ما الحكمة في عدم ذكر الاستواء في حق يوسف عليه السلام؟

نزار حمادي

New member
إنضم
25/06/2008
المشاركات
270
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
تونس
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى في حق يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [يوسف:22]

وقال تعالى في حق موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [القصص:14]

فما الحكمة في إتيان يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام الحكم والعلم قبل الاستواء؟
 
الذي بيدو ـ والله أعلم ـ أن هذا الوصف بالاستواء ليس بلازم ، بل هو قدر زائد في حق موسى فقط ؛ لأن موسى قد أوتي بنية قوية فوق ما يؤتاه غيره ، فكان ذكر الاستواء لهذا المعنى فقط ، ويؤنس بذلك أنه ذكر بعدها قصة الذي من عدوه والذي من شيعة ، وفيها مثال لقوة موسى عليه السلام .
وإذا كان الأمر كذلك ، فلا حاجة لربط الآيتين ببعضهما ، والله أعلم .
 
جزاكم الله خيرا.
والربط المذكور غير مستبعد مطلقا..
لكن إذا جرينا على أن المقصود بالحكم في الآيتين النبوة، وهو مختار جمع من المفسرين، وعلى كون المقصود من الاستواء الاكتمال في الأشد ببلوغ الأربعين كما اختاره النقاش مثلا في "شفاء الصدور" مفسرا الاستواء ببلوغ الأربعين، وآخرون استنادا على قوله تعالى في سورة الأحقاف آية 15: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)، بدليل أن العطف يقتضي المغايرة، وتفسير الضحاك بلوغ الأشد ببلوغ عشرين سنة فقط، والسدي بثلاثين، إذا جرينا على هذا فيكون حذف الاستواء في حق سيدنا يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام لحكمة، ولا أقصد فقط إتيانه النبوة والعلم في سن مبكرة مقارنة بسيدنا موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، بل لعلها لحكمة أخرى لها مناسبة مع قصة امرأة العزيز.. وعلى كل لا نستطيع بناء على هذا استبعاد وجود ربط بين الآيتين، بمعنى أن حذف الاستواء في سورة يوسف لا حكمة من رواءه، وإن ظهر صحة إضافته بالنسبة لسورة القصص بناء على إرادة الاكتمال في القوة.. والله تعالى أعلم.
 
أخي نزار : دعوى أن الاستواء موجود في حقِّ يوسف ـ عليه السلام ـ لكنه محذوف يحتاج إلى دليل مستقل يدل على ذلك ، وكونه ذُكر في حقِّ موسى ـ عليه السلام ـ فلمناسبةٍ خاصةٍ بموسى ، وهي حاجة دعوته إلى القوة ، وهذا ظاهر في سيرته ـ عليه السلام ـ ظهورًا واضحًا ، ولا أرى أنه يلزم أن يكون يوسف قد استوى لما أوتي الحكم والعلم ، لكنه لم يُذكر الاستواء صراحة ، وذُكر في حقِّ موسى عليه السلام ، بل كانت دعوة يوسف ـ عليه السلام ـ لا تحتاج إلى الاستواء ، وإنما إلى العلم والحكمة كما هو الحال في حاجة موسى ـ عليه السلام ـ إليهما أيضًا ، والله أعلم .
 
طُرح هذا السؤال في برنامج لمسات بيانية على الدكتور فاضل السامرائي فكانت هذه إجابته أسأل الله أن تكون وافية:

سؤال: لماذا جاءت كلمة (واستوى) مع موسى  في الآية (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) القصص) بينما لم ترد مع يوسف  (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) يوسف)؟

إستوى في اللغة معناها إكتمل شبابه واكتملت قوته، إكتمال الشباب والقوة. نلاحظ السياق الذي وردت فيه استوى واضح موطن القوة البدنية (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا (15) القصص) هذا منتهى القوة، عندما ذهب إلى مدين (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)) الصخرة على البئر تحتاج لعشرة أشخاص رفعها موسى  وحده وسقى لابنتي شعيب، بنت الرجل الصالح قالت (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) القصص) هذا كله يناسب استوى أما مع يوسف  لم يذكر شيء من هذا، لما كان هناك ما يتعلق بالقوة ذكر استوى. يوسف  كان في السجن (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) يوسف) ليس هناك داعي لذكر استوى. بلغ أشده أي بلغ العمر المناسب قسم يقول ثلاثين وقسم يقول أربعين. مع يوسف  لم يكن هناك داعي لذكر موقف القوة ولا ندري إن كان قوياً أم لا. المناسب أن يذكر استوى في قصة موسى  لأنها تدل على القوة. استوى مناسبة في الآية.
 
الذي بيدو ـ والله أعلم ـ أن هذا الوصف بالاستواء ليس بلازم ، بل هو قدر زائد في حق موسى فقط ؛ لأن موسى قد أوتي بنية قوية فوق ما يؤتاه غيره ، فكان ذكر الاستواء لهذا المعنى فقط ، ويؤنس بذلك أنه ذكر بعدها قصة الذي من عدوه والذي من شيعة ، وفيها مثال لقوة موسى عليه السلام .
وإذا كان الأمر كذلك ، فلا حاجة لربط الآيتين ببعضهما ، والله أعلم .
=============

القول بأن معنى الاستواء الذي جاء في ذكر موسى عليه السلام ........أنه قد أوتي بنية قوية فوق ما يؤتاه غيره ... ليس بظاهر ...

لأمور :
1- أنه تعالى قد رتب على هذا الاستواء أمرا عظيما ، وهو إيتاء العلم والحكمة .
2- عدم كمال فائدة مثل هذا ، هو من الكمال نعم ، لكن في مثل هذا السياق يبعد جدا أنه المقصود ...............


لهذا ف استوى هنا _ والله أعلم _ يعني كمال العقل واستواء الفهم ، فهو أمر زائد عن مجرد بلوغ الأشد


هذا على عجل ولي عودة بإذن الله
 
بارك الله فيكم

حاصل أجوبة الإخوة الكرام أن المراد من الاستواء جميع معانيه الممكنة من الاكتمال في السنّ ببلوغ الأربعين والاكتمال في القوّة ببلوغ أوجها، أن ذكر الاستواء في حق موسى ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ مناسب أتم المناسبة لسياق الأحداث والوقائع، وهذا حق لا نزاع فيه، وقد نص عليه أئمة التفسير، سيما الإمام ابن الزبير الغرناطي.

لكن أصل السؤال هو هل لعدم ذكر ذلك الاكتمال العمري الرشدي في حق يوسف ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ دلالة معينة زائدة على مجرد عدم اقتضاء المقام ذكره أم لا؟ سيما أنه لو ذُكر الاستواء في حقه عليه السلام وكان المراد به تأكيد بلوغه سنا تهيأ فيها لقبول الحكم والعلم المذكورين لما كان ذكره عديم الفائدة.

والذي يظهر من سياق الآية والتي من مقاصدها الثناء على يوسف ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ أن لحذف الاستواء دلالة معينة. بيانه أننا مثلا لو قلنا بأن فلانا بلغ أشده واكتملت قواه الجسدية وصار في أعلى درجات الشجاعة والفتوة، وعندما استنصره أحد الضعفاء على أحد المتسلطين نصره فورا، لما كان في تلك النصرة أمرا عجيبا، بل هو أمر عادي بالنسبة إلى الموصوف بتلك الصفات الكمالية. وأما إذا قلنا فيما هو متعارف أن فلانا شابا جميلا في أوج شبابه وأول سني رشده، أقبلت عليه الدنيا بزخرفها وهو بعد لم يكتسب خبرة بها، حتى عرضت عليه إحدى الملكات نفسها وراودته عن نفسه بأساليب سحرية، ومع توفر الدواعي من البلوغ وتمام الحرارة امتنع من مجاراتها في شهوتها وأعرض عن تلبية مطلبها، لكان ذلك أمرا عجيبا يستدعي أكثر من تساؤل، كيف نشأ؟ ومن الذي أدبه؟ ومن الذي علمه؟ كيف تحكم في شهوته الغريزية؟ الخ ما يمكن أن يسئل عنه. بخلاف ما لو حكينا ذلك عن رجل بلغ أشده واستوى من جميع النواحي وعرض عليه مثل ذلك فامتنع لعلمه بعواقب الأمور عن خبرة وتجربة لما كان ذلك غريبا.

والخلاصة أن عدم ذكر الاستواء في حق يوسف ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ فيه ـ بناء على ما سبق ـ دلالة على أنه كان معصوما من الله تعالى ساعة مراودة امرأة العزيز له، وأنه لولا تلك العصمة لما صمد أحد مثله في مثل ذلك الموقف، وأنه لو ذكر الاستواء فيه حقه لتوهم المتوهم أنه عليه السلام امتنع بنفسه من ذلك الأمر من غير معين، وهو خلاف المراد الإشارة إليه بناء على ما سبق، وعصمة الأنبياء مطلب جليل، والله تعالى أعلم.
 
يمكن أن نضيف إلى كلام الأخوة الكرام فنقول:

أولاً: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض"، فالله سبحانه وتعالى جعل العطاء للأنبياء

متفاوتاً لحكمة وعلم.

ثانياً: "وآتيناه الحكم صبياً"، وهذا أمر تميّز به يحيي عليه السلام. فلا يقال لماذا تميّز

يحيي عليه السلام بهذا.

ثالثاً: يوسف عليه السلام أوتي الحكم والعلم قبل أن يكتمل ويتم خلقه المادي والمعنوي.

رابعاً: المتدبر للآيات الكريمة يميل إلى أن الحكم والعلم كان قبل نبوة يوسف وموسى

عليهما السلام. وسياق الآيات يدل على ذلك. والحكمة والعلم مقدمات للنبوة والتي هي

مقدمة للرسالة بالنسبة للرسول.

خامساً: الرسالة لا تتعلق بالرسول فقط بل تتعلق بالمرسل إليهم أيضاً.
 
والخلاصة أن عدم ذكر الاستواء في حق يوسف ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ فيه ـ بناء على ما سبق ـ دلالة على أنه كان معصوما من الله تعالى ساعة مراودة امرأة العزيز له،
وبالتالي لا قدوة في فعله !!!
بل هو قدوة ؛فقد آتاه الله حكما يحكم به علي الأمر أهو جائز أم لا ,ويحكم نفسه رغم قدرتها وصلاحيتها ورغبتها ,
ومع توفر الدواعي من البلوغ وتمام الحرارة امتنع من مجاراتها في شهوتها وأعرض عن تلبية مطلبها، لكان ذلك أمرا عجيبا يستدعي أكثر من تساؤل، كيف نشأ؟ ومن الذي أدبه؟ ومن الذي علمه؟ كيف تحكم في شهوته الغريزية؟ الخ ما يمكن أن يسئل عنه. بخلاف ما لو حكينا ذلك عن رجل بلغ أشده واستوى من جميع النواحي وعرض عليه مثل ذلك فامتنع لعلمه بعواقب الأمور عن خبرة وتجربة لما كان ذلك غريبا.
ما الخلاف بينهما ؛إن كان الأول مثل ليوسف فهو قد أوتي حكما وعلما وبالتالي لا يختلف عن الثاني في شيء بل هو أفضل ؛فلا يجب عليّ أن أجرب التدخين- مثلا -لأعلم أنه سيء ويكون عندي علم بعواقب الأمور بل أمتنع عن علم فأكون أفضل



الأخ أبو عمرو أوافقك تماما علي قولك
المتدبر للآيات الكريمة يميل إلى أن الحكم والعلم كان قبل نبوة يوسف وموسى

عليهما السلام.
ولكن لم نفهم معني "....واستوى ..."
أما قولك
يوسف عليه السلام أوتي الحكم والعلم قبل أن يكتمل ويتم خلقه المادي والمعنوي.
بل اكتمل ماديا لأن الله قال " ..ولما بلغ أشده .."
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد:

قال تعالى :
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }(القصص:14).
{ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى }(النجم:6)
ورد في تفسير الجلالين:
" (ذو مرة) قوة وشدة أو منظر حسن أي جبريل عليه السلام "
قال ابن كثير:
" وقال هاهنا: { ذُو مِرَّةٍ } أي: ذو قوة. قاله مجاهد، والحسن، وابن زيد. وقال ابن عباس: ذو منظر حسن.
وقال قتادة: ذو خَلْق طويل حسن.
ولا منافاة بين القولين؛ فإنه، عليه السلام، ذو منظر حسن، وقوة شديدة."
فأنبياء الله تعالى يمن عليهم ربهم بصفات يؤيدهم بها ويقويهم ومنها الصفات السابقة ، فموسى عليه السلام كان قويا وجميلا أيضا كما يظهر .
قال تعالى :
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }(الفتح:29).
فالاستواء في حق موسى عليه السلام معين على إغاظة فرعون المتكبر المتجبر ، ومع ذلك ماذا قال:
{أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ }(الزخرف:52).
أما يوسف عليه السلام.
فقد قال تعالى:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }(يوسف:22).
فما تعني ( أشده ) ؟
قال ابن كثير:
"وقوله: { وَلَمَّا بَلَغَ } أي: يوسف عليه السلام { أَشُدَّهُ } أي: استكمل عقله (8) وتم خلقه. { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } يعني: النبوة، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام، { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } أي: إنه كان محسنًا في عمله، عاملا بطاعة ربه تعالى.
وقد اختُلِف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: ثلاث وثلاثون. وعن ابن عباس: بضع وثلاثون. وقال الضحاك: عشرون. وقال الحسن: أربعون سنة. وقال عكرمة: خمس وعشرون سنة. وقال السدي: ثلاثون سنة. وقال سعيد بن جبير: ثمانية عشرة سنة." أهــ
ولتركز على قوله :
" وقد اختُلِف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده "
لكن المقصود :
"فلما بلغ أشده وكان من الرجال " أهــ قال هذه العبارة ابن كثير في حق موسى لبيا معنى أنه بلغ أشده.
وقال تعالى :
{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }
قال ابن كثير :
" أي: أشده ألما وأعظمه نكالا. "
وهذا يجعلني بغلبة ظن أقول :
أن لفظ استوى في حق موسى عليه السلام ، تأكيد (وتنبيه ) على القوة التي تفسر قتله لرجل بما يسمى ( لكمة ) أي ضربة بقبضة اليد.
وليساعد الفتاتان بما لا يقوى عليه إلا مجموعة من الرجال .
أما فيما يخص زوج العزيز وموقف يوسف عليه السلام مما فعلته .
تظهر لنا صورة في قصة موسى عليه السلام .
{وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ }(القصص:23).
{فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }(القصص:24).
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }(القصص:26).
{فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }(القصص:25).
وفي ذلك عبرة للمتدبرين .

والله أعلم وأحكم.
 
الأخ الكريم مصطفى:

الاستواء هو اكتمال الحال - كما جاء في مقال نشر في الملتقى للشيخ بسام جرار -

فبلوغ اللحم -على سبيل المثال - النضج لا يعني اكتمال النضج. وعندما يكتمل النضج

يكون استواء.

بلوغ الأشد لا يعني اكتماله لأن حالة الأشد لا تأتي فجأة. هذا وجه.

إذا كان الأشد يتعلق بالجانب المادي فيكون الاكتمال بتمام الانسجام بين الجانب المادي

والمعنوي. ومعلوم أن الفصل غير ممكن. فالقوة الجسدية تكون في أبهى صورها

عندما يعززها قوة الفكرة، والعكس يصح.
 
بارك الله فيكم

والخلاصة أن عدم ذكر الاستواء في حق يوسف ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ فيه ـ بناء على ما سبق ـ دلالة على أنه كان معصوما من الله تعالى ساعة مراودة امرأة العزيز له، وأنه لولا تلك العصمة لما صمد أحد مثله في مثل ذلك الموقف، وأنه لو ذكر الاستواء فيه حقه لتوهم المتوهم أنه عليه السلام امتنع بنفسه من ذلك الأمر من غير معين، وهو خلاف المراد الإشارة إليه بناء على ما سبق، وعصمة الأنبياء مطلب جليل، والله تعالى أعلم.

ذكرني هذا الكلام من أخي الفاضل بقوله تعالى :
{وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } ( الإسراء:74).
وهذه .
محاضرة شيقة .
بعنوان.
عصمة الأنبياء .
لأبو إسحاق الحويني
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=345
 
والخلاصة أن عدم ذكر الاستواء في حق يوسف ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ فيه ـ بناء على ما سبق ـ دلالة على أنه كان معصوما من الله تعالى ساعة مراودة امرأة العزيز له، وأنه لولا تلك العصمة لما صمد أحد مثله في مثل ذلك الموقف، وأنه لو ذكر الاستواء فيه حقه لتوهم المتوهم أنه عليه السلام امتنع بنفسه من ذلك الأمر من غير معين، وهو خلاف المراد الإشارة إليه بناء على ما سبق، وعصمة الأنبياء مطلب جليل، والله تعالى أعلم.

==================
[أيها الفاضل ............. ما ذكر في هذه الخلاصة من ربط عدم ذكر الاستواء بمسألة العصمة يحتاج مزيد نظر ، وقد عهد أن يكون الذكر دفعا للتوهم وطلبا للاحتراز ، أما أن يكون عدم الذكر دفعا للتوهم فهذا يتطلب الإيضاح ؛ حتى تكون الخلاصة كافية شافية ...................
 
أحسنتم بارك الله فيكم
وفعلا فإن في ذكر ما يشير إلى العصمة فائدة عظيمة جليلة مترتبة عليها بعدها مباشرة، ولا أجلّ من تفسير همّ يوسف ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ تفسيرا يليق بمقام العصمة الإلهية، لا بما فسّره من لا يحفظ مقام الأنبياء ولا يعلم ما يجب ويستحيل ويجوز في حقهم. فالهمّ همّان، ولكل منهما تفسير بحسب حال صاحبه. فليبحث المتدبّر لآي الكتاب العزيز عن قول المفسرين المعتبرين في معنى همّ سيدنا يوسف لعلّه يظفر بما أشرت إليه. وبالله تعالى التوفيق.
 
الأخ الكريم أبو عمرو
بلوغ الأشد لا يعني اكتماله لأن حالة الأشد لا تأتي فجأة. هذا وجه.
إذا كان الأشد يتعلق بالجانب المادي فيكون الاكتمال بتمام الانسجام بين الجانب المادي
والمعنوي.
نعم ولكنه لما وصل أولي مراحل الأشد أوتي أول درجات الحكم والعلم
وكما أن خَلقه المادي لم يتم فإن علمه لم يتم ؛أي أن ايتاء العلم لا يفيد أنه قد اكتمل ،فالعمر والأشد والعلم تزيد كلها تراكميا ؛
ورغم هذا فأننا نستطيع أن نجزم أنه كان له من المؤهلات المادية والمعنوية ما يجعله يعصم نفسه ؛
وإن كان معصوما ابتداءا فلما الامتحان بالمراودة ؟ ،
وكيف كان من المحسنين قبل المراودة فأدخله الله في المخلصين بعدها
"كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ..." أفادت كلمة- كذلك -أن هذا الأمر قد حدث لأجل صرف السوء والفحشاء عنه وهنا نستطيع القول -أنه أصبح معصوما -
الاستواء هو اكتمال الحال - كما جاء في مقال نشر في الملتقى للشيخ بسام جرار -
فبلوغ اللحم -على سبيل المثال - النضج لا يعني اكتمال النضج. وعندما يكتمل النضج
يكون استواء.
ربما كان الأمر علي غير ذلك ؛ فاللحم لم يستو بل سُويّ إذ سوته النار ولذلك لا ينطبق هذا المعني علي "...بلغ أشده واستوى "
والله أعلم
 
الأخ الكريم مصطفى

عهدتك لماحاً وتعلم ما تقول.

نقول في اللغة استوى اللحم، ونقول اشتد الأمر، ومات الرجل....الخ.

وصلت الرسالة؟
 
عودة
أعلى