متى كان القرآن نصاً إفتراضياً؟!

إنضم
29/10/2010
المشاركات
3
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله الرحمن الرحيم​

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ..
أما بعد :
أثناء زيارتى للأردن قبل أسبوع,لفت إنتباهي عنوان في واجهة إحدى المكتبات نظراً لاهتمامي بتفاسير القرآن الكريم,وكان هذا العنوان:"تفاسير صوفية غير منشورة",جمع و تحقيق و تعليق الدكتور مختار الفجّاري,
أستاذ تعليم عالي-أستاذ الحضارة بجامعة 7 نوفمبر بقرطاج,المعهد العالي للغات بتونس.
ولمّا كنت معجباً بما يصدره من حين لآخر عدد من أساتذة الجامعة التونسيّة من دراسات و بحوث جدّية,فقد بادرت بإقتناء الكتاب,و لكنني عند قراءته أصبتُ بخيبة أمل كبيرة هذه المرّة و قد رأيت من الواجب عليّ تنبيه القارئ و إشراكه في ما حصل لي من ملاحظات قسمتها إلى ملاحظات شكلية و أخرى في العمق.
الملاحظات الشكلية.
هل من الأخلاق العلمية السطو على جهود الغير؟!
أكد صاحب الكتاب في عنوانه أنه تفاسير صوفية غير منشورة,قام هو بجمعها و تحقيقها,و لكنّ الكتاب يضم في الواقع ثلاثة نصوص:إثنان منها سبق تحقيقها و نشرها,و الثالث فيه نظر.
أما النصّان الأولان فسماهما:أ)تفسير الحلاج
ب)تفسير الجنيد
و الحقيقة أن المادة المضمّنة في هذين التفسيرين منسوخة عن العمل الذي قام به المستشرق لويس ماسينيون في تحقيقه المنشور بخطّ يده ل"حقائق التفسير"للسلمي و "عرائس البيان" لروزبهان البقلي,و كذلك كتاب "زيادات حقائق التفسير" للسلمي أيضاً و الذي حققه و نشره المستشرق جيرارد بورنق.مع العلم أيضاً,أن "حقائق التفسير" سبق تحقيقه و نشره ثانية من قبل سيّد عمران.وهي كلها أعمال معروفة و يتضح جيّداً أن الفجّاري,قد اطلع عليها بل و يعترف هو نفسه,في عمله هذا,بإعتماده إعتماداً مطلقاً,فلماذا و الحال هذه إذأً يدعي في غلاف كتابه أنها غير منشورة؟!و لماذا ينتحل فضل تحقيقها,سالباً أصحاب الفضل الحقيقيين ثمرة جهدهم؟!ألا يتعارض ذلك مع واجب الأمانة العلمية المفروض على كل باحث أكاديمي؟!
أما النص الثالث و الذي فيه نظر,فهو كما سماه "صاحب"الكتاب:"كتاب مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المنزل من أنفاس الشيخ الإمام العالم الأوحد العارف المكاشف تاج العارفين و لسان المحققين:فخرالدين عبدالله أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الحرالّي."
و هو عندنا محل نظر,لأننا أحسسنا إحساساً,و إن كان لا يرقى إلى اليقين,بأن الفجّاري لم يعد مباشرة إلى نص المخطوط,و بدا لنا من خلال عديد القرائن أن نسبة الجمع و التحقيق إليه قد لا تكون مسلمة,و إن كنا في الحقيقة لا نعرف حاليا المصدر الأصلي المحتمل,و لكن ما نحن متيقنون منه وم أن العمل الذي قدمه الفجّاري في "كتابه" هذا لا تتوفر فيه أدنى الشروط العلمية لفعل التحقيق,إضافة إلى ما تضمنه التقديم الذي مهد به لهذا "الكتاب",من أخطاء عجيبة أحيانا.و قد رفعنا عبارة كتاب بين ظفرين,لأنها لا تعني هنا كتابا بالمعنى الإصطلاحي الشايع الذي فهمه الفجّاري ,و إنما تعني "رسالة",كما نقول:"إذا جاءك كتابي هذا" أي رسالتي أو مكتوبي,و حجم هذا "الكتاب" يدل على ذلك,إذ رغم محاولة الفجّاري لتطويله بالإكثار من المساحات الفارغة,حتى أن عدداً من الصفحات لا تحمل كل منها إلا بضعة أسطر,فإنه إجمالا و بعد حذف تلك الفراغات لا يكاد يتجاوز عشرة صفحات من الحجم المتوسط.
هذا من حيث التجاوزات الشكلية أما من حيث الأخطاء و التجاوزات في المحتوى فسوف نجمل بعضها في العنوان التالي:
هل أصبح الإدعاء عندنا علما؟!
بعد إنتحال الفجّاري جهد غيره و نسبته إلى نفسه و خاصة جهد المستشرق لويس ماسينيون المعروف بحبه الشديد للحلاج و اهتمامه بالتصوف الإسلامي عموما,صدق نفسه و توهم فعلا أنه بذلك أصبح صاحب مدرسة الحقيقة بصدق,لذلك,لم أقرأ في عمل الفجّاري هذا ,أصدق من إعترافه قائلا:"أما المرحلة الثالثة فهي التي ندعي إنجازها هنا"(ص2) لأن قول المؤلف إنه يمثل " النمو الطبيعي" لمحاولات ماسينيون و تلميذه بول نويا, بل إنه مصوب أخطائهما,و لم يجد الزمان بعدهما إلا به هو ليدرس التصوف الإسلامي و يجمع و يحقق نصوصه,إن قواه هذا ليس إلا مجرد إدعاء, لأنه يجهل أو يتجاهل كما هائلا من الدراسات العلمية الجادة حول التصوف الإسلامي,حفلت بها المكتبات العامة و المكتبات الجامعية في العديد من البلدان العربية بما فيها تونس.
و لكن هذا الإدعاء يهون أمام إدعاء آخر أعظم,يزعم فيه الفجّاري,و أرجو أن يكون ذلك منه سوء تعبير, أن القرآن الكريم نص إفتراضيّ أي موضوع للشك مثله مثل الشعر الجاهلي و خطب الكهان,و ذلك في قوله حرفياً:"إن منطلقنا في الكتابين الأولين نصوص إفتراضية لأنها دونت لاحقا و خضعت للإكراهات نفسها التي خضعت لها خطاباتنا الشفوية القديمة مثل الشعر الجاهلي و الخطابة و القرآن"(ص1).
فإذا تجاوزنا على مخض هذا الإدعاء الخطير بكل ما يترتب عنه من نتائج دينية و معرفية, لا نريد التوقف عندها لأن القرآن الكريم منزه عن كل ريب, فإن ما سماه الفجّاري تحقيقا لا يخضع لأبسط قواعد التحقيق, و هي :
1-أن لا يكون النص محققاًمن قبل, و قد راينا عكس ذلك أن المؤلف إنما أعاد نشر نصوص محققة و منشورة, و غاية ما فعله أنه, و دون العودة إلى المخطوط الأصلي,إكتفى بالترجيح التخميني لأحد التحقيقين السابقين إذا إختلف في بعض العبارات, و حتى في هذا فقد وقع في خطاء الفهم أحياناً مثل ما ورد في تفسير الحلاج لقوله تعالى ( في سورة الحاقة):" فلا أقسم بما تبصرون و ما لا تبصرون" قال الحلاج-حسب تحقيق سيد عمران-:"... وما أظهر الله من صفات و أراهم من صنعه و أبدى لهم من عمله في جنب ما إختزن عنهم إلا كذرة في جميع الدنيا و الآخرة و لو أظهر الله من حقائق ما إختزن لذابت الخلائق عن آخرهم فضلا عن جملها", و لكن الفجّاري خطّأ المحقق في عبارة جَملها, و عوضها بعبارة " حَملها", و هي عبارة لا معنى لها في هذا السياق, و الصواب ما أورده المحقق أي جَملها ( بالجيم لا بالحاء) بمعنى فضلاً عن جمعها و إجمالها: ما ظهر منها و ما خفي.
2-التعريف بالمخطوط المحقق و مختلف نسخه و تاريخ نسخه و مكانه و خطه و التعريف كذلك بصاحبه و بناسخه, و هو ما غاب تماماً في هذا التحقيق المزعوم سواء في تفاسير الحلاج و الجنيد أم في كتاب الحرالّية "مفتاح الباب" الذي لم نعرف من الفجّاري من يكون هذا الشخص,من أي بلد من بلدان الأندلس هو, على من درس من المشايخ و ما هي مكانته في عالم التصوف و إن كانت له مؤلفات أخرى و اكتفى بالتعريف العام "هو علم من أعلام الصوفية بالأندلس." و قد لاحظ أن الهمزة في هذا النص كثيراً ما ترد مخففة أو مليّنة, و نسب ذلك دون حجة إلى الناسخ, مع العلم أن الميل إلى اللهجات الدارجة كان من الميزات التي وسمت الكتابة الأدبية و غيرها في الأندلس خلال هذه المرحلة المتأخرة أي بداية من القرن السابع الهجري.
و الغريب أن المحقق, و هو يحاول وصف المخطوط,لا يذكر نوعية الخط, و يبدو أنه لا يميز بين نظم الخط العربي المختلفة, و اكتفى بتأكيد غريب و عام جداً يكاد لا يعني شيئا و هو أنه يوجد " شبه جزئي بين هذا الخط و بين بعض القرائن الأسلوبية في مقدمة إبن خلدون مثلا"(هامش ص8) و للقارئ أن يتساءل كيف تجوز المقارنة بين خطّ ما و هو شكل في رسم الحروف و بين الخصائص الأسلوبية في مقدمة إبن خلدون و هي سمات فنية تهم المعنى و البلاغة؟! مع ضرورة التنبيه إلى كثرة الأخطاء اللغوية و أخطاء الطباعة.
3- الكسل الذهني و سوء الفهم: يوفر لنا عمل الفجّاري مثالاً صريحاً للكسل الذهني الذي يعتري بعض مثقفينا و كتّابنا, عندما يحاولون الحصول على "أمجاد" رخيصة, لا يقدمون لنيلها إلاّ مجهوداً أدنى لا يكاد يذكر.إن تقديم الفجّاري للنصوص التي أعاد نشرها لا تتجاوز ثلاث و عشرين صفحة, على الإجمال, و لكن إذا حذفنا منها الشواهد المطولة و التي تستغرق ثلثي الصفحة أحياناً, لا يبقى منها إلا بضع صفحات أغلب ما تضمنته هو سلخ لجمل النصوص المقدمة و إعادة صياغتها بتحريرات خفيفة.وعندما غامر "المؤلف" في حالات قليلة بتقديم إجتهاد شخصي في فهم بعض الفقرات و التعابير وقع في أخطاء عجيبة و لعل أغربها, إلى حد الدفع إلى الضحك, فهمه لحديث الحرالّي عن "أسنان الجسم و القلب" و هويقصد بعبارة أسنان جمع "سنّ" أي العمر,فقال " إن أسنان الجسم أرابيع و أسنان القلب أسابيع" بمعنى أن عمر البدن ينقسم إلى أربع مراحل هي:الطفولة و الشباب و الكهولة و الشيخوخة,و قياسا على ذلك جعل للقلب سبع مراحل من العمر,و لكن الفجّاري فهم الأسنان بإعتبارها أسنان الفم فقال:" و لما كان عمر الإنسان مرتبطا بعدد الأسنان فقد جعل للقلب أيضاً أسنانًا على المجاز"(ص13). و الغريب كيف يمكن لشخص بمثل هذه المحدودية في الفهم, أن يزعم لنفسه إنجاز مشروع علميّ يقوم على دراسة التفسير الصوفي القائم أصلاً على الرمزية و الإشارة و التأويل؟!
4-الأمانة العلمية: تعتبر الأمانة العلمية أول شروط البحث الأكاديمي و لم يخالفها الفجّاري فقط من خلال نسبته أعمال غيره و ادعاء السبق فيما لا سبق له فيه, و إنما تعدى ذلك الى إنتحال صفة.
اقد إستفزتني كل تلك التجاوزات في كتاب الفجّاري فاتصلت بصديق لي مدرس في جامعة 7 نوفمبر بقرطاج بتونس أستوضحه الأمر عن المؤلف, فعلمت منه ما زادني اسفاّ, علمت أن الفجّاري الذي ألحق إسمه في غلاف الكتاب بصفة " أستاذ تعليم عالي" هو في الحقيقة أستاذ مساعد. و هو يشتغل حالياً في جامعة طيبة بالمدينة المنورة برتبة أستاذ مساعد متعاقد و لم يرتق أبداً لا إلى رتبة محاضر (مشارك) و لا رتبة أستاذ, بعد أن خاب في إجتياز إختبار التأهيل الجامعي,و قد بررت اللجنة العلمية قرارها بضعف ملفه العلمي.و هو ما يؤكده كتابه هذا الذي بين أيدينا.
و لكن لا يسعنا, و نحن نختم هذه الملاحظات, إلا أن نتوجه باللوم إلى الناشر و هو دار " عالم الكتب الحديث" بالأردن,لأنه لم يتثبت في مصداقية ما ينشر حتى و إن حاول تبرئة نفسه مسبقا بالقول في الغلاف الداخلي:"يتحمل المؤلف كامل المسؤولية القانونية عن محتوى مصنفه", و لكن من يتحمل المسؤولية الأخلاقية؟!

عماد علي حسين.
 
بارك الله فيكم .
لقد استوقفني ما تفضلتم به بعد قراءتي لهذا الكتاب . وقد اشتريته من معرض الرياض الدولي الماضي ..
12884119571.jpg

ولفت نظري عبارة (غير منشورة) ، ولما قرأته وجدتها كلها منشورة من قبل .
فغضافة لتفسيري الحلاج والجنيد المنشورة من قبل عن طريق لويس ماسينيون ، فقد قام محمادي بن عبدالسلام الخياطي وهو أستاذ مغربي بتحقيق رسالة الحرالي هذه وغيرها في كتاب واحد بعنوان (تراث أبي الحسن الحرالي المراكسي في التفسير) ..​
harali.jpg

بارك الله فيكم على هذا التنبيه .​
وللفائدة فهذا موضوع حول محاضرة قدمها الدكتور مختار الفجاري بالمدينة المنورة تجدها هنا .




سؤال : هل أنت (نادر جون رحيموف) كما في المعرف ؟ أم (عماد علي حسين) كما في ختام المشاركة ؟

 
متى كان القرآن نصاً إفتراضياً؟!

أخوكم - نادرجون رحيموف - كما في المعرف و أما بنسبة البحث طلب مني الأخ - عماد - أن أنشر - هذا البحث أو الرد - في المواقع الإسلامية فنشرته للفائدة.
 
جزاك الله خيراً أخي نادر على هذا النقل، وبارك الله في الأخ عماد.
لقد أحسن الأخ عماد في نقده لما طرحه د. مختار من حيث المسائل العلمية كالنص الافتراضي، ونقد عمله في التحقيق ، وكان بودي لو تجنب الإساء الشخصية أو النقد الذاتي للرجل كقوله:
بعد أن خاب في اجتياز اختبار التأهيل الجامعي,و قد بررت اللجنة العلمية قرارها بضعف ملفه العلمي
فلا أظن أن هذه له كبير فائدة في نقده المدون، ولو خلت منه لكان أفضل من وجة نظري.
 
هذا النقد فيما يبدو ليس لمحض شخصه و انما لأمر متعلق باساس الموضوع من بيان السرقة و التعالم , فيكون صائبا بيان اصل ذلك بالكلام عن درجته العلمية.
 
هذا الكلام لا أساس له من الصحة وهو نقد غير علمي

هذا الكلام لا أساس له من الصحة وهو نقد غير علمي

لأنّني أستاذ تعليم عالٍ بالجامعة التونسية، ولأنّني أغار على ديني وإيماني وعقيدتي السنية، أنا الدكتور مختار الاخضر الفجاري، أودّ أن أعلّق على هذا المقال بالطريقة العلمية التالية:
1 ـ هذا النقد يتعارض مع قواعد البحث العلمي لأنه خرج عن النقد الداخلي للنص وتعرّض لشخصية الكاتب ورتبته العلمية بغير موجب علمي. فالناقد لا يعرف الفرق بين "أستاذ تعليم عال" المثبتة في الكتاب والدالة على أستاذ جامعي و"أستاذ التعليم العالي" المعرّفة بالألف واللام والدالة على أعلى رتبة علمية في التعليم الجامعي. وهذا ضعف لغوي لا يتجلى فقط في هذه النقطة بل في كامل المقال ومن خلال أخطاء رسم الهمزة خاصة. ولذلك لا يمكن أن يكون هذا النقد علميا بل هو كلام تُشم منه رائحة الدسيسة والمكيدة والاستهداف الشخصي خاصة بعد المعركة التي حدثت مؤخرا بيني وبين أنصار محمد أركون في تونس والتي خرجت منها منتصرا بالله سبحانه، إذ جعل إلى جانبي الرأي العام التونسي. (تابعوا ذلك على النات). والفرضية التي تفرض نفسها بشدة هنا هي "ألا يكون هذا الكلام مجرد ردة فعل متخفية على هزيمة معلنة؟" لاسيما أنّ صاحبه يصرّح علنا أنه <<اتصل بصديق له مدرس بجامعة 7 نوفمبر بقرطاج ليستوضحه الأمر عن المؤلف>>. وهذا كلام يسقط القناع لأنّ رأس تلك المعركة أحد تلاميذ محمد أركون الذين يدرّسون في جامعة 7 نوفمبر بقرطاج والذي مكنوه من ملفي للتأهيل الجامعي حتى يقدم تقريرا سلبيا عنه.
2 ـ من وجهة نظر تحليل الأسلوب يبدو هذا النص مكتوبا بأسلوب تونسي وإن كان الإسم المسجل تحته مجهول الهوية والجنسية والرتبة العلمية. وهذا أيضا خرق آخر لقواعد النقد العلمي. قلت إنّ أسلوب هذا النص تونسي بدليل قوله: <<وقد رفعنا عبارة كتاب بين ظفرين>>. وهذه عبارة تونسية معتمدة في تقاليد الخطاب العلمي والنقدي في الجامعة التونسية. وقد لاحظنا أنّ جل الباحثين العرب من غير التونسيين يستعملون عبارة "بين مزدوجتين" أو عبارة "بين هلالين" أو عبارة "بين معقفين". كما أنّ عبارة "التأهيل الجامعي" هي المصطلح المستعمل تونسيا للتعبير عن الترشح لترقية الأستاذ المحاضر في تونس/المشارك في السعودية. واستعمالها هنا دون توضيح يبرز البداهة التي تعامل بها صاحب النص مع المصطلح باعتباره مصطلحا معهودا في تونس. وهكذا تصبح فرضية المؤامرة مؤكدة.
3 ـ من وجهة نظر تحليل الخطاب. قوّلني صاحب النص ما لم أقله. بل عمد بشكل تعسفي ليلحق موقفي من التفسير الصوفي بالقرآن الكريم. فصفة "افتراضي" كما هو صريح في النص ملحقة بالتفسير الصوفي. ولم أقل على الإطلاق إنّ القرآن نص افتراضي. كما أنّ موضوعي حين تحدثت عن الافتراضية ليس دراسة القرآن الكريم بل دراسة التفسير الصوفي. أما موقفي من القرآن الكريم فيجب أن يبحث عنه في المواطن التي يكون فيها القرآن موضوع البحث. والدليل ما ذكرته عن القرآن الكريم في كتابي "نقد العقل الإسلامي عند محمد أركون" وعندما كان القرآن الكريم موضوعا للبحث. لقد أراد أركون في كتابه "قراءات في القرآن"، وحين مّيز بين القرآن باعتباره خطابا شفويا والمصحف باعتباره نصا مكتوبا، أن يفكك بنية المقدس انطلاقا من تفكيك رأس كل تقديس، كما يزعم، وقد عارضته في ذلك حين قلت في الفقرة الثانية من الفصل الرابع من الصفحة 170: <<يريد أركون أن يجدّد العقل الإسلامي المعاصر بتفكيك بنية المقدّس، وبالتحديد حل المقدس الخاص بالنص القرآني. ويبرّر ذلك بأنّه رأس كل مقدّس وينبوعه الأول. ويقول في تحليله هذا إنّ المصحف ليس قرآنا، وإنما قرآن المسلمين هو القرآن الشفوي. وأنّ الله لم يفترض وجود قرآن مكتوب. وهو يرى أنّ تدوين القرآن أضر بالمسلمين أكثر ممّا نفعهم. ولكنّنا لا نشاركه الرأي (...) إذ ينبغي الإشارة إلى أنّ تأصيل الكيان لا يقل قيمة عن تحقيق تقدم في المعرفة. فتدوين القرآن أدى إلى توحيد الأمة وتثبيت وجودها. ولا يعقل علميا أن يلام المسلمون على تدوين قرآنهم>>. هذا موقفي الصريح من أعداء قرآننا العزيز. ولا يمكن أن يزايد أحد على إيماني أو يطعن في موقفي المعروف من الاستشراق ودعوتي إلى التاريخية المؤمنة.
3 ـ يدّعي صاحب هذا النص أني أعاني من الكسل الذهني. والغريب أن البعض صدّقه. فكم أنت سريع النسيان أيها الإنسان. إنك دائما عجول. يبلي الدهر ذاكرتك بسرعة. وللتذكير أقول: إني أكتب، منذ 2005، بمعدل كتاب كل سنة. وكتبت إلى حد الآن أكثر من ألفي صفحة دفاعا علميا عن الإسلام ومعتمدا السلاح نفسه الذي يرفعه أعداء الإسلام من مناهج لغوية وتفكيكية ونقدية. ومع ذلك يذاع شتمي سرّا وعلانية من قِبل شخص أجزم أنه لم يبلغ ما كتبته لا من حيث الكم ولا من حيث الكيف. والماء، كما يقال، يكذّب الغطاس.
4 ـ من وجهة نظر تحليل الخطاب دائما. يقع صاحب النص في اللامفكر فيه حين فكر في مسألة إعجابه بالجامعة التونسية. وأنا من أين حصلت على الدكتوراه؟ ألم تكن من أحسن جامعاتها؟ (كلية الآداب بمنوبة) ألم يكن الأستاذ الدكتور كمال عمران رئيسا للجنة المناقشة. وهو، كما يجهل شاتمي، إمام خطيب بأكبر جوامع العاصمة ومدير إذاعة الزيتونة التي تدافع عن الإسلام والمسلمين في تونس. ثم إنّ صاحب النص حين يقول إنه معجب بالجامعة التونسية ويصاب بخيبة أمل كبيرة بعد أن قرأء كتابي يكون قد أساء إلى الجامعة التونسية في مستوى اللامفكر فيه في الوقت الذي يفكر فيه بالإساءة إليّ. وذلك لسببين: الأول أني خريج هذه الجامعة بامتياز. إذ تحصلت على ملاحظات التميّز في كل مراحل تعليمي الجامعي لاسيما مرحلة الباكلريوس، (يمكن الاطلاع على شهادة الأستاذية بجامعة طيبة) والثاني أنّ هذا الكتاب بالذات هو تتمّة للأطروحة. وقد ذكرت في مقدمته ذلك كما ذكرت في مقدمة الأطروحة أني سأقوم بعمل مكمّل للأطروحة هو العمل نفسه الذي بدأ به ماسينيون ولم يتمه وحاول تلميذه بول نويا بعده استيفاءه ولم يستكمله أيضا.
5 ـ من وجهة نظر تحليل الخطاب أيضا، يدعي صاحب النص أني أسرق جهد غيري في هذه النصوص الثلاثة وهذا هراء لأنّ الكتاب الأول نشر مخطوطا بأخطاء شنيعة في آيات القرآن الكريم وعملي من خلال توسيع دائرة المصادر إلى حقائق التفسير هو من أجل إصلاح الأخطاء بل إنّ الذي سرق فعلا ونشر مخطوط ماسينيون كما هو، ونسخة طبق الأصل هو الآن ينعم بالطمأنينة ويتجاهله صاحب النص أو يجهله مع العلم أني ذكرت في كتابي ذلك وبيّنت أني بهذا التحقيق أصحح الأخطاء التي وقع فيها هذا المستشرق.لقد قلت حرفيا في الهامش رقم 6 الخاص بالآية السادسة من الفاتحة وبالصفحة 27 من الكتاب: <<إنّ ماسينيون جعلها رقم 5 وهو خطأ. وهذا النوع من الأخطاء متكرّر عنده بشكل ملفت. وسنقوم بتصحيحه والإشارة إليه دائما. مع العلم أنّ نصّ التفسير هو نسخ بخط اليد. وللأسف فإنّ هذا النص طبع ونشر بأخطائه المسّونية الكثيرة عن دار رياض الريس للكتب وادّعى قاسم عبّاس محمد أنّه حقّقه والحق أنه لم يفعل شيئا سوى نسخ النص الذي أثبته ماسينيون بحذافيره. ولذلك رأينا أنّ الواجب العلمي يدعونا إلى إعادة التحقيق والمراجعة وتوسيع نسخ المدونة للمقارنة بينها وعدم الاكتفاء بماسينيون.>> ومن الطريف أنّ الملاحظة نفسها ذكرتها في أطروحتي الموسومة بـ"حفريات في التأويل الإسلامي" بالصفحة 160. والهامش هذا نفسه أشار إلى الملاحظة. كما أن المطلع على مقدمة الكتاب يجد تفصيلا لذلك. وأنا أدعو كل نزيه إلى أن يقرأ مقدمتي للكتاب بعد قراءة نص السيد عماد ثم يحكم. ثم أتساءل بحيرة. لماذا لم يوجه العيب إلى المستشرق الذي أساء إلى القرآن الكريم؟ ولمَ لمْ يوجه العيب إلى المحقق العربي الذي سرق جهد غيره ونشر نسخة مطابقة لنسخة ماسينيون؟ لماذأ أنا بالذات يوجه لي هذا التجني غير العلمي في حين أني أجهدت نفسي في تنويع المصادر من اجل المقارنة والترجيح والتصحيح. هذا فضلا عن اعتبار هذا الكتاب عملا تابعا لأطروحة جامعية أنجزت في الجامعة التونسية؟ بالإضافة إلى أنّ بول نويا له كتاب شبيه جدا بكتابي وعنوانه "نصوص صوفية غير منشورة" جمع فيه تفسيري ابن عطاء وجعفر الصادق من كتاب حقائق التفسير. ولم يوجه له أي لوم أيضا.
أمّا التفسير الثاني: تفسير الجنيد فإني أتحدى أي شخص يثبت لي أنه نشر وحقق من قِبل شخص آخر قبلي. وأعلن هنا أن صاحب النص كذب عليّ كذبا موصوفا. وأماّ التفسير الثالث:"كتاب مفتاح الباب المقفل..." للحيرالي. فصاحب النص يقول أنيّ <<لم أعد إلى نص المخطوط>>. وهذا تجني موصوف أيضا لأني أملك المخطوط. ثم إني بكل أخلاق علمية لم أتفطن عندما باشرت التحقيق إلى أنه نشر من قبل ومع ذلك لما نظرت فيه وجدت فيه فرقا بين المخطوط الذي أملكه والمخطوط الذي ااعتمده من سبقني.
5 ـ من الكذب الموصوف أيضا قوله: إنّ هذا الكتاب كان، بضعفه، سببا في عدم قبول ملفي للتأهيل الجامعي. والحال أنه سقط في اللامفكر فيه مرة أخرى لأنّ قانون الترشح للتأهيل الجامعي في تونس يمنع بحوث التحقيق. وقد قدّمت لهذا الملف الذي رفضه تلميذ أركون المذكور أعلاه كتابي "الفكر العربي الإسلامي: من تأويلية المعنى إلى تأويلية الفهم" وهو البحث القانوني والشرعي كما هو مثبت في كلية الآداب بمنوبة. فمن أين له بهذا الافتراء لو لم تكن غايته الإساءة إلي والتشويش على نجاحي الأكاديمي الذي يشهد القاصي والداني.
وهكذا أقرّ بكل أخلاق علمية ودون شتم أو قذف أنّ كل ما كتب هنا عني عار من الصحة ولا يصل يأية حال من الأحوال إلى مستوى النقد العلمي ولا يعتد به نظرا لكل الملاحظات السابقة وكذلك لعدم تقديم صاحبه لرتبته العلمية بل للشكوك التي تحوم حول إسمه فقد سأله أحد المعلقين عن اسمه قائلا: هل أنت (نادر جون رحيموف) كما في المعرف؟ أم (عماد علي حسن) كما في ختام المشاركة؟ فأجاب: <<أنا نادر جون رحيموف>>. فمن هو هذا الشخص وهل هذا اسم عربي حتى يتكلم في اللغة العربية وفي فكرها وأساتذتها؟ إني لا أرى فيه إلا قول أبي حيان التوحيدي حين قال عن بعض من تكلم في اللغة العربية بغير علم إذ قال: أراكم تتكلمون في كلامنا بغير كلامنا. ومن يتثبت في لغته يعرف مدى مسكه بناصية اللغة العربية.
هذا ردي أتوجه به إلى قرّائي الذين يحترمون أفكاري وكتاباتي . وأقول لهم إنّ أخلاق صاحب هذا النص وصلت به إلى حدّ استخراج نسخ من النات وتوزيعها في رفوف زملائي بقسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة قصد تشويه صمعتي العلمية. ولكن الكفاءات العالية التي أسّست هذه الكلية الفتية وقامت بانتدابي لتقديم الإضافة العلمية لجامعة طيبة الطيّبة يعرف جيدا كفاءتي . وسيزيده ذلك قناعة بجديّتي وسترسخ له يقينا بسذاجة هذه الحركة الخسيسة. ولن يزيد ذلك زملائي إلا تعاطفا معي ومحبة لي. ورب ضارة نافعة. وحسبي الله ونعم الوكيل.
 
جزاك الله خيرا، قلت فأبلغت.

ويبقى اللوم على الناشر في عبارة (غير منشورة) فهي عبارة موهمة توقعكم فيما ظن الإخوة وظننا جميعا، فيكفي بيانكم في مقدمة الكتاب أنكم اطلعتم على نشرة ماسينيون، وما قدمتموه حولها من نقد.
أما المآخذ الأخرى فلا أبلغ في الرد عليها مما ذكرت، وكلامك فيها يكفينا ..
أحسن الله إليك.
 
عودة
أعلى