محسن المطيري
New member
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنك في بعض الأحيان تقف مع بعض الفوائد والاستنباطات التفسيرية فلا تتمالك نفسك عجباً من دقة المفسرين وذكائهم، وتوفيقهم في النظر والتأمل، وتقول عندها: رحم الله علمائنا، أدعكم مع هذه الفائدة التي نقلها القرطبي عن السهيلي في قوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا..). قال القرطبي: (قال الامام أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي رضي الله عنه: كان يقال زيد بن محمد حتى نزل" ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ" [الأحزاب: 5] فقال: أنا زيد بن حارثة. وحرم عليه أن يقول: أنا زيد بن محمد. فلما نزع عنه هذا الشرف وهذا الفخر، وعلم الله وحشته من ذلك شرفه بخصيصة لم يكن يخص بها أحدا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي أنه سماه في القرآن، فقال تعالى:" فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً" يعني من زينب. ومن ذكره الله تعالى باسمه في الذكر الحكيم حتى صار اسمه قرآنا يتلى في المحاريب، نوه به غاية التنويه، فكان في هذا تأنيس له وعوض من الفخر بأبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له ألا ترى إلى قول أبي ابن كعب حين قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة كذا) فبكى وقال: أو ذكرت هنالك؟ وكان بكاؤه من الفرح حين أخبر أن الله تعالى ذكره، فكيف بمن صار اسمه قرآنا يتلى مخلدا لا يبيد، يتلوه أهل الدنيا إذا قرءوا القرآن، وأهل الجنة كذلك أبدا، لا يزال على ألسنة المؤمنين، كما لم يزل مذكورا على الخصوص عند رب العالمين، إذ القرآن كلام الله القديم، وهو باق لا يبيد، فاسم زيد هذا في الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة، تذكره في التلاوة السفرة الكرام البررة. وليس ذلك لاسم من أسماء المؤمنين إلا لنبي من الأنبياء، ولزيد بن حارثة تعويضا من الله تعالى له مما نزع عنه).تفسير القرطبي - (14 / 194).
فإنك في بعض الأحيان تقف مع بعض الفوائد والاستنباطات التفسيرية فلا تتمالك نفسك عجباً من دقة المفسرين وذكائهم، وتوفيقهم في النظر والتأمل، وتقول عندها: رحم الله علمائنا، أدعكم مع هذه الفائدة التي نقلها القرطبي عن السهيلي في قوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا..). قال القرطبي: (قال الامام أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي رضي الله عنه: كان يقال زيد بن محمد حتى نزل" ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ" [الأحزاب: 5] فقال: أنا زيد بن حارثة. وحرم عليه أن يقول: أنا زيد بن محمد. فلما نزع عنه هذا الشرف وهذا الفخر، وعلم الله وحشته من ذلك شرفه بخصيصة لم يكن يخص بها أحدا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي أنه سماه في القرآن، فقال تعالى:" فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً" يعني من زينب. ومن ذكره الله تعالى باسمه في الذكر الحكيم حتى صار اسمه قرآنا يتلى في المحاريب، نوه به غاية التنويه، فكان في هذا تأنيس له وعوض من الفخر بأبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له ألا ترى إلى قول أبي ابن كعب حين قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة كذا) فبكى وقال: أو ذكرت هنالك؟ وكان بكاؤه من الفرح حين أخبر أن الله تعالى ذكره، فكيف بمن صار اسمه قرآنا يتلى مخلدا لا يبيد، يتلوه أهل الدنيا إذا قرءوا القرآن، وأهل الجنة كذلك أبدا، لا يزال على ألسنة المؤمنين، كما لم يزل مذكورا على الخصوص عند رب العالمين، إذ القرآن كلام الله القديم، وهو باق لا يبيد، فاسم زيد هذا في الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة، تذكره في التلاوة السفرة الكرام البررة. وليس ذلك لاسم من أسماء المؤمنين إلا لنبي من الأنبياء، ولزيد بن حارثة تعويضا من الله تعالى له مما نزع عنه).تفسير القرطبي - (14 / 194).