ما التقوى؟

إنضم
23/09/2017
المشاركات
614
مستوى التفاعل
20
النقاط
18
الإقامة
غير معروف
بسم الله الرحمن الرحيم

من مقتطف خطبة الرسول صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع جاء:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير. أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا..... "

***
عن أبي نجيحٍ العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعَظَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودعٍ، فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبدٌ؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعةٍ ضلالةٌ))؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

***

قال الله تعالى :
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤]


وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [البقرة: ٤٨]


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨]


ما الفرق بين التقوى و الطاعة ..؟و لماذا جاءت التقوى في خطبة الرسول صلى الله عليه و سلم متصلة بفعل (اوصيكم) و الطاعة بفعل (احثكم)؟

لماذا جاءت التقوى في الايات متصلة بالنار و اليوم ؟
هل التقوى تأتي نتيجة الطاعة أو نتيجة الخوف او لها علاقة بالايمان باليوم الاخر ؟
؟

جازى خيرا من أفادنا و شكرا
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد الأخت الكريمة بهجة الرفاعي زادنا الله تعالى وإياكم علماً وفهماً.
إن من الأمور التي تعين طالب العلم على طلبه هو معرفة التخصص في العلوم فمثلا ان سؤالك حول مصطلح التقوى يصنف في علم مفردات القرآن الكريم ، لهذا فإن البحث فيه يكون في الرجوع الى المصادر والكتب والبحوت التي درست مفردات القرآن ومنها:
المفردات في غريب القرآن
المؤلف: أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)
وقد أشار الاصفهاني الى ان تاء التقوى أصلها واو من وقى ولهذا فإنه جعلها في مادة وقى
وهذا نصه:
( وقى
الوِقَايَةُ: حفظُ الشيءِ ممّا يؤذيه ويضرّه.
يقال: وَقَيْتُ الشيءَ أَقِيهِ وِقَايَةً ووِقَاءً. قال تعالى:
فَوَقاهُمُ اللَّهُ[الإنسان/ 11] ، وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ[الدخان/ 56] ، وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ[الرعد/ 34] ، ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ [الرعد/ 37] ، قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً[التحريم/ 6] والتَّقْوَى جعل النّفس في وِقَايَةٍ مما يخاف، هذا تحقيقه، ثمّ يسمّى الخوف تارة تَقْوًى، والتَّقْوَى خوفاً حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه والمقتضي بمقتضاه، وصار التَّقْوَى في تعارف الشّرع حفظ النّفس عمّا يؤثم، وذلك بترك المحظور، ويتمّ ذلك بترك بعض المباحات لما روي: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه» قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[الأعراف/ 35] ، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا[النحل/ 128] ، وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً [الزمر/ 73] لجعل التَّقْوَى منازل، قال: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ[البقرة/ 281] ، واتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء/ 1] ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ[النور/ 52] ، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء/ 1] ، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ[آل عمران/ 102] . وتخصيص كلّ واحد من هذه الألفاظ له ما بعد هذا الكتاب.
ويقال: اتَّقَى فلانٌ بكذا: إذا جعله وِقَايَةً لنفسه، وقوله: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ[الزمر/ 24] تنبيه على شدّة ما ينالهم، وأنّ أجدر شيء يَتَّقُونَ به من العذاب يوم القيامة هو وجوههم، فصار ذلك كقوله: وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ [إبراهيم/ 50] ، يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ [القمر/ 48] ).ص 881
أما مفردة الطاعة فقد جعلها في مادة طوع وقال:(طوع الطَّوْعُ: الانقيادُ، ويضادّه الكره قال عزّ وجلّ:ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً[فصلت/ 11] ، وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً [آل عمران/ 83] ، والطَّاعَةُ مثله لكن أكثر ما تقال في الائتمار لما أمر،والارتسام فيما رسم.قال تعالى: وَيَقُولُونَ طاعَةٌ[النساء/ 81] ، طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ [محمد/ 21] ، أي:أَطِيعُوا، وقد طَاعَ له يَطُوعُ، وأَطَاعَهُ يُطِيعُهُ ، قال تعالى: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [التغابن/ 12] ، مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ[النساء/ 80] ، وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ[الأحزاب/ 48] ، وقوله في صفة جبريل عليه السلام: مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ[التكوير/ 21] ،.......) ص 529
والملاحظ ان مصطلح التقوى أكثر استخداماً من الطاعة وهو أعم وان الطاعة تدخل ضمن التقوى وان قول الاصفهاني:(
وتخصيص كلّ واحد من هذه الألفاظ له ما بعد هذا الكتاب
)
يعني ان مفردة التقوى بحاجة الى بحث أوسع حول إستخدامها وان كتابه أعلاه لم يستوعب ذلك، والله تعالى اعلم.
 
عودة
أعلى