ما أحوجنا إلى حسن الخلق والأدب قبل العلم والتصدّر فيه

إنضم
11/03/2009
المشاركات
1,240
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الرياض- حضرموت
بسم الله الرحمن الرحيم

الناظر إلى أحوال بعض طلبة العلم في الدروس العلمية، أو من تصدَّر منهم للتدريس، يرى عجباً فيهم:
تجد بعضهم: لا يفتح كتاب ربه سبحانه وتعالى إلا عند فراغه لو وجد له فراغ.
وآخرون: يأتي إلى الصلاة مسبوقاً في أكثر أحواله.
وآخرون: تجد أحدهم فظاً غليظاً في كلامه وخطابه.
وآخرون: لا يتواضع لمن يتعلَّم منه، بل قد يترفع على مَن يأخذ عنه.
وهناك صور كثيرة، سببها هو أخذ العلم قبل التأدب بآدابه، والتخلق بأخلاق حملته، وهنا صور ونماذج من أحوال السلف وأقوالهم في مثل هذا:
عن سعد بن هشام قال: سألت عائشة – رضي الله عنها – فقلت: أخبريني عن خلق رسول الله [FONT=&quot][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][/FONT] ؟ فقالت : ( كان خلقه القرآن ) (1) .
قال عبد الله بن المبارك: (طلبتُ الأدب ثلاثين سنة، وطلبتُ العلم عشرين سنة ) (2) .
وقال: قال لي مخلد بن الحسين: (نحن إلى كثير من الأدب أحوج منَّا إلى كثير من الحديث )[FONT=&quot] (3) [/FONT].
يقول محمد بن سيرين: (كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم ) (4) .
قال عيسى بن حمَّاد زغبة: سمعتُ الليث بن سعدٍ يقول – وقد أشرف على أصحاب الحديث فرأى منهم شيئاً: ما هذا ؟ أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثيرٍ من العلم )(5).
و قيل لعبد الله بن المبارك: أين تريد؟ قال: إلى البصرة، فقيل له: مَن بَقيَ؟ قال: ابن عون آخذ من أخلاقه، آخذ من أدبه ).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: كنا نأتي الرجل ما نريد علمه ليس إلا أن نتعلم من هديه وسمته ودلّه ).
وكان علي بن المديني وغير واحد يحضرون عند يحيى بن سعيد القطان ما يريدون أن يسمعوا شيئاً إلا أن ينظروا إلى هديه وسمته.
وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته، وإلى صلاته، وإلى حاله، ثمّ يأخذون عنه ) (6).
وعن الحسين بن إسماعيل عن أبيه قال: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون، نحو خمس مئة يكتبون، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت.
وقال أبو بكر بن المطوعي: اختلفتُ إلى أبي عبد الله ثنتي عشرة سنة، وهو يقرأ " المسند " على أولاده، فما كتبتُ عنه حديثاً واحداً، إنما كنتُ أنظر إلى هديه وأخلاقه ) (7).
وقال ابن وهب: ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلَّمنا من علمه ) (8)

.....................................................................
(1) رواه أحمد في المسند، وصححه الألباني ( صحيح الجامع 4811 ) .
(2) غاية النهاية في طبقات القراء 1/446 .
(3) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/80 .
(4) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/79 .
(5) شرف أصحاب الحديث للخطيب 122 . ت: محمد سعيد خطيب .
(6) انظر هذه الأقوال والآثار: الآداب الشرعية لابن مفلح 2/145 ، 1/446 .
(7) انظر هذا والذي قبله: سير أعلام النبلاء 11/316 .
(8) سير أعلام النبلاء 8/113 .
 
بارك الله فيك يا أبا إسحاق .
والغالب أن الذي يغلب عليه سوء الخلق في طلبه للعلم لا يُثمِرُ ، ولا ينتفعُ الناسُ بعلمه ، فلا يبقى له في الناس أثر ، والشواهد على ذلك كثيرة.
 
عودة
أعلى