ما هي دلالة ظهور اسم " إسماعيل " عليه السلام في هذه الآية ، وغيابه في هاتين ؟

فيصل وزوز

New member
إنضم
14/03/2006
المشاركات
44
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم​

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

لماذا ظهر اسم نبي الله " إسماعيل " صلى الله عليه وسلم في هذه الآية من سورة البقرة ، بوصفة من آباء نبي الله يعقوب صلى الله عليه وسلم ، وذلك كما أورده الله سبحانه وتعالى على لسان أبناء يعقوب عليهم السلام :

:(:{ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }:): [البقرة:133]

بينما لم يرد ذكره في هذه الآية من سورة يوسف ، فيما أورده الله سبحانه وتعالى على لسان نبي الله يعقوب صلى الله عليه وسلم ، بوصفه من آباء نبي الله يوسف صلى الله عليه وسلم :

:(:{ وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }:): [يوسف:6]

أو في هذه الآية من سوره يوسف أيضا ، فيما أورده الله سبحانه وتعالى على لسان نبي الله يوسف صلى الله عليه وسلم بوصفه واحدا من آبائه :

:(:{ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَٰلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ }:): [يوسف:38] ؟

وهل لغياب الأسم من سورة يوسف دلالة في فهم السورة وتفسيرها ؟
 
هذه المسائل تبقى اجتهادية ظنية، غير مقطوع بها؛ لأنها تقوم على منهج استنباطي واسع الدلالة، وسر ذكر إسماعيل عليه السلام في آية البقرة دون آيتي يوسف، فهو لسببين، أحدهما خاص والآخر عام، وهما:
أولاً: سبب سياقي خاص، فجاء في سباق السياق قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وأبناء إبراهيم عليه السلام هما إسحاق وإسماعيل، فكان من المناسب حين سأل يعقوب عليه السلام أبناءه: {مَا تَعْبُدُون مِنْ بَعْدِي} أن يكون الجواب: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وهذا المعنى السياقي غير موجود في سورة يوسف، فسياق الآيات كان حديثاً عن ملة الآباء الأضيق، وذلك أن يعقوب عليه السلام قال لابنه: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، فهو تخصيص إتمام نعمة النبوة في بني إسحاق في آل يعقوب، ولما لم يذكر يعقوب إسماعيل عليهما السلام في هذا السياق فُهم هذا التخصيص، وأن إتمام هذه النعمة خاص ببني إسحاق دون إسماعيل عليه السلام ولذلك لم يذكره، ولما كان الأمر كذلك تابع يوسف عليه السلام ما تعلمه من أبيه فقال: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}.
ولا تعجل عليَّ أخي القارئ فإن في عدم ذكر أبينا إسماعيل عليه السلام بشارة عظيمة لمن تدبر الآية، وذلك أن قول يعقوب عليه السلام: { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} يفيد أن نعمة النبوة قد تمت في آل يعقوب، كما تمت لإسحاق في يعقوب وآله، وكما تمت لإبراهيم في بنيه عليهم السلام جميعاً، وكأن تمام النعمة للأب في الابن، ويفيد كذلك أنها لم تتم بعد لأبينا إسماعيل عليه السلام، وأنها ستتم في نبي قادم من نسله وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فكان في عدم ذكر لفظ إسماعيل عليه السلام في الآية ذكرٌ له في المعنى فيما سيكون له من ابن نبي يكون خاتماً للنبوات كلها، وبه تتم النعمة لأبينا إسماعيل، ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتماً للنبوة تمت له النعمة بذلك دون أن يكون له نبي من نسله، وإنها لبشارة عظيمة في كتاب الله تعالى لإسماعيل ومحمد عليهما الصلاة والسلام .
ثانياً: سبب سياقي عام، وهو سياق السورة، فسورة البقرة قامت على خطاب بني إسرائيل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من المناسب جداً أن تقيم على هؤلاء الحجة، بأن إسماعيل عليه السلام هو من آباء بني إسرائيل، فلماذا هذا الكفر والجحود والحسد لنزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يلتقي معكم في آبائه، بينما سورة يوسف المكية فلم يكن فيها مجال لتلك التلميحات والإشارات لبني إسرائيل، لأنه لم يكن من غرضها ذلك الأمر.
وأما ورود الاسم في السورة ودوره في تفسيرها، فقد يكون له دور في تفسير آية أو آيات، لكن لا نريد أن نحمل الأمر أكبر من حجمه، ولكل سياق دوره في إبراز درر المعاني، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
 
بسم الله والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه تعالى وعظيم سلطانه،والصلاة والسلام على سيد الوجود الرحمة المهداة للعالمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك لكم وفيكم وبكم وعليكم وفتح لكم أبواب الفهم في بيانه الحكيم
لقد أثلجت صدري
وفقكم الله
 
عودة
أعلى