ما الفرق بين البأساء والضراء والبأس في الآية؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
ما الفرق بين: البأساء والضرراء والبأس في قول الله تعالى:
{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} (البقرة 177)
لا يزعمن أحد أن المفردات الثلاث بمعنى واحد، فإن التباين بينها واضح جَلِيٌّ، فإن قلتَ: إن المفردات الثلاث كل منها يتسع لمعان تتداخل فيما بينها وتتقارب بل وتتشابه، قلتُ: نعم، قد يكون إذا تفردت المفردة بنفسها في الكلام، فإن اجتمعت وأختاها افترقت، واختصت كل منها بما يخصها.
ولقد اجتمع أكثر علماء التفسير على أن:
البأساء: الشدة والفقر والفاقة
الضراء: المرض والسقم ومصائب البدن
البأس: الحرب والقتال، (حين البأس) أي وقت المعارك وقتال أعداء الإسلام.
ولعل صاحب المنار قدم أفضل ما كُتِبَ في تأويل هذه الآية:
قال: "{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} قالوا: إِنَّ الْبَأْسَاءَ اسْمٌ مِنَ الْبُؤْسِ وَهُوَ الشِّدَّةُ وَالْفَقْرُ ، وَالضَّرَّاءُ مَا يَضُرُّ الْإِنْسَانَ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ جُرْحٍ ، أَوْ فَقْدِ مَحْبُوبٍ مِنْ مَالٍ وَأَهْلٍ ، وَفَسَّرُوا الْبَأْسَ بِاشْتِدَادِ الْحَرْبِ ، وَالصَّبْرُ يُحْمَدُ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ وَفِي غَيْرِهَا ، وَخَصَّ هَذِهِ الثَّلَاثَ بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّ مَنْ صَبَرَ فِيهَا كَانَ فِي غَيْرِهَا أَصْبَرَ ، لِمَا فِي احْتِمَالِهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَى النَّفْسِ وَالِاضْطِرَابِ فِي الْقَلْبِ ; فَإِنَّ الْفَقْرَ إِذَا اشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ يَضِيقُ لَهُ الذَّرْعُ ، وَيَكَادُ يُفْضِي إِلَى الْكُفْرِ ، وَالضُّرُّ إِذَا بَرَّحَ بِالْبَدَنِ يُضْعِفُ الْأَخْلَاقَ حَتَّى لَا يَكَادَ الْمَرْءُ يَحْتَمِلُ مَا كَانَ يُسَرُّ بِهِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ ، فَمَا بَالُكَ بِالْمَرَضِ وَآلَامِهِ وَمَا يَطْرَأُ فِي أَثْنَائِهِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تَسُوءُ النَّفْسَ ، وَأَمَّا حَالَةُ اشْتِدَادِ الْحَرْبِ فَهِيَ عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّعَرُّضِ لِلْهَلَكَةِ بِخَوْضِ غَمَرَاتِ الْمَنِيَّةِ يُطْلَبُ فِيهَا مِنَ الصَّبْرِ مَا لَا يُطْلَبُ فِي غَيْرِهَا ; لِأَنَّ الظَّفَرَ مَقْرُونٌ بِالصَّبْرِ"
والله أعلم
د. محمد الجبالي
 
عودة
أعلى