ماهي الإقامة بالمفهوم الفقهي

إنضم
18/07/2007
المشاركات
627
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=justify]
[align=center]ماهي الإقامة بالمفهوم الفقهي

الموسوعة الفقهية / الجزء السادس


إقامة *

التّعريف
[/align]

1 - الإقامة في اللّغة مصدر : أقام ، وأقام بالمكان : ثبت به ، وأقام الشّيء : ثبّته أو عدله ، وأقام الرّجل الشّرع : أظهره ، وأقام الصّلاة : أدام فعلها ، وأقام للصّلاة إقامةً : نادى لها . وتطلق الإقامة في الشّرع بمعنيين :
الأوّل : الثّبوت في المكان ، فيكون ضدّ السّفر .
الثّاني : إعلام الحاضرين المتأهّبين للصّلاة بالقيام إليها ، بألفاظٍ مخصوصةٍ وصفةٍ مخصوصةٍ .
أوّلاً : أحكام الإقامة الّتي بمعنى الثّبوت في المكان
أ - إقامة المسافر :
2 - يصبح المسافر مقيماً إذا دخل وطنه ، أو نوى الإقامة في مكان ما بالشّروط الّتي ذكرها الفقهاء ، وينقطع بذلك عنه حكم السّفر ، وتنطبق عليه أحكام المقيم ، كامتناع القصر في الصّلاة ، وعدم جواز الفطر في رمضان . وإقامة الآفاقيّ داخل المواقيت المكانيّة ، أو في الحرم تعطيه حكم المقيم داخل المواقيت أو داخل الحرم من حيث الإحرام ، وطواف الوداع ، والقدوم ، والقران ، والتّمتّع . وينظر تفصيلات ذلك في ( قران - تمتّع - حجّ - إحرام ) .
ب-إقامة المسلم في دار الحرب :
3 - إقامة المسلم في دار الحرب لا تقدح في إسلامه ، إلاّ أنّه إذا كان يخشى على دينه ، بحيث لا يمكنه إظهاره ، تجب عليه الهجرة إلى دار الإسلام ، لقول اللّه تعالى : « إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، قالوا : فيم كنتم ؟ قالوا : كنّا مستضعفين في الأرض . قالوا : ألم تكن أرض اللّه واسعةً فتهاجروا فيها » ، وهذا إذا كان يمكنه الهجرة ولم يكن به عجز ، لمرضٍ أو إكراهٍ على الإقامة .
أمّا إذا كان لا يخشى الفتنة ويتمكّن من إظهار دينه مع إقامته في دار الحرب ، فإنّه يستحبّ له الهجرة إلى دار الإسلام ، لتكثير المسلمين ومعونتهم ، ولا تجب عليه الهجرة .
وقد كان العبّاس عمّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مقيماً بمكّة مع إسلامه .
وللفقهاء تفصيلات كثيرة في ذلك : ( ر : جهاد - دار الحرب - دار الإسلام - هجرة ) .
ثانياً : الإقامة للصّلاة
الألفاظ ذات الصّلة بإقامة الصّلاة :
4 - هناك ألفاظ لها صلة بالإقامة للصّلاة منها :
أ - الأذان : يعرّف الأذان بأنّه : إعلام بدخول وقت الصّلاة بألفاظٍ معلومةٍ مأثورةٍ على صفةٍ مخصوصةٍ يحصل بها الإعلام .
فالأذان والإقامة يشتركان في أنّ كلّاً منهما إعلام ، ويفترقان من حيث إنّ الإعلام في الإقامة هو للحاضرين المتأهّبين لافتتاح الصّلاة ، والأذان للغائبين ليتأهّبوا للصّلاة ، كما أنّ صيغة الأذان قد تنقص أو تزيد عن الإقامة على خلافٍ بين المذاهب .
ب - التّثويب : التّثويب عود إلى الإعلام بعد الإعلام . وهو عند الفقهاء ، زيادة " الصّلاة خير من النّوم " .
حكم الإقامة التّكليفيّ :
5 - في حكم الإقامة التّكليفيّ رأيان :
الأوّل : أنّ الإقامة فرض كفايةٍ إذا قام به البعض سقط عن الآخرين ، وإذا ترك أثموا جميعاً . قال بهذا الحنابلة ، وهو رأي لبعض الشّافعيّة في الصّلوات الخمس ، ولبعضٍ آخر للجمعة فقط . وهو رأي عطاءٍ والأوزاعيّ ، حتّى روي عنهما أنّه إن نسي الإقامة أعاد الصّلاة ، وقال مجاهد : إن نسي الإقامة في السّفر أعاد ، ولعلّه لما في السّفر من الحاجة إلى إظهار الشّعائر . واستدلّ للقول بأنّها فرض كفايةٍ بكونها من شعائر الإسلام الظّاهرة ، وفي تركها تهاون ، فكانت فرض كفايةٍ مثل الجهاد .
الثّاني : أنّ الإقامة سنّة مؤكّدة ، وهو مذهب المالكيّة ، والرّاجح عند الشّافعيّة ، وهو الأصحّ عند الحنفيّة ، وقال محمّد بالوجوب ، ولكن المراد بالسّنّة هنا السّنن الّتي هي من شعائر الإسلام الظّاهرة ، فلا يسع المسلمين تركها ، ومن تركها فقد أساء ، لأنّ ترك السّنّة المتواترة يوجب الإساءة وإن لم يكن من شعائر الإسلام ، فهذا أولى ، وفسّر أبو حنيفة السّنّيّة بالوجوب ، حيث قال في التّاركين : أخطئوا السّنّة وخالفوا وأثموا ، والإثم إنّما يلزم بترك الواجب . واحتجّوا للسّنّيّة « بقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابيّ المسيء صلاته : افعل كذا وكذا» . ولم يذكر الأذان ولا الإقامة مع أنّه صلى الله عليه وسلم ذكر الوضوء واستقبال القبلة وأركان الصّلاة ولو كانت الإقامة واجبةً لذكرها .
تاريخ تشريع الإقامة وحكمتها :
6 - تاريخ تشريع الإقامة هو تاريخ تشريع الأذان ( ر : أذان ) .
أمّا حكمتها : فهي إعلاء اسم اللّه تعالى واسم رسوله صلى الله عليه وسلم وإقرار للفلاح والفوز عند كلّ صلاةٍ في اليوم أكثر من مرّةٍ ، لتركيز ذلك في نفس المسلم ، وإظهار لشعيرةٍ من أفضل الشّعائر .
كيفيّة الإقامة :
7 - اتّفقت المذاهب على أنّ ألفاظ الإقامة هي نفس ألفاظ الأذان في الجملة بزيادة : " قد قامت الصّلاة - بعد - حيّ على الفلاح " . وكذلك اتّفقوا على أنّ التّرتيب بين ألفاظها هو نفس ترتيب ألفاظ الأذان ، إلاّ أنّهم اختلفوا في تكرار وإفراد ألفاظها على الوجه الآتي :
اللّه أكبر . تقال في بدء الإقامة " مرّتين " عند المذاهب الثّلاثة ، وأربع مرّاتٍ عند الحنفيّة . أشهد أن لا إله إلاّ اللّه . تقال " مرّةً واحدةً " عند المذاهب الثّلاثة " ومرّتين " عند الحنفيّة . أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه . تقال " مرّةً واحدةً " عند المذاهب الثّلاثة " ومرّتين " عند الحنفيّة . حيّ على الصّلاة . تقال : « مرّةً واحدةً " عند المذاهب الثّلاثة " ومرّتين " عند الحنفيّة . حيّ على الفلاح . تقال : « مرّةً واحدةً " عند المذاهب الثّلاثة " ومرّتين " عند الحنفيّة . قد قامت الصّلاة . تقال " مرّتين " عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة " ومرّةً واحدةً " عند المالكيّة على المشهور .
اللّه أكبر . تقال " مرّتين " على المذاهب الأربعة .
لا إله إلاّ اللّه . تقال " مرّةً واحدةً " على المذاهب الأربعة . ويستخلص من ذلك أنّ المذاهب الثّلاثة تختلف عن الحنفيّة بإفراد أكثر ألفاظ الإقامة كما تقدّم . واحتجّوا بما روي عن أنسٍ قال : « أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة » . وبما روي عن ابن عمر قال : « إنّما كان الأذان على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مرّتين مرّتين ، والإقامة مرّةً مرّةً » . أمّا الحنفيّة فيجعلون الإقامة مثل الأذان بزيادة " قد قامت الصّلاة " مرّتين بعد " حيّ على الفلاح " . واحتجّوا بحديث عبد اللّه بن زيدٍ الأنصاريّ ،« أنّه جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللّه : رأيت في المنام كأنّ رجلاً قام وعليه بردان أخضران ، فقام على حائطٍ فأذّن مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى » ولما روي كذلك عن عبد اللّه بن زيدٍ « فاستقبل القبلة يعني الملك ، وقال : اللّه أكبر . اللّه أكبر .. إلى آخر الأذان . قال ثمّ أمهل هنيهةً ، ثمّ قام فقال مثلها ، ألا أنّه قال : زاد بعد ما قال : حيّ على الفلاح : قد قامت الصّلاة ، قد قامت الصّلاة » . وأمّا المالكيّة فيختلفون عن غيرهم في تثنية قد قامت الصّلاة ، فالمشهور عندهم أنّها تقال مرّةً واحدةً . لما روى أنس قال : « أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة » .
حدر الإقامة :
8 - الحدر هو الإسراع وقطع التّطويل .
وقد اتّفق الفقهاء على الحدر في الإقامة والتّرسّل في الأذان ، لحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا أذّنت فترسّل ، وإذا أقمت فاحدر » ، ولما روى أبو عبيدٍ بإسناده ، عن عمر رضي الله عنه أنّه قال لمؤذّن بيت المقدس : " إذا أذّنت فترسّل ، وإذا أقمت فاحذم "
قال الأصمعيّ : وأصل الحذم - بالحاء المهملة - في المشي إنّما هو الإسراع .
وقت الإقامة :
9 - شرعت الإقامة أهبةً للصّلاة بين يديها ، تفخيماً لها كغسل الإحرام ، وغسل الجمعة ، ثمّ لإعلام النّفس بالتّأهّب والقيام للصّلاة ، وإعلام الافتتاح . ولا يصحّ تقديمها على وقت الصّلاة ، بل يدخل وقتها بدخول وقت الصّلاة ، ويشترط لها شرطان ، الأوّل : دخول الوقت ، والثّاني : إرادة الدّخول في الصّلاة . فإن أقام قبيل الوقت بجزءٍ يسيرٍ بحيث دخل الوقت عقب الإقامة ، ثمّ شرع في الصّلاة عقب ذلك لم تحصل الإقامة ، وإن أقام في الوقت وأخّر الدّخول في الصّلاة بطلت إقامته إن طال الفصل ، لأنّها تراد للدّخول في الصّلاة فلا يجوز إطالة الفصل .
[/align]
 
[align=justify][align=center]يتبع من الموسوعة الفقهية

إقامة
[/align]

ما يشترط لإجزاء الإقامة :
10 - يشترط في الإقامة ما يأتي :
دخول الوقت ، ونيّة الإقامة ، والأداء باللّغة العربيّة ، والخلوّ من اللّحن المغيّر للمعنى ، ورفع الصّوت . ولكن رفع الصّوت بالإقامة يكون أخفّ من رفعه بالأذان ، لاختلاف المقصود في كلٍّ منهما . فالمقصود من الأذان : إعلام الغائبين بالصّلاة ، أمّا الإقامة فالمقصود منها طلب قيام الحاضرين فعلاً للصّلاة ، وقد تقدّم ذلك في وقت الإقامة .
وكذلك يشترط التّرتيب بين الكلمات والموالاة بين ألفاظ الإقامة .
وفي هذه الشّروط خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح " أذان " .
شرائط المقيم :
11 - تشترك الإقامة مع الأذان في هذه الشّرائط ونذكرها إجمالاً ، ومن أراد زيادة تفصيلٍ فليرجع إلى مصطلح ( أذان ) ، وأوّل هذه الشّروط .
أ - الإسلام : اتّفق الفقهاء على اشتراط الإسلام في المقيم ، فلا تصحّ الإقامة من الكافر ولا المرتدّ لأنّها عبادة ، وهما ليسا من أهلها .
ب - الذّكورة : اتّفق الفقهاء على عدم جواز أذان المرأة وإقامتها لجماعة الرّجال ، لأنّ الأذان في الأصل للإعلام ، ولا يشرع لها ذلك ، والأذان يشرع له رفع الصّوت ، ولا يشرع لها رفع الصّوت ، ومن لا يشرع في حقّه الأذان لا يشرع في حقّه الإقامة .
وأمّا إذا كانت منفردةً أو في جماعة النّساء ففيه اتّجاهات .
الأوّل : الاستحباب . وهو قول المالكيّة والشّافعيّة ، وهي رواية عند الحنابلة .
الثّاني : الإباحة . وهي رواية عن أحمد .
الثّالث : الكراهة . وهو قول الحنفيّة .
ج - العقل : نصّ فقهاء المذاهب على بطلان أذان وإقامة المجنون والمعتوه والسّكران ، وقالوا : يجب إعادة أذانهم ، ولم يخالف في هذا إلاّ بعض الحنفيّة في السّكران ، حيث قالوا بكراهة أذانه وإقامته واستحباب إعادتهما .
د - البلوغ : للعلماء في إقامة الصّبيّ ثلاثة آراء :
الأوّل : لا تصحّ إقامة الصّبيّ سواء أكان مميّزاً أم غير مميّزٍ ، وهو رأي عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة .
الثّاني : تصحّ إقامته إن كان مميّزاً عاقلاً ، وهو رأي آخر في تلك المذاهب .
الثّالث : الكراهة إذا كان مميّزاً ، وهو رأي للحنفيّة .
هـ- العدالة : في إقامة الفاسق ثلاثة أقوالٍ :
الأوّل : لا يعتدّ بها ، وهو رأي للحنفيّة ، ورأي للحنابلة .
الثّاني : الكراهة : وهو رأي للحنفيّة ، والشّافعيّة ، والمالكيّة .
الثّالث : يصحّ ويستحبّ إعادته . وهو رأي للحنفيّة والحنابلة .
وينظر تفصيل وتوجيه ذلك في ( الأذان ) .
و-الطّهارة : اتّفق الفقهاء على كراهة الإقامة مع الحدث الأصغر ، لأنّ السّنّة وصل الإقامة بالشّروع بالصّلاة ، واتّفقوا على سنّيّة الإعادة ما عدا الحنفيّة . وفي رأيٍ للحنفيّة أنّ إقامة المحدث حدثاً أصغر جائزة بغير كراهةٍ .
أمّا من الحدث الأكبر ففيه رأيان :
الأوّل : ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ، وهو إحدى الرّوايتين عند الحنابلة ، إلى كراهة إقامة المحدث حدثاً أكبر .
الثّاني : الرّواية الأخرى عند الحنابلة : بطلان الأذان مع الحدث الأكبر ، وهو قول عطاءٍ ومجاهد والأوزاعيّ وإسحاق .
ما يستحبّ في الإقامة :
12 - اتّفقت المذاهب على استحباب الحدر في الإقامة والتّرسّل في الأذان كما مرّ ( ف ) . وفي الوقف على آخر كلّ جملةٍ في الإقامة رأيان :
الأوّل : قال المالكيّة ، وهو رأي للحنفيّة ، الإقامة معربة إن وصل كلمةً بكلمةٍ . فإن وقف المقيم وقف عليها بالسّكون .
الثّاني : قال الحنابلة ، وهو رأي آخر للحنفيّة ، ورأي للمالكيّة : الإقامة على الجزم مثل الأذان ، لما روي عن النّخعيّ موقوفاً عليه ومرفوعاً إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « الأذان جزم ، والإقامة جزم ، والتّكبير جزم » . وفي التّكبيرتين الأوليين أقوال ، فالتّكبيرة الأولى فيها قولان :
الأوّل ، للحنفيّة والمالكيّة : فيها الوقف بالسّكون ، والفتح ، والضّمّ .
الثّاني ، رأي للمالكيّة : فيها السّكون ، أو الضّمّ . أمّا التّكبيرة الثّانية ففيها أيضاً قولان : الأوّل ، رأي للمالكيّة ، ورأي للحنفيّة : الجزم لا غير ، لما روي أنّ « الإقامة جزم » .
الثّاني : الإعراب وهو : الضّمّ ، وهو رأي آخر للمالكيّة ، ورأي للحنفيّة ، والجميع جائز ، ولكن الخلاف في الأفضل والمستحبّ .
13 - ومن مستحبّات الأذان والإقامة عند المذاهب : استقبال القبلة ، غير أنّهم استثنوا من ذلك الالتفات عند الحيعلتين " حيّ على الصّلاة ، حيّ على الفلاح " . وفي الالتفات عند الحيعلتين في الإقامة ثلاثة آراء .
الأوّل : يستحبّ الالتفات عند الحيعلتين .
الثّاني : يستحبّ إذا كان المكان متّسعاً ، ولا يستحبّ إذا كان المكان ضيّقاً ، أو الجماعة قليلةً . وهذان الرّأيان للحنفيّة والشّافعيّة .
الثّالث : لا يستحبّ أصلاً لأنّ الاستحباب في الأذان كان لإعلام الغائبين ، والإقامة لإعلام الحاضرين المنتظرين للصّلاة ، فلا يستحبّ تحويل الوجه ، وهذا الرّأي للحنابلة ، وهو رأي للحنفيّة ، ورأي للشّافعيّة . ويؤخذ من كلام المالكيّة جواز الالتفات في الحيعلتين . وفي رأيٍ آخر أنّ المستحبّ هو استقبال القبلة في الابتداء .
14 - ويستحبّ فيمن يقيم الصّلاة : أن يكون تقيّاً ، عالماً بالسّنّة ، وعالماً بأوقات الصّلاة ، وحسن الصّوت ، مرتفعه من غير تطريبٍ ولا غناءٍ ، وتفصيل ذلك في الأذان .
15 - واتّفق الفقهاء على أنّه يستحبّ لمقيم الصّلاة أن يقيم واقفاً . وتكره الإقامة قاعداً من غير عذرٍ . فإن كان بعذرٍ فلا بأس . قال الحسن العبديّ : « رأيت أبا زيدٍ صاحب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكانت رجله أصيبت في سبيل اللّه ، يؤذّن قاعداً »
ولما روي أنّ « الصّحابة كانوا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ فانتهوا إلى مضيقٍ ، وحضرت الصّلاة ، فمطرت السّماء من فوقهم ، والبلّة من أسفل فيهم ، فأذّن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته وأقام ، فتقدّم على راحلته ، فصلّى بهم يومئ إيماءً ، يجعل السّجود أخفض من الرّكوع » . كما تكره إقامة الماشي والرّاكب في السّفر وغيره من غير عذرٍ . لما روي أنّ بلالاً رضي الله عنه « أذّن وهو راكب ، ثمّ نزل وأقام على الأرض ». ولأنّه لو لم ينزل لوقع الفصل بين الإقامة والشّروع في الصّلاة بالنّزول وأنّه مكروه ، ولأنّه يدعو النّاس إلى القيام للصّلاة وهو غير متهيّئٍ لها .
ويرى الحنابلة أنّ إقامة الرّاكب في السّفر بدون عذرٍ جائزةً بدون كراهةٍ .
[/align]
 
[align=justify][align=center]يتبع من الموسوعة الفقهية

ماهي الإقامة بالمفهوم الفقهي


إقامة
[/align]

ما يكره في الإقامة
16 - يكره في الإقامة : ترك شيءٍ من مستحبّاتها الّتي سبقت الإشارة إليها ، وممّا يكره أيضاً : الكلام في الإقامة لغير ضرورةٍ إذا كان كثيراً ، أمّا إن كان الكلام في الإقامة لضرورةٍ مثل ما لو رأى أعمى يخاف وقوعه في بئرٍ ، أو حيّةً تدبّ إلى غافلٍ ، أو سيّارةً توشك أن تدهمه وجب عليه إنذاره ويبني على إقامته .
أمّا الكلام القليل لغير ضرورةٍ ففيه رأيان :
الأوّل : لا يكره بل يؤدّي إلى ترك الأفضل . قال بهذا الحنفيّة والشّافعيّة ، واستدلّوا لذلك بما ثبت في الصّحيح من « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تكلّم في الخطبة » فالأذان أولى . ألاّ يبطل ، وكذلك الإقامة ، ولأنّهما يصحّان مع الحدث ، وقاعداً ، وغير ذلك من وجوه التّخفيف .
الثّاني : يكره له ذلك ، ويبني على إقامته ، وبهذا قال الزّهريّ والمالكيّة والحنابلة ، لأنّ الإقامة حدر ، وهذا يخالف الوارد ، ويقطع بين كلماتها . واتّفق الفقهاء على أنّ التّمطيط والتّغنّي والتّطريب بزيادة حركةٍ أو حرفٍ أو مدٍّ أو غيرها في الأوائل والأواخر مكروه ، لمنافاة الخشوع والوقار . أمّا إذا تفاحش التّغنّي والتّطريب بحيث يخلّ بالمعنى فإنّه يحرم بدون خلافٍ في ذلك . لما روي أنّ رجلاً قال لابن عمر :« إنّي لأحبّك في اللّه . قال : وأنا أبغضك في اللّه ، إنّك تتغنّى في أذانك ». قال : حمّاد يعني التّطريب .
إقامة غير المؤذّن :
17 - قال الشّافعيّة والحنابلة : ينبغي أن يتولّى الإقامة من تولّى الأذان . واحتجّوا بما روي عن الحارث الصّدائيّ أنّه قال : « بعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بلالاً إلى حاجةٍ له فأمرني أن أؤذّن فأذّنت ، فجاء بلال وأراد أن يقيم ، فنهاه عن ذلك وقال : إنّ أخا صداءٍ هو الّذي أذّن ، ومن أذّن فهو الّذي يقيم » ولأنّهما فعلان من الذّكر يتقدّمان الصّلاة ، فيسنّ أن يتولّاهما واحد كالخطبتين ، ووافقهم الحنفيّة على هذا الرّأي إذا كان المؤذّن يتأذّى من إقامة غيره ، لأنّ أذى المسلم مكروه .
وقال المالكيّة : لا بأس أن يؤذّن رجل ويقيم غيره ، لما رواه أبو داود في حديث عبد اللّه بن زيدٍ أنّه رأى الأذان في المنام فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : « ألقه على بلالٍ ، فألقاه عليه ، فأذّن بلال ، فقال عبد اللّه : أنا رأيته وأنا كنت أريده قال : أقم أنت » . ولأنّه يحصل المقصود منه ، فأشبه ما لو تولّاهما معاً ، ووافقهم على ذلك الحنفيّة إذا كان المؤذّن لا يتأذّى من إقامة غيره .
إعادة الإقامة في المسجد الواحد :
18 - لو صلّى في مسجدٍ بأذانٍ وإقامةٍ ، هل يكره أن يؤذّن ويقام فيه ثانياً ؟
في المسألة ثلاثة آراء :
الأوّل للحنفيّة ، وهو رأي للمالكيّة ، ورأي ضعيف للشّافعيّة : إذا صلّى في المسجد بأذانٍ وإقامةٍ كره لمن جاء بعدهم أن يؤذّن ويقيم ، وشرط الحنفيّة أن يكون من أذّن وصلّى أوّلاً هم أهل المسجد " أي أهل حيّه " فمن ، جاء بعدهم فأذان الجماعة وإقامتهم لهم أذان وإقامة . الثّاني في الرّأي الرّاجح للمالكيّة والشّافعيّة : يستحبّ أن يؤذّن ويقيم للجماعة الثّانية ، إلاّ أنّه لا يرفع صوته فوق ما يسمعون ، ووافقهم على ذلك الحنفيّة إذا كان المسجد على الطّريق ، وليس له أهل معلومون ، أو صلّى فيه غير أهله بأذانٍ وإقامةٍ ، فإنّه يجوز لأهله أن يؤذّنوا ويقيموا .
الثّالث للحنابلة : الخيار ، إن شاء أذّن وأقام ويخفي أذانه وإقامته ، وإن شاء صلّى من غير أذانٍ ولا إقامةٍ .
ما يقام له من الصّلوات :
19 - يقام للصّلوات الخمس المفروضة في حال الحضر والسّفر والانفراد والجماعة والجمعة . واتّفق الفقهاء على طلب الإقامة لكلٍّ من الصّلاتين المجموعتين ،
لأنّ « الرّسول صلى الله عليه وسلم جمع المغرب والعشاء بمزدلفة وأقام لكلّ صلاةٍ » . ولأنّهما صلاتان جمعهما وقت واحد ، وتصلّى كلّ صلاةٍ وحدها ، فاقتضى أن تكون لكلّ صلاةٍ إقامة .
واتّفق الفقهاء على طلب الإقامة للصّلوات الفوائت ، لما روي عن أبي سعيدٍ عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « أنّه حين شغلهم الكفّار يوم الأحزاب عن أربع صلواتٍ أمر بلالاً أن يؤذّن ويقيم لكلّ واحدةٍ منهنّ ، حتّى قالوا : أذّن وأقام وصلّى الظّهر ، ثمّ أذّن وأقام وصلّى العصر ، ثمّ أذّن وأقام وصلّى المغرب ، ثمّ أذّن وأقام وصلّى العشاء » .
واتّفق الفقهاء على استحباب الإقامة للمنفرد ، سواء صلّى في بيته أو في مكان آخر غير المسجد ، لخبر عقبة بن عامرٍ ، قال : « سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : يعجب ربّك من راعي غنمٍ في رأس الشّظيّة للجبل يؤذّن ويقيم للصّلاة ويصلّي ، فيقول اللّه عزّ وجلّ : انظروا إلى عبدي هذا يؤذّن ويقيم الصّلاة يخاف منّي ، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنّة » .
ولكنّه إذا اقتصر على أذان الحيّ وإقامته أجزأه ، لما روي أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ « صلّى بعلقمة والأسود بغير أذانٍ ولا إقامةٍ وقال : يكفينا أذان الحيّ وإقامتهم ».
الإقامة لصلاة المسافر :
20 - الأذان والإقامة للفرد والجماعة مشروعان في السّفر كما في الحضر ، سواء أكان السّفر سفر قصرٍ أو دونه .
الأذان للصّلاة المعادة :
21 - في الإقامة للصّلاة المعادة في وقتها للفساد رأيان :
الأوّل : للحنفيّة : تعاد الصّلاة الفاسدة في الوقت بغير أذانٍ ولا إقامةٍ ، وأمّا إن قضوها بعد الوقت قضوها في غير ذلك المسجد بأذانٍ وإقامةٍ .
الثّاني : للمالكيّة : يقام للصّلاة المعادة للبطلان أو الفساد ، ولم يعثر للشّافعيّة والحنابلة على تصريحٍ بذلك ، ولكن قواعدهم لا تأباه .
ما لا يقام له من الصّلوات :
22 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يسنّ الإقامة لغير الصّلوات الخمس والجمعة . فلا أذان ولا إقامة لصلاة الجنازة ولا للوتر ولا للنّوافل ولا لصلاة العيدين وصلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء . لما روي عن « جابر بن سمرة قال : صلّيت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم العيد غير مرّةٍ ولا مرّتين بغير أذانٍ ولا إقامةٍ » .
وما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : « خسفت الشّمس على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فبعث منادياً ينادي : الصّلاة جامعة » .
[/align]
 
[align=justify][align=center]يتبع : ما هي الإقامة بالمفهوم الفقهي

من الموسوعة الفقهية


إقامة
[/align]

إجابة السّامع للمؤذّن والمقيم :
23 - نصّ الفقهاء على صيغة الإجابة باللّسان فقالوا : يقول السّامع مثل ما يقول المقيم ، إلاّ في الحيعلتين " حيّ على الصّلاة وحيّ على الفلاح" فإنّه يحوقل "لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه " . ويزيد عند إقامة الصّلاة " أقامها اللّه وأدامها " ، لما روى أبو داود بإسناده عن بعض أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « أنّ بلالاً أخذ في الإقامة فلمّا أن قال : قد قامت الصّلاة ، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أقامها اللّه وأدامها » . وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان الّذي رواه جعفر بن عاصمٍ عن أبيه عن عمر بن الخطّاب أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « إذا قال المؤذّن : اللّه أكبر اللّه أكبر ، فقال أحدكم : اللّه أكبر اللّه أكبر » وانظر مصطلح أذان .
وحكم الإجابة باللّسان أنّها سنّة عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وأمّا الحنفيّة فإنّ الإجابة عندهم تكون في الأذان دون الإقامة .
الفصل بين الأذان والإقامة :
24 - صرّح الفقهاء باستحباب الفصل بين الأذان والإقامة بصلاةٍ أو جلوسٍ أو وقتٍ يسع حضور المصلّين فيما سوى المغرب ، مع ملاحظة الوقت المستحبّ للصّلاة .
وتكره عندهم الإقامة للصّلاة بعد الأذان مباشرةً بدون هذا الفصل ، وذلك لما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « أنّه قال لبلالٍ : اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً حتّى يقضي المتوضّئ حاجته في مهلٍ ، وحتّى يفرغ الآكل من أكل طعامه في مهلٍ »
وفي روايةٍ : « ليكن بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله ، والشّارب من شربه ، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته » .
ولأنّ المقصود بالأذان إعلام النّاس بدخول الوقت ليتهيّئوا للصّلاة بالطّهارة فيحضروا المسجد ، وبالوصل ينتفي هذا المقصود ، وتفوت صلاة الجماعة على كثيرٍ من المسلمين . وقد ورد عن بعض الفقهاء تحديد مقدار الفصل بين الأذان والإقامة ، فروى الحسن عن أبي حنيفة أنّ مقدار الفصل في الفجر قدر ما يقرأ عشرين آيةً ، وفي الظّهر قدر ما يصلّي أربع ركعاتٍ ، يقرأ في كلّ ركعةٍ نحواً من عشر آياتٍ ، وفي العصر مقدار ما يصلّي ركعتين ، يقرأ في كلّ ركعةٍ نحواً من عشر آياتٍ .
أمّا في المغرب : فقد اتّفق الفقهاء على تعجيل الإقامة فيها لحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « بين كلّ أذانين صلاة لمن شاء إلاّ المغرب » لأنّ مبنى المغرب على التّعجيل ، ولما روى أبو أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لن تزال أمّتي بخيرٍ ما لم يؤخّروا المغرب إلى اشتباك النّجوم » وعلى هذا يسنّ أن يكون الفصل بين الأذان والإقامة فيها يسيراً .
وللعلماء في مقدار هذا الفصل اليسير أقوال :
أ - قال أبو حنيفة والمالكيّة : يفصل بين الأذان والإقامة في المغرب قائماً بمقدار ثلاث آياتٍ ، ولا يفصل بالصّلاة ، لأنّ الفصل بالصّلاة تأخير ، كما لا يفصل المقيم بالجلوس ، لأنّه تأخير للمغرب ، ولأنّه لم يفصل بالصّلاة فبغيرها أولى .
ب - وقال أبو يوسف ومحمّد : يفصل بجلسةٍ خفيفةٍ كالجلسة بين الخطبتين ، وهو الرّاجح عند الشّافعيّة والحنابلة ، ووجه قولهم أنّ الفصل مسنون ولا يمكن بالصّلاة ، فيفصل بالجلسة لإقامة السّنّة .
ج - وأجاز الحنابلة وبعض الشّافعيّة الفصل بركعتين بين الأذان والإقامة في المغرب ، أي أنّهما لا يكرهان ولا يستحبّان .
الأجرة على الإقامة مع الأذان :
25 - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا وجد من يؤذّن ويقيم محتسباً - ممّن تتحقّق فيه شرائط المؤذّن - فلا يجوز استئجار أحدٍ للأذان والإقامة . وأمّا إذا لم يوجد المتطوّع أو وجد ولم تتحقّق فيه الشّروط فهل يستأجر على الأذان والإقامة ؟
في المسألة ثلاثة آراء :
الأوّل : المنع لأنّه طاعة ، ولا يجوز استئجار أحدٍ على الطّاعة لأنّه عامل لنفسه ، ولما روي أنّ « آخر ما عهد به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لعثمان بن العاص رضي الله عنه أن يصلّي بالنّاس صلاة أضعفهم ، وأن يتّخذ مؤذّناً لا يأخذ عليه أجراً » وهذا الرّأي لمتقدّمي الحنفيّة ، وهو رأي للمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة .
الثّاني : الجواز لأنّه كسائر الأعمال ، وهو قول لمتأخّري الحنفيّة ، ورأي للمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ووجه ذلك : أنّ بالمسلمين حاجةً إليه ، وقد لا يوجد متطوّع . ولأنّه إذا انقطع له قد لا يجد ما يقيت به عياله .
الثّالث ، وهو رأي للشّافعيّة : يجوز للإمام أن يستأجر دون آحاد النّاس لأنّه هو الّذي يتولّى مصالح المسلمين . ويجوز له الإعطاء من بيت المال .
هذا ، وقد صرّح الشّافعيّة بأنّه لا يجوز الاستئجار على الإقامة فقط بدون الأذان لأنّه عمل قليل . والتّفصيل في مصطلح ( أذان ، وإجارة ) .
الإقامة لغير الصّلاة :
26 - يستحبّ الأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في اليسرى ، لما روي عن أبي رافعٍ قال : « رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن حين ولدته فاطمة بالصّلاة » . وينظر مصطلح ( أذان ) فقرة 51 ( ج 2 ص 372 ) .
[/align]
 
عودة
أعلى