تفضل نسخت لك هذا الموضوع بعد البحث في قوقل ,,
إنَّ الْحَمدَ للَّهِ نحمدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللَّهِ مِنْ شُرُورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هَادِي لَهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحده لا شريكَ لَهُ، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ .
أما بعد ..... .
اعْلَمْ أَنَّ الْمَصَالِحَ ضَرْبَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِعِظَمِ الْمَصْلَحَةِ فِي فِعْلِهِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ؛ لِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فِي تَرْكِهِ .
وَهُوَ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا : فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَتَعَلُّمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ إلَى نَيْلِ رُتْبَةِ الْفُتْيَا, وَكَجِهَادِ الطَّلَبِ وَجِهَادِ الدَّفْعِ, وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ...... .
وَالثَّانِي : فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ كَتَعَلُّمِ مَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ, وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ, وَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عِبَادَاتِ الْأَعْيَانِ .... . " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " للعز بن عبد السلام (1/43)
فالجهاد ينقسم إلى قسمين : جهاد طلب وجهاد دفع .
وجهاد الدفع أعظم أجراً من جهاد الطلب؛ لأن جهاد الدفع فيه حفظ رأس مال المسلمين، وجهاد الطلب فيه طلب ربح، وحفظ رأس المال مقدم على طلب الربح .
قال تعالى : " وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا " [النساء: 75] .
قال الإمام السعدي رحمه الله : " .......، فصار جهادكم على هذا الوجه من باب القتال، والذب عن عيائلكم وأولادكم ومحارمكم؛ لأن من باب الجهاد الذي هو الطمع في الكفار فإنه وإن كان فيه فضل عظيم ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم أعظم أجراً وأكبر فائدة بحيث يكون من باب دفع الأعداء " . أ . هـ . " تفسير السعدي " (ص187)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ويجوز للمظلومين الذين تراد أموالهم قتال المحاربين بإجماع المسلمين، ولا يجب أن يبذل لهم من المال لا قليل ولا كثير إذا أمكن قتالهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد " " . أ . هـ . " السياسة الشرعية " (1/74)
وقال الإمام ابن بطال رحمه الله : " وما قلناه من إباحة أن يدفع الرجل عن نفسه وماله قول عوام أهل العلم إلا الأوزاعي، فإنه كان يفرق بين الحال الذي للناس فيها جماعة وإمام وبين حال الفتنة التي لا جماعة فيها ولا إمام، فقال في تفسير قوله " من قتل دون ماله فهو شهيد " : إذا أقلعت الفتنة عن الجماعة، وأمنت السبل، وحج البيت، وجوهد العدو، وقعد اللص لرجل يريد دمه أو ماله قاتله، وإن كان الناس في معمعة فتنة وقتال فدخل عليه يريد دمه وماله اقتدى بمحمد بن مسلمة " . أ . هـ . " شرح صحيح البخاري " لابن بطال (6/609)
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله : " وجهاد الدفع أصعب من جهاد الطلب؛ فإن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل، ولهذا أبيح للمظلوم أن يدفع عن نفسه كما قال الله تعالى " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا "، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد "؛ لأن دفع الصائل على الدين جهاد وقربة، ودفع الصائل على المال والنفس مباح ورخصة، فإن قتل فيه فهو شهيد .
فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأعم وجوباً، ولهذا يتعين على كل أحد مقيم ويجاهد فيه العبد بإذن سيده وبدون إذنه، والولد بدون إذن أبويه، والغريم بغير إذن غريمه، وهذا كجهاد المسلمين يوم أحد والخندق .
ولا يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي المسلمين فما دون؛ فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين فكان الجهاد واجباً عليهم؛ لأنه حينئذ جهاد ضرورة ودفع لا جهاد اختيار، ولهذا تباح فيه صلاة الخوف بحسب الحال في هذا النوع، وهل تباح في جهاد الطلب إذا خاف فوت العدو ولم يخف كرته ؟، فيه قولان للعلماء، هما روايتان عن الإمام أحمد .
ومعلوم أن الجهاد الذي يكون فيه الإنسان طالباً مطلوباً أوجب من هذا الجهاد الذي هو فيه طالب لا مطلوب، والنفوس فيه أرغب من الوجهين .
وأما جهاد الطلب الخالص فلا يرغب فيه إلا أحد رجلين : إما عظيم الإيمان يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، وإما راغب في المغنم والسبي .
فجهاد الدفع يقصده كل أحد، ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعاً وعقلاً، وجهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين، وأما الجهاد الذي يكون فيه طالباً مطلوباً فهذا يقصده خيار الناس؛ لإعلاء كلمة الله ودينه، ويقصده أوساطهم للدفع ولمحبة الظفر " . أ . هـ . " الفروسية " (1/187ـ 189)
وجهاد الدفع تشترط له القدرة كما تشترط لجهاد الطلب، من أجل ذلك شرع الصلح، ولولاه لرخص في إفناء النفوس جميعاً دفعاً للعدو، ومن مقاصد الجهاد : حفظ النفوس لا إفنائها .
هذا، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الكرام وسلم، والحمد لله رب العالمين .