نعم أخي الكريم أبا فالح ، للسمع علاقة وثيقة بالانتباه من النوم . فإذا لم ينفذ الصوت للأذن ، كان الانتباه من النوم صعباً. والضرب على الأذن منع نفاذ الصوت مهما دق إليها ، وهذا ما حدث لأهل الكهف فقد منعت الأصوات بالضرب عليها من النفاذ إليها ، وربما لا يكون هذا الضرب هو الأمر الوحيد في عدم الاستيقاظ كل هذه السنوات ، بل لله في أمرهم قدرة ظاهرة . وإلا فمهما منع الصوت من النفاذ إلى الأذن ولو كان أصماً ، فإنه يستيقظ بعد الاكتفاء من النوم. ولو رجعت إلى كتب التفسير لوجدت لبعضهم حديثاً مطولاً عن سر التعبير بالضرب على الآذان هنا ، وعلاقته بضرب النقود.
وهذا ما قاله القرطبي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية ، وفيه فوائد .
قال تعالى :(فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) .
قال القرطبي: عبارة عن إلقاء الله تعالى النوم عليهم . وهذه من فصيحات القرآن التي أقرت العرب بالقصور عن الإتيان بمثله . قال الزجاج : أي منعناهم عن أن يسمعوا ؛ لأن النائم إذا سمع انتبه.
وقال ابن عباس : ضربنا على آذانهم بالنوم ، أي: سددنا آذانهم عن نفوذ الأصوات إليها.
وقيل : المعنى " فضربنا على آذانهم " أي فاستجبنا دعاءهم , وصرفنا عنهم شر قومهم , وأنمناهم . والمعنى كله متقارب.
وقال قطرب : هذا كقول العرب : ضرب الأمير على يد الرعية إذا منعهم الفساد , وضرب السيد على يد عبده المأذون له في التجارة إذا منعه من التصرف.
قال الأسود بن يعفر وكان ضريرا :
[align=center]ومن الحوادث لا أبا لك أنني * ضربت علي الأرض بالأسداد[/align]
وأما تخصيص الأذان بالذكر فلأنها الجارحة التي منها عظم فساد النوم , وقلما ينقطع نوم نائم إلا من جهة أذنه , ولا يستحكم نوم إلا من تعطل السمع . ومن ذكر الأذن في النوم قوله صلى الله عليه وسلم : ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنه ) خرجه الصحيح . أشار عليه السلام إلى رجل طويل النوم , لا يقوم الليل .