ما توجيه " الصابئين" و"الصابئون"؟

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع ياسر30
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

ياسر30

New member
إنضم
28/11/2005
المشاركات
3
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
62
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله
أسأل عن توجيه قوله تعالى "الصابئين" و"الصابئون" فى كل من البقرة والمائدة والحج وذلك من حيث الإعراب والتقديم والتأخير
 
الأخ / عبد الرحيم حفظه الله
جزاك الله خيرا على الرد ونفع الله بك
وقد اطلعت على ما أشرت إليه واستفدت منه
ويبقى سؤال:
لماذا قدم (الصابئين) فى الحج حيث مقام القضاء المقتضى للتسوية لذلك أكدها بإن، فكان يكفى هذا التأكيد فى حصول التسوية ،فإن حقها التأخير كما فى البقرة؟
 
أضع بين يديك أخي العزيز هذه الدوحة من كلام السادة المفسرين ـ رحمهم الله تعالى جميعاً ـ فتجوَّل فيها ... واجتهد وأرجو ألا تبخل علينا بما توصلت إليه...


ذكر الطاهر بن عاشور في توجيه موضع البقرة:
ووجه الاقتصار في الآية، على ذكر هذه الأديان الثلاثة مع الإسلام دون غيرها من نحو المجوسية والدهريين والزنادقة أن هذا مقام دعوتهم للدخول في الإسلام والمتاب عن أديانهم التي أبطلت لأنهم أرجي لقبول الإسلام من المجوس والدهريين لأنهم يثبتون الإله المتفرد بخلق العالم ويتبعون الفضائل على تفاوت بينهم في ذلك، فلذلك اقتصر عليهم تقريبا لهم من الدخول في الإسلام. ألا ترى أنه ذكر المجوس معهم في قوله تعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة " لأن ذلك مقام تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين.

--------------------

وعند تفسير قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً " قال:
جملة مستأنفة استئنافا بيانيا مراعي فيه حال السامعين من المؤمنين، فإنهم حين يسمعون ما أعد للمشركين تتشوف نفوسهم إلى معرفة ما أعد للذين آمنوا ونبذوا الشرك فأعلموا أن عملهم مرعي عند ربهم. وجريا على عادة القرآن في تعقيب الوعيد بالوعد والترهيب بالترغيب.
وافتتاح الجملة بحرف التوكيد (إن) لتحقيق مضمونها. وإعادة حرف إن في الجملة المخبر بها عن المبتدأ الواقع في الجملة الأولى لمزيد العناية والتحقيق كقوله تعالى في سورة الحج إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ....
آية سورة الحج فقد اقتضى طول الفصل حرف التأكيد حرصا على إفادة التأكيد.

-------------------------

وموضع الحج:
" وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد "

لما تضمنت هذه الآيات تبيين أحوال الناس تجاه دعوة الإسلام بما لا يبقى بعده التباس عقبت بالتنويه بتبيينها؛ بأن شبه ذلك التبيين بنفسه كناية عن بلوغه الغاية في جنسه بحيث لا يلحق بأوضح منه، أي مثل هذا الإنزال أنزلنا القرآن آيات بينات.
فالجملة معطوفة على الجمل التي قبلها عطف غرض على غرض والمناسبة ظاهرة، فهي استئناف ابتدائي. وعطف على التنويه تعليل إنزاله كذلك بان الله يهدي من يريد هديه أي بالقرآن. فلام التعليل محذوفة. وحذف حرف الجر مع (أن) مطرد.

" إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد "

فذلك لما تقدم. لأنه لما اشتملت الآيات السابقة على بيان أحوال المترددين في قبول الإسلام كان ذلك مشار لأن يتساءل عن أحوال الفرق بعضهم مع بعض في مختلف الأديان. وأن يسأل عن الدين الحق لأن كل أمة تدعى أنها على الحق وغيرها على الباطل وتجادل في ذلك .
فبينت هذه الآية أن الفصل بين أهل الأديان فيما اختصموا فيه يكون يوم القيامة. إذ لم تقدهم الحجج في الدنيا.
وهذا الكلام بما فيه من إجمال هو جار مجرى التفويض. ومثله يكون كناية عن تصويب المتكلم طريقته وتخطئته طريقة خصمه. لأن مثل ذلك التفويض لله لا يكون إلا من الواثق بأنه على الحق وهو كقوله تعالى " لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير ". وذلك من قبيل الكناية التعريضية.
وذكر المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين تقدم في آية البقرة وآية العقود.
وزاد في هذه الآية ذكر المجوس والمشركين، لأن الآيتين المتقدمتين كانتا في مساق بيان فضل التوحيد والإيمان بالله واليوم الآخر في كل زمان وفي كل أمة. وزيد في هذه السورة ذكر المجوس والمشركين لأن هذه الآية مسوقة لبيان التفويض إلى الله في الحكم بين أهل الملل، فالمجوس والمشركون ليسوا من أهل الإيمان بالله واليوم الآخر. .....
وللمجوسية شبه في الأصل بالإشراك إلا أنها تخالفه بمنع عبادة الأحجار، وبأن لها كتابا، فأشبهوا بذلك أهل الكتاب. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب ". أي في الاكتفاء بأخذ الجزية منهم دون الإكراه على الإسلام كما يكره المشركون على الدخول في الإسلام.
وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى " وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين " في سورة النحل.
وأعيدت (إن) في صدر الجملة الواقعة خبرا عن اسم (إن) الأولى توكيدا لفظيا للخبر لطول الفصل بين اسم (إن) وخبرها. وكون خبرها جملة وهو توكيد حسن بسبب طول الفصل. وتقدم منه قوله تعالى : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " في سورة الكهف. وإذا لم يطل الفصل فالتوكيد بإعادة (إن) أقل حسنا كقول جرير:
إن الخليفة أن الله سـربـلـه ### سربال ملك به تزجى الخواتيم
ولا يحسن إذا كان مبتدأ الجملة الواقعة خبرا ضمير اسم (إن) الأولى كما تقول إن زيدا إنه قائم. بل لا بد من الاختلاف ليكون المؤكد الثاني غير الأول فتقبل إعادة المؤكد وإن كان المؤكد الأول كافيا.

------------------

وفي سورة النبأ
" إن جهنم كانت مرصادا ... ".
يجوز أن تكون جملة (إن جهنم كانت مرصادا) في موضع خبر ثان لـ(إن) من قوله ( إن يوم الفصل كان ميقاتا ) والتقدير: إن يوم الفصل إن جهنم كانت مرصادا فيه للطاغين، والعائد محذوف دل عليه قوله (مرصادا) أي مرصادا فيه، أي في ذلك اليوم لأن معنى المرصاد مقترب من معنى الميقات إذ كلاهما محدد لجزاء الطاغين.
ودخول حرف (إن) في خبر (إن) يفيد تأكيدا على التأكيد الذي أفاده حرف التأكيد الداخل على قوله ( يوم الفصل... )
ومنه قوله تعالى: " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ". كما تقدم في سورة الحج. وتكون الجملة من تمام ما خوطبوا به بقوله " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ".

=======================

وفي نظم الدرر
ولما كان اليهود عبدوا الأصنام متقربين بها إلى النجوم كما مضى في المائدة، أتبعهم من شابهوه فقال: " والصابئين " ثم تلا بثاني فريقي أهل الكتاب فقال: " والنصارى " ثم أتبعهم من أشبهه بعض فرقهم في قولهم بإلهين اثنين فقال: " والمجوس " وهم عبدة النار؛ ثم ختم بأعم الكل في الضلال كما فتح بأعمهم في الهدى فقال: " والذين أشركوا " لشموله كل شرك حتى الأصغر من الربا وغيره " إن الله " أي الملك الأعظم الذي له الملك كله وهو أحكم الحاكمين " يفصل بينهم يوم القيامة " فيجازي كلاًَّ بعمله على ما يقتضيه في مجاري عاداتكم، ويقتص لبعضهم من بعض، ويميز الخبيث منهم من الطيب؛ ثم علل ذلك بقوله: " إن الله " أي الجامع لجميع صفات الكمال " على كل شيء " من الأشياء كلها " شهيد " فلا شيء إلا وهو به عليم، فهو لذلك على كل شيء قدير، كما مضى بيانه في " وسع كل شيء علماً ".

===============

وفي فتح القدير
وقد مضى تحقيق هذا في البقرة، ولكنه سبحانه قدم هنالك النصارى على الصابئين، وأخرهم عنهم هنا. فقيل وجه تقديم النصارى هنالك أنهم أهل كتاب دون الصابئين، ووجه تقديم الصابئين هنا أن زمنهم على زمن النصارى، وجملة " إن الله يفصل بينهم يوم القيامة " في محل رفع على أنها خبر لإن المتقدمة، ومعنى الفصل أنه سبحانه يقضي بينهم فيدخل المؤمنين منهم الجنة والكافرين منهم النار. وقيل الفصل هو أن يميز المحق من المبطل بعلامة يعرف بها كل واحد منهما.

================

اما الرازي فتوقف في موضع البقرة:

إن الله تعالى ذكر هذه الآية في سورة المائدة هكذا: " إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصـابئون والنصـارى من ءامن بالله واليوم الاخر وعمل صـالحا فلا خوف عليهم ولا هم ". (المائدة: 69) وفي سورة الحج: " إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصـابئين والنصـارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيـامة " (الحج: 17) فهل في اختلاف هذه الآيات بتقديم الصنوف وتأخيرها ورفع «الصابئين» في آية ونصبها في أخرى فائدة تقتضي ذلك؟ والجواب: لما كان المتكلم أحكم الحاكمين فلا بد لهذه التغييرات من حكم وفوائد، فإن أدركنا تلك الحكم فقد فزنا بالكمال وإن عجزنا أحلنا القصور على عقولنا لا على كلام الحكيم والله أعلم.

-------------------------

لكن قال في موضع الحج:
أما أتباع الأنبياء عليهم السلام فهم المسلمون واليهود والنصارى، وفرقة أخرى بين اليهود والنصارى وهم الصابئون، وأما أتباع المتنبىء فهم المجوس، وأما المنكرون للأنبياء على الإطلاق فهم عبدة الأصنام والأوثان، وهم المسمون بالمشركين، ويدخل فيهم البراهمة على اختلاف طبقاتهم. فثبت أن الأديان الحاصلة بسبب الاختلافات في الأنبياء عليهم السلام هي هذه الستة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية، قال قتادة ومقاتل الأديان ستة واحدة لله تعالى وهو الإسلام وخمسة للشيطان، وتمام الكلام في هذه الآية قد تقدم في سورة البقرة. أما قوله: " إن الله يفصل بينهم يوم القيـامة " ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: قال الزجاج هذا خبر لقول الله تعالى: " إن الذين ءامنوا " كما تقول إن أخاك، إن الدين عليه لكثير.
قال جرير: ( إن الخليفة إن الله سربله ### سربال ملك به ترجى الخواتيم )
المسألة الثانية: الفصل مطلق فيحتمل الفصل بينهم في الأحوال والأماكن جميعا فلا يجازيهم جزاء واحدا بغير تفاوت ولا يجمعهم في موطن واحد وقيل يفصل بينهم يقضي بينهم. أما قوله تعالى: " إن الله على كل شىء شهيد " فالمراد أنه يفصل بينهم وهو عالم بما يستحقه كل منهم فلا يجري في ذلك الفصل ظلم ولا حيف.


==============
مع محبتي
 
عودة
أعلى