ما حكم هذا الاقتباس من خالد السيف ؟!!

إنضم
03/03/2009
المشاركات
12
مستوى التفاعل
1
النقاط
3
الإقامة
السعودية
قرأت مقالاً لـ خالد السيف فرأيته يقتبس من القرآن الكريم بطريقة أتمنى من أساتذتي التعليق عليها ؛ لئلا أتسرع في الحكم ، ومما جاء في مقاله : " ذروا الذين يضعون لهم في كل بيدر:»قطنا»! وأوضعوا خلالكم يبغونكم: «الحظوة» -مالا ورياسة- وفيكم سمَّاعون لهم؛ إذ أنتم بالعدوة الدنيا: «التحرير» تبتغون إسقاط :«الصنم» وتشظِّي أحجار رقعة شطرنج حزبه، وهم بالعدوة القصوى: «مبنى التلفزيون» يتلون: «اعلُ مبارك» ذلك أن لكل زمان :«هبله»!، والرَّكب من البلطجية أسفل منكم بجمالهم وحميرهم!؛ ثم إذا ما انقلب هؤلاء :«الدعاة الدهاة» إلى :«أهلهم» انقلبوا فاكهين! لم يخسروا :«مباركا» وكسبوا:«طنطاوي» وفي ذلك كان متنافسهم وبئس الخذلان....".
وهذا رابط المقال :http://www.alsharq.net.sa/2012/03/28/187746
قلت : وأكثر مقالاته على الطريقة السالفة الذكر ... ولعل الناظر في رابط المقال السابق يعرج على مقالات أُخر في الصحيفة نفسها .
 
رجعت للرابط فقرأت المقالة ، ثم تتبعت مقالات الكاتب خالد السيف فإذا به منهج يسير عليه في أغلب مقالاته يقتبس من القرآن ومن السنة أيضاً بطريقة مليئة بالسخرية والاستهزاء ، ولا شك عندي في حرمة صنيعه هذا ، وخلاف العلماء في الاقتباس من القرآن لا يشمل صنيع هذا الكاتب . ولذلك فإنني سأكتب خطاباً لرئيس مجلس إدارة الصحيفة ورئيس تحريرها فلي بهما علاقة جيدة أطالب بإيقاف هذا الكاتب عن هذا العبث ، فيبدو أنه يرى هذا المنهج هو الأفضل في الوصول لقرائه ، ولا يعتبر خطأ عابراً في هذه المقالة فحسب .
شكر الله لك يا دكتور عليوي ، ونسأل الله لنا جميعاً وللكاتب الهداية للحق .
 
إطلعت على بعض ما كتب الأخ (خالد السيف) من مقالات ... ولم أشعر بأن مما يقتبس من " القرآن ومن السنة بطريقة مليئة بالسخرية والاستهزاء"!! ولا هو "عبث"...

وإنما ما قرأته هو رأيه ونظرته الى بعض "الرموز الدينية" والسياسية التي إتخذت من الدين مطية.. وله فيها وجهة نظر قد لا تروق لبعضنا وإن جاءت بإسلوب النقد اللاذع..أو قد لا يستسيغها البعض وهذا حقهم.. ولكن هذا رأيه الشخصي وهو يحاول أن يستدل على ما يقول بشواهد من القران و الحديث والسيرة وكتب الفقهاء يعضد بها ما وصل إليه من رأي...!

أراى أن أسلوب الكاتب فيه ظرافه (وهذا طبعا رأيي الشخصي، كما أن رأيكم المخالف أنتم به أحرار)... وإستشهاده في تلك المقالة ببعض العبارات في الايات وإنزالها على أحداث مصر، إنما يجري على عادة بعض الأدباء والكتاب في إستخدام تعبيرات وشواهد وأمثال من القران في كتاباتهم، ومثل هذه المقالات التي تكتب في الصحف إنما هي من باب الخواطر العلنية، فهي ليست بحثا علميا ولا كتابا منهجيا ولا بيانا يستحق أن يعطى أكثر من حجمه..فمن شاء:

1- قراء وتقبل
2- ومن شاء لم يقراء فتجاوز وتجاهل
3- ومن شاء علق وردَ (وهو في ظني أفضل الخيارات).

وإذا سرنا في تتبعنا للسقطات والأخطاء - إذا سلمنا جدلا بأن ما كتب هو سقطة أوخطأ- وحجرنا الناس في تفكيرهم وقسرناهم على مانحب ونرضى من فنون الكتابة وطرائقها.. نكون بذلك كمن ينقب في النيات ويرصد الخطرات وينصب على أفكار وعقول الناس أغلالا ومحاكمات... وقد كان هذا دين وديدن محاكم التفتيش في عصور الظلام، القرون الوسطى التي عاشها المفكرين والأدباء في أوروبا تحت وطأة و هيمنة وإطهاد الكنيسة...

فلا نريد للتاريخ أن يعيد نفسه..!

فلماذا إذا لم يعجبنا شيء مما يكتب أحدهم لا نرسل برد علمي وبالدليل على نقد ما يقول؟!، ونقارع الرأي بالرأي... دون أن نسير بالوشاية، والتأليب لإيقافهم عن الكتابة، ومنعهم من التعبير فيما لا نرضى ولا نحب ولا يوافق هوانا!!
 
شكراً لكم أخي نضال على تعقيبكم . وأنا أطلب من الزملاء أساتذة القرآن وعلومه وأساتذة البلاغة وهم متوافرون في الموقع أن يرجعو لمقالات خالد السيف ويتأملوا أسلوبه في الاقتباس من القرآن الكريم . ويبدوا رأيهم في هذا كتابةً حتى أطمئنّ للرأي الذي كتبته أعلاه .
بارك الله فيكم .
 
اقتباس السيف فيه سخرية واضحة واستهزاء، وإذا لم يكن تشبيه غزوة الكبرى التي وصفها القرآن بانتخابات مصر بهذه الجرأة والأسلوب هزل ففيم يكون الاستهزاء، وبإجماع العلماء أنه لا يجوز الاقتباس من آيات القرآن في مقام الهزل كما حكاه السيوطي وغيره، وأما تشبيه المنتقد لهذه الجرأة بالقرون الوسطى ، فهذه شنشة نسمع بها كثيرا في وسائل الإعلام العلمانية نجل أهل القرآن عن اتهام أهل القرآن بها.
ونحن لم ننقب عن نوايا القوم فكتاباتهم تشهد عليهم بالجرأة في دين الله، وتشبيه أحد المسلمين فضلا عن أحد الدعاة المعروفين بالطبال أو الرقاص، لا يرضاه أو يدافع عنه مسلم فضلا عن من ينتسب للعلم الشرعي، وإذا كنا سنختلف في مقال كهذا من السوء والانحراف فعلى ماذا سيكون الاتفاق يا أخ نضال، بارك الله فيك.
ومن نظر في مقالات الرجل بإنصاف وعدل رأى جرأته العامة، أسأل الله له الهداية.
 
أخي الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري.. أسعدني ردك.. وحلمك في مقابل ما بدى أنه حدّة في ردي .. فاعتذر لذلك.. وجزيت خيرا.

ما دفعني أخي الكريم للكتابة في هذا الموضوع، هو ليس ما كتب الأخ خالد السيف أو يكتب غيره على وجه التعيين، ولكن التنبيه الى المنهج القراني في اياته والتطبيق النبوي في سيرته في التعامل مع المخالف وحتى المستهزيء بايات الله، وحتى لا نقع فيما وقعت فيه الكنيسة في عصور الظلام في التسلط على رقاب الناس وقتلهم وإتهامهم بالمروق بالدين والهرطقة والإبتداع والمساس بهيبة الكنيسة، وأنا في هذا لا زلت تحت تاثير كتاب (حرية الفكر(كتاب أنصح بقراءته )) الصادر عن المركز القومي للترجمة في مصر (إبتسامة)، وكيف أنا المفكرين والأدباء والديانات المخالفة عاشوا في وبال وبلاء من جراء وطئة الكنيسة ومحاكم تفتيشها، حتى أن الشعوب وصلت الى ما وصلت إليه الان من النفور ورفض سلطة الكنيسة.

الان..
إذا تاملنا في ايات القران .. نجد بأن " حرية التعبير" لا يكاد يكون لها حد، وهذا المنهج الذي علينا أن نحتذيه..

ولننظر الى عظمة هذه الايات وجمال هذا التوجيه

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (النساء 140)

فما هو المطلوب من المسلم إذا سمع الإستهزاء بايات الله وحتى الكفر بها... "فلا تقعدوا" ... حتى أنه سبحانه لم يطالبنا بأن نرد عليهم، ربما حتى لا ننشغل بمشاكل وامور جانبية، وحتى يبقى التركيز على جانب الإصلاح والبناء... أما عقوبة هؤلاء فهي عند الله سبحانه .. وليس للبشر، فهم يقولوا ما يشاؤون.

ما يدهش أخي الكريم في عظمة هذه الايات .. أنها جاءت في سياق الحديث عن أناس ليس لهم مبدأ من المنافقين ، فهم مذبذبين، يفسدون ولا يصلحون، فيقول -سبحانه وتعالى- في اياتين قبلها:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (النساء 137)

وأما عقوبة هؤلاء المنافقين فهي:

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (النساء 138)

سبحان الله... هؤلاء المنافقين الذين عاثوا نخرا وإفسادا في المجتمع المسلم !! لا نقعد معهم... فقط!!.. وإذا تتبعنا الايات بعدها نجد كيف أن عقوبتهم من الله وليس من الرسول ولا أولي الأمر...

وللنظر الى ايات المائدة..

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (المائدة57 )

الأمر فقط بعدم المولاة لمن يتخذ ديننا هزوا ولعبا... والأمر الذي جاء للرسول –صلى الله عليه وسلم- بعد بضعة ايات هو:

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة 67)

المهمة المنوطة بالرسول –صلى الله عليه وسلم هي: التبليغ ...

والعصمة من الله.. فعلى ماذا الخوف!

وهذا الخطاب جاء عن من كفر وإستهزأ، والذين قالوا بأن يد الله مغلوله (سبحانه)

وبالرغم من ان طريق الإستهزاء هو ما قوبل به الرسول - صلى الله عليه وسلم - والرسل من قبله... إلا ان العقوبة والجزاء من الله

لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (الرعد 32)

فعذابهم اتيهم من الله... فلا داعي أن نقلق

لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ (الرعد 34)

وما طُولب به الرسول –صلى الله عليه وسلم- هو الصدع بالأوامر، والإعراض عن المشركين، حتى أنه لم يطالب بأن يجادلهم

فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الحجر 94)

حتى لو إستهزأوا فالله كافينا

إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (الحجر 95)

حتى لو ضاق الصدر، وغضبنا، وحنقنا عليهم، فليس المطلوب الرد مع هذه النوعية من الناس المستهزئة، وإنما الإنشغال ب : التسبيح والسجود والعبادة

َسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (الحجر 98)

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (الحجر 99)

ولنا في سورة الفرقان مثال اخر رائع عن المنهج في التعامل مع المستهزئين، وهو توجيه -للرسول صلى الله عليه وسلم- في التعامل معهم ولنا من بعده

وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا (الفرقان 41)

ثم يسرد الله سبحانة اياته على الرسول (ايات الظل والليل والنهار والرياح...)

ثم يطالبه سبحانه وتعالي ب:

فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (الفرقان 52)

عدم الطاعة والجهاد الكبير بالقران

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (الفرقان 56)

وذكّره بدوره –صلى الله عليه وسلم – بأنه مبشر ونذير

هذه هي.. لا جدال، ولا مخاصمة، ولا حتى إلتفات لتفاهاتهم وإستهزاءهم.. بل بقاء التركيز على الهدف وسمو المهمة.

ونموذج اخر رائع على التعامل مع المستهزئين في سورة الروم

ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون (الروم 10)

هذا في الاية 10من السورة ثم يعدد الله سبحانه بعض اياته في خلقه..

ثم في الاية 30 يبين التوجيه الى الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن:

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (الروم 30)

إقامة الوجه، والتركيز مرة أخرى على الهدف والمهمة..

وكرر –سبحانه- المعنى في الاية 43 بقوله:

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (الروم 43)

ثم الاية (44) بعدها تظهر لنا الطريق ومصير كل فريق

مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (الروم 44)

هذه بعض نماذج من القران في التعامل مع المستهزيء ، وغيرها كثير جدا، فلا ننشغل بمشاكل جانبيه، فتضيع الجهود، وتألب الصدور، ونزيد العداء..

ولنا في سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- نماذج أخرى في التعامل مع المنافقين والمستهزئين، كتطبيق عملي من واقع الدعوة.

فأتمنى أن يكون هدي القران ومنهجه في التعامل مع المستهزيء حاضرا..

وأنا مما قرأته من كتابات الأخ " خالد السيف" لم احس الإستهزاء بايات الله ولا بالرسول وحديثه –صلى الله عليه وسلم- فأنا أجله عن هذا وأحسن فيه كل الظن ، وإنما هو إستخدم بعض الايات والتعبيرات من القران كعادة بعض الكتاب في الرد على بعض الأشخاص. فالإستهزاء ليس بالايات –والعياذ بالله- ولكن إستخدم الايات أو مقاطع منها في ردوده، ولقد استخدم بعض الأدباء المسلمين هذا الأسلوب، ومما أذكر منهم مصطفى صادق الرافعي –رحمه الله-، وردوده على العقاد وطه حسين وغيرهم.

وإن كان الأخ خالد السيف قد تعرض لبعض الدعاة مثل محمد حسان ، وطارق سويدان، والإخوان المسلمين، إلا أن هذه مواقف واراء سياسية قد نختلف معها أو نتفق مع بعضها، ولا تدخل في إطار الإستهزاء بأيات الله –سبحانه-، والأولى فيها النصح والإرشاد.

وياريت لو يدعى الأخ "خالد السيف " الى الملتقى حتى يتم نصحه وتوجيه ومحاورته، فإني ارى في الرجل صلاح،

وأنا لا أعرفه، وإنما الإنتصار لمبدأ القران ومنهجه في التعامل مع المخالف.

فإتهام شخص بالإستهزاء بايات الله مصيبة عظيمة تجر عليه في مجتمعاتنا وبال عظيم، وخصوصا بأن ظاهر قوله لا يتماشى مع هذه التهمة.

أتمنى أني أبنت عن وجهة نظري...

+++

أخي الدكتور محسن المطيري أشكرك على الرد، وعلى غيرتك على دين الله... وجزيت خيرا


وجزى الله خيرا من نصح

وتقبلوا التحية
 
الأخ خالد السيف - وهو زميل سابق - معروف بكتاباته النقدية المفرطة، وغير الموضوعية، للرموز الشرعية، والمؤسسات الإسلامية، منذ أن كان يكتب في جريدة الوطن، وليس هذا مجال حديثنا، وإنما المقصود أن اقتباسات الكاتب - هداه الله - في هذه المقالة فيها جرأة وسوء أدب مع كتاب الله العظيم، بغض النظر عن صحة توظيفها وتطبيقها على الأحداث المعاصرة.

وأما قول الأخ نضال


إذا تاملنا في ايات القران .. نجد بأن " حرية التعبير" لا يكاد يكون لها حد، وهذا المنهج الذي علينا أن نحتذيه..


ولننظر الى عظمة هذه الايات وجمال هذا التوجيه

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (النساء 140)

فما هو المطلوب من المسلم إذا سمع الإستهزاء بايات الله وحتى الكفر بها... "فلا تقعدوا" ... حتى أنه سبحانه لم يطالبنا بأن نرد عليهم، ربما حتى لا ننشغل بمشاكل وامور جانبية، وحتى يبقى التركيز على جانب الإصلاح والبناء... أما عقوبة هؤلاء فهي عند الله سبحانه .. وليس للبشر، فهم يقولوا ما يشاؤون.

فهو مثال آخر للقول في القرآن بغير علم.​

فإن المتأمل في آيات هذا الكتاب الحكيم يجد فيها الاهتمام البالغ والعناية الكبيرة بالرد على الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين والمعاندين؛ حيث ساق الأدلة الكثيرة والبراهين المتنوعة لبيان بطلان أقوالهم، وأورد الأساليب المختلفة في سياق كشف شبهاتهم، وسلك المناهج المتعددة في مجادلتهم، وأمر المؤمنين بجهادهم باللسان والسنان. والآيات في هذا كثيرة معلومة.


وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

 
أخي الدكتور إبراهيم الحميضي... جزاك الله خيرا على الرد، وجعله في ميزان حسناتك

وأما قول الأخ نضال


فهو مثال آخر للقول في القرآن بغير علم.​

فإن المتأمل في آيات هذا الكتاب الحكيم يجد فيها الاهتمام البالغ والعناية الكبيرة بالرد على الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين والمعاندين؛ حيث ساق الأدلة الكثيرة والبراهين المتنوعة لبيان بطلان أقوالهم، وأورد الأساليب المختلفة في سياق كشف شبهاتهم، وسلك المناهج المتعددة في مجادلتهم، وأمر المؤمنين بجهادهم باللسان والسنان. والآيات في هذا كثيرة معلومة.
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل



أخي الكريم وهل قلت غير هذا! ... فإستشهداتي في مداخلتي في الأعلى كانت بالعديد من الايات وليس فقط بتلك الاية.. ولقد لونت بعض الكلمات بألون مختلفة تحدثت عن دور الرسول في التعامل مع الكفار والمستهزئين، وعلى ما هو مطلوب منا في التعامل مع هذه الشريحة من البشر.


ومنها



يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ...



.. واكدت على مفهوم التبليغ... وقلت أن الله دعاه سبحانه عاصمه من الأذى الذي يتعرض له من المعرضيين



وقلت ايضا: وما طُولب به الرسول -صلى الله عليه وسلم-هو الصدع بالأوامر،
واستشهدت باية الجهاد الكبير بالقران،
وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا



فهل الجهاد بالقران إلا بالحجة والدليل والبرهان، أم أن القران سوف يكون سيفا يجاهد به!



وقلت بأن الرسول مبشر ونذير

فما هي البشارة والنذارة إلا الصدح بالدعوة وعدم التردد فيها وإستخدام أفضل أساليبها، وبالحسنى..دون الإنجرار الى معارك جانبية ،
وقلت بأن الرسول طولب بالتركيز على مهمة الدعوة وعلى اهدافه الرئيسية، فلا ننشغل بالمستهزئين.



ودعوت الى تتبع منهج القران وتطبيق الرسول في الدعوة مع المستهزئين!!



ولقد كان للملتقى مناظرة قبل عدة أسابيع من أستاذ نصراني ترجم القران ورتبه حسب أسباب انزول (ولعلك تابعتها أخي إبراهيم)... وكنت -فيما أظن- من أكثر المطالبين بالحوار بالحسنى والدليل والبرهان، وعدم الإلتفات الى اسلوبه (سامي عوض) هداه الله الذي كان فيه من السخرية واللف والدوران ما فيه.. ولكن نحن (الدعاة) لاننزل الى مستوى المستهزئين بل نرتفع بهم الى سمو أدب وأخلاق القران ومنهجه في المحاججة...



أسال الله ان يصلح الحال وأنا أؤمن على دعائك للأخ خالد بالهداية وأقول امين ولنا جميعا...



وتقبل التحية
 

يَحْذَرُ‌ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَ‌ةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِ‌جٌ مَّا تَحْذَرُ‌ونَ ﴿٦٤﴾ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَ‌سُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴿٦٥﴾ لَا تَعْتَذِرُ‌وا قَدْ كَفَرْ‌تُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِ‌مِينَ ﴿٦٦﴾ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُ‌ونَ بِالْمُنكَرِ‌ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُ‌وفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿٦٧﴾ وَعَدَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ‌ نَارَ‌ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُ اللَّـهُ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴿٦٨﴾


[poem=]السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ = في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ [/poem]


 
لو لم يكن في هذا السلوك الدنيء إلا مشابهة من وصفهم الله بقوله { وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا } لكفى ذلك عاراً وشناراً , والله تعالى قطع على كل (متميلح) طريق استخدام آيات القرآن في غير الجد والحق والنذارة والارتقاء فقال { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْل } وليت شعري إذا لم يكن هذا الإسفاف هو الهزل , فما هو الهزلُ.؟
 
بعد الاطلاع على مقالات الأخ خالد السيف يمكن إيجاز الكلام في النقاط التالية:

أولاً: الاقتباس ضرب من ضروب البلاغة، وفن من فنون البديع، يزدان به الكلام ويترسخ به المعنى المراد ما دام قد وُضع في موضعه.
وقد عُرّف بأنه: تضمينُ الكلامِ شيئا من القرآن أو الحديث من غير دلالة على أنه منهما.

ثانياً: جماهير العلماء على جواز الاقتباس، قال السيوطي: "لا أعلم بين المسلمين خلافاً في جواز الاقتباس..." ونَقَل هذا الاتفاق عنه جملةٌ من العلماء.
وقد استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الآثار، أشهرها قوله حين دخل خيبر: "الله أكبر! خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذّرين". وقوله للفُريعة بنت مالك رضي الله عنها وقد توفي عنها زوجها: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله".
كما ثبت الاقتباس عن عدد لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء والأدباء والخطباء والشعراء.

ثالثاً: ما سبق هو الأصل في حكم الاقتباس، وقد تبين أن استخدامه إنما كان في أسمى المعاني وأرقى المقامات، ولذا فإن العلماء قد اتفقوا على اشتراط استعمال الاقتباس فيما يليق من المعاني .
فالقرآن الكريم هو أسمى الكلام وأرفعه، فلا تستعمل ألفاظه إلا في أسمى المعاني، وأكثرها أدباً، وأرقاها مضموناً.
وهذا جزء اتفق عليه العلماء ولم يخالف فيه أحد، ولذا ردّوا ما وقع فيه بعض الأدباء أو الكتاب أو الشعراء مما أخلّ بهذا الجانب، ومنه قول الشاعر:
[poem=]قمتُ ليلَ الصدود إلا قليلا=ثم رتّلت ذكركم ترتيلا[/poem]
قال عنه ابن معصوم المدني: "هو مردود مرذول، ومن المغالاة والإغراق الذي يجرّ إلى الإخلال بالدين والعياذ بالله" ا.ه.
وفي قول أبي تمام:
[poem=]أيُّهذا العزيز قد مسّنا الضُـ=ـرّجميعا وأهلنا أشتاتُ[/poem]
عدّه أبو منصور الثعالبي من الخروج عن حد الاقتباس، وقال: "أساء في هذا المعنى من الاقتباس، وفي الألفاظ المقدسة التي وصل بها" ا.ه.
وقال صفيُّ الدين الحِليّ في القسم الثالث من أقسام الاقتباس وهو المردود المرذول: "تضمين آية كريمة في معرض هزل أو سخف" ا.ه.
وقد نقل إبراهيم النخعي عن السلف كراهتهم للتحدث بالقرآن فقال: "كانوا يكرهون أن يذكروا الآية عند الشيء يعرض من أمر الدنيا، كقول القائل للرجل إذا جاء في الوقت الذي يريد صاحبه: وجئت على قَدَر يا موسى، وما أشبهه من الكلام" ا.ه. وكراهتهم كراهة تحريم كما قطع به غير واحد من أهل العلم.
قال ابن قدامة: " ولا يجوز أن يُجعل القرآن بدلاً من الكلام، لأنه استعمال له في غير ما هو له" وقال الرحيباني: "وحَرُم جعل القرآن بدلا من الكلام...فلا يجوز أن يستعمل القرآن في غير ما هو له، لما فيه من التهاون وعدم المبالاة بتعظيمه واحترامه".
وجعل الزمخشري التحدث بالقرآن من صنيع الجهلة وأنهم الذين يتمثلون بالقرآن في أمور الدنيا وخسائس الأعمال، وفي هذا ابتذال وامتهان.

وخلاصة ما سبق أن هذا الأمر قد كان في غاية الوضوح عند العلماء، فهم حين يبيحون الاقتباس يخصونه بالمعاني الرفيعة والمقامات السامية اللائقة بعظمته وجلاله، فالمقبول المحمود عندهم ما كان في الخُطب والمواعظ والعهود ومدح النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه...وما شابه ذلك من المقامات، وما عدا ذلك فممنوع عندهم بلا خلاف، فلا يستخدم في مقام هزل ولا سخرية ولا استهزاء ولا عبث.

رابعا: لو وقفنا مع المقصد الذي أراد الأخ خالد من مقالاته هنا لعلمنا أنه النقد، وقد استخدم لذلك أسلوب السخرية بالمنتقَدين، فالمقام مقام سخرية ولا شك، وعليه فإن اقتباسه من القرآن الكريم في هذا المقام لا يخرج عما سبق من مقامات الهزل والسخرية والاستهزاء والتي تبين أنها من المردود المرذول الذي ينزّه عنه القرآن ويجرّ إلى الجرأة على دين الله.

أخيراّ: فإن في نفسي سؤال لا أجد له جواباً:
ما الغرض الذي دفع بالأخ الكريم إلى هذا الصنيع؟
العلماء قد قسّموا الاقتباس إلى مقبول ومردود، معتبرين في ذلك الشرع، كما قسموه إلى محمود ومرذول معتبرين في ذلك الذوق، وليت مثل هذه المقالات إذ وقعت في المردود شرعا أن تكون قد أصابت المحمود ذوقا، لكنها -للأسف- لم تحظ بهذا ولا ذاك..

وإنني ألمح من الكاتب ذكاء وفطنة أرجو أن تكون شافعا له في تقديم كلام بليغ يجمع الحمد ويحظى بالقبول، ورضى الناس غاية لا تدرك ولا شك، إلا أن رضى الله هو المقدّم وعليه والمعوّل، وطريقه واضح مستقيم، ومن ابتغاه ولو بسَخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس..
 
أحسنت أخي محمد العبادي، وجزاك الله خيرا.. فهذا رد رائق راقي

ولمثل هذه المشاركات ترتاد هذه المنتديات.. ويصبر فيها على لأواء السفر

إذا فرق كبير بين أن يستهزاء بالقران (والعياذ بالله) وبين أن تستخدم بعض جمل وايات القران أداة للنقد الذي قد يزيد الى الإستهزاء بالاخرين (وهذا واقع الحال في مقال الأخ خالد سيف)...

وجوابا على سؤالك "ما الغرض الذي دفع بالأخ الكريم إلى هذا الصنيع؟"

فربما والله أعلم -وأنا لا أدافع عنه فهو أولى بالرد عن نفسه- ولكن أُحسِنُ الظن بالأخ، أنه "إستحلى" أو إستحسن الاية وما وجد أبلغ منها ولا أجزل في التعبير عن واقع الحال في ذلك الموقف من الثورة في مصر.. فاستشهد بها غير مطلع على تقسيمات العلماء!

ولو يوجّه الأخ خالد السيف وينصح بمثل هذا القول اللين لعلها تنفع الذكرى


فتح الله عليك بالحكمة...
 
أحسنت أخي محمد العبادي، وجزاك الله خيرا.. فهذا رد رائق راقي

ولمثل هذه المشاركات ترتاد هذه المنتديات.. ويصبر فيها على لأواء السفر

إذا فرق كبير بين أن يستهزاء بالقران (والعياذ بالله) وبين أن تستخدم بعض جمل وايات القران أداة للنقد الذي قد يزيد الى الإستهزاء بالاخرين (وهذا واقع الحال في مقال الأخ خالد سيف)...

سيد نضال الغطيس ، كلام د محمد العبادي في مشاركته الجامعة النافعة ، واضح وصريح ، ومقصوده غير إلى ما حوّرته وعدلته إليه ، وهذا نصّ كلامه :

بعد الاطلاع على مقالات الأخ خالد السيف يمكن إيجاز الكلام في النقاط التالية:
وخلاصة ما سبق أن هذا الأمر قد كان في غاية الوضوح عند العلماء، فهم حين يبيحون الاقتباس يخصونه بالمعاني الرفيعة والمقامات السامية اللائقة بعظمته وجلاله، فالمقبول المحمود عندهم ما كان في الخُطب والمواعظ والعهود ومدح النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه...وما شابه ذلك من المقامات، وما عدا ذلك فممنوع عندهم بلا خلاف، فلا يستخدم في مقام هزل ولا سخرية ولا استهزاء ولا عبث.

رابعا: لو وقفنا مع المقصد الذي أراد الأخ خالد من مقالاته هنا لعلمنا أنه النقد، وقد استخدم لذلك أسلوب السخرية بالمنتقَدين، فالمقام مقام سخرية ولا شك، وعليه فإن اقتباسه من القرآن الكريم في هذا المقام لا يخرج عما سبق من مقامات الهزل والسخرية والاستهزاء والتي تبين أنها من المردود المرذول الذي ينزّه عنه القرآن ويجرّ إلى الجرأة على دين الله.

 
ماهكذا النِّضالُ يانِضال !!! أهذا منهج القرآن في التعامل مع المخالف ؟!

ماهكذا النِّضالُ يانِضال !!! أهذا منهج القرآن في التعامل مع المخالف ؟!

ماهكذا النِّضالُ يانِضال!!!
كنتُ وقفتُ على المقال الذي كتبه خالد السيف ، وأشرتُ في هذا الملتقى إليه ، وقد قرأتُ ما كُتِبَ حوله من أعضاء هذا الملتقى ، فاستوقفني ما كتبه الأخ نضال ورأيتُ أن في كلامه خللاً بيناً ينبغي التعليق عليه *- ولو عرض رأيه كسائر الآراء لكان في ذاك مندوحة عن الرد ، ولكنه أشار إلى أن ذلك هو : ( المنهج القرآني والنبوي في التعامل مع المخالفين )!! فكان الجواب لازماً- ولنضع الكلمات في نقاط يفهمها اللبيب :
1- حشد الأخ نضال آيات عدة وجعلها في طريقة التعامل مع المخالف ، وخلاصتها :
أنّ الطريقة المثلى في التعامل مع المخالفين والمستهزئين هي : الاكتفاء بالإعراض عنهم !!
ولكنه لم يُفرِّق بين الآيات المكية والمدنية ، ولا التعامل حال الأمن والقوة ، وحال الضعف والخوف ، بل لعله لم يرجع إلى تفسير الآيات التي ذكرها ، وإلا لما قال عند آية سورة النساء معلقاً عليها :" ما هو المطلوب من المسلم إذا سمع الإستهزاء بايات الله وحتى الكفر بها... "فلا تقعدوا" ... حتى أنه سبحانه لم يطالبنا بأن نرد عليهم، ربما حتى لا ننشغل بمشاكل وامور جانبية، وحتى يبقى التركيز على جانب الإصلاح والبناء... أما عقوبة هؤلاء فهي عند الله سبحانه .. وليس للبشر، فهم يقولوا ما يشاؤون.."
أهكذا يا أخ نضال لا نرد عليهم حتى لا ننشغل بأمور جانبية !! ليتك عرّجت على كلام القرطبي عند هذه الآية !! يقول القرطبي : "(إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) فَدَلَّ بِهَذَا عَلَى وُجُوبِ اجْتِنَابِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ مُنْكَرٌ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجْتَنِبْهُمْ فَقَدْ رَضِيَ فِعْلَهُمْ، وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ). فَكُلُّ مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسِ مَعْصِيَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ يَكُونُ مَعَهُمْ فِي الْوِزْرِ سَوَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِمْ إِذَا تَكَلَّمُوا بِالْمَعْصِيَةِ وَعَمِلُوا بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّكِيرِ عَلَيْهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ عَنْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ..." تفسير القرطبي 5 / 418.
ولعلك تدرك أن الآية أصل في الرد على المخالف بالدليل والإنكار عليه – مع القدرة على ذلك – فسياقك للآية لم يكن في موضع الاستشهاد ، فضلاً عن أن معناها مناقضٌ لما قررت في حديثك .
بل لو قرأت الآيات بعد آية سورة النساء التي ذكرت لتبين لك أنها جاءت فاضحة المنافقين بذكر صفاتهم !! لكنك لم تفعل .
2- البلاغ المبين لا يكون بلاغاً مبيناً إلا إذا استبان الحق وظهر للناس دون التباس ، يتضح به خطأ المخالف ، وأهمس لأخي نضال : بم أُمر النبي صلى الله عليه وسلم؟
ألم يؤمر بتوحيد الله وتبليغه للناس ، وبيان بطلان ما عليه أهل الشرك من الضلال وعبادة الأصنام !!
أليس في الإنكار عليهم في عبادتهم للأصنام الرد الصريح البين على أباطيلهم وترهاتهم !!
ثم يأتي بيان العمل بعد البلاغ والبيان :" وأعرض عن المشركين " . وليت أخانا نظر في تفسير هذه الآية وتأملها ، وليس بخاف عليه أن سورة الحجر مكية !
3- قال الأخ نضال : "ولنا في سورة الفرقان مثال اخر رائع عن المنهج في التعامل مع المستهزئين، وهو توجيه -للرسول - في التعامل معهم ولنا من بعده
وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا (الفرقان 41)
ثم يسرد الله سبحانة اياته على الرسول (ايات الظل والليل والنهار والرياح...)
ثم يطالبه سبحانه وتعالي ب:
فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (الفرقان 52)عدم الطاعة والجهاد الكبير بالقران " .
قلت : وليت الأخ نضال جاء بالآيات الواردة بعد الآية التي أوردها ، ففيها الرد المفحم على المخالفين ، فلنقرأ قوله تعالى :((وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (41) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) )) (الفرقان: 41 – 44 ).
فما رأي أخي نضال في وصف هؤلاء المشركين بـأنهم أضل من الأنعام ، أليس رداً عليهم ؟!!.
مع أن سورة الفرقان مكية عند الجمهور .
أخي نضال ليتك عرضتَ رأيك دون أن تجعل من الرأي الذي عرضتَه هو المنهج القرآني والهدي النبوي في التعامل مع المخالف وحتى المستهزيء بآيات الله !!!
فلعمر الحق لقد أبعدت النجعة ، بل انتزعت آيات وحملتها على غير محاملها ، فإلى نفسي وإليك أنْ نهتم بسياق الآيات ومعانيها وأنواعها حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها .
4- إذا كان الرد على المخالفين والمستهزئين بالحجة والبيان فيه إيغار للصدور ، وتأليب للأعداء كما قلتَ أنت !! ، فما أجمل ما قيل :
إذا رضيتْ عني كرامُ عشيرتي = فلا زالَ غضباناً عليَّ لئامُها
أخي نضال أهمس إليك ببيت أبي الطيب إذْ يقول :
ووضع الندى في موضعِ السيف بالعلا = مُضِرٌ كوضع السيفِ في موضعِ الندى
5- لم تكن إثارة الموضوع هنا لأجل أن خالد السيف تحدث عن فلان وفلان ، والأخ نضال هو من أشار إلى بعض الأسماء .
و لا يخفى عليك أنّ الذب عن أعراض المسلمين من أخلاق المؤمنين – بضوابط وشروط ليس هذا مجالها-
إثارة الموضوع كان سؤالاً عن صنيع ذاك الكاتب .
6- أما خالد السيف فصنيعه في كثير من مقالاته التي جعل الآيات فيها عضين ما هو إلا استهزاء واضح ، وسُخرية بينة ، فالواجب على ولي نعمته أطره على الحق أطراً ، والأخذ على يده .وذاك من أعظم النصرة له .
وكنت أتساءل : هل يجرؤ خالد السيف ومن لفّ لفه أن يأخذ كلام أحد المسؤولين الذين لهم كلمة ويزج بها في مقالاته بالطريقة نفسها التي يصنعها بالآيات والأحاديث ؟!
تنبيه : 1- إنْ اختصرتُ في الرد فـ (حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق) .
2- نقلتُ كلام أخي نضال كما كتبه دون تصحيح بين " ..." .
 
6- أما خالد السيف فصنيعه في كثير من مقالاته التي جعل الآيات فيها عضين ما هو إلا استهزاء واضح ، وسُخرية بينة ، فالواجب على ولي نعمته أطره على الحق أطراً ، والأخذ على يده .وذاك من أعظم النصرة له .
وكنت أتساءل : هل يجرؤ خالد السيف ومن لفّ لفه أن يأخذ كلام أحد المسؤولين الذين لهم كلمة ويزج بها في مقالاته بالطريقة نفسها التي يصنعها بالآيات والأحاديث ؟!

بارك الله فيك ، وجزاك الله خيراً . . أخي الشمراني أبو معاذ . .

ورحم الله تعالى عثمان بن عفان ورضي عنه حيث قال : { إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن }
( مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 70/10 )

وجواب تساؤلك معروف . . وهو النفي طبعاً . .
فهناك من الناس مَنْ لا يرعوي لا بالحجة البالغة ولا بالبرهان الواضح ، فلابد لهم من السوط ، فهذا ما حصل مع المنافقين في المدينة المنورة والسلطان فيها للإسلام ، إلا أن الله تعالى لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم في اتخاذ أي عقوبة مادية لهم ، بل كان إقامة الحجة عليهم وكشفهم وفضحهم بعد كل حدث مهم وخطير تمـر فيه الأمة ، كالغزوات والحروب بين الأمة وأعداء الله عز وجل ، ومثل حادثة الإفك . . وغيرها ، إلا أنهم استمروا على موقفهم من العداء لله ورسوله والمؤمنين . . حتى أنزل الله تعالى في حقهم ، وغيرهم من الكفار، ( سورة براءة ) فكانت الكاشفة والفاضحة . . ونزل فيها حكم الله تبارك وتعالى النهائي في حقهم وحق مشركي العرب : إما الإسلام أو القتل .

وانقل لكم بعض ما ذكره الشيخ الصابوني في صفوة التفاسير : بين يدي سور براءة :

ولهذه السورة الكريمة هدفان أساسيان - إلى جانب الأحكام الأخرى - هما :
أولا : بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين ، وأهل الكتاب .
ثانيا : إظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول لغزو الروم . "

أما بالنسبة للهدف الأول فقد عرضت السورة إلى عهود المشركين فوضعت لها حدا ، ومنعت حج المشركين لبيت الله الحرام ، وقطعت الولاية بينهم وبين المسلمين ، ووضعت الأساس في قبول بقاء أهل الكتاب في الجزيرة العربية ، وإباحة التعامل معهم ، وقد كان بين النبي (ص) والمشركين عهود ومواثيق ، كما كان بينه وبين أهل الكتاب عهود أيضا ، ولكن المشركين نقضوا العهود وتآمروا مع اليهود عدة مرات على حرب المسلمين ، وخانت طوائف اليهود " بنو النضير " و " بنو قريظة " و " بنو قينقاع " ما عاهدوا عليه رسول الله (ص) ونقضوا عهودهم مرات ومرات ، فلم يعد من الحكمة أن يبقى المسلمون متمسكين بالعهود وقد نقضها أعداؤهم ، فنزلت السورة الكريمة بإلغاء تلك العهود ونبذها إليهم على وضوح وبصيرة ، لأن الناكثين لا يتورعون عن الخيانة كلما سنحت لهم الفرصة ، وبذلك قطع الله تعالى ما بين المسلمين والمشركين من صلات ، فلا عهد ، ولا صلح ، ولا تعاهد ، ولا سلم ، ولا أمان ، بعد أن منحهم الله فرصة كافية هي السياحة في الأرض (أربعة أشهر) ينطلقون فيها آمنين ، ليتمكنوا من النظر والتدبر في أمرهم ، ويختاروا ما يرون فيه المصلحة لهم . . وفي ذلك نزل صدر السورة الكريمة [ براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين . . ] الآيات . ثم تلتها الآيات في قتال الناقضين للعهود من أهل الكتاب [ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر. . ] الآية ، وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من عشرين آية ، كشف الله سبحانه فيها القناع عن خفايا أهل الكتاب ، وما انطوت عليه نفوسهم من خبث ، ومكر ، وحقد على الإسلام والمسلمين . " وعرضت السورة للهدف الثاني ، وهو شرح نفسيات المسلمين حين استنفرهم رسول الله (ص) لغزو الروم ، وقد تحدثت الآيات عن المتثاقلين منهم والمتخلفين ، والمثبطين وكشفت الغطاء عن فتن المنافقين ، باعتبار خطرهم الداهم على الإسلام والمسلمين ، وفضحت أساليب نفاقهم ، وألوان فتنتهم وتخذيلهم للمؤمنين ، حتى لم تدع لهم سترا إلا هتكته ، ولا دخيلة إلا كشفتها ، وتركتهم بعد هذا الكشف والإيضاح تكاد تلمسهم أيدي المؤمنين ، وقد استغرق الحديث عن المنافقين معظم السورة بدءا من قوله تعالى [ لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك . . ] إلى قوله تعالى [ لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم ] ولهذا سماها بعض الصحابة " الفاضحة " لأنها فضحت المنافقين وكشفت أسرارهم ، قال سعيد بن جبير : سألت ابن عباس عن سورة براءة فقال : تلك الفاضحة ، ما زال ينزل : (ومنهم ) (ومنهم ) ، حتى خفنا ألا تدع منهم أحدا ، وروي عن حذيفة بن اليمان أنه قال : إنكم تسمونها سورة التوبة ، وإنما هي سورة العذاب ، والله ما تركت أحدا من المنافقين إلا نالت منه ، وهذا هو السر في عدم وجود البسملة فيها ، قال ابن عباس : سألت علي بن أبي طالب لم لم يكتب في براءة [ بسم الله الرحمن الرحيم ] ؟ قال : لأن [ بسم الله الرحمن الرحيم ] أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ، ليس فيها أمان ، وقال سفيان بن عيينة : إنما لم تكتب البسملة في صدر هذه السورة ، لأن التسمية رحمة ، والرحمة أمان ، وهذه السورة نزلت بالمنافقين ، وبالسيف ، ولا أمان للمنافقين . وبالجملة فإن هذه السورة الكريمة قد تناولت " الطابور الخامس " المندس بين صفوف المسلمين ألا وهم (المنافقون ) الذين هم أشد خطرا من المشركين ، ففضحتهم وكشفت أسرارهم ومخازيهم ، وظلت تقذفهم بالحمم حتى لم تبق منهم ديارا ، فقد وصل بهم الكيد في التآمر على الإسلام ، أن يتخذوا بيوت الله أوكارا للتخريب والتدمير ، وإلقاء الفتنة بين صفوف المسلمين ، في مسجدهم ، الذي عرف باسم (مسجد الضرار) وقد نزل في شأنه أربع آيات في هذه السورة [ والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل . . ] الآيات ولم يكد النبي (ص) يتلقى الوحي حتى قال لأصحابه : (انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وحرقوه ) فهدموه وكفى الله الإسلام والمسلمين شرهم ، وكيدهم ، وخبثهم ، وفضحهم إلى يوم الدين .

والحمد لله رب العالمين
 
التعديل الأخير:
كنتُ قد وضعتُ الرد في موضوعٍ مستقل - وذاك اجتهاد مني أنّ الموضوع بحاجة إلى الاستقلال - ولكن رأى القائمون على الملتقى نقله إلى سياقه المتصل .
 
ما موقف القران من المستهزئين؟

ما موقف القران من المستهزئين؟

أخي الدكتور الشمراني أبو معاذ ... جزاك الله خيرا على ردك المفصل هذا.. وحسن أدبك في عرض أفكارك .. أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك وينفعنا به..

في البداية أود أن أوضح دوافعي للكتابة في هذا الموضوع:

1- إظهار منهج القران ومن ثم التطبيق النبوي لهذا المنهج في التعامل مع المستهزئين والمنافقين والمخالفين إجمالا.
2- إحسان الظن بالمسلمين (الأخ خالد السيف، وأنا لا أعرفه، وأحسبه على خير) ونأياً به عن مظنة الإستهزاء بايات الله
3- الإشارة الى أفضل وسيلة (في ظني ) في التعامل مع هذا النمط من الكتابة والكُتّاب (وهذا إجتهاد شخصي، يقدر حسب الظرف)

وأود التنويه أخي الكريم بأن هدفي ليس المناظرة ولا الإنتصار للنفس، وإنما يعلم الله أنه من باب مدارسة كتاب الله ومن باب " هيا بنا نؤمن ساعة " ..

وحتى لا تنحو المشاركات منحاً شخصيا فتكون حول ما قاله أو ما قصده نضال أو قاله أو قصده الأخ خالد السيف أو أي أحد من المشاركين.. فهؤلاء أشخاص يذهبون ويندثرون وتبقى الأفكار شاخصةً حتى لو تبدل الأشخاص ومرت الأيام، سوف يبقى تركيزي منصبا على الموضوع وعلى الأفكار التي وردت في مجمل ما سبق من نقاش، وأتمنى بأن تصححني لو أخطأت، أو تضيف إن نسيت بعض هذه الأفكار.

وأتمنى من من يناقشني بأن يقرأ كل ما أكتب، ويحسن الظن بي، فلقد بسطت القول، وأكثرت من الإستشهاد بالايات، فلا أبرك من كلام الله يستشهد به على القصد ، والرجاء الإنتباه الى تلوين الايات، تنبيها على الشواهد من إيرادها.

أعتقد بأن النقاش يدور حول 4 محاور رئيسة:

1- ما هو موقف القران من المستهزئين و المنافقين و المخالفين المكذبين؟
2- هل هناك فرق بين الإستهزاء بايات الله (أي جعلها محلا للإستهزاء) (ولنسميه النوع الأول) وبين إستخدام الايات أو جزأ منها كوسيلة للإستهزاء بالاخرين (ولنسميه النوع الثاني) ؟
3- ما ورد في مقال الأخ خالد السيف هل هو من النوع الأول أم الثاني؟
4- ما هو موقفنا كمسلمين ودعاة من مثل هذا هذه المقالات؟

أظن بأنه إذا حددنا النقاش حول هذه المحاور الأربعة، نستطيع أن نخرج بنتيجة نستفيد منها، ونقيس عليها المواقف المشابهة.

بداية وحول المحور الأول: ما موقف القران من المستهزئين؟

وهؤلاء يندرج تحتهم كل من يستهزء سواء كان كافرا أو ملحدا أو منافقا ..وبمختلف درجات الإستهزاء. وعن أي إستهزاء جاءت الايات للتحذير منه؟

أخي الكريم والإخوة والأخوات القراء... فلننطلق سويا في نزهة ماتعة في رحاب الذكر الحكيم...

ولنستمع سويا الى ربنا سبحانه وتعالى منصتين لما يرشدنا ومستكشفين للمنهج في مثل هذه المواقف، وكيف وُجِّه رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بالنظر إلى أهداف ومقاصد الايات، دون تعضية ولا تجزيء.

يجب الإنتباه بعناية إلى حديث الله سبحانه وتعالى عن المستهزئين والمنافقين وبين ما يجب أن نفعله نحن معهم، وماذا نقول لهم.

وأود التنبيه أيضا إلى أن الآيات التي تتحدث عن المنافقين تحمل خطاباً مباشراً لهم وتنذرهم وتهدف إلى تأهيلهم وحملهم على تغيير أوضاعهم ، بل واختبارهم وامتحانهم ، سواءا عاش هؤلاء المستهزئين والمنافقين بين ظهرانينا أو بعيدا عنا.

ولنلاحظ أن الآيات القرآنية التي تتحدث عن مصير هؤلاء دون تحديد شخص بعينه أو أشخاص بعينهم تظل من قبيل الحديث عن الكل استناداً إلى السمة الغالبة أو العامـة أو البارزة.

ولننتبه أيضاً إلى الفارق الجوهري بين الوصف الديني للآراء والأفعال وبين حكم معتقديها ومرتكبيها ، وإلى الفوارق الجوهرية بين حديث الله عن غير المسلمين وبين القواعد التي شرعها للتعامل معهم وللحديث عنهم . وهذه الفوارق يجب أن تراعى في مواجهة المنافقين أو المتذبذبين والمُتَلَوِّنين .

وكما نعلم بأن بعض ما قاله وفعله المنافقون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أضر بالدعوة والمسلمين ضررا بالغا وعن هؤلاء جاء الخطاب الرباني وهو مستمر عن نظرائهم من معاصرينا، في الوقت الذي كانت الدعوة في بدايات عمرها، مقارنة على ما نحن فيه الان بعد 1400 عام.

فالنموذج الذي يقدمه القران هو توجيه للمسلمين في كل عصر للتعامل مع هذه الشريحة من الناس، الصادين عن الدعوة، لتبقى هذه الايات لنتدبرها الى قيام الساعة، وحتى يستمر الرفض والإدانة لهؤلاء ولكن دون عقاب، ولا يعني هذا عدم جواز العقاب ، بل حكمها في إطار قواعد الشريعة يتسع للاجتهاد بدءاً من مجرد الرفض والإدانة وانتهاء بالعقاب الذي يراعى فيه الجمع بين تجنب مصادرة قيمة الحرية وحماية مقتضيات المصلحة العامة .

ولننظر الان في ضوء ما سبق إلى الآيات المتعلقة بالمنافقين والمخادعين والمستهزئين :

يقول تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) ([1])

وإذاً فهم يدعون الإسلام وليسوا من المشركين ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ . فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) ([2])

كان هؤلاء المنافقون يصفون أنفسهم بأنهم إصلاحيون أو مصلحون !!

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ) ([3])

كانوا يصفون بقية الصحابة بأنهم سفهاء !!

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ . وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ . اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) ([4])

ما هو الجزاء الدنيوي الذي يستحقونه ؟!.

( أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ) ([5]).

المنافقون كانوا يدعمون أعداء المجتمع المسلم بالأقوال والآراء والوعود :


( أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُـونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْـلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ . لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ . لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) ([6]).


إنهم يحرضـون على مجتمعهم ، ورغم ذلك فإن كل ما علقت به الآيات هـو أنهم ( لا يفقهون ) و ( لا يعقلون ) !!.


كان المنافقون يكذبون على الرسول ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ . اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ([7]).


كانوا كافرين بالفعل ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ) ([8]).


كانوا مميزين شكلاُ وفصاحة وبياناً ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ([9]).


كانوا يرفضون استغفار الرسول لهم ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ . سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) ([10]).


كانوا يتآمرون على فقراء الصحابة ليتفرقوا عن الرسول ( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ) ([11]).


كانوا يهددون فقراء الصحابة بإخراجهم من المدينة ( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) ([12]).


في قلب الأزمات كانوا يستخفون ويستهزئون بوعود الرسول لهم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُـودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا . إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِـرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَـا . هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا . وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ) ([13]).

كانوا يخذلون الرسول والصحابة في أحلك الظروف ويسعون إلى استثارة النزعات وتفريق صفوف المسلمين ( وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا . وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَـا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا . وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا . قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا . قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا . قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا . أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا . يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا ) ([14]).


كان المنافقون يصدون عن حكم الشريعة ويتوقون إلى غيرها .


( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا . فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ) ([15]).


إذن هم يصدون عن حكم الشريعة وما أنـزل الله ، ويزعمون أنهم لا يريدون سوى الإحسـان والتوفيـق ، أي الإصلاح . فمـا هو الجـزاء الذي يستحقونه ؟!. وأي عقـاب ؟!.


فلننظر إلى تعليق الآيات على أقوالهم وأفعالهم التي تم عرضها ( ...... أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ) ([16]).

كان المنافقون يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ويكفرون بآيات الله ويستهزئون بها :

( بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا . وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا )

ما هو الرد على الكفر بآيات الله والاستهزاء بها ؟!.

( فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا . الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ) ([17]).

المنافقون كانوا يكذبون على الرسول في وقت الشدائد ، ولننظر إلى مواقفهم أثناء غزوة تبوك :

( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )

ما هو الجزاء الذي يستحقونه جراء تخلفهم عن الجهاد مع المسلمين ؟!.

( عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) ([18])

الآيات تعري مواقفهم :

( لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِـدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ . إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِـرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ . وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ . لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ . لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ . إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ) ([19])

وتعمل الآيات على تحصين المؤمنين ضد مواقف المنافقين :

( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ . قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ . قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ . وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ . فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) ([20])

المنافقون يدَّعون كذباً الانتماء للمجتمع والاهتمام بقضاياه :

( وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ . لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ) ([21]).

بعض المنافقين كانوا يشككون في نزاهة الرسول :

( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُـوا مِنْهَا رَضُـوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَـوْا مِنْهَا إِذَا هُـمْ يَسْخَطُونَ ) ([22]).

بعض المنافقين كانوا يؤذون النبي ويصفونه بالغفلة وتصديق ما يقال له :

( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ، قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ . أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ) ([23]).

بعض المنافقين كانوا يستهزؤون بالله وبرسوله وبالقرآن :

( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ . وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ . الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ([24]).

المنافقون بلغوا حدود الكفر :

( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ . فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) ([25]).

كان المنافقون يسخرون من فقراء الصحابة :

( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) ([26]).

بعض المنافقين كانوا يحرضون المسلمين على التخلف عن الجهاد :

( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ . فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )

ما هو الجزاء المناسب لهذا التحريض ؟!.

( فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ . وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) ([27]).

الآيات تواصل تعرية مواقفهم، وتنبه الى أن العقوبة من الله :

( وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ . وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ . رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ . لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِـدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَـوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّـوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْـعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُـونَ . إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَـاءُ رَضُـوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) ([28]).

ما هو جزاء المتخلفين عن الجهاد كأحد التكاليف الكبرى التي كانت ملقاة على عاتق المسلمين ؟!.

( يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُـوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) ([29]).

كان المنافقون يستخدمون حتى المساجد للإضـرار والكفر والتفريق بين المسلمين واستقطاب الأعـداء :

( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ([30]).

ألم تكن كل هذه الأفعال تبرر أي عقاب يقرره رسـول الله صلى الله عليه وسلم بحق أولئك المنافقين ؟.

فلننظر إلى الموقف الذي أمر الله رسوله باتخاذه :

( لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ . أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ([31]).

وهكذا ، فالمنافقون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي مجتمع المدينة المنورة كانوا يكذبون على الرسول . وبعض أقوالهم ومواقفهم كانت تحمل درجة من السخرية بالله وبرسوله والاستهزاء بالقرآن الكريم . كانت بعض جهودهم ومواقفهم تصب في مصلحة الأعداء . كانوا يتهددون فقراء المدينة ، ويتخلفون عن أداء الواجبات العامة ، ويصدون عن الرسول ويضيقون بالشريعة ، ورغم ذلك لم يطبق حد الردة عليهم ولم تتم مصادرة حقوقهم الدنيوية ، وعاش بعضهم بين كبار الصحابة في مرحلة الخلفاء الراشدين دون أن يعرفوا ودون أن تصادر حقوقهم !!.

ولقد وردت العديد من الايات التي تتناول موضوع الإستهزاء بالدين أو بالرسل أو بالمؤمنين، وهذا دليل على أن الله يطالبنا بالتأمل في هذه الايات وإتباع المنهج الذي جاءت به، فهو موضوع حساس وخطير ويحتاج الى كل هذا التنبيه والإرشاد.

فلقد وصفوا الدين بالخرافة وأساطير الأولين ومع ذلك أمر المسلمون بتدبرها والتعبد بها :

q ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) ([32])

q ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) ([33])

q ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِي رُالْأَوَّلِينَ ) ([34])

q ( بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ . قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ . لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) ([35])

q ( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) ([36])

q ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ . لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) ([37]).


ولننظر كيف سخروا بالرسل والمؤمنين، ولنتأمل الآيات التالية ثم لنتساءل عن سبب حفظ الله لها والأمر بتدبرها وفقهها والتعبد بتلاوتها ؟.


q ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) ([38])

q ( وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) ([39])

q ( وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) ([40])

q ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ . وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) ([41])

q ( وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ . وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) ([42])


q ( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) ([43])

q ( وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ) ([44])

q ( وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ ) ([45])

q ( وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا . إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) ([46]).


فالنظر الان الى الايات التي وجهت الرسول صلى الله عليه وسلم و أرشدته الى كيفية التعامل مع هذه الشريحه، وكان الخطاب له ب قل:

q ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) ([47])

q ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ) ([48])

q ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ - اليهود - إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) ([49])

q ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) ([50])

q ( فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) ([51])

q ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُـولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) ([52])

q ( وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) ([53])

q ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ) ([54])

q ( وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ . وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ) ([55])

q ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ) ([56])

q ( قُلْ آَمِنُوا بِهِ - القرآن - أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ) ([57])

q ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ) ([58])

q ( قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ) ([59])

q ( قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ ) ([60])

q ( لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُـوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ . وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ([61])

q ( إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِـرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَأَنْ أَتْلُـوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَـلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) ([62])

q ( قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ([63])


q ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا ) ([64])

q ( قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي . فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) ([65])

q ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ . مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ) ([66])


قُلْ.. قُلْ .. قُلْ ...


وهكذا تمضي الايات راسمة لمنهج الرسول -صلى الله عليه وسلم، ولأمته من بعده، حيث يعلو خطاب العقل والرحمة، والحجة والبرهان، مُذكِرةً أن هناك فارق جوهري عميق بين حديث الله عن المنافقين أو المتذبذبين والمتلونين والساخرين وبين القواعد التي شرعها للتعامل معهم والحديث عنهم، وكذلك الفارق الجوهري بين الوصف الديني للاراء والأفعال وحكم معتقديها ومرتكبيها.

فلا إستهزاء بهم، ولا قتالهم ولا قتلهم ما داموا في إطار الحوار والكلام، ولا إنشغال في معارك جانبيه، وإنما تركيز على أهداف الدعوة والصدع بها، والتركيز على الموضوع، من خلال النذارة والبشارة، والجهاد بالقران جهادا كبيرا، بالحجة والبرهان وخطاب العقل (مرارا و تكرارا)، وإستجاشة للمشاعر، ومن بعد ذلك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

q ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) ([67])

وهكذا وبعد أن عرضت المنهج الرباني في التعامل مع هذه الشريحة من الناس، هل نتفق على ما أوردته في هذا المحور الأول ؟حتى ننتقل الى المحور التالي؟


---------------------------------------------------------------
لقد تمت الإستفادة من عدة مصادر في إعداد هذه المشاركة
[1]- [البقرة:8]

[2]- [البقرة:9-10]

[3]- [البقرة:11-12]

[4]- [البقرة:13-15]

[5]- [البقرة:16]

[6]- [الحشر:11-14]

[7]- [المنافقون:1-2]

[8]- [المنافقون:3]

[9]- [المنافقون:4]

[10]- [المنافقون:5-6]

[11]- [المنافقون:7]

[12]- [المنافقون:8]

[13]- [الأحزاب:9-12]

[14]- [الأحزاب:13-20]

[15]- [النساء:60-62]

[16]- [النساء: 63]

[17]- [النساء:138-141]

[18]- [التوبة:42-43]

[19]- [التوبة:44-50]

[20]- [التوبة:51-55]

[21]- [التوبة:56-57]

[22]- [التوبة:58]

[23]- [التوبة:61-63]

[24]- [التوبة:64-67]

[25]- [التوبة:74-77]

[26]- [التوبة:79-80]

[27]- [التوبة:81-84]

[28]- [التوبة:85-93]

[29]- [التوبة:94-96]

[30]- [التوبة:107]

[31]- [التوبة:108-110]

[32]- [الأنعام:25]

[33]- [الأنفال:31]

[34]- [النحل:24]

[35]- [المؤمنون:81-83]

[36]- [الفرقان:5]

[37]- [النمل:67-68]

[38]- [المائدة:57-58]

[39]- [الأنعام:10]

[40]- [الرعد:32]

[41]- [الحجر:10-11]

[42]- [الزخرف:6-7]

[43]- [الجاثية:7-9]

[44]- [الكهف:56]

[45]- [الأنبياء:36]

[46]- [الفرقان:41-42]

[47]- [الأنعام:19]

[48]- [الأنعام:66]

[49]- [الأنعام:91]

[50]- [الأنعام:135]

[51]- [الأنعام:147]

[52]- [التوبة:128-129]

[53]- [يونس:41]

[54]- [يونس:108]

[55]- [هود:121-122]

[56]- [الإسراء:84]

[57]- [الإسراء:107]

[58]- [الكهف:29]

[59]- [طه:135]

[60]- [الأنبياء:108-109]

[61]- [الحج:67-68]

[62]- [النمل:91-92]

[63]- [سبأ:25]

[64]- [فاطر:39]

[65]- [الزمر:14-15]

[66]- [الزمر:39-40]

[67]- [الحجر:94-95]
 
بسم الله الرحمن الرحيم​
والصلاة والسلام على رسوله الكريم . .

بداية ، نحب أن نؤكد على أن النقاش الدائر الآن هو نقاش وحوار للرأي والحجة بالحجة ، وليس دخولاً في النوايا ، إنما هو نقاش لما هو موجود أمامنا على الشاشة . .

أما ما عرضه الأخ نضال في مشاركته الأخيرة ، ويصر على تسميته بـ " المنهج الرباني " ، - رغم ما بيّنه الأخوة في المشاركات السابقة - ففيه مغالطات منهجية وأصولية كبيرة تصل إلى درجة حرف كلام الله عن مواضعه ، وفيه اجتـزاء للآيات من سياقاتها اللفظية والحالية ، أي الأحوال التي نزلت فيها ، ولو أبقاه في إطار " اجتهاده الشخصي " كما قال لكان أولى ، دون أن يدّعي أنه " المنهج الرباني " ، هكذا بـ ( ال ) التعريف وكأنه المنهج ولا غير !! . . وإليكم التفصيل :

ما عرضتْه من آيات كَريمة أنت قمت بتنزيلها على واقع غير واقعها الذي نزلت لمعالجته ، وحسب علماء أصول الفقه : قمت ( بتنزيل الأحكام على غير مناطها ) ، وذلك :

1- جميع الآيات المكيّة التي استشهدت بها تنزّلت بحق أناس هم كفار أصالة ، وهم مشركي قريش – سواء كانوا من الملأ أم من الأتباع - وأنت الآن تريد تنزيلها على واقع ( مناط ) مختلف وهو : مسلم أصالة يستهزئ بآيات الله ( كما أكد الأخوة أبو معاذ ، ومحمد العبادي وغيرهم في مشاركاتهم السابقة ) وهذا بحثه في سياق موضوع " الردة عن الدين " ، وليس في سياق مجادلة المشركين أصالة .
وعليه ، فيبطل الإستشهاد في مثل الآيات الكريمة السابقة على المناط الحالي . فلا تنزّل الأحكام إلا على مناطها الخاص بها ، ولا يُقاس أي مناط على آخر إلا بعلة شرعية ، وبعد " تحقيق المناط " . . كما هو ثابت عند علماء أصول الفقه .

2- هذا ، ورغم الأمر بمجادلة الكافرين وإقامة الحجة الرسالية عليهم ، إلا أنه لم ينج أولئك الكفار والمستهزئين من عذاب الله في الدنيا قبل الآخرة ، فكانت البداية في إنزال الله العذاب بهم منه – سبحانه – مباشرة ، وبيّـنه في قوله تعالى في سورة الحجر { إنّا كفيناك المستهزئين } وكما بينته الروايات الصحيحة بالتفصيل ( يُرجى العودة إليها في مظانّها في كتب التفسير ) .
وكانت القاصمة ، أو كما أسماها الله جلّ وعلا " البطشة الكبرى " ، كما في سورة الدخان . . كانت بأيدي المؤمنين أنفسهم يوم بدر ، يوم الفرقان . . يوم أعزّ الله تعالى دينه وأولياءه ، وأذلّ الكفر والكافرين .

3- أما بالنسبة لحالة المنافقين ، وظاهرة النفاق زمن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فالمناط الذي نزلت الآيات المدنيّة جميعها تعالجه ، يختلف عن المناط الحالي في واقع المسلمين الآن ، وأبرز مظاهر الإختلاف نُجملها في النقاط التالية :

** المنافقون ، هم كفار أصالة ، وهذا واضح ، وإن أظهروا الإسلام ، وقد حكم الله تعالى عليهم بالكفر في أكثر من آية ، في سورة التوبة وغيرها . . والذين يستهزئون الآن بآيات الله هم مسلمون أصالة . . ومن ثم فحالتهم ( المناط ) تدخل في سياق " الردة عن الدين " وليس حالة النفاق المذكورة في القرآن . وعليه فيسقط الإستشهاد بمثل تلك الآيات الكريمة على مثل هذا المناط .

** أن الخطاب للرسول والمؤمنين في الآيات المدنية هي خطاب لهم ( تكليف ) بوصفهم أمة مسلمة لها سلطان على الأرض لها قيادتها ممثلة بالرسول الكريم ، صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أي بوصفهم دولة إسلامية وبيدها السلطان والقوة ، وما ظهر النفاق أصلاً إلا بسبب الهيبة والسلطان لدين الله جلّ وعزّ وأوليائه في الأرض ، لذلك كان حالهم الدائم الخوف والرعب من المؤمنين أن ينزل الله تعالى بحقهم الأخذ بالقوة أو القتل :
{ . . يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [المنافقون:4]
{ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ } [الحشر:13]

4- أما بالنسبة لموضوع :
وانتهاء بالعقاب الذي يراعى فيه الجمع بين تجنب مصادرة قيمة الحرية وحماية مقتضيات المصلحة العامة .

أولاً : المصلحة التي تُراعى هي مصلحة ، الأمة المسلمة والدولة المسلمة ، والأصل في معرفة هذه المصلحة وتعيينها هو الدليل الشرعي ، وليس العقل أو الظروف . . فدليلها الإتـباع وليس الإبـتداع ، وأشهر مثال على ذلك : موقف أبو بكر ومن ثم الصحابة رضي الله عنهم ، في مقاتلة المرتدين وإنفاذ بعثة أسامة ، فحفظ الله تعالى الأمة من هذه الفتنة العظيمة بتمسكهم بالدليل الشرعي ، أي بالوحيين ، القرآن والسنة ، بغض النظر عن الظروف والواقع آنذاك . .

وبشكل عام كان الأصل في معالجة حالة النفاق – وغيرها مما واجه الأمة و الدولة من عقبات في المدينة المنورة - هو التدرج على مدار الفترة المدنية ( 10 سنوات ) ، أو ما يمكن أن نطلق عليه :
" البيان عند وجوبه " ، وهو حصول حالة تحتاج إلى معالجة شرعية ، مع مراعاةٍ لاعتبارين أساسين :

الأول : الحفاظ على وحدة كيان الأمة واعتباره قضية مصيرية .
الثاني : قدرة الأمة على القيام بالتكاليف الشرعية ، أي على مبدأ : التكليف قدر الوسع .

وهذان الاعتباران كانا واضحين في تشريع أغلب الأحكام الشرعية ، مثل تشريع أحكام الجهاد ، والحدود حيث نزل أغلبها متأخراً ، كما في سورة المائدة . . ويدخل في هذا السياق معالجة حالة النفاق والمنافقين ، حيث :

1- كان المنافقون يشكلون جزءاً من النسيج الإجتماعي ، بأبعاده المختلفة ، في الأمة والدولة في المدينة المنورة ، ومن ثم فإن إيقاع أي عقوبة مادية ، وخاصة القتل ، ضدهم ليس من الحكمة في بداية الأمر ، فـقد يكون بعض من الأمة غير قادر على القيام بتلك الأحكام ، أو استيعاب الحكمة من تشريعها . . بسبب أنهم غير ناضجين إيمانياً ، وبسبب العلائق والوشائج الجاهلية القوية . . مما يؤدي إلى تصدع كيان الأمة . . وأشهر الأمثلة :

- ما حصل في غزوة يهود بني قينقاع عندما طلب رأس النفاق من الرسول العفو عنهم . .
- ما حصل في حادثة الإفك على الطاهرة أمّنا عائشة رضي الله عنها ، عندما خطب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم ، في الناس وطلب منهم أن يُعذروه في الذي يؤذيه في عرضه . . فحدث خلاف بين الأنصار ، رضي الله عنهم ، الأوس والخزرج . .

لذلك كان المنهج القرآني ، في بدايته ، يركّز على معالجة حالة النفاق من داخل نفوس المؤمنين ، وليس بالإجراءات الخارجية ، أي بقوة السلطان ، وذلك من خلال التركيز على المفاهيم والأعمال التي من شأنها أن تؤدي إلى فصل أولئك المنافقين عن جسد الأمة وكيانها ، فيكونوا فئة منبوذة داخل المجتمع المسلم ، ومن أهمها :

• مفاهيم الولاء والبراء ، أي موالاة المؤمنين وقيادتهم ، وإظهار محبتهم ، ونصرتهم على من عاداهم . . والبراءة من الكفر والنفاق وأهله وقطع الصلات معهم . . ونبذهم وإظهار العداوة لهم ، والنظر إليهم نظرة احتقار وازدراء . .

• جعلهم دائماً في حالة خوف وترقّب من أن يُؤخذوا بالقوة أو القتل :

{ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا } [الأحزاب:60]

{ . . يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [المنافقون:4]

ثانياً وأخيراً : بالنسبة ( لمصادرة قيمة الحرية ) وباختصار شديد :

الحريـة ، هذه الكلمة مصطلح من صناعة فكر وحضارة الغرب الكافر ، وهي غريبة عن ثقافتنا وفكرنا الذي منشأه الوحيد هو : الوحيـين ، القرآن والسنة .

الحرية هذه – بمفهومها الغربي - وهم تحوّل إلى كذبة كبيرة ، ليست موجودة في واقع الخلق ، وإنما الموجود حقيقة عند الإنسان هو " القدرة على الإختيار " وليس الحرية . ذلك أن الوجود كله مخلوق لله جلّ وعلا ، ومن ثم فكل مخلوق هو عبد ، لأنه محكوم لأمر الله تعالى القدري وسننه في الوجود ولا يستطيع الخروج عنها ، وهذا يشمل الإنسان وغيره من الخلق . .

إلا أن الله تعالى كرّم الإنسان فأعطاه بكرمه ورحمته ، القدرة على الإختيار بين البدائل في إشباع جوعاته الأساسية ، أو كما يسميها بعض العلماء : الغرائز والحاجات العضوية . . وهو – أي الإنسان - في هذه أيضاً عـبد ، إلا أنه مخيّر في اختيار ربّـه وسيده وإلهه الذي سيحدد له نظام الإشباع ، أو منهج العبودية . . وذلك ، أن الإنسان لابد له من إشباع حاجاته وغرائزه ، أي مجبر على إشباعها ، ليستطيع أن يستمر في حياته ووجوده سواء كان فرداً أو يعيش في أي تجمّع بشري ؛ قبيلة ، قرية ، مجتمعاً . .

إلا أنه بحاجة إلى نظام ( قانون أو منهج حياة ) لإشباعها على أساسه سواء في خاصة نفسه أو في علاقاته المتنوعة مع سائر أفراد المجتمع . . وهو في ذلك أيضاً عبد ، ولا بد له من تعيين الجهة التي سيتلقى منها القوانين والتشريعات المنظِّمة ، فإما أن يتلقاها من الله تعالى وحده فيكون عبداً لله . . أو يتلقاها من جهة أخرى فيكون عبداً لتلك الجهة التي أسماها الله تعالى الطاغوت ، بغض النظر عن شكلها ومظهرها ونوعها من صور الظلمات الكثيرة المتعددة المتلونة . . سواء الجن ، أو الجبت ، صنماً ، وطنناً ، هيئة ، أغلبية برلمانية ، أغلبية الشعب ، أقلية الشعب ، فرعون ، هامان ، أبو جهل فرعون هذه الأمة . . إلخ . . وأصل الفساد ، أن يتخذ الإنسان هـواه إلهـاً . .

فهما سبيلان لا ثالث لهما ، فإما أن يكون الإنسان – فرداً ومجتمعاً - عبداً لله وحده ، فيكونون في النور . . أو عبداً لغير الله ، جلّ وعزّ عن الشريك ، أي عبداً للطاغوت بأشكاله وهيئاته المختلفة ، فيكونون في الظلمات .. ويا حسرة على من هو في الظلمات . .

وأختم أخيراً بقوله تعالى في سورة النور :

{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } [الأحزاب:36]

هذا هو سمت عباد الرحمن تبارك وتعالى . . اللهم اجعلنا منهم

هذا ، والحمد لله الذي هدانا لهذا . .
 
" لقد أدرك اللغويون القدامى أن لغة التنزيل هي لغة الخالق الأعظم ، وأنها ليست كلغة العرب أهل اللسن والفصاحة ، وأن لها خصائص عالية اكتسبت بها ( الإعجاز ) .[... وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ{41} لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ{42}]فصلت"
فعوض الانكباب بالدرس والتفقه والتدبر في كتاب الله تعالى نجد بعضهم يعبث بالمفردات القرآنية ، دون طائل . ألا يعلم أن هذه المفردات لها أماكنها الثابتة والمقدسة في القرآن الكريم والتي تؤدي إلى دلالات لا نهائية ، وأن إخراجها من هذه البنية المتماسكة تصبح عادية ، فضلا عن كون الطريقة التي عاينا نموجا منها تومئ عن قلة أدب مع كتاب الله المعجز الذي وجد أصلا لغرض أسمى وأعز .
ألا فليتقوا الله في كتاب الله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون
 
شكراً لكل الفضلاء الذين أبدوا رأيهم العلمي الواضح في المسألة ، والدفاع عن القرآن يقتضي الوضوح ، لأن كثرة الجمجمة والغمغمة في الدفاع أفقدت الموضوع في كثير من الأحيان قيمته العلمية . هناك أمور ظاهرة البطلان - كهذا التصرف من الكاتب خالد السيف - لا تحتاج إلى التماس الأعذار ، وتلفيق المخارج لكاتب يحرر مقالة بصفة مستمرة يستخدم فيها أسلوب ساخر مادته آيات القرآن الكريم ، ويصدق عليه أنه ممن يتخذ آيات الله هزوا .
ويبدو لي أن كثرة ترداد عبارة قبول الرأي والرأي الآخر ، وحرية الرأي ، وحرية التعبير ونحو هذه العبارات قد أدت إلى تمييع الموقف من المستهزئين والساخرين بالقرآن والسنة والإسلام ، فأصبح يجد أحدنا مشقة شديدة في وصف الكفر والفسوق بأوصافاها الحقيقية ، والبحث عن عبارات فضفاضة لا تدل على شيء محدد .
 
عودة
أعلى