د محمد الجبالي
Well-known member
(بعضهم من بعض)
(بعضهم أولياء بعض)
الوصف الأول ( بعضهم من بعض) وصف القرآن الكريم به المنافقين والمنافقات في آية التوبة {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ (67)} .
والوصف الثاني (بعضهم أولياء بعض) وصف به القرآن الكريم المؤمنين والمؤمنات في آية التوبة {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ(71)}.
تأملتُ هذين الوصفين طويلا وإلى الآن لم يسعفني عقلي بما يشفي قلبي حول معاني ومقاصد هذين الوصفين.
وتأملوا معي:
أيهما أقوى في المعنى والدلالة:
(الابن بعض أبيه) أم (الابن يتولى أباه).
قد يظن البعض أن الأولى أقوى، وأرد ذلك بأن (الابن بعض أبيه) نعم صحيح هو بعضه ، لكن الابن قد يتولى غير أبيه،
ومثال ذلك ابن نوح عليه السلام، وقد تبرأ إبراهيم عليه السلام من أبيه.
وهذا يعنى أن الثانية (الابن يتولى أباه) أقوى في المعنى والدلالة ؛ فإنها تشمل الأولى (الابن بعض أبيه) وتشمل ولاية الابن لأبيه.
فإن المنافقين والمنافقات يشبه بعضهم بعضا في قبيح الأخلاق وسوء الطباع وسقم القلوب، وقد ينصر بعضهم بعضا ، وقد يحب بعضهم بعضا ، لكن الولاية فيما بينهم أضعف وأهون من الولاية بين المؤمنين ؛ فإن المنافق يتخلى عن أخيه إذا وجد في ولايته بأسا أو خسرانا.
أما المؤمنون الصادقون فلا يتخلون عن ولاية ونصرة إخوانهم مهما كلفتهم تلك الولاية.
والقرآن يثبت لنا خذلان المنافقين لأوليائهم، اسمع لقول الله عز وجل:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) [Surat Al-Hashr 11 - 12]
هذه لمحة تكشف شيئا عن الفرق بين قول ووصف القرآن للمنافقين: (بعضهم من بعض)
ووصف القرآن للمؤمنين: (بعضهم أولياء بعض)
والله أعلم
د محمد الجبالي