاحِدَة فَقَطْ ، بَلْ يشترط أن يَكُون من أول السَّنَد إلى آخره ؛ فإذا اختل الاتصال فِي مَوْضِع من المواضع سمي السَّنَد منقطعاً ، وَكَانَ يطلق عَلَيْهِ فِي القرون المتقدمة مرسلاً ، ثُمَّ استقر الاصطلاح بعد عَلَى أن المُرْسَل هُوَ : مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ  .
ولما كَانَ الاتصال شرطاً للصحة فالانقطاع ينافي الصِّحَّة ، إذن الانقطاع أمارة من أمارات الضعف ؛ لأن الضَّعِيف مَا فَقَدْ شرطاً من شروط الصِّحَّة .
والانقطاع قَدْ يَكُون فِي أول السَّنَد ، وَقَدْ يَكُون فِي آخره، وَقَدْ يَكُون فِي وسطه، وَقَدْ يَكُون الانقطاع براوٍ واحد أو أكثر . وكل ذَلِكَ من نَوْع الانقطاع ، والذي يعنينا الكلام عَلَيْهِ هنا هُوَ الكلام عن الانقطاع فِي آخر الإسناد ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بالمرسل عِنْدَ المتأخرين ، وَهُوَ مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ  .
لِذلِكَ فإن الحَدِيْث إذ روي مرسلاً مرة ، وروي مرة أخرى موصولاً ، فهذا يعد من الأمور الَّتِي تعلُّ بِهَا بَعْض الأحاديث ، ومن العلماء من لا يعدُّ ذَلِكَ علة ، وتفصيل الأقوال في ذَلِكَ عَلَى النحو الآتي :
القَوْل الأول : ترجيح الرِّوَايَة الموصولة عَلَى الرِّوَايَة المرسلة ؛ لأَنَّهُ من قبيل زيادة الثِّقَة .
القَوْل الثَّانِي : ترجيح الرِّوَايَة المرسلة .
القَوْل الثَّالِث : الترجيح للأحفظ .
القَوْل الرابع : الاعتبار لأكثر الرواة عدداً .
القَوْل الخامس : التساوي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ و التوقف .
هَذَا ما وجدته من أقوال لأهل العِلْم في هذِهِ المسألة ، وَهِيَ أقوال متباينةٌ مختلفة ، وَقَدْ أمعنت النظر في صنيع المتقدمين أصحاب القرون الأولى ، وأجلت النظر كثيراً في أحكامهم عَلَى الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها ، فوجدت بوناً شاسعاً بَيْنَ قَوْل المتأخرين وصنيع المتقدمين ، إذ إن المتقدمين لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث أول وهلة ، وَلَمْ يجعلوا ذَلِكَ تَحْتَ قاعدة كلية تطرد عَلَيْهَا جَمِيْع الاختلافات ، وَقَدْ ظهر لي من خلال دراسة مجموعة من الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها: أن الترجيح لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية ، لَكِنْ يختلف الحال حسب المرجحات والقرائن ، فتارة ترجح الرِّوَايَة المرسلة وتارة ترجح الرِّوَايَة الموصولة . وهذه المرجحات كثيرة يعرفها من اشتغل بالحديث دراية ورواية وأكثر التصحيح و التعليل ، وحفظ جملة كبيرة من الأحاديث، وتمكن في علم الرِّجَال وعرف دقائق هَذَا الفن وخفاياه حَتَّى صار الحَدِيْث أمراً ملازماً لَهُ مختلطاً بدمه ولحمه .
ومن المرجحات: مزيد الحفظ ، وكثرة العدد ، وطول الملازمة للشيخ . وَقَدْ يختلف جهابذة الحديث في الحكم عَلَى حَدِيث من الأحاديث ، فمنهم : من يرجح الرِّوَايَة المرسلة، ومنهم : من يرجح الرِّوَايَة الموصولة ، ومنهم : من يتوقف .

س : هل تعطى الزكاة في بناء المساجد ، وهل يدخل ضمن في سبيل الله ؟
ج : سئلت اللجنة الدائمة فأجابت :
س17: أجاز بعض العلماء صرف الزكاة في بناء المساجد والمستشفيات والمؤسسات الخيرية، وراح البعض يستجيز صرفها إلى النوادي الرياضية والجمعيات الثقافية الرياضية التي لا تحمل أي طابع إسلامي.
ج17: لا يجوز صرف الزكاة في بناء المساجد والمستشفيات والمؤسسات الخيرية وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في هذا الموضوع وهذا مضمونه:
( بعد الاطلاع على ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك من أقوال أهل العلم، في بيان المراد بقوله الله تعالى في آية مصارف الزكاة: ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ، ودراسة أدلة كل قول، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزمهم من أجل الغزو خاصة، وأدلة من توسع في المراد بها،ولم يحصرها في الغزاة؛ فأدخل فيها بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين، إلى غير ذلك من أعمال البر ووجوهه. رأى أكثر الأعضاء الهيئة الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء: أن المراد بقوله تعالى: ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) في آية مصارف الزكاة: الغزاة المتطوعين بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها لما وجد من مصارفها الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة من بناء المساجد وقناطر وأمثالها إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم )

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( الجزء 10 ) صفحة (39-40). الفتوى(2909)

ج18: سبق أن بحثت كبار العلماء بالمملكة السعودية هذا الموضوع، وأصدرت قراراً بينت فيه الحكم، فتكتفي اللجنة بذكر مضمونه فيما يلي لاشتماله على الإجابة عن هذا الاستفتاء:
( بعد الاطلاع على ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك من أقوال أهل العلم في بيان المراد بقول الله تعالى في آية مصارف الزكاة : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ، ودراسة أدلة كل قول، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزمهم من أجل الغزو خاصة، وأدلة من توسع في المراد بها، ولم يحصرها في الغزاة، فأدخل فيها بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين إلى غير ذلك من أعمال البر ووجوهه، ورأى أكثر أعضاء الهيئة الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء أن المراد بقوله تعالى: ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) في آية مصارف الزكاة الغزاة المتطوعين بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها لما وجد من مصارفها الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة من بناء مساجد وقناطر وأمثالها، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة.

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( الجزء 10 ) صفحة (47-48). الفتوى(1071)

س: لمن تصرف الزكاة ونأمل تفسير كل نوع من مستحقيها؟
ج : سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت :
ج16:تصرف للأصناف الثمانية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
الفقير: الذي يجد بعض ما يكفيه. والمسكين: الذي لا شيء له، وقال بعض العلماء بالعكس، وهو الراجح. والمراد بالعاملين عليها: السعادة الذي يبعثهم إمام المسلمين أو نائبه لجبايتها، ويدخل في ذلك كاتبها وقاسمها. والمراد بالمؤلفة قلوبهم: من دخل في الإسلام وكان في حاجة إلى تأليف قلبه لضعف إيمانه. والمراد بقوله تعالى: ( وَفِي الرِّقَابِ ) : عتق المسلم من مال الزكاة، عبداً كان أو أمة، ومن ذلك فك الأسارى ومساعدة المكاتبين. والمراد بالغارمين: من استدان في غير معصية، وليس عنده سداد لدينه، ومن غرم في صلحٍ مشروع. والمراد بقوله تعالى: ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) : إعطاء الغزاة والمرابطين في الثغور من الزكاة ما ينفقونه في غزوهم ورباطهم. والمراد بابن السبيل: المسافر الذي انقطعت به الأسباب عن بلده وماله، فيعطي ما يحتاجه من الزكاة حتى يصل إلى بلده ولو كان غنياً في بلده. وإذا أردت التوسع في ذلك فراجع تفسير البغوي وابن كثير.

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( الجزء 10 ) صفحة ( 6 ).
الفتوى( 6375 )

س : ما هي أحكام زكاة الفطر ؟
ج : سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت :
الفتوى رقم ( 2675 )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من مدير صوامع الغلال بالرياض إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إليها من الأمانة برقم 1953 / 2 وتاريخ 11 / 10 / 1399 ه ونصه:
نرجو من سماحتكم التكرم بإصدار فتوى شرعية في مدى جواز إخراج زكاة الفطر من الحبوب غير القمح ومن الطعام ونقداً. حيث أن الدولة جرياً على عادتها في مساعدة المزارعين تقوم بشراء القمح منهم عن طريق المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق بأسعار تشجيعية، تبلغ ثلاث ريالات ونصف للكيلو جرام الواحد؛ ليتم طحنه بمطاحن المؤسسة وإنتاج الدقيق الأبيض الذي يباع للمواطنين بأسعار رمزية تبلغ أحد عشر ريالاً، وثلاثة عشر ريالاً للكيس، حسب النوعية، غير أن تكلفة الإنتاج تبلغ أكثر من خمسة أضعاف هذا السعر وذلك مساعدة من الدولة للمواطنين وتخفيف غلاء المعيشة عنهم.
ولكن إذا ما تطلب الأمر بيع القمح للمواطنين فإنه لا يمكن للمؤسسة أن تبيعه بأقل من سعر مشتراه أي 3,5 ريالاً حتى لا يستفيد البعض بشراء القمح بأقل من 3,5 ريال ثم إعادة بيعه إلى المؤسسة بهذا السعر المرتفع، وذلك كنوع من الرقابة والمحافظة على الأموال العامة التي تقع مسئوليتها علينا أمام الله سبحانه وتعالى.
وأجابت بما يلي:
تخرج زكاة الفطر من البر والتمر والزبيب والأقط والأرز ونحو ذلك مما يتخذه الإنسان طعاماً لنفسه وأهله عادة ولا يجوز إخراجها من النقود.
وقد صدرت فتوى مفصلة من اللجنة الدائمة فيها بيان حكم زكاة الفطر وما تخرج منه ومن تخرج عنه مع الأدلة، هذا نصها:
زكاة الفطر عبادة، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تخرج منه، وذلك فيما ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الناس في رمضان: صاعاً من التمر أو صاعاً من الشعير، على كل حر وعبد، ذكر أو أنثى من المسلمين )، وما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ( كنا نخرج زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من الطعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط أو صاعاً من التمر أو صاعاً من الزبيب ) متفق على صحته. ولا شك أن الفقراء والمساكين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان منهم من يحتاج إلى كسوة ولوازم أخرى سوى الأكل، لكثرتم وكثرة السنوات التي أخرجت فيها زكاة الفطر، ومع ذلك لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتبر اختلاف نوع الحاجة في الفقراء، فيفرض لكل ما يناسبه من طعام لأكله صغيراً أو كبيراً، ولم يعرف ذلك عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، بل كان المعروف الإخراج مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوات، ومن لزمه شيء غير الطعام ففي إمكانه أن يتصرف فيما بيده حسب ما تقتضي مصلحته.

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( الجزء 9 ) صفحة (382-384) .

س : ما حكم زكاة عروض التجارة ؟
ج : سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت :
الفتوى رقم ( 2324 )
س12: أتانا سائل من المغرب فذكر أنه حصل خلاف ونزاع ين علماء المغرب حول زكاة عروض التجارة، منهم من يوجب فيها الزكاة، ومنهم من لا يوجب فيها الزكاة؛ احتجاجاً بالآية، وأنها لم تذكر إلا الذهب والفضة، ويقول: إن غير الذهب والفضة من النقود والعروض لا تلحق لا بالذهب ولا بالفضة، وأما البقية من زكاة الحبوب والثمار والإبل والغنم والبقر فلا خلاف فيها، فنأمل الكتابة في هذا الموضوع ليقنع الخصم.أثابكم الله.
ج12:أولاً: اختلف الفقهاء في وجوب الزكاة في عروض التجارة، فأوجبها الجمهور، ولم يوجبها داود بن علي الظاهري وجماعة، وقد استدل الجمهور بما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً فقال: منع العباس وخالد وابن جميل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنكم تظلمون خالداً، إن خالداً احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله )) فدل ذلك على أن الزكاة طلبت منه في دروعه وأعتاده وهي لا زكاة فيها، إلا أن تكون عروضاً جعلت للتجارة، وخالد لم يجعلها عروضاً للتجارة، وإنما احتبسها في سبيل الله، وبما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع )، وبما رواه الدار قطني عب أبي ذر رضي الله عنه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته )) ) ولا خلاف في أنها لا تجب في عين البز، فثبت أنها واجبة في قيمته، وذلك إنما يكون إذا جعل للتجارة، وبما رواه الإمام أحمد رحمه الله عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرني عمر قال: أد زكاة مالك، فقلت: ما لي مال إلا جعاب وأدم، فقال: قومها ثم أد زكاتها. وبما ثبت عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارَّي قال: كنت على بيت المال زمان عمر بن الخطاب، فكان إذا خرج العطاء جمع أموال التجارة ثم حسبها غائبها وشاهدها، ثم أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد. وبما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: ( لا بأس بالتربص حتى المبيع والزكاة واجبة فبه )، وصح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: ( ليس في العروض زكاة إلا أن تكون لتجارة ) ، وقد اشتهر ما ذكر عن الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر فكان إجماعاً، وتأويل ما ذكر بحمله على صدقة التطوع خلاف الظاهر، بل خلاف لما صرح به من تسميته زكاة في بعض الأحاديث والآثار.
واستدل من لم يوجب الزكاة في عروض التجارة. بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة )) ، وثبت أيضاً أنه قال صلى الله عليه وسلم : (( ليس فيما دون خمسة أوسق من الحب والثمر صدقة )) ، وثبت أنه قال صلى الله عليه وسلم : (( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر )) ، وثبت أنه لما بين حق الله تعالى في الإبل والبقر والغنم والكنز سئل عن الخيل، فقال: (( الخيل لثلاثة: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر )) فسئل عن الحمر، فقال: (( ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) )) فدل عموم ذلك على أنها ليس فيها زكاة، سواء أعدت للتجارة أم لا، ويجاب عن ذلك بحمله على عدم وجوب الزكاة في أعيانها، وهذا لا ينافي وجوب الزكاة في قيمتها من الذهب والفضة، فإنها ليست مقصودة لأعيانها فإنما هي مقصودة لقيمتها، فكانت قيمتها هي المعتبرة، وبذلك يجمع بين أدلة ونفي وجوبها في العروض وإثباتها فيها.

هل يزكى الذهب المعد للاستعمال ؟
ج : سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت :
الفتوى رقم ( 1797 )
س10: إنني أرغب من فضيلتكم إفادتي وإخواني عن موضوع زكاة الذهب أو الحلي الذهبية والفضية المعدة للاستعمال، وليس للبيع والشراء، حيث أن البعض يقول: إن المعد منها للبس ليس فيه زكاة، والبعض الآخر يقول: فيها زكاة سواء للاستعمال أو للتجارة، وأن الأحاديث الواردة في زكاة المعدة للاستعمال أقوى من الأحاديث الواردة بأنه لا زكاة فيها، آمل من سعادتكم التكرم بإجابتي خطياً على ذلك إجابة واضحة جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير جزاء؟
ج10: أجمع أهل العلم على وجوب الزكاة في حالي الذهب والفضة إذا كان حلياً محرم الاستعمال، أو كان معداً للتجارة أو نحوها. أما إذا كان حلياً مباحاً معداً للاستعمال أو الإعارة كخاتم الفضة وحلية النساء وما أبيح من حلية السلاح، فقد اختلف أهل العلم في وجوب زكاته؛ فذهب بعضهم إلى وجوب زكاته لدخوله في عموم قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ، الآية، قال القرطبي في تفسيره ما نصه: وقد بين ابن عمر في صحيح البخاري هذا المعنى، قال له أعرابي: أخبرني عن قول الله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّة ) ، قال ابن عمر: ( من كنزها ولم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهراً للأموال ) ولورود أحاديث تقضي بذلك ومنها ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: (( أتعطين زكاة هذا؟ )) قالت: لا، قال: (( أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ ))، فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت : هما لله ورسوله، وما روى أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه والدارقطني والبيهقي في سننهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: (( ما هذا يا عائشة ؟)) فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، قال: (( أتؤدين زكاتهن؟ )) قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: (( هو حسبك من النار )) ، وما رووا عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب فقلت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: (( ما بلغ أن يؤدي زكاته فزكي فليس بكنز )) ، وذهب بعضهم إلى أنه لا زكاة فيه؛ لأنه صار بالاستعمال المباح من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان،وأجابوا عن عموم الآية الكريمة بأنه مخصص بما جرى عليه الصحابة رضوان الله عنهم، فقد ثبت بإسناد صحيح أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة، وروى الدارقطني بإسناده عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها كانت تحلي بناتها بالذهب ولا تزكيه نحواً من خمسين ألفاً، وقال أبو عبيد في كتابه الأموال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزوج المرأة من بناته على عشرة آلاف فيجعل حليها من ذلك أربعة آلاف، قال فكانوا لا يعطون عنه يعني الزكاة ، وقال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عمرو بن دينار قال: سئل جابر بن عبد الله : أفي الحلي زكاة؟ قال لا، قيل: وإن بلغ عشرة آلاف قال: كثير، وأجابوا عن الأحاديث الواردة نصاً في وجوب الزكاة فيه بأن في أسانيدها ما يضعف الأحتجاج بها، فقد وصفها ابن حزم في المحلى بأنها آثار واهية لا وجه للاشتغال بها، وقال الترمذي بعد روايته حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وقال ابن بدلر الموصلي في كتابه المغني عن الحفظ والكتاب فيما لم يصح فيه شيء من الأحاديث في الباب : باب زكاة الحلي، قال المصنف لا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاء عن الشوكاني في السيل الجرار تعليقاً على كتاب المغني عن الحفظ والكتاب، لم يرد في زكاة الحلي حديث صحيح وقال بعضهم زكاته عاريته.
والأرجح من القولين قول من قال بوجوب الزكاة فيها، إذا بلغت النصاب، أو كان لدى مالكيها من الذهب والفضة أو عروض تجارة ما يكمل النصاب؛ لعموم الأحاديث في وجوب الزكاة في الذهب والفضة، وليس هناك مخصص صحيح فيما نعلم، ولأحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وأم سلمة المتقدم ذكرها، وهي أحاديث جيدة الأسانيد، لا مطعن فيها مؤثر، فوجب العمل بها. أما تضعيف الترمذي وابن حزم لها والموصلي فلا وجه له فيما نعلم من العلم بأن الترمذي رحمه الله معذور فيما ذكره؛ لأنه ساق حديث عبد الله بن عمرو من طريق ضعيفة وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من طريق أخرى صحيحة، ولعل الترمذي لم يطلع عليها.

س ماهي مقادير أنصبة الزكاة ؟
سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت بتفصيل موسع :
أولاً : وجوب الزكاة بأدلتها :
هي فرض بل هي أحد أركان الإسلام الخمسة ، والأصل في فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب : فمنه قوله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) ، وقوله عز وجل : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ، وقوله تعالى ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) ، فكل مال زكوي لم تؤد زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة . والآيات الدالة على فريضتها كثيرة اكتفينا بما ذكرنا .
وأما السنة فالأحاديث الواردة في فريضتها كثيرة : منها ما ورد في الصحيحين وغيرهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان )) ، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال : (( أخبرهم – وفي لفظ: أعلمهم – أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم ، وترد على فقرائهم )) رواه البخاري ومسلم في الصحيحين . وثبت عن رسول الله أنه قال : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله )) متفق في صحته .
وأما الإجماع : فإن الأمة مجمعة على فريضتها .
ثانياً : الأنصباء ومقدار ما يخرج :
تجب الزكاة في بهيمة الأنعام ، والخارج من الأرض ، والنقدين ، وعروض التجارة .
أما بهيمة الأنعام فهي الإبل والبقر والغنم ، ولا تجب إلا في السائمة منها ، وهي التي ترعى في أكثر الحول ، فالإبل لا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً ، فتجب فيها شاة ، وفي العشر شاتان ، وفي خمس عشر ثلاث شياه ، وفي العشرين أربع شياه ،فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض وهي التي لها سنة ، فإن عدمها أجزأه ابن لبون ، وهو الذي له سنتان ، وفي ست وثلاثين بنت لبون ، وفي ست وأربعين حقة ، وهي التي لها ثلاث سنين ، وفي إحدى وستين جذعة ، وهي التي لها أربع سنين ، وفي ست وسبعين بنتا لبون ، وفي إحدى وتسعين حقتان ، إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ، فإذا بلغت مئتين اتفق الفرضان ؛ فإن شاء أخرج أربع حقاق ، وإن شاء خمس بنات لبون ، وليس فيما بين الفريضتين من شيء ، ومن وجب عليه سن فعدمها أخرج السن التي تليها من أسفل ومعها شاتان أو عشرون درهماً ، وإن شاء أخرج السن التي تليها من أعلى منها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً من الساعي ، والأصل في ذلك ما ثبت عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب ، لما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ، والتي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سُئِلَها من المسلمين على وجهها فليعطها ، ومن سُئِل فوقها فلا يُعْطِ – في أربع وعشرين من الإبل فما دونها ، من الغنم من كل خمس شاه ، إذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى ، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى ، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة ، طروقة الجمل ، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة ، فإذا بلغت يعني : ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان ، طروقتا الجمل ، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ،ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ، فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاه ) الحديث . رواه البخاري ورواه مالك وغيره من حفاظ الإسلام واعتمدوه وعدوه من قواعد الإسلام ، وقالوا : إنه أصل عظيم يعتمد عليه ، وقال أحمد : لا أعلم في الصدقة أحسن منه ، وفي هذا الحديث دليل على أن الأوقاص ليس فيها شيء . وروى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه ، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم : ( من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له ، أو عشرين درهماً ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه ، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصَّدق عشرين درهماً أو شاتين ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده ، وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض ، ويعطي معها عشرين درهماً أو شاتين ) . وأخرج الدارقطني عن عبيد الله بن صخر قال : عهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله أهل اليمن أنه ليس في الأوقاص شيء ، وفي السنن نحوه من حديث ابن عباس ، والوقص ما بين الفريضتين ، كما بين خمس وعشر من الإبل يستعمل فيما لا زكاة فيه كأربع ،ولأبي داود والنسائي وأحمد وغيرهم، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً: ( في كل سائمة إبل، في أربعين بنت لبون ..) ، والسائمة الراعية ، قال الجوهري وغيره: سامت الماشية رعت، وأسمتها: أخرجتها للمرعى، وتكلم بعض أهل العلم في بهز، وقال ابن معين : سنده صحيح ، وحكى الحاكم الاتفاق على تصحيح حديث بهز عن أبيه عن جده .
وأما البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين، فيجب فيها تبيع ، أو تبيعة :وهي التي لها سنة، وفي أربعين مسنة : وهي التي لها سنتان، وفي الستين تبيعان أو تبيعتان، ثم في كل ثلاثين تبيع ، وفي كل أربعين مسنة . والأصل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة ) رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه النسائي وابن حبان والحاكم . زاد أبو داود : (وليس في العوامل صدقة ) صححه الدارقطني والمعنى ليس في التي يسقى عليها ويحرث عليها وتستعمل في الأثقال زكاة . وظاهر الحديث سواء كانت سائمة أو معلوفة ، وشرط السوم في إيجاب الزكاة في البقر مقيس على ما ثبت في الإبل والغنم من حديث أنس عبد البخاري وحديث بهز المتقدم .
وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين، فتجب فيها شاه إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان، إلى مئتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شاه ، في كل مائة شاة :شاة، ويؤخذ من المعز الثني ومن الظأن الجذع ولا يؤخذ تيس ولا هرمة ولا ذات عوار: وهي المعيبة ولا الربا: وهي التي تربي ولدها، ولا الحامل ولا كرائم المال إلا أن يشاء ربه، والأصل في ذلك ما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في كتاب الصدقات الذي كتبهُ لهُ أبو بكر الصديق رضي الله عنه لّما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها: ( هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ..)، وذكر الإبل، قال : (.. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان ، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث،فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل شاة واحدة ، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق ) رواه البخاري وأهل السنن وغيرهم. ولأبي داود وغيره من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( … لا نعطي الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، ولكن من أوسط أموالكم ، فإن الله لم يسألكم خياره، ولم يأمركم بشراره )).
انتهى الحديث . وتؤخذ مريضة من مراضٍ إجماعاً ، وكذا معيبة من معيبات ؛ لأن الزكاة مواساة ودلت الأحاديث أنها تخرج من أوساط المال، لا من خياره، ولا من شراره.
وأما الخارج من الأرض فيشمل:
الحبوب، والثمار، والمعدن، والركاز،وفيما يلي تفصيل الكلام على ذلك:
1-الحبوب والثمار:
تجب الزكاة في الحبوب وفي كل ثمر يكال ويدخر، ويعتبر لوجوبها في الحبوب والثمار شرطان:
أحداهما: أن تبلغ نصاباً قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم .

الثاني:أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
ويجب العشر فيما سقي بغير مؤونة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه، ونصف العشر فيما سقي بكلفة؛ كالمكائن ، فإن كن يسقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر أعتبر الأكثر ، فإن جهل المقدار وجب العشر ، وإذا أشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة، ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين ، فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة، سواء خرصت أم لم تخرص، ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابساً، وينبغي أن يبعث الإمام ساعياً إذا بدا صلاح الثمر، فيخرصه عليهم ليتصرفوا فيه، فإن كان أنواعاً خرص كل نوع وحده، وإن كان نوعاً واحداً خرص كل شجرة وحدها، وله خرص الجميع دفعة واحدة، ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث، أو الربع، فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بعد ذلك ولا يحسب عليه، ولا تجب الزكاة في الخضراوات، والأصل في ذلك قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) ، وقال تعالى : ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) ، قال ابن عباس وغيره: حقه الزكاة المفروضة.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )) ، متفق عليه، ولمسلم: (( ليس فيما دون خمسة أوساق من ثمر ولا حب صدقة )) ، ولأبي داود: (( زكاة )).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر )) ، رواه البخاري وغيره، ولمسلم من حديث جابر: (( وفيما سقي بالسانية نصف العشر )) .
وعن عتاب بن أسيد رضي الله عنه قال : ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل ، وتؤخذ زكاته زبيباً ) رواه الخمسة.
وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع )) ، رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس في الخضراوات صدقة )) رواه الترمذي وغيره.
وللدارقطني عن علي وعائشة رضي الله عنهما معناه، وقال الترمذي: لا يصح في شيء، والعمل عليه عند أهل العلم أنه ليس في الخضراوات صدقة، وقال البيهقي: إلا أنها من طريق مختلفة يؤكد بعضها بعضاً، ومعها أقوال الصحابة، وقال الخطابي يستدل بحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة أنها لا تجب في الخضراوات، وهو دليل في أنها إنما تجب فيما يوسق ويدخر من الحبوب والثمار دون مالا يكال ولا يدخر من الفواكه والخضراوات ونحوها وعليه عامة أهل العلم.
وأما النقدان فالذهب والفضة:
ولا تجب الزكاة في الذهب حتى تبلغ عشرين مثقالاً، فيجب فيه نصف مثقال ، ولا يجب في الفضة حتى تبلغ مئتي درهم، ومقدارها بالمثاقيل مائة وأربعون مثقالاً فيجب فيها خمسة دراهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ  يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) .
وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة )) متفق عليه، وعن علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا الصدقة الرقة من كل أربعين درهماً درهماً وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيهما خمسة دراهم )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، وفي لفظ : (( قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق وليس فيهما دون المائتين زكاة )) رواه أحمد والنسائي .
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة )) الحديث رواه أحمد ومسلم.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا كانت لك مئتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار )) رواه أحمد أبو داود.
يجب في الركاز الخمس؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه: (( وفي الركاز الخمس )) متفق عليه، والركاز : ما وجد من دفن الجاهلية علبه علامتهم.
وأما عروض التجارة فما أعد لبيع وشراء من صنوف الأموال، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة، وملكها بفعله بنية التجارة بها، وتقوًّم عند الحول بما هو أحظ للفقراء والمساكين من ذهب أو فضة، والأصل في ذلك قواه تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) يعني بالتجارة، قاله مجاهد وغيره. وقال البيضاوي وغيره أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الزكاة المفروضة.
وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ) والتجارة داخلة في عموم الأموال ففيها حق مقداره بينه صلى الله عليه وسلم وهو ربع العشر، ومال التجارة أهم الأموال، فكانت أولى بالدخول في الآية من سائر الأموال، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع ) رواه أبو داود.
وقال عمر لحماس: أد زكاة مالك. فقال: ما لي إلا جعاب وأدم. فقال: قومها وأد زكاتها. وقد أحتج الإمام أحمد رحمه الله بهذه القصة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، قد أحتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله )) متفق عليه. قال النووي وغيره فيه وجوب زكاة التجارة، وإلا لما أعتذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وللبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة )) قال النووي وغيره: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها.
ثالثاً: وجوب الزكاة :
لا تجب إلا بشروط خمسة : الإسلام، والحرية، وملك نصاب، وتمام الملك، ومضي الحول، إلا في الخارج من الأرض فكما سبق ذكره، وكذلك نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إذا بلغ نصاباً، وإن لم يكن نصاباً فحوله يبتديء من حيت يتم نصاباً.
رابعاً: المصارف :
مصارف الزكاة ثمانية أصناف، ذكرها الله تعالى بقوله: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( الجزء 9 ) صفحة ( 167-184

س / ما حكم القنوت في صلاة الفجر وكذا في صلاة الوتر ؟
ج / صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في النوازل وكان يدعوا في قنوته على الكافرين ويدعوا للمستضعفين من المسلمين بالخلاص والنجاة من كيد الكافرين وأسرهم ثم ترك ذلك ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم فرضاً دون فرض ودليل ذلك حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعوا على أحياء من العرب ثم تركه .
وقد استحب الإمام مالك القنوت في الركعة الأخيرة من الصبح قبل الركوع ، وذهب الشافعي إلى أن القنوت سنة بعد الركوع من الركعة الأخيرة من الصبح ، وقال بذلك جماعة من السلف والخلف واحتجوا بأحاديث متعددة دلت على القنوت في الفجر . وقد نوقش هذا الرأي بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في النوازل فقط ثم ترك والأحاديث التي استدلوا بها لم تخص الفجر بل دلت الأحاديث الأخرى على تعميمه في سائر الفرائض ، وهم يخصون القنوت بالفجر ويقولون بالاستمرار واستدلوا أيضاً بما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا ونوقش بأن هذا الحديث ضعيف لأنه من طريق أبي جعفر الرازي وفيه كلام ليس باليسير ومع هذا فالأولى عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل لكن كما سبق فإن تخصيص القنوت للفجر من المسائل الخلافية الاجتهادية ، فمن صلى وراء إمام يقنت في الصبح خاصة قبل الركوع أو بعده فعليه أن يتابعه ، وإن كان الراجح الاقتصار في القنوت بالفرائض على النوازل فقط .
أما القنوت في الوتر فيستحب لحديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر ، اللهم اهدني فيمن هديت وعافني ...

س : هل المتابعة التامة والقاصرة سواء ؟ وهل كلاهما يقويان ؟
ج : نعم كلاهما يقويان لكن التامة أفضل .

س : إذا صرح الراوي بـ " حدثنا " أو " أخبرنا " أو " أنبأنا " أو " سمعت " هل تكفي للسماع ؟
ج : نعم تكفي للسماع والاتصال ، إلا أن ينص أحد الأئمة على خطأ هذا السماع كما ذكر بعض ذلك عن الإمام أحمد كما في شرح علل الترمذي للعلامة ابن رجب.

س : هل يشترط في ضبط الكتاب المقابلة ؟
ج : نعم يشترط أن يقابله على أصل الشيخ أو أصل مصحح ؛ لاحتمال خطأه عند النسخ .

س : الحديث القدسي هل لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله ؟
ج : لا بل لفظه ومعناه من الله لكنه غير معجز ولا مقيد بتلاوته ومنه ما يلقيه الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم بدون واسطة ومنه ما هو بواسطة ، أما القرآن فكله بواسطة ، وأما الحديث النبوي فمعناه من الله ولفظه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو وحي إما حقيقة أو إقراراً ؛ لمتابعة الوحي له .

س : متابعات الفساق والمتهمين هل تنفع كما ذهب إليه ابن حجر والسيوطي أم لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر ؟
ج : الصواب لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر - رحمه الله - .

س : هل يشترط في المتواتر والعزيز والمشهور العدد في الصحابة ؟
ج : نعم يشترط عند غير الحنفية .

س : هل يوجد فرق بين اختصار الحديث وتقطيع الحديث ؟
ج : الاختصار أعم فهو يشمل رواية الحديث بالمعنى .

س : المخالفة من الضعيف للثقات بالإسناد هل يسمى " سند منكر " ؟
ج : نعم يسمى سنداً منكراً .

س : (( لا يكتب حديثه )) للاعتبار أم للاستشهاد ؟
ج : معناه لا يكتب للاعتبار .

س : هل الاختلاف والاضطراب شيء واحد ؟
ج : الاختلاف أعم وأشمل لأنه يشمل القادح وغير القادح أما الاضطراب فهو للقادح فقط .

س : (( يرفع الموقوف ويسند المرسل لا يجوز الاحتجاج به )) هل عمداً أم خطأً ؟
ج : خطأً ، أي : أنه سيء الحفظ يخالف الثقات .

س: من اختلف فيه هل في عدالته أم في ضبطه ؟
ج : قد يكون في هذا أو في هذا لكن الغالب في الضبط .

س : ما معنى : (( قليل الحديث )) هل هو جرح ؟
ج : ليس جرحاً ، بل معناه : أن أحاديثه قليلة لا نتمكن من سبر مروياته ؛ لقلتها فيكون في ضبطه شيء يحتاج للاعتبار.

س : المختلف فيه إذا خالف الثقات حديثه شاذ أم منكر ؟
ج : المآل إلى الترجيح ، فإن رجح كونه ثقة فحديثه شاذ ، وإن رجح كونه ضعيف فمنكر.

س : هل صح الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَرْفَجَةَ بنِ أَسْعَدٍ لَمَّا قُطِعَ أنْفُهُ أنْ يَتَّخِذَ أنْفاً مِنْ ذَهَبٍ
ج : هذا الحديث اختلف فيه اختلافاً كثيراً :
فأخرجه علي بن الجعد (3264) ، وابن أبي شيبة (25255) ، وأحمد 4/342 و 5/23 ، وأبو داود (4232) ، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/23 ، وأبو يعلى (1501) و ( 1502 ) ، والطبراني في الكبير 17 / 371 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد ، أنّ جدّه عرفجة بن أسعد أصيب أنفه … مرسلاً ، وهو المحفوظ ، كما في تهذيب الكمال 17 / 192 .
وأخرجه أحمد 5/23 ، وأبو داود (4233) ، والترمذي (1770) وفي علله (533) ، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/23 ، والنسائي 8/163 و164 ، والطحاوي في شرح المعاني 4/257 و258، وابن حبان ( 5462 ) ، والطبراني في الكبير 17/ ( 369 ) و(370) ، والبيهقي 2/425 من طريق عبدالرحمان بن طرفة ، عن عرفجة بن أسعد ، قال : أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية … الحديث .
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/23 ، والبيهقي 2/425 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة ، عن أبيه ، عن جده .
وأخرجه أبو داود (4234) ، والبيهقي 2 / 426 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد ، عن أبيه ، أن عرفجة … فذكر معناه مرسلاً .

س : ما هو التلقين ؟
ج : التلقين –كما عرّفه الحافظ العراقي–: هو أن يلقّن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه . شرح التبصرة والتذكرة 2 / 59 .
قال ابن حزم في الإحكام 1/142 : (( من صحّ أنه قبل التلقين – ولو مرة – سقط حديثه كله ؛ لأنه لم يتفقه في دين الله عز وجل ولا حفظ ما سمع )) .
وانظر عن التلقين وأسبابه وحكمه: النفح الشذي 1/323،وسير أعلام النبلاء 10/210، والنكت الوفية : 232/ ب ، وفتح المغيث 1/385 ، وتدريب الراوي 1/339 ، وتوضيح الأفكار 2/257 ، وتوجيه النظر 2/573 ، وأثر علل الحديث : 120

س : ما صحة حديث : إن باب النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرع الأظافر ؟
ج : هذا الحديث أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث : 19 من طريق كيسان مولى هشام بن حسّان ، عن محمد بن سيرين ، عن المغيرة ، به . وكيسان هذا : مجهول الحال ، لم يوثّقه سوى ابن حبّان في ثقاته 7/358 على عادته في توثيق المجاهيل .
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1080)، وفي التاريخ الكبير 1 / 228 ، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 2 / 110 و 365 من طريق أبي بكر الأصفهاني ، عن محمد بن مالك بن المنتصر، عن أنس بن مالك، قال : كان بابه يقرع بالأظافير .
أقول : وهو سندٌ ضعيف ؛ لجهالة أبي بكر الأصفهاني ، وابن المنتصر .

س : ذكر في بعض كتب المصطلح أن ابن حبان عد الجرح في الضعيف فأوصلها تسعاً وأربعين نوعاً ؟
ج : هذه الأقسام لم أقف عليها ، ولم يقف عليها من قبلي الحافظ ابن حجر كما ذكر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/492 ، بل أشار إلى عدم وجود هذه التقسيمات أصلاً ؛ إذ غمز من عزاها إلى مقدمة المجروحين – وهو الزّركشيّ في نكته 1 / 391 -، وبرجوعي إلى المجروحين 1/62–88 وجدته ذكر عشرين نوعاً حسب – هي في حقيقتها الأسباب الموجبة لضعف الرواة - ، صدّرها بقوله : (( فأما الجرح في الضعفاء فهو على عشرين نوعاً ، يجب على كلّ منتحلٍ للسنن طالب لها باحث عنها أن يعرفها )) .

س : هل الأحاديث التي انتقدها الدارقطني بالتتبع يسيرة ؟
ج : ليست باليسيرة ، فقد بلغت انتقادات الدارقطني وحده ( 218 ) ، وهذا فيما سوى ما انتقده أبو مسعود الدمشقي ، وأبو الفضل بن عمار ، وأبو علي الجياني .
ولربما أراد ابن الصلاح أنها يسيرة نسبياً إلى ما لا انتقاد عليه . والحقيقة أن هذه الانتقادات تتفرع عن الأقسام الآتية :
1- الزيادة التي تقع في بعض الأحاديث .
إذ قد ينفرد ثقة بزيادة لا يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه ، فتحميل هذا الثقة تبعه أنه قد يكون غلط ؛ ظن مجرد ، وغاية ما فيها أنها زيادة ثقة لا تنافي رواية الأحفظ والأكثر .
2- الحديث الذي قد يرويه تابعي،المشهور أن روايته عن صحابي معين سمع منه ، فيروي الحديث بواسطة عن ذلك الصَّحَابيّ ،فيعلل الأول بزيادة الراوي في الطريق الثانية.وهذا مندفع بأنه لا مانع من كون ذلك التابعي قد سمع ذلك الحديث بعينه من ذلك الصحابي مباشرة ثم سمعه بواسطة وهكذا يكون الأمر فيمن بعدهم .
3- أن يشير صاحب الصحيح إلى علته ، كأن يرويه مسنداً ثم يذكر أنه روي مرسلاً ، فهذا من صاحب الصحيح ترجيح لرواية الواصل على المرسل .
4- ما يكون مداراً للاجتهاد وتكون علته مرجوحة بالنسبة إلى صحته .
وانظر : نكت الزركشي 1 / 287 ، والتقييد والإيضاح 42 ، وابن حجر 1 / 380 .

س : كم عدد معلقات الإمام البخاري في صحيحه ؟
ج : جملة ما في صحيح البخاري من التعاليق واحدٌ وأربعون وثلاث مئة وألف حديث ، وغالبها مكرر مخرّجٌ في الكتاب أصوله أو متونه ، وليس في الكتاب من المتون التي لم تخرّج في الكتاب – ولو من طريق أخرى – إلا مئة وستون حديثاً . وقد جمع الحافظ ابن حجر جميع هذه التعاليق ووصلها في كتاب مستقل سماه : " تغليق التعليق " .
أما صحيح مسلم فإنّ التعاليق الواردة فيه اثنا عشر . وكلّ حديث منها رواه متصلاً ثم عقبّه بقوله : (( رواه فلان )) ، غير حديث أبي جهيم فإنّه لم يصله ، وعلى هذا فليس في صحيح مسلم بعد المقدمة حديث معلّق لم يصله إلا حديث أبي جهيم . مقدمة شرح النووي 1/18 ، والإرشاد 1/127 والتعليق عليه ، وهدي الساري : 469 .

س : ما الفرق بين المهمل والمبهم عند المحدثين ؟
ج : المبهم : هو من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والنساء ، أو : من ذكر بوصف غير دال على ذات معينة . ويقع في المتن والإسناد ، مثل جاء رجل ، أو عن ابن عم لي ، وهكذا .
أما المهمل : هو أن يذكر الراوي اسمه من غير نسبة تميزه ، وأكثر ما يقع في الإسناد ، كأن يكون للراوي أكثر من شيخ يسمى ( محمداً ) ، فيروي قائلاً : حدثنا محمد . انظر : معرفة أنواع علم الحديث : 557 ، والشذا الفياح 2/703 ، وتدريب الراوي 2/342 ، وشرح شرح النخبة : 71 .

س : من هو الفربري راوي صحيح البخاري ؟
ج : هو أبو عبد الله ، محمد بن يوسف بن مطر الفربريّ ، راوي الجامع الصحيح عن البخاري توفي سنة (320 ه‍) . قال صاحب الأنساب 4/334 عن الفربريّ : (( بفتح الفاء والراء ، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى . هذه النسبة إلى فربر ، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى )) ، ومثل هذا في وفيات الأعيان 4/290. وفي التاج 13/311 : (( فربر ، كسبحل ، وضبط بالفتح أيضاً ، وذكر الحافظ في التبصير الوجهين )) ، وبالوجهين في سير أعلام النبلاء 15 / 12 ، ومعجم البلدان 4 / 245 .

س : هل ورد عن الإمام سفيان الثوري أنه قال : من قدم علياً على عثمان فقد أزرى الصحابة ؟
ج : روي ذلك عن سفيان أنه قال : (( من قدم علياً على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألف قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ الذين أجمعوا على بيعة الرضوان )) . تاريخ دمشق 39/506 .
وروي عن الإمام أحمد أنه قال : (( من فضل علياً على عثمان فقد أزرى بأصحاب الشورى لأنهم قدموا عثمان )) تاريخ دمشق 39/508 .
وقال الخطابي في معالم السنن 7/18 : (( وقد نبئت عن سفيان أنه قال في آخر قوليه : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي )) .

الرسالة:بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الكريم ، السلام عليكم ورحمة الله ..
نختلف نحن والأشاعرة على كتابين من أصول كتب أهل السنة، وهما "الإبانة عن أصول الديانة " للإمام الأشعري ، و " السنة " لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، السلفيون يثبتون هذين الكتابين للإمامين، بينما الأشاعرة يشككون في ذلك ، فيقولون : إن كتاب الإبانة الذي نقرؤه هو من الطبعة الهندية المحرفة وأن المجسمة هم من زادوا على مقالاته ، ويدعون أن كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل هو كتاب تجسيم محض مفترى على الشيخ ... ما رأيك وأنت من المحققين يا شيخ ، من من الفريقين على صواب ؟
جزاك الله خيراً .

ج : سئلت اللجنة الدائمة عن كتاب الإبانة فأجابت : (( اشتهر بين العلماء قديماً وحديثاً نسبة كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري ، وقلده فيما فيه أتباعه ، وخالفه جماعة من العلماء في بعض ما ذكره في الإبانة ونقدوه ، ولم ينكروا نسبته إليه . والأصل البقاء على ما اشتهر من نسبة هذا الكتاب إليه ، فإذا كان لدى من نفى ذلك حجة فليذكرها لينظر فيها ، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم )) فتاوى اللجنة الدائمة 3/221
أما الكتاب السنة فهو ثابت لعبد الله بن أحمد بن حنبل .
س : هل هناك علامات يعرف بها الحديث الموضوع ؟
ج : من تلك العلامات :
1- أن يخالف أحكام العقل من غير قبول للتأويل .
2- أن يخالف الحسّ والمشاهدة .
3- أن يكون خبراً عن أمر عظيم تتوافر الدواعي على نقله ، ثم لا ينقله إلا واحد .
4- مناقضته لنص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي .
5- أن يصرح جمع كبير يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب ، أو التقليد بتكذيب راويه .
6- الإفراط بالوعيد الشديد على فعل الأمر اليسير ، أو الوعد العظيم على فعل صغير .
وغيرها من الأدلة التي تقوي في نفس الناقد الحكم على ذلك الحديث بالوضع . وانظر : نكت الزركشي 2/265 ، ونكت ابن حجر 2/845 .

س هل يقبل تدليس ابن عيينة ؟
ج : قال الزركشي في نكته : ((إن ابن عبد البر حكى عن أئمة الحديث أنهم قالوا : يقبل تدليس ابن عيينة ؛ لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظرائهما.
وقال الكرابيسي : دلّس ابن عيينة عن مثل معمر ومسعر بن كدام ومالك بن مغول . وقال الحاكم في سؤالاته للدارقطني : سُئِل عن تدليس ابن جريج ، فقال : يتجنب تدليسه ، فإنه وحش التدليس لا يدلس إلاّ فيما سمعه من مجروح ، فأما ابن عيينة فإنه يدلّس عن الثقات .
وقال ابن حبان في ديباجة كتابه الصحيح : وهذا شيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة وحده ، فإنه كان يدلّس ولا يدلّس إلا عن ثقة متقن ، ولا يكاد يوجد لابن عيينة خبر دلّس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد تبين سماعه عن ثقة ))

س : ما الفرق بين التدليس والارسال الخفي ؟
ج :يعرف الجواب من خلال النظر إلى الآتي :
1- الاتّصال : وهو الرواية عمّن عاصره وسمع منه ، ما قد سمعه منه .
2- الانقطاع : وهو الرواية عمَّن لَم يعاصره أصلاً .
3- الإرسال الخفي : وهو الرواية عمَّن عاصره ولم يسمع منه .
4- التدليس : هو الرواية عمّن عاصره وسمع منه ، ما لم يسمعه منه .
وانظر : نكت الزركشي 2/68 ، والتقييد والإيضاح 97 ، ونكت ابن حجر 2/614 ، وأثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء : 60 وما بعدها ، وأثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء : 73 وما بعدها .

س : ما معنى التدليس ؟
ج : التدليس: مأخوذ من الدَّلَس – بالتحريك – وهو اختلاط الظلام الذي هو سبب لتغطية الأشياء عن البصر. قال ابن حجر : وكأنه أظلم أمره على الناظر لتغطية وجه الصواب فيه . ومنه التدليس في البيع ، يقال : دلَّس فلان على فلان ، أي : ستر عنه العيب الذي في متاعه كأنه أظلم عليه الأمر ، وأصله مما ذكرنا – من الدَّلَس – .
وهو في الاصطلاح راجع إلى ذلك من حيث إن مَن أسقط مِنَ الإسناد شيئاً فقد غطّى ذلك الذي أسقطه ، وزاد في التغطية في إتيانه بعبارة موهمة ، وكذا تدليس الشيوخ فإن الراوي يغطّي الوصف الذي يُعرف به الشيخ أو يغطّي الشيخ بوصفه بغير ما يشتهر به . انظر : نكت ابن حجر 2 / 614 ، والنكت الوفية 137 / أ ، وتاج العروس 16 / 84 .

س : ما هو الصحيح في ضبط المسيب والد سعيد هل هو بكسر الياء أم بفتحها ؟
ج : بكسر الياء وفتحها ، جاء في القاموس وشرحه تاج العروس 3 / 90 : (( هو كمحدِّث : والد الإمام التابعي الجليل سعيد ، له صحبة ، روى عنه ابنه ، ويفتح ، ويحكون عنه أنه كان يقول : سيَّب اللهُ مَنْ سَيَّبَ أبي ، والكسر حكاه عياض وابن المديني … )) .
أقول : وكنت أضبطه بالكسر في كتبي السابقة ، ولم أستطع أن أختار إلا الفتح عند تحقيقي لمسند الشافعي بترتيب سنجر الجاولي ؛ لأنه ضبط كل ذلك بالفتح ، وأنا الآن أحذو
حذوه .

هل يعبر عن المتصل بالمؤتصل ؟
ج : قال الزركشي 1/410 :
(( قلت : والمؤتصل ، وهي عبارةالشافعي رضي الله عنه كما نقله البيهقي ، وقال ابن الحاجب : في تصريفه : هي لغة الشافعي )) .
وقال ابن حجر 1/510 : (( قلت : ويقال له : المؤتصل – بالفك والهمز – وهي عبارة الشافعي في الأم في مواضع . وقال ابن الحاجب في التصريف له : (( هي لغة الشافعي ، وهي عبارة عن ما سمعه كل راوٍ من شيخه في سياق الإسناد من أوله إلى منتهاه . فهو أعم من المرفوع )) .
ولذا فقد أخطأ كسروي لما حقق معرفة البيهقي فكانت تأتيه لفظة الشافعي فيغيرها ويقول إنها تصحيف ؟؟؟
 
وأنتم أحسن الله إليكم وبارك فيكم ونفع بعلمكم .
أسأل الله العظيم أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
 
عرَضُ التجارة
لي بعض التعليقات على هذه المسألة :
غير التاجر إن عرضَ سيارة -مثلاً- أو أرضاً للبيع .. فليس فيها زكاة بعد سنة من عرضها ، سواء اشتراها أحدٌ بعد السنة أم لم تُشتر ؛
لأن الزكاة إنما شرعت فيما دخل مجال النقدين ، وهذا لم يدخل بعدُ إلا ببيعها . فمن عند ذلك يحسب السنَة .

لكن ، إن احتكر أرضه مثلاً عن البيع إلا بمبلغ طائل وكان فيه مضايقة للناس -كما هو في زمننا- فهنا ينبغي للمفتي أن يفرض عليه الزكاة كل سنة .
لأن احتكاره فيه حرمان لحقهم ((كي لا يكون دولةٌ بين الأغنياء منكم)) ، فيعطي مقابل ذلك .
 
عودة
أعلى