محمد محمود إبراهيم عطية
Member
تُبَاح الْغِيبَة لِغَرَضٍ شَرْعِيّ ، وَذَلِكَ لِسِتَّةِ أَسْبَاب : أَحَدهَا : التَّظَلُّم ؛ فَيَجُوز لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَتَظَلَّم إِلَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيْرهمَا مِمَّنْ لَهُ وِلَايَة ، أَوْ قُدْرَة عَلَى إِنْصَافه مِنْ ظَالِمه , فَيَقُول : ظَلَمَنِي فُلَان ، أَوْ فَعَلَ بِي كَذَا . الثَّانِي : الِاسْتِغَاثَة عَلَى تَغْيِير الْمُنْكَر ، وَرَدِّ الْعَاصِي إِلَى الصَّوَاب , فَيَقُول لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَته : فُلَان يَعْمَل كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ وَنَحْو ذَلِكَ .
الثَّالِث : الِاسْتِفْتَاء ، بِأَنْ يَقُول لِلْمُفْتِي : ظَلَمَنِي فُلَان ، أَوْ أَبِي ، أَوْ أَخِي ، أَوْ زَوْجِي بِكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلَاص مِنْهُ ، وَدَفْع ظُلْمه عَنِّي ؟ وَنَحْو ذَلِكَ , فَهَذَا جَائِز لِلْحَاجَةِ ، وَالْأَجْوَد أَنْ يَقُول فِي رَجُل أَوْ زَوْج أَوْ وَالِد وَوَلَد : كَانَ مِنْ أَمْره كَذَا ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّعْيِين جَائِز لِحَدِيثِ هِنْد وَقَوْلهَا : إِنَّ أَبَا سُفْيَان رَجُل شَحِيح .
الرَّابِع : تَحْذِير الْمُسْلِمِينَ مِنْ الشَّرِّ ؛ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوه : مِنْهَا جَرْح الْمَجْرُوحِينَ مِنْ الرُّوَاة ، وَالشُّهُود ، وَالْمُصَنِّفِينَ ، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاعِ ، بَلْ وَاجِب صَوْنًا لِلشَّرِيعَةِ ؛ وَمِنْهَا الْإِخْبَار بِعَيْبِهِ عِنْد الْمُشَاوَرَة فِي مُوَاصَلَته ، وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا مَعِيبًا ، أَوْ عَبْدًا سَارِقًا ، أَوْ زَانِيًا ، أَوْ شَارِبًا ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ تَذْكُرهُ لِلْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَعْلَمهُ نَصِيحَة ، لَا بِقَصْدِ الْإِيذَاء وَالْإِفْسَاد ؛ وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مُتَفَقِّهًا يَتَرَدَّد إِلَى فَاسِق أَوْ مُبْتَدِع يَأْخُذ عَنْهُ عِلْمًا ، وَخِفْت عَلَيْهِ ضَرَره ، فَعَلَيْك نَصِيحَته بِبَيَانِ حَاله قَاصِدًا النَّصِيحَة ؛ وَمِنْهَا أَنْ يَكُون لَهُ وِلَايَة لَا يَقُوم بِهَا عَلَى وَجْههَا ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّته أَوْ لِفِسْقِهِ , فَيَذْكُرهُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَة لِيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى حَاله ، فَلَا يَغْتَرَّ بِهِ ، وَيَلْزَم الِاسْتِقَامَة .
الْخَامِس : أَنْ يَكُون مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَته كَالْخَمْرِ ، وَمُصَادَرَة النَّاس ، وَجِبَايَة الْمُكُوس ، وَتَوَلِّي الْأُمُور الْبَاطِلَة ؛ فَيَجُوز ذِكْره بِمَا يُجَاهِر بِهِ ، وَلَا يَجُوز بِغَيْرِهِ إِلَّا بِسَبَبٍ آخَر .
السَّادِس : التَّعْرِيف ؛ فَإِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَقَبٍ كَالْأَعْمَشِ ، وَالْأَعْرَج ، وَالْأَزْرَق ، وَالْقَصِير ، وَالْأَعْمَى ، وَالْأَقْطَع .. وَنَحْوهَا ، جَازَ تَعْرِيفه بِهِ ، وَيَحْرُم ذِكْره بِهِ تَنَقُّصًا ، وَلَوْ أَمْكَنَ التَّعْرِيف بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى ؛ وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ [1] .
_______________________________
[1] شرح النووي على مسلم : 16 / 142 ، 143 .