ما حكم استخدام الإسرائيليات في اتجاه ( التفسير العلمي ) للقرآن الكريم

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع مرهف
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

ما حكم استخدام الإسرائيليات في اتجاه ( التفسير العلمي ) للقرآن الكريم

  • الرأي الذي فيه خطأ

    الأصوات: 0 0.0%
  • لا بأس لكنه بحاجة لدقة أكثر

    الأصوات: 0 0.0%
  • مفيد جداً

    الأصوات: 0 0.0%
  • ممتاز

    الأصوات: 0 0.0%

  • مجموع المصوتين
    0

مرهف

New member
إنضم
27/04/2003
المشاركات
511
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
ـ سوريا
الموقع الالكتروني
www.kantakji.org
بسم الله الرحمن الرحيم
[align=justify]دار بيني وبين أحد المتخصصين حوار حول الإسرائيليات وأثرها في التفسير حتى وصلنا إلى دخول الإسرائيليات في التفسير العلمي وحكم استخدامها فيه ، وكان رأيي الآتي :
كان العرب أمة أمية وليست من أهل الكتاب ،فلما نزل القرآن الكريم وفيه من الآيات التي تتحدث عن مظاهر الكون وأسراره بإشارات بلاغية تتضمن دلالات عميقة تصحح تصور الإنسان عن الكون والحياة والإنسان، وكانت النفوس بطبعها البشري تتشوف إلى معرفة الأسرار ،فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبين بعضها ويترك بعضها ليكون للعقل والبحث مكان في الاجتهاد إلى معرفتها ، وكل أهل زمان يفسرون من القرآن بقدر ما أوتوا من العلم ،فكانوا يسألون اليهود لأنهم أهل كتاب لظنهم أن عندهم ما يبحثون عنه، والذي سمح لهم بهذا السؤال هو الدليل الشرعي ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) أخرجه البخاري ، و حديث ( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ) أخرجه البخاري ، فكانوا يسألونهم ولكن لا يصدقوهم ولا يكذبوهم ،وكان من ذلك سؤالهم عن بدء الخليقة وبعض غيبيات هذا الكون مما له رواية عند اليهود خاصة بحكم مجاورتهم للمسلمين في الجزيرة العربية ،ومما ليس له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واستمر الأمر هكذا إلى أن ظهر المسلمون على البلاد وفتحوها وانفتحوا على ثقافتهم ترجمة وقراءة وتقويما وكان من ذلك الفلسفات وما يسمى بعلم الهيئة التي قومها المسلمون وأبدعوا فيها ، فخف استخدام الإسرائيليات في تفسير الآيات التي تتحدث عن المظاهر الكونية بالإسرائليات بل استخدم المفسرون العلوم في عصرهم ووظفوها في تفسير القرآن وصرنا نلحظ هذا في تفسير الرازي مثلآ ،ونحن اليوم في عالم يعتمد على التقنيات التي تكشف بعضاً من أسرار الكون والإنسان وما شابه ذلك ، ويمكننا أن نوظف ما اعتمده العلماء المتخصصون في تفسير القرآن بضوابط وأصول التفسير ودون تكلف ، فلسنا بحاجة إلى هذه الروايات ، خاصة وأن أمامنا تجربة عملية تثبت ما في التوراة والإنجيل ـ وهما الكتاب المقدس والمعتمد عند أصحابهما ـ من الخرافات والمخالفات لما وقع فيهما من التبديل والتحريف ، فكيف بالتفسيرات الشفهية والمكتوبة عليهما ؟!، وهذه التجربة هي ما كتبه الطبيب الفرنسي موريس بوكاي في مقارنته بين التوراة والإنجيل والعلم ، هذا مع تحفظنا نحن المسلمين من هذه المقارنة إذا قام بها مسلم بين العلم والقرآن لأنها تجعل القرآن وهو كلام الله محكوماً عليه باسم العلم والتجارب البشرية أما إن قام بذلك غير المسلم ليتوصل للحق فهذا شأنه وحبذا كل العقلاء في الغرب يتبعون الحق الذي يدعون الموضوعية في البحث عنه!! .
فقد ثبت في هذا الكتاب لموريس بوكاي بطلان ما في هذه الكتب ـ وهي المعتمدة عندهم ـ بالمطابقة على العلوم الثابتة لديهم ،فالأولى بنا أن نكون أبعد عنها وعن تناقلها،فلذلك لا يجوز استخدام الإسرائيليات في ما يسمى التفسير العلمي إذا ـ أي التفسير العلمي ـ كان سليماً .
أما ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث التي تتحدث عن بني إسرائيل فإن أكثرها في قصصهم وتاريخهم والمواعظ والعبر المستفادة منها وليست في خصوص الحديث عن غيبيات هذا الكون والإنسان[ وينبغي التنبه هنا إلى أن الكلام عن الإسرائيليات فقط ].
فما رأي السادة المختصين في هذا الرأي ، والحقيقة إنما طرحته للمدارسة والوصول إلى الصواب ما أمكن والله الموفق [/align].
 
لا شك أنه لايجوز لاحتمال أن تكون كاذبة ، وهي ليست من مصادر التفسير ، وإنما تجوز روايتها للخبر الثابت في ذلك ،للاستشهاد لا للاعتقاد ، ولا سيما في أخبار الأمم السابقة .
 
حياك الله أخي مرهف ، وأشكرك على هذا التواصل ، لي مداخلة سريعة حول موضوعك ، فأقول :
1 ـ إن من يقرأ في أسفار بني إسرائيل ( العهد القديم والعهد الجديد ) يقطع يقينًا بأنهما ليسا الذي أنزل الله ، وإن اشتملا على عبارات قد تكون مما نزل ، كما أنهما اشتملا على أحكام وأخبار نزلت من عند الله .
2 ـ إن الشكَّ في كتبهم بدأ من عندهم ، وباحثوهم المشككون في أخبار أسفارهم لا زالوا في تزايد وتنامي .
3 ـ إن عندنا نحن المسلمين أصلاً نقيس عليه ، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك مما لم أجد من اعتمد عليهما في النقل والتقويم من كثير من الباحثين الغربيين وغيرهم ممن سار على خطاهم ، فضلاً عن أن يجعلهما حجة يحتكم إليهما .
4 ـ إنَّ قضايا الكون في كتب الله لا يمكن أن تتغير ، فلا يمكن أن تكون السموات في التوراة ـ مثلا ـ ستًّا ، فلو كانت كذلك لعلمنا بما صح عندنا من النقل خطأ ذلك ، ووقوع التحريف فيه .
وأقول : إن ورود بعض قضايا العلوم الكونية والعلوم التجريبية في كتبهم ـ إذا صحت هذه القضايا ـ فهي من بقايا الحق الذي عندهم فحسب ، وإلا فأنت تعلم ما قامت به الكنيسة من محاربة علماء الطبيعة وقتلهم بزعم أنهم كفرة مهرطقون ، ولا زالت تلك السبة عارًا على الكنيسة بعد أن تخلى عنها أهلها ، واتجهوا إلى هذه العلوم ، ففقدتهم بسبب جهل أربابهم ورهبانهم وقساوستهم .
5 ـ إن قضايا العلم التجريبي والكوني ـ مهما ادعى أصحابها بكونا حقيقة ـ لا يمكن الوثوق بها ؛ لأن الناس يرون ما في العلم من تطور متسارع ينقض آخرُه أولَه ، وكان ذلك الأول ـ فيما يزعمون ـ حقيقة علمية لا رجعة فيها . فإذا كان الأمر كذلك ، فإن الحكم بصحة ما جاء في كتب بني إسرائيل لا يكفي فيه مطابقته للعلوم المعاصرة ، وأقصد من ذلك أن العلوم المعاصرة ليست ميزانًا نزن به صحة الأقوال من عدمها ؛ لأن أصحابها يختلفون فيها ، ويأتي الواحد منا فيختار الذي يتناسب مع الوحي الذي عنده على أنه هو الحق الذي لا مرية فيه ، وقد يكون الحق خلافه ، والوحي الذي يُستدل به لا يدل على هذه القضية ، بل هو بمعزل عنها .
ولا أريد أن يُفهم عني أنه لم يقع مطابقة بين العلوم المعاصرة وما في كتابنا ، بل لقد وقع ذلك ، وذلك مما يدل على صدق كتابنا ، لكن الملاحظ أن بعض الناس يزعم أن تلك القضية من قضايا العلم المعاصر حقيقة علمية لا رجعة فيها ، وهو لا يستطيع أن يثبت أنه لا رجعة فيها حتى نثق بذلك ، فأقول : إن الأَولى بمثل من يتكلم في ذلك أن يبين ثبوت هذه القضية ، ولا يكفي في ثبوتها نقل واحد يحتمل قوله الخطأ والصواب ، وقد يكون فهمه قاصرًا عن إدراك الحقيقة العلمية أو الحقيقة القرآنية ، ثم بعد ذلك يُنظر في صحة احتمال القرآن لتلك القضية المعاصرة .
6 ـ إن مما يخفى على بعض من أعتنوا بالتفسير العلمي أن الصحابة كانوا يعلمون من دقائق هذا الكون ما لايعلمونه هم اليوم ، ولقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كثيرة ، ومما سألوا عنه أول الخلق كيف كان ، فقد روى البخاري بسنده ، قال :حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال : (( إني عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال ( اقبلوا البشرى يا بني تميم ) . قالوا بشرتنا فأعطنا فدخل ناس من أهل اليمن فقال ( اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم ) . قالوا قبلنا جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان قال ( كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء ) . ثم أتاني رجل فقال يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها فإذا السراب ينقطع دونها وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم )) .
فانظر في هذا الحديث ، لقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بدأ الخلق ، فأجابهم ولم يردهم لضعف عقولهم أو علومهم ، كما يزعم بعض من ضعفت معرفته بعلم الصحابة ، فيظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر الصحابة عن قضايا الكون لأن عقولهم قد لا تحتمل ذلك .
فانظر في العلوم الكونية اليوم ، هل تجد مثل هذا العلم النبوي عن الكون ؟!
وتأمل سؤال هؤلاء الصحابة الكرام عن هذا الكون ، وكيف أخذوا من المصدر الموثوق وتلقوا ذلك بالقبول ، ولم يكذبوا به ، وأنَّى لهم ذلك ، وقد آمنوا بما هو اعظم من ذلك ، وهو الوحي الذي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم .
7 ـ ليتك ذكرت مثالاً على قضيتك التي طرحتها ، فهل يوجد من اعتمد على الإسرائيليات في التفسير العلمي ؟ وما أمثلة ذلك ؟
8 ـ إن استخدام العلوم الكونية في التفسير لم يظهر ظهورًا بارزًا عند المتقدمين إلا عند الرازي ، ولا أظن أن ظهوره عند مفسر يجعله ظاهرة في التفسير ، بل هو مما يُحكى كميزة من مميزات ذلك المفسِّر ، سواءً أعددناها سلبية أم إيجابية .
وأما عند غير الرازي ، فتجد أن بعض الفلاسفة الذين عشوا في ظل الإسلام يستخدمون بعض الآيات في كتبهم الفلسفية ـ وليست كتب تفسير ـ فيجتهدون في الموافقة بين ما في علومهم وما في القرآن .
 
شكر الله لكم فضيلة د. مساعد ونفع بكم بالنسبة لما قدمتموه من ملاحظات حول العلم ومدلوله ومصداقيته فإني أوافقكم في ذلك تماماً مع بعض التوضيحات، ولعل صدرك يسعني وتقرؤون ما كتبته بصبر.
كما تعلمون أن مفهوم العلم عند الغرب نشأ مضطرباً وفي حالة نزع وولادة،في حالة نزع للإرهاب الذي مارسته الكنيسة على العلماء وما كانت تفرضه من تصورات يغلب عليها المصالح الشخصية باسم الدين ، وفي حالة ولادة لمادية مفرطة جاءت ردة فعل على التاريخ السابق فكان المولود قزما، وكان الجو العام في أوربا هو الهزيمة النفسية والعلمية أمام العالم الإسلامي امتدت هذه الهزيمة قروناً ،وكان أثر هذه الهزيمة يؤثر حتى على أدبهم وشعرهم ،وبما أن ولادة العلم عندهم كانت قيصرية وغير ناجحة فقد رافق المولود الجديد ـ وهو العلم ـ تشوهات ولادية ما زلنا نعاني من خلفياتها الوراثية المعدية من جيل إلى جيل إلى وقتنا الحاضر وصار تعريف اسم المولود ـ العلم ـ هو التجربة المشاهدة المحسوسة وكل شيء لا يخضع للحس والمشاهدة والتجربة لا يعد علمياً، ثم انقسم العلم عندهم إلى الأدبيات والعلميات ، وجعلوا الدين في الأدبيات ثم حرصت المدارس الاستشراقية على تعزيز هذا المعنى من خلال التركيز على بشرية القرآن وإخضاعه لدراسة الأدبية وإسقاط النظريات الأدبية الناشئة على القرآن ، وأما مفهوم العلم في الإسلام فكان واضحاً واسعاً مقسماً ،ولئن اختلف العلماء في كون العلم هل يحد أم لا يحد إلا أنهم اتفقوا على تقسيمات العلم الأساسية وهي العلوم اليقينية والعلوم الظنية والعلوم الاستقرائية ... وغيرذلك مما جعل مسيرة العلم في الخط العريض لها غير متعثرة مع وجود الأخذ والرد في جوانب منها .
وأني أوافقكم أيضاً في لزوم الحذر من الانخداع بكل ما يقال عنه ثوابت علمية أو حقائق علمية كما حصل في نظرية نشأة الكون التي حاول كثير من المتخصصين عرضها على أساس أنها حقيقة علمية وأراد أن يبين إعجاز القرآن في هذه الحقيقة المزعومة ـ وهي ما زالت تبحث إلى الآن ـ فأسقط المصطلحات البشرية على النصوص القرآنية في أحد المؤتمرات
وأما عن استخدام العلوم عند المتقدمين في تفسير القرآن لم يظهر بارزاً إلا عند الرازي يمكنني القول أن الغزالي سبقه نظرياً في ذلك وطبقه الرازي عملياً ،ولكن لم يأخذ التفسير بالعلوم الكونية دوراً كبيراً في التفسير في بدايات الأمر لعدم ضلوع المسلمين بعد فيها ولكن كان له منحى آخر ذكرتم منه وهو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير القرآن وذكر أسرار الخليقة مع أننا نتفق أنه ليس من العلوم التجريبية وإنما هو وحي من عند الله، ولكن المطلع في تفسير الصحابة والتابعين يجد أنهم كانوا يستنبطون من القرآن علوماً نقرؤها نحن الآن تفصيلاً
وبالطريقة التي ذكرتم مثالاً لها في خلق الكون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ألف الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله ـ وهو محدث مفسر فقيه من حلب ـ ألف كتاب هدي القرآن إلى العوالم ، وذكر العوالم التي وردت في القرآن الكريم وتفسيرها من أحاديث البشير صلى الله عليه وسلم
وأما عن نماذج من الإسرائيليات في التفسير العلمي فسوف أوافيك ببعض منها إن شاء الله
 
من سورة طه الآيات 6 ، من تفسير القرطبي :
قوله تعالى: "له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى" يريد ما تحت الصخرة التي لا يعلم ما تحتها إلا الله تعالى وقال محمد بن كعب يعني الأرض السابعة .
ابن عباس : الأرض على نون والنون على البحر وأن طرفي النون رأسه وذنبه يلتقيان تحت العرش والبحر على صخرة خضراء خضرة السماء منها وهي التي قال الله تعالى فيها "فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض" [لقمان: 16]؛ والصخرة على قرن ثور والثور على الثرى وما تحت الثرى إلا الله تعالى.
وقال وهب بن منبه: على وجه الأرض سبعة أبحر و الأرضون سبع بين كل أرضين بحر فالبحر الأسفل مطبق على شفير جهنم ولولا عظمه وكثرة مائه وبرد لأحرقت جهنم كل من عليها .
قال وجهنم على متن الريح ومتن الريح على حجاب من الظلمة لا يعلم عظمته إلا الله تعالى وذلك الحجاب على الثرى وإلى الثرى انتهى علم الخلائق.
وقال السيوطي في الدر المنثور في تفسير سورة لقمان [لقمان: 16]: (أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأرض على نون، والنون على بحر، والبحر على صخرة خضراء، فخضرة الماء من تلك الصخرة قال: والصخرة على قرن ثور، وذلك الثور على الثرى، ولا يعلم ما تحت الثرى إلا الله. فذلك قوله: {الله له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى} (طه، الآية 6) فجميع ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى في حرم الرحمن، فإذا كان يوم القيامة لم يبق شيء من خلقه، قال: {لمن الملك اليوم} فيهتز ما في السموات والأرض فيجيب هو نفسه فيقول: {لله الواحد القهار} .)
وفي تفسير ابن كثير صـ 841 طبعة مؤسسة الرسالة تحقيق الشيخ أنس مصطفى الخن :عند تفسير هذه الآيات : (قال محمد بن كعب : أي ما تحت السماء السابعة ، وقال الأوزاعي : إن يحيى بن أبي كثير حدثه أن كعباً سئل فقيل له :ما تحت هذه الأرض ؟ فقال الماء،
قيل وما تحت الماء؟ قال : الأرض،
قيل وما تحت الأرض؟ قال الماء،
قيل وما تحت الماء؟قال : الأرض،
قيل وما تحت الأرض؟ قال الماء،
قيل:وما تحت الماء؟قال : الأرض،
قيل وما تحت الأرض؟ قال الماء
قيل:وما تحت الماء؟قال : الأرض
قيل وما تحت الأرض ؟ قال الصخرة ،
قيل وما تحت الصخرة؟ قال ملك ،
قيل وما تحت الملك ؟ قال : حوت معلق طرفاه بالعرش ،
قيل : وما تحت الحوت ، قال الهواء والظلمة وانقطع العلم . )
في هذه الروايات المذكورة نجد الآتي :
أن السؤال حاصل من بعض السلف الصالح لمن عنده علم من الكتاب عن الأمور المغيبة عنهم من الكونيات وكانوا يتلمسون معرفتها منهم، وكانوا يروونها لأنها لا تؤثر على العقيدة ولا على الشريعة ولا يصدقونها ولا يكذبونها، ثم من النصين المنقولين من القرطبي وابن كثير نجد اختلاف الروايات الإسرائيلية في بيان الثرى وما تحته ، وهذا يبين مدى التناقض الذي انطوت عليه الروايات الإسرائيلية،سواء قلنا أنها المروية شفاهاً أو هي المنقولة من كتبهم .
وهناك نماذج أخرى سأعرض بعضها إن شاء الله
 
أما بالنسبة لنماذج الإسرائيليات في التفسير العلمي فلعل أوضح نموذج وأقربه في كتاب البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله وقبل أن أذكر أمثلة منه أود أن أنقل جزء من مقدمته التي تتعلق بمنهجه في الإسرائيليات التي يوردها ومحل إيراده لها ، يقول رحمه الله:
(ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب مما فيه بسط لمختصر عندنا أو تسمية لمبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والإعتماد عليه وإنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صح نقله أو حسن وما كان فيه ضعف نبينه وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم العلي العظيم
فقد قال الله تعالى في كتابه((كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا)) [طـه: 99]، وقد قص الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خبر ما مضى من خلق المخلوقات وذكر الأمم الماضين وكيف فعل بأوليائه وماذا أحل بأعدائه وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته بيانا شافيا سنورد عند كل فصل ما وصل إلينا عنه صلوات الله وسلامه عليه من ذلك تلو الآيات الواردات في ذلك فأخبرنا بما نحتاج إليه من ذلك وترك ما لا فائدة فيه مما قد يتزاحم على علمه ويتزاحم في فهمه طوائف من علماء أهل الكتاب مما لا فائدة فيه لكثير من الناس إليه وقد يستوعب نقله طائفة من علمائنا ولسنا نحذو حذوهم ولا ننحو نحوهم ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الإختصار ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا وما خالفه فوقع فيه الإنكار
فأما الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله في صحيحه عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحدثوا عني ولا تكذبوا علي ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )فهو محمول على الإسرائيليات المسكوت عنها عندنا فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للإعتبار وهذا هو الذي نستعمل في كتابنا هذا فأما ما شهد له شرعنا بالصدق فلا حاجة بنا إليه استغناء بما عندنا وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته إلا على سبيل الإنكار والإبطال
فإذا كان الله سبحانه وله الحمد قد أغنانا برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عن سائر الشرائع وبكتابه عن سائر الكتب فلسنا نترامى على ما بأيديهم مما وقع فيه خبط وخلط وكذب ووضع وتحريف وتبديل وبعد ذلك كله نسخ وتغيير
فالمحتاج إليه قد بينه لنا رسولنا وشرحه وأوضحه عرفه من عرفه وجهله من جهله كما قال علي بن أبي طالب (كتاب الله فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله)، وقال أبو ذر رضي الله عنه( لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا أذكرنا منه علما)، وقال البخاري في كتاب بدء الخلق : (وروي عن عيسى بن موسى غنجار عن رقية عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال سمعت عمر بن الخطاب يقول قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه )، قال أبو مسعود الدمشقي في أطرافه (هكذا قال البخاري وإنما روه عيسى غنجار عن أبي حمزة عن رقية، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في مسنده حدثنا أبو عاصم حدثنا عزرة بن ثابت حدثنا علباء بن أحمر اليشكري حدثنا أبو زيد الأنصاري قال قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ثم نزل فصلى الظهر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى العصر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا). انفرد بإخراجه مسلم فرواه في كتاب الفتن من صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر جميعا عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن عزرة عن علباء عن أبي زيد عمرو بن أخطب بن رفاعة الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه).
ومن أمثلة منهج ابن كثير بالإسرائيليات في البداية والنهاية فيما يتعلق بموضوعنا :
وفي الجزء الأول من البداية والنهاية لابن كثير عند ذكر خلق السموات والأرض قال رحمه الله : (وقال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا حجاج حدثني ابن جريج أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال خلق الله التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الإثنين وخلق المكروه يوم الثلاث وخلق النور يوم الأربعاء وبث الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر خلق خلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل. وهكذا رواه مسلم عن سريج بن يونس وهرون بن عبدالله والنسائي عن هرون ويوسف بن سعيد ثلاثتهم عن حجاج بن محمد المصيصي الأعور عن ابن جريج به مثله سواء .
وقد رواه النسائي في التفسير عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن محمد بن الصباح عن أبي عبيدة الحداد عن الأخضر بن عجلان عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فقال يا أبا هريرة إن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش يوم السابع وخلق التربة يوم السبت وذكر تمامه بنحوه فقد اختلف فيه على ابن جريج وقد تكلم في هذا الحديث على ابن المديني والبخاري والبيهقي وغيرهم من الحفاظ قال البخاري في التأريخ وقال بعضهم عن كعب وهو أصح، يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه من كعب الأحبار فإنهما كان يصطحبان ويتجالسان للحديث فهذا يحدثه عن صحفه وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان هذا الحديث مما تلقاه أبو هريرة عن كعب عن صحفه فوهم بعض الرواة
فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأكد رفعه بقوله أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم في متنه غرابة شديدة فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السموات وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام وهذا خلاف القرآن لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السموات في يومين من دخان وهو بخار الماء الذي ارتفع حين اضطرب الماء العظيم الذي خلق من ربذة الأرض بالقدرة العظيمة البالغة كما قال إسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات قال إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعل سبع أرضين في يومين الأحد والإثنين وخلق الأرض على حوت وهو النون الذي قال الله تعالى ( نون والقلم وما يسطرون ) والحوت في الماء والماء على صفات والصفات على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة في الريح وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء ولا في الأرض فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزت الأرض فأرسى عليها الجبال فقرت وخلق الله يوم الثلاثاء الجبال وما فيهن من المنافع وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب وفتق السماء وكانت رتقا فجعلها سبع سموات في يومين الخميس والجمعة وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض وأوحى في كل سماء أمرها ثم قال خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والبحار وجبال البرد وما لا يعلمه غيره ثم زين السماء بالكواكب فجعلها زينة وحفظا يحفظ من الشياطين فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش هذا الإسناد يذكر به السدي أشياء كثيرة فيها غرابة وكان كثير منها متلقي من الإسرائيليات فإن كعب الأحبار لما أسلم في زمن عمر كان يتحدث بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأشياء من علوم أهل الكتاب فيستمع له عمر تأليفا له وتعجبا مما عنده مما يوافق كثير منه الحق الذي ورد به الشرع المطهر فاستجاز كثير من الناس نقل ما يورده كعب الأحبار لهذا ولما جاء من الأذن في التحديث عن بني إسرائيل لكن كثيرا ما يقع مما يرويه غلط كبير وخطأ كثير
وقد روى البخاري في صحيحه عن معاوية أنه كان يقول في كعب الأحبار وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب أي فيما ينقله لا أنه يتعمد ذلك والله أعلم
ونحن نورد ما نورده من الذي يسوقه كثير من كبار الأئمة المتقدمين عنهم ثم نتبع ذلك من الأحاديث بما يشهد له بالصحة أو يكذبه ويبقى الباقي مما لا يصدق ولا يكذب وبه المستعان وعليه التكلان ).

وفي البداية والنهاية أيضاً في ذكر الأرضين السبع يقول ابن كثير رحمه الله :
(وأما ما ذهب إليه بعض المتكلمين على حديث طوقه من سبع أرضين أنها سبعة أقاليم فهو قول يخالف ظاهر الآية والحديث الصحيح وصريح كثير من ألفاظه مما يعتمد من الحديث الذي أوردناه من طريق الحسن عن أبي هريرة ثم إنه حمل الحديث والآية على خلاف ظاهرهما بلا مستند ولا دليل والله أعلم وهكذا ما يذكره كثير من أهل الكتاب وتلقاه عنهم طائفة من علمائنا من أن هذه الأرض من تراب والتي تحتها من حديد والأخرى من حجارة من كبريت والأخرى من كذا فكل هذا إذا لم يخبر به ويصح سنده إلى معصوم فهو مردود على قائله وهكذا الأثر المروي عن ابن عباس أنه قال في كل أرض من الخلق مثل ما في هذه حتى آدم كآدمكم وإبراهيم كإبراهيمكم فهذا ذكره ابن جرير مختصرا واستقصاه البيهقي في الأسماء والصفات وهو محمول إن صح نقله عنه على أنه أخذه ابن عباس رضي الله عنه عن الإسرائيليات والله أعلم
وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الريح قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها من شماله تفرد به أحمد
وقد ذكر أصحاب الهيئة أعداد جبال الأرض في سائر بقاعها شرقا وغربا وذكروا طولها وبعد امتدادها وارتفاعها وأوسعوا القول في ذلك بما يطول شرحه هنا ..)
وللاستزادة ينظر ما في البداية والنهاية في فصل البحار والأنهار
 
عودة
أعلى