ما الحكمة من الاستغفار بعد أن غفرت الذنوب ؟

أم الأشبال

New member
إنضم
30/06/2004
المشاركات
503
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :

ما الحكمة من الاستغفار بعد أن غفرت الذنوب ؟

قال تعالى:

{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ }(البقرة:198)

{ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }(البقرة:199)

فبعد عرفات تغفر ذنوب العباد ، وقد أتت الآيات الكريمة تحث على الاستغفار بعد هذا اليوم العظيم، يا ترى ما الحكمة ؟

وقد أستمعت لتوجيه من أحد الدعاة ؟
ولكني أريد توجيه أهل العلم المختصين .
 
غفرت الذنوب ولكن:
من يعلم أنه قد غفر له أم لم يغفر؟
من يعلم أنه قد غفرت له كل ذنوبه أم لم تغفر جميعها؟
ثم إن الذنب حاصل في كل لحظة إما تقصير في واجب أو ارتكاب ما لا يجوز ارتكابه من قول وعمل.

ثم إن في الاستغفار تواضع لله تعالى واعتراف بالتقصير وهذا الحبيب صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع هذا قال له ربه:
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) ) سورة النصر
 
السلام عليكم،

1. أعمال الحج لا تنتهي بالوقوف بعرفة. ولما يرجع الحاج بعد إلى أهله.
2. الاستغفار في حد ذاته عبادة، فإذا لم يحط الذنوب رفع الدرجات.
3. غُفر للرسول عليه السلام ما تقدّم من ذنبه وما تأخر. وعندما سألته عائشة رضي الله تعالى عنها عن قيامه الليل حتى تتفطر قدماه قال:" أفلا أكون عبداً شكورا".
4. الأصل أن يستشعر المؤمن عظيم نعم الله عليه، فهو يستغفر دائما لشعوره بالتقصير في جنب الله. من هنا نجد أن الأنبياء أكثر الناس استغفاراً.
 
[align=justify]هنا كلام مهم جداً للعلامة ابن القيم رحمه الله حول هذه المسألة في مدارج السالكين، وهذا نصه: ( رضا العبد بطاعته دليل على حسن ظنه بنفسه وجهله بحقوق العبودية وعدم عمله بما يستحقه الرب جل جلاله ويليق أن يعامل به.
وحاصل ذلك أن جهله بنفسه وصفاتها وآفاتها وعيوب عمله وجهله بربه وحقوقه وما ينبغي أن يعامل به يتولد منهما رضاه بطاعته وإحسان ظنه بها ويتولد من ذلك من العجب والكبر والآفات ما هو أكبر من الكبائر الظاهرة من الزنا وشرب الخمر والفرار من الزحف ونحوها
فالرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها
وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارا عقيب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية ولا رضيها لسيده.
وقد أمر الله تعالى وفده وحجاج بيته بأن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات وهو أجل المواقف وأفضلها فقال: { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} وقال تعالى: { والمستغفرين بالأسحار} قال الحسن مدوا الصلاة إلى السحر ثم جلسوا يستغفرون الله عز و جل. وفي الصحيح أن النبي كان إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثا ثم قال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وأمره الله تعالى بالاستغفار بعد أداء الرسالة والقيام بما عليه من أعبائها وقضاء فرض الحج واقتراب أجله فقال في آخر سورة أنزلت عليه: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا }
ومن ههنا فهم عمر وابن عباس رضي الله عنهم أن هذا أجل رسول الله أعلمه به فأمره أن يستغفره عقيب أداء ما كان عليه فكأنه إعلام بأنك قد أديت ما عليك ولم يبق عليك شيء فاجعل خاتمته الإستغفار كما كان خاتمة الصلاة والحج وقيام الليل وخاتمة الوضوء أيضا أن يقول بعد فراغه سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
فهذا شأن من عرف ما ينبغي لله ويليق بجلاله من حقوق العبودية وشرائطها لا جهل أصحاب الدعاوى وشطحاتهم
وقال بعض العارفين متى رضيت نفسك وعملك لله فاعلم أنه غير راض به ومن عرف أن نفسه مأوى كل عيب وشر وعمله عرضة لكل آفة ونقص كيف يرضى لله نفسه وعمله.) انتهى[/align]
 
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على قرّة أعيننا وحبيب قلوبنا ونور بصائرنا وحياة أرواحنا محمد عبد الله ورسوله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
إخوتي الأحبّة سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
وبعد:
فإنني أشكر أخي أبو الأشبال على طرحة لهذا الموضوع الدقيق ، وأشكر جهود الإخوة الأكارم في كل ما كتبوه .
وأزيد على ما تفضلوا به قليلا فأقول سائلا الله السداد والتوفيق :
من أمعنّ النظر فيما نقله أهل اللغة في معنى المغفرة ، وأبصر دلائل الآيات الكريمة سيجد المعنى واضحا ولا يحتاج إلى كبير جهد فهاهو الأزهري يقول :” أصل الغفر:الستر والتغطية، وغفر الله ذنوبه: أي سترها ولم يفضحه بها على رؤوس الملأ. وكل شيء سترته فقد غفرته“
الأزهري. تهذيب اللغة ج3ص73، وينظر الرازي. مختار الصحاح ج1 ص199، الجوهري. الصحاح في اللغة ج2ص21، الزبيدي.تاج العروس ج1ص 3304، إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط ج2ص223
فالمغفرة كما هو جلي إما أن تكون لذنب ، أو تكون مطلقة لا لذنب وهذا معنى (التغطية والستر)
وعلى هذا يكون معنى المغفرة للمذنب ؛ ستر ذنوبه وعدم فضحه على الخلائق .
ومعنى المغفرة لغير المرتكب ذنبا ؛ خلعة جود ورفعة وكرم من الله سبحانه وتعالى للعبد يستر فيها كل ما يحيط بالإنسان من نقص ليتفضل عليه سبحانه بأن يكمّله بما شاء . وكأن العبد يقول يارب إنّ النقص فيّ كائن لا محالة فكمّل نقصي بفضلك وجودك ,وأظهر كرمك وفضلك علي .
على نحو ما نجده في قول الله تعالى :
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (لأعراف:26)
فالتقوى خلعة من خلع الله على العبد المؤمن ، ومن لم يتحلّى بها لم ينل البصيرة في كتاب الله تعالى ، ولم ينل رحمته ، قال سبحانه:(قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ) (لأعراف:156)
وتأملوا إخوتي الأحبّة دقَّّة دلالة الآيات الكريمة من سورة يونس :
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (يونس:6)
فالآيات هي الدلائل والبراهين، وقول الله تعالى : وما خلق في السماوات . أمر عظيم ، لأن الإنسان مهما أوتي من علم دنيوي لا يستطيع أن يطّلع على ما خلق في السماء الدنيا ، قال تعالى : ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (فصلت:12) (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) (الملك:5) فإذا كانت المصابيح في السماء الدنيا فما بالكم بباقي السموات .
ولماذا خصّت بأنها آيات للمتقين دون غيرهم فمن هم هؤلاء ؟؟ والإجابة من القرآن الكريم :
(أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:62-63)
والحديث في هذا الباب دقيق ، أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت في تيسير الأمر وحسن الطرح ، وأسأله سبحانه العصمة من الزلل والضلال.
والله سبحانه وتعالى أعلم
 
المشايخ الفضلاء ، حجازي - أبو عمرو - أبو مجاهد - حسن ، الله يعلم كم استفدت من مشاركاتكم القيمة ، جزاكم الله الخير كله وأبعد عنكم الشر.

واليوم كنت أستمع لأحد المفتين ، وهو يذكر أن من عليه أضحية و أخذ من شعره وأظافره ، فعليه أن يستغفر كما ذكر أهل العلم ، والأضحية على مكانها ، فهذا التقصير كما ذكر أهل العلم يجبر بالاستغفار ، فهذه فائدة أيضا كما يظهر لي والله أعلم.
 
وما الحكمة من استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم سبعين مرة وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر...
لو لم يكن في الاستغفار عقب عمل الطاعات إلا أن يكون سدا منيعا من أن يصاب المرء بالعجب والغرور لكفى.
وأذكر أنني سمعت من الشيخ العلامة محمد المختار الشنقيطي حفظه الله في أحد دروسه بالمسجد النبوي كلمة أوصى فيها طلبة العلم بأمرين: كثرة الحمد مع كثرة الاستغفار؛ لأن العبد إذا أكثر منهما أمن من فتنة العجب، فإذا عمل العمل علم أن ذلك بفضل من الله فحمده وأثنى عليه، وإذا تأمل في عمله استحيا من تقصيره فيه فاستغر ربه
 
وما الحكمة من استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم سبعين مرة وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر...
لو لم يكن في الاستغفار عقب عمل الطاعات إلا أن يكون سدا منيعا من أن يصاب المرء بالعجب والغرور لكفى.
وأذكر أنني سمعت من الشيخ العلامة محمد المختار الشنقيطي حفظه الله في أحد دروسه بالمسجد النبوي كلمة أوصى فيها طلبة العلم بأمرين: كثرة الحمد مع كثرة الاستغفار؛ لأن العبد إذا أكثر منهما أمن من فتنة العجب، فإذا عمل العمل علم أن ذلك بفضل من الله فحمده وأثنى عليه، وإذا تأمل في عمله استحيا من تقصيره فيه فاستغر ربه

نقل مفيد أخي الكريم جزاك الله خيرا .
وقد ذكرتني هذه النقطة بقوله تعالى :

{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }(المزمل:20)
 
عودة
أعلى