جزاكم الله خيرا يا د. عبد الرحمن على المرفقات، وقد استغربت سبب تأخر نشر هذه البحوث على موقع المؤتمر لحد الآن.
أما أخي د. الشنقيطي، فأشكره على التعقيب، وأجيبه بما يلي:
أهل الرياض والمشاركون أدرى بواقع المؤتمر وتفاصيله. ووددت لو اطلعت على رأي بعض أهل الاختصاص للاستفادة منهم. وساستفيد بإذن الله من البحوث التي أرفقها أبو عبد الله.
أما وقد سألتني عن انطباعي، فألخصه في بعض النقاط،:
1- الحوار الإسلامي فريضة شرعية وضرورة واقعية. وأعجب لمن يشكك فيه أو يدعو لعدم الاهتمام بها. وكأن المسلم مخيّر في الحوار مع المخالفين، مشركين كانوا أو من أهل الفرق والمذاهب أيا كانت درجة اختلافها.
وكل الأصوات التي تنادي بمقاطعة "الآخر" والاستعلاء عليه والتحذر من فكرة "التقريب" وفرض الشروط المسبقة (أو التنازل على المعتقدات "الصدامية" كشرط مسبق للحوار) أرى أنها تخالف صميم المنهج القرآني، وتخالف أيضا المقصد من إرسال الأنبياء والرسل (عليهم السلام) للبشرية.
وأزعم أنني جيد الاطلاع في هذ المسائل التي تأخذ حيزا كبيرا من مطالعاتي وأنشطتي منذ خمس سنوات. ولعلي أكشف هنا سرّا :) لا يعرفه سوى عدد قليل من الإخوة في المنتدى، يتعلق بإشرافي على موقع شبكي متخصص (بكامل محتواه) في قضايا الحوار الإسلامي، وأدب الأختلاف:
موقع الوحدة الإسلامية
ومن يزور الموقع يلاحظ عدم كتابتي فيه، واكتفائي برصد الأصوات التي تنادي للحوار الإسلامي، رغبة في فهم أسباب عدم قدرة العلماء والعاملين للإسلام على صياغة حلول ناجعة وعملية للتفرق المذهبي، طوال القرون الأخيرة.
وموقع "الوحدة الإسلامية" قائم على مجهود شخصي، ويعتمد على مقاربة (أحسب أنا متميزة) تناقض تماما المنهجية المتعارف عليها في مقارنة الفرق والمذاهب (والمتمثلة في عرض نقاط الاختلاف والتصادم)، والتركيز عوض ذلك على عرض المواقف المتشابهة.
ويعد الموقع حاليا، أول مرجع على الإنترنت في قضايا الوحدة والحوار الإسلامي.
وأغلق هذا القوس :) راجيا ألا تتهاطل الردود المنكرة أو "المشنّعة" على تأييدي لفكرة الحوار أو ما اصطلح عليه بـ"التقريب" :) رغم تحفظي على مثل هذه المصطلحات التي تستعمل في الغالب عن حسن نية (في البداية) ثم تؤدي إلى انحرافات في التطبيق تصيّرها سيئة الذكر.
2- مقارنة بسابقيه، يكتسي هذا المؤتمر، في تقديري، أهمية استثنائية لخصوصيته. فلأول مرة تجتمع إرادتان قويتان: إرادة سياسية وإرادة علمية، لطرح الأمر. وقيمة هذا الاجتماع تكمن في أن اختلاف الأمة اختلطت أسبابه السياسية والعلمية (أو الفقهية، العقائدية) حتى لم يعد بالإمكان التمييز بين ما هو سياسي وما هو عقائدي في الموضوع.
وبالتالي فإن من الطبيعي أن لا يكون الحل لهذه الخلافات إلا بتظافر الإرادة السياسية والإرادة العلمية، والاعتراف بوجود "الأزمة" والاتفاق على بحث الموضوع بجدية.
والخطوة هامة، وأسلوب الطرح جديد، ويكفي الاطلاع على الخلفية المهنية والتخصصية للمشاركين في المؤتمر (حكام، ساسة، فقهاء، دعاة، إعلاميون، أكاديميون، منظمات أهلية، علماء اجتماع، من مختلف دول العالم الإسلامي...) كي ندرك مستوى الوعي (لدى المنظمين) بأبعاد القضية، والرغبة في تفعيل كل نقاط التماس، وليس فقط البعد العقائدي الذي يشكل دائما "عقدة" القضية.
3- رغم أهمية المؤتمر، أرى ضرورة عدم الإفراط في التفاؤل، حتى نرى طبيعة الخطوات التالية، لأن كثيرا من الأعمال الكبيرة تبدأ بحماس كبير، ما يلبث أن يفتر أو يصطدم بمعوقات مختلفة (مقصودة وغير مقصودة)، مما يؤدي إلى تفريغ المشروع من محتواه.
وإن كنت أخشى من أمر، فهو الاكتفاء بالعموميات التي تقدم مسكنات وهمية لمريض تنخر الأمراض المزمنة جسده، وغياب القدرة والإرادة في تقديم الحلول العملية التي تعالج الواقع وتصل بنا إلى تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى، وتكريس الأخوة الإسلامية والرغبة في معرفة الحق.
4- أما أهل الاختصاص في الدراسات القرآنية وعلوم السنّة النبوية، فهم أولى الناس بالاهتمام بهذه الأمور، لأن مسار البحوث العلمية هو الأكثر تأثيرا، ولأنهم مرشحون أكثر من غيرهم للحوار الهادئ والمنهجي الذي يطرح القضايا الخلافية في أفضل شكل ,اقربه غلى الموضوعية.
والحديث ذو شجون.
وأرجو أن أطلع على رأيكم للاستفادة.