ما الحكمة من حذف اللام في قوله تعالى: (جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا) الواقعة: 70؟

نزار حمادي

New member
إنضم
25/06/2008
المشاركات
270
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
تونس
قال الله تعالى في سورة الواقعة:

أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)

ثم قال سبحانه وتعالى: أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)

فما الحكمة من حذف اللام في قوله تعالى: جعلناه أجاجا؟
 
أخي الفاضل نزار هذا رد الدكتور فاضل السامرائي على السؤال الذي طرحته وقد تكلم عنه في برنامج لمسات بيانية أسأل الله تعالى أن ينفع به:

في سورة الواقعة قال تعالى عن الطعام (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)) ومع الشراب (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)) لماذا التوكيد مع الطعام (لجعلناه) ومع الماء بدون توكيد؟ عندما نشرحها، لا شك أن اللام في جواب لو تفيد التوكيد وهي آكد من حذفها وربنا سبحانه تعالى يضع اللام في جواب لو عند ما هو آكد (وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) النحل)، (أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ (47) يس) لم يقل لأطعهم لأنه يمكن أن تطعم من تشاء لكن لا يمكن أن تهدي الناس أجمعين لأنه قد يتعبك أحدهم طول العمر ولا يهتدي. (وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ (67) يس) كيف تمسخهم على مكانتهم؟ لا يمكن. بينما يمكن أن تعاقبهم أحدهم (فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ) اللام إذا دخلت على جواب (لو) تفيد التوكيد. مع الأكل قال (لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) ومع الماء قال (جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا) لم يأت باللام، قال تعالى (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67)) هددهم بأن يجعل الحرث حطاماً أي تبن لا يستفيدون منه في الطعام، بعدما بذلوا وعملوا يصبح حطاماً، أما في الماء فقال (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)) الماء ربنا يُنزله والأجاج يمكن أن يصير حلواً (تحلية الماء) ويمكن أن تنتفع به أما الطعام الذي صار تبناً لا يمكن أن تستفيد منه أو تأكله، إذن أي العقوبتين أشد؟ الأولى أي جعل الطعام حطاماً وهي الأولى بالتوكيد. يأتي بعدها النار (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73)) لم يهدد بها كما فعل مع الطعام والشراب ولم يقل لو نشاء لجعلناها كذا لأن الإنسان لا يمكن أن يعيش بدون طعام وشراب لكنه يمكن أن يعيش بدون نار. وما هو أوضح من هذا من ناحية النظر في رصف في الكلمات واختيار التقديم والتأخير والتوكيد وعدم التوكيد هذه قوانين وهذا هو القمة في التعبير من حيث البلاغة، قمة البلاغة ولا يمكن أن يكون غير ذلك.
 
جزاكم الله خيرا على النقل
لكن هذا التعليل غير ظاهر على الأقل بالنسبة لي..
فجعل الحرث حطاما تبنا على التفسير المذكور يمكن أن يستفاد منه في تغذية الأنعام، ثم الاستفادة من ألبانها ولحومها الخ. فلا محل لتأكيد التهديد. وتحلية الماء أمر مستحدث لم يكن ليخطر ببال العرب ومن سواهم من قبل، وبالنظر إلى عظمة القرآن المجيد ينبغي أن تكون الحكمة من حذف لام التوكيد سارية في جميع الأزمان الأعصار والأحوال، قابلة للفهم من طرف جميع الأفهام.. والله تعالى أعلم.
 
أخي نزار،

فهمت من موضوعك هذا وموضوعك الآخر عن وصف موسى ويوسف عليهما السلام أن سؤالك ليس من باب الاستفهام وإنما من باب عرض ما فهمتَه في الموضوع.
فهل أنا محق؟
 
بارك الله فيك
وهو من باب معرفة آراء إخواني المتدبرين في آي القرآن العظيم، فرأي الدكتور السامرائي إضافة جديدة في معلوماتي جزى الله تعالى الناقلة خيرا.
وفي البحث عن تعليل لحذف لام التوكيد من قوله تعالى جعلناه أجاجا، وجدت كلاما نفيسا لشيخ الإسلام بالمغرب كما لقبه الحافظ ابن حجر، ومجدد دين الأمة على رأس القرن الثامن كما عده الحافظ السيوطي في منظومته المخصصة لذكر المجددين: الإمام ابن عرفة الورغمي، فقد سأله أحد الطلبة هذا السؤال في الديار المصرية عند مروره بها لأداء مناسك الحج، فأجاب قائلا: إن إنبات الزرع فيه للخلق تسبب وكسب، وإنزال الماء من السماء لا تسبب لهم فيه بوجه، بل هو من فعل الله تعالى فقط. والعادة متقررة بأن إفساد الإنسان شيئا عمله هو ونقله من حالة إلى حالة أخرى أهون عليه وأيسر من إفساده شيئا عمله غيره مستقلا أو شاركه غيره في عمله، فلذلك أكّد جعل الزرع حطاما باللام، ولم يؤكد بها جعل الماء أجاجا؛ تأكيدا لكمال قدرة الله تعالى وأنه لا يعجزه شيء. اهـ.
قلت: والحاصل أن فائدة لام التوكيد رفع ما يمكن أن يتوهمه الإنسان من أن سائر أفعاله الكسبية من حرث الأرض وتهيأتها للإنبات واستخدامه لذلك جميع الوسائل المتاحة سواء القديمة أو العصرية المتطورة ووسائل الري كذلك، قد تمنع الباري تعالى من جعل جميع جهودة هباء منثورا بجعل الحرث حطاما، وأن ترتب الأسباب والمسببات قد يحول دون ذلك أيضا، فحسن التنبيه بلام التوكيد على فساد ذلك التوهم، وأن ما يظن من الأسباب العادية مانعا لنفوذ قدرة الله تعالى على جعل الحرث حطاما ما هي إلا من أفعال الله تعالى؛ إذ العادة فعله، وترتيب الأسباب على المسببات أمره التكويني، وكما رتب سبحانه وتعالى بحكمته إنبات الحرث مع توفر الشروط العادية من الماء وغيره فهو قادر على ترتيب تحطمه مع توفر نفس تلك الشروط، بله على تعطيل تلك الأسباب بإمساك السماء عن الإمطار وجعل الماء غورا فتنعدم الشروط العادية للإنبات واكتمال الحرث فيصير حطاما. أما نزول الماء العذب الفرات من المزن فالإنسان يعلم يقينا أنه لا تسبب له ولا كسب في ذلك، فنزوله على تلك الحالة أو غيرها هو من محض إرادة الله تعالى ظاهرا وباطنا، فلا حاجة لتأكيد الاقتدار على إمكان جعله أجاجا. والله تعالى أعلم.
وللزمخشري أجوبة أخرى لمن أراد مراجعتها..
 
أسباب الحياة على الأرض ثلاث، الهواء والماء والطعام
الهواء لا سلطان لأحد عليه في صنعه وتركيبه وسيره إلا لله جل في علاه، ولو ملكه الناس لقتل بعضهم بعضا عند أول خلاف.
أما الماء فسلطان الإنسان عليه بالبحث والتنقيب والتخزين، أما الصنع والتركيب والكمية والهطول فذاك مملوك لله وحده.
أما الطعام فسلطان الإنسان فيه كبير إلى حد ما، فهو يحرث الأرض ويزرعها ويسقيها ويتعهدها ويحصد زرعها ويعمل على حفظه وتخزينه كما أنه يتفنن في أنواع الأطعمة، كل هذا قد يغري الإنسان أنه بمجهوده وحده أثمر الزرع وزاد الحصاد وبقي في خزائنه وأنه تفنن في ألوان صناعته غذاءً له ولغيره.

ولذا لا يباع الهواء ولا يشترى
أما الماء فقيمة بيعه هي قيمة خدمة وصوله إلى المنازل، والمياه المعدنية مثلا الثمن فيها قيمة القارورة والجهد المبذول في استخراج مائها.
بخلاف الطعام فالثمن فيه يحسب منذ أن كان بذرة والأرض فضاء إلى أن أصبح طعاما سائغا للآكلين.
لذا لزم التوكيد في شأن الطعام دفعا لتوهم الجاحدين من كفار ومعاندين أنهم بقدرتهم أنتجوا هذه المأكولات، وترتيب القرآن بحكمة في ورود آية الماء عقب آية الطعام وكأن الرحمن سبحانه وتعالى ينبه السامع أنه إن كان له سلطان ما في شأن الطعام، فلا سلطان للإنسان على الماء إلا ما كان من تخزين ما رزقه الله به، فلا أحد يعلم نزول الغيث الذي هو مصدر الماء الذي يخرج به الطعام إلا الله تعالى.
فالآية توقظ النائم وتنبه الغافل اتكالا على علمه أو قدرته وتقول صراحة أن الله تبارك وتعالى هو الملك القيوم الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يُنال ما عنده إلا بمشيئته، ولذا لزم الشكر على الماء لأمر وبأمر، أما الأولى وجب الشكر على الماء لأنه عطاء بلا جهد، وأما الثانية ببذل الجهد اللازم في حفظه وتخزينه وتنقيته والانتفاع به، ومن ثم ختمت آية الماء بالحث على الشكر وختمت آية الطعام بحسرة الإنسان على ما بذل من جهد في الطعام ضاع سدا.

والله الهادي إلى سبيل الرشاد
 
Life on earth has three tenets; namely, air, water and food.
As for air, its texture, compound and movement is controlled by Allah Alone. Had human owned air, they would have finished each other on the first disagreement.
Yet, man's control over water is relative. This concerns searching for water, storing it and using it. However, its texture, compound, quantity and fall are governed by Allah Alone.

As for food, man has a considerable contribution. Man tills the land, sows the seeds, irrigates the field, tends the plants and harvests the crops. Then, he stores the harvest and makes various types of foods and recipes. Accordingly, man may be tempted to presume that through his efforts, the plants yield fruits, the harvest increases and stores for longer periods and is made into diverse types of recipes for all.

Thus, air is not a transferrable commodity.
As for water, the price is paid for the service of carrying it to homes. The price of mineral water is for the bottle and the efforts exerted to extract its water.
Conversely, the price of food is calculated rightly since it was a seed sown in a plain land till it became an edible food. Thus, in this regard, stress was necessary to preclude the rebels' as well as the nonbelievers' assumption that food is produced by their efforts. This Qur'anic arrangement of both verses is very wise. The verse dealing with water follows that dealing with food, drawing the listeners' attention to the fact that if they have a wider contribution to food, their contribution to water is very limited, that is only to use what Allah has granted. Allah Alone controls the source of water, that rain, its time, place and its quantity.

In that way, the verse awakens the inadvertent, those relying on their knowledge and power. It states clearly that Allah Alone is the Absolute Sovereign. Beyond Allah there is no hideout. All are within His reach. Nothing is obtained without His Will and Permission. Thus, we have to be thankful for one thing and through one thing. We have to thank Allah for giving us water without any effort on our part. We have to do our utmost to store, purify and benefit from it. In that way, the verse dealing with water was concluded with an exhortation to thank Allah, whereas the verse dealing with food ended with a scene of depression and distress due to the wasted efforts.

May Allah guide us all to the right path
 
عودة
أعلى