بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فقد صح عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه تفسير الزينة بالثياب الظاهرة من المرأة.
والمقصود بها كل ما تتزين به المرأة عادة من الحلي ، والثياب ، وجميع البدن فإنه من زينة المرأة ، ولا شك أن الوجه مجمع الزينة في المرأة.
لكن لأن الثياب الظاهرة كالعباءة التي تلبسها المرأة وغطاء الوجه ، والقفازات لابد من ظهورها ، ولا بد لها منها في حجابها استثناها الله عفواً منه بقوله :(إلا ما ظهر منها) أي من الثياب الظاهرة التي جرت عادة النساء أن يتحجبن بها ، إذا لم يكن في هذه الثياب فتنة.
ومما يؤسف عليه أن كثيراً من النساء الآن يلبسن حجاباً يدعو للفتنة بهن هداهن الله ، من العباءات ذات الخصر ، واللمعان ، وغطاء الوجه الصفيق الخفيف ، الذي يشف عما تحته ، ويبرزن العيون بعد تكحيلها فافتتن بهن كثير من الناس والله المستعان.
ولذلك فإن الله تعالى قد أمر النساء في الآية نفسها بأن يضربن بخمرهن على جيوبهن ، والخُمُر جَمعٌ ، ومفرده (خِمَار) ، وهو - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - ما تغطي به المرأة الرأس والوجه والعنق.
وكلام العلماء في معنى هذه الآية كثير جداً ، ولم يفسر مفسر هذه الآية من السلف والخلف إلا ويتعرض لهذا الأمر ، ويؤكد على تغطية المرأة لوجهها ، ومن هؤلاء العلماء أختار قولاً واحداً.
قال الإمام ابن عطية رحمه الله في كتابه المحرر الوجيز :(ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وجهها ، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه ، ونحو ذلك ، فما ظهر على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه).
وهنا ملحظ مهم وهو أن لفظ الآية :(إلا ما ظهر منها) ، أي من الزينة ، أي ظهر بالرغم من محاولة إخفاءه ، ولم يقل :(إلا ما أظهرن منها).
ومن هنا يعرف أن كل زينة يمكن للمرأة إخفاؤها فهي مأمورة بإخفائها ، سواء كان الوجه والكفان ، أو الكحل والخاتم ، أو الثياب ، وأنها لو قصرت في إخفاء مثل هذه الزينة ، وكشفتها تعمداً تؤاخذ على ذلك ، وأن كل زينة لا يمكن إخفاؤها – مثل الثياب الظاهرة – أو يمكن إخفاؤها ، ولكنها انكشفت من غير قصد لكشفها ، أو شعور بذلك ، فإنها لا تؤاخذ عليه ، ولا تعاتب على ذلك ، كما أنها لا تؤاخذ ولا تعاتب إذا كشفتها عمداً – لأجل حاجة أو مصلحة ملجئة.
فقوله تعالى :(إلا ما ظهر منها ) في معنى قوله تعالى :(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
وأما الأقدام فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإرخاء الثياب شبراً ، فقيل له : إذاً تنكشف القدمان ، فقال : ترخي ذراعاً ولا تزيد. فهذا نص في وجوب تغطية القدمين. ومعنى كلامه صلى الله عليه وسلم في غاية الوضوح.
هذا هو معنى هذه الآية باختصار ، والأصل في المؤمنة التي تبحث عن الحق ، أنها عندما تسمعه وتعرفه تقول :(سمعنا وأطعنا) ، ولا تبحث عن رأي فلان أو فلان. فما ضل كثير من الناس إلا باتباعهم للهوى . (ومن أضل من اتبع هواه بغير هدى من الله) ؟!
وأما الحناء والكحل فهي من الزينة المباحة ولله الحمد.
وقد شرح الأدلة في هذا الموضوع ، من القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وفعل الصحابة والتابعين ، والسلف الصالحين بما لامزيد عليه ، الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم في كتابه الثمين (عودة الحجاب) وخاصة في قسم الأدلة. فجزاه الله خيراً.
فأوصي الأخت الكريمة السائلة أن تنتفع بهذا الكتاب إن استطاعت الحصول عليه.
ورسالة السندي في أدلة الحجاب من أجمع الرسائل لأدلة الحجاب ، ودراستها دراسة حديثية.
وكلام العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز كذلك في الحجاب وفتاواه كثيرة ، ويمكن الاطلاع عليها من خلال موقعه رحمه الله على
هذا الرابط ويمكن البحث بكلمة (الحجاب) وستظهر فتاوى كثيرة للشيخ رحمه الله.
كما يمكن للأخت السائلة الاطلاع على (رسالة الحجاب) للشيخ ابن عثيمين
على هذا الرابط
نسأل الله الهداية والسداد ، والله أعلم.