ما الفرق بين سنة الأولين والعذاب قبلا ؟

إنضم
04/08/2013
المشاركات
23
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
32
الإقامة
الأحساء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكل علي الفرق بين سنة الأولين والعذاب قبلا في قوله تعالى { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا }

وبالرغم من قراءة أكثر من تفسير لكن لازال الإشكال موجوداً
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته،
يقول العلامة محمد أمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضوائه:" في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند أهل العلم، وكلاهما تدل على مقتضاه آيات من كتاب الله تعالى، وأحد الوجهين أظهر عندي من الآخر.
الأول منهما: أن معنى الآية: وما منع الناس من الإيمان والاستغفار إذ جاءتهم الرسل بالبينات الواضحات، إلا ما سبق في علمنا: من أنهم لا يؤمنون، بل يستمرون على كفرهم حتى تأتيهم سنة الأولين من الكفار، وإتيان العذاب إياهم يوم القيامة قبلاً. وعلى هذا القول فالآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة جداً، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [10/96-97]، ...والآيات في مثل هذا المعنى كثيرة.
القول الثاني: أن في الآية الكريمة مضافاً محذوفاً، تقديره: وما منع الناس من الإيمان والاستغفار إلا طلبهم أن تأتيهم سنة الأولين، أو يأتيهم العذاب قبلاً.
والآيات الدالة على طلبهم الهلاك والعذاب عناداً وتعنتاً كثيرة جداً، كقوله: عن قوم شعيب: {أَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [26/187]، وكقوله: عن قوم هود: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [46/22]، وكقوله: عن قوم صالح: {وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [7/77]، ..."،فهذه الآيات وأمثالها في القرآن: ذكر الله فيها شيئاً من سنة الأولين:
أنهم يطلبون تعجيل العذاب عناداً وتعنتاً. وبين تعالى أنه أهلك جميعهم بعذاب مستأصل، كإهلاك قوم نوح بالطوفان، وقوم صالح بالصيحة، وقوم شعيب بعذاب يوم الظلة، وقوم هود بالريح العقيم، وقوم لوط بجعل عالي قراهم سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليهم، كما هو مفصل في الآيات القرآنية...والقول الأول أظهر عندي، لأن ما لا تقدير فيه أولى مما فيه تقدير ..." اهـــ
و لعل هذا التفسير واضح لا إشكال فيه: فعلى القول الأول يكون المعنى أن المانع للكفار من الإيمان مانع حقيقي و هو عدم مشيئة الله تعالى لذلك، و علمه أنهم لن يؤمنوا مهما رأوا من الأيات حتى يروا العذاب معاينة، فحينئذ يؤمنون لكن في وقت لا يقبل منهم إيمان لأنه إيمان ضرورة اضطروا إليه للنجاة من العذاب، فالإيمان المقبول هو الإيمان الاختياري الذي هو إيمان بالغيب، كما قال تعالى:" فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) "-غافر-.- و هذا في الدنيا-
و يحتمل أن يكون المراد يوم القيامة، حين يعاينون العذاب، فيؤمنون، و لكن ولات حين مناص، كما قال تعالى:" ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون"، و قال جل و علا:" وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ *" -سبأ-.
و على القول الثاني: في الآية حذف تقديره:" وما منع الناس من الإيمان والاستغفار إلا طلبهم أن تأتيهم سنة الأولين، أو يأتيهم العذاب قبلاً."، لكن الراجح كما ذكر صاحب الأضواء القول الأول، لأن الأصل في الكلام عدم الحذف.
و الله أعلم و أحكم.
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته،
يقول العلامة محمد أمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضوائه:" في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند أهل العلم، وكلاهما تدل على مقتضاه آيات من كتاب الله تعالى، وأحد الوجهين أظهر عندي من الآخر.
الأول منهما: أن معنى الآية: وما منع الناس من الإيمان والاستغفار إذ جاءتهم الرسل بالبينات الواضحات، إلا ما سبق في علمنا: من أنهم لا يؤمنون، بل يستمرون على كفرهم حتى تأتيهم سنة الأولين من الكفار، وإتيان العذاب إياهم يوم القيامة قبلاً. وعلى هذا القول فالآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة جداً، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [10/96-97]، ...والآيات في مثل هذا المعنى كثيرة.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلا أخي ناصر

مامعنى الذي باللون الأحمر هل معناه إهلاكهم عن آخرهم في الدنيا؟؟

وقوله إتيان العذاب إياهم يوم القيامة قبلا هل معناه أنهم إذا بعثوا لايؤمنون , ولكن يؤمنوا إذا رأوا العذاب ؟ أم المراد في الآية أهوال يوم القيامة ؟
 
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً }[الكهف:55]
المانع للناس ـ وهم كفار قريش ـ من الإيمان والاستغفار حين جاءهم الهدى هو طلبهم أن يأتيهم مثل ما جاء الأقوام السابقة في الكفر من انتقام الله لهم . أو طلب العذاب الذي يجيء معاينة وهو عذاب الآخرة ، يقول تعالى : {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }[الانشقاق:24]
وقد جاء هذا المانع ملخصا في قوله تعالى :
{وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }[الأنفال:32]
والله أعلم وأحكم
 
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً }[الكهف:55]
المانع للناس ـ وهم كفار قريش ـ من الإيمان والاستغفار حين جاءهم الهدى هو طلبهم أن يأتيهم مثل ما جاء الأقوام السابقة في الكفر من انتقام الله لهم . أو طلب العذاب الذي يجيء معاينة وهو عذاب الآخرة ، يقول تعالى : {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }[الانشقاق:24]
وقد جاء هذا المانع ملخصا في قوله تعالى :
{وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }[الأنفال:32]
والله أعلم وأحكم

حياك الله أخي عبدالكريم

سنة الأولين واضحة في ردك , لكن العذاب قبلا كيف يكون مانع لهم وهو في الآخرة وهم لايؤمنون بالآخرة
 
أخي الفاضل محمد بن عبد الله جزاك الله خيرا وأحسن إليك

كفار قريش لا يؤمنون بالهدى الذي جاءهم ابتداء ، وضمن هذا الهدى الإيمان باليوم الآخر .
لكن طلبهم الأول والثاني عبارة عن إصرارهم على كفرهم ، وهو مانع لهم من الإيمان والاستغفار .
فالقرآن الكريم وعد كفار قريش بالعذاب الدنيوي : {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا }[محمد:10]
كما وعدهم عذاب الآخرة الذي يجدونه عيانا أمامهم : {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً }[الجن:24]
لكن عادة الكفار في كل زمان أن يعبروا عن إصرارهم على كفرهم بهذا الطلب : {...فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } [الأحقاف:22] . فيكون برزخا بينهم وبين إيمانهم واستغفارهم .

والله أعلم وأحكم
 
أخي الفاضل محمد بن عبد الله جزاك الله خيرا وأحسن إليك

كفار قريش لا يؤمنون بالهدى الذي جاءهم ابتداء ، وضمن هذا الهدى الإيمان باليوم الآخر .
لكن طلبهم الأول والثاني عبارة عن إصرارهم على كفرهم ، وهو مانع لهم من الإيمان والاستغفار .
فالقرآن الكريم وعد كفار قريش بالعذاب الدنيوي : {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا }[محمد:10]
كما وعدهم عذاب الآخرة الذي يجدونه عيانا أمامهم : {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً }[الجن:24]
لكن عادة الكفار في كل زمان أن يعبروا عن إصرارهم على كفرهم بهذا الطلب : {...فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } [الأحقاف:22] . فيكون برزخا بينهم وبين إيمانهم واستغفارهم .

والله أعلم وأحكم


أحسن الله إليك
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
بالنسبة لتساؤلك عن الذي كتب باللون الأحمر و لعلك تقصد لفظ اهـ، فهو اختصار لكلمة انتهى، كما هو متداول.
و أما بالنسبة لسؤالك:" وقوله إتيان العذاب إياهم يوم القيامة قبلا هل معناه أنهم إذا بعثوا لايؤمنون , ولكن يؤمنوا إذا رأوا العذاب ؟ أم المراد في الآية أهوال يوم القيامة ؟"
الكفار إذا بعثوا فإنهم يبعثون على كفرهم لأنهم ماتوا عليه، و قد صح عن النبي صلى اله عليه و سلم أنه قال:" " من مات على شيء بعثه الله عليه "، و لكنهم حين يعاينون العذاب و يرون النار رأي العين حينئذ يؤمنون كما دل على ذلك عدة آيات من القرآن الحكيم، من ذلك قول البارئ سبحانه:" وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)" و هذا الإيمان لا يقبل منهم لأن دار الآخرة دار جزاء لا دار عمل، كما أنه إيمان مكذوب، لأنهم ما ادعوه إلا خوفا مما عاينوه من العذاب، و قد بين الله تعالى ذلك بقوله بعد تلك الآية:" بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) "-الأنعام-، يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:" وأما معنى الإضراب في قوله: { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ } فَهُم ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة في الإيمان، بل خوفا من العذاب الذي عاينوه جزاء ما كانوا عليه من الكفر، فسألوا الرجعة إلى الدنيا ليتخلصوا مما شاهدوا من النار؛ ولهذا قال: { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } أي: في تمنيهم الرجعة رغبة ومحبة في الإيمان.
ثم قال مخبرًا عنهم: إنهم لو ردّوا إلى الدار الدنيا، لعادوا لما نهوا عنه [من الكفر والمخالفة]،{ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } أي: في قولهم: { يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }" اهـ
أما تساؤلك للأخ الفاضل عبد الكريم:" لكن العذاب قبلا كيف يكون مانع لهم وهو في الآخرة وهم لايؤمنون بالآخرة"، ليس المانع لهم من الإيمان هو العذاب قبلا بل المانع هو مشيئة الله تعالى فهو سبحانه شاء قدرا عدم إيمانهم -جزاء وفاقا-كما قال تعالى:" فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم"، بسبب تعنتهم و عنادهم و استكبارهم، و من صور هذا العناد سؤالهم أن يروا العذاب عيانا حتى يؤمنوا، و ذلك لاستحالة وقوع هذا العذاب و حلوله بهم في اعتقادهم، كما قال تعالى عن كفر مكة:" اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ"- الأنفال-
أما قولك بأن العذاب قبلا يكون في الآخرة، فهذا وجه في الآية و هناك وجه آخر و هو أنهم يسألون أن يروا العذاب قبلا في الدنيا - أي معاينة لأن ما يراه الإنسان يكون مقابلا له-، كما دل عليه آيات من القرآن الكريم و قد سبق ذكر بعضها.
و الله أعلم و أحكم.
 
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

الأخوة الكرام الذين شاركوا في الموضوع , أرجو أن تسع صدوركم لما سأطرحه مما فهمته من كتاب الله في سورة الكهف ذاتها.

فالله عز و جل يقول في بداية السورة : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له "عوجا" , قيّماً " لينذر" بأسا شديدا من لدنه و يبشر المؤمنين الذين "يعملون الصالحات" أن لهم أجراً حسناً )

فأسأل الله الأجر الحسن لنا جميعاً نمكث فيه أبداً آمين.
و بالنسبة لسؤال الأخ محمد بن عبدالله
ففي الآية التي تستفسر عنها نذير للقوم أن يؤمنوا قبل أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلاً , و هذا ما وجدته في سورة الكهف ذاتها في قصتين والله تعالى أعلم.

ففي قصة الرجلين قال الله عز و جل : ( و كان له ثمر فقال لصاحبه و هو يحاوره أنا أكثر منك مالاً و أعز نفراً )

فلما قال الغني منهما ذلك في بداية حديثه لصاحبه و عيّر صاحبه بقلة المال و الولد, كما يفعل الكثيرون في عصرنا هذا, ثم ظلم نفسه بالقول التالي والثالث في الآيات, لم يغتبه صاحبه و لم يسكت عن كفره بل ذكره بالله أولاً و بظلمه لنفسه تالياً حيث أنه كان من واجبه أن يقول ما شاء الله لاقوة إلا بالله حين دخوله لجنته , ثم دعا لنفسه بالنصر على صاحبه و دعا على صاحبه لأنه عيّره بقلة المال و الولد ( لأنه افتقر أصلاً لوسيلة تغيير للمنكر غيرها فهو قليل مال وقليل عدد ).يقول الله عز و جل : ( إن ترن أنا أقل منك مالاً و ولداً فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك و يرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً )

فسنّة الأولين هي دفع المنكر عبر المجاهدين باليد فإن لم يستطع فباللسان فإن لم يستطع فبالقلب و ذلك أضعف الإيمان.

و لو سألتم ما هو الدليل على أن الدفع من قبل المؤمنين و قتالهم للكفار هو سنة الأولين فسأقول كما علّمني ربّي : ( و كأيّن من نبي " قاتل" معه ربيون "كثير" فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله و ما ضعفواو ما استكانوا و الله يحب الصابرين )

عدّد لنا الله في القرآن قصص بعض الأنبياء عليهم السلام ولكننا نعلمأن عدد الأنبياء 124000 نبي منهم 313 رسول.
فلا نعلم قصص الذي قاتلوا و إنما سمعنا آية تخبرنا أن هناك ربيون كثير قاتلوا مع الأنبياء و ما ضعفوا و ما استكانوا .. وإلا فلم أمر الله قوم النبي موسىعليه السلام بقتال الجبارين في الأرض المقدسة ؟ و لم كانوا يطلبون القتال بأنفسهم من بعد موسى عليه السلام ؟؟ كما قال الله تعالى : ( ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً " نقاتل في سبيل الله"

و ختام تلك القصة في سورة الكهف دليل على أن هذه سنة الأولين : ( فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها و هي خاوية على عروشها و يقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا) أتاه الإيمان الآن ! و لكن لن يكون منتصرا كما أخبر الله عز و جل بل سيكابد مثل غيره في الدنيا و قد يفتن بفقره.

يقول الله تعالى : ( و لم تكن له فئة ينصرونه من دون الله و ما كان منتصرا)

إذن كان ذلك الدعاء من قبل ذلك الشخص المؤمن " سلاح " وجّهه ضد الآخر الغني الذي أشرك بربه ! وهو سلاحه الوحيد لضعفه و لقلة العدد و المال عنده.

قبل أن أورد القصة الأخرى من سورة الكهف , نأتي لما هو أوضح من تلك القصة .

يقول الله عز و جل في سورة التوبة : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين)
هل لاحظتم أن العذاب يكون بأيدي المؤمنين !! و ما هو صنف هذا العذاب سوى القتال !

والآن مع آية أخرى من كتاب الله هي أوضح و هي تبيان لمعنى سنة الأولين بشكل صريح , يقول الله عز و جل في سورة الأنفال : ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف و إن يعودوا فقد مضت "سنة الأولين"

لا أعتقد بأن أحدا لن يفهم أن معنى الآية إن ينتهوا فقد عفا الله عنهم فلا داعٍ يدعوك لقتالهم و إن يعودوا لقتالك بعد الوقعة التي أوقعتها بهم يوم بدر فقد مضت سنة الله في الأولين من القرون الخالية بأن يقاتلوا و ينتصر المؤمنون على الكافرين.

وجدت هذا النصر كإيحاء بقوة جيش سليمان عليه السلام في قوله تعالى في سورة النمل: ( و حشر لسليمان جنوده من الجن و الإنس و الطير فهم يوزعون )

و في آية أخرى من ذات السورة أن يعرض أمر الإسلام بقوة على ملكة سبأ , ومن هي ملكة سبأ ؟ , يقول الله تعالى عنها : ( امرأة 1- تملكهم

2- وأوتيت من كل شيء

3-و لها عرش عظيم
فماذا بعث لها سليمان عليه السلام غير عبارتين فقط على قوة مملكة سبأ وملكتها
عبارة لله : ( بسم الله الرحمن الرحيم)
وعبارة تأذن بقتالهم إن لم يأتوه مسلمين : (ألا تعلوا عليّ واتوني مسلمين )

والمعنى أني لا أقاتلكم باسمي أو باسم مملكتي التي حشر لي فيها الجن والإنس والطير كجنود , بل باسم الله رب العالمين الرحمن الرحيم .


أما القصة الثانية في سورة الكهف ذاتها فهي قصة ذو القرنين:

( إنا مكّنّا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا) فهو رجل قوي مسلم مؤمن يجوب الأرض لينشر الإسلام بقوة القتال أو بقوة الفكر و قد تحقق له النصر بإذن الله في مشرق الأرض و مغربها و ما بين السدين .

إذ يقول الله عز و جل لذي القرنين : ( إما أن تعذب و إما أن تتخذ فيهم حسنا) فكان رده : ( أما من ظلم فسوف نعذبه ...)

إذن عذاب الله في الأولين لم يكن كله اهلاك عبر الملائكة بصيحة أو بريح أو بعارض أو أو أو

فنحن كمسلمين جنود لله كما الريح والملائكة والعارض ( و ما يعلم جنود ربك إلا هو و ما هي إلا ذكرى للبشر ) .

سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
 
عودة
أعلى