هو تفسير الإمام: محمود بن عمر الزمخشري المفسر النحوي
كان في غاية المعرفة بفنون البلاغة وتصرف الكلام وكتابه أساس البلاغة من أحاسن الكتب وقد أجاد فيه وبين الحقيقة من المجاز في الألفاظ المستعملة أفرادا وتركيبا وكتابه الفائق في غريب الحديث من أنفس الكتب لجمعه المتفرق في مكان واحد مع حسن الاختصار وصحة النقل وله كتاب الفصل في النحو مشهور ورأيت له مصنفا في المشتبه في مجلد واحدا وفيه فوائد جليلة وأما التفسير فقد أولع الناس به وبحثوا عليه وبينوا دسائسه وأفردوها بالتصنيف ومن رسخت قدمه في السنة وقرأ طرفا من اختلاف المقالات انتفع بتفسيره ولم يضره ما يخشى من دسائسه وكانت وفاة الزمخشري عفى الله عنه سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وعاش أحدى وسبعين سنة
قال ابن السمعاني كان ممن برع في الأدب والنحو واللغة لقى الكبار وصنف التصانيف ودخل خراسان عدة نوب وما دخل بلدا إلا وإجتمعوا عليه وتلمذوا له وكان علامة الأدب ونسابة العرب تضرب إليه أكباد الإبل
وقال ابن خلكان كان إمام عصره وكان متظاهرا بالاعتزال داعية إليه
له التصانيف البديعة منها الكشاف في التفسير والفائق في غريب الحديث وأساس البلاغة وربيع الأبرار ونصوص الأخبار في الحكايات ومتشابه أسماء الرواة و الرائض في الفرائض والمنهاج في الأصول و المفصل في النحو والأنموذج فيه مختصر والأحاجي النحوية وغير ذلك اهـ نقلا عن لسان الميزان
يتميز تفسيره بفرائد منها:
1- المعانى اللغوية الدقيقة للفظة القرآنية
2- الإشارة إلى الفروق اللفظية بين الكلمات
3- الإشارة إلى ما فى الآية من وجوه بلاغية
4- اظهار اوجه القراءات والمعنى والتوجية لكل قراءة
5-اظهار بعض الغوامض التى لم يسبقه اليها غيره
مثل : تفريقه بين إلى أجل ولاجل قال:
فإن قلت يجري لأجل مسمى ويجري إلى أجل مسمى أهو من تعاقب الحرفين قلت كلا ولا يسلك هذه الطريقة إلا بليد الطبع ضيق العطن ولكن المعنيين أعني الانتهاء والاختصاص كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض لأن قولك يجري إلى أجل مسمى معناه يبلغه وينتهي كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض لأن قولك يجري إلى أجل مسمى معناه يبلغه وينتهي إليه وقولك يجري لأجل مسمى تريد يجري لإدراك أجل مسمى تجعل الجري مختصا بإدراك أجل مسمى ألا ترى أن جري الشمس مختص بآخر السنة وجري القمر مختص بآخر الشهر فكلا المعنيين غير ناب به موضعه
انظر تفسير الكشاف للزمخشري ج:3 ص:510
6- عليه يعول كثير من المفسرين منهم :
1) الإمام الرازي فى كتابه التفسير الكبيرت 604هـ
*قال الزمخشري (جعل فتنة الناس صارفة عن الإيمان كما أن عذاب الله صارف عن الكفر ) التفسير الكبير - الرازي ج25/ص38
*قال الزمخشري (فيه فائدتان إحداهما أن الاستثناء يدل على التحقيق وتركه قد يظن به التقريب فإن من قال عاش فلان ألف سنة يمكن أن يتوهم أن يقول ألف سنة تقريبا لا تحقيقا فإذا قال إلا شهرا أو إلا سنة يزول ذلك التوهم ويفهم منه التحقيق الثانية هي أن ذكر لبث نوح عليه السلام في قومه كان لبيان أنه صبر كثيرا فالنبـي عليه السلام أولى بالصبر مع قصر مدة دعائه وإذا كان كذلك فذكر العدد الذي في أعلى مراتب الأعداد التي لها اسم مفرد موضوع فإن مراتب الأعداء هي الآحاد إلى العشرة والعشرات إلى المائة والمئات إلى الألف ثم بعد ذلك يكون التكثير بالتكرير فيقال عشرة آلاف ومائة ألف وألف ألف )
التفسير الكبير - الرازي ج25/ص41
*قال الزمخشري (قال لا يملكون لكم رزقا نكرة في معرض النفي أي لا رزق عندهم أصلا وقال معرفة عند الإثبات عند الله أي كل الرزق عنده فاطلبوه منه وفيه وجه آخر وهو أن الرزق من الله معروف بقوله وما من دابة في الارض إلا على الله رزقها (هود 6) والرزق من الأوثان غير معلوم فقال لا يملكون لكم رزقا لعدم حصول العلم به)
2) الإمام الكلبي فى كتابه التسهيل لعلوم التنزيل ت 741هـ
قال الزمخشري ( إن قلت أي فرق بين قوله فانظروا وبين قوله ثم انظروا قلت جعل النظر سببا عن السير في قوله فانظروا كأنه قال سيروا لأجل النظر ) التسهيل لعلوم التنزيل - الكلبى ج2/ص68
قال الزمخشري (الرباط اسم للخيل التي تربط في سبيل الله وقال ابن عطية رباط الخيل جمع ربط أو مصدر عدو الله وعدوكم يعني الكفار)
التسهيل لعلوم التنزيل - الكلبى ج2/ص95
قال الزمخشري (إن قلت لم قدمت الأرض على السماء بخلاف سورة سبأ فالجواب أن السماء تقدمت في سبأ لأن حقها التقديم وقدمت الأرض هنا لما ذكرت الشهادة على أهل الأرض) التسهيل لعلوم التنزيل - الكلبى ج2/ص108
قال الزمخشري (أنه وقع ذلك في قصة صالح ولوط بعد الوعيد فجيء بالفاء التي تقتضي التسبيب كما تقول وعدته فلما جاء الميعاد بخلاف قصة هود وشعيب فإنه لم يتقدم ذلك فيهما )
3) الإمام ابن كثير فى تفسيره ت 774 هـ
وقوله تعالى ( لاتعبدون إلا الله ) قال الزمخشري خبر بمعنى الطلب وهو آكد
4) الحافظ ( ابن حجر فى فتح الباري ت 858 هـ
قال الزمخشري( لم يقع في القرآن من التغليظ في معصية ما وقع في قصة الإفك بأوجز عبارة وأشبعها لاشتماله على الوعيد الشديد والعتاب البليغ ) فتح الباري (الجزء الخاص بالقرآن) ج8/ص477
وللحافظ ( ابن حجر ) كتاب ( الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف ) لخصه من تخريج ( الزيلعي ) وزاد عليه ما أغفله من الأحاديث المرفوعة التي ذكرها ( الزمخشري ) بطريق الإشارة والآثار الموقوفة فإنه ترك تخريجها إما عمدا وإما سهوا
5) -الإمام القرطبي فى كتابه الجامع لأحكام القرآن
*قال الزمخشري فإن قلت كيف حل لها أن تأخذ الأجر على إرضاع ولدها قلت ما كانت تأخذه على أنه أجر على الرضاع ولكنه مال حربي تأخذه على وجه الإستباحة
تفسير القرطبي ج13/ص262
*قال الزمخشري قوله تعالى بما أنعمت علي يجوز أن يكون قسما جوابه محذوف تقديره أقسم بإنعامك علي بالمغفرة لأتوبن ( فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) وأن يكون استعطافا كأنه قال رب اعصمني بحق ما أنعمت علي من المغفرة فلن أكون إن عصمتني ظهيرا للمجرمين
6) الامام الشوكانى فى كتابه فتح القدير ت 1250هـ
قال الزمخشري في الكشاف بعد ذكره لهذا إنه مما لفقته المجبرة ويا لله العجب من رجل لا يفرق بين أصح الصحيح وبين كذب الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-يتعرض للكلام على ما لا يعرفه ولا يدرى ما هو وقد واترت الأحاديث تواترا لا يخفى على من له أدنى إلمام بعلم الرواية بأن عصاة الموحدين يخرجون من النار فمن نكر هذا فليس بأهل للمناظرة لأنه أنكر ما هو من ضروريات الشريعة اللهم غفرا
7) الإمام الألوسي فى كتابه روح المعاني ت 1270هـ
*قال الزمخشري تنبيه لقومه على أن من اتخذ القمر إلها وهو نظير الكواكب في الأفول فهو ضال والتعريض بضلالهم هنا
روح المعاني - الألوسي ج8/ص148
لقد أرسلنا الخ واطرد استعمال هذه اللام مع قد في الماضي على ما قال الزمخشري وقل الاكتفاء بها
روح المعاني - الألوسي ج12/ص41
( بطارد ) بالتنوين قال الزمخشري على الأصل يعني أن إسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الإستقبال فأصله أن يعمل ولا يضاف
التبيان
في تفسير غريب القرآن - الشافعي ج1/ص59
فما ربحت تجارتهم ( الربح الزيادة على رأس المال والتجارة قال الزمخشري هي صناعة التاجر وهو الذي يبيع ويشتري للربح وناقة تاجرة كأنها من حسنها وسمنها تبيع نفسها انتهى
8) الإمام الشنقيطي- فى كتابه أضواء البيان ت 1393 هـ
*وقيل هي أسماء للسور التي افتتحت بها وممن قال بهذا القول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ويروى ما يدل لهذا القول عن مجاهد وقتادة وزيد بن أسلم
قال الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر
أضواء البيان - الشنقيطي ج2/ص388
*(قال الزمخشري ويجوز في ما فيما يشتهون الرفع على الابتداء والنصب على أن يكون معطوفا على البنات أي وجعلوا لأنفسهم ما يشتهون من الذكور انتهى ) أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص8
*واختلف العلماء في النكتة البلاغية التي نكر من أجلها ) ليلا ( في هذه الآية الكريمة
قال الزمخشري في الكشاف أراد بقوله ) ليلا ( بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء وأنه أسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة وذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص203
*قال الزمخشري في معنى هذه الآية الكريمة ما عليها يعني ما على الأرض مما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها
أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص342
*قال الزمخشري في تفسير هذه الآية قال هذا رحمة من ربي هو إشارة إلى السد أي هذا السد نعمة من الله ورحمة على عباده أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص411
*قال الزمخشري في الكشاف من الأولى والثانية لابتداء الغاية أي أتاه النداء من شاطىء الوادي من قبل الشجرة و) من الشجرة ( بدل من قوله ) من شاطىء الوادى ( بدل اشتمال لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطىء كقوله ) لجعلنا لمن يكفر بالرحمـان لبيوتهم
يوخذ عليه
أنه كان داعية إلى الاعتزال فكن حذرا عند القراءة فى كشافه
قال الإمام أبو محمد بن أبي حمزة في شرح البخاري له لما ذكر قوما من العلماء يغلطون في أمور كثيرة قال ومنهم من يرى مطالعة كتاب الزمخشري ويؤثره على غيره من السادة كابن عطية ويسمى كتابه الكشاف تعظيما له
قال : والمناظر في الكشاف أن كان عارفا بدسائسه فلا يحل له أن ينظر فيه لأنه لا يأمن الغفلة فتسبق إليه تلك الدسائس وهو لا يشعر أو يحمل الجهال بنظره فيه على تعظيم وأيضا فهو مقدم مرجوحا على راجح
وقد قال صلى الله عليه وسلم لا تقولوا المنافق سيدا فإن ذلك يسخطه الله وإن كان غير عارف بدسائسه فلا يحل له النظر فيه لأن تلك الدسائس تسبق إليه وهو لا يشعر فيصير معتزليا مرجئا والله الموفق اهـ نقلا عن لسان الميزان
ومن رحمة الله تعالى بنا أن قيَّض للكشاف الإمام الجليل ابن المنيَّر لبيان ما فيه من دقائق الاعتزاليات...
حيث كان الزمخشري ـ رحمه الله وأحسن إليه ـ يُدخِلُ في تفسيره كثيراً من عقائد المعتزلة بعبارات يظن العامي وكثير من طلبة العلم أنها عادية.
لذا ينبغي لكل من يقرأ الكشاف أن يحرص على النظر إلى تعليق ابن المنير، وإن فاته التعليق على بعض الأمور.. اكتفاءً منه بنقدها فيما سبق.
وأدعوك لقراءة الكلام الجميل للشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله عن حادثة قطع رجل الزمخشري بسبب سيره على الثلج طلباً للعلم وذلك في كتابه الماتع، والذي غير منهج حياتي 180 درجة: " صفحات من صبر العلماء ".
وأختم بما ختم به الذهبي ترجمة جار الله الزمخشري في سير أعلام النبلاء: " الله يسامحه ".
[align=justify][align=justify]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فقد أردت أن أضيف هذه المشاركة المتواضعة وإن كانت متأخره : قال الامام ابن حجر : [معتزلي داعياً الى بدعته فكن حذراً من كشافه] ،كما ألف الامام السبكي ورقة سماها الانكفاف عن قرأة الكشاف لما وجد في الكشاف من التعرض لشخص النبي صلى الله عليه وسلم في موضعين من كشافة [في قوله تعالى عفا الله عنك ... التوبة] وفي قوله تعالى [يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ... [التحريم]... أنظر الكشاف وإذا أردنا أن ننصف الرجل فلنرجع الى تفسيره في حادثة الإفك وكلامه في تبرئه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-
وكان الزمخشري معتزلي الاعتقاد متظاهرا به حتى نقل عنه أنه كان إذا قصد صاحبا له واستأذن عليه في الدخول يقول لمن يأخذ له الإذن قل له أبو القاسم المعتزلي بالباب
عندما بدأ بتأليف كشافه كما ذكر ذلك ابن خلكان في كتابه(وفيات الأعيان) : استفتح الخطبة بقوله الحمد لله الذي خلق القرآن ، فقيل أنه قيل متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس ولا يرغب أحد فيه ، فغيره بقوله : "الحمد لله الذي جعل القرآن" ، وجعل عندهم بمعنى خلق ، ورأيت في كثير من النسخ "الحمد لله الذي أنزل القرآن" ، وهذا إصلاح الناس لا إصلاح المصنف . (وفيات الاعيان)
وقد استطاع العلماء التغلب على اعتزالياته بأمرين أحدهما : بوضع الحواشي عليه كحاشية أحمد ابن المنير ، وكذلك تجريد الكشاف من الاعتزال ؛ كما وضع الإمام النسفي في تفسيره "مدراك التنزيل" حيث جعل فكر الزمخشري البلاغي ، وحذف منه كلمة الفنقلة ، والذي يقرأ للنسفي يقرأه خالياً من الاعتزال .
، ومع ذلك فإنه إمتاز بالجانب البلاغي والبياني في القرآن الكريم فهو فارس الميدان في هذا المجال ولقد أفاد منه كثيراً من المفسرين واللغويين ، ولقد إعتنى به طلاب اللغة العربية أكثر من غيرهم .
ومن مزايا هذا التفسير خلوه من الحشو والتطويل ، وعناية بجانبي البلاغة والبيان وإظهارهما في تفسريه ، والإقلال من الاسرائليات وإن لم يخلو منها فهو يعتمد على العقل ...
وأخيراً أقول بما بدأته من نقل كلام ابن حجر في لسان الميزان : هو معتزلي داعياً الى بدعته فكن حذراً من كشافه [/align][/align]
أخوانى الكرام
إبراهيم منصور
عبدالرحيم
سالم خميس اليعقوبى
جزاكم الله خير الجزاء لما قدمتموه لى من مساعدة وإفادات بليغة حقاً
وما أشار إليه الأخ عبدالرحيم هو ما قصدته حقاً بل أحاور جاهداً أن أجعل تفسير الكشاف هذا مصاغاً بشكل جديد يتوفق مع عقيدة أهل السنة والجماعة
وطبعاً هذا يحتاج إلى جهد ووقت بل وإلى إعداد كبير لمن يقوم بهذه المهمة الشاقة.
وأدعو الله تعالى أن يخصنى بهذا الفضل لما لهذا التفسير من أهمية كبيرة نحتاجها فى فهم القرآن وكذا فى رد الشبات والأباطيل حوله.
بارك الله فيكم جميعاً
وجعله فى ميزان حسناتكم
آمين