ماهو وجه وصف الحياة الدنيا باللعب واللهو؟

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
قال تعالى: ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون )
ما هو وجه وصف الحياة الدنيا باللعب واللهو؟
ومن المشاهد فيها ماهو عمل وجد!
 
ليس تمة تعارض بين خبر الحق سبحانه وبين ما هو مشاهد في هذه الدار وذلك أن الآية لم تخرج مخرج العموم، فالحكم فيها لا يشمل الدنيا بأكملها، كما أن الحصر الوارد بأداة النفي "ما" و أداة الاستثناء "إلا" لا يعني حصر الدنيا في هذا الحكم، وذلك لنصوص أخر ولما هو مشاهد ومحسوس:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله و ما والاه و عالما أو متعلما"-صحيح ابن ماجة-، فاستثنى الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم من اللعن المحكوم به على دار الدنيا ذكر الله وصاحب العلم وطالبه.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون" فأخبر صلى الله عليه وسلم بالحقيقة الكبرى ألا وهي استخلافنا في هذه الدار، وأن الله تعالى ناظر لأعمالنا مجاز لنا إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

وقال جل في علاه:"اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)"- الحديد-، فبعد أن بين الله جل جلاله حقيقة الدنيا رغب في المسارعة في الخيرات والمسابقة إلى دار الكرامات، وهذه المسارعة والمسابقة لا تكون إلا بصالح الأعمال والقربات، ولو كانت الدنيا كلها لهو لكان هذا الترغيب من الحشو وكلام الله تعالى منزه عن الحشو...
يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسير آيات الحديد:" أخبر تعالى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه، ويبين غايتها وغاية أهلها، بأنها لعب ولهو، تلعب بها الأبدان، وتلهو بها القلوب، وهذا مصداقه ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات أعمارهم بلهو القلوب، والغفلة عن ذكر الله وعما أمامهم من الوعد والوعيد، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا، بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله، ومعرفته ومحبته، وقد أشغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله، من النفع القاصر والمتعدي...ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته، وذلك يكون بالسعي بأسباب المغفرة، من التوبة النصوح، والاستغفار النافع، والبعد عن الذنوب ومظانها، والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح، والحرص على ما يرضي الله على الدوام، من الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع." اهـــ.

والنصوص الواردة في هذا الشأن كثيرة جدا، لكن ربما فيما ذكرت كفاية، وخلاصة الأمر آن الآية ليست على عمومها، بل ذاك الحكم هو للغالب، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } أي: إنما غالبها كذلك".

والله أعلم وأحكم.
 
عودة
أعلى