ما تعليق السادة المتخصصين على هذه التأملات حول بيت العنكبوت الذي هو أوهن البيوت ؟

نصرمنصور

New member
إنضم
07/02/2005
المشاركات
25
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
[align=center]تأملات في تفسير معنى قوله تعالي:

( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )

د. صلاح رشيد

الحمد لله القائل في محكم كتابه: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ*الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[آل عمران:190،191]. والقائل: ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقّ) [فصلت: الآية53].وقال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ*إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) [العنكبوت:41،43].

لقد استوقفني كثيراً قوله تعالى: ( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) [العنكبوت: الآية41].

فرجعت إلى كتب التفسير (جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري/ مختصر تفسير القرطبي للقرطبي، تفسير ابن كثير لابن كثير، تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، فتح القدير للشوكاني، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، صفوة التفاسير للصابوني، تفسير أبي السعود للعمادي، فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي البخاري، زاد المسير في علم التفسير للجوزي، الضوء المنير على التفسير للصالحي تنوير الأذهان عن تفسير روح البيان للبروسوي وتفسير القرآن العظيم للقرشي الدمشقي) ووجدت أنها أجمعت على أن المقصود ببيت العنكبوت في هذه الآيات هو البيت المادي بمعنى المسكن الذي تتخذه العنكبوت سكنا لها، وقد وصفت كتب التفسير هذا البيت على أنه لا يغني عنها شيئاً (الطبري) هو أضعف البيوت لا يقيها حراً ولا برداً (القرطبي) ضعيف ووهن (ابن كثير) ضعيف (ابن حيان الأندلسي) لا بيت أضعف منه (الشوكاني) من أضعف البيوت (السعدي) أضعف البيوت لتفاهته وحقارته (الصابوني) لا يرى شيء يدانيه في الوهن (العمادي) لا بيت أضعف منه ولا أوهن (القنوجي البخاري) أوهن البيوت وأضعفها (الصالحي) لا بيت أوهن منه فيما تتخذه الهوام (البروسوي) ضعيف ووهن (ابن كثير القرشي الدمشقي).

غير أن العلم الحديث يثبت أن نسيج العنكبوت هو من أقوى الأنسجة الطبيعية وأن صلابته تزيد على صلابة الحديد الصلب حتى سمي بالصلب الحيوي، وأن بيت العنكبوت- المسن- هو من أقوى البيوت المعروفة من ناحية متانة نسجه الذي يستطيع أن يقاوم الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت فلا تستطيع منه فكاكا.

ولإيماني المطلق أن الحقائق العلمية لا يمكن ان تتعارض مع ما ذكر في القرآن الكريم فإن تعارضت فلا شك أن ما أثبته القرآن هو الحق وأن العلم البشري قد جانب الحقيقة، فقد رجعت إلى أن القرآن الكريم وكتب التفسير وقواميس ومعاجم اللغة العربية وللحقائق العلمية عن العنكبوت وبيته ومعيشته وعلاقاته الاجتماعية لأرى إن كان المقصود بالآيات يختلف عن ما ذهبت إليه كتب التفسير.

وكان منهجي في البحث أن قمت بتحديد المواقع التي ذكرت بها كلمة (أولياء) في القرآن الكريم لأرى بين من تكون الولاية، وهل ذكرت الأصنام والأوثان في أي آية على أنهم يتخذون أولياء، ثم بحثت عن معنى كلمة (بيت) في القواميس والمعاجم العربية لأرى هل استعمل العرب كلمة بيت بمعنى أخر غير المعنى الدارج وهو المسكن ليكون هو المقصود بكلمة بيت في هذا المثل الذي ضربه الله - سبحانه وتعالى - في سورة العنكبوت. ثم بحثت في الحقائق العلمية عن نسيج وبيت أو (مسكن) العنكبوت لأرى مدى قوة هذا النسيج وهذا المسكن وهل هو بحق أضعف المساكن كما ذهبت إلى ذلك كتب التفسير؟ ثم بحثت في العلاقات الاجتماعية للعناكب لأرى نوع العلاقة بين ذكور العناكب وإناثها وصغارها وهم أل البيت الواحد حيث تطلق العرب كلمة بيت أيضاً على الزوجة والأولاد.

ثم ربطت نتائج ما سبق بعضها ببعض لأرى إذا كان هناك احتمال تفسير آخر للآيات على ضوء ما وجدته.



نتائج البحث:

1- كلمة أولياء في القرآن الكريم:

وردت كلمة أولياء في القرآن الكريم ثلاثاً وثلاثين مرة، وقد ورد ذكر الأولياء في عشرين موقعا على أنهم: الكافرون، الذين كفروا، المنافقون، اليهود والنصارى، الذين أوتوا الكتاب، الشياطين، إبليس وذريته، الظالمون والذين هادوا، وكذلك الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا والذين آووا ونصروا، والأباء والإخوان من الكفار، والمؤمنون والمؤمنات، وعباد الله الصالحين، ولم ينص في أية آية على أن الأولياء من الأصنام أو الأوثان.

2- معنى كلمة "أولياء" ومعنى الولاية في القواميس والمعاجم العربية:

القاموس المحيط:

الولي: هو المحب والصديق والنصير.

لسان العرب:

الولي: هو الناصر.

والولاية تعني النصرة قال ابن كثير: وكأن الولاية تشعر بالتدبر والقدرة والفعل.

3- معنى كلمة "بيت" في القواميس والمعاجم العربية:

كلمة بيت لها استعمالات كثيرة في اللغة العربية فتعني (بيتا من الشعر) وتعني أيضاً (المسكن، وفرش البيت، والكعبة، والقبر) وتطلق الكلمة أيضاً على (امرأة الرجل وعياله) كما ورد في المعاجم التالية:

المعجم الوسيط: بيت الرجل امرأته وعياله.

لسان العرب المحيط: بيت الرجل: امرأته.

قال الشاعر:

ألا يا بيت، بالعلياء بيت ولولا حب أهلك ما أتيت

قال الشاعر:

ما لي، إذا أنزعها، صايت أكبر غيّرتي، أم بيت

ترتيب القاموس المحيط: البيت: عيال الرجل.

الصحاح: البيت: عيال الرجل

4- الحقائق العلمية عن نسيج العنكبوت ومسكنه:

تتكون خيوط العنكبوت الحريرية من بروتين يتم تصنيعه في غدد الحرير. والحرير المنتج قوي جداً ومتانته أشد من متانة الحديد الصلب وهو قابل للتمدد لضعفي طوله قل أن ينقطع (راجع: الحشرات في القرآن والأحاديث النبوية والتراث الشعبي الكويتي للدكتورة وسيمة الحوطي) وهو يعد من اقوي أنواع الألياف الطبيعية على الإطلاق.

وشبكة العنكبوت من القوة بمكان حتى إنها تستطيع إيقاف نحلة يزيد حجمها عن حجم العنكبوت مرات عديدة وهي تطير بسرعة 22 كلم في الساعة بدون أن تتأثر أو تتمزق (تقرير نكسيا) وتقوم شركة كندية حاليا بإنتاج نسيج العنكبوت لتصنع منه خيوطاً طبية وحبالاً لصيد الأسماك وألبسة واقية من الرصاص (تقرير نكسيا يناير 2002م)، وقد قام سكان جزر السلمون قديما بصنع شباك صيد الأسماك من خيوط العنكبوت.

ومما سبق يتضح أن بيت العنكبوت بمعنى السكن هو بحق من أقوى بيوت المخلوقات المعروفة إن لم يكن أقواها.

5- الحقائق العلمية عن معيشة العناكب وعلاقاتها الاجتماعية:

العناكب أمة من الأمم ويوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب تتفاوت في الأحجام والأشكال ونمط المعيشة ويغلب عليها المعيشة الفردية والعدائية لبعضها بعضاً، ولا يوجد إلاّ أنواع قليلة جداً تعيش في جماعات. والإناث أكبر حجماً من الذكور، والزوجان من العناكب يلتقيان في الغالب وقت التزاوج فقط ويقوم الذكر قبل الجماع برقصات وطقوس معينة أمام الأنثى يقصد منها الحد من الغريزة العدوانية لدى الأنثى، وعند انتهاء عملية التلقيح يغادر الذكر في الغالب عش الأنثى خوفاً من أن تقوم بقتله. وقتل الذكر بعد الانتهاء من عملية التلقيح يحدث بين كثير من أنواع العناكب وأكثرها شهرة عنكبوت الأرملة السوداء التي سميت بذلك لأن الأنثى تقتل ذكرها بعد انتهائه من عملية التلقيح. أما بعض أنواع العناكب فتترك الأنثى الذكر ليعيش في العش بعد عملية التلقيح ليقوم الأبناء بقتله وأكله بعد أن يخرجوا من البيض.

وفي أنواع أخرى تقوم الأنثى بتغذية صغارها حتى إذا اشتد عودهم قتلوا أمهم وأكلوها. ومما سبق يتضح أن البناء الاجتماعي والعلاقات الأسرية في بيت العنكبوت تتصف بأنها مبنية على مصالح مؤقتة حتى إذا انتهت هذه المصالح انقلب الأفراد أعداء وقام بعضهم بقتل بعض، فهذه أنثى العنكبوت تسمح للذكر بدخول عشها لوجود مصلحة التلقيح حتى إذا قضت أربها منه انقلبت عليه وقامت بقتله وأكله، وأخرى تقدم زوجها طعاماً لأولادها، وفي نوع آخر يأكل الصغار أمهم أول ما تقوى أعوادهم.

وهذا العداء الشديد الذي يتجلى فقط بعد انقضاء المصالح، وهذه العلاقات الهشة الضعيفة بين أفراد بيت العناكب يجعل هذا البيت بحق أوهى بيوت المخلوقات المعروفة.



المناقشة:

ذهبت كتب التفسير إلى أن المقصود بالمثل في الآية (41) من سورة العنكبوت هو أن مثل المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله يرجون نصرهم ونفعهم ورزقهم عند حاجتهم إليهم ويتمسكون بهم في الشدائد كمثل العنكبوت في ضعفها اتخذت بيتاً ضعيفاً لا يغني عنها شيئاً عند حاجتها إليه (الطبري وابن كثير وآخرون). وذهب بعض المفسرين إلى أن الأولياء المقصودين هنا هم الأصنام والأوثان (زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي)، وبمراجعة المواضع التي ذكرت فيها كلمة أولياء في القرآن الكريم نجد أن الآيات نصت على ذكر الأولياء في أغلب المواضع (20 من أصل 33) على أنهم من الأحياء، كما فصل سابقاً ولم تنص أي من آيات القرآن الكريم على أن الأولياء يكونون من الأوثان والأصنام، وهذا يتوافق على معنى كلمة أولياء ومعنى الولاية، كما وردت في لغة العرب حيث تعني الولاية النصرة وهي تشعر بالتدبر والقدرة والفعل، والولي هو المحب والصديق والنصير، وهذه الأفعال والتصرفات لا تصدر عن جماد.

وبمراجعة الحقائق العلمية الحديثة عن نسيج العنكبوت ومسكنه نجد أن العلم الحديث يظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن نسيج العنكبوت يعد من أقوى الأنسجة الطبيعية حيث يتصف بالمرونة والصلابة التي تفوق صلابة الحديد الصلب وأن بيت العنكبوت المادي بمعنى المسكن يعد من أقوى المساكن حيث يستطيع إيقاف نحلة تفوق حجم العنكبوت مرات عديدة وتطير بسرعة فائقة بدون أن يصيبه تلف أو تمزق.

وعلى ذلك فإني أرى -والله أعلم- أنه من غير الراجح أن المقصود ببيت العنكبوت الذي وصفه القرآن بأنه أوهن البيوت هو شبكة العنكبوت التي يتخذها سكناً ومصيدة لفرائسه. بل لعل المقصود ببيت العنكبوت -والله أعلم- أسرة العنكبوت التي هي بحق أوهى الأسر ترابطاً وتآلفاً، كما بينا. وقد ذكرنا أن العرب استخدمت كلمة (بيت) بمعنى امرأة الرجل وعياله. وقد أثبت العلم الحديث أن العلاقة الأسرية بين العناكب علاقة تحكمها المصلحة حتى إذا انقضت المصلحة انقلبوا أعداء يقتل بعضهم بعضاً كما فصل سابقاً، ولا تجتمع هذه الخصال السيئة والعلاقات الهشة في أي بيت لمخلوق آخر مما يجعل بيت العنكبوت بمعنى المرأة والأولاد هو أوهن بيوت المخلوقات قاطبة.

وإذا قبلنا أن المقصود في الآية الكريمة هذا المعنى للبيت، أي بمعنى العلاقات الأسرية، فإن وصف القرآن الكريم له بأنه أوهن البيوت يتطابق مع ما بينه الله تعالى لعباده من خلال ملاحظات العلم الحديث لحياة العناكب. ويكون وجه الشبه في المثال المضروب في القرآن الكريم واضحاً جداً حيث إن الذين يتخذون من دون الله أولياء إنما يتخذونهم لمحاولة تحقيق مصالح دنيوية حتى إذا تحققت هذه المصالح انقلبوا أعداء، إما في الدنيا أو في الآخرة، يقول تعالى: (الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف:67) وهذه العلاقة المؤقتة والمصلحة الآنية تنطبق على العنكبوت وأهل بيته كما ذكرنا.

ومن ناحية أخرى: إذا نظرنا إلى وجه الشبه في المثل المضروب بين الذين اتخذوا من دون الله أولياء وأوليائهم وبين العنكبوت وبيتها بمعنى المسكن، نجد أن الفرق كبير فالعلاقة بين الذين اتخذوا من دون الله أولياء وأوليائهم هي علاقة بين أحياء وهي علاقة محبة وصداقة ونصرة وذلك تحقيقاً لمعنى الولاية. أما العلاقة بين العنكبوت وبيتها المادي بمعنى المسكن فهي علاقة بين كائن حي وجماد فلا تتحقق الولاية بمعنى الصداقة والنصرة لعدم قدرة الجماد على التدبر والقدرة والفعل.

وتتجلى في هذه الآيات صورة من صور الإعجاز العلمي للقرآن الكريم فهذه الحقائق عن بيوت وحياة العناكب لم يتم اكتشافها إلاّ حديثاً وهي تصف بدقة واقع حال بيت العناكب على أنها أوهن البيوت حيث أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة قبل أكثر من ألف سنة من اكتشافها.

وعند النظر إلى آخر الآية المذكورة نجد أنها ختمت بقوله تعالى ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) وهذا يوحي بأنهم لم يكونوا يعلمون المقصود لأن هذه الحقيقة العلمية لم تكن معروفة للبشر وقت نزول القرآن الكريم.

وفيما يمكن أن يؤخذ على أنه إيحاء آخر على أن المقصود بالمثل يختلف عن المعنى الظاهر ما جاء في الآية التي تلي المثل وهي قوله تعالى: (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)، جعلنا الله وإياكم منهم.

وأختم بقولي: إن ما تقدم لا يعدو أن يكون خواطر واجتهادات أعرضها على أهل العلم لأستنير برأيهم داعياً الله أن يجعل فيها صلاحاً للإسلام والمسلمين، وهي اجتهادات تحتمل الخطأ والصواب فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

هذا والله أعلم وأصلي وأسلم على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الحمد لله القائل في محكم كتابه: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ*الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[آل عمران:190،191]. والقائل: ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقّ) [فصلت: الآية53].وقال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ*إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) [العنكبوت:41،43].

لقد استوقفني كثيراً قوله تعالى: ( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) [العنكبوت: الآية41].

فرجعت إلى كتب التفسير (جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري/ مختصر تفسير القرطبي للقرطبي، تفسير ابن كثير لابن كثير، تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، فتح القدير للشوكاني، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، صفوة التفاسير للصابوني، تفسير أبي السعود للعمادي، فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي البخاري، زاد المسير في علم التفسير للجوزي، الضوء المنير على التفسير للصالحي تنوير الأذهان عن تفسير روح البيان للبروسوي وتفسير القرآن العظيم للقرشي الدمشقي) ووجدت أنها أجمعت على أن المقصود ببيت العنكبوت في هذه الآيات هو البيت المادي بمعنى المسكن الذي تتخذه العنكبوت سكنا لها، وقد وصفت كتب التفسير هذا البيت على أنه لا يغني عنها شيئاً (الطبري) هو أضعف البيوت لا يقيها حراً ولا برداً (القرطبي) ضعيف ووهن (ابن كثير) ضعيف (ابن حيان الأندلسي) لا بيت أضعف منه (الشوكاني) من أضعف البيوت (السعدي) أضعف البيوت لتفاهته وحقارته (الصابوني) لا يرى شيء يدانيه في الوهن (العمادي) لا بيت أضعف منه ولا أوهن (القنوجي البخاري) أوهن البيوت وأضعفها (الصالحي) لا بيت أوهن منه فيما تتخذه الهوام (البروسوي) ضعيف ووهن (ابن كثير القرشي الدمشقي).

غير أن العلم الحديث يثبت أن نسيج العنكبوت هو من أقوى الأنسجة الطبيعية وأن صلابته تزيد على صلابة الحديد الصلب حتى سمي بالصلب الحيوي، وأن بيت العنكبوت- المسن- هو من أقوى البيوت المعروفة من ناحية متانة نسجه الذي يستطيع أن يقاوم الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت فلا تستطيع منه فكاكا.

ولإيماني المطلق أن الحقائق العلمية لا يمكن ان تتعارض مع ما ذكر في القرآن الكريم فإن تعارضت فلا شك أن ما أثبته القرآن هو الحق وأن العلم البشري قد جانب الحقيقة، فقد رجعت إلى أن القرآن الكريم وكتب التفسير وقواميس ومعاجم اللغة العربية وللحقائق العلمية عن العنكبوت وبيته ومعيشته وعلاقاته الاجتماعية لأرى إن كان المقصود بالآيات يختلف عن ما ذهبت إليه كتب التفسير.

وكان منهجي في البحث أن قمت بتحديد المواقع التي ذكرت بها كلمة (أولياء) في القرآن الكريم لأرى بين من تكون الولاية، وهل ذكرت الأصنام والأوثان في أي آية على أنهم يتخذون أولياء، ثم بحثت عن معنى كلمة (بيت) في القواميس والمعاجم العربية لأرى هل استعمل العرب كلمة بيت بمعنى أخر غير المعنى الدارج وهو المسكن ليكون هو المقصود بكلمة بيت في هذا المثل الذي ضربه الله - سبحانه وتعالى - في سورة العنكبوت. ثم بحثت في الحقائق العلمية عن نسيج وبيت أو (مسكن) العنكبوت لأرى مدى قوة هذا النسيج وهذا المسكن وهل هو بحق أضعف المساكن كما ذهبت إلى ذلك كتب التفسير؟ ثم بحثت في العلاقات الاجتماعية للعناكب لأرى نوع العلاقة بين ذكور العناكب وإناثها وصغارها وهم أل البيت الواحد حيث تطلق العرب كلمة بيت أيضاً على الزوجة والأولاد.

ثم ربطت نتائج ما سبق بعضها ببعض لأرى إذا كان هناك احتمال تفسير آخر للآيات على ضوء ما وجدته.



نتائج البحث:

1- كلمة أولياء في القرآن الكريم:

وردت كلمة أولياء في القرآن الكريم ثلاثاً وثلاثين مرة، وقد ورد ذكر الأولياء في عشرين موقعا على أنهم: الكافرون، الذين كفروا، المنافقون، اليهود والنصارى، الذين أوتوا الكتاب، الشياطين، إبليس وذريته، الظالمون والذين هادوا، وكذلك الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا والذين آووا ونصروا، والأباء والإخوان من الكفار، والمؤمنون والمؤمنات، وعباد الله الصالحين، ولم ينص في أية آية على أن الأولياء من الأصنام أو الأوثان.

2- معنى كلمة "أولياء" ومعنى الولاية في القواميس والمعاجم العربية:

القاموس المحيط:

الولي: هو المحب والصديق والنصير.

لسان العرب:

الولي: هو الناصر.

والولاية تعني النصرة قال ابن كثير: وكأن الولاية تشعر بالتدبر والقدرة والفعل.

3- معنى كلمة "بيت" في القواميس والمعاجم العربية:

كلمة بيت لها استعمالات كثيرة في اللغة العربية فتعني (بيتا من الشعر) وتعني أيضاً (المسكن، وفرش البيت، والكعبة، والقبر) وتطلق الكلمة أيضاً على (امرأة الرجل وعياله) كما ورد في المعاجم التالية:

المعجم الوسيط: بيت الرجل امرأته وعياله.

لسان العرب المحيط: بيت الرجل: امرأته.

قال الشاعر:

ألا يا بيت، بالعلياء بيت ولولا حب أهلك ما أتيت

قال الشاعر:

ما لي، إذا أنزعها، صايت أكبر غيّرتي، أم بيت

ترتيب القاموس المحيط: البيت: عيال الرجل.

الصحاح: البيت: عيال الرجل

4- الحقائق العلمية عن نسيج العنكبوت ومسكنه:

تتكون خيوط العنكبوت الحريرية من بروتين يتم تصنيعه في غدد الحرير. والحرير المنتج قوي جداً ومتانته أشد من متانة الحديد الصلب وهو قابل للتمدد لضعفي طوله قل أن ينقطع (راجع: الحشرات في القرآن والأحاديث النبوية والتراث الشعبي الكويتي للدكتورة وسيمة الحوطي) وهو يعد من اقوي أنواع الألياف الطبيعية على الإطلاق.

وشبكة العنكبوت من القوة بمكان حتى إنها تستطيع إيقاف نحلة يزيد حجمها عن حجم العنكبوت مرات عديدة وهي تطير بسرعة 22 كلم في الساعة بدون أن تتأثر أو تتمزق (تقرير نكسيا) وتقوم شركة كندية حاليا بإنتاج نسيج العنكبوت لتصنع منه خيوطاً طبية وحبالاً لصيد الأسماك وألبسة واقية من الرصاص (تقرير نكسيا يناير 2002م)، وقد قام سكان جزر السلمون قديما بصنع شباك صيد الأسماك من خيوط العنكبوت.

ومما سبق يتضح أن بيت العنكبوت بمعنى السكن هو بحق من أقوى بيوت المخلوقات المعروفة إن لم يكن أقواها.

5- الحقائق العلمية عن معيشة العناكب وعلاقاتها الاجتماعية:

العناكب أمة من الأمم ويوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب تتفاوت في الأحجام والأشكال ونمط المعيشة ويغلب عليها المعيشة الفردية والعدائية لبعضها بعضاً، ولا يوجد إلاّ أنواع قليلة جداً تعيش في جماعات. والإناث أكبر حجماً من الذكور، والزوجان من العناكب يلتقيان في الغالب وقت التزاوج فقط ويقوم الذكر قبل الجماع برقصات وطقوس معينة أمام الأنثى يقصد منها الحد من الغريزة العدوانية لدى الأنثى، وعند انتهاء عملية التلقيح يغادر الذكر في الغالب عش الأنثى خوفاً من أن تقوم بقتله. وقتل الذكر بعد الانتهاء من عملية التلقيح يحدث بين كثير من أنواع العناكب وأكثرها شهرة عنكبوت الأرملة السوداء التي سميت بذلك لأن الأنثى تقتل ذكرها بعد انتهائه من عملية التلقيح. أما بعض أنواع العناكب فتترك الأنثى الذكر ليعيش في العش بعد عملية التلقيح ليقوم الأبناء بقتله وأكله بعد أن يخرجوا من البيض.

وفي أنواع أخرى تقوم الأنثى بتغذية صغارها حتى إذا اشتد عودهم قتلوا أمهم وأكلوها. ومما سبق يتضح أن البناء الاجتماعي والعلاقات الأسرية في بيت العنكبوت تتصف بأنها مبنية على مصالح مؤقتة حتى إذا انتهت هذه المصالح انقلب الأفراد أعداء وقام بعضهم بقتل بعض، فهذه أنثى العنكبوت تسمح للذكر بدخول عشها لوجود مصلحة التلقيح حتى إذا قضت أربها منه انقلبت عليه وقامت بقتله وأكله، وأخرى تقدم زوجها طعاماً لأولادها، وفي نوع آخر يأكل الصغار أمهم أول ما تقوى أعوادهم.

وهذا العداء الشديد الذي يتجلى فقط بعد انقضاء المصالح، وهذه العلاقات الهشة الضعيفة بين أفراد بيت العناكب يجعل هذا البيت بحق أوهى بيوت المخلوقات المعروفة.



المناقشة:

ذهبت كتب التفسير إلى أن المقصود بالمثل في الآية (41) من سورة العنكبوت هو أن مثل المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله يرجون نصرهم ونفعهم ورزقهم عند حاجتهم إليهم ويتمسكون بهم في الشدائد كمثل العنكبوت في ضعفها اتخذت بيتاً ضعيفاً لا يغني عنها شيئاً عند حاجتها إليه (الطبري وابن كثير وآخرون). وذهب بعض المفسرين إلى أن الأولياء المقصودين هنا هم الأصنام والأوثان (زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي)، وبمراجعة المواضع التي ذكرت فيها كلمة أولياء في القرآن الكريم نجد أن الآيات نصت على ذكر الأولياء في أغلب المواضع (20 من أصل 33) على أنهم من الأحياء، كما فصل سابقاً ولم تنص أي من آيات القرآن الكريم على أن الأولياء يكونون من الأوثان والأصنام، وهذا يتوافق على معنى كلمة أولياء ومعنى الولاية، كما وردت في لغة العرب حيث تعني الولاية النصرة وهي تشعر بالتدبر والقدرة والفعل، والولي هو المحب والصديق والنصير، وهذه الأفعال والتصرفات لا تصدر عن جماد.

وبمراجعة الحقائق العلمية الحديثة عن نسيج العنكبوت ومسكنه نجد أن العلم الحديث يظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن نسيج العنكبوت يعد من أقوى الأنسجة الطبيعية حيث يتصف بالمرونة والصلابة التي تفوق صلابة الحديد الصلب وأن بيت العنكبوت المادي بمعنى المسكن يعد من أقوى المساكن حيث يستطيع إيقاف نحلة تفوق حجم العنكبوت مرات عديدة وتطير بسرعة فائقة بدون أن يصيبه تلف أو تمزق.

وعلى ذلك فإني أرى -والله أعلم- أنه من غير الراجح أن المقصود ببيت العنكبوت الذي وصفه القرآن بأنه أوهن البيوت هو شبكة العنكبوت التي يتخذها سكناً ومصيدة لفرائسه. بل لعل المقصود ببيت العنكبوت -والله أعلم- أسرة العنكبوت التي هي بحق أوهى الأسر ترابطاً وتآلفاً، كما بينا. وقد ذكرنا أن العرب استخدمت كلمة (بيت) بمعنى امرأة الرجل وعياله. وقد أثبت العلم الحديث أن العلاقة الأسرية بين العناكب علاقة تحكمها المصلحة حتى إذا انقضت المصلحة انقلبوا أعداء يقتل بعضهم بعضاً كما فصل سابقاً، ولا تجتمع هذه الخصال السيئة والعلاقات الهشة في أي بيت لمخلوق آخر مما يجعل بيت العنكبوت بمعنى المرأة والأولاد هو أوهن بيوت المخلوقات قاطبة.

وإذا قبلنا أن المقصود في الآية الكريمة هذا المعنى للبيت، أي بمعنى العلاقات الأسرية، فإن وصف القرآن الكريم له بأنه أوهن البيوت يتطابق مع ما بينه الله تعالى لعباده من خلال ملاحظات العلم الحديث لحياة العناكب. ويكون وجه الشبه في المثال المضروب في القرآن الكريم واضحاً جداً حيث إن الذين يتخذون من دون الله أولياء إنما يتخذونهم لمحاولة تحقيق مصالح دنيوية حتى إذا تحققت هذه المصالح انقلبوا أعداء، إما في الدنيا أو في الآخرة، يقول تعالى: (الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف:67) وهذه العلاقة المؤقتة والمصلحة الآنية تنطبق على العنكبوت وأهل بيته كما ذكرنا.

ومن ناحية أخرى: إذا نظرنا إلى وجه الشبه في المثل المضروب بين الذين اتخذوا من دون الله أولياء وأوليائهم وبين العنكبوت وبيتها بمعنى المسكن، نجد أن الفرق كبير فالعلاقة بين الذين اتخذوا من دون الله أولياء وأوليائهم هي علاقة بين أحياء وهي علاقة محبة وصداقة ونصرة وذلك تحقيقاً لمعنى الولاية. أما العلاقة بين العنكبوت وبيتها المادي بمعنى المسكن فهي علاقة بين كائن حي وجماد فلا تتحقق الولاية بمعنى الصداقة والنصرة لعدم قدرة الجماد على التدبر والقدرة والفعل.

وتتجلى في هذه الآيات صورة من صور الإعجاز العلمي للقرآن الكريم فهذه الحقائق عن بيوت وحياة العناكب لم يتم اكتشافها إلاّ حديثاً وهي تصف بدقة واقع حال بيت العناكب على أنها أوهن البيوت حيث أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة قبل أكثر من ألف سنة من اكتشافها.

وعند النظر إلى آخر الآية المذكورة نجد أنها ختمت بقوله تعالى ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) وهذا يوحي بأنهم لم يكونوا يعلمون المقصود لأن هذه الحقيقة العلمية لم تكن معروفة للبشر وقت نزول القرآن الكريم.

وفيما يمكن أن يؤخذ على أنه إيحاء آخر على أن المقصود بالمثل يختلف عن المعنى الظاهر ما جاء في الآية التي تلي المثل وهي قوله تعالى: (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)، جعلنا الله وإياكم منهم.

وأختم بقولي: إن ما تقدم لا يعدو أن يكون خواطر واجتهادات أعرضها على أهل العلم لأستنير برأيهم داعياً الله أن يجعل فيها صلاحاً للإسلام والمسلمين، وهي اجتهادات تحتمل الخطأ والصواب فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

هذا والله أعلم وأصلي وأسلم على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين[/align]
 
السلام عليكم ورحمة الله
هذا الذي تقول ليس رايا جديدا بل ذكره غير واحد وقد كنت اسمع هذا التفسير من مولانا العلامة فضل عباس قبل اكثر من عشرين سنة فالاولى التروي قبل بيان ان هذا الراي جديد وبالسؤال ينجلي الجواب ودمتم للخير والعلم
واقبلوا التحيات
 
السلام عليكم

هل أفهم من كلام الدكتور جمال المحترم أنّه يقبل بهذا التفسير؟؟
 
إلى الأخ نصر وفقه الله :جزاكم الله خيرا على هذا النقل

وأما ما ذكره الباحث فلي عنده وقفات :

قلتم سددكم الله : ( غير أن العلم الحديث يثبت أن نسيج العنكبوت هو من أقوى الأنسجة الطبيعية وأن صلابته تزيد على صلابة الحديد الصلب حتى سمي بالصلب الحيوي، وأن بيت العنكبوت- المسن- هو من أقوى البيوت المعروفة من ناحية متانة نسجه الذي يستطيع أن يقاوم الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت فلا تستطيع منه فكاكا.)

1 - ( يثبت أن نسيج العنكبوت هو من أقوى الأنسجة الطبيعية وأن صلابته تزيد على صلابة الحديد الصلب )

الآية تتكلم عن البيوت فبيت العنكبوت أوهى من أي بيت مصنوع

2 - قولكم إن صلابته تزيد على الحديد الصلب

لم أفهم وجه المقارنة بين نسيج العنكبوت وبين الحديد فهذه مواد صلبة وهذه ليست كذلك وأنا لا أعلم شيئا عن هذا العلم فأرجو توضيح ذلك

3 - قول الباحث وفقه الله : وأن بيت العنكبوت- المسن- هو من أقوى البيوت المعروفة من ناحية متانة نسجه الذي يستطيع أن يقاوم الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت فلا تستطيع منه فكاكا.)

أعتقد أنه بالغ في هذا كثيرا بل إن بيت العنكبوت نراه كثيرا يتهالك عند أي عارض ولهذا تحرص العنكبوت أن تختار مكانا مناسبا

4 - رجح الباحث أن البيت بمعنى امرأة الرجل وعياله

وهذا فيه ملاحظتان أرجو أن يتأملها الباحث جيدا :

من المتقرر عند علماء الأحياء أن الأنثى هي من يبني البيت لا الرجل والآية ظاهرها كذلك على أحد القولين في قوله ( كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) وعلى تفسير البيت بمعنى الزوجة والعيال لا يستقيم ذلك لأنه سيكون بمعنى ( كمثل أنثى العنكبوت اتخذوت زوجة وعيالا ) وهذا محال
ولذا أرى الباحث استخدم لفظة العلاقة الأسرية وهذا تعميم للمعنى اللغوي وزيادة عليه من أجل أن يتخلص من هذا الإشكال مع أن المعنى اللغوي الذي استخدمه ليس فيه ما يقتضي مادة العلاقة

ونكمل السياق :

(وإن أوهن البيوت ) أرى الباحث وفقه الله استخدم لفظة ( أوهى ) بدلا من ( أوهن )

( لبيت العنكبوت ) ونعود إلى ربط المعنى الذي وصل إليه الباحث فيكون :
وإن أوهن الأسرة ( العلاقة الأسرية ) لأسرة ( للعلاقة الأسرية )

وهذا معنى متكلف يصعب ربطه ببعضه حقيقة

الثاني : كثيرا تلك المخلوقات التي إذا كبرت قد يأكل أولادها بعضها بعضا بل إنه لا يستغرب أنه إذا كبر انتهت العلاقة بينه وبين أمه أو أبيه أو أخيه بل إن بعض المخلوقات تأكل بيضها وبعضها تعتني ببعض فراخها وتترك بعضهم ولو كان مقتضى التشبيه هو العلاقة الأسرية لما اختصت العنكبوت بهذا فقط

ولذا فأعتقد أن هذا المعنى لا يظهر رجحانه لصعوبة ربطه مع سياق الآية بخلاف المعنى الظاهر منها

المقرئ
 
أحسنت أخي المقرئ على هذا الكلام .
إن صرف الآية عن ظاهرها وترك تفاسير العلماء السابقين من أساطين العلم في هذا الفن أمر غير مقبول , فضلاً عن أن الواقع يشهد بأن المراد ببيت العنكبوت هو ما تنسجه فهو لا يقيها من حر ولا ريح - كما أشارإلى ذلك أخونا المقرئ -

وأشكر الأخ الكاتب الأخ نصر جزاه الله خيرا....

ولا يعني هذا أن ما نقله الأخ نصر غير صحيح فقد يجتمع الأمران والله أعلم

أنظر الرابط التالي: http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=161
 
الحمد لله العزيز الحكيم

كلمة (بيت) تطلق في القرآن ويراد بها المسكن ، وتطلق ويراد بها الأسرة ، وحتى في اللغة تطلق نفس الإطلاقين ، ونفس الشيء في العامية يقال : فلان يريد أن يكون بيت ، أي يكون أسرة.
قال تعالى عن قرية لوط : ...فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين).
هل المراد بكلمة (بيت ) هنا مسكن أم أسرة؟
القرية دمرها الله بكاملها بما فيها بيت (مسكن) لوط عليه السلام ولم ينج منها إلا أسرة لوط باستثناء امرأته، إذن (بيت من المسلمين) أريد به هنا(أسرة من المسلمين).
وقال تعالى : وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) .
القرية تتكون من مجموعة من البيوت (مساكن) ، ومعنى أخذ القرى وهي ظالمة : إهلاك أهلها بسبب ظلمهم.
نأتي الآن إلى الآية:
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.)
هل المراد ببيت العنكبوت هنا مسكن العنكبوت أم أسرتها؟
لو كان المقصود بذلك هو مسكن العنكبوت وهوانه وأنه هو ذلك النسيج الذي يعرفه جميع الناس أنه لا يقي من برد ولا حر فإن هذا المفهوم لا يتوافق مع عجز الآية الذي يقول : لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، إذ أن هذه الحقيقة يعلمها كل الناس لا تحتاج أن ينبه الله عليها بقوله: (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) .
كما أن ذلك النسيج العنكبوتي الذي نراه ليس هو مسكن العنكبوت وإنماهو مصيدة وكمين يصطاد به العنكبوت فريسته وفي نفس الوقت يستعمله العنكبوت كقاعدة انطلاق يتحرك خلالها كيف يشاء ويتدلى منها إلى الأرض...
أما مسكن العنكبوت ، فهو يسكن في شقوق الجدران ، وإذا كان يتواجد في المباني الطينية فإنه يسكن الثقوب والمغارات الصغيرة حيث يفرشها بنسيجه الأبيض الحريري) ويغلق المدخل بالنسيج الأبيض.
إذن فمسكن العنكبوت بيت أبيض لكنه ليس بأهون المساكن بناء أو وقاية من الحر والبر.
أما إذا كان المقصود ببيت العنكبوت أسرة العنكبوت وأن العلماء اكتشفوا أن أسرة العنكبوت هي أسوأ الأسر وأهونها مودة وأن العلاقة الأسرية مبنية على المصلحة فإن هذه الدراسة لا نسلم بها إلا إذا فهمنا الحكمة من ضرب الله لهذا المثل ثم بعد ذلك نرى هل تتطابق مع الواقع.
لنبدأ البحث.
ما هو الغرض من اتخاذ الولي ؟
الجواب : هو ابتغاء العزة والحماية والنصرة، وهذا كله لا يمكن أن يحققه الولي بمفرده إلا إذا كان ذا سلطان ونفوذ وأمره مطاع ...
وكل نظام فيه رئيس ومرؤوس فهو كالبيت (أسرة) ، أليس البيت (الأسرة) هو النموذج الأول للنظام يتكون من الأب (الرئيس) والزوج والأولاد(مرؤوسين) يطيعون الأمر؟
كل جهاز أو مؤسسة أو حكومة أو حزب أو منظمة أو أي هيئة تتكون من رئيس ومرؤوسين فهي بيت (أسرة).
وكثيرا ما تكون الولاية قائمة على المصلحة ، سمعنا عن أمثلة كثيرة من هذا النوع من الولاية: جماعة من المعارضين لنظام بلدهم يلجئون إلى نظام معاد لحكومة بلدهم ، وحينما تتحسن العلاقات بين نظامي الدولتين يسلم الولي المعارضين إلى نظام بلدهم أو يطردهم من بلده.
ومن حكمة الله سبحانه في ضربه المثل للولي بال (بيت) أن جعل له واقعا حصل في الماضي ونعيشه في عصرنا هذا.
أما في الماضي فإن القوة المتجبرة التي اتخذها الناس وليا من دون الله اسمها فرعون التي فسرها علماء الآثار أن فرعون تعني : البيت العالي.
والقوة الموجودة حاليا والتي يتسابق زعماء العالم لنيل رضاها وطلب ولايتها اسمها : البيت الأبيض ، ومعروف أن العنكبوت بيته أبيض ، وكما أن العنكبوت ينسج شبكته لتكون قاعدة يترصد بها لأعدائه ، كذلك هذه القوة بنت لها قواعد في أكثر بلدان العالم لتحكم قبضتها عليه ولتترصد لأعدائها.
وشبكة المعلومات هذه التي نتصل فيها مع بعضنا اخترعها البيت الأبيض وسماها الشبكة العنكبوتية. والولاية بين البيت الأبيض وحلفاءه (أولياءه) مبنية على المصلحة.
إذن فكلام العلماء عن هوان أسرة (بيت العنكبوت) يوافق الواقع .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
يعرف المبتدؤن من طلاب العربية ان القران جرى على لغة الذين انثو لفظ العنكبوت من قديم جاهليتهم الوثنية كما انثو مفرد النمل والنحل والدود فلم يقولو فى الواحد منها الا نملة ونحلة ودودة وهو تانيث لغوى لا علاقة له بالتانيث البيولوجى كما وهم المفسر العصرى وجرى لسانهم كذلك على تانيث الشمس والارض والسماء والدار والسوق وكل ما يعرف فى المصطلح المجازى دون ان يتصور من له ادنى اتصال بالعربية ان التانيث هنا يحمل على التانيث البيولوجى وقبل ان ينزل القران بايات (واوحى ربك الى النحل ان اتخذى منالجبال بيوتا) (قالت نملة يايها النمل ادخلو مساكنكم) (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا) (ان الله لا يستحى ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) كان اى عربى وثنى (من اجلاف البادية)ينطق بها على التانيث فلا نتصور فى اى ذلك اشارة علمية الى ما اكتشفه عصرنا من بيولوجيا الحيوان ثم تورط المفسر العصرى من هذا الوهم الى وهم اشنع فاضاع السر البيانى للاية تضرب المثل لاوهن البيوت ببيت العنكبوت حين قرر ما وصفه بالحقيقة العلمية (وهى ان خيط العنكبوت اقوى من مثيله من الصلب ثلاث مرات واقوى من بيت واكثر مرونة ) وعلى هذا التفسير العصرى لايصلح بيت العنكبوت مضربا للمثل على الوهن لانه ليس اهون من بيت الصلب او من بيت احرير اتخذته دودة القز . نحن علما.ء النصوص واساتذة التخصص نرفض هذا العبث بحرمة كتاب لايحل لنا ان نفهمه الا كما بينه الرسول عليه الصلاة والسلام (كتاب القران والتفسير العصري للدكتورة بنت الشاطىء) اقول لقد تجاوز الاخوة المشاركون حدود التفسير الذي يعرفه العلماء وساروا في طريق لي اعناق النصوص.وتحميلها مالا تحتمل فالبيت في استعمال القران هو السكن وما قول الاخوة فى قوله تعالى (واوحى ربك الى النحل ان اتخذى من الجبال بيوتا) وقوله تعالى(والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الانعام بيوتا....... الخ) والمراجع جميع الايات التى استخدمت لفظ البيت او البيوت لنقف على معناها القراتى بلا تبديل ولا تحريف قبل ان ننزلق هذا المنزلق الخطير و السؤال المهم الذى يطرح نفسه فى القضية هل نفهم القران كما بينه نبى الاسلام وكما احتملته قواعد اللغة التى نزل بها ام نسير وراء اوهام تريد ان تحررنا من الجمود على فهم الصحابة للقران فى مدرسة النبوة وعصر المبعث
 
أين هو البحث العلمي - بمعناه الحقيقي - بل أين الحقيقة العلمية القائلة إن خيوط أو نسيج بيت العنكبوت أقوى من الحديد الصلب و الفولاذ ؟

- هذا ما ينبغي إثباته و التحقق منه أولا قبل التسليم به و البناء عليه ،
و يجب عدم التكلف بحمل آيات القرآن الكريم على أقاويل و نظريات و فرضيات لم تثبت و لم تستقر أو لم تصح أصلا ، بدعوى الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ، تلك الدعوى التي انفلتت من ضوابطها في كثير من الأحيان ،
http://www.nooran.org/O/17/17-3.htm

و ما أحسب ما قيل عن قوة خيوط العنكبوت إلا محاولة خبيثة للطعن في القرآن الكريم ،

فهذا بيت العنكبوت بخيوطه و نسيجه الواهي الرقيق - على حالته التي خلقه الله عليها ، من غير إضافة مواد كيميائية خارجية أو غيرها - أين صلابته المزعومة تلك ؟
 
الحمد لله القائل: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) والحمد لله الذي منَّ علينا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك خيرا إلا أرشدنا إليه وحثنا عليه، وما ترك شرا إلا حذرنا منه ونهانا عنه
أحباب الملتقى الطيب البحث الذي نقله الأخ نصر منصور مشكورا عن الدكتور صلاح رشيد جزاه الله خيرا وما يتعلق بالآيات التي تتحدث عن الذين يتخذون الأولياء من دون الله ومن دون رسوله ومن دون المؤمنين كالذي يتخذ العنكبوت وبيته من دون الله .
وأيا كان كان صاحب الفكرة فالبحث بهذه الفكرة المترابطة والعلمية والمتكاملة يوصلنا إلى المعنى الحقيقي للولاية ويضع الذين يوالون غير الله ورسوله والمؤمنون أمام حقيقة أنفسهم حيث ظنوا أن بعض القوى التي يظن أنها قوية متماسكة من خلال النظر إليها من بعيد تغريهم التحالفات مع مثل هؤلاء وهم لا يعلمون أن مثل هذه البيوت التي غرتهم واهية أركانها ساقط عما قريب بنيانها
إن بيت العنكبوت على جماله ودقة صنعته يغري الكثير من أهل الغرر وبالتالي يسقطون في حبائله ولو كانوا يعلمون حقيقة بيت العنكبوت لما رموا أنفسهم في أحضانه. ولذلك الله يوجهنا إلى هذه الحقيقة العلمية والمثال المتناهي في الدقة بقوله: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)
فلا نغتر بجمال نظم ودقة صنعة مبنية على ضلال وباطل فالله تعالى يقول: (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُبُ الَّذِيَن كَفَرُوا فِي الْبِلَاِد* مَتَاعٌ َقِليلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَاُد*) (آل عمران:196و197)
ختاما جزى الله خيرا من نشر علما لله على مراد الله ورسوله

نفعني الله وإياكم في القرآن العظيم وما فيه من الآيات والمواعظ والذكر الحكيم
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
 
د.أبو بكر خليل قال:
أين هو البحث العلمي - بمعناه الحقيقي - بل أين الحقيقة العلمية القائلة إن خيوط أو نسيج بيت العنكبوت أقوى من الحديد الصلب و الفولاذ ؟

- هذا ما ينبغي إثباته و التحقق منه أولا قبل التسليم به و البناء عليه ،
و يجب عدم التكلف بحمل آيات القرآن الكريم على أقاويل و نظريات و فرضيات لم تثبت و لم تستقر أو لم تصح أصلا ، بدعوى الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ، تلك الدعوى التي انفلتت من ضوابطها في كثير من الأحيان ،
http://www.nooran.org/O/17/17-3.htm

و ما أحسب ما قيل عن قوة خيوط العنكبوت إلا محاولة خبيثة للطعن في القرآن الكريم ،

فهذا بيت العنكبوت بخيوطه و نسيجه الواهي الرقيق - على حالته التي خلقه الله عليها ، من غير إضافة مواد كيميائية خارجية أو غيرها - أين صلابته المزعومة تلك ؟

لم أقصد هذا الذي ذكرته ، فهذا لا ينبغي التسليم به والبناء عليه إلا إذا أثبت ببرهان مبين.
وأما ما قالوه حول أسرة العنكبوت وأنها أهون البيوت فهذا هو الذي يبحث في صحته ليرى هل يمكن أن يناسب المثل الذي ضربه الله أم يتعارض معه.
وحيث أنه ورد في القرآن ذكر المكان وأريد به المكين في عدة مواضع مثل : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ).
هل يسأل القرية أم سكان القرية؟
وقال تعالى: وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا).
هل العذاب والإهلاك للجماد (المساكن) أم لأهل القرية؟

نأتي الآن إلى آية العنكبوت التي ضرب الله فيها المثل ببيت العنكبوت ثم نرى هل المقصود بالبيت المكان أم المكين.
أليس المقصود من ضرب المثل لشيء بشيء آخر هو تشابه الحال؟
لنفرض أن البيت في آية العنكبوت هو مسكنها، فما هو تشابه حال من اتخذ وليا من دون الله بحال اتخاذ العنكبوت مسكنا؟

كل ما قيل في بيت العنكبوت أنه أهون البيوت لأنه لا يقي من حر ولا يقي من البرد، هذا تحليل لما يراه الإنسان في ذلك النسيج العنكبوتي إذا كان هو فعلا مسكن العنكبوت ، وما أدرانا أن العنكبوت متكيفة في نسيجها بحيث لا يضرها برد ولا حر!!
كما أن الأمور تقاس نسبيا فمسكن العنكبوت الذي يبدو للإنسان كريشة في مهب الريح هو ليس كذلك بالنسبة لساكنه.
إذن فنحن لا نعلم شيئا عن كيفية هوان بيت العنكبوت ، لو كان صحيحا ما يعتقده كل الناس في ما يرونه في هوان نسيج العنكبوت لمااحتاج ذلك إلى تأكيده ب (إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت).
ولما عقب الله بعدها بقوله (لو كانوا يعلمون) التي تفيد : امتناع إدراك أن بيت العنكبوت هو أهون البيوت لامتناع وجود العلم بذلك عند كل الناس.
إذن ففرضية أن بيت العنكبوت هو مسكنها لم نتوصل بها إلى معرفة تشابه حال من اتخذ وليا من دون الله بحال اتخاذ العنكبوت مسكنا ولم تبين لنا كيفية هوان بيت العنكبوت;
لم تبق إلا الفرضية العقلية وهي اعتبار أن المكان أريد به المكين.
ذكرت في المداخلة السابقة تلك الفرضية العقلية التي تتلخص في أن الإنسان لا يتخذ شخصا وليا لذاته ابتغاء العزة والنصرة والحماية لأنه لا يستطيع تحقيق ذلك بمفرده إلا إذا كان رب بيت يأمر أهل بيته ليوفروا الحماية للمستجير، وكل نظام أو جهاز يتكون من رئيس ومرؤوس فهو بيت.
والولي الكافر بالله لا يحقق لمولاه الحماية والنصرة إلا بمقابل ، فإن أتته فرصة أخرى يتحقق منها مكاسب أهم من حمايته للمستجير تخلى عنه وباعه بثمن بخس.
إذن فقد يكون حال أسرة العنكبوت قائما على المصلحة كحال الذين يتخذون من دون الله أولياء ، وهذه الفرضية يفترضها العقل حتى ولو لم يظهر من يقدم لنا هذه المعلومات عن هوان عالم العنكبوت.
فأي الفرضيتين تفيد العلم بالمثل المضروب وبحقيقة هوان بيت العنكبوت؟
أهي الفرضية الظاهرية أم الفرضية العقلية؟
قال تعالى : وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ. ) 43 العنكبوت.

والله تعالى أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تبارك وتعالى:( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ )(العنكبوت/43)
قال السيوطي في الدر المنثور:(أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال: ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنتني؛ لأني سمعت الله تعالى يقول:( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ). صدق الله العظيم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

من الامور الاخرى التي ذكرت في اعجاز وهن بيت العنكبوت ان الرسم الهندسي له مسطح اي ما ان يدخل العنكبوت فيه حتى يخرج من الطرف الاخر ... فهذا يحسب ايضا من علامات وهن بيت العنكبوت ... والقران الكريم لا تنقضي عجائبه ولو ان اعجازه متعلق بالبلاغة لنفدت جيوب البلاغيين من مدخرات البلاغة ولبداؤا يلوّن النصوص من اجل استيعاب مصطلحاتهم البلاغية ... كقولهم من معاني حسن التخلص في القران الكريم ومن امثلة الاحتباك في النص القراني كذا وكيت .... ولكن اعجاز القران الكريم يتعلق بالقضايا العلمية المقطوع بصحتها كما يتعلق بالاخبار الصحيحة التي لم تكن قد حدثت في عهد النبوة وهي لدينا الان من التاريخ مثل قولة تعالى " الم . غُلبَت الروم " .. وغيرها من الاخبار المتحققة ... الشيئ الوحيد المخيف والمزعج في ان واحد في مسألة الاعجاز العلمي هو محاولة البعض التعلق بالنظريات التي لم تبلغ شأن الحقائق العلمية واقحامها في اذهان العامة على انها اعجاز جديد للقران الكريم ... وهذا امر قد يتأرجح بفعله ايمان بعض العامة وعقول الاخرين من غير المسلمين .. وهذا من الخطر بمكان ليس بالهيّن ... شكرا اخي الكريم على هذا الموضوع الذي فتح امامنا كل هذه الافاق من النقاش وبيان الاراء أسال الله عز وجل ان يعلمنا ما ينفعنا به في الدنيا والاخرة .
 
عودة
أعلى