ما المقصود من كلام ابن كثير؟

إنضم
02/07/2011
المشاركات
123
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
كازاخستان
بسم الله الرحمن الرحيم .
روى الطبري بسنده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في قوله تعالى: "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ", قال: السماء السابعة . علق عليه ابن كثير رحمه الله تعالى فقال: "وكأنه -والله أعلم- أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة، وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع، والله أعلم".
لم أفهم كلام ابن كثير و وجه الإشكال في الأثر!
 
ليس في الأثر إشكال ، وإنما أراد ابن كثير توجيه هذا القول بأنه يقصد بالسماء السابعة تلك التي يذكرها علماء الهيئة والمقصود بهم أهل العلم بالفلك، فهم يذكرون السموات والنجوم والكواكب والأجرام ويسمونها ويُفصِّلون في ذلك، وابن كثير والرازي قبله وغيرهما من أهل التفسير يستعلمون مصطلحات لأهل الفلك كانت متداولة في زمنهم من أمثال هذه العبارة التي سألتم عنها .
وإن شئت التوسع في ذلك فاقرأ عن علم الفلك عند المسلمين وتطوره ، وفي ذلك كتب كثيرة . منها كتاب د. علي الدفاع (العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية) ، وكتاب (علم الفلك : تاريخه عند العرب في القرون الوسطى) للمستشرق الإيطالي نلينو فهو كتاب قيم يكشف لك الكثير من مصطلحات هذا العلم عند العرب قديماً .
 
بارك الله فيكم و نفع بكم و حفظكم من كل سوء
الذي ظهر لي من كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله أن توجيهه لم يأت إلا بعد الاستشكال, إذ حمله لقول عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما على هذا المحمل كأنه اتجه للتوفيق بين قوله و قول غيره من السلف, لكن كيف يحمل قول الصحابي على اصطلاحات أهل الفلك؟ و السؤال الآخَر: ما الفرق بين السماء السابعة التي يذكرها أهل الفلك و التي جاء ذكرها في النصوص؟
رعاكم الله تعالى و أحسن إليكم...
 
ليس بالضرورة أن التوجيه لم يأت إلا بعد إشكال في الأثر ، وإنما هو منهج يسلكه العلماء في بيان الأقوال وشرحها وتوجيه معناها بما يرونه موضحاً للمعنى . والسماء في قوله تعالى :(والسماءِ ذات الحُبُكِ) تدل على جنس السماء دون تحديد لواحدة منها ، وفي الأثر الذي ذكره ابن جرير تحديد لها بأن المقصود بها السابعة بالتحديد، وشرح ابن كثير لها بأنها قد تكون التي فيها الكواكب الثابتة، وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع كما يقول، فهذا مجرد محاولة منه لبيان قول ابن عمرو رضي الله عنهما ، وليس قولاً فصلاً في المسألة ، ومثل هذا تجده كثيراً في كتب التفسير قديماً وحديثاً ، فإن التفسير مقاربة ومحاولة لتوضيح المعاني القرآنية كلٌّ يشارك فيه بما عنده من المعرفة والعلم . وقد حاول الدكتور زغلول النجار في كتابه (السماء في القرآن الكريم) في مقالة مطولة توضيح معنى هذه الآية وذكر ما وصل إليه أهل الفلك اليوم في تفاصيل الحديث عن إحكام خلق السماء والمقصود بالحبك ، يمكنك مراجعته والإفادة منه.
وكل ذلك جهد مشكور في استقصاء دلالة هذه الآية الكريمة نسأل الله من فضله ، وليس في هذا الصنيع من ابن كثير حملٌ لكلام ابن عمرو على اصطلاحات أهل الفلك ، وإنما محاولة تقريب مقصوده فحسب، ولستُ أعلم الفرق بين المقصود بالسماء السابعة في كلام السلف وكلام المعاصرين فهي كلها محاولات للمعرفة فحسب ، وإلا فليس هناك نصوص من الوحي تبين الفروق الحسية بين السماء الأولى والثانية وغيرها يستطيع بها الواحد التفريق الحسي بين هذه السموات فيقول حد السماء الأول ينتهي هنا وتبدأ الثانية هنا والثالثة هنا وهكذا فيما أعلم .
 
عودة
أعلى