قال أبو فهر السلفي حفظه الله:
هَجْرُ جَنَاحَيِ الِاجْتِهَادِ .. « الْعَرَبِيَّةُ ، وَالْحَدِيثُ »
بِسْمِ اللهِ ، وَالْـحَمْدُ للهِ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ، وَمَنْ وَالَاهُ وَبَعْدُ ..
فَسَبِيلُ تَقْرِيرِ مَا تَضَمَّنَهُ عُنْوَانُ هَذَا الْـمَوْضُوعِ يَرْجِعُ إِلَى بَابَيْنِ :
الْأَوَّلُ : بيانُ مرادِنَا بالعربيَّةِ ، والحديثِ ..
وَالثَّانِي: تعليلُ كونِهِمَا فِي المنزلَةِ الَّتِي وصفنَا ..
أَمَّا العربيَّةُ فتُدرسُ كَمَا يقولُ المحدثُونَ عَبْرَ أَرْبَعَةِ مستوياتٍ ، وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ: مَحَاوِرٍ ..
* الْـمُسْتَوَى النَّحْوِيِّ. .
* الْـمُسْتَوَى الصَّرْفِيِّ ..
* الْـمُسْتَوَى الصَّوْتِيِّ ..
* الْـمُسْتَوَى الدَّلَالِيِّ ..
وهجرُ العربيةِ ، والتقصيرُ فِي رعايتِهَا فِي زمانِنَا هَذَا ، وفِي الأزمنَةِ قبلِهِ بصورَةٍ أقلِّ يُمثلُهُ حصرُ العربيَّةِ ـ اهتمامًا واشتغالًاـ فِي المستويينِ النحويِّ والصرفيِّ ، والاهتمامُ بالمستوَى الصوتيِّ مِنْ قِبَلِ علماءِ التجويدِ فحسبُ ..
أمَّا المستوَى الدَّلاليِّ فهُجِرَ أيَّمَا هجرانٍ ، وقصَّرَ الناسُ فِي رعايتِهِ أيَّمَا تقصيرٍ ..
والمرادُ بالمستوَى الدلاليِّ هُوَ النظرُ فِي ألفاظِ العربيةِ ، ومَا تدلُّ عليهَا مِنَ الْـمعانِي عِنْدَ المتكلمينَ بهَا ..
وهذَا المحورُ مِنْ محاورِ دراسةِ العربيَّةِ هُوَ أجلُّ مَا يعتنِي بِهِ المجتهدُ والباحثُ عَنْ تفسيرِ كلامِ اللهِ ، وكلامِ رسولِهِ ، والبونُ مِنْ جهةِ الأهميَّةِ بينَهُ وبينَ باقِي محاورِ دراسةِ العربيَّةِ شاسعٌ جدًّا ، وأقربُ المحاورِ إليْهِ مِنْ جهةِ الأهميَّةِ هُوَ الصرفُ لَا النَّحْوُ كَمَا يظنُّ الناسُ ..
والفقهُ فِي العربيَّةِ عبرَ مستواهَا الدلاليِّ هُوَ جناحُ المجتهدِ الَّذِي لَا ينبغِي أبدًا أَنْ يهيضَ أَوْ يضعفَ ؛ إذْ هُوَ الاشتغالُ بلسانِ العربِ قومِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، وَمَا كَانَتْ تدلُّ عليهِ الألفاظُ عندَهُمْ مِنَ الْـمعانِي ، وَالاستعانَةُ بِذَلِكَ عَلَى تفسيرِ كلامِ اللهِ ، وكلامِ رسولِهِ ..
وللتمكنِ مِنْ هَذِهِ الآلةِ طريقانِ لَابُدَّ مِنْ سلوكِهِمَا معًا :
الْأَوَّلُ : إدامَةُ النَّظَرِ فِي كتبِ المعاجمِ . مَعَ التنبُّهِ إِلَى التالِي :
1- فِي المعاجمِ روايةٌ ورأيٌ ، فاحذرْ أنْ تضعَ أحدهُمَا مَوْضِعَ الآخرِ ، فصاحبُ المعجمِ إِمَّا أنْ يروِي عَنِ الأعرابِ ، أوْ عَنِ الشُّعَرَاءِ ، أوْ غيرِهِمَا مِنْ أدلَّةِ العربيَّةِ ، وَإِمَّا أنْ يَرَى رأيْهُ هُوَ ، وَإِمَّا ِأن يخلطَ الروايةَ بالرأيِ ، ومِنْ أهمِّ أسبابِ الخللِ : التعاملُ مَعَ رأيِ أصحابِ المعاجِمِ وغيرهِمْ مِنْ علماءِ العربيةِ عَلَى أنَّهُ حجةٌ يُستدَلُّ بِهَا علَى المخالفِ ، وتُقامُ عليهَا صروحُ العلمِ ، بينَمَا الحالُ أَنَّ رأيَ العالِمِ بالعربيةِ هُوَ بمنزلَةِ رأيِ الفقيهِ ؛ فَيُحْتَاجُ للاستدلالِ لَهُ ، وَلَا يجوزُ الاستدلالُ بمجردِهِ.
2- ليسَ أئمةُ العربيةِ المنقولُ عنْهُمْ علَى درجةٍ واحدةٍ مِنَ الثقةِ والضبطِ.
وعليْهِ فَلَا تُعامَلُ منقولاتُهُمْ مُعاملةً واحدةً ، وفِي مقدمَةِ كتابِ «تَهْذِيبِ اللُّغَةِ» لِلْأَزْهَرِيِّ تطبيقٌ حَسَنٌ لهذَا الأصلِ .
3- المعاجمُ تخلطُ المعانِي المولَّدَةَ للفظِ بغيرِهَا مِنَ المعانِي ، ولا تُمحصُ معانِي الألفاظِ عندَ العربِ قومِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَحْدَهَا ، بَلْ تخلطُهَا بمعانِي تِلْكَ الألفاظِ عِنْدَ غيرِهِمْ ممنْ بعدَهُمْ .
وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ : أَنَّ العربيةَ الأولَى الَّتِي تُطْلَبُ هِيَ عربيةُ اللسانِ الأولِ قرنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، فتُضبطُ الألفاظُ الَّتِي تكلمُوا بهَا ، وتُحفظُ المعانِي الَّتِي أرادُوا بِهَا هَذِهِ الألفاظِ ، أَمَّا مَا حَدَثَ بعدَ هذَا القرنِ مِنْ توليدٍ للألفاظِ والمعانِي ، والَّذِي لَا يزالُ يتسعُ إِلَى يومنَا هَذَا ، فينبغِي الحرصُ عَلَى عدمِ خلطِهِ باللسانِ الأولِ ، والَّذِي فِي المعاجِمِ هُوَ شرحٌ لمعنَى اللفظِ سواءٌ كانَ هَذَا اللفظُ مِنْ ألفاظِ اللسانِ الأولِ ، أَمْ مِنَ الألفاظِ الَّتِي وُلِدَتْ بَعْدَهُ .
والَّذِي فِي المعاجمِ هُوَ ذِكْرٌ لمعانِي اللفظِ سواءٌ كانتْ تِلْكَ المعانِي هِيَ معانٍ للفظِ عِنْدَ أهلِ اللسانِ الأولِ ، أَمْ هِيَ معانٍ وُلِدَتْ بعدَهُمْ .
الثَّانِي: إِدَامَةُ الِاطْلَاعِ ، والِاسْتكثارِ مِنَ النَّظرِ فِي شعرِ عربِ الجاهليَّةِ ، وَمَنْ بعدَهُمْ إلَى رأسِ المائَةِ الهجريَّةِ ، وأنْ يكونَ هَذَا الِاطِّلَاعُ بعينٍ يقظةٍ ، وبصرٍ نافذٍ ، يعرفُ الألفاظَ والمعانِي الَّتِي كانتِ الْعربُ قَوْمُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تستعملُ هَذِهِ الألفاظَ للدلالَةِ عليْهَا (
[1]) .
واعلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ السبيلُ إلَى تمحيصِ كثيرٍ مِنْ )ركامِ التقريراتِ الأصوليَّةِ واللغويَّةِ المتصلَةِ بمنهجِ الاستنباطِ والتشريعِ ، وغيرِ ذَلِكَ مِنَ الْأبوابِ المتصلةِ بتفسيرِ كلامِ اللهِ ، وكلامِ رسولِهِ .
واعلَمْ أَنَّهُ بمقدارِ استكثارِ الواحدِ مِنَّا مِنَ العربيَّةِ بِهَذَا المعنَى يُحْسِنُ ويصيبُ فِي تفسيرِ كلامِ اللهِ ، وكلامِ رسولِهِ ..
أَمَّا الْـحَدِيثُ ..
فَمُرَادُنَا بهِ هنَا أصولُ نقدِ الرواياتِ وتمحيصِهَا ، والبصرِ بالحكمِ عَلَى الأسانيدِ والمتونِ جميعًا .. حتَّى يكادُ يدخلُ فِي ذَلِكَ قراءاتُ القرآنِ نفسِهَا ، وأصولِ نقدِهَا ..
ولعلَّكَ قَدْ أنكرتْ نفسُكَ أَنَّا عَدَدْنَا هَذَا مِمَّا قصَّرَ فيهِ طلبةُ العلمِ ، وأنتَ إنَّمَا جرَّكَ إِلَى هَذَا الإنكارِ مَا تَراهُ مِنَ الكثرةِ الكاثرةِ الْـمُتَّزِرِينَ بِإِزَارِ علمِ الحديثِ ..
وَأَقُولُ لَكَ : لَا تُنكرْ عَلَيَّ يَا صاحبِي ..
فَفِي هَذِهِ الكثرةِ الكاثرةِ مِنَ الخللِ المنهجيِّ فِي دراسةِ هَذا العلمِ مَا لَـمْ ينجُ مِنْهُ إِلَّا أقلُّهُمْ ، وَمِنْ صُوَرِ هَذَا الخلَلِ :
1- قلةُ الاحتفالِ بالتفريقِ بَيْنَ مناهجِ أهلِ العلمِ فِي نقدِ المروياتِ ، وأحسنُهُمْ حالًا مَنْ يُفرِّقُ بَيْنَ طبقةٍ سمَّاهُمُ «الْـمُتَقَدِّمِينَ» ، وَطَبَقَةٍ سَمَّاهُمُ «الْـمُتَأَخِّرِينَ» ، وَهَلْ سَلِمَ هَذَا الْـمُفَرِّقُ ؟؟
لَا وَاللهِ مَا سَلِمَ عَلَى الرغمِ مِنْ كونِهِ لَم يبلغْ غايةَ الإصابةِ فِي ذَلِكَ ..
2- قلةُ الاحتفالِ بنقدِ الإسنادِ ، ورعايتِهِ فِي المنقولاتِ غيرِ المرفوعَةِ ، وقدْ أفردنَا هَذَا بكتابَةٍ.
3- قلةُ الاحتفالِ بنقدِ المتونِ ، والرجوعِ فِي نقدِهَا غالبًا إِلَى عِلَلٍ تُلتَمَس فِي الإسنادِ ، فأصبحَ نقدُ المتنِ عندهَمُ شيءٌ نظريٌّ لَيْسَ لهُ فِي واقعِهِمُ الْعمليُّ إلَّا أمثلةٌ قليلةٌ ، وَعِنْدِي أنَّهُ لولَا وقوفُهُمْ علَى مَنْ عَلَّلَ هَذَا المتنَ قَبْلَهُمْ لَـمَا عَلَّلُوه ..
4- قلةُ الاحتفالِ بتحريرِ اللفظِ المعينِ الَّذِي قالَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ بينِ الألفاظِ الَّتِي رواهَا الثقاتُ مَادَامَ ليسَ فِي هَذِهِ الألفاظِ لفظٌ شاذٌّ ، وليسَ بَيْنَهَا تضادٌّ فِي المعنَى .. وعنْدِي أَنَّ الِاشْتغالَ بتحريرِ ذَلِكَ بَابٌ عَظيمٌ مِنْ أبوابِ العلمِ والأمانةِ فِي نقلِ الدينِ.
5- الجرأَةُ عَلَى الحكمِ علَى الرواياتِ قَبْلَ استيفاءِ جمعِ طرقِهَا ، وقبلَ النظرِ فِي فقهِهَا ، وعندِي أنَّ معرفَةَ أقوالِ الفقهاءِ فِي فَهْمِ الحديثِ مِمَّا يعينُ علَى الحكمِ عَلَى إسنادِهِ ومتنِهِ ..
6- الظنُّ أنَّ كلَّ روايةٍ قالَهَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قدْ وصلتْنَا فِي زمانِنَا هَذَا ، وأنَّ كلَّ قولِ عالمٍ قَدْ وصلنَا فِي زمانِنَا هَذَا ، وَهَذَا يجرُّ إلَى خللٍ كبيرٍ فِي العلمِ ، وفِي الفهمِ عنْ أهلِ العلمِ..
وأصلُ ذَلِكَ أنَّ اللهَ ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ـ تَعَهَّدَ بِحِفْظِ الْقرآنِ الْكَرِيمِ ، وبحفظِ الحقِّ ، فَلَا تجتمعُ الأمةُ عَلَى إضاعتِهِ ، أوْ ضياعِ روايةٍ ، أَوْ عَدَمِ حفظِ قولِ عالمٍ فِي مسألةٍ ، فَلَا يخدشُ ذَلِكَ فِي حفظِ الحقِّ ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بابِ عدمِ الدليلِ المعينِ ، ولَا يلزمُ مِنْهُ عدمُ المدلولِ ؛ لِأَنَّهُ تَقُومُ بِهِ دلائِلُ أخرُ .
فَضَيَاعُ حديثٍ صحيحٍ مَعَ وجودِ مَا يدلُّ علَى الحقِّ مِنَ الأدلَّةِ الأخرَى واردٌ لَا حَرَجَ فِيهِ ، وعدمُ حفظِ قولِ عالمٍ مَعَ بقاءِ الأدلَّةِ الأخرَى الدالةِ علَى هَذَا القولِ واردٌ لَا حَرَجَ فِيهِ .
يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : «الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ جَمْعِ الدَّوَاوِينِ كَانُوا أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ مِنَ الْـمُتَأَخِّرِينَ بِكَثِيرٍ ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّا بَلَغَهُمْ وَصَحَّ عِنْدَهُمْ قَدْ لَا يَبْلُغُنَا إِلَّا عَنْ مَجْهُولٍ ، أَوْ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ ، أَوْ لَا يَبْلُغُنَا بِالْكُلِّيَّةِ» .
وَيَقُولُ ابْنُ حَجَرَ : «كَثِيرٌ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ أَوِ الْأَكْثَرِ مِنْهَا عُدِمَ فِي بِلَادِ الشَّرْقِ فِي الْفِتَنِ ، فَلَعَلَّ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ مُخَرَّجَةٌ فِيهَا ، وَلَمْ تَصِلْنَا» .
قُلْتُ : وَاعتبرْ بِمَا تقفْ عليهِ فِي كتبِ الحديثِ والفقهِ الَّتِي تخرجُ مِنْ عالمِ المخطوطاتِ مِنْ سندٍ جديدٍ لمتنٍ ، وَمِنْ متنٍ تراهُ أولَّ مرةٍ ، ومِنْ نقلٍ عَنْ عالمٍ لَمْ ترَهُ مِنْ قبلُ .
7- قلـةُ الاحتفالِ بالموقوفـاتِ والمقطوعاتِ ، والاستعانةِ بمضامينِهَا فِي معرفةِ عرفِ التشريعِ ، ومَا هُوَ الأليقُ بنسبتِهِ للنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ .
فـالواردُ عَنِ الصَّحابَـةِ والتابعينَ وأتباعِهِمْ ـ خَيْـرِ القرونِ ـ مهمٌ جدًّا فِي ضبطِ فهمِ السلفِ ، وهيئةِ تلقيهِمْ للواردِ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، ومفيدٌ جدًّا فِي قطعِ شيءٍ مِنْ فجوةِ العُجْمَةِ بيننَا ، وبينَ زَمَنِ التشريعِ ولسانِهِ .
وبَيِّنٌ ظاهرٌ أنَّهُ ليسَ كلُّ الناسِ يجمعُ كلَّ هذَا الخللِ فِي نفسهِ ، وإنَّمَا هِيَ سماتٌ توجدُ فِي البعضِ وتُخفَى فِي البعضِ ، وتُوجدُ واحدةٌ وتغيبُ أخرَى..
أَمَّا لِـمَاذَا كَانَ هَذَانِ الجناحانِ هُمَا الجناحينِ لَا غيرَهُمَا ؟؟
فَاعْلَمْ ـ هُدِيتَ لِلرُّشْدِ ـ أَنَّ الخطأَ العلميَّ والمنهجيَّ إنَّمَا يدخلُ عَلَى المجتهدِ مِنْ بابينِ اثنينِ:
الْأَوَّلُ: أنْ يدخلَ عليهِ الخللُ بسببِ تصديقِ الكذبِ ، والكذبُ هُنَا هُوَ كلُّ مَا لَمْ يكنْ ..
الثَّانِي: أنْ يدخلَ عليهِ الخللُ بسببِ الخطأِ فِي تفسيرِ الصدقِ.
ولَا عصمةَ ـ إنْ طلبتَ العصمةَ ـ مِنْ تصديقِ الكذبِ إلَّا بالحديثِ ، وإتقانِ أصولِ نقدِ الأخبارِ ..
ولَا عصمةَ مِنَ الْخطأِ فِي تفسيرِ الصدقِ إلَّا بمعرفةِ العربيةِ عَلَى الوجهِ الَّذِي ذكرنَاهُ قَبْلُ ..
فَإِذَا استوفَى الناظرُ هَذَانِ فقدْ استوفَى جناحيِ الِاجْتهادِ ، ولَا يبقَى عَلَيْهِ بعدَ ذَلِكَ إلَّا حُسْنُ التَّأَتِّي فِي الِاسْتدلالِ ، وموافقةُ الدليلِ للدعوَى ، وَهُوَ الَّذِي يطلبُ لَهُ البعضُ عِلْمَ المنطقِ ، وعندنَا أَنَّهُ لَا المنطقُ ولَا غيرُهُ ينفعُ فِي هَذَا ، فَهَذَا خللٌ لَا ينجُو مِنْهُ أحدٌ حَتَّى أئمةُ الفقهِ ، ويحتاجُ لبصرٍ بفطرةِ العربِ فِي النظرِ والاستدلالِ ، ويحتاجُ إلَى قدرٍ كبيرٍ مِنْ ذكاءِ النظرِ المحلَى بالصبرِ ، والأناةِ والرَّوِيَّةِ مُجَلَّلٌ كُلُّ ذَلِكَ بتوفيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ..
http://vb.tafsir.net/#_ftnref1([1]) وَمِنَ الْكُتُبِ النَّافِعَةِ فِي هَذَا :
1- المعلقات العشر .
2- المفضليات .
3- الأصمعيات .
4- منتهى الطلب ـ لابن ميمون .
5- نقائض جرير والفرزدق .