ما القول الفصل في قوله تعالى (( أو كصيب من السماء فيه ظلمات .. ))؟

إنضم
24 يوليو 2011
المشاركات
107
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وجزاكم الله خيراً كلما أجبتم على أسئلتي

إخواني أعياني منذ القدم تفسير قوله تعالى (( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولوشاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير )).

وقد قرأت فيه عدة تفاسير حتى رجعت لمشروع ( كانوا لا يتجاوزون عشر ..الخ ) ومع ذلك بقي عندي إشكال لا يزيلها إلا الله ثم المتمكنون من التفسير بعلم .

وإليكم ما توصلت إليه من تفسيرها (( أو كصيب )) أي أو كأصحاب صيب وهو المطر وقد ضربه الله هنا مثلاً للقرآن (( فيه ظلمات ورعد وبرق )) فالظلمات ظلمات الجهل والكفر والبرق هو الحق والبراهين القاطعة في القران التي يكشف الله بها في الظلمات ، والرعد قالوا هو زواجر القرآن فهل يصح ذلك لأن الصواعق أيضاً قالوا بأنها زواجر القرآن (( يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت )) وكذلك المنافق تزعجه زواجر القرآن وتهديداته كما قال تعالى (( يحسبون كل صيحة عليهم )) (( والله محيط بالكافرين )) أي لا يعجزونه .

(( يكاد البرق يخطف أبصارهم )) من شدة وضوحه وهو الحق في القرآن والبراهين القاطعة كما أسلفت (( كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا )) هاااااااه هنا وقع الإشكال قالوا معناها أنهم إذا رأو في القرآن سعة مشوا فيه وإذا رأوا جهاد وتعب قاموا أي وقفوا وهذا أشعر أن الآية لا تدل عليه لأن البرق قلنا البراهين القاطعة والحق الذي قي القرآن ؟! .
 
أخي عامر :
قولكم : ( أعياني ... ) ذكرني بطريفة من طرائف الإمام ابن عطية، في تفسيره قول الله تعالى : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25):
قال : ( وقال الشعبي: أعياني أن أعلم ما المحروم. وحكى عنه النقاش أنه قال: وهو ابن سبعين سنة سألت عنه وأنا غلام فما وجدت شفاء.
قال القاضي أبو محمد: يرحم الله الشعبي فإنه في هذه المسألة محروم، ولو أخذه اسم جنس فيمن عسرت مطالبه بان له، وإنما كان يطلبه نوعا مخصوصا كالسائل ).
وأقول لك: إن المنافقين أصناف متعددة، وتنزيل كل مفسر هذا المثل على صنف منهم ليس اختلاف تضاد، بل هو اختلاف تنوع، ولا تكن محرومًا بالبحث عن صنف واحد منهم وتنزيل الآية عليه.
وإنما وقع الخلط عند بعضهم؛ لأنه ظنَّ أن المنافقين صنف واحد، ورأى أنها لا تنطبق عليه، وإلا فهم أصناف منهم مريض القلب ، ومنهم من في قلبه شك مرة إلى هؤلاء ومرة إلى إولئك ... إلخ
ويفيدك في هذا التنوع في أصناف المنافقين سورة التوبة، فقد عددتهم بأفعالهم ( ومنهم ، ومنهم ، ومنهم ) ، والله الموفق للصواب.
 
مرحباً بشيخنا / مساعد الطيار ، وجزاك الله خيراً على الرد الطيب ، اللهم اهدنا الصراط المستقيم .

ولكن بقي أن أسألك عن قوله تعالى (( كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا )) هل الخلاف فيه كذلك خلاف تنوع أم أن هناك قول راجح ؟

أبقاك الله لنا ولغيرنا شيخاً موجهاً
 
مشائخنا الكرام أساتذة التفسير

أعلم أن طول الكلام لا خير فيه ، لكن الإشكال لازال قائماً ، فإذا قلنا أن البرق في قوله تعالى (( يكاد البرق يخطف أبصارهم )) مختلف فيه خلاف تنوع لاخلاف تضاد ، ثم قلنا أن من الأقوال في تفسيره أنه الحق والبراهين القاطعة في القرآن تكاد تخطف الأبصار من شدة وضوحها

إذا قلنا ذلك فهل يستقيم تفسير قوله تعالى (( كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا )) بأنهم كلما رأوا في الدين راحة مشوا فيه وإذا رأوا فيه جهاد وتعب وقفوا ؟؟!
 
تبين هذه الآيات بعض صفات المنافقين من :
- التعلق بالدنيا و الفرح بها إذا أقبلت و الانتكاس إذا أدبرت .
- و أيضا التذبذب و التردد و اضطراب القلب .
- و أنهم يجعلون أهواءهم مقدمة على دينهم لذا لا يقبلون من الدين إلا ما وافق أهواءهم .
- كما أن الأصل فيهم الضلال - فقاموا : أي ثبتوا على نفاقهم – ولكن هذا لا يمنع من أن تتأثر قلوبهم شيئا ما من شدة إبهار آي القران الكريم .

وبالاستقراء للقرآن و السنة يظهر أنه كثيرا ما تصور مثل هذه الصفات المعنوية بأمثلة حسية لتكون أكثر بيانا و أوقع في النفوس وأشد تأثيرا فيها

وهذه المعاني - و الله تعالى أعلم - هي ما يدور حولها كلام المفسرين

و أنقل لك شيئا من كلامهم رحمهم الله...

قال البغوي :

مَعْنَاهُ كُلَّمَا نَالُوا غَنِيمَةً وَرَاحَةً فِي الْإِسْلَامِ ثَبَتُوا وَقَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ} يَعْنِي رَأَوْا شِدَّةً وَبَلَاءً تَأَخَّرُوا وَقَامُوا أَيْ وَقَفُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ" (11-الْحَجِّ) .

و قال ابن الجوزي :

واختلفوا في معنى: كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ على أربعة أقوال: أحدها: أن معناه:
كلما أتاهم القرآن بما يحبون تابعوه، قاله ابن عباس و السدي. والثاني: أن إضاءة البرق حصول ما يرجونه من سلامة نفوسهم وأموالهم، فيسرعون إلى متابعته، قاله قتادة. والثالث: أن تكلمهم بالإسلام، ومشيهم فيه: اهتداؤهم به، فإذا تركوا ذلك وقفوا في ضلالة، قاله مقاتل. والرابع: أن إِضاءته لهم:
تركهم بلا ابتلاء ولا امتحان، ومشيهم فيه: إقامتهم على المسالمة بإظهار ما يظهرونه. ذكره شيخنا.
فأما قوله تعالى: وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ، فمن قال: إضاءته: إتيانه إياهم بما يحبون، قال: إظلامه:
إتيانه إياهم بما يكرهون. وعلى هذا سائر الأقوال التي ذكرناها بالعكس. ومعنى قامُوا: وقفوا. قوله تعالى: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ، قال مقاتل: معناه: لو شاء لأذهب أسماعهم وأبصارهم عقوبة لهم .


و قال ابن كثير :

{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أَيْ كُلَّمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ اسْتَأْنَسُوا بِهِ وَاتَّبَعُوهُ، وَتَارَةً تعْرِض لَهُمُ الشُّكُوكُ أظلمت قلوبَهم فوقفوا حائرين.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} يَقُولُ: كُلَّمَا أَصَابَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ عِزِّ الْإِسْلَامِ اطْمَأَنُّوا إِلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَ الْإِسْلَامَ نَكْبَةٌ قَامُوا لِيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْرِ، كَقَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ [وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ] } الْآيَةَ [الْحَجِّ: 11] .

وفي تفسير الجلالين :

{وَإِذَا أَظْلَم عَلَيْهِمْ قَامُوا} وَقَفُوا تَمْثِيل لِإِزْعَاجِ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ الْحُجَج قُلُوبهمْ وَتَصْدِيقهمْ لِمَا سَمِعُوا فِيهِ مِمَّا يُحِبُّونَ وَوُقُوفهمْ عَمَّا يَكْرَهُونَ .


وقال الشنقيطي :

كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ مُوَافِقًا لِهَوَاهُمْ وَرَغْبَتِهِمْ عَمِلُوا بِهِ، كَمُنَاكَحَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِرْثِهِمْ لَهُمْ، وَالْقَسْمِ لَهُمْ مِنْ غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَعِصْمَتِهِمْ بِهِ مِنَ الْقَتْلِ مَعَ كُفْرِهِمْ فِي الْبَاطِنِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِهَوَاهُمْ كَبَذْلِ الْأَنْفُسِ، وَالْأَمْوَالِ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ وَقَفُوا وَتَأَخَّرُوا. وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى إِلَى هَذَا بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) .

وقال :
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِضَاءَتُهُ لَهُمْ مَعْرِفَتَهُمْ بَعْضَ الْحَقِّ مِنْهُ، وَإِظْلَامُهُ عَلَيْهِمْ مَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنَ الشَّكِّ فِيهِ.

وفي الظلال :

إن هذه الحركة في المشهد لترسم- عن طريق التأثر الإيحائي- حركة التيه والاضطراب والقلق والأرجحة التي يعيش فيها أولئك المنافقون.. بين لقائهم للمؤمنين، وعودتهم للشياطين. بين ما يقولونه لحظة ثم ينكصون عنه فجأة. بين ما يطلبونه من هدى ونور وما يفيئون إليه من ضلال وظلام.. فهو مشهد حسي يرمز لحالة نفسية ويجسم صورة شعورية.
وهو طرف من طريقة القرآن العجيبة في تجسيم أحوال النفوس كأنها مشهد محسوس.

رحم الله الجميع و جزاكم الله خيرا...
 
يأ أخ عامر
لم يظهر لي وجه الإشكال عندك، وراجع الرسائل على الخاص.
 
(( يكاد البرق يخطف أبصارهم )) من شدة وضوحه وهو الحق في القرآن والبراهين القاطعة كما أسلفت (( كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا )) هاااااااه هنا وقع الإشكال قالوا معناها أنهم إذا رأو في القرآن سعة مشوا فيه وإذا رأوا جهاد وتعب قاموا أي وقفوا وهذا أشعر أن الآية لا تدل عليه لأن البرق قلنا البراهين القاطعة والحق الذي قي القرآن ؟! .[/QUOTE]
الأخ الفاضل
يبدو أن الاشكال وقع عندك لمحاولتك تحديد كل أجزاء التشبيه تفصيلا
و كما أورد مشايخنا في ردودهم أن الكثير من المفسرين جعلوا من هذا التشبيه وصف لحالة اضطراب المنافقين و التمثيل عليها بصورة أو أخري ( تنوع )
و اذا رجعنا الي طريقتك في جعل البرق هو الحق من القران فهذا لا يتماشي مع السياق
حيث لا يمثل البرق الذي يخطف الابصار ( قد يصيبها بعمي لحظي ) بالحق من القران و نفعه
فمثل هؤلاء المنافقين كمن انشغل بأشياء ثانوية من الرعد و البرق و ترك الغاية و الهدف و هو الماء الذي يمكث في الارض
 
جزاك الله خير ياشيخنا / مساعد وجزاك الله خير يا أحمد الحليمي وجزاك الله خير يامحمد بكري
أفدتموني ووسعتم مداركي ، وكلامكم جميل لكن أنا لابد أن أبحث عنها مستقبلاً بنفسي ، ربما المسألة قليلة الفائدة ، وربما تحتها كنز عظيم ، وربما حاجة في نفس يعقوب قضاها ( ابتسامة )
بارك الله في الجميع
 
المثل الناري في عدم الإهتداء بمجرد إعلان الإيمان مع إبطان الكفر والإصرار عليه ، والمثل المائي في عدم الإنتفاع بالإسلام بمجرد إعلان الإيمان مع إبطان الكفروالإصرار عليه .
وعلى هذا فمعنى الآية 17 : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ ).
أي : مثل المنافقين في عدم اهتدائهم للحق بمجرد إعلانهم الإيمان مع إبطانهم الكفر والإصرار عليه كمثل أناس - في ليلة حالكة الظلام - أوقدوا نارا يستضيؤون بنورها فلما أضاءت لهم ماحولهم وأنسوا بها ، أطفأ الله نارهم فعادوا إلى العتمة وأصبحوا لا يرون ماحولهم ولا يهتدون إلى الطريق .
ومعنى الآية 18: ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ).
أي : صموا آذانهم عن سماع الحق ، وعطلوا ألسنتهم عن النطق به ، وتعاموا عن إبصار نور الهداية ، فهم لا يستطيعون الرجوع إلى الإيمان الذي تركوه واستعاضوا عنه بالضلال .
ومعنى الآية 19: ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ).
أي : أو مثل المنافقين في الإنتفاع بالإيمان الذي أعلنوه وهم يبطنون الكفر كمثل الماشين في الظلام الدامس وأصابهم المطرالذي يصاحبه رعد شديدالصوت وبرق هائل الضؤ يجعلهم يضعون أصابعهم في آذانهم محاذرة الموت إن أصابتهم الصواعق ، والله يحيط بقدرته الكافرين .
ومعنى الآية رقم 20 :( يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).
أي : يكاد البرق - من شدة لمعانه - أن يسلبهم أبصارهم ، ومع ذلك فكلَّما أضاء لهم مشَوْا في ضوئه, وإذا ذهب أظلم الطريق عليهم ووقفوا في أماكنهم متحيرين تائهين ، فهم لا ينتفعون بمجردإعلانهم الإيمان مع إبطانهم الكفر إلا نفعا دنيويا محدودا ، ولو شاء الله لأعمى أبصارهم وصم أسماعهم جزاء إعراضهم عن الحق ، إن الله قادر على إنزال ما يشاء من أنواع العقاب بهم .
هذا والله أعلم بمراده .
 
وانا مازلت اقلّب النظر الى امثال المنافقين المثل الناري والمثل الصيّبي المائي وادركتُ بفضل الله بعض الامور:
1- ان المثل الناري هو مثل ايجابي بمعنى ان هذا الانسان حاول ان يستوقد ناراً اي حاول ان يرى بعضاً من الحق..وكان سيهتدي لكن في النفس او في القلب كان مرضُ العادات والوثنيات والتقاليد وماكان يفعل ابائه وما اعتاد ان يفعل مما ياتي الاسلام ويحرّمه او مالا يرضى فعله كالتصدّق او التواضع او الجهاد ...والمنافق انسان لايستكمل ولا يفي بكلمته ((اذا وعد أخلف)) والشهادتين وعد....وعد وعهد ..بأن نأتي لنعمل بموجباتها ومنطوقها وبأن تنقاد للخالق عزوجل
ايضا نرى ان الله عندما كان هذا الانسان يسعى لرؤية الحق ويستوقد النار كان الله يؤيده وعندما ركن الى نفسه واخلد الى الارض ذهب الله بنوره وتركه الله تعالى

2- المثل الناري بصيغة الماضي ....استوقد....ذهب...تركهم
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أود في هذه المشاركة المتواضعة أن أتطرق الى تأويل المثلين المضروبين للمنافقين في سورة البقرة, خاصة المثل المائى الذي وقع فيه الاختلاف و الاشكال, فأرجو منكم أهل الاختصاص تصويبي ان كنت مخطئا.

بعد اطلاعي على عدة تفاسير(ابن جرير الطبري, ابن كثير, ابن الجوزي, ابن القيم الجوزية, ابن تيمية, ابن عاشور و الرازي) و بعد تدبري و اجتهادي المتواضعين, هداني الله تبارك و تعالى الى ما يلي:

بسم1{[SUP]مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلمّا أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم و تركهم في ظلمات لا يبصرون[/SUP]}

يشبّه الله تبارك و تعالى المنافقين في بقائهم على الضلال و عدم اهتدائهم بالرغم منمجيء الهدى بين أظهرهم بقوم بقوا في الظلمات لا يبصرون الطريق و لا يهتدون السبيل و لا يمشون بالرغم من مجيء نار مضيئة بين أظهرهم.

هؤلاء القوم لقيهم في سفرهم ليل شديد الظلام, فاستوقدوا نارًا ليهتدوا بها السبيل, فلما أضاءت ماحولهم سرعان ما سلبهم الله ذلك النور( الناتج من تشتت و انعكاس ضوء النار في محيطها) و حجبه عن أبصارهم فأبقاهم و تركهم في الظلمات لا يبصرون الطريق و لا يمشون بالرغم من بقاء النار مضيئة بين أظهرهم فما هم بمهتدين بل هم في الظلمات منغمسون غير خارجين منها.

كذلك المنافقون في المدينة كانوا على ضلال و لمّا جاءهم الهدى نبذوه وراء ظهورهم و استحبوا البقاء على الضلال و الكفر كرها و حسدا من عند أنفسهم فعاقبهم اللهتبارك و تعالى بأن طبع على قلوبهم و أعمى بصائرهم عن الهدى فماهم بمهتدين بل هم في ظلمات الكفر و الشك و الجهل و الحيرة و الضلال منغمسون غير خارجين منها بالرغم من بقاء الهدى بين أظهرهم.

النار: مصدر مضيء بذاته متكون من حرارة و ضوء. اضاءة النار لما حولها (تشكلالنور) تحدث بفضل انتشار ضوءها و انعكاسه في الهواء الموجود في محيطها(ما حولها), هذا الهواء متكون من: جزيئات الأكسجين, جزيئات بخار الماء و حبيبات الغبار المتسبّبة في التقاط أشعة الضوء و تشتيتها و انعكاسها.
قال تبارك و تعالى"ذهب بنورهم" ولم يقل بنارهم أو بأبصارهم :
فالله تبارك و تعالى ذهب بالنور( الفرع) و لم يذهب بالنار (الأصل), فالنار بقيت بحرارتها و ضوئها, لكن اضاءتها لماحولها (انتشار الضوء) لا تحدث كأن الله جعل بين النار و محيطها حائل أو حجاب, كذلك المنافق لا يدخل الهدى الى قلبه و لا ينتشر فيه لان الله طبع على قلبه و ختم عليه فجعل بينهما حائلا.

ومن شدّة استحبابهم الضلال و كرههم للهدى الموجود بين أظهرهم, أصمّ المنافقون آذانهم عن سماع الهدى و امتنعوا عن السؤال عليه و النطق به و رفضوا الابصار اليه بأعينهم, فشبههم الله تبارك و تعالى بالصم البكم العمي و بأصحاب الصيّب,

فقال فيهم {صمّ بكم عمي فهم لا يرجعون***أو كصيّب من السماء فيه ظلمات و رعد و برق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت و الله محيط بالكافرين***يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه و اذا أظلم عليهم قاموا و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم انّ الله على كل شيء قدير}

يشبّه الله تبارك و تعالى المنافقين في شدّة امتناعهم عن سماع الهدى و ابصاره و السؤال عنه و التكلم به و في عدم اهتدائهم في ظلمات الكفر و الكذب و الضلال, بالصمّ البكم العمي في شدّة تعطّل و امتناع حواسهم (سمع,بصر,نطق) عن الادراك وعدم اهتدائهم في ظلمات الصمم و العمي, و بأصحاب الصيّب في شدّة امتناعهم عنسماع الرعد (صوت الصواعق) وابصار البرق و عدم اهثدائهم في ظلمات اليل و السحاب و المطر.

أو: للتخيير بين تشبيههم بالصم البكم العمي أو تشبيههم بأصحاب الصيّب.
وجه الشبه بين المنافقين و أصحاب الصيّب: تعطيل السمع و تعطيل البصر.
و لهذا قال تبارك و تعالى في آخر الآية:
{و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم انّ الله على كل شيء قدير} جزاءًا و عقابا لهم لتعطيلهما و امتناعهم عن الانتفاع بهما.

هنا خرج الكثير من المفسرين عن السياق الذي جاء فيه المثل, فقالوا ضرب مثلا لقلقهم, خوفهم, حيرتهم, لحالهم مع القرآن.....الخ, فحسب رأيي المتواضع فقد أصابوا جزءا يسيرا من المعنى. و قد وجدت ابن جرير الطبري الأقرب من السياق.

و قالوا كذلك أنّ أو جاءت بين المثل المائي و المثل الناري: جملة كصيّب استئناف لجملة مثلهم كمثل الذي استوقد, عكس الظاهر من الآيات الذي يبيّن أنّ أو جاءت بين جملة الصم ابكم العمي و جملة كصيّب من السماء, و لم أجد دليلا صريحا يستندون عليه في قولهم هذا إلّا ابن جرير الذي غيّر ترتيب الآية و قال أنّ جملة الصم البكم تأتي في المعني قبل المثل الناري.

الصمّ: جمع أصم الذي لا يسمع, البكم: جمع أبكم الذي لا يتكلم, عمي:جمع أعمى الذي لا يبصر, فمن كانت فيه هذه الثلاث صفات معا: فإنّه لا يسمع من يرشده و لا يبصر علامات الإرشاد في الطريق و لا يسأل عن الإرشاد و لا ينطق به, فكيف يهتدي؟ فالهدى مستحيل في حقّه , فهو منغمس في ظلمات الصمم و العمي متحيّر متوقّف لا يهتدي السبيل و لا يمشي في الطريق إلاّ بمساعدة شخص آخريسمع و يرى و يتكلم.

أصحاب الصيّب يمتنعون عن سماع الرعد حذر الموت و يمتنعون عن ابصار البرق في السماء لحرصهم الشديد على رؤية الطريق في الارض و المشي فيه (مدّة الإضاءة قصيرة جدّا فلو أبصروا البرق (متكون من حرارة و ضوء) في السماء لأضاعوا فرصة رؤية الطريق في الأرض و تعطّلوا عن المشي, و تكرر الإضاءة (النور: الناتج من تشتت و انعكاس ضوء البرق في السحاب و الأرض ) مع قصر وقتها يسبب عمى العين, لذا قال "يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه") هم في الظلمات (اليل, السحاب, المطر, الظلمة الحاصلة بعد النور) منغمسون متوقفون, لا يمشون إلاّ بنور البرق الذي يبيّن لهم الطريق.

كذلك المنافقون يمتنعون عن سماع الهدى و ابصاره و السؤال عنه,هم في الظلمات (كفر, شكّ, كذب, ضلال...) منغمسون متوقفون لا يهتدون و لا يمشون في طريق الإسلام إلاّ بالمؤمنين الذين يلاقونهم و يظهرون لهم الإيمان فيبيّنون لهم الدين و يرشدونهم لأنهم يحملون نور الهدى في قلوبهم, و إذا فارقوهم عادوا الى ظلمات جهلهم و ضلالهم و حيرتهم لا يعرفون شيئا, قال عزّوجلّ " وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنّا و إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزؤون" و يقول عزّوجلّ " أو من كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زيّن للكافرين ما كانوا يعملون" (الأنعام 122). قال مقاتل" كلما أضاء لهم مشوا فيه و اذا أظلم عليهم قاموا : إضاءته تكلمهم بالإسلام, مشيه فيه إهتدائهم به", فالمنافقون يتكلمون بالإسلام عند ملاقاة المؤمنين و إهتداؤهم بالإسلام يكون بالإقتداء بالمؤمنين و تقليدهم.

فالمثل الناري يصوّر تعطّل القلب عن تقبّل الهدى, و المثل المائي يصوّر تعطّيل السمع والبصر, و قبل ذكر المنافقين, تكلّم الله عن الكفّار فقال فيهم " ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة" فذكر أيضا السمع و البصر .

والله أعلم.

 
عودة
أعلى