أنا سأقول بكل صراحة :
إن ندرة دروس ودورات وندوات التفسير وعلوم القرآن , ليس لها إلا سبب واحد وهو صعوبتها البالغة وحاجتها الماسة إلى متمرس حافظ حاذق , قد أكرمه الله بالفطنة والذكاء , وأعتقد يقيناً أن التفسير هو أصعب العلوم الإسلامية ومن ظن خلاف ذلك فأظن انه لم يتصوره على حقيقته , كيف لا وجميع علوم الشريعة تفيئ إليه.
إضافةً إلى ان الدروس المتعلقة بالفقه والحديث وغيرها قد يتخصص فيها من لم يحفظ اصولها من المتون ويبدع في ذلك , اما التفسير فلا يفيد فيه ويجيد غير الحفظة المتقنين جداً للقرآن الكريم , وهذه مرحلة أخرى صعبة جداً و وهي إتقان حفظ القرآن الكريم بدرجة لا يحتاج معها المدرس إلى فتح المصحف أثناء التفسير ولا الاستعانة بأحد عند الاستدلال وذكر الشواهد, كما هو حال المفسرين حين تقرأ تفاسيرهم فتتعجب من استحضارهم للشواهد والأشباه والنظائر بدرجة تضاهي اليوم أجهزة الحاسب الآلي ولقد كان الشيخ الشنقيطي عليه رحمة الله ربما ذكر الايات المتتالية مستدلا بها ولا يقدم إحداهن على الأخرى في ترتيب المصحف لشدة حفظه للقرآن, ولذلك فإن غير المتقن لحفظ القرآن وإن ألف وبحث وشارك في الندوات العلمية كتابةً إلا أن الإلقاء الارتجالي منه على أسماع المتلقين والتميز فيه ستحجزه عن إتقانه تلك العقبة الكؤود.
وأضيف كذلك قضية الملل لدى المتلقين ممن ظنوا التفسيرَ علماً يمكن أن تجنى ثماره وتقطف أزهاره في دورة صيفية أو درس أسبوعي خلال سنة أو اثنتين وأنى له ان يكون كذك.
والله تعالى أعلم..