ما الراجح في تفسير : (رِبيّون) ؟

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع حمد
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

حمد

New member
إنضم
04/09/2008
المشاركات
747
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
يقول تعالى : ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ، والله يحب الصابرين )) .

قال مكي بن أبي طالب : رِبي بكسر الراء منسوب إلى الرب ، لكن كسرت راؤه إتباعاً للكسرة والياء اللتين بعد الراء .

السؤال : هل ما فسّر به مكي هو الراجح ؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
يقول تعالى : ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ، والله يحب الصابرين )) .

قال مكي بن أبي طالب : رِبي بكسر الراء منسوب إلى الرب ، لكن كسرت راؤه إتباعاً للكسرة والياء اللتين بعد الراء .

السؤال : هل ما فسّر به مكي هو الراجح ؟

قال الشوكاني رحمه الله في تفسيره:
"والربى بضم الراء ، وكسرها منسوب إلى الربة بكسر الراء ، وضمها ، وهي الجماعة ، ولهذا ، فسرهم جماعة من السلف بالجماعات الكثيرة ، وقيل : هم الأتباع؛ وقيل : هم العلماء . قال الخليل : الربي الواحد من العباد الذين صبروا مع الأنبياء ، وهم الربانيون نسبوا إلى التأله ، والعبادة ، ومعرفة الربوبية . وقال الزجاج : الربيون بالضم : الجماعات ."

وقال بن عاشور رحمه الله في تفسيره:

"و ( الرّبيُّون ) جمع ربيّ وهو المتّبع لشريعة الرّب مثل الربّاني ، والمراد بهم هنا أتباع الرسل وتلامذة الأنبياء . ويجوز في رَائه الفتح ، على القياس ، والكسر ، على أنَّه من تغييرات النسب وهو الذي قرىء به في المتواتر ."
 
اختلف المفسرون في المسألة على أقوال:

القول الأول:

أن الرِّبيين كالرَّبانيين.

والربانيون - على قول - منسوبون للرب تعالى.
واختلفت عباراتهم في ذلك فقالوا هم: العلماء، أو العلماء الصابرون، أو الأتقياء الصابرون، أو المتعبدون للرب ونحو ذلك من التعبير بجزء من المعنى، وكلها ترجع إلى القول بأنهم بمعنى الربانيين.

وهذا مروي عن ابن عباس، والحسن، وابن المبارك([1]) .

وهو قول الأخفش، والراغب الأصفهاني، والزمخشري، والبيضاوي، والنسفي، والسمين الحلبي، والبقاعي، وأبي السعود، وابن عاشور([2]).

نوقش: بأنه لو كان منسوباً للرب تعالى لكان بفتح الراء ( رَبيون).

وأُجيب: بأن العرب إذا نسبت شيئاً إلى شيء غيرت حركته، كما يقال : بِصري في النسب إلى البصرة ، ودُهري في النسبة إلى الدهر.

وكما تقول في النسبة لبني أُمية الأَمويين، فيجوز في راء ربِّي الفتح على القياس، والكسر على أنه من تغييرات النسب([3]).

وقيل بأن رِبِّي كُسرت راؤه إتباعاً للكسرة والياء اللتين بعد الراء([4]).

وقرأ ابن عباس (رَبيون) بفتح الراء([5]). قال ابن جني: هي لغة تميم([6]).


القول الثاني:

معنى ربيين كثير: جموع كثيرة.

وهذا مروي عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، والحسن، وعطاء، وقتادة، والسدي، وابن إسحاق([7]) .

وهو قول أبي عبيدة، والطبري، والنحاس، ومكي، والواحدي، والبغوي، والقرطبي، والسيوطي، والألوسي([8]).

والرِّبَّة هي الجماعة، فهم منسبون إلى الرِّبَّة، ويقال للخرقة التي يجمع فيها القدح رِبَّة ورُبَّة، والرِباب قبائل تجمعت([9]).

ووصف القرطبي هذا القول بأنه أعرف في اللغة([10]) .

قال الزجاج: " وكلا القولين حسن جميل"([11]).


القول الثالث:

هم الألوف.

وهذا مروي عن ابن مسعود([12])، وهو قول الفراء([13]) .

وهو قريب من القول السابق.


القول الرابع:

هم الأتباع.

قال ابن زيد: " الربيون الأتباع، والربانيون الولاة"([14]).

علق عليه ابن عطية: كأن هذا من حيث إنهم مربوبون([15]) .

يعني به تفسير ابن زيد للربانيين حيث قال: "الربانيون الذين يربّون الناس، ولاة هذا الأمر، يربونهم يلونهم"([16]).

وجمع السعدي بين هذه الأقوال فقال بأن المعنى: " جماعات كثيرون من أتباعهم الذين قد ربّتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة"([17]).



الترجيح:

القولان الأولان كلاهما قويّ محتمل، والقول الأول أظهر لوجهين:

الأول: الآية سيقت للاقتداء بهم – بعد هزيمة أحد – وتفسير اللفظ بالربانيين ألصق بمعنى الاقتداء والاهتداء.

الثاني: لفظ الجموع يوحي بالكثرة، فيكون قوله تعالى <كثير> أشبه بتأكيد المعنى المستفاد من الجموع، وحمل المعنى على التأسيس أولى من حمله على التأكيد، والله أعلم([18]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) ينظر: تفسير الطبري: 4/149، تفسير ابن أبي حاتم: 3/780.

([2]) ينظر: معاني القرآن للأخفش: 355، المفردات: 191، الكشاف: 1/324، تفسير البيضاوي: 1/100، تفسير النسفي: 1/183، عمدة الحفاظ: 2/65، نظم الدرر: 2/163، تفسير أبي السعود: 2/44، التحرير والتنوير: 3/244.

([3]) ينظر: تهذيب اللغة: (رب) المحرر الوجيز: 1/521، تفسير الرازي: 3/1824، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر: 2/625، التحرير والتنوير: 3/244، تفسير سورة آل عمران لابن عثيمين: 2/259.

([4]) ينظر: المحرر الوجيز: 1/521.

([5]) ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لابن جني: 1/272، زاد المسير: 1/379، المحرر الوجيز: 1/521، تفسير القرطبي: 4/148، فتح الباري: 8/208.

([6]) ينظر: البحر المحيط: 3/80، ولم أجده في المحتسب عند كلامه عن ربيين.

([7]) ينظر: تفسير الطبري: 4/149، تفسير ابن أبي حاتم: 3/780 .

([8]) ينظر: مجاز القرآن: 1/104، تفسير الطبري: 4/149، معاني القرآن: 1/169، تفسير المشكل من غريب القرآن: 53، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: 1/236، شرح السنة للبغوي: 11/37، تفسير القرطبي: 4/148، تفسير الجلالين: 68، روح المعاني: 4/83.

([9]) ينظر: معاني القرآن للنحاس: 1/169 ، تهذيب اللغة: (رب)، لسان العرب: (رب) وينظر: تفسير الطبري: 4/149.

([10]) ينظر: تفسير القرطبي: 4/148.

([11]) ينظر: معاني القرآن: 1/400.

([12]) ينظر: تفسير الطبري: 4/150، تفسير ابن أبي حاتم: 3/780 .

([13]) ينظر: معاني القرآن: 1/167.

([14]) تفسير الطبري: 4/151.

([15]) المحرر الوجيز: 1/521.

([16]) تفسير الطبري: 3/381.

([17]) تفسير السعدي: 1/249.

([18]) أما جمع السعدي فيحتاج لمزيد تأمل.
 
عودة
أعلى