ما الحكمة في قول أخو يوسف عليه السلام لإخوته ( إرجعوا إلى أبيكم )؟

إنضم
06/07/2006
المشاركات
46
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
ورد في قصة يوسف عليه السلام أن قيل روبيل ( أخو يوسف عليه السلام ) قال لإخوته، حين أخذ يوسف أخاه بالصواع الذي استخرج من وعائه: ارجعوا، إخوتي، إلى أبيكم يعقوب فقولوا له يا أبانا إن ابنك بنيامين سرق)
فما الحكمة في قوله ( ارجعوا إلى أبيكم ) ولم يقل أبي ؟
وفقكم الله
 
فائدة

فائدة

الحمد لله ، وبعد ..

الأمر ظاهر فتح الله عليك .

فقد كان هذا الكبير هو القائل على الصحيح لا يوسف عليه السلام .

وهو لن يرجع لأبيه يعقوب عليه السلام ؛ فأراد أن يقول لأخوته إنكم إن رجعتم إلى أبيكم ؛ وذلك لأنكم ستذهبون له بدوني ؛ لأنه قال من قبل : ( لن أبرح حتى يأذن لي أبي )

فيظهر لي أنه حين ذكر أباه لنفسه أغناه عن ذكره مع أخوته .

غير أني لم أجد أحداً من المفسرين بيَّن سبب القول لما سألتم ؟

ولعل أخاً باحثاً ينفعنا بعلمه ؛ فيزيد جواباً أعدل وأقوم من جوابي القاصر ، ومما لم أقف عليه .

والله أعلم
 
الأخ أبو العالية، فتح الله عليك..
كلامك محتمل، ولكن كان بإمكانه القول: ارجعوا إلى أبي فقولوا ...، او: ارجعوا إلى أبينا ...
وهناك سؤال آخر: لماذا قال: فقولوا .... إن ابنك سرق، ولم يقل: فقولوا له إن أخانا سرق؟
هل لأنه أخوهم من أبيهم، ويريدون أن ينزهوا أنفسهم عن هذه الجريمة، فهم لا يحملون نفس أخلاقه، لأنه ليس أخاهم الشقيق؟
 
الحمد لله ، وبعد ..


الجواب يقال :

موقفهم من أخيهم يوسف وبنيامين ظاهر .
والحسد لم يبق لهم شيئاً ، وقد يقال هذا أو ذلك ، وقد يكون قولهم من باب التعريض .

والأمر لا يظهر لي فيه كبير فائدة .

والله أعلم
 
قال تعالى: { قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ {80} ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ{81} وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ{82} قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{83}

أحيي أهل التفسير وملتقاهم المبارك وأحب أن أسهم بهذه المداخلة، وهي من باب تدارس العلم فأقول:
عندما ننعم النظر في الآيات الكريمة السابقة نجد أنه بشيء من التدبر نستطيع أن نجيب على السؤال المطروح على قدر الطاقة البشرية وهو: لماذا قال كبير إخوة يوسف ـ عليه السلام ـ:" ارجعوا إلى أبيكم " ولم يقل: إلى "أبي" ؟ ولماذا آثر الإخوة قول" ابنك" ولم يقولوا: إن "أخانا" سرق؟

أقول وبالله التوفيق:
أولا: عندما قال الأخ الأكبر: لإخوته " أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ.." الآية، علينا أن نتحقق من أن هذا الأخ وهو يخاطب إخوته إنما يخاطبهم من حيثية موقعه منهم كأخ أكبر يتكلم في غياب الأب بمنطق الأب ذاته أمراً ونهياً، بل لنا أن نتخيل أنه هو الأب في غياب أبيهم، فكان خطابه لهم مواجهة:{ أباكم ..ما فرطتم .. ارجعوا .. فقولوا..} وهذا لا يعني أنه بمعزل عن المسؤولية، ولكنه يستشعر معهم المسؤولية بدليل قوله" فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ".ولكن في كل حال لابد للقوم من كبير، خاصة في الملمات، ومن هنا كان منطقياً صدور هذا الخطاب عنه كما جاء.

ثانياً: قول كبيرهم لإخوته: ارْجِعُواْ "إِلَى أَبِيكُمْ " ولم يقل: ارجعوا إلى أبينا أو إلى أبي، مع أن الأب يجب أن ينسب إليه الجميع؟
قلت: مع مراعاة السبب الأول فإن الكل نسب إلى يعقوب ـ عليه السلام ـ، على سبيل الإفراد حيث إن كبيرهم أكد على أبوة يعقوب ـ عليه السلام ـ له من خلال قوله في الآية السابقة:" حتى يَأْذَنَ لِي أَبِي" ولنركز على ياء النسب في "أبي"، أما في مقام تلقين إخوته حجتهم قال لهم: ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سرق..." وهو مقال ينسجم تماما مع مقام التلقين المنسبك مع المواجهة والخطاب بالكاف، لذا اختلف الأمر وتم المراد الذي أفرد مرة " أبي" وخوطبوا به أخرى" " أبيكم " ليكون في الختام " فَقُولُواْ يَا أَبَانَا" ومن هنا تنوعت الصيغ بتقسيمها على كل مقام مقالى، وانتهت إلى ما جمع كل ذلك في الأخير وهو أنه أب للجميع " فقولوا يا أبانا " أي: جميعا "إِنَّ ابْنَكَ.." كان منه كيت وكيت..

ثالثاً: قال:" إن ابنك سرق" ولم يقولوا:" إن أخانا" لبيان كمال بنوته لأبيه، كونه شقيق يوسف وهم ليسوا كذلك، فكأنهم يقولون لأبيهم: نحن نعلم مكانته عندك بالتمام والتي قد تفوق مقام أخوتنا له، ومن هنا نخاطبك بخطاب يفيد ذلك، وهو خطاب يحمل ما يحمل من صيغ المحافظة على ما أراده الأب منهم تجاه أخيهم، مؤذن بالتبري من أي تقصير منهم تجاه بنيامين، والله أعلم بأسرار كتابه.
 
الصدق كفارة للكذب

الصدق كفارة للكذب


إخوة يوسف يوم ذهبوا به وقد أجمعوا على إبعاده عن أبيهم حتى يمنحهم ما كان يختص به ابنه يوسف دونهم ؛ تشاوروا بينهم فيما يصنعونه بيوسف فلم يجدوا أجدى من أن يقتلوه ، أو يطرحوه أرضا متاهة يتعرض فيها لخطر جليل قد يكون أشد من القتل ، وكلا الأمرين فيه هُلك ليوسف .
ولكن أحد الإخوة - وبعض المفسرين يعدونه أخاهم : رأوبين وهو كبيرهم - لم يكن موافقا على مبدأ القتل أو الطرح في أرض متاهة ، فاقترح إلقاءه في في الجب ؛ والجب : البئر الواسعة غير المطوية التي تضيق دوائرها كلما تسفل فيها النازل حتى يبلغ الماء وهذه غالبا يكون لها محطات جافة في أطراف الدوائر يستريح فيها الماتحون قبل الخروج الأخير من رحلة العمل ، وعند كل دائرة يزداد غياب النازل عن أعين الناس في أعلى البئر فهذه هي غيابات البئر أوغيابتها ، و ( ال ) هنا للعهد فقد تكون بئرا معروفة لديهم يستقون منها نزولا بالأرشية ، وهذا الاقتراح نابع من رحمة هذا الأخ وليس فيه إزهاق النفس وقُصارى ما يصيب يوسف أن يلتقطه بعض السيارة ويذهبوا به بعيدا فلا يستطيع العودة ولا يستطيع الأب استعادته ، وقد يكون صاحب هذا الاقتراح قدر نسبة إمكان أن يرجع يوسف إلى أبيه إذا استدل عليه أهل الخير وهذا هو الأمل الذي ظل يتجدد في نفس يعقوب زمنا طويلا بفضل الله وحَوْله وطَوْله إلى أن كان من أمر الله فيه ما أخبرت به آيات القرآن الكريم .
ولعل هذا الأخ الرحيم بأخيه يوسف كان مستضعف الرأي عند إخوته يأخذون منه بعض المشورة ويتركون بعضا ، ويبدوا أنهم كانوا غالبين على أمرهم فكلمتهم نافذة على أخيهم الكبير هذا ، فينساق المسكين وراءهم بلا حيلة ولا قوة على المعارضة ؛ فلما كان من شأن يوسف يوم صار عزيز مصر وحيلته في أخذ شقيقه بنيامين أسير ذنب ما جناه بنيامين ولا همَّ به استشعر هذا الأخ الأكبر فداحة الذنب الذي أذهبوا به يوسف عن وجه أبيهم بكذبهم عليه ودعواهم أن ذئبا أكله وهم عنه غافلون ... ، فاليوم حصحص الحق فاقتضى منه أن يفارق رأي إخوته المعوج وطريقة تعاملهم مع الوالد الذي يعاني من فقد يوسف منذ زمن ، ثم فقد آخر وكان ضنينا به لولا الحاجة إلى طعام يأتي من مصر ، فأراد أن يصدق صدقا يمحو به أثر كذبه الأول ، فنصح إخوته بالصدق مع الوالد وإخباره بالحق والحقيقة دون أي تزييف أو تمويه ، ونظرا إلى أنه قرر أن لا يبرح مصر إلا ...... فكان وجودهم لدى الوالد دونه يقضي بأن يقول لهم : ارجعوا إلى أبيكم ، وكأنه يعلن مفارقته لطريقتهم مع الوالد ويوجههم إلى الصدق معه ، فإن صدقوا إلى أبيهم واطمأن قلبه لهذا الصدق فهم شركاء في حنان الأبوة ، وإلا فيعقوب أبوهم من حيث النسب ، وليس لهم في قلبه عطف الأب وحنوه ، ونحن نقول ذلك إذا برئنا من عمل أحد إخوتنا فنقول : والله قل لأبيك هذا وخذ منه جزاءك .
فكأن منهج التعامل هو الذي يفرق بين الإخوة فالوالد أبو هؤلاء المصلحين بمنهج الأبوة الحانية ، وهو نفسه أبو هؤلاء المفسدين بمنهج الأبوة القاسية التأديب ؛ فكل يخاطب أخاه بمقتضى عمله الذي يحدد منهج الأبوة . فإذا كانوا جميعا على أمر واحد اجتمعوا في منهج أبوة واحدة : ويتضح ذلك من قولهم في المرة الأولى : ( يا أبانا إنا ذهبنا نستبق ) لأنهم أجمعوا على الكذب فهم شركاء في أبوة يأملون منها كل الحنان ، وقول أخيهم لهم في المرة الثانية : ( اذهبوا إلى أبيكم ) معلنا براءته من منهج الكذب الذي اعتادوا أن يبرروا به سلوكهم المعوج ، ويبدوا أنهم عزموا على الكذب على أبيهم إذا عادوا بغير أخيهم فنصحهم الكبير أن يصدقوا في هذه المرة ترقبا لتغيير منهج التعامل لعل أباهم صاحب القلب الرافض لمنهج الكذب يجد في صدقهم ما يجعله أباهم صاحب القلب المطمئن ، والحقيقة هذه المرة عليها شهود ، فقولهم : ( إن ابنك سرق ) يصدقه رد بضاعتهم ، وشهود أهل العير رفاق الرحلة في مصر .
وتحديد بنوة الولد دون الأخوة في خطابهم ليبينوا لأبيهم أن ابنك الذي شئت أن تمنع خروجه معنا خوفا عليه منا هو الذي أساء إلى سمعتك بارتكابه جريمة السرقة وهي جريمة معروف جزاؤها أن يؤخذ السارق أسيرا رقيقا أو مسجونا إلى حين ، فهذا أثر تربيتك وتدليلك لابنك .
هذا اجتهاد من يرجو الثواب ، والله أعلم بالصواب .
 
السلام عليكم

قال البقاعي في تفسيره (فقال: { ارجعوا إلى أبيكم } أي دوني )--


على هذا فقد يكون في قوله تعالى " { ارجعوا إلى أبيكم " مزيد تأكيد على عزمه الإنعزال عنهم---فكان قوله " { ارجعوا إلى أبيكم " دلالة إشارية على أنّه لن يكون معهم حال رجوعهم إليه فناسب ذلك أن يقول "إلى أبيكم" لأنه حين رجوعهم لن يكون معهم
 
عودة
أعلى