ما هو الرأي الراجح في التعامل مع التفاسير المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة؟

البهيجي

Well-known member
إنضم
16/10/2004
المشاركات
2,401
مستوى التفاعل
70
النقاط
48
العمر
65
الإقامة
العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله الطيبين ورضي الله تعالى عن صحابته الكرام
أما بعد...فمن الأمور المهمة والجديرة بالكتابة هو كيف يتعامل طلبة العلم مع التفاسير المخالفة لمنهج أهل السنة
والجماعة....ونلاحظ التشدد لدى بعض أهل العلم ونرى التراخي عند البعض الآخر وأرى والله تعالى أعلم ان
التوسط بين التشدد والتراخي هو الحل الأمثل للوصول الى موقف علمي صحيح من تلك التفاسير...وأذكر أهل العلم
والاختصاص ان عليهم ان يدلوا بدلوهم في هذا الأمر فليس من العلم ان نترك طلبة العلم من غير توضيح لهذا الامر
الذي يكثر فيه كلام اهل التشدد واهل التراخي ويقل فيه من توسط بينهما...وأخيرا الأستاذ الفاضل والشيخ الكريم
من اهل الاختصاص لا تقل اني مشغول فنحن ننتظر ما تقول فلا تبخل علينا بعلمك وعلمنا مما علمك الله تعالى
والله تعالى أعلم.
 
في مقدمة التفسير لابن تيمية شيء من عرض التفاسير ونقدها.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين اما بعد
أهل السنة والجماعة هم ماكان عليه الصحابة والقرون الثﻻثة اﻻولى من عقيدة وطريقة فهم
للكتاب والسنة...واذا طبقنا
هذا اﻻمر فإن المخالفين لهم
هم المعتزلة ومن قاربهم والشيعة
واﻻشاعرة والماتريدية وغيرهم
والله تعالى أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ الفاضل جزاكم الله تعالى خيرا...مثلي لا يذكركم فمقامكم كبير...ولكن
ألم يخالفوا اهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى!!!
 
الاشاعرة لم يخالفوا اهل السنة في صفات لله فما ثبت لله صفة لا يستطيع احد ان يخالف فيه من حيث الثبوت ولكن اكثر الخلاف فيما اعلم هو خلاف في الفهم وليس في الاثبات او النفي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...الأشاعرة خالفوا أهل السنة في صفات الله تعالى وأنقل
الى حضرتكم ما جاء في موسوعة الفرق التي أعدها موقع الدرر السنية ما يلي:
([h=4]المبحث الرابع: من أهم المسائل التي خالف فيها الأشاعرة أهل السنة[/h]
- من أخطر ما خالف به الأشاعرة أهل السنة خوضهم في صفات الله عز وجل بالتأويل الذي نهى عنه السلف خاصة الصفات الخبرية التي وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم مثل صفات اليد, والعين, والنفس, والوجه, والاستواء على العرش, والنزول, والمجيء, والرضا, والغضب, والحب, والبغض, ونحوها من الصفات الخبرية التي ذكرها الله تعالى في كتابه, أو صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم لم يؤمنوا بها كما جاءت, وكما فعل السلف, فقد أولوها وصرفوا ألفاظها إلى غير ظاهرها, هروبا من شبهة التجسيم والتمثيل, وغفلوا عما يترتب على فعلهم هذا من تحريفهم لكلام الله وتعطيل لمعانيه والقول على الله بغير علم, وغير ذلك من المستلزمات التي يقتضيها التأويل وتنافي التسليم لله تعالى إذ كيف يليق أن يقول الله عن نفسه ويقول عنه رسوله صلى الله عليه وسلم بصفات لا تليق, أو تقتضي التشبيه والتجسيم, ثم لا يكتشف هذه المسألة إلا المتكلمون بعد القرن الثالث الهجري!
ثم كيف فات هذا الفهم على الصحابة والتابعين وسلف الأمة ثم يدركه المتكلمون؟! هذا مما لا يليق تجاه كلام الله – تعالى – وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة الهدى الأوائل ممن هم أعلم منهم وأتقى لله فإن الله سبحانه حين وصف نفسه بتلك الصفات: كاليدين, والوجه, والنفس, والرضا, والغضب, والمجيء, والاستواء, والعلو......إلخ. من الصفات, فقد سد باب شبهة التمثيل بقوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11].
فهل الذين أولوا تلك الصفات أعلم بالله من الله؟
وهل هم أشد تنزيها لله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟)

والله تعالى أعلم.
 
نشكر كل الزملاء الذين أثروا هذا الموضوع ونحثهم على الالتزام بموضوع السؤال
وأما النقاش حول مسمى أهل السنة والجماعة فليس هذا الملتقى مكانه.
فقد جاء في البند الثامن من سياسات الملتقى:
الملتقى متخصص في الدراسات القرآنية لذا لا يُسمحُ بالمقالات والمشاركات التي لا تَمتُّ للدراسات القرآنية بصلة، ولإدارة الإشراف حذف ما تراه غير مناسب، ويستثنى من ذلك الملتقى المفتوح في الحدود التي تراها إدارة الإشراف.

سياسات الملتقى - ملتقى أهل التفسير
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...قرأت في موقع صيد الفوائد مقالا للاخ خالد البلوشي
وهو فوائد من محاضرة للشيخ عبد الكريم الخضير بعنوان(كتب التفسير ومناهج مؤلفيها)
وقد اخترت الفوائد التالية:
( تفسير الزمخشري المسمى بالكشَّاف فيه فوائد لغوية وفيه بيان لبيان القرآن وإعجازه وهو كتاب مفيد إلا أن طالب العلم غير المتمكن يوصى بعدم النظر فيه لأنه أدخل مذهب المعتزلة في الكتاب الذي هو يتبناه ويعتنقه بطريقة لا يدركها كثير من المتعلمين حتى أن من أهل العلم من استخرج مذهب المعتزلة من الكشاف بالمناقيش كما قال وعليه حواشي بيّنَتْ هذا المذهب وفاتهم أشياء لأن الزمخشري مدرك لما يقول ودقيق فيما يبحث ويرمي إليه حتى أن بعض من ينتسب إلى السنة ممن استفاد من هذا الكتاب نقل عنه ما يخدم مذهب الاعتزال وهو لا يشعر فطالب العلم غير المتمكن لا ينظر في تفسير الكشاف .

تفسير كبير مطبوع في اثنين وثلاثين جزءًا تفسير مطول وفيه درر وفيه نفائس وفيه عقارب وحيات والثاني أعني الرازي كسابقه كتابه مشحون بتأصيل مذهب الأشعرية ومذهب الجبرية لأنه أشعري جبري مؤصِّل منظِّر لأن بعض أهل العلم ينتمي إلى مذهب على سبيل التقليد فيذكر المسائل نقلاً عن غيره مثل النووي وابن حجر وغيرهم هذا أمرهم واضح ومكشوف لكن مثل هؤلاء المنظّرين الذين يقررون ويؤصلون ويدافعون ويردون على غيرهم الرازي أقول لا يجوز لطالب العلم المتوسط أن ينظر فيه لأنه يورد شبه يورد شبه ويجَلِّيها بأوضح عبارة ثم بعد ذلك يضعف في الرد عنها سواء كان مما يعتقده هذا يقرره بدون رد لكن الذي لا يعتقده من مذهب الجهمية من مذهب المعتزلة الذين هم شر من مذهبه يورد أقوالهم وشبههم يوضحها ويجليها ويضعف في ردها وينشط ويقوى حينما يرد على أهل السنة من أهل التحقيق حتى إنه قال في إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة وصفه بأنه مجسِّم وأنه مشبِّه وقال في تفسير سورة الشورى وألّف في أعضاء الله شخص يدعى محمد بن إسحاق بن خزيمة كتابًا أسماه كتاب التوحيد والأولى أن يسمى كتاب الشرك فطالب العلم غير المتمكن لا يجوز له أن ينظر في تفسير الزمخشري ولا في تفسير الرازي)


نلاحظ ان الشيخ جزاه الله تعالى خيرا يوصي طالب العلم بأن يحذر من إعتزال الزمخشري وكذلك من أخطاء الرازي،
وهنا مسألة جديرة بالنظر وهي كيف يحمي طالب العلم نفسه من الوقوع بالخطأ؟
لا شك ان على طالب العلم...ان يقرأ بكتب العقيدة لكي يعرف زلات وأخطاء المعتزلة وكذلك اهل التفسير العقلي من
أمثال الرازي ...وفي الختام نسأل الله تعالى ان يكون الزمخشري والرازي قد تابا الى الله تعالى من أخطائهم ونسأله
سبحانه ان يغفر لنا ولهم..........والله تعالى أعلم.
 
احجم عن الرد التزاما بكلام المشرفين والا فالكلام المنقول للاسف كلام يسميه الاشاعرة وغيرهم كلام الخصوم والاصل العدالة فيجب النقل من كتبهم لا من الموسوعة التي لا تمت للعلم بصلة
 
السؤال بعد إعادة كتابته: كيف يتعامل طالب العلم مع التفاسير المخالفة لمذهبه في مسائل الإعتقاد؟

هذا سؤال أجاب عليه الشيخ بن العثيمين وليس في إجابته تفريط ولا إفراط (بيداغوجي) لأنه يميز بين الطالب المبتدئ والطالب المتقدم، عندما قال:

"... وهناك كتب تفسير جيدة لكن منهجها في العقيدة غير سليم كتفسير الزمخشري فهو جيد من حيث البلاغة واللغة لكنه ليس بسليم من حيث العقيدة، وفيه كلمات تمر بالإنسان لا يعرف مغزاها، لكنها إذا وقرت في قلبه فربما يتبين له مغزاها فيما بعد، ويكون قد استسلم لها فيضل، ولذلك أرى أن طالب العلم يأخذ تفسير ابن كثير ما دام في أول الطلب أو تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أو تفسير أبي بكر الجزائري، وهذا ما اطلعتُ عليه وقد يكون فيه تفاسير أخرى مثلها أو أحسن منها، لكن هذا ما اطلعتُ عليه، ثم إذا وفقه الله إلى علمٍ واسع وملَكةٍ قوية يدرك بها ما لا يدركه في أيام الطلب: فليراجع كل ما تيسر من التفاسير."

فخلاصة القول أن تبدأ بالتفسير الذي يوافق مدرستك، وبعد الإحتراف يمكن لك أن تصول وتجول في بستان التفاسير.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...الأستاذ الفاضل جمال أبو حسان حياكم الله تعالى وبياكم
حرصا مني على التواصل معكم والاستفادة من علمكم الغزير...فأرجو التواصل معي
البريد التالي
[email protected]
وجزاكم الله تعالى خيرا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد....لفضيلة الدكتور مساعد الطيار رأيا خاصا في الموقف
من التفسير الأشاري وان رأيه موجود في موقع الدكتور ونظرا لأهميته أنقله لكم لانه يتعلق
بالتفاسير المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة...قال الأستاذ الدكتور:
(الاستفادة من التفسير الإشاري في تدبر القرآنهناك بعض المصطلحات العلمية صارت تحمل ظِلالاً خاصَّة، سرعان ما ينقدح في الذهن الجانب السلبي لاستخدام هذا المصطلح، ومن هذه المصطلحات التي يقع فيها ذلك مصطلح (التفسير الإشاري)، والتفسير الإشاري لم يلق - حسب علمي - دراسة تأصيلية تطبيقية من خلال كتب التفسير المعتادة، وكتب التفسير الإشاري .
حقيقة التفسير الإشاري:
من الأمور المستحسنة في العلوم؛ معرفة (المباديء) من جهتين:
الأولى: الاستخدام التطبيقي للأفكار .
الثانية:
ظهور المصطلح بخصوصيته المتعلقة بتلك التطبيقات .
وكثيرًا ما تأتي المصطلحات متأخرة عن التطبيقات، ومن أشهر الأمثلة التطبيقية عند السلف؛ ما ورد من تفسير عمر وابن عباس – رضي الله عنهم - لسورة النصر، فقد أورد البخاري بسنده عن ابن عباس قال: (كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لِمَ تُدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال: إنه ممن قد علمتم .
قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون في {إذا جاء نصر الله والفتح} . ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا} ؟ حتى ختم السورة .
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا .
وقال بعضهم: لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئا .
فقال لي: يا ابن عباس، أكذلك قولك ؟ قلت: لا .
قال: فما تقول ؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه و سلم أعلمه الله له إذا جاء نصر الله والفتح فتح مكة، فذاك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا . قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم) .
قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: (وَفِيهِ جَوَاز تَأْوِيل الْقُرْآن بِمَا يُفْهَم مِنْ الإِشَارَات، وَإِنَّمَا يَتَمَكَّن مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَسَخَتْ قَدَمه فِي الْعِلْم، وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ: أَوْ فَهْمًا يُؤْتِيه اللَّهُ رَجُلاً فِي الْقُرْآن) .
وهذا المثال من جنس ما نحن فيه، فظاهر الآيات على حسب ما فهم بعض البدريين الذين سألهم عمر، ولكن في الآيات إشارة واضحة إلى أمر آخر، وهو التنبيه على قرب أجل نبينا محمد .
ويظهر أن عمر وابن عباس أخذا ذلك من النظر في عموم الشريعة، حيث يرد الأمر بالاستغفار في نهايات الأعمال، ولما طُلِب من النبي أن يستغفر؛ أشعر ذلك بانتهاء عمله (وهو مهمة النبوة)، وقرب أجله .
ولقد تأملت أنواع الأمثلة في التفسير الإشاري فوجدت أغلبها يدخل في باب الاستنباط؛ لأن الغالب على هذه أنها لو فُقِدت لم يتأثر ظاهر القرآن، والتفسير إنما يتعلق بظاهر القرآن، وليس بما فيه من دلالات على غير الظاهر.
ولابدَّ من الإشارة إلى أمر مهم في هذا الجانب، وهو بيان الفرق بين التفسير وهذه الإشارات وغيرها من الاستنباطات، فأقول:
أولًا: أن من ضوابط التفسير المهمة (بيان المعنى)، فإذا بان المعنى، وتمَّ، فقد انتهى التفسير، وما وراء ذلك فإنه - في الغالب - لا يخرج أن يكون من علوم القرآن التي ترتبط بالآية، أو من الاستنباطات بأنواعها المتعددة .
ثانيًا: أن التفسير يتعلق بظاهر النصِّ، وما خرج عن ظاهره، فهو من باب الاستنباط، سواءً أكان اعتبارًا أو إشارة أو قياسًا أو مفهوم مخالفة أو غير ذلك .
ثالثًا: وأن من ضوابط التفسير - أيضًا - تناسقه مع السياق، وكل معنى صحيح أُلحِق بالآية، وهو لا ينتظم مع سياق الآية، وله وجه ارتباط بها، فإنه لا يدخل في باب التفسير، وإنما يكون من باب الاستنباط .
وسأضرب لك مثلين يُبِينَانِ عن ذلك:
المثل الأول: روى الطبري بسنده عن أَبي أمامة في قوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} قال: ((هم الخوارج)) .
وسياق الآية كما - لا يخفى - في اليهود، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} .
والملاحظ أن في فعل أبي أمامة أمرين:
الأول: أنه انتزع جزءًا من الآية .
الثاني: أنه حمل هذا الجزء الذي في سياق اليهود على الخوارج .
ولو أردت أن تسبك المعنى على تفسير أبي أمامة؛ لظهر لك اختلال النظم مع المعنى، فالمعنى - لو كان كلام أبي أمامة تفسيرًا -: وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وأنتم تعلمون أني مرسل إليكم من الله، فلما زاغ الخوارج أزاغ الله قلوبهم ...
ولا يخفى عليك هذا الخلل؛ لو كان أبو أمامة يقصد التفسير (بيان المعنى الظاهر من السياق)، لكنه - - أراد أن ينبهك إلى أن الخوارج شابهوا اليهود في هذه الحيثية، وهي أنهم قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم، وليس مراده أن الْمَعْنيَّ الأول بهذه الجملة هم الخوارج، وعلى هذا لا يحسن أن تَعُدَّ كلام أبي أمامة من التفسير، بل هو من باب القياس الذي يأتي بعد بيان المعنى الظاهر في السياق .
المثل الثاني: في قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}، فقد ورد عن الإمام الشافعي وغيره: (لما حجب هؤلاء في حال السخط، دلَّ على أن قومًا يرونه حال الرضى)، وهذه الآية في عِداد الآيات التي يستدل بها أهل السنة على رؤية الباري في الجنة، لا حرمني الله وإياكم هذا الفضل العظيم .
وإذا تأملت سياق الآيات وجدته في الكفار حيث قال تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}، وظاهر معنى الآية في سياقها أن الكفار ممنوعون من رؤية ربهم، وهذا تمام المعنى، فلو فسَّر مفسِّر هذه الآية بهذا القدر لما قصَّر في التفسير، أما ما ورد من بيان (مفهوم المخالفة)، وهو الاستدلال بمنع قوم على الكشف لقوم، فهذا من باب الاستنباط، وليس من باب التفسير .
ودليل ذلك ما أشرت لك به من أن مفسرًا لو لم ينتبه إلى هذا المعنى الدقيق لما كان مقصِّرًا في بيان المعنى من جهة التفسير .
وقد يرد سؤال عند بعض الناس، ومفاده: ألا يصح أن نقول: لما أخبر أن الكفار يصلون الجحيم دلَّ على أن المؤمنين يدخلون الجنة ؟
فالجواب: بلى، لكن هذا المعنى لم يخالف فيه أحد فيلزم التنبيه على دقائق الاستدلال لِمَا وقع فيه الخلاف؛ مثل مسألة الرؤية التي خالف فيها المعتزلة ومن أخذ بقولهم، والفرق بين الاستدلالين ظاهر .
أنواع الإشارات:
مما يحسن التنبه له أنه ليس كل ما نُسِب إلى التفسير الإشاري فأنه باطل محض، بل الإشارات والاعتبارات مثل القياس في الفقه، منه ما هو صحيح، ومنه ما هو خطأ، ومنه ما هو باطل، وقد أشار إلى ذلك عدد من العلماء؛ منهم ابن تيمية ففي معرض رده على بعض التفسيرات الخاطئة لاسم الله النور من قوله تعالى: (الله نور السموات والأرض)؛ قال: (الثاني: أنه ذكر عن المفسرين أنهم تأولوا ذلك بالهادي، وضعَّف ذلك، ثم ذكر في آخره أن من كلام العارفين أن النور هو الذي نوَّر قلوب الصادقين بتوحيده، وأسرار المحبين بتأييده، وأحيا قلوب العارفين بنور معرفته .
وهذا هو معنى الهادي الذي ضعفه أولًا، فيضعفه أولًا ويجعله من كلام العارفين، وهي كلمة لها صولة في القلوب، وإنما هو من كلام بعض المشايخ الذين يتكلمون بنوع من الوعظ الذي ليس فيه تحقيق، فإن الشيخ أبا عبد الرحمن ذكر في حقائق التفسير من الإشارات التي بعضها كلام حسن مستفاد، وبعضها مكذوب على قائله مفترى؛ كالمنقول عن جعفر وغيره، وبعضها من المنقول الباطل المردود .
فإن إشارات المشايخ الصوفية، التي يشيرون بها تنقسم إلى إشارة حالية، وهي إشارتهم بالقلوب وذلك هو الذي امتازوا به، وليس هذا موضعه .
وتنقسم إلى الإشارات المتعلقة بالأقوال؛ مثل ما يأخذونها من القرآن ونحوه، فتلك الإشارات هي من باب الاعتبار والقياس وإلحاق ما ليس بمنصوص بالمنصوص مثل الاعتبار والقياس الذي يستعمله الفقهاء في الأحكام، لكن هذا يستعمل في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال ودرجات الرجال ونحو ذلك:
- فإن كانت الإشارة اعتبارية من جنس القياس الصحيح؛ كانت حسنة مقبولة .
- وإن كانت كالقياس الضعيف؛ كان لها حكمه .
- وإن كان تحريفا للكلام على غير تأويله؛ كانت من جنس كلام القرامطة والباطنية والجهمية، فتدبر هذا، فإني قد أوضحت هذا في قاعدة الإشارات)[SUP](1)[/SUP].
وإذا كان الحال في الإشارات أنها من هذا الباب، فهي استنباطات تظهر للإشاري أثناء نظره في القرآن، وهي نوع من التدبر الذي يحسن النظر إليه؛ لأنك إذا تأمَّلت بعض الاستنباطات والفوائد التي يذكرها بعض التربويين والدعاة وغيرهم؛ وجدتها من باب الإشارات، وليست من التفسير .
ولا شك أن هذه الأقسام الثلاثة في الإشارات تنطبق على ما يذكره هؤلاء الدعاة والتربويون وغيرهم .
كلام العلماء في ضوابط قبول التفسير الإشاري:
لقد ذكر بعض العلماء ضوابط للتفسير الإشاري، منهم ابن القيم (ت: 751)، والشاطبي (ت: 790)، وها أنذا أسوق كلامهما:
قال ابن القيم - في تفسير قوله تعالى {فالموريات قدحًا}: (... وأضعف منه قول عكرمة: هي الألسنة تورى نار العداوة بعظيم ما نتكلم به وأضعف منه ما ذكر عنه مجاهد: هي أفكار الرجال تورى نار المكر والخديعة في الحرب.
وهذه الأقوال إن أريد أن اللفظ دل عليها وأنها هي المراد فغلط وإن أريد أنها أخذت من طريق الإشارة والقياس فأمرها قريب.
وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول:
- تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون .
- وتفسير على المعنى، وهو الذي يذكره السلف .
- وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم .
وهذا لابأس به بأربعة شرائط:
- أن لا يناقض معنى الآية .
- وأن يكون معنى صحيحا في نفسه .
- وأن يكون في اللفظ إشعار به .
- وأن يكون ببنيه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم .
فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة؛ كان استنباطا حسنا)[SUP](2)[/SUP].
قال الشاطبي: (فصل: وكون الباطن هو المراد من الخطاب قد ظهر أيضا مما تقدم في المسألة قبلها، ولكن يشترط فيه شرطان:
أحدهما: أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب ويجري على المقاصد العربية .
والثاني: أن يكون له شاهد نصا أو ظاهرا في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض .
فأما الأول: فظاهر من قاعدة لكون القرآن عربيا، فإنه لو كان له فهم لا يقتضيه كلام العرب لم يوصف بكونه عربيا بإطلاق، ولأنه مفهوم يلصق بالقرآن ليس في ألفاظه ولا في معانيه ما يدل عليه وما كان كذلك فلا يصح أن ينسب إليه أصلا، إذ ليست نسبته إليه على أن مدلوله أولى من نسبة ضده إليه ولا مرجح يدل على أحدهما، فإثبات أحدهما تحكم وتقول على القرآن ظاهر، وعند ذلك يدخل قائله تحت إثم من قال في كتاب الله بغير علم والأدلة المذكورة في أن القرآن عربي جارية هنا .
وأما الثاني:
فلأنه إن لم يكن له شاهد في محل آخر أو كان له معارض صار من جملة الدعاوي التي تدعى على القرآن والدعوى المجردة غير مقبولة باتفاق العلماء .
وبهذين الشرطين يتبين صحة ما تقدم أنه الباطن لأنهما موفران فيه بخلاف ما فسر به الباطنية، فإنه ليس من علم الباطن كما أنه ليس من علم الظاهر)[SUP](3)[/SUP].
وقد أشار إلى ضابط آخر عند تعليقه على كلام سهل بن عبد الله في قوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادًا)، ويمكن أن يقال: أن لا تُعتبر هذه الإشارات من باب التفسير:
قال: (... وهذا يشير إلى أن النفس الأمارة داخلة تحت عموم الأنداد حتى لو فصَّل لكان المعنى، فلا تجعلوا لله أندادا لا صنما ولا شيطانا ولا النفس ولا كذا، وهذا مشكل الظاهر جدا إذ كان مساق الآية، ومحصول القرائن فيها يدل على أن الأنداد الأصنام أو غيرها مما كانوا يعبدون ولم يكونوا يعبدون أنفسهم ولا يتخذونها أربابا ولكن له وجه جار على الصحة، وذلك أنه لم يقل إن هذا هو تفسير الآية، ولكن أتى بما هو ند في الاعتبار الشرعي الذى شهد له القرآن من جهتين ...)[SUP](4)[/SUP].
وهذان النقلان يحتاجان إلى تحرير في دمج هذه الضوابط، والنظر في إمكانية إضافة ضوابط أخرى يحتاجها الناظر في كتب التفسير الإشاري، وإنما نقلتها بطولها لكي تطلع على كلام بعض العلماء وتنظر فيه؛ لتعرف مدى اجتهادهم في ضبط مثل هذه الأمور المرتبطة بالقرآن الكريم .


(*) نشر هذا المقال بتاريخ: 13/02/1428 - 02/03/2007، على هذا الرابط .
(1) مجموع الفتاوى: (6: 377) .
(2) التبيان في أقسام القرآن (ص: 49) .
(3) الموافقات، تحقيق مشهور سلمان (4: 231 - 232) .
(4) الموافقات، تحقيق مشهور سلمان (4: 242 - 243).
​والله تعالى أعلم...




 
أخي الفاضل البهيجي؛ لحظة، لدي ملاحظة وأظن لن توافقني فيها، والمهم أن نناقش الفكرة، بارك الله فيك.

أولا، هناك كلام أدق من كلام د. مساعد جزاه الله خيرا، وهو للأستاذ د. فهد الرومي حفظه الله في كتابه اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر (رأيه في التفسير الصوفي الحديث)، حيث يقول: (يجب التفريق بين نوعين من التفسير: الاشاري والرمزي - وقد تكلم قبل هذا التمييز في ضوابط قبول "التفسير" الاشاري - الأول (اي الاشاري) حق وينقسم الى قسمين: تفسير إشاري معنوي، وتفسير إشاري لفظي. أما التفسير الرمزي الذي يجب أن نفرق بينه وبين التفسير الإشاري، فهو التفسير الذي سلكه الصوفيون وهم يحسبون أنهم يسلكون الأول وما هم بسالكيه).

وهذا كلام غير صحيح في نظري أنا، مع كل إحترامنا وتوقيرنا للشيخ ومع إعترافنا له بالأستاذية في هذا الحقل المعرفي من الدراسات القرآنية، لكن لا أتفق معه، فأتعلم منه وأستفيد، إلا أني غير مقتنع بشرحه. وذلك لأن التفسير الإشاري (المعنوي واللفظي) لا يسمى تفسيرا، حتى لو كان في إطار تلك الضوابط الأربعة التي ذكرها، بل هو ضرب من التأويل. أما الذي سماه بالتفسير الرمزي، فلا تفسير هو ولا تأويل.

والمتصوف لا يتكلم بالرمز في القرآن، بل بالتأويل الإشاري حيث يبحث في النص عن الموعظة والعبرة ومكارم الأخلاق والزهد والرقائق وغير ذلك مما يتصل بالإحسان. وقد يتكلم بالتفسير أيضا إذا كان من أهل التفسير والفقه واللغة، لكن كلامه الصوفي تأويل إشاري. وقد يتكلم بالرمز إن كان من أهل العرفان أو من أهل الغنوص.

عليه وجب عدم الخلط هنا بين المتصوف والعارف بالله والباطني. والكلام الرمزي المرفوض من الألف إلى الياء هو كلام الغنوصية وهذا في الحقيقة إسقاط (Eisegesis) مذهبي أي إخضاع النص القرآني للعقائد الباطنية، أما كلام أهل العرفان بالرموز فهو الذي قال عنه الإمام الزركشي "معان ومواجيد يجدونها عند التلاوة" وهذه الرموز لا تحمل أبدا على الإصطلاح، لا التفسير ولا التأويل ولا اللغة ولا الفقه ولا شيء شرعي، بل كلام يخص صاحبه ويخاطب به شخص معين من أصحاب العرفان، إذ قد يشاهد في تلك الرموز إشارات إلى شيء مر في تجربته وأذواقه ومواجيده.
 
مثال من تفسير سهل التستري

{النَّجْمُ الثَّاقِبُ}

النجم الثاقب: وهو قلب المؤمن، يعني مشرق بتوحيد الله وتنزيهه ومداومة الأذكار ومشاهدة الجبار.

وقال مرة أخرى: الثاقب قلب المؤمن، يعني مشرق مطهر عن كل شك وريب جرت عليه من وساوس العدو ونفس الطبع.


فيه كلام بالاشارة وفيه كلام بالرمز. هل تريد تحديده، أخي البهيجي ؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...جزاكم الله تعالى خيرا الأستاذ شايب على هذا النشاط
أعتقد ان تعريف التفسير قد يسعفنا في هذه المسألة بمعنى ان كل قول يساعد في توضيح
كلام الله تعالى فهو من التفسير ....أما الانطباعات والتقولات التي يكتبها البعض ولا تساهم
في فهمنا لكتاب الله تعالى انما هي مردودة ولا تسمى تفسيرا...والله تعالى أعلم.
 
نعم هذا هو المطلوب أخي البهيحي، فوجب الإكثار من تأكيده وتثبيته للوقوف في وجه من يردد بكرة وعشيا "التفسير الصوفي" و "التفسير العرفاني" و "التفسير الاشاري" و "التفسير الرمزي"، وما أكثرهم في الشرق والغرب، ليوهموا الناس بوجود طريقة أخرى مغايرة تماما للمناهج العلمية (الطرق التقليدية، قالوا!) في تفسير القرآن وتأويله وبيانه. ولإجتنات تقويل أهل التصوف والعرفان ما لم يقولوه؛ وأيضا لتنحية الجدالات العقيمة جانبا عند إظهار المواقف من هذا الصوفي أو غيره فترى من يعنعن البدعة والضلالة والإلحاد يأتي بقول فلان أو علان من العلماء، ثم يأتي خصمه بأقوال أخرى لعلماء آخرين، وهكذا جدال لا ينتهي بينما الحل لا يقتضي كل هذه السجالات، فنقول: هذا لا يسمى تفسيرا ولا تأويلا، لا تفسير مرجوح ولا تفسير فاسد ولا تفسير باطل، وهؤلاء المتصوفة لم يدعوا غير ذلك.

خذ كلام سهل التستري مثلا في النجم الثاقب، هل هذا تفسير؟ لا. تأويل؟ لا. والكتاب الذي جُمعت فيه أقواله، لم يجمعه هو، ولا هو الذي رتبه، وإلا ما أسماه بالتفسير أصلا، ولعنونه بشيء آخر كما هو الحال مع "لطائف الإشارات" للقشيري رحمه الله.

وبالنسبة للسؤال أعلاه عن قوله رحمه الله: "النجم الثاقب: وهو قلب المؤمن، يعني مشرق بتوحيد الله وتنزيهه ومداومة الأذكار ومشاهدة الجبار". هذا كلام بالإشارة والرمز. أما الإشارة هنا فليست لفظية ولا معنوية، بل إشارة خفية بتوظيف تشبيه مضمر، ووجه الشبه هنا كائن في المعنى التفسيري للطارق النجم الثاقب كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه، والمعنى الصوفي هنا أن تتحدى الموت بطلب الحياة والحياة توحيد الله وتنزيهه ومداومة الأذكار، وتزكية النفس .. الخ. وعليه بناء الكلام الرمزي، وهو المعنى العرفاني الذي يخصه هو، فهو الذي وجد هذه الأشياء عند تلاوة الطارق، أي هو الذي ذاق هذه المعنى.

عليه، نحن لا نقرأ هذا النص لنستفيد منه الدرس العلمي، المعنى التفسيري أو التأويلي أو التفقه في الدين؛ لكن نقرأ لنحاول فهم كيف عاش هو مع هذا النص، ماذا وجد عنده؟ قد تصل وقد لا تصل، وإن كنت من العارفين بالله، فيمكن أن تتذوق ما وراء هذه الرموز، فترى القلب، أو شيء آخر. وحينها ستقوم بحمل هذه الألفاظ على الأحول الوجدانية المتحركة عندك.

هذا ما سماه هو بالمطلع: إشراف القلب على المراد بها فقها من الله. إلى جانب المطلع، هناك الظهر وهو التفسير، والبطن وهو التأويل، ثم الحد وهو ما تتناهي إليه الفهوم من معنى الكلام مثل الحلال والحرام.

وما يقال هنا في هذا الذي يسمى التفسير الصوفي، يقال ايضا في "التفسير الفلسفي" و "التفسير الاجتماعي" وغيرها. هي في الحقيقة مقاربات، ليس إلا.

وجمعة مباركة.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا. .وكذلك اﻻستاذ الكريم. ..منهم من استنبط
من قوله تعالى (اركض برجلك)
على جواز الرقص ...وتجدهم في
أذكارهم يدورون ويفعلون أفعاﻻ
قريبة من الرقص...وحسبنا الله
ونعم الوكيل.
 
أخي البهيجي ... لا أظنك أقل من أن يفهم أن القول فيما يسمى "العرفان" وهو إلى الهذيان أقرب ليس تفسيراً. والقول أنه ليس بتفسير أو أن أصحابه لم يدعوا أنه تفسير، فهذا لا يعني أننا يجب أن نغفل الإنكار على الكلام الباطني والزندقة.التي فيه.
ولا تلتفت لمن يحسن تلك الزندقة بوصفها "مقاربات " وهي إلى الكفر أقرب.
قال ابن الصلاح في " فتاويه " : وقد وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي أنه صنف أبو عبد الرحمن السلمي " حقائق التفسير " فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
 
منهم من استنبط من قوله تعالى (اركض برجلك) على جواز الرقص ..
أحسنت أخي البهيجي؛ هذا من الإستنباط كما قلت وقولك حق، فهي مسألة فقهية، تُناقش في الإطار الفقهي، ولا علاقة لها بما نتحدث عنه هنا في تدبر القرآن بالبيان والشرح والتفسير والتأويل والتعايش والتقريب .. بل إنه من عجائب الاستدلالات الشرعية وغرائب الاستنباطات الفقهية، ولو استدلوا بهذه الآية في مجال تقديم الركض في الرقية على الرقى الأخرى (الخالية من الشرك طبعا لأن الضابط كما في الحديث ما لم يكن فيه شرك) المعروفة في العادات والتقاليد، لكان الإستنباط أقرب إلى المعقول.

بالنسبة للرقص الصوفي (التواجد) أرى أن أقرب إشارة قرآنية إليه في قوله تعالى {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله} لا {اركض برجلك} وهذا التواجد لا علاقة له بالرقص الذي يفعله من يقال عنهم "صوفية" فوجب التمييز بين التواجد (الرقص الصوفي) والرقص الذي هو ضرب من العادات والتقاليد الثقافية، أو الذي هو بدعة إن كان القصد منه التعبد الديني لا الكوني، وهذا ما إختلفوا فيه هل له أصل أم لا. أما الرقص الصوفي فالسؤال عنه غير معقول، لأن المتصوف لا يتحكم فيه ولا يقدر على دفعه، لذلك لا نسأل هل يجوز أو لا يجوز إلا في حالة الإختيار والإقبال فلا يجوز لما فيه من تكلف، وهذا بينه ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين.

عليه، كلام المتصوف في الفقهيات يُحمل على الفقه ليضبط به، وكلامه في العقائد يحمل على علم أصول الدين ليُضبط بضوابطه، وكلامه في اللغة يضبط بها، وكذلك نقول في التفسير والتأويل، إذ ليس هناك مدرسة نحوية صوفية مثلا أو مذهب فقهي صوفي أو عقيدة صوفية أو تفسير صوفي .. فالصوفي هو كذلك في التصوف وفي العرفان، أما في الفقه فيجب أن يكون فقيها لنتفاهم ونتواصل معه، وهكذا..

نبتعد عن ذاك التأويل الفقهي الغريب، وننظر في مقاربة صوفية للآية لنرى المعايشة العرفانية، بمثال: {اركض برجلك} اضرب بقوتك التي تلي أرض البدن من العقل العملي المسمى صدر أرض بدنك تنبع عينان من الحكمة العملية والنظرية {هذا مغتسل} أي العملية المزكية للنفوس، المطهرة من ألواث الطبائع، المبرئة من أمراض الرذائل {بارد} ذو روح وسلامة {وشراب} من النظرية، أي العلم المفيد لليقين الدافع لمرض الجهل، والزمانة عن السير، فتغتسل وتشرب منه تبرأ بإذن الله ظاهرك وباطنك وتصح وتقوى.

وهذا ما لا يقال عنه تفسير ولا تأويل، ومن ظن هذا فليراجع نفسه، فقد تقول على الله بغير علم ولا كتاب.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد....جزيتم الخير أستاذ شايب...
أعتقد ان ما ذكره الأستاذ مساعد جزاه الله تعالى خيرا بحاجة الى تعليق وبيان خاصة
ما ذكره من أقوال ابن القيم والشاطبي رحمها الله تعالى...ولكني لن أخوض فيه الا اذا
شاركنا أحد الأعضاء وطلب ذلك....
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...من أجل أن تتضح الصورة أكثر وخاصة للمبتدئين فإني
مضطر للنقل من بعض المواقع التي نحسبها على خير فقد ألقى الدكتور عبدالرحمن بن
صالح الذيب محاضرة بعنوان(مسائل الاعتقاد في التفسير) على طلبة معهد آفاق التيسير
للتعليم عن بعد...وقد أخترت بعض أجزاء المحاضرة ومنها:
( كتب التفسير المعلوم أنها على قسمين أو على ثلاثة أقسام:
1-كتب التفسير بالمأثور
2-كتب التفسير بالرأي
3- وبعضهم يضع قسما ثالثا للتفسير الإشاري
ولعل هناك تقاسيم أخرى .
الذي يهمنا التنبيه عليه أن ما يتعلق بكتب التفسير بالمأثور: هي في الحقيقة أقرب الكتب لتقرير مسائل الإعتقاد على عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ لأن عقيدة أهل السنة والجماعة قائم على الأثر.
وإنما يدخل الإنحراف في هذه الكتب من جهة أن بعض المصنفين تحوي كتبه من الأخبار الواهية والموضوعة شيء كثير ، فهذا المنحى يكون فيه نوع من الانحراف كما نرى عند الواحدي مثلا، وعند بعض المتأخرين وإن كان صنفوا تفاسيرهم بالأسانيد.
أما التفسير بالرأي فمنهم من كان تفسيره على عقيدة أهل السنة والجماعة، ومنهم من كان على مذهب المتكلمين ، وذكرنا مذهب المتكلمين هنا نريد إما على مذهب المعتزلة أو على مذهب الأشاعرة أو على مذهب الماتريدية ، هذا أشهر فرق المتكلمين الذين لهم كتب في التفسير على المذهب المذموم وهو مذهب أهل الكلام.
الخوارج طبعا لهم كتب ، لكن جل كتب الخوارج في حكم المعدوم إلا بعض مايوجد عند الإباضية ، والآن المذهب طبعا حرك عن طريق أباضية عُمان ، فالخليلي مثلا له تفسير كبير.
كذلك فيما يتعلق بالشيعة ، الشيعة لهم تفاسيرهم ، والشيعة كما هو معلوم اهتمامهم بالقرآن أصلا قليل لكنهم يحاولون أن يصوروا أن المذهب متكامل فألف من ألف منهم في التفسير معتمدا على كتب أهل السنة كما بينتها دراسة الدكتور القفاري ، لكنهم اذا جاؤو فيما يتعلق بمسائل الإمامة وغيرها يقررون مذهبهم ، طبعا الشيعة في مسائل الاعتقاد على مذهب المعتزلة سواء في الصفات سواء في القدر كذلك ، لكنهم في مسائل الإيمان والصحابة لهم مذهبهم الباطل الذي تميزوا به.
كذلك الزيدية وهم أقل انحرافا في مسائل الصحابة عن الشيعة، هم جل أئمتهم وعلماءهم كانوا يتبنون مذهب المعتزلة في سائر أبواب الإعتقاد ولهم تفاسير أيضا موجودة، لكن المذهب الزيدي قائم على الإجتهاد وهذا في الحقيقة جعل يظهر جملة من العلماء أكثر تحريرا وأكثر قبولا للحق ، فاقترب كثيرا لمذهب أهل السنة ، وأما الجهمية والكلابيَّة والكرَّاميَّة فلا أعلم الأن شيء مطبوع لأولئك.
طبعا الماتريديةوهم أبناء عم الأشاعرة؛ أبو المنصور الماتريدي له تفسير كبير مطبوع يقرر معتقده، والتفسير بالرأي كماذكرت هو المنحى الذي أدخل فيه أولئك اعتقاداتهم في تفسيرهم لآيات القران، التفسير بالرأي)
وفي هذا الجزء من المحاضرة لي عددا من الملاحظات:
1- ان الدكتور عبد الرحمن جزاه الله تعالى خيرا قسم التفاسير الى تفسير بالمأثور وتفسير بالرأي والتفسير الأشاري وأعتقد ان الأخير الأولى ان نسميه بالتفاسير المخالفة وان نضيف نوعا رابعا وهو التفسير الجامع
بين المأثور والرأي وهو الذي إنتهجه الامام الطبري وهو المنهج الصحيح كما أراه ويراه الكثير من المفسرين
والله تعالى أعلم.
2- ان الدكتور الفاضل سمى الشيعة بالرافضة ولكنهم اليوم يسمون أنفسهم بالشيعة فالصحيح ان
نسميهم بما يسمون أنفسهم به ولا داعي ان نغضبهم بأمر ليس له أهمية خاصة ان الكثير منهم يقرأون
ما نكتبه فهل نريد ان نبعدهم عنا ام نريد ان نقربهم؟...فعلينا كدعاة ان نسميهم بالشيعة لا بالرافضة
والله تعالى أعلم.
3- أما قول الدكتور بارك الله تعالى فيه:(
أما التفسير بالرأي فمنهم من كان تفسيره على عقيدة أهل السنة والجماعة، ومنهم من كان على مذهب المتكلمين) فهذا الأمر لا يكون على عمومه بمعنى ان المفسر قد يفسر
على مذهب اهل السنة ولكن قد يخطأ في مسألة فلا يفسرها على مذهبهم....أو ان المفسر قد يجمع في
تفسيره بين عدة مناهج فمرة هو على منهج اهل السنة ومرة هو على منهج الأشارية ومرة هو على منهج
الاشاعرة..وهكذا وأوضح مثال لهذا التخبط في مناهج التفسير هو تفسير الآلوسي رحمه الله تعالى.

والله تعالى أعلم.
[SUB][SUP]
[/SUP][/SUB]

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...لقد ذكرنا التشابه بين الشيعة والمعتزلة في عدد من
المسائل ولهذا الامر تأثيره في تفاسير الفرقتين وقد عثرت على مقالا جيدا لم يذكر كاتبه
أسمه أحببت أن أنقله لكم تتمة للموضوع:
(رضي بعض متأخري الشيعة بما رضي به المعتزلة لأنفسهم من مخالفة جمهور المسلمين، فخالفوهم في كثير من مسائل الاعتقاد، جرياً وراء العقل وإحاطته بالقدسية والعلو على نصوص الشرع . وسوف نعرض في هذا المبحث عن مسألتين من مسائل الاعتقاد الكبيرة، والتي حصل فيها كلام كثير وردود مستفيضة مشهورة، وهما : مسألة القول بخلق القرآن ، ومسألة رؤية الله جل جلاله.

المسألة الأولى : القول بخلق القرآن .
اشتهر عن المعتزلة تبعاً للجهمية القول بخلق القرآن ،وأن القرآن مخلوق ليس كلاماً لله تكلم به . ونحن هنا في هذا المبحث لن نخوض في تفصيل هذه المسألة وإنما نريد إثبات هل الشيعة الإمامية يقولون بخلق القرآن متابعة للمعتزلة الجهمية أم لا .
وقبل أن نذكر الروايات التي تذكر هذه العقيدة عن الشيعة الإمامية، نود أن نلفت القاريء إلى أن المتقدمين من أئمة الشيعة من آل البيت نفوا ذلك . فقد جاء في تفسير العياشي (1/8) : (عن الرضا أنه سئل عن القرآن فقال .... إنه كلام الله غير مخلوق .. ) . وعند الكشي في رجاله (ص490) : (...إن الكلام ليس بمخلوق ..) .
وفي التوحيد لا بن بابويه القمي، قيل لأبي الحسن موسى رضي الله عنه (يا بن رسول الله ما تقول في القرآن : فقد اختلف فيه من قبلنا فقال قوم : إنه مخلوق، وقال قوم إنه غير مخلوق ، فقال رضي الله عنه : أما إني لا أقول في ذلك ما يقولون ، ولكني أقول : إنه كلام الله عز وجل ) .
قلت وفي العبارة الأخيرة : (إنه كلام الله عز وجل ) بيان ما عليه السلف أهل السنة والجماعة .

وأما روايات متأخري الشيعة الإمامية فقد جاءت على عكس ما عُهد عن آل البيت ، فقد عقد المجلسي في البحار باباً بعنوان : (باب : أن القرآن مخلوق ) [بحار الأنوار : 92/117-121] . وساق فيه روايات كثيرة، ومعظمها تخالف ما عنون له ، ولكن للشيعة الإمامية تأويل في معنى القول بخلق القرآن وسوف يأتي .
ومما يثبت نسبة هذه المسألة إلى الشيعة، ما ذهب إليه آية الشيعة محسن الأمين حيث قال : (قالت الشيعة والمعتزلة القرآن مخلوق ) [أعيان الشيعة : 1/461] . بل جعل الكلام الذي كُلم به موسى ليس من الله بل من الشجرة ! وهذا هو عين ما تذهب إليه المعتزلة، فقال محسن الأمين : ( ... يوجد الكلام في بعض مخلوقاته كالشجرة حين كلم موسى، وكجبريل حين أنزله الله بالقرآن ) [أعيان الشيعة : 1/453] .

ومع هذا ومع ثبوت نسبة هذه المقالة عن الشيعة الإمامية إلا أن ابن بابويه القمي حاول أن يجد عذراً لمن قال بأنه مخلوق ،حيث نهج في هذا مسلكان :
الأول : جعل معنى مخلوق أي : مكذوب . قال : (وإنما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه لأن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوباً ، ويقال : كلام الله مخلوق أي مكذوب ) [التوحيد : 225، وكذا البحار : 92/119] . قلت : محاولة التأويل هذه يردها الاختلاف الكبير الذي حصل بين أهل السنة والجماعة (السلف)، وبين المعتزلة والجهمية حول هذه المسألة وهي معروفة ومشهورة.
والثاني: جعل هذه المقالة من باب التقية، فقد نقل آيتهم البرو جردي في كتابه تفسير الصراط المستقيم (1/304) عن ابن بابويه قوله : ( ولعل المنع من إطلاق الخلق على القرآن إما للتقية مماشاة للعامة ، أو كونه موهماً لمعنى آخر ..) .

قلت : هذه من المسائل المستشنعة التي تفوه بها المعتزلة والجهمية قبلهم، وتابعهم عليها الشيعة الإمامية، وحقيقتها نفي صفة الكلام لله ، والله سبحانه يتكلم كيف شاء متى شاء حيث شاء ، ونفي هذه الصفة أعني صفة الكلام ، فيه نسبة النقص إلى الله . فإن المخلوق الأخرس ناقص الخلقة ، والله جل في علاه - وله المثل الأعلى - تنزه عن المشابهة وهو الكامل المنزه من كل نقص وعيب . ثم إن نفي كون القرآن كلام الله، يلزم منه عدم قدسية القرآن ويؤدي إلى إهمال نصوصه لكونه مخلوقاً كأحد مخلوقاته وليس كلامه ! .


المسألة الثانية : رؤية الله عز وجل .

أخبر الله في كتابه أن عبادة المؤمنين يرونه في الآخرة فقال :{وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }. وفي قوله تعالى : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } . حيث فسر جمهور المفسرين الزيادة بأنها النظر إلى وجه ربهم جل جلاله والتلذذ به . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أيما حديث بأنهم سوف يرون ربهم ، فعن جرير بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) [رواه البخاري: 554].
وأما في هذه الدنيا فإننا لا نرى ربنا ولا نستطيع، وقد سأل موسى عليه السلام ربه أن يراه فقال له ربه : {لن تراني }، ولم يقل ربنا لا تراني، والمعنى أنك يا موسى لن تراني في هذه الدنيا، وبسط هذه المسألة يطول ليس هذا موضعها ، إنما القصد هو بيان ما عليه الشيعة الإمامية تجاه رؤية ربها في الدنيا والآخرة .
والشيعة الإمامية تابعت المعتزلة فيما ذهبت إليه في رؤية الله عز وجل ، فنفت أن يرى المؤمنون ربهم في الآخرة، وحججهم هي نفس حجج المعتزلة، ولكن زادوا عليهم أن لهم روايات وأخبار تؤكد هذه العقيدة، فيروون عن أبي عبد الله جعفر الصادق بأنه سئل : (عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد ؟ فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيراً .. إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية، والله خالق الأكوان والكيفية ) [بحار الأنوار : 4/31- وعزاه إلى أمالي الصدوق ] . قلت : كأنك تلحظ في هذه الرواية نفي وجود الرب، والسلف وأهل السنة والجماعة، لا ينفون ذات الله ، ولكن ينفون معرفة كيفيته، وكيف هو . كما في قول مالك في الاستواء : (الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ...) ، ولكن استواء ربنا كيف هو لا نعلمه وهو مجهول لدينا، لا ننا لا نعرف ذات الله فكيف نصف استواءه كيف هو . وفي الرواية السابقة : (.. إن الأبصار لا تدرك إلا ماله لون وكيفية، والله خالق الأكوان والكيفية)، فيه تعرض لكنه ذات الرب، وهذا لا يعلمه إلا الله ! .
ويناقض الرواية السابقة ما رواه الكليني في الكافي (1/85) عن أبي عبد الله أنه قال : (... ولكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ، ولا يشارك فيه ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره ) .
قلت : فهذا رد على الرواية السابقة، وبيان خطأ ما روي في بحار الأنوار .
وقد غلا جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء في هذه المسألة كثيراً وكفّر من قال بالرؤية ، قال : (ولو نسب إلى الله بعض الصفات ... كالرؤية حكم بارتداده ) [كشف الغطا ص 417] . وجعل الحر العاملي هذه المسألة من أصول الدين، فعقد لهذه المسألة باباً في وسماه : (أن الله سبحانه لا تراه عين ولا يدركه بصر في الدنيا ولا في الآخرة ) [الفصول المهمة في أصول الأئمة ص 12] .
قلت يكفينا في ذلك ما رواه ابن بابويه القمي عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت : له أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال : نعم ) [ابن بابويه/ التوحيد ص 117، وبحار الأنوار : 4/44] .
وخلاصة القول : إن الشيعة الإمامية إما أن تقول بمقالة المعتزلة وتنفي رؤية الله عز وجل في الآخرة، فتكون مكذبة لما روته كتبهم عن أئمتهم في رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة . أو تتبرأ من مقالة المعتزلة وتكون متبعة لمنهج السلف وجمهور المسلمين)

قلت: وهذه من المسائل المهمة التي تعين على فهم تفاسير الفرقتين الشيعة والمعتزلة وخاصة الشيعة حيث لهم في أيامنا هذه نشاط
دعوي ولهم دول تدعم ما هم عليه من مخالفات واضحة لمنهج القرآن الكريم....ولعل ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان
موقفهم من تفسير القرآن يلخص مواقفهم حيث قال ما معناه:ان تفسيرهم اما ان يكون صحيحا ولكنهم يحملونه على أمور لم
يردها الله تعالى بقوله او ان تفسيرهم غير صحيح وهذا هو الشائع بل والمستهجن مثل حمل كثير من الآيات على ان المقصود
فيها امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه كقولهم (مرج البحرين يلتقيان(علي وفاطمة) يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان
( الحسن والحسين)) .....والى الله تعالى نشكو من يقبل بمثل هذا التفسير..والله تعالى أعلم.




 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...فقد وجدت بحثا للدكتور عبد الله ب إبراهيم الوهيبي
منشور في مجلة البحوث الإسلامية العدد 7 وعنوانه التفسير بالأثر والرأي وأشهر التفاسير بهما....وهو ذكر تفسير الرازي فقال:
(أشهر كتب التفسير بالرأي
مفاتيح الغيب للفخر الرازي.
التعريف بمؤلف هذا التفسير:
هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن فخر الدين الرازي أبو عبدالله القرشي التميمي من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه المفسر الفقيه المتكلم إمام وقته في العلوم العقلية، ولد في رمضان سنة 544هـ. طلب العلم على والده ضياء الدين عمر، وأتقن علوماً كثيرة وبرز فيها، وتخرج عليه طلاب كثيرون حكي أنه إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم وصنف في فنون كثيرة وقيل إنه ندم على دخوله في علم الكلام، روي عنه أنه قال: لقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فلم أجدها تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، ورأيت أصح الطرق طريقة القرآن. توفي بهراة سنة 606هـ. وخلف مصنفات كثيرة منها:
1 - كتاب المحصول في أصول الفقه، مطبوع.
2 - كتاب شرح أسماء الله الحسنى، مطبوع.
3 - كتاب من اعجاز القرآن.
4 - كتاب المطالب العالية في ثلاث مجلدات ولم يتمه وهو من آخر تصانيفه.
5 - تفسيره: مفاتيح الغيب.

التعريف بتفسيره وطريقته فيه:

تفسير الفخر الرازي: ((مفاتيح الغيب)) من التفاسير المطولة ويقع في اثنين وثلاثين جزءاً في طبعة دار المصحف وهذا التفسير لم يتمه الفخر الرازي ذكر حاجي خليفة في: كشف الظنون، أنه وصل فيه إلى تفسير سورة الأنبياء ثم أتمه نجم الدين أحمد بن محمد القمولي المتوفي سنة 727هـ. وقاضي القضاة شهاب الدين بن خليل الخوي أكمل ما نقص منه أيضاً توفي سنة 639هـ. وذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، أن الذي أكمله نجم الدين القمولي. فلعل الشيخين اشتركا في تكملته بوجه من الوجوه أو أن كل واحد منهما ألف تكملة له، ومسألة تكملة تفسير الفخر الرازي والموضع الذي انتهى إليه الفخر الرازي في تفسيره مسألة فيها خلاف قديم بين العلماء ولم تحقق إلى الآن.

وطريقة الفخر الرازي في تفسيره أنه يعنى بذكر مناسبة السور بعضها لبعض، ومناسبة الآيات بعضها لبعض فيذكر أكثر من مناسبة، ويلاحظ على بعض هذه المناسبات أنها بعيدة أو فيها تكلف، كما أنه يعنى بذكر أسباب النزول، فيذكر للآية الواحدة سبباً أو أكثر من سبب حسب ما روي فيها، ويذكر وجوه القراءات ووجوه الإِعراب، ويعنى باللغة، فتجد له مباحث لغوية قصيرة لتحقيق بعض اللغويات، ويشير إلى القواعد الأصولية، وبتوسع في المباحثات الفقهية، فيعنى كثيراً بمذهب الشافعي وتحقيقه وترجيح آرائه والرد على مخالفيها، كما أنه في مسألة آيات الصفات يجريها على طريقة الأشعري في مذهبه، ويرد على أقوال المعتزلة في مسألة الصفات وغيرها، ويفند أقوالهم وكذلك يعنى بذكر آراء الفلاسفة ونظرياتهم في الكون ويفندها وقد استطرد في المباحث الفلسفية والكلامية فطغت على تفسيره فهو مرجع في هذا الباب إلا أنه يؤخذ عليه أنه يورد شبه الجاحدين والمخالفين يوردها ويحققها ويتوسع في تحقيقها أكثر من أصحابها ثم يرد عليها رداً ضعيفاً لأنه قد استنفذ طاقته في التوسع في تحقيقها حتى قال عنه بعض المغاربة: يورد الشبه نقداً ويحللها نسيئة فنلاحظ من هذا الاستعراض السريع لطريقة الفخر الرازي في تفسيره أنه جمع في تفسيره علوماً كثيرة، واستطرد في بعضها مما جعله يخرج عن التفسير، ولذا قال بعض العلماء فيه كل شيء إلا التفسير، وهذا القول وإن كان فيه مبالغة إلا أنه يشعر باستطرادات الفخر الرازي في تقرير بعض قضايا التفسير.)



رابط الموضوع: التفسير بالأثر والرأي وأشهر كتب التفسير فيهما

ولهذا فإني أدعو الاخوة الكرام الذين يرون ان تفسير الرازي لا يحتوي على أمور مخافة لمنهج اهل السنة والجماعة
ان يوضحوا لنا رأيهم وما هي أدلتهم على ذلك....والله تعالى اعلم.
 
الرأي والدليل مما ذكرت ونقلت:
"كما أنه في مسألة آيات الصفات يجريها على طريقة الأشعري في مذهبه، ويرد على أقوال المعتزلة في مسألة الصفات وغيرها، ويفند أقوالهم وكذلك يعنى بذكر آراء الفلاسفة ونظرياتهم في الكون ويفندها"
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...فقد وجدت بحثا للدكتور عبد الله ب إبراهيم الوهيبي
منشور في مجلة البحوث الإسلامية العدد 7 وعنوانه التفسير بالأثر والرأي وأشهر التفاسير بهما....وهو ذكر تفسير الرازي فقال:
(أشهر كتب التفسير بالرأي
مفاتيح الغيب للفخر الرازي.
التعريف بمؤلف هذا التفسير:
هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن فخر الدين الرازي أبو عبدالله القرشي التميمي من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه المفسر الفقيه المتكلم إمام وقته في العلوم العقلية، ولد في رمضان سنة 544هـ. طلب العلم على والده ضياء الدين عمر، وأتقن علوماً كثيرة وبرز فيها، وتخرج عليه طلاب كثيرون حكي أنه إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم وصنف في فنون كثيرة وقيل إنه ندم على دخوله في علم الكلام، روي عنه أنه قال: لقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فلم أجدها تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، ورأيت أصح الطرق طريقة القرآن. توفي بهراة سنة 606هـ. وخلف مصنفات كثيرة منها:
1 - كتاب المحصول في أصول الفقه، مطبوع.
2 - كتاب شرح أسماء الله الحسنى، مطبوع.
3 - كتاب من اعجاز القرآن.
4 - كتاب المطالب العالية في ثلاث مجلدات ولم يتمه وهو من آخر تصانيفه.
5 - تفسيره: مفاتيح الغيب.

التعريف بتفسيره وطريقته فيه:

تفسير الفخر الرازي: ((مفاتيح الغيب)) من التفاسير المطولة ويقع في اثنين وثلاثين جزءاً في طبعة دار المصحف وهذا التفسير لم يتمه الفخر الرازي ذكر حاجي خليفة في: كشف الظنون، أنه وصل فيه إلى تفسير سورة الأنبياء ثم أتمه نجم الدين أحمد بن محمد القمولي المتوفي سنة 727هـ. وقاضي القضاة شهاب الدين بن خليل الخوي أكمل ما نقص منه أيضاً توفي سنة 639هـ. وذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، أن الذي أكمله نجم الدين القمولي. فلعل الشيخين اشتركا في تكملته بوجه من الوجوه أو أن كل واحد منهما ألف تكملة له، ومسألة تكملة تفسير الفخر الرازي والموضع الذي انتهى إليه الفخر الرازي في تفسيره مسألة فيها خلاف قديم بين العلماء ولم تحقق إلى الآن.

وطريقة الفخر الرازي في تفسيره أنه يعنى بذكر مناسبة السور بعضها لبعض، ومناسبة الآيات بعضها لبعض فيذكر أكثر من مناسبة، ويلاحظ على بعض هذه المناسبات أنها بعيدة أو فيها تكلف، كما أنه يعنى بذكر أسباب النزول، فيذكر للآية الواحدة سبباً أو أكثر من سبب حسب ما روي فيها، ويذكر وجوه القراءات ووجوه الإِعراب، ويعنى باللغة، فتجد له مباحث لغوية قصيرة لتحقيق بعض اللغويات، ويشير إلى القواعد الأصولية، وبتوسع في المباحثات الفقهية، فيعنى كثيراً بمذهب الشافعي وتحقيقه وترجيح آرائه والرد على مخالفيها، كما أنه في مسألة آيات الصفات يجريها على طريقة الأشعري في مذهبه، ويرد على أقوال المعتزلة في مسألة الصفات وغيرها، ويفند أقوالهم وكذلك يعنى بذكر آراء الفلاسفة ونظرياتهم في الكون ويفندها وقد استطرد في المباحث الفلسفية والكلامية فطغت على تفسيره فهو مرجع في هذا الباب إلا أنه يؤخذ عليه أنه يورد شبه الجاحدين والمخالفين يوردها ويحققها ويتوسع في تحقيقها أكثر من أصحابها ثم يرد عليها رداً ضعيفاً لأنه قد استنفذ طاقته في التوسع في تحقيقها حتى قال عنه بعض المغاربة: يورد الشبه نقداً ويحللها نسيئة فنلاحظ من هذا الاستعراض السريع لطريقة الفخر الرازي في تفسيره أنه جمع في تفسيره علوماً كثيرة، واستطرد في بعضها مما جعله يخرج عن التفسير، ولذا قال بعض العلماء فيه كل شيء إلا التفسير، وهذا القول وإن كان فيه مبالغة إلا أنه يشعر باستطرادات الفخر الرازي في تقرير بعض قضايا التفسير.)



رابط الموضوع: التفسير بالأثر والرأي وأشهر كتب التفسير فيهما

ولهذا فإني أدعو الاخوة الكرام الذين يرون ان تفسير الرازي لا يحتوي على أمور مخافة لمنهج اهل السنة والجماعة
ان يوضحوا لنا رأيهم وما هي أدلتهم على ذلك....والله تعالى اعلم.
جزاك الله خيرا.
هو التٙيميّ لا التميمي.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...جزاكم الله تعالى أخي الأمين نعم ما ذكرته هو الصحيح
لكن الخطأ ليس مني....الأستاذ المكرم مخلص شكرا لك مرورك الكريم..أرجو النظر
بما يلي:
قال الرازي في تفسير قوله تعالى(الرحمن على العرش استوى)طه-5
(.......المسألة الثانية : المشبهة تعلقت بهذه الآية في أن معبودهم جالس على العرش وهذا باطل بالعقل والنقل من وجوه . أحدها : أنه سبحانه وتعالى كان ولا عرش ولا مكان ، ولما خلق الخلق لم يحتج إلى مكان بل كان غنياً عنه فهو بالصفة التي لم يزل عليها إلا أن يزعم زاعم أنه لم يزل مع الله عرش . وثانيها : أن الجالس على العرش لا بد وأن يكون الجزء الحاصل منه في يمين العرش غير الحاصل في يسار العرش فيكون في نفسه مؤلفاً مركباً وكل ما كان كذلك احتاج إلى المؤلف والمركب وذلك محال . وثالثها : أن الجالس على العرش إما أن يكون متمكناً من الإنتقال والحركة أو لا يمكنه ذلك فإن كان الأول فقد صار محل الحركة والسكون فيكون محدثاً لا محالة وإن كان الثاني كان كالمربوط بل كان كالزمن بل أسوأ منه فإن الزمن إذا شاء الحركة في رأسه وحدقته أمكنه ذلك وهو غير ممكن على معبودهم . ورابعها : هو أن معبودهم إما أن يحصل في كل مكان أو في مكان دون مكان فإن حصل في كل مكان لزمهم أن يحصل في مكان النجاسات والقاذورات وذلك لا يقوله عاقل ، وإن حصل في مكان دون مكان افتقر إلى مخصص يخصصه بذلك المكان فيكون محتاجاً وهو على الله محال . وخامسها : أن قوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء } [ الشورى : 11 ] يتناول نفي المساواة من جميع الوجوه بدليل صحة الاستثناء فإنه يحسن أن يقال ليس كمثله شيء إلا في الجلوس وإلا في المقدار وإلا في اللون وصحة الاستثناء تقتضي دخول جميع هذه الأمور تحته ، فلو كان جالساً لحصل من يماثله في الجلوس فحينئذ يبطل معنى الآية . وسادسها : قوله تعالى : { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثمانية } [ الحاقة : 17 ] فإذا كانوا حاملين للعرش والعرش مكان معبودهم فيلزم أن تكون الملائكة حاملين لخالقهم ومعبودهم وذلك غير معقول لأن الخلق هو الذي يحفظ المخلوق أما المخلوق فلا يحفظ الخالق ولا يحمله . وسابعها : أنه لو جاز أن يكون المستقر في المكان إلهاً فكيف يعلم أن الشمس والقمر ليس بإله لأن طريقنا إلى نفس إلهية الشمس والقمر أنهماموصوفان بالحركة والسكون وما كان كذلك كان محدثاً ولم يكن إلهاً فإذا أبطلتم هذا الطريق انسد عليكم باب القدح في إلهية الشمس والقمر )
ويستمر بكلامه فانظر كيف يفسر سورة الإخلاص (ضمن نفس الموضوع أعلاه في سورة
طه):(وتاسعها : أجمعت الأمة على أن قوله : { قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ } [ الإخلاص : 1 ] من المحكمات لا من المتشابهات فلو كان مختصاً بالمكان لكان الجانب الذي منه يلي ما على يمينه غير الجانب الذي منه يلي ما على يساره فيكون مركباً منقسماً فلا يكون أحداً في الحقيقة فيبطل قوله : { قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ } [ الإخلاص : 1 ])....الأستاذ الفاضل
هذا مثال بسيط فارجع الى تفسيره وانظر كيف يفسر آيات الصفات....
وفقنا الله تعالى واياكم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....أما بعد...في موقع الأستاذ مساعد الطيار موضوعا مهما بعنوان
( التفسير بالرأي مفهومه حكمه انواعه) وكما هو معلوم ان التفسير بالرأي من اهم أنواع
التفسير الذي يتطلب من طلبة علم فهمه وادراك تفاصيله فكم من اهل العلم سهى ونسى ووقع في المحذور الذي لا يجوز....وقد اخترت لكم جزءا من الموضوع أعلاه:
(...................أنواع الرأي في التفسير:
الرأي في التفسير نوعان: محمود، ومذموم.
النوع الأول: الرأي المحمود.
إنما يحمد الرأي إذا كان مستنداً إلى علم يقي صاحبه الوقوع في الخطأ.
ويمكن استنباط أدلةٍ تدلّ على جواز القول بالرأي المحمود.
ومن هذه الأدلّة ما يلي:
1- الآيات الآمرة بالتدبّر:
وردت عدّة آيات تحثّ على التدبّر؛ كقوله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، وقوله: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29]. وغيرها من الآيات.
وفي حثِّ الله على التدبر ما يدلّ على أن علينا معرفة تأويل ما لم يُحجب عنا تأويله؛ لأنه محالٌ أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له: اعتبر بما لا فهم لك به [SUP](30)[/SUP].
والتدبّر: التفكّر والتأمّل الذي يبلغ به صاحبه معرفة المراد من المعاني، وإنما يكون ذلك في كلامٍ قليل اللـفظ كثير المعاني التي أودعت فيه، بحيث كلما ازداد المتدبِّر تدبّراً انكشف له معانٍ لم تكن له بادئ النظر [SUP](31)[/SUP].
والتدبّر: عملية عقلية يجريها المتدبر من أجل فهم معاني الخطاب القرآني ومراداته، ولا شك أن ما يظهر له من الفهم إنما هو اجتهاده الذي بلغه، ورأيه الذي وصل إليه.
2- إقرارُ الرسول صلى الله عليه وسلم اجتهادَ الصحابة في التفسير: لا يبعد أن يقال: إن تفسير القرآن بالرأي نشأ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك وقائع يمكن استنباط هذه المسألة منها، ومن هذه الوقائع ما يلي:
أ - قال عمرو بن العاص: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السّلاسِلِ، فاحتلمت في ليلة باردةٍ شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيمّمت به، ثمّ صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جُنُبٌ؟ قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلَكَ، وذكرتُ قول الله: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء: 29] فتيمّمْتُ، ثم صليت، فضحك ولم يقل شيئاً) [SUP](32)[/SUP].
في هذا الأثر ترى أن عَمْراً اجتهد رأيه في فهم هذه الآية، وطبّقها على نفسه، فصلى بالقوم بعد التيمم، وهو جنب، ولم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الاجتهاد والرأي.
ب - وفي حديث ابن مسعود، لما نزلت آية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قلنا يا رسول الله: وأينا لم يظلم نفسه، فقال: «إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]» [SUP](33)[/SUP]، ترى أن الصحابة فهموا الآية على العموم، وما كان ذلك إلا رأياً واجتهاداً منهم في الفهم، فلما استشكلوا ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرشدهم إلى المعنى المراد، ولم ينههم عن تفهّم القرآن والقول فيه بما فهموه. كما يدل على أنهم إذا لم يستشكلوا شيئاً لم يحتاجوا إلى سؤال الرسول. والله أعلم.
3- دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس: دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقوله: (اللهم فقِّهه في الدين، وعلِّمه التأويل) وفي إحدى روايات البخاري: (اللهم علمه الكتاب) [SUP](34)[/SUP].
والتأويل: التفسير، ولو كان المراد المسموع من التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لابن عباس مَزِيّةٌ بهذا الدعاء؛ لأنه يشاركه فيه غيره [SUP](35)[/SUP]، وهذا يدلّ على أن التأويل المراد: الفهم في القرآن [SUP](36)[/SUP]، وهذا الفهم إنما هو رأيٌ لصاحبه.
4- عمل الصحابة: مما يدل على أن الصحابة قالوا بالرأي وعملوا به ما ورد عنهم من اختلافٍ في تفسير القرآن؛ إذ لو كان التفسير مسموعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقع بينهم هذا الاختلاف.
ومما ورد عنهم نصاً في ذلك قولُ صدِّيق الأمة أبي بكر رضي الله عنه لما سئل عن الكلالة، قال: (أقول فيها برأيي؛ فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان) [SUP](37)[/SUP].
وكذا ما ورد عن علي رضي الله عنه لما سئل: هل عندكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ سوى القرآن؟ قال: (لا، والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، إلا أن يُعطِي الله عبداً فهماً في كتابه) [SUP](38)[/SUP].
والفهم إما هو رأي يتولّد للمرء عند تفهّم القرآن؛ ولذا يختلف في معنى الآية فهم فلان عن غيره.
شروط الرأي المحمود في التفسير:
متى يكون الرأي محموداً؟
سبق في بيان حدِّ الرأي المحمود أنه ما كان قولاً مستنداً إلى علمٍ؛ فإن كان كذلك فهو رأيٌ جائز، وما خرج عن ذلك فهو مذموم.
ولكن.. هل لهذا العلم حدّ يُعْرَفُ به، بحيث يمكن تمييزه والتعويل عليه في الحكم على أيِّ رأيٍ في التفسير؟
لقد اجتهد بعض المتأخرين في بيان جملة العلوم التي يحتاجها من يفسر برأيه حتى يخرج عن كونه رأياً مذموماً.
فالراغب الأصفهاني (ت: القرن الخامس) جعلها عشرة علوم، وهي: علم اللغة، والاشتقاق، والنحو، والقراءات، والسّيَر، والحديث، وأصول الفقه، وعلم الأحكام، وعلم الكلام، وعلم الموهبة [SUP](39)[/SUP].
وجعلها شمس الدين الأصفهاني (ت: 749هـ) خمسة عشر علماً، وهي: علم اللغة، والاشتقاق، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، والقراءات، وأسباب النزول، والآثار والأخبار، والسنن، وأصول الفقه، والفقه والأخلاق، والنظر والكلام، والموهبة [SUP](40)[/SUP].
وقد ذكر الأصفهانيان أن من تكاملت فيه هذه العلوم خرج عن كونه مفسراً للقرآن برأيه (أي: المذموم).
وقد نبّه الراغب على أن (من نقص عن بعض ما ليس بواجبٍ معرفته في تفسير القرآن، وأحسّ من نفسه في ذلك بنقصه، واستعان بأربابه، واقتبس منهم، واستضاء بأقوالهم، لم يكن - إن شاء الله - من المفسرين برأيهم) [SUP](41)[/SUP]. (أي: المذموم).
وفيما يظهر - والله أعلم - أن في ذكر هذه العلوم تكثّراً لا دليل عليه، مع ما على بعضها من ملاحظة؛ كعلم الكلام.
إن تكامل هذه العلوم أشبه بأن يكون شرطاً في المجتهد المطلق لا في المفسر؛ إذ متى يبلغ مفسر تكامل هذه العلوم فيه؟
ولو طُبق هذا الرأي في العلوم المذكورة لخرج كثير من المفسرين من زمرة العالمين بالتفسير، ولذا تحرّز الراغب بذكر حال من نقص علمه ببعض هذه العلوم، وبهذا يكون ما ذكره بياناً لكمال الأدوات التي يحسن بالمفسر أن يتقنها، وإن لم يحصل له ذلك فإنه يعمد إلى النقل فيما لا يتفق له.
ويظهر أن أغلب المفسرين على هذا السبيل، ولذا ترى الواحد منهم يُبرِز في تفسيره العلم الذي له به عناية؛ فإن كان فقيهاً - كالقرطبي، برز عنده تفسير آيات الأحكام.
وإن كان نحوياً - كأبي حيان - برز عنده علم النحو في تفسيره للقرآن.
وإن كان بلاغياً أديباً - كالزمخشري - برز عنده علم البلاغة في تفسيره للقرآن،... وهكذا.
هذا.. ويمكن القول بأن النظر في هذا الموضوع يلزم منه معرفة ما يمكن إعمال الرأي فيه، مما لا يمكن، ثم تحديد مفهوم التفسير لمعرفة العلوم التي يحتاجها المفسر برأيه.
أما التفسير فنوعان: ما جهته النقل، وما جهته الاستدلال.
والأول: لا مجال للرأي فيه، والثاني: هو مجال الرأي.
ومن التفسير الذي جهته النقل: أسباب النزول، وقصص الآي، والمغيبات، ويدخل فيه كلّ ما لا يتطرّق إليه الاحتمال؛ كأن يكون للفظ معنى واحدٌ في لغة العرب.
وأما التفسير من جهة الاستدلال فكل ما تطرّق إليه الاحتمال؛ لأن توجيه الخطاب إلى أحد المحتملات دون غيره إنما هو برأيٍ من المفسر، وبهذا برز الاختلاف في التفسير.
وأما مفهوم التفسير؛ فهو بيان المراد من كلام الله سبحانه وما يمكن أن يحصل به البيان فهو تفسيرٌ.
وبهذا يظهر أن كثيراً من العلوم التي ذكرها الأصفهانيان لا يلزمان في التفسير إلا بقدر ما يحصل به البيان، وما عدا ذلك فهو توسّع في التفسير، بل قد يكون في بعض الأحيان به خروجٌ عن معنى التفسير، كما حصل للرازي (ت: 604هـ) في تفسيره، ولابن عرفه (ت: 803هـ) في إملاءاته في التفسير.
ثم اعلم أن هذه التوسعات إنما حصلت بعد جيل الصحابة والتابعين - في الغالب - وإنما كان ذلك بظهور أقسام العلوم - من نحوٍ وفقه وتوحيد وغيرها - وتَشَكّلها؛ مما كان له أكبر الأثر في توسيع دائرة التفسير، حتى صار كل عالمٍ بفنٍّ- إذا شارك في كتابة علم التفسير - يصبغ تفسيره بفنِّه الذي برّز فيه.
ويمكن تقسيم العلوم التي يحتاجها من فسر برأيه إلى نظرين:
الأول: نظرٌ في علوم الآية:
ويكون ذلك بالنظر إلى ما في الآية من علوم؛ كالناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد، والخاص والعام، ومفردات اللغة، وأساليبها، وهكذا.
وإنما يقال ذلك؛ لأنه ليس يلزم في كل آية بحث هذه العلوم؛ إذ قد توجد في آية، وتتخلّف عن آيات.
* وإذا أمعنت النظر وجدت أن علم اللغة هو من أهم العلوم التي يجب على المفسر معرفتها، ذلك أنه لا تخلو آية من مبحثٍ لغوي.
ومن الآثار التي وردت عن السلف في بيان أهمية اللغة، ما يلي:
1- عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره) [SUP](42)[/SUP].
2- وروي عن مجاهد (ت: 104هـ) أنه قال: (لا يحل لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب) [SUP](43)[/SUP].
3- وعن يحيى بن سليمان قال: سمعت مالك بن أنس (ت: 179هـ) يقول: (لا أوتى برجلٍ يفسر كتاب الله غير عالم بلغات العرب إلا جعلته نكالاً) [SUP](44)[/SUP].
ولو قرأت في تفسير السلف لوجدت أثر اللغة في التفسير عندهم، ومن أوضح ذلك استشهادهم بأشعار العرب:
ومن أمثلة أهمية معرفة اللغة لمن فسر برأيه ما يلي:
أ - في تفسير قوله تعالى: {وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} [التوبة: 47] قال الأزهري (ت: 370هـ): (قول الليث: الوضع: سيرٌ دونٌ. ليس بصحيح. والوضع: هو العَدْوُ. واعتبر الليث اللفظ ولم يعرف كلام العرب فيه) [SUP](45)[/SUP].
ب - قال الأزهري (ت:370هـ): (... عن أبي حاتم (ت: 255هـ) في قوله: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] أي: لن نضيِّق عليه. قال - أي: أبو حاتم -: ولم يدر الأخفش ما معنى {نَقْدِرَ}، وذهب إلى موضع القُدرة، إلى معنى: فظنّ أن يفوتنا، ولم يعلم كلام العرب حتى قال: إن بعض المفسرين قال: أراد الاستفهام: أفظنّ أن لن نقدر عليه؟ ولو علم أن معنى نقدر: نضيِّق، لم يَخْبِط هذا الخبط، ولم يكن عالماً بكلام العرب، وكان عالماً بقياس النحو) [SUP](46)[/SUP].
* ومن العلوم التي يلزم معرفتها الناسخ والمنسوخ وما شابهه من المباحث؛ كالمطلق والمقيد، والخاص والعام، ومعرفتها لازمة للمفسر بلا شك، ومن الآثار التي يمكن الاعتماد عليها في ذلك ما رواه أبو عبد الرحمن السلمي قال: (انتهى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رجل يقصّ [SUP](47)[/SUP]، فقال: أعلمتَ الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. قال: هلكتَ وأهلكتَ) [SUP](48)[/SUP].
وقد استدل مَنْ كتب في علم الناسخ والمنسوخ في القرآن بهذا الأثر لبيان أهمية هذا العلم. وإذا كان علي رضي الله عنه قد اعترض على القاصِّ؛ فالمفسر من باب أوْلى ينبغي أن ينبّه إلى ذلك، لما في جهل هذا العلم من أثر في عدم فهم التفسير.
* ومن العلوم سبب النزول وقصص الآي؛ ذلك أن معرفة سبب النزول وقصص الآي يفيد في معرفة تفسير الآية.
ومن الأمثلة التي تدل على أهمية معرفة هذا الجانب، وأن عدم معرفته يوقع في الخطأ، ما وقع لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت: 210هـ) في تفسير قوله تعالى: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} [الأنفال: 11] حيث قال: (مجازه: يفرغ عليهم الصبر، وينزِّلُه عليهم، فيثبتون لعدوهم) [SUP](49)[/SUP].
وقصد الآية يدلّ على خطأ أبي عبيدة في تفسيره هذا، فلما غفل عن القصة نحى في تفسيره هذا المنحى اللغوي الذي لا تدلّ عليه الآية.
والتثبيت المذكور في الآية حقيقي، وهو أن أقدام المسلمين لا تسوخ في الرمل لما نزل عليه المطر، وبهذا جاء التفسير عن الصحابة الذين شاهدوا النزول، وعن التابعين الذين نقلوا عنهم [SUP](50)[/SUP].
* ومنها معرفة السنة النبوية، ويكون ذلك بالرجوع إلى صريح التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما يكون بالرجوع إلى أقواله وأفعاله التي لها أكبر الأثر في فهم القرآن.
ومما يمكن التمثيل به من استعانة المفسر بالسنة النبوية، ما رواه الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ما رأيت أشبه باللمم مما قاله أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنى، أدركه ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر...) [SUP](51)[/SUP].
ثم إن عدم معرفة السنة التي تفسر القرآن قد تجعل المفسر يجنح إلى مصدر آخر؛ فيفسر به لعدم ورود هذا التفسير النبوي إليه.)......ولعلي أوضح بعض الأمور من اقوال الأستاذ مساعد لاحقا ان شاء الله تعالى.
 
ارى ان هذا الموضوع قد انحرف مساره كثيرا وان كان في هذا الانحراف خير كثير على خلاف من يقول ان الانحراف كله باطل
 
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله تعالى. .أستاذ جمال..ﻻ
يوجد انحراف او لنقل تغيير ﻻن
التفسير بالرأي المذموم مخالف
لمنهج اهل السنة والجماعة. .
وفقنا الله تعالى واياكم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين..أما بعد...من التفاسير التي يحتار منها طلب العلم تفسير روح المعاني الالوسي فإن المؤلف تجده مرة على منهج اهل السنه والجماعه...ثم يفاجئك بمدح ابن عربي الصوفي المحترق صاحب مقولة الاتحاد ..والذي لا يفرق بين موسى وفرعون...وغيرها من الطامات...فكيف يتعامل طالب العلم مع هذا التفسير؟
وفقنا الله تعالى وإياكم.
 
عودة
أعلى