ما الفرق بين فاصلتي آية الإيلاء وآية الطلاق؟ وما الغرض البلاغي لكل منهما؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
ما الفرق بين فاصلتي آية الإيلاء وآية الطلاق:
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)
وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)} سورة البقرة؟
وما الغرض البلاغي لكل منهما؟
الأولى : وعد وترغيب،
والثانية : وعيد وترهيب.
- فاصلة آية الإيلاء {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وعد بالمغفرة لما تقدم منهم من يمين الإيلاء وظلمهم أزواجهم، وترغيب في تحصيل رحمة الله لهم بالعدول عن الإيلاء والعودة لأزواجهم.

- أما فاصلة آية الطلاق {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وعيد وتهديد بالعقاب إن هم ظلموا وجاروا على أزواجهن إذا طلقوهن.
وترهيب وتحذير؛ فإن الله سميع لما تقولون، ويعلم ما فعلتم، وما ستفعلون.
د. محمد الجبالي
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم
الاستاذ الكريم لم أفهم كيف ان ( سميع عليم ) تهديد ؟


ارسل من SM-J701F using ملتقى أهل التفسير
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم
الاستاذ الكريم لم أفهم كيف ان ( سميع عليم ) تهديد ؟


ارسل من SM-J701F using ملتقى أهل التفسير
أظن أن مراد الأخ في معنى قوله تعالى "فإن الله سميع عليم" أي إن الله يسمع المظلوم وينتصر له فإن دَعَوْنَ عليكم فالله يستجيب لهن
والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم وأعظم وأجل
دمتم سالمين
 
أخانا البهيجي:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما شعور المذنب حين يذكره الله بأنه سمعه حين عزمت الإيلاء من زوجك سمع قولك وعلم فعلك، إن الإيلاء الأصل فيه أن جور على الزوجة ولفظ الآية يدل على ذلك قال الله عز وجل: {فإن فاءوا} لفظ فاءوا يوحي كأنه كان في غفلة وخطأ وإثم.
ودعني أضرب لك مثالا، ولله المثل الأعلى:
أخوان في غرفتهما أحدهما أخذ يغني أغنية ألفاظها خارجة، فقال له أخوه: أبوك في الصالة سيسمعك.
ماذا قصد الأخ من قوله لأخيه: أبوك سيسمعك؟!
أليس التهديد؟ أليس الوعيد؟ أليس التحذير؟

واعلم أني تأملت الفاصلتين واستنتجت غرض كل منهما، ثم بحثت في التفاسير هل هناك من سبقني إلى إلى ذلك ووقف على هذه الأغراض؟
وحقيقة رجوت ألا يكون ، لكني وجدت الزمخشري رحمه الله أشار إلى بعض ذلك قال: "{ فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } وعيد على إصرارهم وتركهم الفيئة"
الكشاف (1/ 199، بترقيم الشاملة آليا).
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذ الفاضل هل الطلاق حلال أم حرام؟
لا شك انه حلال فانه سبحانه يعلم المطلق انه سيسمع طلاقه اذا تلفظ به والامر ليس بتهديد انما احفظ عدد الطلقات فانها ثلاث وفي الثالثة تكون المرأة قد بانت بينونة كبرى اي لا ترجع الا بعد ان تتزوج بغيره فالتحذير متعلق بهذا الموضوع والله تعالى أعلم.

ارسل من SM-J701F using ملتقى أهل التفسير
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وهذا قول ابن عاشور في الموضوع:
( وقولهفإن الله سميع عليمدليل الجواب ، أي فقد لزمهم وأمضى طلاقهم ، فقد حد الله للرجال في الإيلاء أجلا محدودا ، لا يتجاوزونه ، فإما أن يعودوا إلى مضاجعة أزواجهم ، وإما أن يطلقوا ، ولا مندوحة لهم غير هذين .

وقد جعل الله للمولي أجلا وغاية : أما الأجل فاتفق عليه علماء الإسلام ، واختلفوا في الحالف على أقل من أربعة أشهر ، فالأئمة الأربعة على أنه ليس بإيلاء ، وبعض العلماء :كإسحاق بن راهويهوحماديقول : هو إيلاء ، ولا ثمرة لهذا الخلاف ، فيما يظهر ، إلا ما يترتب على الحلف بقصد الضر من تأديب القاضي إياه إذا رفعت زوجه أمرها إلى القاضي ومن أمره إياه بالفيئة .

[ص:387 ]وأما الغاية ، فاختلفوا أيضا في الحاصل بعد مضي الأجل ، فقالمالكوالشافعي: إن رفعته امرأته بعد ذلك ، يوقف لدى الحاكم ، فإما أن يفيء ، أو يطلق بنفسه ، أو يطلق الحاكم عليه ، وروي ذلك عن اثني عشر من أصحاب النبيء صلى الله عليه وسلم . وقالأبو حنيفة: إن مضت المدة ولم يفئ فقد بانت منه ، واتفق الجميع على أن غير القادر يكفي أن يفيء بالعزم ، والنية ، وبالتصريح لدى الحاكم ، كالمريض والمسجون والمسافر .

واحتجالمالكيةبأن الله تعالى قالفإن الله سميع عليمفدل على أن هنالك مسموعا ; لأن وصف الله بالسميع معناه العليم بالمسموعات ، على قول المحققين من المتكلمين ، لا سيما وقد قرن بعليم ، فلم يبق مجال لاحتمال قول القائلين من المتكلمين ، بأن ( السميع ) مرادف ( للعليم ) وليس المسموع إلا لفظ المولي ، أو لفظ الحاكم ، دون البينونة الاعتبارية .

وقوله عليم يرجع للنية والقصد . وقال الحنفية سميع لإيلائه ، الذي صار طلاقا بمضي أجله ، وكأنهم يريدون : أن صيغة الإيلاء ، جعلها الشرع سبب طلاق ، بشرط مضي الأمد عليم بنية العازم على ترك الفيئة . وقول المالكية أصح ; لأن قولهفإن الله سميع عليمجعل مفرعا عن عزم الطلاق ; لا عن أصل الإيلاء ; ولأن تحديد الآجال وتنهيتها موكول للحكام .)
وكل المفسرين يذهبون إلى أن المقصود (بالسميع العليم ) انما هو لتذكير الرجل ان الله تعالى سامع بك عليم بحالك من غير تهديد او وعيد والله تعالى أعلم.

ارسل من SM-J701F using ملتقى أهل التفسير
 
يا أخانا: إني والله أكره الجدال
لقد تناولت الفاصلتين من ناحية الدلالة البلاغية، فإن كنتَ مقلا في تلك الصنعة فدع الجدال فيها.
 
الكلُّ مصيبٌ إن شاء الله تعالى.

الكلُّ مصيبٌ إن شاء الله تعالى.

وكل المفسرين يذهبون إلى أن المقصود (بالسميع العليم ) انما هو لتذكير الرجل ان الله تعالى سامع بك عليم بحالك من غير تهديد او وعيد والله تعالى أعلم.
أخي البهيجي
معظم المفسرين استفادَ من قوله {سَمِيعٌ} التلفظ بالطلاق أو الإيلاء؛ ومن قولهِ {عَلِيمٌ} العلمَ بنيةِ صاحبها.
وليس كل العلماءِ لم يذكروا دلالة التهديد والوعيد في صفة الله أنهُ {سَمِيعٌ}؛ بل هنالكَ من ذهب إلى رأي الدكتور محمد الجبالي في ذلك.

وأذكُرُ منهم:

1- الزمخشري (538 هـ)؛ قال رحمه الله في "الكشاف":
"{فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وعيد على إصرارهم وتركهم الفيئة".

2- النسفي (710 هـ)؛ قال رحمه الله في "مدارك التنزيل":
﴿فَإنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾ لِإيلائِهِ، ﴿عَلِيمٌ﴾ بِنِيَّتِهِ، وهو وعِيدٌ عَلى إصْرارِهِمْ وتَرْكِهِمُ الفَيْئَةَ.

3- أبو حيان (745 هـ)؛ قال رحمه الله في "البحر المحيط":
﴿فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ وعِيدٌ عَلى إصْرارِهِمْ وتَرْكِهِمُ الفَيْئَةَ.

4- البقاعي (885 هـ)؛ قال رحمه الله في "نظم الدرر":
"...قالَ الحَرالِيُّ: وفِيهِ تَهْدِيدٌ بِما يَقَعُ في الأنْفُسِ والبَواطِنِ مِنَ المُضارَّةِ والمُضاجَرَةِ بَيْنَ الأزْواجِ في أُمُورٍ لا تَأْخُذُها الأحْكامُ ولا يُمْكِنُ أنْ يَصِلَ إلى عِلْمِها الحُكّامُ فَجَعَلَهم أُمَناءَ عَلى أنْفُسِهِمْ فِيما بَطَنَ وظَهَرَ، ولِذَلِكَ رَأى العُلَماءُ أنَّ الطَّلاقَ أمانَةٌ في أيْدِي الرِّجالِ كَما أنَّ العُدَدَ والِاسْتِبْراءَ أمانَةٌ في أيْدِي النِّساءِ، فَلِذَلِكَ انْتَظَمَتْ آيَةُ تَرَبُّصِ المَرْأةِ في عِدَّتِها بِآيَةِ تَرَبُّصِ الزَّوْجِ في إيلائِهِ - انْتَهى.

5- أبو السعود (982 هـ)؛ قال رحمه الله في "إرشاد العقل السليم":
﴿فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾؛ بِما جَرى مِنهم مِنَ الطَّلاقِ؛ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الدَّمْدَمَةِ؛ والمُقاوَلَةِ؛ الَّتِي لا تَخْلُو عَنْها الحالُ عادَةً؛ ﴿عَلِيمٌ﴾؛ بِنِيّاتِهِمْ؛ وفِيهِ مِنَ الوَعِيدِ عَلى الإصْرارِ؛ وتَرْكِ الفَيْئَةِ؛ ما لا يَخْفى."

6- القاسمي (1332 هـ)؛ ذكر رحمه الله في "محاسن التأويل" قول الحراليّ السابق.

7- الشيخ السعدي رحمه الله (1376 هـ): قال في "تيسير الكريم الرحمن":
"﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ فيه وعيد وتهديد، لمن يحلف هذا الحلف، ويقصد بذلك المضارة والمشاقة. ويستدل بهذه الآية على أن الإيلاء، خاص بالزوجة، لقوله: ﴿مِن نِّسَائِهِمْ﴾ وعلى وجوب الوطء في كل أربعة أشهر مرة، لأنه بعد الأربعة، يجبر إما على الوطء، أو على الطلاق، ولا يكون ذلك إلا لتركه واجبا".

8- الشيخ العثيمين رحمه الله (1421 هـ)؛ قالَ في تفسيره:
﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ يعني: سميع لأقوالهم ومنها الطلاق، عليم بأحوالهم ومنها مُفارقة الزوجات، وفي ختم الجملة هذه في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ في ختمها بذلك إشارة إلى أن الله تعالى لا يُريد الطلاق؛ لأن ختمها بهذين الاسمين فيه شيء من التهديد بخلاف الأول، الأول: قال: ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة 226] وهنا قال: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة 227]، والسميع من أسماء الله سبحانه وتعالى، وله معنيان:
أحدهما: الإجابة.
والثاني: إدراك المسموع.

أما الإجابة فمثالها قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم 39]، وقول المصلي: سمع الله لمن حمده، فإن قوله: ﴿لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ يعني: لمجيبه، وسمع الله لمن حمده بمعنى: استجابَ؛ ولهذا عُدِّيت باللام، ولم يقل: سمع الله مَنْ.

أما السميع بمعنى: مُدرك المسموعات، والسمع بمعنى إدراك المسموع، فإن العلماء قسَّموه إلى أقسام:
منها ما يُراد به التهديد.
ومنها ما يُراد به التأييد.
ومنها ما يُراد به الإحاطة.
فمثال ما يراد به التهديد: قوله تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران 181] فهذا يُراد به التهديد، بدليل قوله: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران 181].
ومثال ما يُراد به التأييد: قوله تعالى لموسى وهارون: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه 46].
ومثال ما يُراد به الإحاطة: قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة 1].
فالسمع الأول من الصفات الفِعْلية الذي هو إجابة الدعاء، والسمع بالمعنى الثاني من الصفات الذاتية؛ لأن الله لم يزل ولا يزال مُتَّصفًا بالسمع، لكن الذي يتجدَّد المسموع، أما سمْع الله عز وجل فإنه لم يزل ولا يزال متصفًا به" انتهى كلامه رحمه الله.

واللهُ أعلى وأعلم.
 
أحسنت والله أخانا [محمد يزيد] وأفضت، زادك الله فضلا
أحسنَ الله إليك يا دكتور وأغدق عليك من جوده وفضله.
العقول المتدبِّرةُ النيِّرةُ تهتدي إلى النبع ذاته.
استفدنا من لفتتك الطيبة.
 
عودة
أعلى