-قرءت هذا الموضوع لاحد المفكرين المعاصرين فاعجبني كثيرا فما رئيكم فيه و شكرا.
ترتبط الكلمة في الأصل بالجانب الصوتي للسان، كقول المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
والكلام في اللغة اسم جنس يقع على القليل والكثير، وقد عرفه بعضهم "بأنه المنتظم من الحروف المسموعة المميزة" (الزمخشري الكشاف ج1، ص5).
وعندما نقيم حفلاً خطابياً نقول: إن الكلمة لفلان، فهذا يعني أنه حاضر ليلقيها بنفسه. أما إذا كان غائباً فنقول يلقيها بالنيابة عنه فلان. وكل الألسن الإنسانية أصوات تتألف منها الكلمات والجمل. فإذا تكلم الصيني فإننا نحن العرب نسمع أصواتاً ولكن لا نفهم ما هو مدلول تلك الأصوات "المعنى". وعندما يأخذ الكلام مدلولاً في الذهن يصبح قولاً.
الكلام يخرج من الفم وفيه تكمن الفصاحة. لذا قال موسى عن أخيه هارون (هو أفصح مني لسانا) (القصص 34). وعندما أرسل الله موسى إلى فرعون نصحه بقوله: (فقولا له قولاً ليناً) (طه 44). فالقول هو الكلام الذي له دلالات في الذهن، لذا نقول "البلاغة في القول" و"الفصاحة في اللسان". أما البلاغة فنراها في قوله تعالى (وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً) (النساء 63) وهنا نفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم إن صح (أعطيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارا) حديث عن عمر "رض" ذكره أبو يعلي في مسنده وقوله (أعطيت فواتح الكلام، وجوامعه وخواتمه) ذكره أبو يلعي في مسنده عن أبي موسى. أي الأصوات الإنسانية المجموعة في فواتح السور ولا تعني البلاغة لا من قريب ولا من بعيد. ونرى الكلام والقول في آية واحدة في قوله تعالى: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) (الكهف 5) أي هذه الكلمة التي تخرج من الأفواه لها مدلول الكفر عندما نفهمهما في الذهن لذا قال: (إن يقولون) ولم يقل: إن يتكلمون.
هنا يجب أن نفهم أن الألسن الإنسانية ذات شقين: الشق الأول هو الأصوات التي لها وجود مادي "موضوعي". والشق الثاني هو دلالات هذه الأصوات في الذهن. وهذه خاصية تميز بها الإنسان، وهي أن الألسن الإنسانية تتألف من دال ومدلول.
وبما أن الألسن تؤدي وظيفتين هما أن تستخدم أداة للاتصال وأداة للتفكير. ففي أداة الاتصال يظهر بشكل جلي ارتباط الدال بالمدلول. وفي أداة التفكير يظهر المدلول ولكن التدقيق يبين أن التفكير الإنساني لا يتم إلا ضمن إطار لساني غير ملفوظ. هذا كله متعلق بالإنسان. فهل ينطبق ذلك على كلمات الله؟
لو كان النص القرآني المتلو أو المكتوب الموجود بين أيدينا هو عين كلام الله فهذا يعني أن الله له جنس وجنسه عربي، وأن كلام الله ككلام الإنسان يقوم على علاقة دال ومدلول. ولكن بما أن الله أحادي في الكيف (قل هو الله أحد) (الإخلاص 1)، وواحد في الكم (قل إنما هو إله واحد) (الأنعام 19) وأن الله ليس عربياً ولا انكليزياً، لزم أن يكون كلامه هو المدلولات نفسها، فكلمة الشمس عند الله تعالى هي عين الشمس، وكلمة القمر هي عين القمر، وكلمة الأنف هي عين الأنف، أي أن الوجود المادي "الموضوعي" ونواميسه العامة هي عين كلمات الله. وكلمات الله هي عين الوجود ونواميسه العامة.
ولهذا نقول: إن الله هو الحق وإن كلماته حق (قوله الحق) (الأنعام 73) (ويحق الله الحق بكلماته) (يونس 82) (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) (الحج 62) فالوجود الموضوعي خارج الوعي هو الوجود الإلهي (ذلك بأن الله هو الحق) (الحج 62) والوجود الكوني الذي هو كلمات الله وهو حق أيضاً (ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) (الأحقاف 3). فالله حق والوجود كلماته وهو حق أيضاً، لذا قال: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يس 82) (إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) (آل عمران 47- مريم 35).
ونحن نعلم أن سمة "المتكلم" ليست من أسماء الله الحسنى، وإنما كلماته اشتقت من اسمه الحق. ومن أجل تعليم الإنسان صاغ الله الحقيقة المطلقة وهي الوجود ونواميسه العامة وأسماءه الحسنى صياغةً لسانية إنسانية. وبما أن فهم الإنسان للحقيقة هو فهم نسبي دائماً له علاقة بتطور المعارف والأرضية المعرفية للإنسان فقد لزم أن تصاغ الحقيقة بلغة إنسانية مطواعة لهذا الفهم النسبي عن طريق التشابه في الصيغة الثابتة. واللسان العربي في بنيته ومفرداته يحمل هذه الخاصية "التشابه" بوضوح، هذا أحد وجوه أصالة هذا اللسان، ولهذا كان اللسان العربي هو الوعاء الذي حمل مطلق الحقيقة ونسبية الفهم الإنساني.
ففي الصياغة القرآنية العربية تظهر قمة الجدل الداخلي بين الحقيقة المطلقة للوجود والفهم النسبي الإنساني لهذا الوجود في مرحلة ما، وفي هذا المعنى تكمن قمة إعجاز القرآن للناس جميعاً، على اختلاف عصورهم واختلاف مداركهم تبعاً لاختلاف أرضياتهم المعرفية.
وبما أن القرآن حوى الحقيقة الموضوعية لذا أطلق عليه تسمية "الحق". (وإذا تتلى عليهم آياتنا بيناتٍ قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) (الأحقاف 7).
ترتبط الكلمة في الأصل بالجانب الصوتي للسان، كقول المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
والكلام في اللغة اسم جنس يقع على القليل والكثير، وقد عرفه بعضهم "بأنه المنتظم من الحروف المسموعة المميزة" (الزمخشري الكشاف ج1، ص5).
وعندما نقيم حفلاً خطابياً نقول: إن الكلمة لفلان، فهذا يعني أنه حاضر ليلقيها بنفسه. أما إذا كان غائباً فنقول يلقيها بالنيابة عنه فلان. وكل الألسن الإنسانية أصوات تتألف منها الكلمات والجمل. فإذا تكلم الصيني فإننا نحن العرب نسمع أصواتاً ولكن لا نفهم ما هو مدلول تلك الأصوات "المعنى". وعندما يأخذ الكلام مدلولاً في الذهن يصبح قولاً.
الكلام يخرج من الفم وفيه تكمن الفصاحة. لذا قال موسى عن أخيه هارون (هو أفصح مني لسانا) (القصص 34). وعندما أرسل الله موسى إلى فرعون نصحه بقوله: (فقولا له قولاً ليناً) (طه 44). فالقول هو الكلام الذي له دلالات في الذهن، لذا نقول "البلاغة في القول" و"الفصاحة في اللسان". أما البلاغة فنراها في قوله تعالى (وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً) (النساء 63) وهنا نفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم إن صح (أعطيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارا) حديث عن عمر "رض" ذكره أبو يعلي في مسنده وقوله (أعطيت فواتح الكلام، وجوامعه وخواتمه) ذكره أبو يلعي في مسنده عن أبي موسى. أي الأصوات الإنسانية المجموعة في فواتح السور ولا تعني البلاغة لا من قريب ولا من بعيد. ونرى الكلام والقول في آية واحدة في قوله تعالى: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) (الكهف 5) أي هذه الكلمة التي تخرج من الأفواه لها مدلول الكفر عندما نفهمهما في الذهن لذا قال: (إن يقولون) ولم يقل: إن يتكلمون.
هنا يجب أن نفهم أن الألسن الإنسانية ذات شقين: الشق الأول هو الأصوات التي لها وجود مادي "موضوعي". والشق الثاني هو دلالات هذه الأصوات في الذهن. وهذه خاصية تميز بها الإنسان، وهي أن الألسن الإنسانية تتألف من دال ومدلول.
وبما أن الألسن تؤدي وظيفتين هما أن تستخدم أداة للاتصال وأداة للتفكير. ففي أداة الاتصال يظهر بشكل جلي ارتباط الدال بالمدلول. وفي أداة التفكير يظهر المدلول ولكن التدقيق يبين أن التفكير الإنساني لا يتم إلا ضمن إطار لساني غير ملفوظ. هذا كله متعلق بالإنسان. فهل ينطبق ذلك على كلمات الله؟
لو كان النص القرآني المتلو أو المكتوب الموجود بين أيدينا هو عين كلام الله فهذا يعني أن الله له جنس وجنسه عربي، وأن كلام الله ككلام الإنسان يقوم على علاقة دال ومدلول. ولكن بما أن الله أحادي في الكيف (قل هو الله أحد) (الإخلاص 1)، وواحد في الكم (قل إنما هو إله واحد) (الأنعام 19) وأن الله ليس عربياً ولا انكليزياً، لزم أن يكون كلامه هو المدلولات نفسها، فكلمة الشمس عند الله تعالى هي عين الشمس، وكلمة القمر هي عين القمر، وكلمة الأنف هي عين الأنف، أي أن الوجود المادي "الموضوعي" ونواميسه العامة هي عين كلمات الله. وكلمات الله هي عين الوجود ونواميسه العامة.
ولهذا نقول: إن الله هو الحق وإن كلماته حق (قوله الحق) (الأنعام 73) (ويحق الله الحق بكلماته) (يونس 82) (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) (الحج 62) فالوجود الموضوعي خارج الوعي هو الوجود الإلهي (ذلك بأن الله هو الحق) (الحج 62) والوجود الكوني الذي هو كلمات الله وهو حق أيضاً (ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) (الأحقاف 3). فالله حق والوجود كلماته وهو حق أيضاً، لذا قال: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يس 82) (إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) (آل عمران 47- مريم 35).
ونحن نعلم أن سمة "المتكلم" ليست من أسماء الله الحسنى، وإنما كلماته اشتقت من اسمه الحق. ومن أجل تعليم الإنسان صاغ الله الحقيقة المطلقة وهي الوجود ونواميسه العامة وأسماءه الحسنى صياغةً لسانية إنسانية. وبما أن فهم الإنسان للحقيقة هو فهم نسبي دائماً له علاقة بتطور المعارف والأرضية المعرفية للإنسان فقد لزم أن تصاغ الحقيقة بلغة إنسانية مطواعة لهذا الفهم النسبي عن طريق التشابه في الصيغة الثابتة. واللسان العربي في بنيته ومفرداته يحمل هذه الخاصية "التشابه" بوضوح، هذا أحد وجوه أصالة هذا اللسان، ولهذا كان اللسان العربي هو الوعاء الذي حمل مطلق الحقيقة ونسبية الفهم الإنساني.
ففي الصياغة القرآنية العربية تظهر قمة الجدل الداخلي بين الحقيقة المطلقة للوجود والفهم النسبي الإنساني لهذا الوجود في مرحلة ما، وفي هذا المعنى تكمن قمة إعجاز القرآن للناس جميعاً، على اختلاف عصورهم واختلاف مداركهم تبعاً لاختلاف أرضياتهم المعرفية.
وبما أن القرآن حوى الحقيقة الموضوعية لذا أطلق عليه تسمية "الحق". (وإذا تتلى عليهم آياتنا بيناتٍ قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) (الأحقاف 7).