جاء في البحر المحيط، ومثله في الدر المصون:
جواب إذا محذوف يدل عليه ما بعده، أي أعرضوا.
قال الشيخ أبو السعود رحمه الله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ } بـيانٌ لإعراضِهم عن الآياتِ التَّنزيليةِ بعد بـيانِ إعراضِهم عن الآياتِ الآفاقيةِ التي كانُوا يشاهدونَها وعدم تأمُّلِهم فيها أيْ إذَا قيل لهم بطريقِ الإنذارِ بما نزل من الآيات أو بغيره اتَّقوا { مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } من الآفاتِ والنَّوازلِ فإنَّها محيطة بكم أو ما يصيبكم من المكاره مِن حيثُ تحتسبون ومن حيثُ لا تحتسبون أو من الوقائع النَّازلةِ على الأُمم الخالية قبلكم والعذاب المعدِّ لكم في الآخرة أو من نوازل السَّماءِ ونوائب الأرض أو من عذاب الدُّنيا وعذاب الآخرةِ أو ما تقدَّم من الذُّنوبِ وما تأخَّر. { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } إمَّا حال من واوِ واتَّقوا أو غايةٌ له أي راجين أنْ تُرحموا أو كي تُرحموا فتنجُوا من ذلك لما عرفتُم أنَّ مناط النَّجاةِ ليس إلاَّ رحمةَ الله تعالى. وجوابُ إذا محذوف ثقةً بانفهامِه من قوله تعالى: { وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايَـٰتِ رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } انفهاماً بـيِّناً أمَّا إذا كان الإنذارُ بالآيةِ الكريمة فبعبارةِ النَّصِّ وأمَّا إذا كان بغيرها فبدلالته لأنَّهم حين أعرضوا عن آياتِ ربِّهم فلأنْ يُعرضوا عن غيرِها بطريق الأولويَّةِ كأنَّه قيل: وإذا قيل لهم اتَّقوا العذاب أعرضُوا حسبما اعتادُوه.أ.هـ.
وقد جاء جواب الشرط محذوفاً في كثير من الآيات الكريمة، من ذلك ما جاء في قوله تعالى:
{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ } [النور:10]، وقوله: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [النور: 20].
[align=justify]وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي المفضال عبد القادر يثرب ..
لقد قرأت مقالة الأستاذ إسماعيل عتوك – حفظه الله – للتوّ ..
ولا يخفى عليك أن ما جاء في بحثه الكريم ، إنّما هو من مسائل الخلاف ..
وفي هذه المسائل تجد المؤيّد والمعارض والمحايد ..
ولا أخفيك أنني أرجّح ما ذهب إليه سيبويه – رحمه الله - من أن الجواب في هذا الموضع محذوف ..
علماً بأن الفرّاء – رحمه الله - أقرّ بنفسه أن ترك الجواب في القرآن كثير ..
ولقد عجبت من ادّعاء أستاذنا الكريم إسماعيل عتوك في قوله : (( إذا ثبت حذف جواب (إذا) و(لو) في بعض المواضع ، فإن حذف جواب (حتى إذا) لم يثبت أبداً في أيٍّ من تلك المواضع )) !
فماذا يقول – وفقّه الله – في قول الهذلي :
حتى إذا أسلكوهم في قُتائدةٍ ===== شلاًّ كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدا .
حيث إنه حذف هنا جواب (حتى إذا) ، ولم يأت به ، وذلك لأن هذا البيت هو آخر القصيدة ؟ وكما هو بيّن ، فإن جواب (حتى إذا) في هذا البيت لم يقترن بالواو !
ولعلّ الأصل في هذا كله - أخي الكريم - أن جواب الشرط لا يتمّ المشروط دونه ، فإذا حُذف كان أهول وأعظم للكلام ، فيكون إضمار الجواب في مواضعه أحسن من إظهاره .
فالمسيء مثلاً إذا علم ما يُعاقَب به ، فكأنّ نفسه تسكن إليه ، فيكون الحذف أولى ، لأنه حينها يقدّر كلّ ضرب من العذاب . وكذلك الأمر بالنسبة للمحسن ، فإنه إذا لم يعرف قدر النّعمة التي وُعد بها ، ذهب وهمه إلى ما هو الأعلى من ذلك .
ثم أنَّى للّغة نفسها أن تصف الجنة ، وهي التي " فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر" ؟ ولذلك يقول الدكتور فاضل السامرائي في بيانه لآية الزمر (ما معناه) : أنه عندما حذف جواب الشرط هنا ، كان في ذلك إشارة خفيّة إلى أن اللغة نفسها لا يمكنها أن تصف ما فيها من نعيم ..
الأخ الفاضل لؤي:
أولاً- الفراء لم يصرح بحذف جواب حتى إذا، وكلامه واضح في التفريق بين جواب( حتى إذا )، وجواب ( إذا ).
ثانيًا- العجب يا أخي لؤي ليس مما قاله الأستاذ محمد إسماعيل عتوك؛ لأن ما قاله لا يخرج عن قول الفراء في إثبات الجواب، دون القول بزيادة الواو.
ثالثًا- إن كان ثمَّة عجب، فينبغي أن يكون من بناء قاعدة على بيت واحد من الشعر، مختلف في روايته، ومختلف في تخريجه، ثم تطبيق هذه القاعدة على كلام الله سبحانه، وإخضاعه لها، وكلام الله سبحانه منزَّه من ذلك.
1- أبو عبيدة، والميداني، وابن فارس في فقه اللغة قالوا بزيادة( إذا ) في البيت السابق. والمعنى عندهم: حتى أسلكوهم...
2- الطبري قال: جواب( إذا ) محذوف تقديره:( سلكوهم )، والمعنى:
حتى إذا أسلكوهم.. سلكوا شلاًّ...
3- وذهب جماعة منهم: الأصمعي، وأبو علي الفارسي، وابن الشجري، وابن الأنباري إلى أن قوله:( شلاًّ ) هو الجواب؛ لأن التقدير: شلوهم شلاًّ، فاستغني بذكر المصدر عن الفعل لدلالته عليه. وعلى هذا القول لا يكون الجواب محذوفًا.
رابعًا- ما ذكرته من كلام الدكتور فاضل حفظه الله في تعليله لحذف الجواب في الآية الكريمة، لا دليل له عليه. ولا أرى أنه يوجد أية علاقة بين حذف الجواب، وما قاله فضيلته.. وإلا فما معنى قوله:( عندما حذف جواب الشرط هنا ، كان في ذلك إشارة خفيّة إلى أن اللغة نفسها لا يمكنها أن تصف ما فيها من نعيم .. ).
ولو كان هذا القول صحيحًا، لوجب أن يقال مثله في آية أهل النار، فاللغة أيضًا لا يمكنها أن تصف ما في النار من عذاب.
ولكن الآية الكريمة لا تتحدث عما في الجنة من نعيم؛ وإنما تتحدث عن فتح الجنة أبوابها للمؤمنين. وقد أخبرت أن فتح الجنة أبوابها للمؤمنين يقع مع مجيئهم إليها في وقت واحد، لا قبله، ولا بعده. وهذا ما دلت عليه واو الجمع، بخلاف أهل النار. ولو أنك عدت إلى مقال الأستاذ محمد، وما أجاب به عن تساؤلات عقب المقال، وقرأته جيدًا، لوجدت فيه من الأدلة ما يكفي لصحة ما ذهب إليه.
أولأً : ألم أقل لك - أخي الفاضل عبد القادر - أن هذه القضية تُعدّ من المسائل الخلافية ، وأنك تجد فيها المخالف والمؤيّد والمحايد ؟
وثانياً : أنا لم أدعّ ما جاء في قولك : " الفراء لم يصرح بحذف جواب حتى إذا ، وكلامه واضح في التفريق بين جواب( حتى إذا ) ، وجواب ( إذا ) " !
ولكن قلت : " علماً بأن الفرّاء – رحمه الله - أقرّ بنفسه أن ترك الجواب في القرآن كثير " .
وفرق بين هذا وذاك .. (انظر معاني القرآن 1\97) !
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إخوانى الأعزاء
بالنسبة لجواب الشرط ،فإن الامام ابن كثير رحمه الله تعالى قال فى سياق تفسيره للأية الكريمة (حتى إذا جاؤها) اى وصلواإلى ابواب الجنة بعد مجاوزة الصراطحبسوا على قنطرة بين الجنة و النار فاقتص لهم مظالم كانت بينهم فى الدنياحتى إذا هذبوا و نقوا اذن لهم فى دخول الجنة . ثم قال بعد ذلك لم يذكر الجواب ههنا و تقديرهحتى اذاجاؤهاو كانت هذه الامور من فتح الابواب لهم إكراما و تعظيما و تلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة و السلام و الثناء، إذا كان هذا سعدوا و طابوا و فرحوا بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم واذا حذف الجواب ههنا ذهب الذهن كل مذهب فى الرجاء و الأمل
انتهى كلامه رحمه الله
السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
لماذا حذف جواب الشرط في آية أهل الجنة، ولم يحذف في آية أهل النار، لتذهب النفس في تقديره كل مذهب في اليأس والقتوط من النجاة ؟؟؟ وما الدليل على حذفه ؟؟؟ الحذف لا يكون إلا بدليل يدل عليه.... فأين الدليل ؟؟؟
ألا ترى أن التركيب في الآيتين هو تركيب واحد، ولا فرق بينهما إلا بزيادة الواو؟؟؟ فكيف يكون محذوفًا في واحدة، ومثبتًا في أخرى ؟؟؟
كان المنتظر من الأستاذ لؤي الطيبي أن يتراجع عن قوله(( ولقد عجبت من ادّعاء أستاذنا الكريم إسماعيل عتوك في قوله : (( إذا ثبت حذف جواب (إذا) و(لو) في بعض المواضع ، فإن حذف جواب (حتى إذا) لم يثبت أبداً في أيٍّ من تلك المواضع )) !
فماذا يقول – وفقّه الله – في قول الهذلي :
حتى إذا أسلكوهم في قُتائدةٍ ===== شلاًّ كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدا .
حيث إنه حذف هنا جواب (حتى إذا) ، ولم يأت به ، وذلك لأن هذا البيت هو آخر القصيدة ؟ وكما هو بيّن ، فإن جواب (حتى إذا) في هذا البيت لم يقترن بالواو !
)) ، وذلك بعد أن ردَّ عليه الأستاذ عبد القادر، أو يأتي بقول آخر يؤيد به رأيه؛ ليثبت أنه على صواب، وأن غيره على خطأ.. ولست أدري إن كان قد قرأ ما دار من حوار على هذا الرابط، أم لا ؟ http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3474&highlight=%DA%CA%E6%DF