ما الفرق بين الطلبين ؟

أبو المنذر

New member
إنضم
12/06/2003
المشاركات
66
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
السلام عليكم ورحمة الله

لفت انتباهي موضوع طلب رؤية الله تعالى من قبل سيدنا موسى عليه السلام فكان جواب الحق تبارك وتعالى له عن طريق الاقناع والبراهين التي تعلمون " لن تراني ولكن انظر الى الجبل ... الآية " ولما طلب بنو اسرائيل رؤية الله تعالى جاء الرد حاسما فاخذتهم الصاعقة وهم ينظرون "

فما الفرق بين الطلبين ؟
جزاكم الله خيرا .
 
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين.
سؤال موسى لربه هو بمنزلة سؤال إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ربه أن يريه كيف يحيي الموتى. فسؤالهما بحث عما يزدادان به ايمانا واطمئنانا ولم يصدر عن شك و الله أعلم. قال الله سبحانه لإبراهيم:{ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة:260]. ثم إن موسى خشي أن يكون قد سأل ما ليس له بحق فتاب إلى ربه :{ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }[الأعراف:143].
أما سؤال اليهود فقد كان سؤال شرط. فقد اشترطوا على موسى ألا يؤمنوا حتى يريهم الله جهرة، فخرجوا بقولهم ذلك من الإيمان إلى الكفر فاستحقوا عذاب الله لظلمهم وعنادهم. يقول الله سبحانه :{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ }[البقرة:55] ولم تصدر منهم توبة، بل هم مستمرون في غيهم وعنادهم :{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُبِينًا }[النساء:153] . فسؤالهم بمنزلة سؤال المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم الآيات من بعد ما تبين لهم الحق. يقول الله سبحانه :{ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) }[الإسراء].. إلا أن سؤال اليهود كان أعظم جرما و الله أعلم.
 
ومما ذُكِرَ في طلب موسى عليه السلام رؤية الله عز وجل ما ذكره الإمام ابن القيم وغيره أن موسى عليه السلام لما سمع صوت الله سبحانه وتعالى وكلامه له أراد أن يجمع إلى لذةِ السماع لذةَ الرؤية ، وإبراهيم عليه السلام ابتدأ بخطاب التَّأَلُّهِ والاستعطاف {رَبِّ} ثم جاء السؤال عما تقرر لديه عِلْمًا ليراه عمليًّا : {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} ، بينما موسى عليه السلام وإن وافقه في ابتداء التَّأَلُّهِ والاستعطاف إلا أنَّ الشوق قد ابتدرَهُ فطار به اللسان : {أَنظُرْ إِلَيْكَ} فحَكَمَ الله أن رؤيته جل وعلا لا تكون في الدنيا ، فطلبُ موسى عليه السلام طلبُ مَشُوقٍ مُحِبٍّ ، وطلبُ بني إسرائيل طلبُ مستهزِئٍ مكابر أَلَدّ .
 
السلام عليكم
وردت هذه المسألة فى آيات كثيرة
"وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" 56 البقرة
"يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا "
" وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْتَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىرَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّاوَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ " الاعراف143
" وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُوَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ..... " الأعراف 155



ترتيب الأحداث في آية النساء "يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَمِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا(153) العطف بالحرف- ثم -يبين أن سؤالهم الرؤية كان قبل اتخاذهم العجل وهذاالأخير نعلم حدوثه لما ذهب موسي للميقات ؛ وسؤال موسي الرؤية كان أيضا لما جاء الميقات ؛ فهل لم يري موسي صعقهم لما أخذتهم الصاعقة ليعود هو ليسأل الرؤية ؟
إن بناء تصور كامل لرحلتهم نحو الأرض المقدسة بترتيب للأحداث يفهمنا كثيرا مما غمض علينا منها
وما حدث منهم من طلبهم من موسي أن يجعل لهم إلها " وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ ..." وطلبهم الرؤية كان وهم في طورالتربية والاعداد لحمل مهمة الخلافة ووراثة الأرض بعد زوال قرن فرعون ولذلك لما قالوا لموسي ".... قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَالَهُمْ آَلِهَةٌ ...."(الأعراف 138)
لم يترتب علي ذلك عقوبة ولا تكفير ,بل قال لهم "... قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ "
وكذلك طلبهم الرؤية في حال كونهم يجهلون ؛إلا أن الصاعقة أخذتهم كآية أن هذا الطلب ظلم منهم وبعثهم أيضا كان آية لهم واعدادا لهم ليتلقوا المنهج بعد ذهاب موسي للميقات ولعلهم يشكرون أن علمهم الله وبين لهم آياته؛ وشكرهم المرجو أن يعملوا وفق المنهج الذي سوف يتلقاه موسي وهو في الميقات

الفرق الجوهرى بين طلب موسى عليه السلام وطلبهم أنهم طلبوا من حيث كونهم غير مؤمنين ، فربما ظن موسى عليه السلام أن من كان مؤمنا يرقيه ايمانه بحيث يمكنه الرؤية النظرية العينية فكان نفى هذا بالتجربة العملية وبيان أن المانع من الرؤية فى الدنيا ليس الكفر ولكنه عدم صلاحية الانسان لهذا
الفرق الثانى أن موسى كان ينظر إلى الجبل عندما صعق ، أما هم فلا نعلم إلى ماذا كانوا ينظرون "فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ "
موسى لما أفاق تاب ... أما هم لم تنص الآيات على استغفارهم وتوبتهم .... ولكن عُفى عنهم
موسى حاءته بينه أنه لايمكن أن يُرى الله فى الدنيا .... أما البينات التى جاءتهم فهى أن موسى رسول يجب الايمان له ، وأن الله أعظم وأجل أن يراه مخلوق ضعيف كالانسان ، وأن تجاوز الحدود والتطاول يكون ظلما من الانسان لنفسه ، ... الخ
موسى عليه السلام أفاق من أثر الصعق أما هم فقد بُعثوا من بعد موتهم مما يبين أن صعقتهم أشد
والله أعلم
 
عودة
أعلى