الكلُّ مصيبٌ إن شاء الله تعالى.
الكلُّ مصيبٌ إن شاء الله تعالى.
وكل المفسرين يذهبون إلى أن المقصود (بالسميع العليم ) انما هو لتذكير الرجل ان الله تعالى سامع بك عليم بحالك من غير تهديد او وعيد والله تعالى أعلم.
أخي البهيجي
معظم المفسرين استفادَ من قوله {
سَمِيعٌ} التلفظ بالطلاق أو الإيلاء؛ ومن قولهِ {
عَلِيمٌ} العلمَ بنيةِ صاحبها.
وليس كل العلماءِ لم يذكروا دلالة التهديد والوعيد في صفة الله أنهُ {
سَمِيعٌ}؛ بل هنالكَ من ذهب إلى رأي الدكتور محمد الجبالي في ذلك.
وأذكُرُ منهم:
1- الزمخشري (538 هـ)؛ قال رحمه الله في "الكشاف":
"{
فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وعيد على إصرارهم وتركهم الفيئة".
2- النسفي (710 هـ)
؛ قال رحمه الله في "مدارك التنزيل":
﴿
فَإنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾ لِإيلائِهِ، ﴿
عَلِيمٌ﴾ بِنِيَّتِهِ، وهو وعِيدٌ عَلى إصْرارِهِمْ وتَرْكِهِمُ الفَيْئَةَ.
3- أبو حيان (745 هـ)؛ قال رحمه الله في "البحر المحيط":
﴿
فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ وعِيدٌ عَلى إصْرارِهِمْ وتَرْكِهِمُ الفَيْئَةَ.
4- البقاعي (885 هـ)؛ قال رحمه الله في "نظم الدرر":
"...قالَ الحَرالِيُّ: وفِيهِ تَهْدِيدٌ بِما يَقَعُ في الأنْفُسِ والبَواطِنِ مِنَ المُضارَّةِ والمُضاجَرَةِ بَيْنَ الأزْواجِ في أُمُورٍ لا تَأْخُذُها الأحْكامُ ولا يُمْكِنُ أنْ يَصِلَ إلى عِلْمِها الحُكّامُ فَجَعَلَهم أُمَناءَ عَلى أنْفُسِهِمْ فِيما بَطَنَ وظَهَرَ، ولِذَلِكَ رَأى العُلَماءُ أنَّ الطَّلاقَ أمانَةٌ في أيْدِي الرِّجالِ كَما أنَّ العُدَدَ والِاسْتِبْراءَ أمانَةٌ في أيْدِي النِّساءِ، فَلِذَلِكَ انْتَظَمَتْ آيَةُ تَرَبُّصِ المَرْأةِ في عِدَّتِها بِآيَةِ تَرَبُّصِ الزَّوْجِ في إيلائِهِ - انْتَهى.
5- أبو السعود (982 هـ)؛ قال رحمه الله في "إرشاد العقل السليم":
﴿
فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾؛ بِما جَرى مِنهم مِنَ الطَّلاقِ؛ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الدَّمْدَمَةِ؛ والمُقاوَلَةِ؛ الَّتِي لا تَخْلُو عَنْها الحالُ عادَةً؛ ﴿
عَلِيمٌ﴾؛ بِنِيّاتِهِمْ؛ وفِيهِ مِنَ الوَعِيدِ عَلى الإصْرارِ؛ وتَرْكِ الفَيْئَةِ؛ ما لا يَخْفى."
6- القاسمي (1332 هـ)؛ ذكر رحمه الله في "محاسن التأويل" قول الحراليّ السابق.
7- الشيخ السعدي رحمه الله (1376 هـ): قال في "تيسير الكريم الرحمن":
"
﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ فيه وعيد وتهديد، لمن يحلف هذا الحلف، ويقصد بذلك المضارة والمشاقة. ويستدل بهذه الآية على أن الإيلاء، خاص بالزوجة، لقوله:
﴿مِن نِّسَائِهِمْ﴾ وعلى وجوب الوطء في كل أربعة أشهر مرة، لأنه بعد الأربعة، يجبر إما على الوطء، أو على الطلاق، ولا يكون ذلك إلا لتركه واجبا".
8- الشيخ العثيمين رحمه الله (1421 هـ)
؛ قالَ في تفسيره:
﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ يعني: سميع لأقوالهم ومنها الطلاق، عليم بأحوالهم ومنها مُفارقة الزوجات، وفي ختم الجملة هذه في قوله:
﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ في ختمها بذلك إشارة إلى أن الله تعالى لا يُريد الطلاق؛ لأن ختمها بهذين الاسمين فيه شيء من التهديد بخلاف الأول، الأول: قال:
﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة 226] وهنا قال:
﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة 227]، والسميع من أسماء الله سبحانه وتعالى، وله معنيان:
أحدهما: الإجابة.
والثاني: إدراك المسموع.
أما الإجابة فمثالها قوله تعالى:
﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم 39]، وقول المصلي: سمع الله لمن حمده، فإن قوله:
﴿لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ يعني: لمجيبه، وسمع الله لمن حمده بمعنى: استجابَ؛ ولهذا عُدِّيت باللام، ولم يقل: سمع الله مَنْ.
أما السميع بمعنى: مُدرك المسموعات، والسمع بمعنى إدراك المسموع، فإن العلماء قسَّموه إلى أقسام:
منها ما يُراد به التهديد.
ومنها ما يُراد به التأييد.
ومنها ما يُراد به الإحاطة.
فمثال ما يراد به التهديد: قوله تعالى:
﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران 181] فهذا يُراد به التهديد، بدليل قوله:
﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران 181].
ومثال ما يُراد به التأييد: قوله تعالى لموسى وهارون:
﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه 46].
ومثال ما يُراد به الإحاطة: قوله تعالى:
﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة 1].
فالسمع الأول من الصفات الفِعْلية الذي هو إجابة الدعاء، والسمع بالمعنى الثاني من الصفات الذاتية؛ لأن الله لم يزل ولا يزال مُتَّصفًا بالسمع، لكن الذي يتجدَّد المسموع، أما سمْع الله عز وجل فإنه لم يزل ولا يزال متصفًا به" انتهى كلامه رحمه الله.
واللهُ أعلى وأعلم.