د. محي الدين غازي
New member
مقتبس من كتاب التحرير والتحبير في أصول التفسير لسماحة الوالد الدكتور محمد عناية الله سبحاني. (غير مطبوع)
حديث: نكاح المرأة على عمتها:
وأما نهيه عليه السلام عن أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها، أو العمة على بنت أخيها، أو الخالة على بنت أختها، كما وردت به الروايات، مثلما روى البخاري، قال:
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ سَمِعَ جَابِرًا رضى الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. وَقَالَ دَاوُدُ وَابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.[1]
أو مثلما روى النسائي، قال: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِى هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَالْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا[2].
أو قوله عليه السلام: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة، مثلما روى مسلم، قال:
حديث: الحرمة من الرضاعة:
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنِى أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِىُّ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ»[3]
فهذا كله بيان لما أجمل في قوله تعالى:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا.[4]
الحرمة من ناحية أحكامها نوعان:
بيانه: أن الله تعالى جعل المحارم التي ذكرها في الآية على نوعين، نوع يتضمن الأمهات والبنات، ونوع يتضمن الأخوات ومن بعدهن من العمات والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت.
وليست الحرمة في النوعين على درجة واحدة، وعلى حد سواء، بل يوجد الفرق في النوعين في حالة دون حالة، فتكون الحرمة أحيانا في النوعين على حد سواء، وأحيانا يكون الفرق في النوعين، وتكون الحرمة في النوع الأول ثابتة، وتكون في النوع الثاني طارئة من وجه، غير طارئة من وجه آخر.
الحرمة بسبب النسب والرضاعة:
فتكون الحرمة في النوعين – مثلا – إذا كانت حرمة النسب، فتكون الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت كلهن من المحارم، بدون أي فرق بينهن.
وكذلك تكون الحرمة في النوعين، إذا كانت حرمة الرضاعة، والقرآن لم يذكر المحارم من الرضاعة كلهن باللفظ، وإنما دلّ على ذلك بنظم كلماته، فذكر الأولى من النوع الأول: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) وذكر الأولى كذلك من النوع الآخر، وهي: (وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ).
فالأمهات شملت البنات، والأخوات شملت من بعدهن: من العمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت. وعلى هذا تكون الأمهات من الرضاعة، والبنات من الرضاعة، والأخوات من الرضاعة، والعمات من الرضاعة، والخالات من الرضاعة، وبنات الأخ من الرضاعة، وبنات الأخت من الرضاعة كلهن من المحارم، على درجة واحدة، ومن هنا قال النبي عليه الصلاة والسلام:
«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ»
الحرمة بسبب الصهر:
وأما إذا كانت الحرمة بسبب الصهر، اختلفت نوعيّتها، واختلفت جهاتها في النوعين، والقرآن لم يذكر ذلك باللفظ، وإنما دل عليه بنظم كلماته، فقال:
(وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)
فالقرآن ذكر في المحارم من الصهر أمهات النساء، وبنات النساء فقط، ولم يذكر النوع الثاني من المحارم، وهن: الأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت.
وهذا يعني أنهن لسن من المحارم.
ثم قال تعالى بعد قليل: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) أى: أخت المرأة ليست حراما عليكم، وإنما الحرام أن تجمعوا بين المرأة وأختها.
وهذا الحكم لا يخص أخت المرأة فقط، بل ينطلق على كل من في حكم الأخت من العمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت؛ فلا يجوز الجمع بين المرأة وأختها في النكاح، ولا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أخيها، وبين المرأة وبنت أختها.
فالنبي عليه السلام حينما نهى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا، أونهى أن تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَالْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، فهذا كله كان بيانا لما وضعه ربنا في نظم تلك الآية، ولم يكن ذلك زيادة على كتاب الله، كما وهِم ذلك من وهِم.
[1]صحيح البخاري:3/451/ 5108: باب لا تنكح المرأة على
[2] سنن النسائي، باب تحريم الجمع بين المرأة وخالتها، رقم الحديث: 5430
[3]صحيح مسلم، باب يحرم من الرضاعة ما:4/162/3642
[4] سورةالنساء:23
حديث: نكاح المرأة على عمتها:
وأما نهيه عليه السلام عن أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها، أو العمة على بنت أخيها، أو الخالة على بنت أختها، كما وردت به الروايات، مثلما روى البخاري، قال:
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ سَمِعَ جَابِرًا رضى الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. وَقَالَ دَاوُدُ وَابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.[1]
أو مثلما روى النسائي، قال: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِى هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَالْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا[2].
أو قوله عليه السلام: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة، مثلما روى مسلم، قال:
حديث: الحرمة من الرضاعة:
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنِى أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِىُّ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ»[3]
فهذا كله بيان لما أجمل في قوله تعالى:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا.[4]
الحرمة من ناحية أحكامها نوعان:
بيانه: أن الله تعالى جعل المحارم التي ذكرها في الآية على نوعين، نوع يتضمن الأمهات والبنات، ونوع يتضمن الأخوات ومن بعدهن من العمات والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت.
وليست الحرمة في النوعين على درجة واحدة، وعلى حد سواء، بل يوجد الفرق في النوعين في حالة دون حالة، فتكون الحرمة أحيانا في النوعين على حد سواء، وأحيانا يكون الفرق في النوعين، وتكون الحرمة في النوع الأول ثابتة، وتكون في النوع الثاني طارئة من وجه، غير طارئة من وجه آخر.
الحرمة بسبب النسب والرضاعة:
فتكون الحرمة في النوعين – مثلا – إذا كانت حرمة النسب، فتكون الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت كلهن من المحارم، بدون أي فرق بينهن.
وكذلك تكون الحرمة في النوعين، إذا كانت حرمة الرضاعة، والقرآن لم يذكر المحارم من الرضاعة كلهن باللفظ، وإنما دلّ على ذلك بنظم كلماته، فذكر الأولى من النوع الأول: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) وذكر الأولى كذلك من النوع الآخر، وهي: (وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ).
فالأمهات شملت البنات، والأخوات شملت من بعدهن: من العمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت. وعلى هذا تكون الأمهات من الرضاعة، والبنات من الرضاعة، والأخوات من الرضاعة، والعمات من الرضاعة، والخالات من الرضاعة، وبنات الأخ من الرضاعة، وبنات الأخت من الرضاعة كلهن من المحارم، على درجة واحدة، ومن هنا قال النبي عليه الصلاة والسلام:
«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ»
الحرمة بسبب الصهر:
وأما إذا كانت الحرمة بسبب الصهر، اختلفت نوعيّتها، واختلفت جهاتها في النوعين، والقرآن لم يذكر ذلك باللفظ، وإنما دل عليه بنظم كلماته، فقال:
(وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)
فالقرآن ذكر في المحارم من الصهر أمهات النساء، وبنات النساء فقط، ولم يذكر النوع الثاني من المحارم، وهن: الأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت.
وهذا يعني أنهن لسن من المحارم.
ثم قال تعالى بعد قليل: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) أى: أخت المرأة ليست حراما عليكم، وإنما الحرام أن تجمعوا بين المرأة وأختها.
وهذا الحكم لا يخص أخت المرأة فقط، بل ينطلق على كل من في حكم الأخت من العمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت؛ فلا يجوز الجمع بين المرأة وأختها في النكاح، ولا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أخيها، وبين المرأة وبنت أختها.
فالنبي عليه السلام حينما نهى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا، أونهى أن تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَالْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، فهذا كله كان بيانا لما وضعه ربنا في نظم تلك الآية، ولم يكن ذلك زيادة على كتاب الله، كما وهِم ذلك من وهِم.
[1]صحيح البخاري:3/451/ 5108: باب لا تنكح المرأة على
[2] سنن النسائي، باب تحريم الجمع بين المرأة وخالتها، رقم الحديث: 5430
[3]صحيح مسلم، باب يحرم من الرضاعة ما:4/162/3642
[4] سورةالنساء:23