ما هو وجه الجمع بينهما ؟

إنضم
28/02/2009
المشاركات
767
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
هناك حديث صحيح فيه أن الساعة لا تقوم حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة .
وحديث آخر فيه أن الشيطان قد أيس أن يعبد في جزيرة العرب .
والظاهر فيهما التعارض ؛ فهل من وجه للجمع بينهما ؟
 
أخي الكريم

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في القول المفيد على كتاب التوحيد
في باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان:
((سبب مجيء المؤلف بهذا الباب لدحض حجة من يقول إن الشرك لا يمكن أن يقع في هذه الأمة، وأنكروا أن تكون عبادة القبور والأولياء من الشرك؛ لأن هذه الأمة معصومة منه لقوله صل1 (((إن الشيطان أيس أن يُعبد في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم))).
والجواب: إن يأس الشيطان أخبر به النبي صل1 لما رأى الشيطانُ الفتحَ ودخولَ الناس في دين الله أفواجاً، ولكن الواقع لا يلزم أن يكون موافقاً لما ظنه الشيطان، بل إن الأمر وقع بخلافه.
فالنبي صل1 أخبر عما وقع في نفس الشيطان، فلا يلزم من هذا أن يكون الأمر كما ظن الشيطان))
 
في كتاب أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين ( دراسة وترجيح ) ذكر المؤلف الدكتور سليمان الدبيخي وفقه الله سبعة أوجه للجمع تختلف قوة وضعفاً ، فإن كان الكتاب عندك فراجعه حفظك الله غير مأمور ، وإن لم يكن فإن شئت أوردت لك ما كتب بارك الله فيك .

بارك الله فيكم وجزاكم خيرا . يمكنكم تحميل الكتاب مصورا من هنا . قال - وفقه الله وحفظه - :

" مذاهب العلماء تجاه هذا التعارض :
لم يتجاوز أهل العلم في هذه المسألة مذهب الجمع ، وكلامهم يدور على حديث جابر رضي الله عنه ( إن الشيطان قد أيس .. ) .
وأما الأحاديث التي فيها إخبار المصطفى صل1 بوقوع الشرك وعبادة الأوثان والأصنام ، فإن أهل العلم لم يختلفوا في وقوع ما دلت عليه ؛ ولذلك بوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب ( التوحيد ) باباً بعنوان : ( ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبدون الأوثان ) ، قال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرح هذه الترجمة : ( أراد المصنف بهذه الترجمة الردَّ على عبّاد القبور الذين يفعلون الشرك ويقولون إنه لا يقع في هذه الأمة المحمدية وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فبيّن في هذا الباب من كلام الله وكلام رسوله صل1 ما يدل على تنوع الشرك في هذه الأمة ورجوع كثير منها إلى عبادة الأوثان ، وإن كانت طائفة منها لا تزال على الحق ولا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى ) .
وقال الشيخ عبد الله أبا بطين عن حديث ( إن الشيطان قد أيس .. ) : ( لا دلالة في الحديث على استحالة وقوع الشرك في جزيرة العرب ، ويوضح ذلك : أن أكثر العرب ارتدوا بعد وفاة النبي صل1 ، فكثير منهم رجعوا إلى الكفر وعبادة الأوثان ، وكثير منهم صدقوا من ادعى النبوة كمسيلمة وغيره ) .
وقد اختلف أهل العلم في الجواب على حديث جابر ( إن الشيطان قد أيس .. ) على عدة أقوال ؛ وهي كالتالي :
القول الأول: أن المراد أن الشيطان قد أيس أن يجتمعوا كلهم على الكفر. وإلى هذا ذهب ابن رجب وعبد الله أبا بطين وغيرهما .
القول الثاني : أن النبي صل1 أخبر عمّا وقع في نفس الشيطان من اليأس عندما رأى الفتوح ودخول الناس في دين الله أفواجا ، ولكن لا يلزم من هذا عدم وقوع الشرك وعبادة سوى الله تعالى ، لأن الأمر يقع على خلاف ما ظنه الشيطان ، كما دلت على ذلك الأحاديث الأخرى التي فيها إخبار النبي صل1 بوقوع الشرك . قالوا : ويدل على هذا القول أن النبي صل1 نسب الإياس في الحديث إلى الشيطان مبنياً للفاعل ، فلم يقل ( أُيس ) بالبناء للمفعول بمعنى أن الله أيسه ، فالإياس الصائر من الشيطان لا يلزم تحقيقه واستمراره . ذكر هذا الجواب الشيخ عبد الله أبا بطين ، وإليه ذهب الشيخ محمد العثيمين .
القول الثالث : أن المراد أن الشيطان لا يطمع أن يعبده المؤمنون في جزيرة العرب ، وهم المصدقون بما جاء به الرسول صل1 من عند ربه ، المذعنون له الممتثلون لأوامره ؛ إذ أن من كان على هذه الصفة فهو على بصيرة ونور من ربه فلا يطمع الشيطان أن يعبده . ذكر هذا الجواب الألوسي .
القول الرابع : ذكره الألوسي أيضا ؛ فقال : ( يحتمل أن يراد بالمصلين أناس معلومون ، بناءً على أن تكون ( ال ) للعهد ، وأن يراد بهم الكاملون فيها .. وهم خير القرون ، يؤيد ذلك قول النبي صل1 في آخر الحديث ( ولكن في التحريش بينهم ) .. يقول الطيبي : لعل المصطفى صل1 أخبر بما يكون بعده من التحريش الواقع بين صحبه رضوان الله عليهم أجمعين ، أي : أيس أن يعبد فيها ، ولكن يطمع في التحريش ) .
القول الخامس : ما ذهب إليه أبو العباس القرطبي ؛ من أن المعنى ( أن المسلمين في جزيرة العرب ما أقاموا الصلاة فيها وأظهروها لم يظهر فيها طائفة يرتدون عن الإسلام إلى عبادة الطواغيت والأوثان ، فإذا تركوا الصلاة وذهب عنهم اسم المصلين فإذ ذلك يكونون شرار الخلق ، وهذا إنما يتم إذا قبض الله المؤمنين بالريح الباردة .. وحينئذ تضطرب أليات دوس حول ذي الخلصة وتُعبد اللات والعزى ) .
القول السادس : أن معنى الحديث أن الشيطان قد أيس أن يعبد هو نفسه كما هو ظاهر الحديث ، لا أنه أيس من أن يعبد غيره من المخلوقات كالأنبياء والملائكة والصالحين والأحجار والأشجار ، ولم يزعم أحد أن الشيطان قد عبد هو نفسه كفاحا مباشرة ، وإنما أُطيع في عبادة بعض المخلوقات وأضيفت العبادة إليه لأنه هو الآمر بها الداعلي إليها " .
ثم قال في الترجيح بينها :
" في الحقيقة أن جميع الأقوال السابقة محتملة ، وأقواها القول الثاني ثم الأول ، وأضعفها القول الخامس والسادس .
أما القول الخامس فلأن فيه أن عبادة الأصنام والأوثان لا تكون إلا في آخر الزمان عند قبض الله تعالى المؤمنين بالريح الباردة ، وهذا يرده الواقع ؛ إذ أن عبادة غير الله تعالى من الأصنام والأوثان وُجدت بعد وفاته صل1 ولا تزال موجودة حتى الآن والله المستعان . ( ولا يمكن أن يدعي أنه لن يعبد غير الله في بلاد العرب في وقت من الأوقات ، فإن هذا باطل بالإجماع والضرورة والنصوص المتواترة ، وقد كان في بلاد العرب يهود ونصارى وهم يعبدون غير الله حينما قال الرسول صل1 هذا الحديث ) [ الصراع بين الإسلام والوثنية 2 / 126 بتصرف يسير ] .
وأما القول السادس فيشكل عليه أمران :
أحدهما : ( أنه لم يعهد أنّ العرب المشركين في جاهليتهم كانوا يعبدون الشيطان نفسه ، وإنما عهد أنهم أطاعوه في عبادة الأصنام والأوثان التي عبدوها في الجاهلية وفي دولة الشرك والضلال ، والحديث يجب أن يوجه معناه نفياً وإثباتاً إلى ما عهد وعلم ، لا إلى ما لم يعهد وما لم يعلم ، فيجب أن يقال : إن هذه العبادة التي أيس الشيطان منها هي العبادة التي كان أهل الجاهلية يقدمونها إليه وهي طاعته في عبادة غيره من المخلوقات ناطقها وصامتها ) [ المرجع السابق 2 / 123 ] .
وقد أجيب على هذا الإشكال - أو الاعتراض - بأنه لا مانع من أن الشيطان كان يسعى جهده لإيقاع المشركين عبدة الأصنام والأوثان في عبادته نفسه ، وأنه كان يأمل أن يعبدوه حقيقة مباشرة كما كانوا يعبدون الأحجار والأشجار والإنسان والحيوان وغير ذلك من أصناف المعبودات ، وأنه كان عظيم الرجاء في أن يصل إلى هذه الغاية الشيطانية العظيمة ، فلما انتشر الإسلام واتسعت رقعته وعلا شأنه وارتفع ، انقطع على الشيطان رجاءه هذا وأفسد عليه أمنيته هذه ورأى أنه قد ظن باطلاً ورجا ما لن يكون أبدا ، فانقلب ذلك الرجاء يأسا ، والأمل قنوطا ، والسعي خيبة ، فأعلن يأسه وباح بإفلاسه ، ونادى بويله وثبوره ، فأعلن رسول الله صل1 هذه الحقيقة وقال : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ) .
فإن توجه هذا الجواب كان الإشكال الثاني قائما وهو :
الأمر الثاني الذي يشكل على هذا القول : أن الحديث قد ورد برواية لا يستقيم معها هذا القول ، وهي : ( إن إبليس يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ، ولكنه سيرضى بدون ذلك منكم .. ) " .

[ د. سليمان الدبيخي : أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين / 234 - 238 ] .​
 
كل عبادة لغير الله فهي عبادة للشيطان
لقد كان قوم إبراهيم عليه السلام يعبدون الأصنام وكان أبوه من عباد الأصنام ، ونجد أن الله تعالى يقول مخبرا عن إبراهيم:
19_044.gif
مريم
 
جزاكم الله خيراً
وقد أجيب على هذا الإشكال - أو الاعتراض - بأنه لا مانع من أن الشيطان كان يسعى جهده لإيقاع المشركين عبدة الأصنام والأوثان في عبادته نفسه ، وأنه كان يأمل أن يعبدوه حقيقة مباشرة كما كانوا يعبدون الأحجار والأشجار والإنسان والحيوان وغير ذلك من أصناف المعبودات​

من عبد غير الله فقد عبد الشيطان وإن لم يشعر أو يقر بذلك
قال تعالى: (((ألم أعهد إليكم يابني آدم آلا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم)))
وقال تعالى عن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: (((يا أبت لا تعبد الشيطان))) وكان أبوه وقومه يعبدون أصناماً. فمن عبد غير الله فقد عبد الشيطان لا محالة.
فليس هناك إلا عبادة الله أو عبادة الشيطان بطاعته في عبادة غير الله أياً كان.
وفي حديث عدي رضي الله عنه (فتلك عبادتكم إياهم).
ولذا كان القول السادس من أضعف الأقوال.
 
هناك حديث صحيح فيه أن الساعة لا تقوم حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة .
وحديث آخر فيه أن الشيطان قد أيس أن يعبد في جزيرة العرب .
والظاهر فيهما التعارض ؛ فهل من وجه للجمع بينهما ؟
سبحان الله . كنت أريد أن أضع مشاركة خاصة حول هذا الحديث. وأتسائل :
أين تقع ذي الخلصة الآن؟
ولماذا خص النبيصل1 الإليات في الحديث ولم يذكر شيئاً آخر ؟.
وهل بقي أحد من قبيلة دوس ؟ وإن بقي فأين يسكنون الآن؟ .
يا حبذا الإجابة على هذه الأسئلة ممن لديه تفصيل.
 
وهل بقي أحد من قبيلة دوس ؟ وإن بقي فأين يسكنون الآن؟ .
.
أخي الكريم
قبيلة دوس هي التي ينتسب إليها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه
وهي بطن من قبيلة زهران
لأن دوس هو ابن عدثان بن عبد الله بن زهران.
وقبيلة زهران من أشهر القبائل الأزدية التي تسكن جبال السروات جنوب الطائف
ومن القراء الذين ترجم لهم ابن الجزري في غاية النهاية:
جعفر بن عيسى الزهراني
وإبراهيم بن سعيد الزهراني
وسليمان بن داود الزهراني
 
جزى الله جميع الإخوة الذين شاركوا في هذا الموضوع فقد أجادوا وأفادوا وخاصة الإخوة : أحمد الرويثي وفهد الجويري وحسين بن محمد .
وأما الأقوال المذكورة في الجمع فلا تطمئن النفس لواحد منها لوجود اعتراضات عليه :
أما الاعتراضات الواردة على القولين اللذين رجحهما المؤلف فالأول يعترض عليه بما يلي :
1 - أنه مخالف لظاهر اللفظ ؛ فلفظ "يعبد" يشمل البعض والكل ؛ وحمله على الكل بلا دليل مخالف للقواعد.
2 - أن الناس سيجتمعون على الكفر في آخر الزمان ؛ فقد جاءت أحاديث تفيد بأن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس .
وأما القول الثاني ؛ فيرد عليه ما يلي :
1 - أنه أيضا مخالف لظاهر الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك من باب البشارة للمؤمنين ؛ ولم يخبر به بيانا لما في نفس الشيطان ؛ لأن ذلك لا يهم المسلمين كثيرا .
2 - أنه حتى عند فتح مكة بقي من يعبد الشيطان في جزيرة العرب ولم يكتمل الإسلام فيها بفتح مكة بل بعد ذلك .
وأما ما تفضل به الأخ تيسير من أسئلة :
فأما قبيلة دوس فأنا على يقين من أنها ستبقى حتى يقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من اضطراب أليات نسائهم حول ذي الخلصة .
وأما بقية الأسئلة فإلى وقت آخر .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
 
لا زلت أتمنى أن يفتح الله تعالى علي أو على أحد الإخوة بوجه للجمع بين هذه الأحاديث يكون سائغا ؟
فإن لم يوجد فترجيح بينها يكون قويا .
 
عودة
أعلى