{ما فرطنا في الكتاب من شيء}. ما المراد بالكتاب هنا ؟

إنضم
15/09/2008
المشاركات
32
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم


{ما فرطنا في الكتاب من شيء} سورة الأنعام38



- الصحيح والله أعلم أن المراد بالكتاب هنا= أم الكتاب؛

أ· لدلالة السياق. (1)

ب· ولأنه التفسير الذي لايحتاج تأويلا أو تقييدا. (2)

ج· ولأنه التفسير الذي ثبت عن غير واحد من السلف، ولا يُعلم أنه ثبت عن أحد من السلف مخالفة لهم.




- وهو تفسير ابن عباس. رواه الطبري وابن ابي حاتم، بسند جيد.


- وتفسير قتادة و ابن زيد. [وهو ثابت عنهما]


- ونسب ابن تيمية في كتابه"نقض التأسيس" هذا التفسير إلى (أكثر العلماء)، وذكر في"درء التعارض" أنه(أشهر القولين).


- وهو التفسير الذي لم يذكر الإمام ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما والسيوطي في الدر المنثور غيره.


- وهو قول البغوي وابن الجوزي وأبي طالب الطرطوشي وابن تيمية وابن القيم والعليمي والشنقيطي وغيرهم.




- وأما القول الثاني[وهو تفسير الكتاب بالقرآن] فلا أعلمه-والله أعلم- ثابتا عن أحد من مفسري السلف. (3)



- وهذا القول الثاني قاله الطحاوي في كتابه"مشكل الأحاديث"4/135(4) وأبوجعفر النحاس والقفال الشاشي وأبومنصور الأزهري والجصاص والخطابي والباقلاني وابن بطال والخطيب البغدادي وابن حزم وأبوالظفر السمعاني والباجي والكيا الهراسي والراغب الأصفهاني وابن برجان"الإرشاد" وابن العربي والرازي وأبوعبدالله القرطبي"التذكرة" والنووي وأبوحيان وابن الوزير وغيرهم.



- وأطلق الماوردي في"تفسيره" أن هذا القول[=الثاني] هو قول الجمهور.

* وليس هذا إطلاقا دقيقا، وربما يصح لو قال: جمهور المتأخرين.(5)



والله أعلم والحمد لله

--------------------------------
(1) وبعض أصحاب القول الثاني أيضا يحتجون بالسياق لقولهم.
ولكن الذي يظهر بأدنى تأمل للآية أن سياقها مع القول الأول. والله أعلم


(2) كما احتاج من فسرها بالقول الثاني إلى التأويل أو التقييد، كقول بعضهم بأن المراد ب{ما فرطنا في الكتاب من شيء} هنا : كل شيء مما نحتاج إليه.


(3) وأما ما حكاه الواحدي في"الوسيط" وغيره عن ابن عباس من رواية ظاهرها أنه فسر الكتاب هنا بالقرآن= فقد بحثت وبحث غيري عن هذه الرواية فلم نعثر لها عن سند. والله أعلم


(4) وقد توفي الطحاوي سنة 321، وهو أقدم من وجدته[مع قصوري وتقصيري في البحث] فسر الآية بهذا التفسير، وقد جاء تفسيرها بذلك أيضا في كتاب"الحيدة" لعبدالعزيز الكناني[توفي سنة240]، لكن في نسبة الكتاب-كله أو بعضه- إلى الكناني نقاش مشهور.


(5) وسبقت نسبة ابن تيمية القول الأول إلى أكثر العلماء، ونصه على أنه القول الأشهر.
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جزيت خيرا أخي، لكن ألا يمكن حمل الآية على المعنيين معا إذ لا منافاة بينهما؟
و من قواعد التفسير المشهورة :"أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين أو أكثر لا منافاة بينها حملت عليها جميعا تكثيرا للمعاني"
فيمكن القول بأن الله تعالى ما فرط في اللوح المحفوظ من شيء و أن كل شيء قد سطر فيه، و هذه الكتابة أحد مراتب القدر كما هو معلوم.
كما يمكن حمل الكتاب على القرآن الكريم و أن الله جل في علاه ما فرط فيه من شيء من أمور الدين إما دلالة صريحة أو مجملة تبينها السنة أو الإجماع أو القياس، قال تعالى:"{ ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }"
فيكون البيان في القرآن إما بالتأصيل أو التفصيل.
و الله أعلم و أحكم.
 
والظاهر أن حمل الكتاب هنا على المعنيين فيه تكلف، خاصة أن النكرة هنا[وهي كلمة شيء] جاءت في سياق النفي وسبقت ب(من).

والنكرة في سياق النفي ونحوه تفيد العموم، فإن سبقت ب(من)= كان الأصل أن الدلالة على العموم هنا نصية.

فحمل الكتاب هنا على أم الكتاب الذي فيه كل ما قضاه الله سبحانه= أولى. والله أعلم
 
أشكر لكم أخي الفاضل أبا سليمان هذه الفوائد المتتالية.
وأما المعنى أخي ناصر فيحدده السياق والقرائن، والقاعدة المذكورة فيما إذا كانت دلالات المعاني متفقة أو متقاربة، وبعض المعاني تكون صحيحة في ذاتها لكن لا يصلح أن تكون تفسيرا للآية، ومثله قوله تعالى: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} يصلح أن يستشهد بهذا الجزء من الآية كما استشهد به النبي صلى الله عليه وسلم على أبيّ رضي الله عنه في الاستجابة لندائه، فلا يقال إن هذا تفسيرها، وإن صحّ تنزيلها على الواقعة والاستشهاد بها.
وباب (النزول والتنزيل) من أدق الأبواب في أصول التفسير وأهمها.
نفع الله بكم وبارك فيكم.
 
يقول الطبطبائي في تفسيره : " و إن كان هو القرآن الكريم وقد سماه الله كتابا في مواضع من كلامه ، كان المعنى أن القرآن المجيد لما كان كتاب هداية يهدي إلى صراط مستقيم على أساس بيان حقائق المعارف التي لا غنى عن بيانها في الإرشاد إلى صريح الحق ومحض الحقيقة لم يفرط فيه في بيان كل ما يتوقف على معرفته سعادة الناس في دنياهم وآخرتهم كما قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ }[ النحل : 89 ]"
ويقول الشعراوي في تفسيره : " وقد يكون المراد من الكتاب هنا هو اللوح المحفوظ ، ولكننا نقول : إنه القرآن ، وكل شيء موجود ومذكور أو مطمور في القرآن الكريم ."
وهذا المعنى لا يناقض القول الأول الذي أجمع عليه المفسرون لأن كل ما جاء في القرآن الكريم هو ثابت في اللوح المحفوظ ، يقول تعالى : {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:4] . ويقول تعالى : {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ}[البروج:21 ـ 22] .
والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى