(ما غرك بربك الكريم).هل في ذلك نفي أم إثبات للغرور؟؟؟

إنضم
22/04/2010
المشاركات
1,136
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الاردن -- مدينة اربد
هو نفي للغرور إذا كان إشراكاً فالإشراك لا غرور فيه
وهو إثبات للغرور بما يعفو الله تعالى عنه بكرمه . ولذلك جاءت كلمة كريم بعد الغرور لإمكانية قبوله من الله تعالى صاحب صفة الكرم .
لو لم يكن بعض أنواع الغرور مقبولة عند الله لما أتبع النص بالكرم لأنها صفة التجاوز والعفو.
فهناك فرق مثلاً بين قائل قائل : لماذا أخطأت معي وأنا أنتقم ممن أخطأ معي؟؟ أو قوله: لماذا أخطأت معي وأنا المتسامح؟؟؟ فالجملة الأولى تدل على استحالة العفو. بينما الثانية تدل على إمكانية الغفران والصفح.
فالله يعفو عن غرور يُتجاوز عنه بكرمه ولكنه سبحانه لا يعفو عن غرور الشرك والفكر بالله .
قال ابن عاشور: هو إبطال لوجود ما يغرّ الإِنسان أن يشرك بالله ، أي لا عذر للإِنسان في الإِشراك بالله إذ لا يوجد ما يغرّه به .
قال الألوسي: أي شيء خدعك وجراك على عصيانك تعالى وارتكاب ما لا يليق بشأن عز شأنه وقد علمت ما بين يديك وما سيظهر من أعمالك عليك والتعرض لعنوان كرمه تعالى دون قهره سبحانه من صفات الجلال المانعة ملاحظتها عن الاغترار للإيذان بأنه ليس مما يصلح أن يكون مداراً لاغتراره حسبما يغويه الشيطان ويقول له افعل ما شئت فإن ربك كريم قد تفضل عليك في الدنيا وسيفعل مثله في الآخرة أو يقول له نحو ذلك مما مبناه الكرم كقول بعض شياطين الإنس :
تكثر ما استطعت من الخطايا ... ستلقى في غد رباً غفوراً.
 
ما معنى الاستفهام في الآية؟

وما معنى (غرَّك) ؟

وقولك: (الإشراك لا غرور فيه) يرده قول الله تعالى: {إن الكافرون إلا في غرور}.
 
الاستفهام استنكاري
ويعني ذلك أن الغرور ليس في محله كما أسلفت . أي لا ينبغي أن يكون اغتراراً بالله الى حد الإشراك . أي لا عذر للإِنسان في الإِشراك بالله إذ لا يوجد ما يغرّه به كما قال ابن عاشور . وهذا معنى قوله تعالى (وغرهم بالله الغرور ) أي اغتروا بما لا ينبغي الاغترار به فهلكوا.
أما أن تطمع بالله تعالى بأن يغفر لك ذنوبك وإن كانت كثيرة عديدة بعد التوبة فإنك ستكون عند حسن ظنك بالله فلن يخذلك إن صدقت .
 
السلام عليكم:
فتح الله عليكم من فضله وزادكم علماً
لقد قرأت في بعض التفاسير عن تفسير هذه الآية الكريمة إن الإستفهام استنكاري
وأن الجواب أو السبب الذي غر هؤلاء تضمنته الآية نفسها وهو أن الله عز وجل كريم..
فلولا علم الإنسان بكرم الله وعفوه ما اغتر يوماً واتبع الهوى وارتكب المعاصي. والله أعلم.
 
هل الخطاب في الآية الكريمة موجه للمؤمن أم الكافر أم للإنسان بشكل عام؟؟
وهل السياق يلوم العبد بإقدامه على الغرور والله تعالى هو أكرم الأكرمين؟؟
أظن بأن الغرور هنا في هذه الآية غروراً ليس في مكانه وهو الذي يأتي من جهة الكافر الجاحد. وإدراج كلمة الكريم دليل على أنه غرور ليس في مكانه. إذ المعلوم عند العامة قبل الخاصة أن الإنسان التائب يقبله الله تعالى دون ملامة ولا عتاب وقد صرحت بذلك آيات كثيرات (قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) . فيقتضي أن يكون هذا النص تقريعاً للكافر الذي أشرك بالله غروراً وتكبراً. وما يؤكد هذا المعنى هو قوله سبحانه(فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)أو قوله تبارك وتعالى أيضاً(وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا ).والله أعلم
 
ليسمح لي أخي الكريم صاحب الموضوع بهذه المشاركة وإنما ذكرتها لما فيها من ذكر تنبيه بعض الأئمة على بعض ما شاع من الأقوال الخاطئة في التفسير.





معنى الغرور:

الغُرور في اللغة مصدر غر يغر غروراً ، وهو الخداع بالباطل بسبب الجهل والغفلة وقلة التجربة، ومنه الانخداع بالأماني الباطلة ، قال الله تعالى: { يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً }

وقال آكل المرار والد امرئ القيس :
إن من غرَّه النساء بشيء = بعد هند لجاهل مغرور

وقال طرفة ابن العبد:
أبا منذر كانت غُروراً صحيفتي = ولم أعطكم بالطوع مالي ولا عرضي
أي منيتموني بالباطل حتى خدعتموني بتلك الصحيفة

والمغترّ المنخدع.
وغرته الدنيا: أي خدعته بزيتها فهو مغرور منخدع بها.
وغرر الرجل بنفسه إذا عرَّضها للهلكة.
والغِرُّ الذي لم يجرب الأمور فيسهل انخداعه.
والتغرير بالشخص تعريضه للخديعة لضعف رشده.
والغَرور هو الذي يَغُرُّ غيره.
والمغرور هو المنخدع به.
والغُرور هو وصف فعل الخديعة؛ قال الله تعالى: {فدلاهما بغرور}، وقال: {وما يعدهم الشيطان إلا غروراً}
قال الأصمعي: (الغَرور الذي يغرك، والغُرور الأباطيل).

فهذا تلخيص كلام علماء اللغة في معنى الغرور ، وأقوال المفسرين في تفسير الآية لا تخرج عن هذا المعنى اللغوي.

وما شاع في القرون المتأخرة من إطلاق لفظ الغرور على معنى الزهو والعجب ، وقولهم عن صاحب العجب والزهو : إنه مغرور، هو تخصيص لمعنى اللفظ وصرف له عن صريح دلالته في اللغة.
وصاحب العجب يصدق عليه أنه مغرورٌ لأنه منخدع بما غرَّه وفتَنه حتى أصابه ما أصابه من العجب والزهو .
لكن من الخطأ أن يظن أن دلالة اللفظ اللغوية على هذا المعنى هي باعتبار العجب والزهو، وإنما هي باعتبار الجهل والانخداع.
ثم تقسيم الغرور إلى محمود ومذموم أو أن منه ما ينبغي ومنه ما لا ينبغي تقسيم لا يصح.
لكن الصحيح أن يقال: إن منه ما يعفى عنه، ومنه ما لا يعفى عنه.

وأما قوله تعالى: { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}
ففيه مسائل:
المسألة الأولى: ما معنى هذا الأسلوب في اللغة ؟ أي ما غرك بكذا؟ أو ما غرك بفلان؟
المسألة الثانية: ما معنى الاستفهام في الآية.
المسألة الثالثة: ما جواب الاستفهام؟ وما مناسبة ذكر اسم الله (الكريم) في الآية.

وهذا تلخيص لأجوبة هذه المسائل لخصتها لنفسي ولإخواني.

أما جواب المسألة الأولى: فالعرب تقول: ما غرك بفلان؟! تريد: ما جرَّأك عليه؟ وما خدعك حتى أصابك منه ما أصابك، أو فاتك من خيره ما فاتك؟.
- قال الأصمعي: (ما غرك بفلان؟ أي: كيف اجترأت عليه؟) . ونقله أبو علي القالي عن أبي نصر.
وفي مواعظ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن القبر يقول لصاحبه إذا وضع فيه: (يا بن آدم ما غرَّك بي؟! قد كنت تمشي حولي فِدَادا). رواه ابن أبي شيبة وغيره، فداداً أي اختيالاً.

قال أبو إسحاق الزجاج: (أي ما خدعك وسوّل لك حتى أضعت ما وجبعليك؟ ) .
وقد تناقله كثير من المفسرين.
ومن هذا الإطلاق قول الله تعالى: { وغركم بالله الغرور}

وأما جواب المسألة الثانية: فالاستفهام جامع لمعنى الإنكار والتوبيخ، وللمفسرين نحو خمسة أقوال في معنى الاستفهام، والقول في معنى الاستفهام فرع عن فهم دلالة الآية.

وأما جواب المسألة الثالثة فبيانه في قول الله تعالى: {وغركم بالله الغرور} أي خدعكم وجرأكم على عصيان الله الغَرورُ، وقد فُسر بالشيطان باعتبار المصدر ، وفسر بالدنيا لأنها وسيلة، وقال بعض السلف غره جهله لأنه منفَذ الاغترار، وبه تسلط الشيطان على المغرور، وروي هذا المعنى (أن الذي غره جهله) عن عمر وابن عباس والربيع بن خثيم والحسن البصري.
وأما من قال: غرَّه كرمه ؛ فخطأ لأن كرم الله لا يغرُّ بل يوجب الشكر ، وإنما الذي يغر جهل الجاهل بما يجب أن يقابل به هذا الكرم، وعمايته عن العبر والآيات.
وهذا القول نقل معناه عن الفضيل بن عياض ويحيى بن معاذ وأبي بكر الوراق، وذكر الماوردي ما في معناه احتمالاً.
وقد أحسن ابن القيم وابن كثير في رد هذا القول فقال ابن كثير: { وقوله: { يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }: هذا تهديد، لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب؛ حيث قال: {الْكَرِيمِ} حتى يقول قائلهم: غرَّهُ كرمه.
بل المعنى في هذه الآية: ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم-أي: العظيم-حتى أقدمت على معصيته، وقابلته بما لا يليق؟ كما جاء في الحديث: "يقول الله يوم القيامة: ابنَ آدم! ما غرك بي؟ ابن آدم! ماذا أجبتَ المرسلين؟").
وقال ابن القيم في الجواب الكافي: (كاغترار بعض الجهال بقوله تعالى: {يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم} فيقول: كرمه، وقد يقول بعضهم: إنه لقَّن المغترَّ حجته!!
وهذا جهل قبيح، وإنما غرَّه بربه الغَرور، وهو الشيطان ونفسه الأمارة بالسؤ وجهله وهواه، وأتى سبحانه بلفظ الكريم وهو السيد العظيم المطاع الذي لاينبغي الاغترار به ولا إهمال حقه؛ فوضع هذا المغتر الغرور فى غير موضعه واغتر بمن لا ينبغي الاغترار به).

وقال البغوي: (وقال بعض أهل الإشارة: إنما قال: { بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } دون سائر أسمائه وصفاته، كأنه لقنه الإجابة).
قال ابن كثير معقباً على هذا القول: (وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل؛ لأنه إنما أتى باسمه { الْكَرِيم } لينبه على أنه لا ينبغي أن يُقَابَل الكريم بالأفعال القبيحة، وأعمال السوء).

والكريم من أسماء الله الحسنى ومعناه المتصف بكل كمال وصفات حسنى، فهو كريم في ذاته، كريم في صفاته، كريم في أفعاله، كريم في أحكامه لا يأمر إلا بالعدل والإحسان، كريم في ثوابه، كريم في إنعامه لا تحصى نعمه، ولا يُحَدُّ فضله، وهو الكريم الذي بيده الخير كله، فكل خير هو موليه والمتفضل به، وهو الكريم المتنزه عن كل نقص وسوء.
وهو الكريم فيما يأمره به وينهى عنه ويرشد إليه، {إن الله نعما يعظكم به}

فما الذي غر هذا الجاهل المغرور بربه الكريم فحرمه من ثواب ربه وعطائه وفضله العظيم؟!
وما الذي غره بربه الكريم الذي لا أكرم منه في ذاته وصفاته، الذي من كرمه تشتاق نفوس العارفين به أعظم شوق إلى لقائه والنظر إلى وجهه الكريم فما الذي غره بربه وحجبه عنه؟!
وما الذي غره بربه الكريم الذي لا يأمر إلا بالعدل والإحسان وما فيه زكاة نفس العبد وطهارتها وقيام مصالحه، ولا يكلف عبده ما لا يطيق؟!
وما الذي غره بربه الكريم الذي أنعم عليه بالنعم العظيمة من مبدأ خلقه إلى موته فقابله نعمه وإحسانه بهذا الكفر والنكران؟!!

فتدبُّر هذه المعاني ومعرفة أوجه اتصالها بمعنى اسم الكريم وآثاره في الخلق والأمر والجزاء يفتح لك أبواباً من فهم القرآن، والله الموفق والمستعان.
 
ليسمح لي أخي الكريم صاحب الموضوع بهذه المشاركة وإنما ذكرتها لما فيها من ذكر تنبيه بعض الأئمة على بعض ما شاع من الأقوال الخاطئة في التفسير.
أخي الكريم
ما تفضلت به كله صحيح مع أنني صغته بطريقة مختلفة ولكنه ما خرج إلا من مشكاة واحدة. فقد قلتُ أن الغرور لا يمكن أن يكون للمسلم والخطاب للكافر المغرور . لأن المسلم لا يغتر بالله بل يطمع بمغفرة ربه. وقد جمعت كل الكلمات التي وردت في القرآن من جذر غرَّ فلم أجد واحدة منها على صيغة المدح وقد وردت كلها على الذم.
ولكن حسب الرابط الذي أرفقه الأخ العبادي جزاه الله خيراً يظهر ما تفضل به الشيخ الفاضل د مساعد الطيار الذي استحسن رواية الحسن البصري واستلطفها والتي تشير الى القول بأنه : غره كرمه. وهذا القول مغايراً لما قاله قتاده بأن الذي غره هو الشيطان. وقد ذهب الشيخ الطيار الى جواز الروايتين. مع ترجيحه واستلطافه رواية الحسن البصري.
 
عودة
أعلى